الجمعة، 29 يونيو 2018

مابين الامس واليوم .........بقلم نزار العوصجي





مابين الامس واليوم ...



نزار العوصجي

لماذا العالم يتقدم ونحن نتراجع ؟؟؟

سؤال يحتاج الى اجابة دقيقة ومحددة نضع من خلالها النقاط على الحروف ، فالعالم يقطع في كل يوم وفي كل دقيقة اشواطاً من التقدم على كافة الاصعدة ، على عكس ما يحدث لنا نحن العراقيين تحديداً ، حيث ان الصورة معكوسة كما هو الاتجاه ، فنحن نقطع في كل يوم وفي كل دقيقة اشواطاً من التراجع والتخلف على كافة الاصعدة ... بالامس القريب ابان حكم النظام الوطني ، ابتعثت الدولة عشرات الالاف من الطلبة للدراسة في ارقى الجامعات العالمية ونيل شهادة الماجستير والدكتوراه في مختلف الاختصاصات العلمية ، لغرض بناء قاعدة متينة ورصينة تسعى لوضع العراق في مصاف الدول المتقدمة ... بالامس سعت الدولة لبناء نظام تعليمي متميز من خلال برامج تعليمية متطورة ، بدءً من المراحل الاولى في رياض الاطفال وصولاً الى الجامعات والمعاهد ، كما عملت على محو الامية والقضاء عليها ، لادراكها مدى خطورة الجهل على المجتمع وما يرافقه من سلبيات تعيق حركة التطور في المجتمع ... بالامس سعت الدولة الى بناء نظام اقتصادي تنموي يساعد على تطور قطاعات الزراعة والصناعة ، لسد حاجة المواطن من المواد الغذائية والمنتجات التي يحتاجها في حياته اليومية من اجهزة ومعدات وغيرها من خلال انتاج وطني عالي الجودة ويضاهي المنتج الاجنبي وباسعار تفضيلية لا تثقل كاهل المواطنيين ... بالامس ورغم ضروف الحصار الاقتصادي الجائر وما رافقته من محاولات بائسة لاذلال العراقيين ، كانت البطاقة التموينية كفيلة بتأمين الغذاء الكافي والمناسب لكل فرد يعيش على ارض الوطن ... بالامس عملت الدولة الى توفير قطاع صحي متكامل لعلاج المواطن من خلال بناء المستشفيات والمراكز الصحية والعيادات وتجهيزها باحدث الاجهزة الطبية وتوفير الكوادر الطبية الكفوءة وتقديم افضل الخدمات الصحية المجانية لعموم المواطنيين من ابناء الشعب بكل شرائحه دون تميز ... بالامس كان الامن موجود ليمنح الطمئنينة للمواطنين دون استثناء فيشعرون بالراحة والامان في حياتهم اليومية دون خوف او قلق من هذا الشخص او ذاك ... من تلك المؤشرات نستطيع ان نعرف الاسباب التي دفعت الى ان تتكالب على العراق ، قوى الشر من كل حدب وصوب لتضع العصي في عجلة تقدمه ولتحول دون المضي في طريق التقدم فاستوجب القول : بالامس كان هنالك الكثير مما نفتقده اليوم ، لذا نشعر بالفرق الشاسع مابين الامس واليوم ...

لله درك ياعراق الشرفاء ...

الخميس، 28 يونيو 2018

زرت الموصل.. واليكم شهادتي عن يوم القيامة فيها بقلم البرفسور ياس خضير البياتي كاتب وإعلامي عراقي





زرت الموصل.. واليكم شهادتي عن يوم القيامة فيها


البرفسور ياس خضير البياتي
كاتب وإعلامي عراقي
23-6-2018

لاتحدثني عن طائفتي وقوميتي وديانتي ،عندما اكتب عن مدينة موصلية عراقية ،ابيدت عن آخرها ،وبقيت مجرد أنقاض وذكرى ومواقف تشهد على فعل فاعل حاقد مع سبق الاصرار،وعلى بربرية لامثيل لها في التاريخ ،وحقد شعوبي مستورد ،وديانة مبتكرة لتشويه اصل الدين ، هي حكاية طويلة ليس لها زمن محدد،فهي تمتد لقرون واعوام وأشهر من الحقد والتآمروالتدمير والموت.نعم لاتحدثني عن اسم عشيرتي وطائفتي وقوميتي لانني اكتب عنها بهويتي العراقية الوحيدة ،مثلما افعل مع البصرة والعمارة وبابل والانبار وديالى وصلاح الدين واربيل ،وباقي المدن العراقية،واذا قيل لي ماهو خيارك الأوحد:سأقول عراق ..ليس سوى العراق .

واذا كان هناك من هو مهووس بالطائفية ،وبالاموات التي يحكمون عقولنا ومصائرنا،ومصدر موتنا وأقتتالنا وتخلفنا ،فأنني خارج هذه التغطية الجاهلية التي تفرق بين مدننا وانساننا،وتحاول رفع الخيمة العراقية من على رؤوسنا لتكون قادرة على اصابتنا بقذائف الطائفية ،وتقسيمنا الى مذاهب وطوائف وعشائر وقوميات ،ليصبح العراق هامشا بلا لون وطعم ،وخارج العقل والوجدان!

