الأحد، 28 أبريل 2024

يوم العمال العالمي كفاح لِأجل الحق ./ بقلم أ.د ابو لهيب

 يوم العمال العالمي كفاح لِأجل الحق .


أ.د. أبولهيب                                      

يمثل اليوم الاول مِن آيار مناسبة للاحتفال بالطبقة العاملة ، ويعرف باليوم العالمي للعمال أو عيد العمال العالمي ، الذي يعود تاريخه إلى أكثر مِن قرن ونصف .

يمكن تتبع جذور هذا الحدث في النصف الثاني مِن القرن التاسع عشر ، عندما كانت هناك ثورات عمالية واحتشاد لمنظمات العمال الصناعيين في العديد مِن دول الغرب والولايات المتحدة الامريكية .               

وكان الهدف هو الطلب بتقليل ساعات العمل مِن ١٢ أو ١٥ ساعة يومياً إلى ثماني ساعات . وقد كان للبيان الذي كتبه كارل ماركس وانجلز في عام ١٨٤٨م تأثيراً كبيراً على العمال في مختلف البلدان الذين شعروا بحرارة أجواء التصنيع القاسية .  

هناك العديد مِن الاسباب التي تظافرت لتجعل العمال يطالبون بحقوقهم في تلك الآونة منها اندلاع ثورات واسعة ضد الاقطاع الاوروبي عرفت بثورات ١٨٤٨م التي نتج عنها ميلاد رابطة العمال الدولية الاولى . وسبب الغضب على الاقطاعيين ارتبط بفشل جني المحاصيل الزراعية ، وكانت تلك الرابطة عبارة عن جمعية جامعة لجميع المنظمات الاشتراكية المطالبة بحقوق العمال وانطلقت مِن التجمع العمالي في لندن .

وفي عام ١٨٧٦م تم حل رابطة العمال الدولية الاولى بسبب خلافات أيدولوجية لتظهر رابطة العمال الدولية الثانية ، وفي عام ١٨٨٩م بأعتبارها جماعة موحدة مِن الاحزاب الاشتراكية والعمالية ، هذه الجماعة هي التي أعلنت الاول مِن آيار يوماً عالمياً للعمال .  

غير أنه مِن ناحية تاريخية واقعية فإنَّ اختيار يوم الاول مِن آيار جاء مرتبطاً بقضية هايماركت أو مذبحة هايماركت التي وقعت في شيكاغو ، حيث خرج عدد مِن العمال في مظاهرة لمدة يوم واحد وثماني ساعات متواصلة ، الامر الذي لَمْ يَرق السلطات واصحاب المعامل خصوصاً وأن الدعوة للاحزاب حققت نجاحاً جيداً وشلت الحركة الاقتصادية في المدينة ، ففتحت الشرطة النار على المتظاهرين وقتلت عدداً منهم ، ثم ألقى مجهول قنبلة في وسط التجمع للشرطة ادى إلى مقتل ١١ شخصاً بينهم ٧ مِن رجال الشرطة ، واعتقل على أثر ذلك العديد مِن قادة العمال وحكم على ٤ منهم بالاعدام ، وعلى الآخرين بالسجن لفترات متفاوتة . وعند تنفيذ حكم الاعدام بالعمال الاربعة كانت زوجة أحد العمال المحكوم عليهم بالاعدام قرأت خطاباً كتبه زوجها لابنه الصغير ( ولدي الصغير عندما تكبر وتصبح شاباً وتحقق أمنية عمري ستعرف لماذا أموت ليس عندي ما أقوله لك أكثر مِن إنني بريء ، واموت مِن أجل قضية شريفة ولهذا لا أخاف الموت وعنما تكبر ستفتخر بأبيك وتحكي قصته لاصدقائك ) وبعد ذلك قد ظهرت حقيقة الجهة التي رمت القنبلة عندما اعترفت أحد عناصر الشرطة بِأن مَنْ رمى القنبلة كان أحد عناصر الشرطة انفسهم .   

