أَلْرَبِيعْ
أَلْعَرَبِي بِدَايَةٌ لِإِكْمَالْ أَلْتَطْبِيع أَلْعرَبِي أَلْإِسْرَائِيلي
مرُورَاً
نحو تحقيق مشروع شَرْق الْأَوْسَطْ أَلْكُبِيرْ
وأَلْخَطْوَةَ
أَلْأخِيِرَةَ أَلْقَضَاءْ عَلَى أَلْثَوْرَةَ أَلْفَلَسْطِيِنِيَة
أَ. د . أَبو لهيب
أَبدأ مقالتي بمقولة ألرئيس التونسي ألمخلوع زين العابدين بن علي
أثناء لقائه بالسفير العراقي ( حامد الجبوري ) عام 1990م ، عندما قال : ( أَلعراق هو
ألجدار ألذي يحتمي به كُلَّ أَلعرب ، لَوْ أَنْهَارَ ذلك أَلجِدار ، فَعَلَيْنَا
أَلْوُقُوفْ في ألطابور لِنُقِيمَ علاقات التطبيع مَعَ إِسْرائِيل ) .
وكذلك مقولة أَلرئيس الفلسطيني أَبو مازن في 14/1/2014 ، عندما قال :
( أَلْربيع العربي أَضَرَّ كثيراً بِالقضية أَلْفَلَسطينية وحجبها عَنْ واجهة
الاحداث ألعربية الهامة ، وإِنَّ هذا الحراك ألذي شهدته عدة دول عربية ماكان
إِلَّا لِيَصْرُفَ نَظَرْ أَلعالم عن أَلصِراعْ أَلعربي أَلفلسطيني ضد ألاحتلال
الاسرائيلي ، الذي هو القضية الاساس للعرب كافة ) .
لذلك نقول إِنَّ موضوع الربيع العربي وتغير روؤساء بعض الدول العربية
، ليس شيئاً آنياً ، بَلْ أحد الخطوات للوصول إلى تحقيق مشروع شرق الاوسط الكبير ،
وعلى هذا الاساس نعود إِلى بعض مقتطفات لبعض الجنرالات الاسرائيلية عندما يقولون :
( إِنَّ الربيع العربي ليس ربيعاً عربياً مثلما يَرَوْنَ ألعرب ، بَلْ كان ربيعاً
إِسرائيلياً بِإِمْتِيَازْ لانه أَرَاحَ إِسرائيل مِنْ الخطر العربي ) .
أَلْآن نعود وندقق الاحداثيات ألتي جرت في فترة الربيع العربي وما بعده
، حتى نعرف الحقائق ، ولصالح مَنْ صار الربيع العربي وَأَي جهة كانت مسؤلة عن
تخطيت تلك العملية . لذلك نبداء بِأحتلال العراق مِنْ قِبَلْ أَمريكا وحلفائها
وبعض الدول العربية الموالية لِأَمْريكا وإِسرائيل ، لان العراق كان ذلك الجدار
الذي يحتمي به كل العرب ، وعند إِنهياره رَأَينا بِأن روؤساء الدول العربية واقفين
في طابور ليقيمون علاقات التطبيع مع إسرائيل ، وذلك لكي يبقون على عروشهم دون أن
يبالوا لشعوبهم .
وعند سقوط العراق وحل جيشها الباسل مِنْ قِبَلْ أَمريكا وبتوجيه مِنْ
اللوبي الصهيوني وقتل القادة العراقية والمخلصين للقضية الفلسطينية ، والعربية ، و
وضع حزب البعث العربي الاشتراكي في قائمة الاحزاب المحظورة وخلق مشكلة داعش
والقاعدة في سوريا وإِشعال نار الفتنة بين أبناء الشعب السوري وجعل الشعب السوري
يتفتت ويهاجرون إلى بلدان الجوار والبلدان الاوروبية ، كما قاموا بتهجير ما يقارب
600,000 ألف عائلة فلسطينية إِلى أمريكا ، وذلك لتخفيف الضغط على اسرائيل والحفاظ
على أَمنه ، كما أَنَّ أَمريكا وإِسرائيل بطريقة غير مباشرة دعموا حزب الله
اللبناني ضد لبنان والاردن وسورية ، كما أَن يقصفون بين حين وأُخرى المخيمات
الفلسطينية ومقرات الاحزاب السياسية .
إِذَنْ نقول بِدْأً مِنْ ثورات الفوضى الخلاقة ألتي أُعْتُبِرَ سِلالٌ فارغة مروراً بِأشِقائِهِ ألربيع العربي ، يتمخض عن خريف إِسلامي بغيوم صهيونية وأوهام الربيع العربي الوعيُّ القطيعي وصولاً إِلى سوريا أَلتي غيرت وجه العالم نَبَهَتْ إِلى أَنَّ أَلْهَدف مِنْ مؤامرة الربيع العربي هو تصفية القضية الفلسطينية ، وذلك بِإِقامة مايسمى ( الشرق الاوسط الكبير ) الذي يراد مِنْهُ السيطرة المطلقة على مصادر النفط والغاز وحماية أَمن الكيان الصهيوني وتأمين شروط إِقامة دولة إِسرائيل اليهودية ، وتصفية الصراع العربي الاسرائيلي ، لذلك فإِننا نَوضح جانباً مِنْ الهدف الاقتصادي الصهيو-أمريكي لهذا الربيع العربي الذي تؤكد محاولة ربط الاقتصاد العربي بكسب رِضَى إِسرائيل والدوائر الصهيونية العالمية .
هُنَا نتوقف قليلاً ونطلعُ على حكمة قادة منظمة تحرير الفلسطينية ،
حول مجريات مايحدث في الساحة العربية والعالمية ، وكانوا مستوعبين كُلُ مايجري يصب
في مجرى واحِدْ وهي القضية الفلسطينية ، وكيفية القضاء عليها وتفتيتها مِنْ خلال الربيع
العربي وإِحتلال بعض الدول العربية وإِضعاف بعض آخر ، حتى لا يبقى الشك في ذلك
بِأَنَّ لَنْ يظهر في الساحة العربية مَنْ يُدافِعُ على القضية الفلسطينية .
لذلك وجهوا قادة منظمة التحرير الفلسطيني على تَحَيُّيُدْ المخيمات
الفلسطينية والجاليات الفلسطينية عن حراكات وفوضى وَحُرُوبْ الربيع العربي
الداخلية والخارجية وعياً مِنْها بِأنه يُرَادُ للمشروع الوطني الفلسطيني أَنْ
يكون جزءاً مِنْ رَمَادْ هذه المحرقة الهائلة التي القيت إِليها شعوب ودول والجيوش
العربية في المنطقة .
وبهذه المعلومات الموجزة نكتفي بِالخطوة الاولى مِنْ خطة مشروع شرق
الاوسط الكبير ، بعد أَنْ أَفْهمَ العدو الصهيو-أمريكي كل رؤساء العرب بِأنهم
أَسياد هم وإِذا لَمْ يُنَفِذوا مايطلبوا منهم يكون مصيرهم مثل سابقاتهم ، وكلهم
أَوعدوا بِأَنْ يكونوا عِنْدَ حُسْنِ ظنِهِمْ في الظهور والخِفَاء ، وبِهذا حقق
أَعداء الامة العربية الخطوة الاولى مِنْ المشروع ، وبدأوا بِالخطوة الثانية وهي
موضوع تطبيع الدول العربية مع اسرائيل .
قضية تطبيع العلاقات بين الدول العربية والاحتلال الإسرائيلي تحولت
إلى أحد المواضيع الرئيسية المثارة في الدول العربية، حيث كانت معظم التكهنات تشير
إلى أن التطبيع بين إسرائيل مع البحرين أو المغرب سيعلن قريبًا إلا أنه جاء الكشف
عن تطبيع العلاقات السرية بين الامارات وإسرائيل قبل الدول العربية الأخرى مفاجئًا
لكثير مِنْ الدول العربية الاخرى.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوّة هو سبب اختيار إسرائيل لدولة الإمارات
العربية المتحدة كخطوة أولى في مسار تطبيع علاقاتها مع الأقطار العربية، وللإجابة
عن هذا السؤال ينبغي الإشارة إلى أسباب معلنة أو خفية دفعت الاحتلال الإسرائيلي
ومن ورائه واشنطن إلى الإسراع في تنفيذ خطوتها هذه في المرحلة الخطيرة الراهنة.
ـ السبب الأول: في أولوية الإمارات العربية المتحدة
بالنسبة لإسرائيل قبل الدول العربية الأخرى يرجع إلى موقع الإمارات المميّز
والإستراتيجي من الناحية الاقتصادية والأمنية وكذلك من الناحية الجغرافية السياسية
على المستوى الإقليمي، الأمر الذي تفقده باقي الأقطار
العربية الإقليمية، وانطلاقًا من هذا الموقع، فإن الإمارات تحولت إلى
وجهة اقتصادية وسياحية على الصعيد الإقليمي والدولي، خاصة بين شرق أفريقيا والشرق
الأوسط وجنوب آسيا، وعلى هذا، فإن إسرائيل عملت بشكل دؤوب على استغلال هذا الموقع
الإماراتي المهم لتحسين أوضاعها الاقتصادية والتجارية .
ـ السبب الثاني: أنه أصبحت الإمارات في سلم أولويات
الكيان الإسرائيلي والحكومة الأمريكية، يعود إلى استراتيجية “المواجهة” بين إيران
والإمارات العربية المتحدة التي تبناها الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة، وهو
سبب في غاية الأهمية بالنسبة لواشنطن وتل أبيب، ذلك أنهما على دراية بأن قضية
التطبيع العلني ستجعل الإمارات في مواجهة مع إيران وبالتالي، فمن الممكن لهما
تحقيق هدفين في آن واحد، والهدف الأول يتمثل في حرمان إيران من موقع الإمارات
الجغرافي والسياسي والتجاري والاقتصادي خاصة في ظل ظروف الحظر الأمريكي الراهن ضد
إيران بهدف تجويع الشعب الإيراني وخنقه، ذلك أن الإمارات وخاصة مدينة دبي تشكل
منفذا مهما بالنسبة لإيران لالتفاف على إجراءات الحظر الأمريكي وانطلاقًا من هذا،
دخل الكيان الصهيوني على خط إغلاق هذا المنفذ بوجه إيران. والهدف الثاني هو أن
الكيان الصهيوني هو يدفع الإمارات نحو مزيد من المسايرة والتنسيق مع السياسات
السعودية المناهضة لإيران على المستوى الإقليمي والدولي، ذلك أن ابوظبي بما تتمتع
من طاقات وموارد مالية لا تتماشى في سياساتها المناهضة لإيران مع ما تنتهجه
السعودية من سياسات أكثر عدائية ضد طهران بل تحافظ على علاقاتها مع طهران. ويبدو
أن السلطات الإماراتية أدركت هذا الجانب من الأهداف الإسرائيلية بسبب تجنبها عن
الإدلاء بتصريحات استفزازية ردًا على انتقاد طهران مقاربتها هذه، ومن المتوقع أن
تتجنب في المستقبل أيضا عن الإدلاء بتصريحات لا تصب إلا في مصلحة إسرائيل وأمريكا
وكذلك من المتوقع أن ألا تقم بأعمال تلبي طموحات الكيان الإسرائيلي وتحقق أهدافه
وإلا فإنها ستكون الجانب المتضرر في هذه المعادلة البغيضة.
- السبب الثالث: في أن الإمارات كانت على صدر اهتمام الكيان
الصهيوني قبل باقي الأقطار العربية هو أنه هناك خلافات ومنافسات تسيطر على العلاقات
الثنائية بين السعودية والإمارات على الساحة الإقليمية خاصة في اليمن، وأرادت تل
أبيب بهذه المبادرة اللعب على وتر هذه الخلافات التي تطل برأسها من حين لآخر
في محاولة لاستفزاز السعودية لاتخاذ خطوة مماثلة ذلك أن قضية التطبيع ستؤدي إلى
توسيع العلاقات الاماراتية- الإسرائيلية أكثر فأكثر على حساب السعودية في المنطقة
وبالتالي وإن الأخيرة ستحاول القيام بإجراءات تقربها من تل أبيب والولايات
المتحدة، وفي نهاية المطاف، فإنها (السعودية) قد تبادر باتخاذ خطوة مماثلة لخطوة
الإمارات في الإعلان عن تطبيع علاقاتها مع الكيان المحتل متجاهلة تحفظاتها فيما
يتعلق بالتطبيع في إطار مبادرة السلام العربية وباقي شروطها. هذا وفي المقلب الآخر
يخطط الاحتلال الإسرائيلي لاستغلال المواجهة والمنافسة التي ستترتب عن هذه الخطة
المقيتة للقيام بفرض ضعوط على الدول العربية الأخرى بما في ذلك دولة قطر لإبرام
اتفاق السلام معها.
