الثلاثاء، 28 مارس 2023

هل حقق البعث اهداف الوحدة والحرية والاشتراكية؟ / بقلم الأستاذ الدكتور سلمان حمادي الجبوري.

هل حقق البعث اهداف الوحدة والحرية والاشتراكية؟



الأستاذ الدكتور سلمان حمادي الجبوري.

في حوار للمدعو حميد عبدالله مع القيادي الطلابي الأستاذ محمد دبدب في برنامج شهادات خاصة وكعادته في التشكيك ومحاولة الإساءة الى البعث ونظامه الوطني ورموزه قال حميد عبدالله :

 ان اهداف البعث جميلة وراقية لكن الحزب لم يستطيع تحقيق أي منها وانها محض خيال واحلام . 

استفزني حقا هذا الطرح وانه ان دل على شيء انما يدل على جهل بتلك الأهداف ان لم يكن بقصد الإساءة الى الحزب وانه ينبع من نوايا خبيثة هدفها التشكيك في مصداقية الحزب. 

ان أصحاب ذلك الطرح انما يجهلون معنى ومفهوم تلك الأهداف وديناميكية تحققها . حيث ان اهداف البعث الوحدة والحرية والاشتراكية ليست مخرجات لأدوات ميكانيكية يتم الضغط على زر التشغيل فتنتج وحدة و حرية واشتراكية  انما هي اهداف فكرية نضالية مرتبط تحققها بالظروف المحيطة بعمل الحزب واولها امتلاك أداة السلطة ، وهي قابلة للتحقيق على ارض الواقع اذا  لم نقل ان بعضها قد بدأ تحقيقه منذ التأسيس والبعض الاخر تحقق جزء كبير منه منذ انطلاق ثورة السابع عشر/ الثلاثين من تموز المجيدة عام 1968. فعلى مستوى الوحدة فأن الحزب قد ولد قوميا متمثلا بقيادته القومية وهي اللبنة الأولى في وحدة العرب والتي عمل من خلالها على تعميق مفهوم الوحدة وضرورة تحقيقها تباعا على المستوى السياسي وما يتبعه من توحيد على مختلف الصعد، وتشكل الوحدة في فكر البعث مفتاح ومحور النضال العربي لان عدم توحد العرب يسهل على الأعداء التمكن منهم والانفراد بكل جزء.

 اما ما يتعلق بهدف الحرية فقد بدأ تطبيقه على المستوى التنظيمي أولا ، وبإلقاء نظرة على النظام الداخلي للحزب نلمس جذور الحرية من خلال المبادئ والحقوق التي يتمتع بها العضو اما على مستوى التحقق على المستوى العام فأن تحققه يلمس عند استلام الحزب للسلطة في أي بلد عربي فعلى سبيل المثال وطيلة الخمسة وثلاثون عاما من عمر قيادة الحزب للمسيرة في العراق ان الشعب قد تمتع بحريات مصانة عديدة بدءاً من حرية الرأي مرورا بحرية التعلم والعمل والحركة ضمن المساحة التي يحكمها الحزب كما لم يغفل الحزب السعي لتحقيقها على المستوى القومي حيث بدأ بها على مستوى العراق حيث سمح بحرية العمل والتعلم والتنقل والإقامة لجميع المواطنين العرب ومعاملتهم كعراقيين. كما دعا الحزب بقية الأنظمة العربية الى اتاحة مساحة من الحرية لجميع المواطنين العرب على مدى مساحة الوطن العربي بغية تجاوز الحدود المصطنعة التي تفصل العرب عن بعضهم وتجذر تباعدهم عن بعض وتعمق القطرية بينهم. كل ذلك كان بهدف الوصول الى حرية العرب وتحررهم من التبعية لاي معسكر خارجي يفرض عليهم الانصياع الى شروطه والانصياع لأوامره وبالتالي فقدان دوره في إدارة شؤنه بمعزل عن التأثيرات الخارجية السلبية.  

