الخميس، 22 نوفمبر 2018

المُخابرات البريطانية.....بقلم محمود الجاف




بسم الله الرحمن الرحيم

المُخابرات البريطانية


محمود الجاف

المُخابرات Intelligence : هي كلمة مشتقة من الإستخبار وتعني الاستعلام عن الخبر وأخذ اليقين عنه وليس من المفروض أن يتم بأسلوب خفي بل هو حاجة يومية مشروعة لكل من يُنشأ عملا أو يعقد العزم على فعل شيء كما أنه مهم لكل تنظيم أو مُؤسسة أو حكومة لأنه يساعدها على اتخاذ قراراتها والتصرف على أسس سليمة . لكن الغايات والنوايا التي تكمن وراء العمليات الاستخبارية والأساليب التي تتبعها الجهات المعنية أو أفرادها تختلف من بلد إلى آخر ومن مؤسسة إلى أخرى باختلاف مصالحها الأمر الذي قد يدفع كلا منها إلى اللجوء إلى الطرق الملتوية أو العنف أحيانا للحصول على المعلومات التي لا تأتي بالمصادفة وان كانت محتملة ولا ينجح بالارتجال بل هو نتيجة مجهود كبير يبذله عدد غير قليل من المختصين ولا يعطي ثماره إلا بتطبيق الأسس العلمية الصحيحة ورسم الخطوط الدقيقة بالاستناد إلى الأسباب والوقائع والنتائج وهو العمل الأساسي لأجهزة المخابرات في حين تسعى الأطراف المختلفة إلى إخفاء المعلومات الحيوية التي تخصها وتوظف لهذه الغاية مكافحة التجسس لتحول دون تسرب أسرارها إلى جهات غير مرغوب فيها .

بدأت المخابرات البريطانية العمل ( Secret Intelligence Service . SIS ) منذ عهد الملكة اليزابث الأولى (7 سبتمبر 1533م - 24 مارس 1603م ) وقد اقتدت بها على مر السنين الكثير من الأجهزة العالمية وال (MI 6 ) جهاز مستمد من مكتب الخدمات السرية الذي تأسس عام 1909 وكان بمبادرة مشتركة من الأدميرالية ومكتب مراقبة عمليات المخابرات السرية في بريطانيا والخارج وكان التركيز في تلك الفترة على أنشطة الحكومة الألمانية إلى أن دخل المكتب تحت لواء البحرية والذي تخصص مع الزمن في عمليات التجسس الخارجي ومكافحة أنشطة التجسس الداخلي وحدث هذا رسميا قبل عام 1914

ومع بداية الحرب العالمية الأولى خضع القسمان لتغييرات إدارية وتشكلت دائرة الاستخبارات العسكرية والتي عرفت حينها ( MI 6 ) وهو الاسم الذي لا يزال يطلق عليها حتى الآن وكان أول مدير لها هو السير مانسفيلد سميث كمنج أو من كان يرمز له بالحرف c في المراسلات الرسمية . وخدمة الاستخبارات السرية أو الأس آي أس تعرف بصورة عامة باسم ( MI 6 ) وهو مكتب الاستخبارات الخارجية للمملكة المتحدة الذي يعمل تحت إدارة هيئة المملكة المتحدة المشتركة للاستخبارات ( UK Joint Intelligence Committee ) ويتعاون مع الأمن الداخلي والاتصالات الحكومية البريطانية ( خدمة الأمن أم أي 5 ) ومركزه الرئيسي ( GCHQ ) وموظفي الاستخبارات الدفاعية ( DIS )

ويعد ( MI 6 ) تنظيما مدنيا يوازي سي آي إي من حيث المهام والمسئوليات رغم قلة موظفيه البالغ عددهم ( 3000 ) ومقره الآن في ( فوكسهول كروس في لندن ) ولم تعترف الحكومات المتتالية رسميا بوجوده لأنه لم يكن لأنشطته أساس قانوني حتى عام 1994 م والذي حددت فيه مسئوليات الجهاز ومهماته وألقى مسئولية عمله على عاتق وزير الخارجية ونص على إشراف البرلمان والوزراء والقضاة على أدائه علما أن رئيس الجهاز هو الموظف الوحيد الذي يتم الإعلان عن اسمه رسميا في وسائل الإعلام ويقوم سنويا برفع تقرير عن عمله لكل من رئيس الوزراء ووزير الخارجية .