مهما كان الوصف والصور من خارج القيامة الكبيرة للموصل ، فلن تكن موضوعيا وشاهدا حقيقيا ، الا وان تكن في وسط نارها وسحبها السوداء وانين الناس الاحياء والاموات ،واحلامهم البسيطة . كنت أصرخ من بعيد كلاما على الورق ، واحتجاجا لااجد الا صداه يرجع كسراب ليس له معنى ،وكان السياب صادقا في حنينه للوطن: صوت تفجّر في قرارة نفسي الثكلى : عراق كالمدّ يصعد ، كالسحابة ، كالدموع إلى العيون،الريح تصرخ بي عراق،لذلك كان القرار صعبا أن اقطع الاف الاميال من اجل (عمرة )احج فيها فقراء بلادي ،واتقاسم معهم بلاءهم ودمارهم وموتهم وعشقهم واحلامهم ،واكون شاهدا لقيامتهم الكبيرة يوم عرفاء والعيد .
لاتقل لي كيف كانت الموصل ،ناسها ونهرها وشوراعها وأحياءها ومبانيها ،لانني لم ارى الا مدينة أخرى لاتشبهها تاريخا ،مدينة اشباه ازيلت عنها كل مقومات الحياة ، وسلبت منها تاريخها ،وطمست معالمها الحضارية ،وأختفت (ام الربيعين) الواقع والحلم ،لتظهر على أنقاضها أحياء مدمرة بالكامل مع ساكنيها ،وشوراع متهالكة ،وتلال من أكداس النفايات ،وروائح لجثث مازالت تحت الانقاض ، ونسمات لهواء مثقل بروائح المجاري والسواقي ، ومع ذلك تجد صور لقادة ميليشيات وأحزاب ، ومرشحين للأنتخابات ،ورايات سود وخضر وصفر ، يتنافسون بلا خجل ويتابهون على مدينة أنقاض بلا حياة ،وشعارهم العراق يتقدم..!!

لكن الجانب الآخر المضيئ في حياة هذه المدينة المدمرة التي لن انساها ،ان ناسها يتألقون في ابداع اعادة الحياة لمدينتهم وأحياءهم ومدارسهم وجامعاتهم بطريقة تسر القلب ،بعيدا عن الدولة المشغولة بتوزيع حصص احزابها ،وتقاسم النفوذ والمال ،وتقزيم الحصص التمونية ورواتب العباد .لقد تاسست في هذه المدينة بعد هذه القيامة الكبيرة قواعد سلوك جديدة للموصلي العراقي ،هو التلاحم الاجتماعي الذي قل نظيره ،فقد برزت بقوة (نكران الذات ) ،وارتفع منسوب ( التضامن الاجتماعي ) الى اعلى مستوى ،وشاعت ثقافة (التطوع ) بين الشباب بين الاحياء والمدينة ،وابدع الناس في ابتكار صناعة الوجود ،حتى لتشعر أن هناك مدنا جديدة ستظهر بعد الانقاض ، وان حياة جديدة ستبزغ من بين هذه المأسأة .وهذا هو تاريخ العراق ، وتاريخ الموصل . ما زلنا هنا وما زلنا أحياء!

وقيل من يريد تعلم الحياة ، عليه ان يقرأ التاريخ، فالموصل تختلف عن مدن عربية اخرى في تسمياتها العديدة ، فهي (الموصل) لأنها كانت توصل بين الشام وخورستان يعني بلاد الشمس بالكردية التي فتحها العرب المسلمين من بعد. وهي (الحدباء) لأن فيها منارة للمسجد الكبير وهي منارة منحنية وأيضا لتحدب مسار نهر دجلة فيها ،وهي( أم الربيعين) لأن الخالق عز وجل وهبها ربيعين إثنين في السنة فخريفها هو الربيع الثاني والزاهي بعذوبة هواءه. ومنذ ان كانت الموصل قرية زراعية في الالف الخامس من قبل الميلاد ، وسكنها الاشوريون ،ثم سقوطها بيد الكلدانيين ،ودخول المسلمون لها عام 643،ثم حكمها السلاجقة 1096،ودخول المغول عام 1262،حيث قتلوا معظم أهلها ، وهدموا أكثر من نصف مبانيها ، ثم الصفويين الذي لم يدم طويلا، وحصارهم لمدينة الموصل، وصمود المدينة وسورها ضد مدافع الصفويين وانكسار الحملة عام 1743م بانتصار أهل الموصل ، وأخيرا احتلال العثمانيون عام 1535 .لم تسلم من الحصار والحروب والتدمير ،لكنها خرجت بأمتياز أكثرقوة وارادة على حب الحياة ،وأستنهاض مجدها عبر انسانها العصامي الكادح والمثقف والعالم والمبتكر والعسكري.
اما (المدينة القديمة ) في الموصل ،فأنها تحمل عبق التاريخ ، حيث يبدو الطراز المعماري التاريخي هو الطاغي ، فهناك بيوت من الحجر والجس ، وشوارع ضيقة ذات كثافة سكانية عالية تقطنها قبائل عربية معروفة ، وبيوتات موصلية عريقة،وكانت قبل قرن من اليوم هي مدينة الموصل وتمتد داخل سور الموصل التاريخي الذي يعود بنائه الأولي الى سنة 699 م،وقد هدم السور أكثر من مرة ، وجعله الصفويين اداة حصار قاتلة لأهلها بحملة الشاه الصفوي نادر شاه،لكن السور لم يصمد امام تحديث وعصرنة الحياة ، حيث قررت بلدية الموصل ازالته على مراحل متعاقبة ابتداء من القرن العشرين،مع بقاء الاحياء على نسقها التاريخي القديم ،وبشوارع جديدة ابرزها شارع (فاروق )الي يخترق قلب المدينة القديمة ويوصل الى ابرز معالم المدينة الاثرية جامع النوري الكبير ومنارة الحدباء الشهيرة .اما اليوم فلا تقل لي ان هناك مدينة اسمها ( المدينة القديمة)،انها مجرد تاريخ من الماضي،وقصص حب قديمة،ومورثوات شعبية زائلة ،ومآذن وكنائس مهدمة ،واطفال يبتسمون للحزن ،وامهات صابرات يحلمن بعودة ابناءهم الاحياء والاموات على السواء . مدينة انقاض تزدحم بذكريات الاباء والاجداد ،وتنتظر حلم التاريخ والانسان والنهر.
لم يتبقى من هذه المدينة الا شهادات متأخرة من قيامة الموصل القديمة ،فالاهالي قالوا:لسنا من قبيلة (داعش) كما يقول البعض ،انما ارغمنا على العيش معهم تحت حراب السلاح الابيض ،وقطع الرؤوس، وتعليقنا على اعمد الكهرباء لعدة ايام،وأبادتنا بالقهر والذل .كما لم نكن حاضنة لهم ،فقد جاءوا من خارج الحدود بالمئات القليلة ،ودخلوا الموصل وفيها فرق الجيش والشرطة واسلحتهم الحديثة ،ومع ذلك تم اقتحامها بساعات قليلة ،وكأن امرا كان معدا له من حكومة المالكي .كما لم نكن من (الدواعش) التي تم رفعهم بطائرات امريكية خاصة اثناء القتال والحصار امام ناظرينا وتركونا لوحدنا، بل كنا جبهة امامية لرفد الجيش بالمعلومات عن تواجد وتحركات (الدواعش) ، حتى ان البعض تم نحرهم لانهم تم اكتشافهم . لقد رأينا صور رائعة لبطولات الجيش وشجاعة الشباب الذي امتزجت دماءهم بدماء أبناء الموصل ،وانسانيتهم في تقديم العون للعوائل بطريقة رائعة تصل الى حد التضحيات بأنفسهم ،بالمقابل وجدت من انتقد طريقة الخطة العسكرية وطريقة الاقتحام ،وتذكر احد القادة العسكريون القدماء المشارك في معركة المحمرة وتحريرها ، وطريقة الجيش في أقتحامها من بيت للبيت دون ان يكون هناك تضحيات في البشر والعمران ،وأردف مستغربا : ان الحرب على المدينة القديمة كانت تعتمد على سرعة الحسم على حساب ارواح الناس وممتلكاتهم !

وقالت لي انجليا جولي الممثلة العالمية سفيرة النوايا الحسنة التي تزامن وجودي معها ،بأنها تشعر بالخجل والمهانة كانسانة ان ترى هذه الصور الرهيبة والمفزعة من صنع البشر،وهذه السادية الوحشية التي تتلذ بتخريب وتدمير الحياة ،مستغربة من وجودي الشخصي فقط ، ومعلقة بأن ما شاهدته يصلح ان يكون مزارا للحكومات والمنظمات والافراد ليكون شاهدا على بربرية من فعل بهذه المدينة التراثية من اقتلاع لجذورها التريخية !مثلما انا شخصيا مستغربا أن لاتكون هذه (القيامة) موضوعا انسانيا للكتاب والادباء والفنانين في اعمالهم ،وان تكون لطلبة المدارس والجمعات درسا عمليا بليغا لتحصينهم من التطرف والارهاب،وحب الحياة ،وشهادة حية للتاريخ الذي يقول لنا دائما :أقرأوا مني وتعلموا الدرس الجديد.

ام اننا مازلنا أمة تنسى احداث التاريخ الكبيرة ،ونتلذذ بالدم الذي نشاهده يوميا ،ولم يعد لدينا مناعة الحياة والمقاومة والتذكر ،وكأننا اصبحنا نردد مع محمود درويش :ايها الاحياء تحت الارض عودوا فأن الناس فوق الارض قد ماتوا !
كاتب واعلامي عراقي
yaaas@hotmail.com





من تجربتي ألعسكرية ( مع شرطي ألمرور ) .......بقلم اللواء الركن مؤيد الجبوري




من تجربتي ألعسكرية ( مع شرطي ألمرور ) 



كثيرة هي ألحوادث ألتي تمر علينا في حياتنا أليومية ألتي نتعامل بها مع تفاصيل مفردات ألحياة تفصيليا ً ، و ألقليل منها ألتي تبقى في ألذاكرة ليطرب بها ألخيال و تناجي ألبال بين ألحين و ألاخر لنتذكرها كدروس و عبر ، و حتى أحيانا ً إن لم تكن غالبا ً نستخدمها للطرفة و ألتندر .

أليوم سأتكلم عن حادثتين بفارق زمني يفصل بينهما بحدود ألـ 10 سنوات ، و لكنهما حدثتا مع بطل ألشارع شرطي ألمرور، ذلك ألفرد ألمطلوب منه تطبيق ألقانون على كل راكبي وسائط ألنقل وعلى ألسائرين من مستخدمي ألطرق و حتى ألأرصفة ، طبعا هنالك حوادث كثيرة ، و لكن هاتين ألحادثتين لا تزالان معشعشتان في ذاكرتي و وددت إطلاقهما إلى ألهواء ألطلق بينكم قرائي ألكرام .

ألحادثة ألأولى حدثت تقريبا ً في ألعام 1987 و سمعتها من بطلها شخصيا ً ، و أنا أثق في كلامه و في صحة روايته ، ألتي لديه من على شاكلتها ألشيئ ألكثير ألكثيرألذي لا مجال لذكره . أما ألحادثة ألثانية ، فكانت معي و حدثت في ألعام 1996 أو فيما بعده و لكنها حدثت تحديدا ً في مدينة ألأعظمية مع أحد طلابي في كلية ألأركان عام 1986 عندما كنت أستاذه في ألكلية في حينه و كانت رتبتي عقيد ركن و هو برتبة رائد ، و سأتناول ألحادثة ألثانية قبل ألحادثة ألأولى للقفز على ألزمن تارة و لتبيان مقصدي على مجريات ألحادثة ألأولى ألتي آثرت ألتطرق إليها في نهاية هذا ألمقال لكي تبقى عالقة في ألأذهان و يستشعر بها ألغالبية ألذين قد يكون من بينهم من مرت به مثل هذه ألحادثة أو ما شابهها بشكل أو بآخر .

في أحد أيام صيف بغداد ألقائض كنت متواجدا ً في مدينة ألأعظمية ، و قضيت فترة لما بعد ألظهيرة في مكتب أحد أصدقائي ألكرام على مائدة غداء عامرة تدلل على إحترامه لي و حسن ضيافته ، فيها كل ما لذ وطاب تجاذبنا فيها أحاديث ألسمر و ذكريات طفولتنا ألتي جمعتنا معا ً حقبة ألسبعينيات كأبناء لمنطقة ألفضل إحدى أقدم و أعرق حواري بغداد ألقديمة ألتي كانت تتصف خلال ألعهد ألملكي و لما بعده بإلمد ألشعبي ألعروبي ألقومي و لتتواصل في ذلك ألمد مع محلة ألباب ألشيخ و مدينة ألأعظمية و منطقة ألكرخ و سوق حماده لتصبح ضفتي نهر دجلة بكرخها و رصافتها مثل ألقلب ألنابض ألذي شطره إلى نصفين نهر دجلة ألخالد ، كما شطر مبضع ألفنان إسماعيل فتاح ألترك مصمم ألقبة ألعباسية لنصب ألشهيد ألعراقي ألتي تمثل قلب ألشهيد ليرتقي من وسطها ألعلم ألعراقي إلى ألأعلى تجسيدا لإرتقاء روح ألشهيد إلى بارئها ألأعلى ، و سأحدثكم عن مضيفي هذا في نهاية ألمقال قصة حقيقية في ذات منوال ألحادثة ألأولى و تذكروا أن إسمه سمير.

خرجت من مكتب صديقي بعد ألعصر بقليل لألتقي مع بعض من أصدقائي و نحن نسير بخطى وئيدة في ألجانب ألثاني من رصيف شارع ألإمام ألأعظم ألممتد من ضريح ألإمام أبا حنيفة ألنعمان بإتجاه محطة ألبنزين وصولا إلى كازينو ألنعمان ( ألتي أعتبرت من ألأماكن ألتراثية لحزب ألبعث ألعربي ألإشتراكي لإرتيادها من قبل مناضلي ألحزب خلال فترة ألعمل ألسري قبيل ثورتي 8 شباط 1963 و 17 / 30 تموز 1968 ، و أعتقد قد تم كذلك إعتبار مقهى ألجرداغ في ألسفينة أيضا ً من ألأماكن ألتراثية للحزب لنفس ألأسباب ) لأن هذا ألجانب من ألرصيف يكون في هذه ألفترة من أليوم يتمتع بإلظل وألبرودة ألنسبية على عكس ألجانب ألمقابل له ألممتد من رأس ألحواش إلى مجمع ألسوق ألعباسي ألذي تضرب به ألشمس من بعد ألظهر حتى لما بعد ألغروب . لقد قيض ألله أن يكون شطري ألشارع هكذا و لكن ألجانب ألمشمس من رصيف شارع ألإمام ألأعظم هو عصب ألحركة ألتجارية في منطقة ألأعظمية و يرتاده غالبية ألمتسوقين و ألمتسكعين في آن واحد.

وتتصف محلاته ألتجارية بإرتفاع اسعار إيجاراتها تبعا لذلك ، و حتى نحن لا نجد باعة متجولون يفترشون ألرصيف إلا في ألجزء ألمشمس من ألرصيف ألذين يشرعون في نصب بضاعتهم و عرضها على ألرصيف بعد أن تنكسر عين ألشمس كما يقولون ، و هذا هو حال كل ألشوارع ألتجارية في بغدادنا ألحبيبة إذ تلعب شمسنا ألحارقة في إرتفاع أسعار ألمحلات ألتجارية في ألجزء ألمضاء لما بعد غروب ألشمس ، هي حكمة الله في ذلك و هو مقدر ألأرزاق .

أه لقد أرجعتني هذه ألمقالة إلى ألزمن ألجميل و أيام ألصبا و ألشباب ، و تذكرت كم كنت من ألمتسكعين في هذا الشارع مع بعض من زملائي ألطلاب عندما كنت أتنقل من بيتنا في ساحة ألشيوخ شارع عمر بن عبد ألعزيز ( كان يسكن في مقابل بيتنا ألفنان ألمخرج ناجي ألراوي أبو خالد ) مرورا ببيت ألسيد محمد عارف ألجميلي والد ألرئيسين عبد ألسلام محمد عارف و عبد ألرحمن محمد عارف ، مرورا ً بحديقة ألرحبي في شارع 20 وعند ركن مكوي ألعروبة و كازينو ألعروبة ( ألتي أعتبرت هي ألإخرى من ألأماكن ألتراثية لحزب ألبعث ألعربي ألإشتراكي ، ولفترة ليست ببعيدة بعد إحتلال ألعراق في ألعام 2003 من قبل ألغزاة ألأمريكان كان يديرها ألرفيق ألمناضل أللواء محمد فهد أطال ألله بعمر حبيبي ورفيقي أبو عفره ) ننعطف بإتجاه شارع ألإمام ألأعظم عند تقاطع ألإشارة ألضوئية قرب ستوديو حنان ألذي يقابله في ألجانب ألاخر معرض أحذية باتا سابقا ًو قصته ألشهيرة مع حذاء ألمصارع فريري في حقبة ظهور ألمصارع ألمعظماوي عدنان ألقيسي و بهلوانيات ألأستاذ مؤيد ألبدري ألمعلق ألرياضي ألعراقي ألشهير أبا زيدون ، ثم ندلف في شارع ألمقبرة ألملكية لكي نصل إلى محطتنا ألأخيرة إعداديتي ألحبيبة إعدادية ألرصافي للفرع ألأدبي ( تخرجت منها في ألعام ألدراسي 70 / 71 ) ألتي كانت مزدوجة في بناية إعدادية ألأعظمية ألمخصصة للفرع ألعلمي ، و إن أنسى فلن أنسى عمو قدوري أبو عربانة ألبيض و ألعمبه و ألصمون ألحار و الببسي كولا ألمجرش و كذلك فلافل وووشطة أبو فضيل ألفلسطيني ألتي كانت تسد ألرمق و تعوض عن أفخر وجبة غداء كانت تعدها لي أمي رحمها الله ، فمثلما في بغداد هنالك ألكرخ و ألرصافة فشارع ألمقبرة ألملكية يهيمن عليه في رصافته من جهة نادي ألأعظمية محل ابو فضيل ، و يهيمن عليه في ذات ألوقت في جهة كرخه عمي قدوري من جهة معهد إعداد ألمعلمين ، و لو تقربنا قليلا بإتجاه بناية مديرية شرطة ألأعظمية ستعترضنا بناية فارهة و كبيرة قد تحولت إلى مدرسة هي بإلأصل كانت بيت ألرئيس ألعراقي عبد ألسلام محمد عارف قبل ألعام 1968
. !!!
سيكون ألفائز ألأكبر من يستطيع أن يزور ألرصافة و ألكرخ في يوم واحد عندما يساعده مصروف ألجيب أليومي الذي كان آبائنا رحمهم الله يتكفلون عناء ذلك ، و إلا فزيارة يومية واحدة للمفاضلة بين رصافة أبو فضيل أو كرخ عمو قدوري . أما عند ألهروب من ألدوام ألدراسي فمحطتنا ألأخيره هي ألتجمع قرب محطة ألبنزين للخيار بين صالة سينما ألأعظمية أو كازينو ألنعمان عندما يكون مصروف الجيب يعني على قدر الحال ( و لسنا أول و آخر ألمتسكعون يا ولدي).

بعد أن وصلت مع أصحابي إلى بناية معرض أحذية باتا ألقديم و ألذي بقى على حاله كمعرض لبيع ألأحذية و لكن تحت مسمى آخر لا أتذكره ، وصفت لهم أن هذا ألشلرع هو ليس فقط شارع تجاري بل هو شارع قد شهد ألعديد من ألأحداث من بينها إنتفاضة ألطلبة في بداية ألعام 1961 عندما أقدمت حكومة ألزعيم عبد ألكريم قاسم على رفع أسعار ألبنزين ، و كيف كنا نحن ألصبية نقف على جانبي ألشوارع ألرئيسية و نقوم برشق سيارات باصات مصلحة نقل ألركاب بإلحجارة و ألحصى لتكسير زجاجها ، وكيف حدث إضراب ألطلاب ألذي سمي بإضراب ألبنزين و قد أستشهد إثنان من طلبة أعداديتي في حينه و هم ألأخوين مؤيد و عبد ألقادر ، و ثم ما حدث خلال زيارة ألرئيس ألليبي معمر ألقذافي للأعظمية في صيف ألعام 1970 حيث تكالبت عليه ألجماهير في ساحة عنتر و رفعوه على أكتافهم حتى ضريح ألإمام أبا حنيفة ، و ثم حادثة إعدام أولاد ألصفره خلال ألعام 1971 بعد تعيين ألرفيق ألمناضل صالح مهدي عماش سفيرا للعراق في ألإتحاد ألسوفياتي ألذين كانت تربطهم صلة قرابة به ، و غيرها من ألحوادث ألتي مرت على منطقة ألأعظمية ، و ذكرت لهم كيف كنا ننتظر يوميا ً عرض ألأزياء ألذي يقدمه شخص عرف بإسم حسون ألأمريكي ( أعتقده كان مستوي ) إذ كان يلبس ألملابس ألغربية ألغريبة عن تقاليدنا ، و يظهر كل يوم بملابس شكل و تسريحة شعر غريبة ألأطوار ( أه يا وطني كم حسون أمريكي يوجد فيك ألآن ؟؟؟) .

إنتبهت إلى جهة ألشارع ألمقابل لأجد شرطي ألمرور كان قد إستوقف في ألجزء لما بعد ستوديو حنان سيارة سوبر موديل 85 لونها قهوائي / جوزي ، و هو يروم محاسبة سائقها بطلب إجازة ألسوق ، إلا إنه زاد إنتباهي أكثر ، أن ترجل من ألسيارة هذه تلميذي ألرائد عثمان ألذي فارقني و فارقته منذ ألعام 1988 بعد تخرجه من كلية ألأركان .

إنها 10 سنوات لم التقي بتلميذي هذا و لست اعرف غير إنه كان بديلي في منصبي ضابط ركن ألتدريب ألأقدم لقيادة ألفيلق ألرابع في ألعمارة عندما كنت برتبة عميد ركن في ألعام 1992 و على ابواب ألترقية إلى رتبة لواء ركن و هو من إستفاد من ألترقية إلى رتبة أللواء ألركن من بعدي في منصبي هذا ألذي كان يعادل منصب قائد فرقة نظريا و ليس عمليا . طبعا ً لم أستطيع ألوقوف و أنا أشاهده في هذا ألموقف و شرطي ألمرور يتشدد معه في محاسبته لأنه حاول إلتقاط أحد ألأشخاص من ألشارع ، لقد كان تلميذي أللواء ألركن يشتغل بسيارته مكرمة ألسيد رئيس ألجمهورية كسائق تكسي في أوقات ألذروة هذه مستفيدا ًمنها كمعياش له و لعائلته ( طبعا لم يكن هو ألوحيد ، فهم كثر) !!! و بدلا من أن يمتثل لطلب شرطي ألمرور بإعطائه إجازة ألسوق قام تلميذي بإعطاء هويته ألعسكرية ألتي تحمل صورته و رتبته لواء ركن لعل ذلك يشكل وقع نفسي كبير على شرطي ألمرور في حضرة سيادة ألجنرال عثمان ألخيلاني .
و عندما وجدت أن شرطي ألمرور لم يكترث لشخصتية و يصر على حجز ألسيارة و ألطلب منه إعطائه إجازة ألسوق وحتما معها سنوية ألسيارة لأخذها إلى ألحجز ، عبرت إليهما و ناديت على شرطي ألمرور من بعيد بنبرة صوت حادة و بما يشبه ألأمر ألواجب ألتنفيذ ( أبو إسماعيل أتركه ، هذا ضابط برتبة لواء ركن ) . لعلم ألقارئ ألكريم نحن في ألعراق نكني ألجندي بأبو خليل نسبة لدفاع ألجيش ألعراقي في ألعام 1948 عن مدينة ألخليل ألفلسطينية ضد ألجيش ألإسرائيلي و تبعا ً لذلك جرى تكنية ألشرطي ألعراقي بـ ابو إسماعيل . عندما شاهدني تلميذي و أنا أظهر له من بين شعاع ألشمس أللهاب ، تقدم نحوي و قام بإداء ألتحية ألعسكرية لي برشاقة منقطعة ألنظير و هو في وسط ألشارع ، و قال بخجل مؤلم أهلا سيدي .

تجمهر من حولي بقية أصحابي ، و إنتبه شرطي ألمرور إلى كوني كنت أحمل مسدسا تحت ملابسي ألمدنية ، و ثم إلى أن سيادة اللواء ألركن ألمعرف لديه ألان بهويته التي بين يديه ، يؤدي لي ألتحية في وسط ألشارع و يناديني بإلسيدي ، فبادرني شرطي ألمرورهو ألآخر بإداء ألتحية ألعسكرية لي و قال سيدي هو مخالف و تجاوز ألإشارة ألضوئية ليسبق أحد سواق ألتكسي لإلتقاط ألراكب .

فقلت لشرطي ألمرور ، ميخالف يا بطل ألذي شافه منك يسوه أبو ألحجز.
و بعدها تمتعت بأحلى تحيتين عسكريتين و أرشقهما من تلميذي و من شرطي ألمرور ألشهم الذي أظهر لي شديد ألإحترام أثناء ألتخاطب معي و في وقفته ألمنتصبة أمامي كما حرف ألألف ألممدود .

أما عن ألحادثة ألأولى فقد حدثت من حيث ألمكان إبتداءا ً في تقاطع قبة ألصخرة في شارع فلسطين في ألعاصمة بغداد أبان سنين ألحرب ألعراقية ألإيرانية و لن تتجاوز من حيث ألزمان ألعام 1987 في كلا موقعي ألحدث في شارع فلسطين و في مدرسة قتال إحدى قيادات ألفرق ألعسكرية للجيش ألعراقي ألباسل . و بطل ألحادثة على أرض ألواقع هو شخص وجد أن شرطي ألمرور قد إستوقف سيارة أحد ألضباط في تقاطع قبة ألصخرة ، وتدخل لتخليص هذا ألضابط من أن يبطش به شرطي ألمرور وفق ألقانون ألذي كان في حينه يجيز حجز ألضابط أثناء مخالفته لقواعد ألمرور ، و هذه ألحالة مشابهة بشكل تقريبي لحادثة تدخلي لتخليص تلميذي أللواء ألركن سائق ألتكسي ، مع ألفارق هو أن بطل ألقصة لديه شخصية أخرى مغايرة تماما ً لشخصيتي و إتجاهاتي ، و اعتقدكم ستتوصلون لماذا أنا قدمت ألحادثة ألثانية على ألحادثة ألأولى هذه ، فقد كان وصف ألحادثة ألثانية هو أشبة بإلمقدمة و ألتمهيد للحادثة ألأولى .

حدثني صديقي خالد ألعبيدي في إحدى ألمرات عندما كان متوجها ً من بيت أهله في شارع فلسطين بسيارته ألمارسيدس ألفارهة زيتونية أللون ، بأنه قد لا حظ على ألجانب ألثاني من ألإشارة ألضوئية قرب مطعم قبة ألصخرة أن شرطي ألمرور قد إستوقف سيارة مدنية لأحد ألضباط و هي نوع سوبر 85 مكرمة ألسيد رئيس ألجمهورية ، و أجبر شرطي ألمرور ألضابط ألذي كان بلباسه ألعسكري برتبة عميد ركن على ألنزول من سيارته لمحاسبته على تجاوزه للإشارة ألضوئية.

توقف صديقي خالد ألعبيدي أبا فراس على ألجانب ألبعيد من تقاطع قبة ألصخرة بإتجاه ساحة بيروت بقصد عدم ألإتصال ألشخصي ألمباشر مع منطقة ألحدث لغاية في نفسه ، و ترجل من سيارته ألمرسيدس ليقف منتصبا ً ومنتشيا ً ذلك ألشاب ألثلاثيني ألأسمر ألحنطاوي بنحافة جسمه ألجميل وطوله ألفارع مرتديا بدلة سفاري زيتونية أللون فقد كان كله زيتوني في زيتوني عدا لون بشرته ألسمراء ، و زاد من وقاره أنه لديه صلعة في مقدمة راسه مشابهة لصلعة ألرئيس ألمصري أنور ألسادات تدلل على ألوجاهة و أحيانا على ألثراء عند تفكير بعض ألعراقيين ، و ذو شارب ليس بكثيف و لكنه يجعل ألناظر إليه كمن تقف على رأسه الطير ( إنه ليس على غرار ألشوارب ألتي تعارف ألعراقيون على تسميتها بـ 8 شباط ، فقد كانت أقرب إليها و يمكن تسميتها بـ 6 شباط ) و فوق ذلك فقد برز من تحت بدلته ألسفاري مسدس ستيل يلمع من خلال أشعة ألشمس . ثم نادى على شرطي المرور من عبر الشارع ( ابو إسماعيل أبو إسماعيل ، أترك الضابط).

إستجاب شرطي ألمرور على ألفور إلى نداء صديقي أبو فراس ، و قام بإداء ألتحية ألعسكرية له و قال نعم إستاد ، ثم توقف شرطي ألمرور عن محاسبة ألضابط و تركه في حال سبيله ولم يكترث له مطلقا ً عندما غادر تقاطع ألإشارة ألضوئية ، و خلال ذلك إلتفت شرطي ألمرور بإتجاه ألأستاذ و قام بإداء ألتحية ألعسكرية مرة ثانية له مع إطالة رقبته و دوران جسمه مع ألتحية بإتجاه مكان وقوف ألأستاذ ( ألذي هم لمغادرة مكان ألحادث على عجل لكي لا يلتقي بإلعميد ألركن ) للتأكيد بان هذه التحية مقصود بها ألأستاذ أبو الزيتوني و ليس ألضابط ألعميد ألركن .

مرت ألأيام ولاتزال ألحرب ألعراقية ألإيرانية تدور رحاها بين ألطرفين ، و يترفع سيادة ألعميد ألركن إلى رتبة لواء ركن و يعين بمنصب قائد لإحدى ألفرق ألعسكرية ليقوم في أحد ألأيام بزيارة سجن مدرسة قتال فرقته ألذي كان يحوي على ألجنود ألهاربين من ألخدمة ألعسكرية و ألذين تم شمولهم بنظام ألسجون ألإصلاحية .

قد يتذكر ألبعض أو قد لا يتذكر ، و أكيد أن هنالك من يتذكر جيدا ً جدا ً أن ألعراق كان يقاتل ألجيش ألإيراني ألذي هو يعد خامس أقوى جيش في ألعالم ، و بنفس ألوقت فإن تعداد نفوس إيران ألذي كان 60 مليون هو يعادل 3 أضعاف تعداد نفوس ألعراق ألمقدر بـ 20 مليون و كذلك مساحة إيران أعتقدها تعادل أكثر من 4 أضعاف مساحة ألعراق ، مما ينسحب ذلك على ألفارق لصالح إيران في كل شيئ من حجم ألجيش و ألتسليح و ألقدرات و ألإمكانيات المالية و ألإقتصادية لهذا كان ألعراق بحاجة ماسة لكل شيء للوقوف بوجه ألعدوان ألإيراني ، لهذا نجد أنه فيما يخص قانون ألخدمة و ألتقاعد ألعسكري قد تم تعطيل ألعمل ببعض مواده و خصوصا فيما يتعلق بإداء ألخدمة ألإلزامية و خدمة ألإحتياط لنجد أن وحيد ألأبوين قد شمل بإلخدمة ألعسكرية و جرى ألتشديد على معاقبة ألهاربين من ألخدمة ألعسكرية الذين يتم إلقاء ألقبض عليهم بعقوبة ألإعدام ، و حتى ألجرحى و ألمعوقين يتم ألإسراع في إعادة تأهيلهم نفسيا ً و جسديا ً وعرضهم على لجنة شرحبيل ( لجنة شر ألحبل ) لتتم إعادتهم إلى ألوحدات ألمقاتلة أو تنسيبهم إلى وحدات ألخدمات ألإدارية ضمن ساحة ألعمليات .

و في هذا ألصدد تقدم ألسيد ألفريق ألأول ألطيار ألركن عدنان خير ألله وزير ألدفاع نائب ألقائد ألعام للقوات ألمسلحة ألعراقية بمقترح إنساني إلى ألسيد رئيس ألجمهورية ألمهيب ألركن صدام حسين ، و هذا ألمقترح تضمن منظور فلسفي لعلاقة ألهروب من ألخدمة ألعسكرية بإلحياة إذ كانت فكرة ألمقترح تفيد ، (( باننا عندما نعاقب ألهارب / ألغائب عن ألخدمة ألعسكرية ألتي هي واحدة من مجالات ألحياة بعقوبة ألإعدام ، فهذا يعني بأننا نعاقب ألغياب عن ألخدمة ألعسكرية بإلغياب عن ألحياة ) !!!! و ألسوآل هو هل يجوز أن نعاقب ألغياب ألوقتي بإلغياب ألنهائي ؟؟؟ ثم بإلنسبة للعسكري ألهارب ألذي تم إلقاء ألقبض عليه ففي لحظة إلقاء ألقبض علية فقد إنتهت نظريا ً و عمليا ًحالة هروبه و غيابه عن وحدته ألتي هي بأمس ألحاجة إليه ، فكيف لنا نحن ألقيادة ألعسكرية أن نقوم بإعدامه و نغيبه بذلك عن وحدته ألتي هي بأمس ألحاجة إليه أولا ً و نغيبه عن ألحياة لكون أخل في مجال واحد من مجالات ألحياة ألا و هو ألخدمة ألعسكرية ؟؟

و من هنا يقول ألسيد ألوزير أي ألجريمتين هي ألأكبر، جريمة ألغياب عن ألوحدة ألعسكرية أم جريمة ألغياب عن ألحياة و من هو ألمذنب في كلتا ألجريمتين ، و قد خلص ألمقترح إلى أن عقوبة ألإعدام هنا تعتبر هي ألجريمة ألأكبر و قد مارستها ألقيادة وفق نصوص قانون ألعقوبات ألعسكرية ، و علينا أن ننظر إلى روح ألقانون و روح ألعصر و ألحاجات ألإنسانية لأبناء ألمجتمع و نوقف ألعمل بمادة ألإعدام ألمتعلقة بإلهاربين و نتوجه بهم إلى ألسجون ألإصلاحية لتأهيلهم على أن تعطى صلاحية إطلاق سراحهم من تلك ألسجون خلال ألسنة ألأولى إلى قادة ألفيالق و خلال ألثلاث ألسنين ألأولى إلى قادة ألفرق عندما يثبت حسن سير و سلوك ألسجين بتقارير رسمية توصي بإطلاق سراحه وفق ألصلاحيات أعلاه .