 اما على مستوى هدف الاشتراكية فأنها في مفهوم البعث تعتبر نظام حياتي كامل لا يقتصر على التطبيق الاقتصادي فحسب، وإنما يمتد إلى كل لون من ألون الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، "ومع ذلك فأن التطبيق الاقتصادي هو أساس هذا النظام ومنطلقه ، ولا يمكن أن يكون ثمة اشتراكية بلا تطبيق اشتراكي، فالاشتراكية لها بداية، ولكن ليس لها نهاية معروفة، فلن يأتي يوم يمكننا القول فيه أن النظام الاشتراكي قد اكتمل نموه، لأن اكتمال النمو يعني توقف الحياة، والاشتراكية ستظل تنمو وترسخ وتمتد جذورها وفروعها إلى كل نواحي الحياة، وستتطور وتتغير ولا يمكن أن نبقى أمد الدهر على لون واحد فكما ورد نصاً في دستور الحزب وتحديداً في المادة الرابعة من المبادىء العامة (حزب البعث اشتراكي يؤمن بأن الاشتراكية ضرورة منبعثة من صميم القومية العربية لأنها النظام الأمثل الذي يسمح للشعب العربي بتحقيق إمكانياته وتفتح عبقريته على أكمل وجه فيضمن للأمة نمواً مطرداً في إنتاجها المعنوي والمادي وتآخياً وثيقاً بين أفرادها فأن إساءة فهم الكثيرين لهذا الهدف جعلهم يجحدون فيما انجز على هذا المستوى. فمن الأخطاء الشائعة بين الناس هو ان الاشتراكية تعني الاخذ من الغني واعطاءه الى الفقير بما يشبه السلب الموجه من قبل السلطة وهذا غير صحيح وهذا الذي دعا الكثيرين الى النظر الى هذا الهدف بمنظور التشكيك في مصداقيته نظرا لأنه لم يتحقق وفق فهمهم الخاطئ له في حين ان الاشتراكية لا تعني قطعا ذلك بل هي العدالة التي تتحقق من خلالها الفرص المتكافئة للشعب في حياة كريمة وسعيدة دون استغلال وبالتالي سيتم التوزيع العادل للثروة بين المواطنين. وقد حقق الحزب خلال مسيرته منذ عام 1968 خطوات كثيرة في هذا المضمار وفي جميع القطاعات بدءا من المساوات في حرية التعلم المجاني وزيادة وعي الناس من خلال محو الامية والاعلام الموجه واطلاق حرية العمل والتملك والإنتاج ودعم النشاطات الاقتصادية الخاصة وتوفير مستلزمات الإنتاج بأسعار مدعومة وبدفوعات ميسرة وكذلك تيسير الحصول على السكن اللائق وتوفير الخدمات المجانية وما الشعار الذي اطلقه الرفيق صدام حسين رحمه الله من لا ينتج لا يأكل الا دليلا ساطعا على تحقق الاشتراكية

الأربعاء، 15 مارس 2023

الانتهازية سلوك ومعالجة/ بقلم جابر خضر الغزي

بسم الله الرحمن الرحيم


الانتهازية سلوك ومعالجة

 المقدمة : ترافقت المتغيرات السياسية والحزبية وعلى مر التاريخ السياسي للحركات الثورية والمجتمع بشكل عام , فالعناصر الانتهازية التي تتماها مع المركز بالاخلاص والولاء والتفاني والخضوع والطاعة واطلاق الصفات في المهابة والتعظيم لمن هو في المركز الاول ولكنها تضمر في داخلها عكس ما تظهره مخطط الغش والخديعة والتضليل للوصول لاهداف وغايات اكيدة غير نبيلة وقد تصل للتآمر والردة لا بل الخيانة من خلال اقتناص الفرص واستغلال الظرف والمرحلة والمسؤولية , هذه العناصر ذات الالوان الشاملة الحرباوية تجيد خلط الالوان والقفز والتسلق العالي والعريض وتستطيع ان تتكيف بما يناسب سيرها بسلام داخل الحزب او المؤسسة او المجتمع او الجمعيات او النوادي وفي اي مكان , بعد ان تتاكد من ثغرات وتنفذ من خلالها كاسلوب وفي طبيعة عملها الفني المرن وهي ينطبق عليه قوله سبحانه وتعالى ( يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله اعلم بما يكتمون ) 167 ال عمران  وقد خصص جل جلاله لهم سورة كاملة هي سورة المنافقون .

ومنذ زمن بعيد تنبهت العرب الى النمط الانتهازي وقالت في عبارة بليغة مازالت تدوي في مسامع الدنيا ان فلانا يعرف من اين تاكل الكتف !!.

1- مفهوم الانتهازية كظاهرة في المجتمع.

 فهي كما جاء بتعريف الباحث علي عنبر حيث عرفها ببساطة : ( اتخاذ الانسان مواقف سياسية او فكرية لايؤمن بها في سبيل تحقيق مصالح فردية او حماية مصالح شخصية ان يتخذ الشخص مواقفه السياسية واراءه الفكرية حسب تغيير الظروف املا في الحصول على مصلحته الخاصة او المحافظة عليها دون ان يكون مؤمنا بالمواقف والافكار التي اتخذها , والانتهازية تعني التضحية بالاهداف الاستراتيجية من اجل تحقيق اهدافا مرحلية . كما ان الانتهازية ليست صناعة سهلة او قريبة المنال او متاحة لكل من هب ودب وإنما هي مهنة معقدة تحتاج لعبة مركبة تحتاج الكثير من فنون التموية والخداع والتضليل والتزوير حتى تنطلي على اذكى الناس واكثرهم شطارة وحذرا كما عبر عنها الاستاذ فهد الريماوي ).

2- السياسة الانتهازية : 

هنالك مثقف ثوري عقلاني منضبط مبدئي يسعى لتحقيق اهداف حزبه بطاعة واعية يقابله مثقف انتهازي له ظاهر وباطن وألوان عديدة يسعى لتحقيق اهداف ذاتية نفعية بغطاء اظهار طاعته وخنوعه للمركز السياسي , ان هذا النموذج وظف معارفه العلمية ليستخدم مبادئ بتعميق الصفة الانتهازية لديه , اما ابائنا واجدادنا البسطاء يصعب عليهم التعمق في هذه اللعبة لمحدودية مداركهم وعفويتهم وبرائتهم وبساطة فطرتهم وضعف قدراتهم على المناورة والتمثيل , ومعظم اقطارنا العربية شجعت النخب على اعتناق الانتهازية ونبذ المبادئ والبعض تاريخه يشهد عليه تقلب بالارتباط باكثر من منهج تارة لهذه الجهة او ممثل لتلك الجهة الاخرى ، وهلم جر والعياذ بالله سبحانه وتعالى , فاليوم تنتشر الانتهازية بالاحزاب السياسية الدينية لديها اكثر من موقف سياسي عندما تشتد الحاجة لضعف قدراتها لمواجهة التحديات وتعاظم مصلحتها الذاتية واستفحلت انانيتها وغابت مسؤولية الضمير وضمير المسئولية .

3- الموقف من الانتهازية :

 ان هذا الاتجاه الموصوف بالانتهازية اتجاه سيء فلابد لمكافحة من داخل الحزب او الحركة او الجمعية ومهمة المخلصين الثابتين على المبادئ والاخلاق الثورية  المرتكزة والمتفاعلة مع التربية المؤثرة الايجابية في المجتمع , وحزبنا حزب البعث العربي الاشتراكي حزب نظيف فبولادته وافكاره ونضاله التي لم تكن مستوردة من الخارج بل هي نابعة من تاريخ الامة وتراثها , فهو حزب رافض الانتهازية بكافة انواعها واشكالها وحيلها السينمائية في اطاريحها الداخلية في اطار سياسته , وفي اطار علاقته الجماهيرية لانها الضمانه الاكيدة للاستمرار ومشخصا وناقدا وطاردا لهؤولاء الدخلاء على الحزب . 

فالمناضل البعثي الاصيل منذ انتمائه يعي خطوات الانتهازية والوصولية وللاثورية وللامبدئية لذلك فهو مسئول عن سلامة حزبه في الوقاية والتحصن من مرض خطير يتمثل بالانتهازية , ان الذيليين يتسللون من بين الصخور ويتقدمون ويتحدثون بالوطنية والقومية والاخلاص والثورية وهو في حقيقته الهدامة باطني فاسد متاجر مستخدما وجاهته ملتويا في علاقته , وشيء طبيعي في هذا الزمن الرديء تتعرض الحركة الثورية للردة والخيانية واليوم انكشفت هذه العناصر لانها صاحبة نفس قصيرة لا تستطيع تتحمل اعباء النضال وهؤولاء النفعيون الانتهازيون لايعرفون الا انفسهم المريضة خالقين من اساليبهم القذرة وافكارهم معوقات امام مسيرة الحزب في البناء والتحرير.

4 - المعالجات :

 الانتهازية مرض له علاج ثوري واقعي عقلاني عملي من خلال تجسيد نظرية الحزب التنظيمية في الحياة الداخلية ونظامه الداخلي وتقاليده واعرافه النضالية عبر مؤتمراته القومية والقطرية والمحافظة على المناضلين الشرفاء الذين تمسكوا بالشرعية بعد الهزة الكبرى في احتلال العراق وغزوه ولا نساوي بين الشجعان والجبناء , فالمناضلون البعثيون الحقيقيون الذين جسدوا قيم المباديء والمعاني العالية لوضوح مواقفهم المبدئية لا من كان قدمه بالجنة والاخرى بالنار فلابد ان ننظف صفوفنا من الانتهازيين والنفعيين اصحاب النفاق والدجل المزورين للنضال والتاريخ والملفقين على الاخرين زورا وبهتانا وعلينا أن نجسد مقولة الشهيد المجدد صدام حسين رحمة الله عليه ورضوانه 

( من يرضى الكل يخسر الكل ) .

وعلى ضوء ذلك على كل المناضلين المثقفين المبدأيين المخلصين لامتهم لمواجهة الانتهازيين وتسليط الاضواء على نفوسهم المظلمة بالسلوك الثوري والعمل المنتج من اجل ان نوسع مزرعتنا الخضراء بالدماء الجديدة .

 ان غدا لناظره قريب

 جابر خضر الغزي