أما ( MI 5 ) فهي تكافئ اف بي آي ومهمتها الرئيسية مكافحة التجسس والتخريب في البلاد وتختلف عنها لأنها تمارس عمليات المخابرات المضادة فيما وراء البحار أيضا ولكنها لا تقوم بالاعتقالات وتترك أمرها إلى ( الاسكتلند يارد Scotland Yard ) وتخضع جميع الوكالات لإدارة اللجنة المشتركة للمخابرات واختصاصها حماية الديمقراطية البرلمانية والمصالح الاقتصادية ومواجهة الإرهاب داخل المملكة المتحدة ورغم أن وظيفة المكتب الخامس الأساسية هي حماية الأمن الداخلي إلا أنه قد يشترك بعمليات خارجية تساعد على إنجاح مهامه الداخلية .

يقع مقر قيادة ال ( MI 5 ) منذ سنة 1995 في تيمس هاوس في منطقة ميلبانك ويشاركه في تلك المنطقة مكتب ايرلندا الشمالية وهو مقر المركز المشترك لتحليل الإرهاب الذي يتبع جهاز الأمن . وملحق بالمكتب الخامس ( 9 ) مكاتب أخرى موزعة في المملكة المتحدة منها مركز قيادة في ايرلندا الشمالية . ويعتقد أن له قيادة أخرى في ( غلاسغو ) وقد درج أيضا على تسمية المكتب الخامس بالصندوق ( 500 ) في إشارة إلى عنوانه الرسمي القديم في زمن الحرب ( صندوق البريد 500 ) أما عنوانه الحالي فهو صندوق بريد ( 3255 ) لندن .

الهيكل التنظيمي للمخابرات البريطانية يشتمل على الهيئات والأجهزة الرئيسية التالية : ( Joint Intelligence Commit JIC ) لجنة المخابرات المشتركة التابعة لمكتب رئيس الوزراء ومهمته بلورة التقديرات الاستخبارية القومية وإدارة شؤون جميع الأجهزة من وجهة نظر شاملة وعامة Secret Intelligence Service ) SIS/MI – 6 ) هيئة المخابرات السرية المستقلة التابعة لوزارة الخارجية والمسئولة عن جمع المعلومات المخابراتية والأعمال السرية خارج حدود الدولة والعمل على رعاية مصالح المملكة ( Security Service ) ( MI 5 ) وكالة الأمن المستقلة التابعة لوزارة الداخلية ومسئولة عن الدفاع عن بريطانيا تجاه التهديدات الأمنية الكبرى كالمؤامرات وأعمال التجسس والإرهاب ( Government Communications Headquarter ) ( GCHQ ) وكالة السيجنت ( التنصت ) القومية وهي مستقلة تابعة لوزارة الخارجية ( Defense Intelligence Staff) ( DIS ) هيئة المخابرات بوزارة الدفاع وهي على صلة وثيقة بأجهزة المخابرات العسكرية الأخرى في بريطانيا .

وهناك تنظيمات أخرى مثل خدمة مخابرات الدفاع ( Intelligence Service ) التابعة لوزارة الدفاع وخدمة مخابرات الاتصالات المختصة بالاستطلاع الالكتروني ومخابرات الاتصالات التي تشرف على جميع وكالات الاستخبارات البريطانية وتوجه سياستها وتقوم عمل لجنة المخابرات المشتركة ( Joint Intelligence Committee) على غرار مجلس الأمن القومي الأمريكي ويرأسها دائما معاون وزير الخارجية للشؤون الأجنبية في مجلس الوزراء .

وحين نكتشف أن دولة شكلت جهاز مخابراتها ما بين الفترة 1533 . 1603 ولم يكن معروف رسميا حتى سنة 1994 نستطيع أن نحدد احد العوامل المهمة الذي ساهمت في انتصاراتهم وتراجعنا وتخيل ما الذي زرعوه في بلداننا من رجال دين أو سياسة أو مثقفين وقادة ويمكنك أن تفهم لماذا تبث قناة فدك من بريطانية وتسمح لهم ببناء الحسينيات وممارسة الطقوس في أراضيها رغم علمها بانتشارهم الواسع ووجود وكثرة خلاياهم ومن المهم لنا أن نقرأ ولكن الأهم أن نستفد مما قرأنا .
2018 . 11 . 22


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق