الأربعاء، 29 أغسطس 2018

اللي مضيع وطن باع الوطن ولم يخجل..... بقلم الدكتور عبد الكاظم العبودي





اللي مضيع وطن
باع الوطن ولم يخجل


ا.د. عبد الكاظم العبودي

تسجل الذاكرة الوطنية لاغلب العراقيين تفردا متميزا، انهم كانوا من اكثر شعوب الارض تعلقا  وارتباطا وجدانيا بالوطن العراقي؛  لذا فهم كانوا الاقل سفرا وترحالا طويلا خارج العراق،  وهم الأقل اقامة وتجنسا وتأقلما في الغربة والميل الى تشكيل الجاليات الكبيرة في بلدان الغربة من بين اقرانهم من الشعوب كالعرب والاجانب ممن استوطنوا واقاموا وعاشوا وتأقلموا خارج اوطانهم منذ القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين وخلاله.

ويتذكر العراقيون،  من هم اكبر من جيلي سنا بعد الحرب العالمية الثانية خاصة،  كانت السفرة البعيدة ،السياحية،  للعراقي الميسور، وحتى متوسط الدخل، الى خارج الوطن العراقي في اية سفرة عن بغداد او الموصل والبصرة وغيرها لا تتجاوز بضعة ايام او اسابيع ، وقد تمتد الى شهر يذهبون بها صيفا او شتاء الى بيروت او دمشق أو عمان،  والأبعد منها أحيانا الى القاهرة،  ليعود بعدها ذلك العراقي باكيا متشوقا الى وطنه، وكم من حالة رأيناه والدموع تملأ عينيه، وهو يكحل عينيه بمرأى بغداد او يعود الى مدينته وقريته وربوع صباه وحتى لحظة مغادرته العراق.

وعندما استطلع العراقيون  بلدانا اخرى خارج الوطن العربي فان الذهاب والسفر  الى اوربا لأي غرض كان،  كالدراسة  او التجارة او السياحة او حتى العلاج فان الشجن العراقي يتصاعد في ذروة حميميته المفرطة و يصل الى حالة الاكتئاب بعد بضعة أيام من السفر،  نظرا  لسمو وشدة الارتباط  الوجداني للعراقي بالوطن والحنين الى الاهل والعودة الى المدينة التي عاش فيها وتربى في ربوعها.

وفي سنوات التجاذب السياسي الحادة  في الستينيات والسبعينيات، وامتدادا الى الثمانينيات اضطر بعض العراقيين الى المغادرة عن اوطانهم، لاسباب تعددت، وخاصة في سنوات الحرب والحصار،  بأمل الغياب القسري المؤقت عن الوطن ،  ومنهم من استقروا مؤقتا في بلدان شتى أو أقاموا،  لكن هاجسهم الوحيد ظل التفكير بالعودة يوما الى العراق مهما طالت سنوات الغربة.

وهكذا ظل الحنين والتفكير بالعودة أمر قائم لدى الكثيرين؛  بل والغالبية من العراقيين،  وبات الغياب والغربة تقض مضاجعهم؛  بل وتؤرقهم،  وهم ينتظرون ساعة بعد ساعة، فرصة العودة  ثانية الى العراق ، مهما كانت ظروف الاقامة واغراءاتها في دول الغربة والشتات.

وقد وصل الامر بأن قوى سياسية معينة كانت تمنع مناضليها أو اتباعها  حتى من الاستماع الى الاذاعة  العراقية او التمتع بتسجيلات الاغاني العراقية المسجلة التي تصل اليهم ،  ووصل الامر في حالات كنا شهود عليها ان تم منع المراسلة مع الاهل والاصدقاء ، خوفا عليهم من الاصابة بمرض الحنين الى الوطن  home sick  ولكي لا تضعف مقاومتهم ويعودون فجأة الى العراق  ويتركون احزابهم وتنظيماتهم السياسية خارج العراق

وكان لمجرد انتشار اغنية عراقية شجية جديدة بين اوساط الطلبة والمهاجرين يفسر  أحيانا بمؤامرة خطيرة،  تسعى بها الحكومة وسفاراتها لاستدراج البعض للعودة الى الوطن.  

ومقابل  مثل هذا الحال وتقلباته، أتذكر، حينها،  وكنا طلابا نرفع باعتزاز شعار وحيد لاتحاداتنا وجمعياتنا الطلابية خارج الوطن هو:  ( رفع المستوى العلمي والعودة الى الوطن) ، وكنا ننتظر ونحسب الايام لاكمال دراساتنا والتهيأ للعودة في حالة توفر الظرف السياسي المناسب.

 وكثيرا ما كانت تغري البعض منا وعود المكافئات والامتيازات التي تضمنها قانون الكفاءات العراقي،  والبعض الاخر ظل ينتظر فرصا أخرى تناسبه حافظا بين دفتي وجدانه حلم العودة والمشاركة في بناء الوطن،  بغض النظر عن من كان يحكم العراق،   فردا ام حزبا سياسيا، نتفق معه او نختلف ضده،  فكانت الاغنية والأكلة العراقية واللباس الشعبي وصور بطاقات البريد والطوابع والعملات العراقية، وتعليق الادوات  واللوحات النحاسية والاثرية المجلوبة من سوق الصفافير وبقية مدن العراق حاضرة في غرفنا واقاماتنا،  وكانت من أهم المقتنيات والوسائل لتحصين الذاكرة الوطنية،  وتعزيز الارتباط باهلنا ووطننا العراق.  وكان مجرد ظهور تلك الموجودات في غرفنا وبيوتنا تتحدد بها هوية وميراث وحضور وطن اسمه العراق في نفوسنا،  وطن نحبه ونفتخر به حد العبادة والتقديس.