وعلى اثر ذلك وخوفاً مِن المزيد مِن الصراعات تم تشريع عيد العمال وجعله عطلة وطنية مِن خلال تمريره إلى الكونكرس والموافقة عليه بالاجماع ، فقط بعد ستة أيام مِن انتهاء الاحزاب ومع انتشار الفكرة مِن جميع أنحاء العالم ، تم اختيار الاول مِن آيار ليصبح ذكرى للاحتفال بحلول الدولية الثانية للاشخاص المشتركين في قضية هايماركت عام ١٨٨٦م .                                

وهکذا کانت قصە عید العمال العالمی ،

 ألف رحمە على أرواح الذين ضحوا لِأجل القضية ، واستطاعوا أن يحققوا هدفهم .

السبت، 27 أبريل 2024

السيدة رغد صدام حسين تنشر جزء من مذكرات الرئيس الشهيد صدام حسين رحمه الله

 السيدة رغد صدام حسين تنشر جزء من مذكرات الرئيس الشهيد صدام حسين رحمه الله

كما جاء في موقعها على التويتر أو ×

https://twitter.com/RghadSaddam/status/1784246409622962181?t=FHYkagAeq5q98wV1W63vFg&s=19













































الجمعة، 26 أبريل 2024

فى ذكرى ميلاد رمز الامة العربية وشهيد الاضحى الرفيق صدام حسين رحمه الله / بقلم أ . د . أبو لهيب

 فى ذكرى ميلاد رمز الامة العربية وشهيد الاضحى الرفيق صدام حسين رحمه الله


أ . د . أبو لهيب         

أَبدأ مقالتي بِمَقْوَلَة للرفيق ألمؤسس أحمد ميشيل عفلق ( رحمه الله ) يقول : ( صدام حسين هدية البعث للعراق ، وهدية العراق للامةالعربية ) .                                                

يصادف ٢٨ / نيسان / ٢٠٢٤ ، ذكرى عزيزة على قلوب العراقيين والعرب الشرفاء ، أَلا وهي ميلاد الفارس المُفَدَّى الرفيق الشهيد صدام حسين ( رحمه الله ) ، إِنَّ ميلاد الرفيق الشهيد مناسبة تاريخية نستلهم منها روح النصر ، و ذلك انها مفعمة بدلالة الرجولة والفروسية وليس بدعة على الشعب العراقي أن يحتفل بميلاد قائد الفذ ، فإِنَّ شعوب العالم المتطلعة للحرية والاستقلال والعيش بكرامة تحتفل أيضاً برموزها العظيمة وقادتها الافذاذ الذين رهنوا أنفسهم بحياة شعوبهم ومستقبلها .                        

لذلك الاحتفال بهذه المناسبة مُضَاهٍ الاحتفال بكل قيم الرجولة والبطولة والمعاني الانسانية السامية التي تجسدت بشخص الرفيق الشهيد صدام حسين ( رحمه الله ) ، فى الوقت العصيب والمرحلة الحرجة التي تمر بها الامة العربية التي تعيش أزمة خانقة على كل المستويات جعلتها تقف على أعتاب الذل والهوان فى الوقت الذي يقف فيه مجاهدي البعث فى ساحة العز والشرف والفداء فى العراق مع الشعب العملاق كي يقول أكبر ( لا ) فى تاريخ الانسانية بوجه أعتى قوة همجية فى العالم وهي القوة المحتلة للعراق . كذلك تمثيل قيادتهم المجاهدة فى تحقيق طموحات الشعب العربي فى الدفاع عن كل المقدسات العربية .            

إِنَّ الرفيق الشهيد صدام حسين ( رحمه الله ) إِختصر تأريخ الامة العربية ورجالها العظام فى شخصه ومثل الامة كلها ايضاً فى شخصه وأحيا أمل الامة حتى فى شهادته . لذلك على الامة العربية والعراق أن تفتخر ببطل فَّـذْ مِنْ أبناءها هو ألشهيد البطل صدام حسين ( رحمه الله ) ، لقد نشأ الرفيق الشهيد مواطناً عادياً كملايين أبناء الامة العربية ، يتيماً فقيراً فلاحاً فى قرية منسية فى أرض عراقية عربية يتحكم بها الاجانب ويخيم على اهلها الجهل والفقر والمرض وأخطر مِنْ ذلك كله يخيم عليها الياس مِنْ أنْ تعيد تاريخها المجيد ، إِنَّ الرفيق الشهيد صدام حسين ( رحمه الله )  ذلك المواطن الفتي العادي جداً في ظروف نشأته الغيرعادية ، بْدا في طاقاته وآماله حمل احلام أمته وحققها على ارض الواقع وهي وطناً حراً عزيزاً مستقلاً بقراره السياسي ، مفعماً بالعنفوان ممثلاً لصفحة مشرقة حية مِنْ تاريخ الامة المجيدة .                             

إِنَّ الرفيق الشهيد صدام حسين ( رحمه الله ) هو القائد العسكري والسياسي ، كان يتصف بالشجاعة لَمَا لديه مِنْ حِسْ ثوري و وطني ، وكان يحلم أن يكون للعرب قوة عسكرية وعالمية وأَن يحرر فلسطين .                                                       


وكان الرفيق الشهيد صدام حسين ( رحمه الله ) إِخْتَصَرَ كل تاريخ الامة الخالدة في عهده وكل رجالها العظام . ففي شخصية الرفيق الشهيد كنا نرى شخصية أبو جعفر المنصور الذي بنى بغداد ، فكانت عاصمة الخلافة بعد أن كانت قرية على دجلة لاتكاد تذكر ، وإنَّ الرفيق الشهيد بنى بغداد التي غابت عَنْ دورها التاريخي فى رسالة الامة بعد أن سقطت على يد المغول واحفاد كسرى ورستم .                                                                           

وفي عهده كنا نرى فى شخصيته ، شخصية خالد إِبن وليد وسعد بن ابي وقاص ، الذان جاهدا ضد الروم والف،،،،رس المج،،،،وس ، وأعاد الرفيق الشهيد صدام حسين ( رحمه الله ) جهادهم فى قادسية صدام المجيدة بحيث جعل الف،،،،،ارسي خميني ومن معه  يركعون أمامه ويتجرعون السم ، ويموتون في غيظهم .                               

كما نرى في شخصية الرفيق الشهيد شخصية الخليفة عمر بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز  ، يتفقدان الرعية في أقصى مكان إنه لَمْ يبقى مكاناً في العراق بدون إستثناء لَمْ يزوره حتى يتطلع على أحوال العراقيين .             

ونرى فى شخصية الرفيق الشهيد شخصية البطل العربي الاسلامي صلاح الدين الايوبي الذي قام بتصفية الجبهة الداخلية مِنْ أحفاد ك،،،،،سرى المج،،،،،،وس ، ويقود المعارك مع رجاله ويقاتل بِأخلاق الفرسان لِأنَّ الغاية عنده لاتبرر الوسيلة ، ولكن المبدأ يبررالمعركة .   

 وبذلك أعاد الرفيق الشهيد تأريخ الامة ورجالها العظام ، ليس فى حياته فحسب وإِنَّمَا في أسره وإِستشهادِهِ . وإِنَّ الرفيق الشهيد صدام حسين ( رحمه الله ) لَمْ يحيى آمال أُلامة العربية في حياته فحسب وإِنما قدم وجوداً ملموساً لِأنَّ هذه الامة لازالت تنجب الابطال ولَمْ تَعْقَمْ رحمها يوماً أن تنجب ابطالاً في حياتهم ومماتهم ، كما أنه شارك شعبه النشأة يتيماً فقيراً محروماً . وشاركهم صنع احلامهم وشاركهم معاركهم المقاومة وشاركهم المعتقل وشاركهم الشهادة على ايدي فرق الموت الص،،،،فوية المج،،،،،،،وسية وأذنابِهِمْ .                         

وهنا نذكر مقولة الرفيق المؤسس رحمه الله عندما قال : ( صدام هدية البعث للعراق ، وهدية العراق للامة العربية ) فنعم الهدية ، كما نتذكر قوله أيضاً عندما قال : ( لقد كان محمداً كل العرب ، فليكن اليوم كل العرب محمداً ) . وإن الرفيق الشهيد نشأ على هذا واستشهد على هذا ، وان الرفيق الشهيد منحنا تاريخاً حياً مملوء بالمفاخر والانتصارات ، كما قدم لنا هذا التاريخ حياً معاصِراً .                                                                                     

لذلك فان الرفيق الشهيد صدام حسين ( رحمه الله ) سيبقى حاضراً ومنتصراً على أعداء الامة لانه يعبر عن تاريخها الحي الذي أثبت أنَّ رَحْمْ الامة لازال يلد الابطال ، وإن كل فرد مِنْ الامة العربية هو بطل مِنْ ابطالها ومشروع قائد يعيد لها أمجادِها . فعلينا أن نستلهم دروس وعبر مِنْ نضال الرفيق الشهيد وان لا نضيع هذا النصر الذي منحنا الرفيق الشهيد وان لاننزلق إلى حيث يريد العدو ، لقد ضحى الرفيق الشهيد بحياته ليعلمنا آخر الدروس وأعظم الدروس وعلينا أن لاندع تضحيته تذهب إلى حيث يريد العدو ، لقد علمنا الرفيق الشهيد أن نحيا رجالاً وعلمنا أن نواجه الموت رجالاً ، وبهذا يتوضح لنا بِأن الرفيق الشهيد ليس ظاهرة مقطوعة عَنْ سياقِها وليس نبتاً غَريباً في بيئة مغايرة ، بل إِنه مِنْ تراب هذا الوطن العربي ألمناضل وزرعه ، وهو تعبير عن بطولة جماعية للشعب والامة العربية جمعاء ، والابن البار والمعبرعن نضال حزب البعث العربي الاشتراكي منذ تاسيسه وتصديه وتحديه للقوى المعادية للامة .                                       

لقد تعلمنا مِنْ الرفيق الشهيد الذي تربى فى مدرسة حزب البعث العربي الاشتراكي ، إِنَّ البعثي الحقيقي هو الذي إستوطن ذاته وضميره مبادئ البعث ورسالته وعقيدته الوحدوية الاشتراكية حتى يصل إلى مرتبة وصف خاص جداً وهو ( الانسان الرسالي ) ، لان الانسان البعثي الرسالي يتجرد مِنْ ذاته وينصهر في ذات الامة ، ويترك مصالحه الشخصية ، ويتوحد مع أهداف الامة ، وحين تصل هذه المنزلة الرفيعة تتحقق للبعثي المؤمن بِالله ورسالات السماء ، وخاتمتها المباركة الاسلام الحنيف ، أرفع مراتب الانسانية ويحقق أهدافها الحياتية كلها ليس فى أُطرِها الروحية الاعتبارية فحسب ، بل أيضاً في ضفافها المادية التي تقتضيها الحياة الكريمة بعيداً عَنْ الاسفاف والجشع .        


إِذْ نريد أنْ نكتب عَنْ هذا الرجل العظيم الذي يتمثل بالعراق كله لانوفي بِكتابة أوراق عديدة ، وحتى ألف ورقة لانه رمز وشموخ لامة بِأكملها .                                          

لِذَلك أقول في هذا العام ذكرى الميلاد لشهيد الامة العربية تحمل صفات وسجايا صاحبها مِنْ الرجولة والكبرياء والمبادئ والثبات والشجاعة والتحدي والطهر والايمان والجهاد والتضحية بِالنفس ، هذه الذكرى هي ذكرى تَحْـدُ الركب البعثي والجهادي المؤمِنْ بِأستمرار المقاومة حتى تحرير العراق ، مهما غلت التضحيات وطالت المنازلة ، هي ذكرى تأكيد الوحدة الوطنية والانتماء العربي الاصيل للعراق ، كما ألتزم بهما وصانهما وضحى لِأجلِهِما الرفيق المجاهد الشهيد صدام حسين ( رحمه الله ) ورفاقه ومناضلو البعث وشرفاء العراق ، ونجعل مِنْ ذكرى ميلاد الرفيق الشهيد صدام حسين ( رحمه الله ) مُحَفِزٌ جديد لتصعيد النضال والجهاد مِنْ أجل تحرير العراق وتطهيره مِنْ رجس الخونة والمجرمين وأذناب المج،،،،،،وس مِنْ الذين باعوا شرفهم وكرامتهم للاجنبي مقابل حفنة مِنْ المال .                  

رَحِمَ الله ألرفيق ألشهيد صدام حسين ، إبن الامة و وريث تاريخها وأبطالها

ورحم الله شهداء العراق والعروبة والاسلام ، الذين ضحوا بكل غالٍ ونفيس لاجل أن تحيا الامة العربية حرة أبية ...

المجد والخلود للرفيق الشهيد صدام حسين رحمه الله 

المجد والخلود للامة العربية

السبت، 20 أبريل 2024

أي بُعدٍ سياسي للردِّ الإيراني؟ حسن بيان

 

أي بُعدٍ سياسي للردِّ الإيراني؟

حسن بيان

 

كثُرت القراءات السياسية للعملية العسكرية التي نفذها النظام الإيراني ليل الرابع عشر من نيسان، والتي أدرجها تحت عنوان الرد على العملية الإسرائيلية التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق وأودت بحياة عدد من المسؤولين العسكريين والأمنيين الذين يديرون ويشرفون على المليشيات التي ترتبط بمركز التحكم والتوجيه الإيراني وتقوم بالمهام التي تخدم أجندة الأهداف الإيرانية بالدرجة الأولى.

 

وكما كثُرت القراءات السياسية لأبعاد هذه العملية، فقد كثُرت التباينات حول تقييم نتائجها. ففيما العدو الصهيوني اعتبر ان دفاعاته وخاصة ما يسمّى بالقبة الحديدية استطاعت أن تبطل مفاعيل المسيّرات والصواريخ التي كانت وجهتها فلسطين المحتلة، فإن النظام الإيراني اعتبر ان العملية حققت كامل أهدافها. ولهذا صوّر الإعلام الصهيوني كما الإعلام الإيراني والمواقف السياسية لكلا الطرفين بأنهما خرجا رابحين من هذه العملية.

 

وبعيداً عن البروباغندا الإعلامية التي تعاملت مع هذه العملية من موقعي «التضخيم» و«التقزيم» للنتائج التي ترتبت على ذلك، فإن هذه العملية بمقدماتها وسياقاتها ونتائجها إنما بينّت انها لم تحدث تدميراً ملحوظاً وكبيراً

 

في البنى والمرافق العسكرية الصهيونية، ولم تؤدِّ الى إيقاع خسائر بشرية. وهذا يعود الى أن المسيّرات والصواريخ تم اعتراضها وتدميرها قبل أن تصل الى أهدافها.

لكن يبقى الأهم من كل ذلك هو البُعد السياسي لهذه العملية.

 

في ضوء النتائج المادية التي تمخضت، يمكن القول ان العملية إنما تندرج تحت عنوان المناورة العسكرية بالذخيرة الحيّة، حيث اختبر العدو الصهيوني من خلالها فعالية دفاعاته وخاصة ما يسمّى بالقبة الحديدية، كما اختبر النظام الإيراني مدى قدرة مسيّراته وصواريخه في الوصول الى فلسطين المحتلة. لكن وبغض النظر عما أحدثته من تلك العملية من نتائج على الأرض، فإن ما يجب التوقف عنده هو حقائق أساسية أميط اللثام عنها من جراء هذه العملية.

 

الحقيقة الأساسية الأولى، ان هذه العملية التي كان طرفاها المباشرين الكيان الصهيوني والنظام الإيراني، أدّى دخول أطراف أخرى على سياقاتها العملية وخاصة دول أساسية في حلف شمال الأطلسي، الى إعادة استحضار ثابتة من ثوابت الاستراتيجية الأميركية التي تبلورت بعد الحرب العالمية الثانية والقائمة على ثلاثة ثوابت: أمن النفط وأمن أوروبا وأمن «إسرائيل». وان الحماية الدولية «لإسرائيل» وخاصة الأميركية منها، لا تقتصر على جانبها السياسي وحسب وإنما هي مشمولة بحماية عسكرية. وهذا ما بدا واضحاً من مسارعة أميركا لإرسال سفنها الحربية من مدمرات وحاملات طائرات مع بداية الحرب على غزة ومن ثم المشاركة في اعتراض المسيّرات والصواريخ الإيرانية. وعلى ضوء هذه الحقيقة، فإن هذه العملية أفضت الى إعادة التعريف بالدور الوظيفي للكيان الصهيوني الذي كان وما زال وسيبقى تحت مظلة الحماية الدولية لمراكز التقرير في النظام الاستعماري الذي تسلس قيادته حالياً للموقع الأميركي.

 

 

 

الحقيقة الأساسية الثانية، ان هذه العملية كانت محكومة بضوابط قواعد الاحتواء الأميركي وبضبط إيقاعٍ يحفظ لقوى الإقليم غير العربية، أدواراً محددة السقوف في ترتيبات إعادة تشكيل نظام إقليمي تكون «إسرائيل» وإيران وتركيا وأثيوبيا من بوابة الأمن المائي من قواعده الارتكازية تحت مظلة الراعي الأميركي. وما يؤكد بان هذه العملية نفذت ضمن قواعد التفاهم الأميركي - الإيراني المسبق، انه تم إبلاغ ضابط الإيقاع الأميركي قبل حصولها وتحديد زمانها ومداها. وعلى قاعدة التفاهمات المشتركة الأميركية - الإيرانية كانت النتائج في حدود الاحتواء لعمليات الاشتباك السياسي والعسكري.

 

الحقيقة الأساسية الثالثة، ان الاشتباك الذي حصل ليل 13/14 نيسان، إنما حصل في الفضاء العربي، من حدود العراق شرقاً الى حدود فلسطين غربا، وهذا ما كان ليحصل لولا الانكشاف الحاصل في الواقع العربي بعد الزلزال الذي ضرب البنيان القومي انطلاقاً من فالق العراق بعد العدوان المتعدد الجنسيات عليه وإسقاط نظامه الوطني.

 

لكن ثمة تساؤل لا بد من التوقف عنده..

 

إذا كانت الخسائر المادية التي نتجت عن هذه العملية محدودة، ألم يكن بإمكان الأذرع الإيرانية أن تنفذ مثل هذه العملية، وهي موجودة على الأرض وفي حالة اشتباك مع العدو منذ اليوم التالي لعملية «طوفان الأقصى»، إن على جبهة لبنان - فلسطين، أو على «جبهة البحر الأحمر» وقد أصيب الكيان الصهيوني بخسائر بشرية ومادية تفوق كثيراً وبشكل لا يقاس بما أحدثته العملية الإيرانية المباشرة.

 

لقد أعطى النظام الإيراني تبريراً لذلك، انطلاقاً من كون القصف الصهيوني لمقر القنصلية في دمشق، إنما استهدف مكاناً يعتبر بحسب اتفاقية فيينا والمواثيق الدولية، مكاناً يتمتع بحصانة دبلوماسية وسيادية باعتباره يمثل

 

امتداداً لسيادة الدولة الإيرانية. ولذلك فان استهداف القنصلية كان بنظره استهدافاً لموقع سيادي إيراني كاستهداف الأرض الوطنية، وبالتالي كان الرد يجب أن يكون من الأرض الوطنية الإيرانية، وأضاف النظام الإيراني سبباً آخراً، هو انه لم ينصب صواريخه ويطلقها كما المسيّرات من أرض دول عربية محيطة بفلسطين أو قريبة منه، حتى لا يشكّل إحراجاً لهذه الدول، وما يمكن أن يترتب من نتائج إذا ما حصل رد فعل صهيوني.