ـ السبب الرابع: في أن الإمارات كانت في مرمى
محاولات الكيان الصهيوني للتطبيع قبل الآخرين، هو أن الظروف التي تمر بها الامارات
مختلفة تمامًا عما تمر بها باقي الدول العربية وعلى سبيل المثال ولا الحصر، فإن
البحرين مقارنة بالامارات تفتقد لظروف مسيطرة على الأخيرة ذلك أن البحرين كانت من
أوائل الدول التي عصف بها الحراك الشعبي المسمى بـ“الربيع العربي” عام 2011 وشهدت
مظاهرات حاشدة احتجاجًا على سياسات نظامها المستبد ضد شعبها إلا أن هذا الحراك تم
السيطرة عليه وقمعه بمساعدة من قوات السعودية، وعلى هذا، فإنه لو جعل الكيان
الإسرائيلي البحرين مع الأخذ بنظر الاعتبار ظروفها هذه، في سلم أولوياته فلم تأتي
بنتائج يحققها من التطبيع مع الإمارات بل كانت تشكل مثل هذه الخطوة سببًا لإظهار
التضامن والتعاطف العربي والإسلامي مع الشعب البحريني الذي يشكل الشيعة الأكثرية
فيه، فبالتالي كانت تشعل شرارة نار احتجاجات ومظاهرات شعبية قد تمتد إلى السعودية
أيضا.
ـ السبب الخامس: في أن الإمارات كانت بالنسبة للكيان
الإسرائيلي تحظى بأهمية قصوى في إعلان التطبيع يعود إلى خلافات حدودية تسيطر على
مشهد العلاقات الإماراتية- الإيرانية، ونظرًا لهذه القضية، أراد الكيان الصهيوني
اللعب على وتر هذه الخلافات ومن ثم إثارة الفتنة الطائفية والعرقية بين البلدين من
خلال إثارة هذه القضية وتضخيمها ومن ثم تأليب الدول والشعوب العربية على إيران في
محاولة لاستغلال الأراضي الإماراتية من خلال إنشاء قواعد ومقرات فيها لرصد الأراضي
الإيرانية.
- السبب السادس: يرجع إلى الطموحات الإقليمية لحكام
الامارات العربية المتحدة في جعل الإمارات تتحول إلى دولة الوساطة بين كل من الدول
الإقليمية من ضمنها إيران مع الدول الغربية، وانطلاقًا من هذا التصور الخاطئ، تتحول
الإمارات إلى دولة تقوم بدور إقليمي يشبه ما تقوم به الآن سلطنة عمان.
ان اتفاق الإمارات وإسرائيل على تطبيع العلاقات في هذا
الوقت يأتي في وقت تهدد فيه اسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية، انما يعد ضربة
موجعة للفلسطينيين، لكنها تنتظر فالضم تأجل ولم يلغ..فالفلسطينيون يريدون حل
قضيتهم الفلسطينية، ومن ثم لا ضير في أن تقوم بعدها الدول العربية بالتطبيع مع
إسرائيل، أما ما نسمعه من أخبار عن إمكانية تطبيع بعض الدول العربية في المرحلة
القادمة إنما تعد ضربة للفلسطينيين، لأن قضيتهم الفلسطينية تتعرض للتصفية، وعلى العرب
أن يساندوا الفلسطينيين في سعيهم نحو إقامة دولتهم المستقلة، وبعد نيل الفلسطينيين
لدولة ذات سيادة عبر حل كافة القضايا التي تأجلت لمفاوضات الحل النهائي فالتطبيع
بين الإمارات وإسرائيل انما تعد ضربة للفلسطينيين، الذين يعولون على الدول العربية
في دعمهم لحل قضيتهم عبر القرارات الشرعية الدولية لحل الصراع الفلسطيني
الإسرائيلي، ولا شك بأن هناك دولا عربية ما زالت مواقفها ثابتة في حقوق الفلسطينيين،
وعندما تحل القضية الفلسطينية يمكن للدول العربية أن تطبع، لكن بما أن
الفلسطينيين لم تحل قضيتهم بعد بحل عادل، فإن التطبيع الآن له دلالات سياسية
والسلام لن يعم المنطقة ما دامت قضية فلسطين بلا حل والسؤال ماذا بعد هذا الاتفاق
هل ستحذو بعض الدول العربية الاخرى كالامارات في تطبيع علاقاتها مع اسرائيل ؟
ألآن ناتي على الخطوة الثالثة بعد إِكمال التطبيع وهي تقسيم وضم بعض
الدول العربية في المنطقة وإِعلان مشروع الشرق الاوسط الكبير ، ومِنْ ثم تغير
ديموغرافيا الفلسطين وذلك بنقل 60% مِنْ العوائل الفلسطينية في الغزة إِلى المنطقة
المخصصة لهم في سيناء وبِموافقة جمهورية مصر ، وهذه آخر خطوة للمؤامرة الدنيئة
مِنْ لدن الصهيو-أمريكية في المنطقة العربية وبهذا تنتهي كل المشاكل بين العرب
واليهود ، ويكون الصهيو-أمريكي السادة على جميع المنابع النفطية في الشرق الاوسط ،
ويتحكم العالم مِنْ خلال النفط والاقتصاد العالمي .
-٥-