وفي السبعينيات من القرن الماضي وبعدها حلت سنوات الثمانينيات ازدادت هجرات أخرى من العراقيين لاغراض وأسباب شتى،  وعديدة ، منها،  سياسية او لطلب الدراسة،  وقليلا لاجل العمل والاقامة او التجارة، ، حيث ظل زاد العراقي في رفع نسغ وطنيته وارتباطه بها الحصول على عدد من اشرطة الغناء العراقي الاصيل والحديث وتواصله مع اهله واقرانه ومرتع طفولته وصباه.

 وفي منتصف السبعينيات انتشرت اغنية الفنان سعدون جابر الشهيرة التي كان مستهلها يقول؛
اللي مضيع  ذهب بسوگ الذهب یلگاه
واللی مضیع محب یمکن سنه ویلگاه
بس اللی مضیع وطن  وین الوطن یلگاه
الله يا هالوطن شمسوي بيه الله....الخ.

وتنتهي الاغنية بمقطع شجني اشبه بصرخة تحسر وخوف على اضاعة ذلك الوطن ، وكأننا  توقعنا هاجسا معذبا لانفسنا يمتزج بمرارات  الاغتراب الطويل او الخوف من ضياع فردوسنا العراقي الحبيب،  بفعل فاعل،  فكان المقطع الاخير من تلك الاغنية نكرره ونذكره:
لو ضاع الوطن 
مانلگه مثل عراگنه عراگ
مانلگه مثل عراگنه عراگ

وبتكرار خيبات الوطن، صار الخوف من ضياع العراق،  متلازمة عراقية تؤرق ضمير عشرات الالوف من الوطنيين العراقيين،  ولكنها في ذات الوقت ابعدت مجموعات أخرى من العراقيين ايضا باتجاه الاقتناع فعلا بضياع العراق نهائيا بالنسبة لهم ، فيعوا الى الاندماج في مجتمعات غريبة استوطنوا بلدانها .

وباستمرار  تباعد مسافات الوجد واتساع الاغتراب واستطالة سنوات الاقامة في المنافي القسرية او الاختيارية وانقطاع وضعف التواصل لدى البعض من العراقيين مع وطنهم ،  ضعفت تلك الصلات الوجدانية مع ذلك الوطن،  وسادت حالة من اليأس لدى البعض في التفكير بمآسي الوطن المتكررة.

 ونتيجة لجملة من المتغيرات كان من الطبيعي تراجع تأثير تلك الاغنية الرائعة وغيرها من الاغاني على حصانة ووجدان ومقاومة بعض العراقيين،  فصار قسم منهم،  مثل ذلك المستعمل للمورفينات الوطنية المستهلكة، لتبرير المزيد من البقاء في عالم الاغتراب والابتعاد حتى بات البعض قليل الاحساس والتحسس بما يجري من احداث في العراق،  ومنهم من نسي  اغنية  الفنان سعدون جابر ووصيتها والتحرير من مفردات الضياع المتدرج:

 (اللي  مضيع ذهب، واللي مضيع محب، وصولا الى ...واللي مضيع وطن) ، 

 وكأنها  صارت حكايات غرائبية  منسية ، طواها وأجهز عليها زمن الاغتراب الموحش وصار التكيف مع اوطان جديدة، بديلا نهائيا ،لدى البعض، فابتعد حضور العراق تدريجيا عن اذهان البعض منهم،  وأضحى في صورة من سراب ماضوي،  وركام من  رماد الذكريات البعيدة، التي  أمست تشكل صورة شبحية  متلاشية ومنسية؛ خاصة عند بعض تجار السياسة،  فتسربت وترسبت ذكرياتهم  وتساقطت من طيات ذاكرتهم المثقوبة وانفرطت كل كلمات الوجدان العراقي واشجانه التي تحمل  معاني الوطنية والوفاء والحنين،  وكانها أمست تركة ثقيلة عليهم،  كَوِزْر  حملوه من زمن غابر وحان نسيه فهم لايريدون استذكاره لهم ولاولادهم في المنافي وبلدان الشتات والاقامة، فكانت بداية الانحراف والسقوط في افخاخ الخيانة والتنكر للعراق

ومن هؤلاء نعرف الكثيرين، خاصة ممن عادوا بعد غزو العراق واحتلاله 2003  وكانوا غرباء تماما عن الوطن وبعيدين حتى عن الوطنية، وقد تناسوا ما يتداوله الشجن العراقي المرتبط بوطن وثقافة وحضارة، و عن ذكريات الارتباط بالاهل والشعب والتحسس بالمواطنة معه،  خاصة مع من اصبحوا ،بين ليلة وضحاها ، وبلعبة  قذرة، من اقدار الزمن الموحش،  محسوبين حكاما وسلطات على رعاياهم وتحت ظل حكوماتهم الاحتلالية ...الخ. وحماية قوات الاحتلال نفسها لهم كرعايا لتلك البلدان.

نعم عادوا هؤلاء بحضانة ورعاية وحصانة امريكية وغربية وايرانية ، محتمين بجنسياتهم الاجنبية،  شأنهم شأن أي فرد غازي من افراد قوات ووحدات المارينز الغرباء، تراه في ايامه الاولى للاحتلال يتجول في بغداد وغيرها  من مدن العراق مشدوها ومندهشا . ومنهم من بدأ يراجع حساباته الظرفية للخيار بين البقاء او العودة من حيث أتى، ومنهم نظر بعين الطامع والتاجر والسمسار ،  وحتى الأجير المكلف بمهمة قذرة في الانتقام  من ذلك الوطن الذي ضاع منه يوما ولم يلقاه الا بعد 9 نيسان 2003
.
ماذكرني بكل هذا السرد اعلاه هو :  ان الوطن والوطنية والمواطنة التي حملها مثل هؤلاء اضحت مثل حديد هش أكله الصدأ فتفتت وتآكل وصار بلا صلابة،  وبات في عمقه وجوهره لدى  هؤلاء بانهم مجرد خردة وطنية كانت تنتسب يوما بالاسم فقط للعراق ؛  لكنها  اضحت ترتبط بالمصالح والسرقات والنهب والحنين بشكل معكوس،  للعودة في يوم ما مرة أخرى الى اوطان الاقامة والجنسية والاغتراب في المهجر الذي صار  لهم وطنا بديلا،  فهناك يقطن جزء من ابنائهم،  وهناك تستقر عوائلهم،  وهناك نقلوا ملايين الدولارات من اموال اللصوصية واشتروا بها القصور  والفيلات والمؤسسات ومولوا الاستثمارات وهم يحملون هنا جنسيات الاغراب،  وكأنها امتياز لهم بالمساواة مع ادوات الاحتلال وجنوده ،  لكونهم من مواطني تلك الدول، وخاصة الدول الغازية المشاركة في احتلال العراق.

لقد انتصرت نوازع الانتماء لوطن آخر يقبع بعيدا خلف البحار والمحيطات ،  والى هناك سوف ترسل كل المنهوبات من الاموال التي تسرق وتنهب من ثروات العراق،  والى هناك سيشتد حنين آخر يحث هؤلاء على العودة في الاتجاه المعاكس،  ومن هناك سيجري الاستهزاء باغنية سعدون جابر ومن ذلك الهاجس الذي كان يوما نخشاه حول ضياع الوطن.

وهم هنا قادمون لآجال معينة في العراق،  وقد انقطعت صلاتهم تماما مع من تبقى من الاهل والاصدقاء وبجوار المنطقة الخضراء المحمية بحراب المحتلين، اضحت الارض التي خارجها  ديار أخرى؛  حتى لو اضحت اطلال، فلم تعد مصدر حنين وعاطفة عند هؤلاء، وهي في انينها ومحنتها لا تحثهم على البقاء فيها او البناء  والاعمار فيها او  حتى محاولة ترميم بقايا وطن سحقته ذاكرة الحقد والانتقام منه من بعض أبنائه السابقين 

ولأن السفر الى مواضع كانت يوما اوطان الآباء والامهات قد تغيرت اهدافه،  حين باتت مرتبطة بمصالح السياسة والعمالة والارتباطات الجديدة، التي خطط لها جزء من هؤلاء، باستعمال كل الوسائط المنحطة للانتقام من وطن حسبوا يوما عليه
وهكذا اعيد تشكيل اللوحة المؤقتة لاقامة وعمل ووظيفة هؤلاء ؛ فمنهم من دخل وتورط في عمليات النهب والسلب والقتل والجريمة، ومنهم من ارتبط بدواليب العملية السياسية، وادار بضعة من دواليبها ، وكان المحك في كل ممارسة ووظيفة لهم،  يتجلى في ممارسات باتت عند البعض منهم وجها  من الاعيب القمار والرهان السياسي والفوز بكل الوسائل في مضمار سباق الخيول السياسية،  حينما دخلها امثال هؤلاء باسم السياسة .

وهكذا صار من بين هؤلاء رجال اعمال سياسية "بزنز جديد"، فهم  يديرون صفقات البيع والشراء والتوسط لدى الشركات الاجنبية والوزارات باحترافية عالية،  فوجدوا ضالتهم الاخيرة المربحة في تجارة وادارة صندوق الانتخابات،  والسمسرة في بيع وشراء الاصوات،  والدعاية الانتخابية،  والتكسب الانتخابي والتزوير لصالح من يدفع أكثر.

أضحت هذه الممارسات تجارة لها اساليبها والاعيبها وطرق التوظيف بها، وهي ذات مردود مالي كبير ، حين يسعى البعض الى الوصول الى مقاعد  البرلمان والحكومة والمجالس المحلية والسفارات ومناصب الاعلام والوظائف المرموقة ذات المردود المالي

وفي بازار السياسة العراقية اليوم يمارس هؤلاء العائدون من اوطانهم الجديدة البعيدة تجارة فاحشة تتجسد فيها عمليات بيع الوطن الأم كله، متناسين انهم  انتسبوا  اليه يوما وتاجروا سياسيا بعذاباته ، وها هم عادوا بدوافع الطمع والانتقام والحقد، فعملوا على بيع العراق، تجزئة، وبالمفرد، ومنهم من يستعجل بيع  العراق بالجملة ايضا.

هل يعلم العراقيون كم هو سعر وقيمة العراق اليوم لديهم؟  وهل يعرفون كم هو عدد  المتاجرون في بورصة ومزايدات بيع العراق . يقيني هم اليوم اكثر مما كنا نظن احصاءهم.

 والجواب عندهم واحد بأن لا قيمة للعراق ولا ثمن عند من قبل يوما احتلال وطنه وبلده، وجاء لنهبه ، وعمل مسرعا على هدم كل شئ فيه؟ 
وها هو البازار السياسي لهؤلاء التجار الجشعين مزدهرا بسلع التزييف لكل ما هو عراقي ووطني، ويتجلى في اعلى درجات خستهم في بيع العراق يوما بعد يوم.
اليوم لدى هؤلاء كل شئ مقدر بثمن ورشوة مدفوعة بالمسبق، وهم  صعودا في المساومات الجارية يبدأون من شراء وبيع الاصوات الانتخابية وتشكيل الكتل والاحزاب والمقايضة بها وبيعها،  ومنهم من يبيع دينه وكتلته ومذهبه وحزبه لمن يدفع اكثر.

و لمن يقترب من كواليسهم اليوم سيعرف سعر الصوت الانتخابي وسعر تشكيل الكتلة وسعر المقعد في مجلس النواب وسعر الوزير ووكيل الوزارة الفلانية وسعر رئاسة الحكومة والبرلمان، وحتى سعر رئاسة الجمهورية ونوابها،  ولا يهم تجار السياسة من هؤلاء،  من باعة الاوطان،  شكل العملة المدفوعة؛  ان كانت العمولات تدفع  دينارا او تومانا او ليرة او دولار او يورو كما لا يهمهم الضيعة اوالمحافظة او الجهة؛  طالما ان وطنا  اسمه العراق بات كله مباعا في مساومات من تباكوا يوما على وطن لهم، ولكنهم عندما وجدوه، فتشوا عن الشطر الاول من المتاهة باكتشاف "سوگ الذهب" و:حضن المحب" و "دفئ الولف" الاستعماري الاحتلالي؛  لانه قد فقد نهائيا الاحساس بقيمة ذلك الوطن، منذ ان اقدم يوما على قبول خيانته والتآمر عليه، والانخراط في الحرب عليه ، والقبول الطوعي في تشكيل فيالق غزو العراق، وخدمة التوظيف الاستعماري في مسامير العقب الحديدية والقبول بالتكليف المقرف  لاصقا اسفل نعال المحتل.


البصرة المتآمرة على نفسها بقلم د. جعفر المظفر



البصرة المتآمرة على نفسها

د. جعفر المظفر

منذ أن بدأت الأمور تصل إلى حد مأساوي لا يطاق وأنا أسمع أن هناك مؤامرة ضد البصرة وأهلها. مؤامرة مَن .. ؟!  ضد مَن ؟!  وحق الله لا أدري.. الذي أدريه أن المؤامرة بطبيعتها هي تلك التي يدبرها طرف ضد طرف يعاديه أو ينافسه على زعامة أو مال أو ما شابه, أما نحن فنعرف جميعا أن البصرة تخضع لإدارة نفس رجال الحركات والأحزاب التي تحكم العراق برمته, أي أنها ليست محكومة من حزب كأن يكون (الشيوعي) يعادي حزب يحكم بغداد كأن يكون (البعث). على العكس من ذلك فرجال النظام في بغداد هم أنفسهم رجال النظام في البصرة حتى بمسطرة التوصيف الطائفي.

إن ما يحدث في البصرة هو نفسه الذي يحدث في الناصرية وفي الحلة وفي بغداد في أربيل وسليمانية, غير ان تمظهراته تختلف نتيجة لإختلاف طبيعة البصرة ذاتها, أما الأسباب الحقيقية فهي ذاتها وأما المؤسسة المسؤولة فهي نفس مؤسسة النظام. لقد قطعت إيران نهر الكارون عن شط العرب لأنه يصب في شط العرب ولا يصب في نهر ديالى. قصة الصلة الطائفية والمذهبية لم تنفع مطلقا لأن النظام الإيراني لم يتردد بالأمس من القصف اليومي للبصرة الناس والشوارع والبيوت طوال سنوات الحرب الثمان.

القصة الحقيقية ان ماساة البصرة هي جزء من مأساة العراق رغم الإختلاف في تمظهرات المأساة ذاتها لإختلافات ثانوية خاصة بطبيعة البصرة. أما المأساة نفسها فهي نتيجة لفساد وعمالة وتبعية النظام الحاكم في العراق بصفته الإتحادية والفدرالية, بحكومته المركزية وبمجالسه المحلية, بعربه وأكراده وتركمانه وحتى بيزيديه, بمسلمية ومسيحييه وعلمانييه وأتباع حوزته, بسنته وشيعته وعلمانييه ونصف علمانييه. برجاله الحاكمين أو بنسوته المتمترسات المتخلفات, بمتطرفيه ومعتدليه.

إن مجموعة الحكيم الأكثر نفوذا في البصرة ليست أكثر شرا من مجموعة العبادي المترئسة للحكومة وليست أقل شرا من مجموعة المالكي وليست أهون ضررا من مجموعة الصدر وليست أقل تخريبا من مجموعة البارزاني في أربيل او الطالباني في السليمانية.

كل هؤلاء الذين تربوا في مواخير لندن وباريس ونيويورك أو الذين إلتحقوا بهم من أشرار وإنتهازية وحرامية الداخل هم مسؤولون عن خراب العراق الذي يجسد نفسه في ضياع الموصل ودمارها, أو في خراب البصرة وإنهيارها, أو في ما بين هذه المأساة وتلك التي شملت كل مدن وقصبات العراق حتى كأن هذا الأخير بات مسرحا لعرض مسرحية عنوانها كيف تقضي على بلد عمره خمسة آلاف عام بعقدين من السنوات وليس أكثر.

البصرة ليست إستثناء وليست المظلومة لوحدها من مدن العراق. لقد جاع الإنباريون قبلها, وتهدمت الموصل ونُحر أهلها وتمزقت ديالى ودمرت ضواحيها وتعرضت شوارع بغداد وما زالت إلى مشاهد موت متنقلة, وكادت كركوك أن تحترق وما زال مشروعا للمساومة على تشكيل الحكومة وكأننا في سوق لبيع الوطن في سوق الخردة والمزاد والمقايضة. أما أهل الجنوب والوسط فلم يتبق لهم غير تنظيم المواكب الراجله إلى حيث قبور الأئمة الذين إستشهدوا جميعهم رفضا للظلم والضيم فإذا بمدعي محبتهم يجسدون مشهد الإنقياد المذهل للظلم والضيم.

إن ما يجري للبصرة ليس مؤامرة أو إغتيال لها بغفلة أو نتيجة مؤامرة أو مكيدة دبرت بليل. بل لعل عطشها وجوعها وضياع شبابها وعجزهم عن إيجاد فرص للعمل وجفاف أنهرها وموت نخيلها وتردي زراعتها وجفاف أهوارها ووقوف أحد عجائزها وهو يرثي نهر البصرة والعشار وتسمم الألوف من مائها الذي كنا نشربه من أنهارها بشكل مباشر فإذا بها لا تعثر على شربة ماء بعد عشرات من مليارات الدولارات التي أتت كمدخولات لنفطها.

إن ما يجري للبصره يتحمل مسؤوليته أهل البصرة أنفسهم .. لقد آن الأوان لكي يفهم الجميع, وفي المقدمة أهل البصرة أنفسهم أن النظام الذين ساهموا بتصنيعه وكانوا في مقدمة من راهن عليه, وأن أحزاب الإسلام السياسي والعمائم التي تركت جوامعها وحوزاتها وجميع مستويات ثقافة اللطم والمواكب الراجلة التي تشكو همها لأبي الشهداء الحسين ثم تعود أدراجها مؤمنة بقضاء الله وقدره. إن كل هؤلاء جميعا مسؤولون مسؤولية مباشرة عن مأساة البصرة التي بلغت من الهول ما يكفي لتعريف الجميع باصل المشكلة وطريقة الحل.