 

ان هذه الحجة الإيرانية، مردودة عليه لسببين:

السبب الأول، ان النظام الإيراني ومنذ اندفع الى العمق العربي، لم يقم اعتباراً لمبدأ السيادة الوطنية في كل الدول العربية التي تغوّل بها. بل ان استباحته كانت على مستوى من الشمولية طالت الصعد السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية. فما الذي حدا به لأن يتذكر مبدأ السيادة الوطنية ويبدي حرصاً عليها في لحظة اشتباك إعلامي وسياسي وعسكري مع الكيان الصهيوني بعد نيّفٍ وستة أشهر من الحرب على غزة يا ترى؟

 

ثانياً، ان الأذرع التي ترتبط بمركز التوجيه والتحكم الإيراني مهمتها الأساسية تنفذ أجندة الأهداف الإيرانية على مستوى الساحات الوطنية وفق ما تقتضيه مصالح إيران ولو تعارضت وتناقضت مع المصالح الوطنية. فلماذا لم يطلب منها الرد على قصف القنصلية في دمشق؟ وهو الذي لم يكتم سراً بأنه يسيطر على أربع عواصم عربية!!

 

في الجواب على هذا التساؤل ورغم كل ادّعاء معاكس فان النظام الإيراني، لم يطلب الى التشكيلات الأمنية والعسكرية المرتبطة به القيام بالرد على

عملية القنصلية، وبادر الى تنفيذ ذلك مباشرة، لانه يدرك جيداً ان حضوره من خلال أذرعه، وان كان يحفظ له موقعاً على طاولة ترتيبات الحلول للأزمات البنيوية التي تعصف بأكثر من ساحة عربية، وخاصة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، إلّا ان هذا لا يمكنه من الجلوس على طاولة الترتيبات

 

 

على مستوى الكل الإقليمي مع بداية التداول بحلول للقضية الفلسطينية ومنها الترويج لحل على أساس «حل الدولتين» بحيث باتت موضوعاً على نار حامية. وبطبيعة الحال فإن من يريد أن يحفظ له موقعاً على طاولة إنتاج هذا النظام الإقليمي لا بد أن يكون على تماس مباشر مع نقاط ارتكازه الأساسية ومنها «إسرائيل» كما على علاقة تفاهم مع مهندسه الأساسي وهو أميركا.

 

ولما كان الحضور على مستوى إنتاج النظام الإقليمي الأشمل، يفرض على أطرافه الأساسية الحضور المباشر للأصيل، وهو ما لا يمكن تحقيقه بواسطة الوكيل الذي يبقى دوره محصوراً في إطار «الخاص الذي يتموضع في نطاقه»، عمد النظام الإيراني الى توجيه رسالة للمعنيين وخاصة الراعي الأميركي، للاثبات بأنه موجود على خطوط التماس المباشرة مع القضية التي تشكّل جوهر الصراع في المنطقة ولن يقبل بأن يكون دوره مهمّشاً وهو الذي عمل على الاستثمار بهذه القضية خدمة لأجندة مشروعه في تهديد الأمن القومي العربي من الداخل والمداخل.

 

من هنا فإن عملية الرد الإيراني وكذلك الرد الصهيوني على الرد، إنما تم ويتم ضمن قواعد التفاهم والسقوف المرسومة، وإن ما يحصل على جبهة الاشتباك العسكري والسياسي والإعلامي بين النظام الإيراني والكيان الصهيوني، لا يعدو كونه اشتباك محدود في استهدافاته وهو نفّذ ضمن قواعد الاحتواء الأميركي لأدوار قوى النظام الإقليمي الجديد لإثبات أن أطرافه الميدانيين ومنهم النظام الإيراني يستوفون شروط عضويته المطلوبة أميركياً.