إن من تآمر على أهل البصرة أولا هم أهل البصرة الذين إرتضوا أن يكونوا جزءا من نظام متعفن سارق تابع وعميل, وما لم يفهم أهل البصرة مأساتهم بعقل المجرب الحكيم الرافض للأسباب الحقيقية التي أدت إلى الماساة مع تشخيص للحلول الجذرية التي تشكل جزءا من خارطة تغيير عراقية, فإن البصرة سيكن حالها مثل حال مدن العراق الأخر.. وكم من بلد زال وكم من أرض صارت خراب, ولن يكون العراق إستثناء. بل لعل مطلب خرابه وحتى زواله صار على مرمى حجر أو أدنى.

بمناسبة الذكرى الثالثة عشرة لإستشهاد ولدي وميض الوزان........ الدكتور عبد الكريم الوزان




بمناسبة الذكرى الثالثة عشرة لإستشهاد ولدي وميض الوزان

د.عبدالكريم الوزان

    ولدي الشهيد وميض أنت في القلب
-------------------
في مثل هذا اليوم الأليم المصادف 29-8 من عام 2005 قامت عناصر إجرامية رذيلة من أعداء الله والوطن والبشرية والتحضر والإنسانية بإغتيال أوسط أولادي الشاب المغفور له بإذن ربه وميض ، ذلك الفتى الجميل الأشقر الشجاع الذي لم يرتكب ذنبا  لتسلب حياته من أجله  سوى انه عراقي مسالم كان يحلم بغد أفضل.
ياخفافيش الظلام ..يامن قطعتم زهرتي اليانعة  العطرة من غصن عمري ، تبت أيديكم وشلت ألسنتكم وعميت أبصاركم وقطعت أوصالكم في الدنيا أينما كنتم ومأواكم جهنم يوم الدين ، وسينزل رب العزة الجبار المنتقم غضبه ويحين قطع رقابكم إن لم تكن دعوة المظلوم قد وأدتكم قبلها.
وأنت يافلذة كبدي ..هنيئا لروحك الطاهرة وانت خالد في عليين عند رب كريم ، وآدع لأبيك ووالدتك  أن يخفف عنهما  عذاب الفراق ، وآعلم أنك  الساكن دوما في قلوبنا ونفوسنا وأرواحنا ومعك كل أبنائنا شهداء العراق الذين ظلمهم المحتل وأذنابه. ولايسعني ياصغيري الا القول فيك ماقاله ابن الرومي وهو يرثي أوسط أبنائه الذي اختطفته يد المنون في سنّ مبكرة :-
توخَّى حِمام الموت أوسط صبيتي
فلله كيف اختار واسطة العقد
لقد قلّ بين المهد واللحد لُبثه
فلم ينسَ عهد المهد إذ ضُم في اللحد
ألح عليه النزف حتى أحاله
الى صفرة الجادي عن حمرة الورد(1)
وظل على الأيدي تساقط نفسه
ويذوي كما يذوي القضيب من الرند(2)
فيالكِ من نفس تساقط أنفساً
تساقُطَ درّ من نظام بلا عقد
ألام لما أبدي عليك من الأسى
وإني لأخفي منك أضعاف ما أبدي

لانامت أعين الجبناء،  والنصر للعراق الحر الأبي الكريم الموحد ، والرفعة لدينه الاسلامي الحنيف وكل الأديان السماوية من عبث ومجون الدخلاء على سماحتها وسموها .
اللهم أحتسب اليك ماوهبت وأخذت ، وأعوذ بك من كل ذنب عظيم ، والحمد لله الحي الباقي ، الأول قبل الخلق والباقي بعد فناء الخلق ، رحمن الدنيا والآخرة ، رب العالمين. وأستغفر الله لي ولكم.

(1) الجادي: الزعفران.
(2) الرند: شجر طيب الرائحة.

الثلاثاء، 28 أغسطس 2018

الصفحات الرسمية للسيدة الفاضلة رغد صدام حسين على مواقع التواصل الاجتماعي




الصفحات الرسمية للسيدة الفاضلة رغد صدام حسين
على مواقع التواصل الاجتماعي



السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الأخوة و الأخوات المحبين والأوفياء للرئيس الشهيد صدّام حسين وعائلته الكريمة ، والحريصين على معرفة الحقيقة بعيداً عن الزيف و الاشاعات بحق هذا الرمز الكبير واسرته .

نرجو منكم متابعة الحسابات الرسمية والموثوقة التابعة للسيدة رغد صدّام حسين على مواقع التواصل الاجتماعي .

الحسابات مع الروابط مبينة ادناه :
فيسبوك
https://www.facebook.com/Raghadsaddam.official/
انستغرام
https://www.instagram.com/raghadsaddam.official
تويتر
https://mobile.twitter.com/rghadsaddam?lang=ar

أنشئت هذه الحسابات لتكون مرجع حقيقي وموثوق لأخبار السيدة رغد صدّام حسين ورسائلها و تصريحاتها .
لذلك نرجو منكم فضلاً لا أمراً متابعتها ، وترك متابعة سواها من الصفحات و الحسابات الوهمية التي تحمل اسمها على مواقع التواصل الاجتماعي ، والتي تساهم بقصد او بدون قصد بنشر التصريحات والاخبار الكاذبة عنها وعن أفراد عائلتها .

دمتم بعز ،،
و على ذمّة انتظار النصر الكبير بإذنه تعالى ..

*
إدارة الحسابات الرسميّة للسيدة رغد صدّام حسين *

يوم النكبات السياسية في العراق......بقلم الدكتور عبد الكاظم العبودي الامين العام للجبهة الوطنية العراقية




يوم النكبات السياسية في العراق







ا.د. عبد الكاظم العبودي
الامين العام للجبهة الوطنية العراقية

يسجل التاريخ الثالث من ايلول/ سبتمبر 2018 يوما اسودا كالحا في تاريخ العراق على مر العصور،  نظرا لاقترانه وتزامنه مع أكثر من نكبة وكارثة تحل بذلك اليوم الاسود في تاريخ الشعب العراقي فهو :

- اليوم الذي يدعو فيه فؤاد معصوم، وبما يسمى  رئيس جمهورية العراق،  وهو الشخص والمؤسسة  الفاقدة لشرعية الرئاسة، ومنها يبدأ مضمار سباق جديد  فاسد من خلال الدعوة الى افتتاح الجلسة الاولى لبرلمان  قديم  - جديد ، مُزَّور  حتى النخاع، ثبتت كل الادلة والقرائن والتحقيقات المحلية والدولية ان النسبة الاعظم من الحاضرين في اجتماع المزورين في 3/9/2018 قد وصلوا الى مقاعدهم النيابية بتزوير، وبفضائح، يندى لها جبين "الديمقراطية" وما يسمى بالتعددية والعملية السياسية التي سقطت سقوطا حرا ونهائيا منذ عهد بريمر ، وظل خرابها يكمن بدستور شاذ عن كل ما تشير اليه دساتير الدول التي تحترم شعوبها وبلدانها.

-  في الثالث من ايلول/ سبتمبر 2018  يعقد البرلمان الكسيح جلسته الاولى،  وصراع الاجنحة فيه، أشبه  بصراع ديكة السيرك ،  حيث تجري عروضهم  واصطفافاتهم كالقطعان لتشكيل ما يسمى "الكتلة الاكبر"  او ما تسمى " الاغلبية البرلمانية" من بين افراد نفس الحيتان، وفق تقاليد بازار  وسوق مشبوه بالتجار وبالسلعة الفاسدة ،  تجري فيه عقود البيع والشراء، العلني والسري،  دون استحياء من شعب العراق الذي قاطعت اغلبيته بوعي مهزلة الانتخابات وصناديق الزيف ، وفضح  شعبنا عمليات الفرز بكل اشكاله اليدوية والالكترونية،  وأكدت الارادة الشعبية العراقية للعالم عدم شرعية تلك الانتخابات وعدم اعتراف الشعب العراقي بها كليا بسير اعدادها وتنفيذها وحتى بنتائجها مسبقا.

-  يجتمع برلمان المضبعة الخضراء في الثالث من ايلول/ سبتمبر 2018  مرة اخرى باشراف مباشر من قبل ممثلي الدول المحتلة  والمتدخلة والنافذة في الشأن العراقي، ومعهم سماسرة وبورصات المال السياسي وتجارة رؤوس حيتان الفساد ومزوري الارادة الشعبية بتكريس محاصصات الانقسام والتقسيم للشعب العراقي المنكوب.
فهو برلمان فاقد للشرعية السياسية والاخلاقية والاجتماعية مسبقا، مهما تمخض عنه من نتائج وقرارات و توزيعات تكرس ذات المحاصصة وبنفس العقلية والآليات المرذولة والمرفوضة في العرف السياسي لدى الذين يدينون تلك الممارسة اللا ديمقراطية بالاعتداء على خيار الشعب  وعلى حقه في التداول على السلطة وادارة الدولة والحكومة المنتخبة من قبل ابناءه الاحرار والشرفاء.

- يجتمع البرلمان في الثالث من ايلول/ سبتمبر 2018  ، والعراق  بلد محتل رسميا،  ومرتهن سياسيا لارادات وصراعات دولية يعكسها واقع تواجد القوات الاجنبية الامريكية واتساع ونفوذ وسيطرة  قواعدها العسكرية في سائر انحاء العراق،  وتسير  ما تبقى من الدولة حكومة فاسدة تقودها ادوات وأجهزة الاحتلال الايراني الاستيطاني، ومليشياتها الدموية الطائفية،  ومظاهر تدني وضع العراق،  تتجلى في صراع الارادات الاجنبية على ثرواته، وفقدان هيبة الدولة العراقية؛ و بفرض واستعراض وسيطرة القوى والمليشيات الطائفية داخل وخارج المنطقة الخضراء والاستحواذ على الجانب الامني في مركز ومحيط العاصمة بغداد خاصة.

-  يحل الثالث من ايلول/ سبتمبر 2018  بغياب الجهاز القضائي والعدالة كليا  في العراق، وارتزاق القضاة على فتاوى اللاقانون، والتلاعب بالقرارات وتزييف محاضر التحقيق والتعمد عن ادانة ومحاكمة الفاسدين، وأخيرا اقرار قوائم التزوير الانتخابي ،  والمصادقة عليها من دون حرج او غيرة من هزة من ضمير والتخلي عن شرف صيانة الحقوق والقانون، من قبل ما يسمى بقضاة مدحت المحمود وزبانيته،  ممن احترفوا  التزوير في المحكمة الاتحادية العليا، ترضية للفاسدين بسبب الاستحواذ على الامتيازات وقبض الرشى عالية الاثمان مسبقا،  حيث جرى التراجع كليا  عن التحقيقات التي أكدت تزوير الانتخابات.

 وفي ظل تراجع الحكومة نفسها  عن كامل اقرارها  السابق الذي اعلنه رئيس الحكومة حيدر العبادي  واعترافها الكامل بفساد المفوضية العليا للانتخابات وقبلها النزاهة واتهامهما رسميا بالتزوير الفاضح والموثق  الذي حدث في الانتخابات الاخيرة وما قبلها  على كافة المراحل والاساليب والقرائن والنتائج  داخل العراق وخارجه،  والذي بات يعرفها الرأي العام الوطني والدولي.
 ومرت الايام والسنوات دون ان يقدم او يدان فاسد واحد في كل ما جرى ويجري في العراق.

-  في الثالث من ايلول/سبتمبر 2018  تجري مسرحية يوم الافتتاح،  لما يسمى  "البرلمان"  ومحافظات العراق المنكوبة بكل ويلات العصر، تنام وتصحو على وقع وكوابيس القهر والتهديد والقتل والاغتيال والخطف ويلحق بها ضيم بعد ضيم أشق وأمر ،  لا مثيل له،  وهي تحاول منتفضة بما تيسر لديها من ارادة وطنية  ضد الفساد والجوع والقهر والمرض وتعمق وتتالي ازمات النكبات المتتالية عليها، للأسف لم تجد من يناصرها من ضمائر وشرفاء هذا العالم الذي يتغنى بالحرية بالحقوق والديمقراطية الا القليل النادر ، وهي محافظات خرجت بملايينها الجريحة  دفاعا عن مطاليبها وقبلها عن كرامتها الوطنية الجريحة تضمد جراحاتها وهي لازالت تقف شجاعة في ساحات التظاهر،  وتواجه الرصاص ولا زالت دماء شهداء الانتفاضة  لم تجف بعد عن شوارع البصرة وميسان والمثنى وكربلاء والنجف والقادسية وبابل وبغداد ومدن أخرى عديدة ،  ويتجاهل العالم والامم المتحدة انتشار مخيمات الشعب العراقي المنكوب ضائعة،  وتتصاعد ارقام نكبتها  مع وجود الملايين المعذبة من النازحين والمهجرين والمعتقلين والمطاردين داخل وخارج العراق.

وفي كل المعايير الاخلاقية والانسانية والسياسية هناك نكبة وطنية يتوحد العراقيون وتشركهم آلام محنتهم الوطنية يسهرون بأرق امام سؤال المصير ؟:
 الى أين سيذهب العراق؟؟.

وأمام كل الاسئلة هناك حالة غرائبية ممسوخة ومتفردة ، في شكل الصلافة والوقاحة، لدى مجموعات الارتزاق السياسي، التي تطبل لنتائج الانتخابات المزورة وتتحدث عن استحقاقاتها الاجرامية منها،  تعكسها تصرفات مبتذلة ومدانة،  يندى منها جبين الانسان المتحضر والمعاصر،  وقلما ظهرت صورة احوالها في كل بلدان العالم، بما فيها ذلك العالم المتخلف ، نراها عندما يعود حيتان العملية السياسية وعملاء الاحتلالين الامريكي والايراني وهم يعيدون ذات الادوار في توزيع المناصب والتحاور والاجتماعات واطلاق المزايدات في توزيع  ما يسمى حقوق المحاصصات بالرئاسات الثلاث، وهم عادوا ، بكل وقاحة ،  يظهرون علنا في مشاوراتهم في صالات وديكورات القصور المنهوبة،  يجلسون على تلك الكراسي المذهبة  في قصورهم ومقراتهم التي نهبوها من مال الشعب العراقي وقوته وميزانية خبزه وراحته، وهم يستحوذون على صالات الفنادق المدججة بالاسلحة، تطوقها الحمايات وعصابات الجريمة المنظمة المنفلتة، يتناقلون هنا وهناك، تسوقهم عصا امريكية تارة، واخرى فارسية تارة ؛ يبيعون الولاءات مقابل بيع العراق، ويسعون لتشكيل تلك الحكومة الفاسدة المنتظرة التالية، خدمة لسماسرة الصهيونية وتنفيذا لاوامر المال والاعلام السياسي العربي والاجنبي الذي لازال  يضخ في جيوبهم ملايين الدولارات بكل عهره ودجله وخبثه لزرع المزيد من الخناجر ولدق أسافين التقسيم في جسد  ومجتمع العراق، وتتم طعن خاصرة ابناء العراق بغدر وخسة، في اغتيال علني قلَّ مثيله موجه ضد ارادة شعبنا بمحاولة التسلط عليه لإذلاله بكل خسة ودناءة ولؤم وإجرام.

-  في الثالث من ايلول 2018  تجرأت كتل الانتهازيين والخونة والمزورين على دخول قاعة البرلمان لتختار ما تشاء من أزلامها وتشكيل مجموعات قطعانها، ولاعادة ترميم سلطات  باتت هشة ومتفسخة من رميم قديمها اكثر من جديدها، لتدشن عهد  الوقاحة السياسية، بكل تجلياتها، من دون تأنيب من ضمير او الاتصاف ببقية من قيم بشرية واخلاقية تبرر لكل هؤلاء الاعلان عن دورة جديدة لبرلمانهم، هو برلمان  بلا شرعية، وبشخوص وجوهه الكالحة ، قادم بسجل حافل بالمخازي، تاريخ  أغلب مجتمعيه واعضاءه حافل بالمفاسد والتزوير والنهب والاذعان للارادات الاقليمية والدولية.

  وفي مسرحية بائسة قلما شهد بلد في العالم مثيلها سيبدأ فصل جديد من مأساة العراق ويقيني ان هذا الفصل لن ينتهي الى خير مطلقا.
وعلى الجانب الاوسع من فصول المأساة والنكبة الوطنية في العراق يقف شعبنا معزولا ومشتتا ووحيدا ومنزوعا عن محيطه العربي والاقليمي بتآمر عربي واقليمي ودولي بآليات مبرمجة سعت الى زرع اليأس في اوساطه واحباطه و انتزاع قراره الوطني المستقل،  ومنعه من ان يأخذ بنفسه زمام الحراك والانتصار على كل هؤلاء المنبوذين من حثالات التاريخ وعفن رميم القمامات السياسية والاجتماعية المتفسخة.

وقد يبدو للبعض من الواهمين من محبطي العزائم:  ان شعبنا المنتفض يراوح في مكانه جريحا ومقموعا ومذلولا وغالبيته مستلبة باسم الدين والمذهب والطائفة والانتماء الاثني والقومي  ويعيش حالة من الاتكالية على قدوم ذلك القدر المجهول للانقاذ،  يروج له بين اوساطه أؤلئك المشعوذون من سياسي الصدفة،  ومن مشعلي بخور الولائم السياسية يوعدونه بالخلاص والجنة الموعودة وينشرون هنا وهناك سيناريوهات باتت مضحكة  ومشروخة يتداولها اليائسون  حين تبشر بحلول وانتظار ذلك المنقذ،  وكثير منهم من وضع الحل والربط بيد القرار الامريكي ، تارة في شكل انقلاب عسكري او "تحرير جديد" باعادة توزيع قوات الاحتلال وطرد عصابات ايران واتباعها،  وقرب لحظة  خلاص العراقيين على يد ترامب وعزمه بنفسه لتحرير العراقيين من قبضة المفسدين الذين اتى بهم الامريكيون انفسهم  يوم التاسع من نيسان الاسود  2003 الذي سموه،  بدلا من  يوم الاحتلال البغيض،  " الى " يوم التحرير "  وها هو البعض من أؤلئك التائهين المكمل  لسيناريوهات التدخل يدجلون ويبشرون مرة أخرى بقرب "يوم تحرير"  ثان بعد 15 سنة من حكم احتلال امريكي ايراني بغيض، لم يترك من العراق زاوية او مقام او بناء او مؤسسة الا اسقطها وهدم أركانها بعبث بربري قل مثيله؛  فتحول العراق الى هشيم ودمار شامل ومدن مهدمة ومهجورة واخرى تتحسر على قطرة ماء شرب،  وبدولة امست اطلال محترقة تتعرض يوميا الى عصف ريح الازمات تذرو فيها دوامات الاعاصير كل شئ لتمحو  ما تبقى من ذلك العراق.  

-الثالث من ايلول/سبتمبر 2018 ليس نهاية التاريخ ولا ختام المطاف القاسي لشعب العراق،  وليس بمحطة عابرة،  ينتظر بها من ضللتهم الاحداث، ليتم خلاص العراقيين بمعجزة أمريكية جديدة ؛  بل ستكون لحظة من تاريخ شعب العراق الابي، تشكل له منطلق للتأمل والتفكير ووضع الخطى المدروسة الواسعة ، والتقدم على سكة التحرير المحتوم،  ولان اجتماع العصابة البرلمانية في التاسع من ايلول 2018 لا يغير من موازين القوى، كما يحسبها البعض، بتعداد اصوات القطيع الانتخابي المزور والمدجن،  فهم يعرفون، قبل غيرهم،  ان المستقبل القريب سيكشف في ايامه الحبلى بالغضب القادم وزن الشعب العراقي وقوته. سوف تميل الكفة، وبشكل نهائي، وجارف الى ظهور الكتلة الاكبر من ابناء شعبنا الصابر المكابر و التي حسمت امرها في الشروع بالتغيير الثوري التاريخي، منذ ان ابتدأت خطواتها بتصميم قل نظيره باعلان مقاطعة شاملة للانتخابات في 12 ايار/ مايس 2018 فعرت جماهيرنا مهزلة تلك الديمقراطية الجرداء، وفضحت بطون وافخاذ وعشائر وقبائل واحزاب ومرجعيات الفساد السياسي والاجتماعي في العراق، وشخصت المقاطعة الشعبية والتظاهرات والاعتصامات التي أجبرت ومنعت الحكومة وعصابات العملية الانتخابية وهيئة الانتخابات واجهزة القضاء الفاسد  على عدم اعلان نتائج التزوير  لثلاثة اشهر ، انكشف خلالها خبث الدور الايراني واتباعه في عملية تدمير العراق وارتهان ارادة شعبه فكانت الانتفاضة الوطنية المباركة انطلاقا من البصرة الفيحاء واستجابت لها محافظات الجنوب الثائر وتداعت لها بغداد وبقية المحافظات بتناغم وترحيب واستعداد للالتحاق بها في اي وقت وخاصة العاصمة الحبيبة بغداد،  وستبقى هذه الانتفاضة المستمرة جذوة مشتعلة تقض مهاجع المتآمرين على وحدة شعب العراق وحقوقه هاتفة قبل مطاليبها بتوفير الخبز والماء والدواء والعمل بحقها الاساسي في التحرر والسلم والتنمية واقرار المواطنة الحقة لكل ساكنة العراق، والانتفاضة مصرة على اسقاط كهنوت المال والاسلام السياسي ومرتزقته من احزاب ارتزقت بالدين والطائفية وقد اسقطت ورقة التوت وانكشفت عوراتها،  ولم تعد لها بعد اليوم قائمة تقف عليها  طالما انها لجأت الى التزوير والفساد وشراء الذمم الرخيصة .

ان استمرار قوى الخيانة الوطنية في ممارسة لعبتها الخبيثة في التمترس بمظاهر الدين  والديمقراطية الزائفة وبتمترس خلف مؤسسات وهمية من قضاء وحكومة وبرلمان  لا يعني مطلقا انها قادرة يوما على  ايجاد الحلول التي تسببت هي في تفاقمها وتنكرها لما يعانيه شعب العراق.

قادم الايام سيكشف عن  تعفن سريع للوضع والذهاب الى ما لا يحمد عقباه وبسرع غير متوقعة ان لم يتدارك الشعب العراقي بنفسه مواجهة هذا الواقع المرير.
 وما التهديد بعودة الحرب الاهلية ، وحرق ما تبقى من العراق، ان لم يفز فلان، او يسقط فلتان، الا هي آخر الاوراق الخبيثة التي تلعبها ايران واتباعها وهي تمارسها على الارض العراقية بقوة واستفزاز مليشياتها ، التي سينتهي الامر بسقوطها وهروبها لامحالة، وسيتم طرد ادوات الدولة الصفوية الجديدة بقوة وسواعد ابناء العراق .
 ان الشروع بمسار  وطني وحيد يخطه احرار العراق ونخبته الوطنية الواعية،  هو  اختيار طريق التحرير والخلاص الوطني والوحدة الوطنية الذي يتطلب تعبئة واصرار وارادة وتحالف وطني شامل حتى تحقيق النصر.

 وان غدا لناظره قريب.