لقد كان هذا أعظم إنجاز على مستوى ألجيش حققه سيدي ألفريق ألأول ألطيار ألركن عدنان خير ألله وزير ألدفاع نائب ألقائد ألعام للقوات ألمسلحة ألعراقية ، يضاف إلى مئات ألإنجازات ألتي حفل بها ألجيش في ذلك ألزمان . من ألحق أن أشير إلى أن ألذي تابع ترويج هذا ألمقترح و تطبيقه من ألناحية ألقانونية في حينه أللواء ألحقوقي راغب فخري مدير ألدائرة ألقانونية لوزارة الدفاع ، و من هنا أنيطت إلى مدارس قتال ألفرق ألعسكرية مهمة أن تعمل كسجون إصلاحية لمنتسبي ألفرقة من ألعسكريين ألهاربين لغرض إعادة تأهيلهم نفسيا ً و عقائديا ً و حتى جسديا ً ليعودوا للعمل بين أقرانهم في وحدات ألجيش العراقي ألباسل ، مع ألعرض ان مدارس قتال ألفرق ألعسكرية بإلإضافة إلى دورها ألتدريبي خلال ألسلم و ألحرب ، إلا أن من مهامها أيضا ً خلال ألحرب يمكن أن تكون كسجون و أقفاص للأسرى ألمعادين بسيطرة أدارة قيادة ألفرقه و سرية إنضباط ألفرقة .

تم ألتبليغ من قبل راس عرفاء مدرسة ألقتال إلى جميع ألسجناء بأن عليهم تهيئة ألملابس ألعسكرية ألكاملة و تطبيق جدول ألإستحمام و حلاقة ألراس و ألذقن بشكل نظامي ، إذ سيكون هنالك تجمع في ألساحة ألداخلية للمدرسة بإنتظار وصول زائر مهم للمدرسة .

في صباح يوم ألزيارة كان كردوس ألسجناء بإنتظار وصول ألزائر ألمهم ألذي وصل مع حاشية كبيرة من ضباط الركن ، و تم إستقباله من قبل آمر ألمدرسة بشكل مهيب جدا و شرع ألسيد أللواء ألركن قائد ألفرقة بتفتيش كردوس ألسجناء ألذي تشكل من 3 صفوف ، و طبعا بدأ ألسيد ألقائد بإلتفتيش من ألصف ألأمامي و هو ينظر بشكل عادي إلى وجوه ألسجناء ، كل ألأمور عادية جدا ً إلا بعد عبور ألسيد ألقائد لمنتصف ألصف ألأول بقليل ، حيث توقف عن مواصلة ألتفتيش و عاد إلى ألمنتصف ليقف وجها لوجه مع أحد ألجنود ألسجناء ليتمعن في ألنظر إلى هذا ألجندي ألأسمر ألحنطاوي بنحافة جسمه ألجميل وطوله ألفارع مرتديا ً ألبدلة ألعسكرية ألزيتوني ، طبعا ً لا يمكن للجندي أن ينظر في عين ألقائد و لكن ألقائد بقى مسمرا ً ينظر في عين و طول هذا ألأسمر بصمت مطبق كإنه صمت ألقبور.

أكمل ألسيد ألقائد مشواره في تفتيش ألصف ألأمامي و دخل يفتش ألصف ألثاني ، و عندما وصل إلى منتصف ألصف ألثاني توقف و إستدار ينظر إلى ظهر ذات ألجندي ألواقف في منتصف ألصف ألأمامي و هو يقلب فكره ذات أليمين و ذات ألشمال و لسان حاله يقول إن بيننا سابق معرفة و لكن أين و متى ؟؟ 

لم يكترث ألسيد ألقائد بعملية ألتفتيش إطلاقا فقد مر على بقية ألسجناء كمرور ألكرام و عاد إلى منتصف ألصف ألأول و أشار إلى ألجندي ألأسمر و قال لأمر ألكردوس ، أريده في غرفة ألآمر !!!
لقد كانوا فقط إثنين في ألغرفة ألسيد قائد ألفرقة و آمر مدرسة ألقتال عندما وصل ألجندي ألأسمر مع رأس عرفاء ألوحدة ألذي كان يؤنبه طول ألطريق و يتوعده بانه سوف يسلخ جلدة و يجعله خفر واجبات في ألسجن طول عمره لو تبين انه قد عمل عمله سوده مسخمه.

ألرقم 5 ......... ألجندي خالد ...... ألعبيدي سيدي !!! هكذا قدم ألجندي ألأسمر نفسه للسيد ألقائد بعد إداء ألتحية ألعسكرية ( طبعا ً قد سبقه رأس عرفاء ألوحدة في ألدخول إلى غرفة آمر ألمدرسة و إداء التحية ألعسكرية للسيد ألقائد ) . قال آمر ألمدرسه لرأس ألعرفاء ، ليبقى ألجندي و انت عليك ألإنتظار في ألخارج .

ألسيد ألقائد ينظر مرة أخرى بتمعن أكثر إلى ألجندي و يستجمع أفكاره ثم يقول للجندي ، أني أعرفك بس أين لا أتذكر ، و نحن متشاوفين سابقا ً .
ألجندي ألأسمر يرد ، ما أعرف سيدي
!!!
ألسيد ألقائد يقول ، أنا متأكد أنني أعرفك و سبق أن إلتقينا ، ليش تخاف مني و تقول ما أعرف.

ألجندي ألأسمر يقول ، ما أدري سيدي ، بس أني لم أشاهدك من قبل سيدي !!!!
ألسيد ألقائد يقول بعصبية واضحة ، أبد أبد كلامك غير صحيح ، صورتك تدور في رأسي
!!
يتدخل آمر ألمدرسة و يقول للجندي ، إبني ليش ما تتكلم ألصحيح ، يعني أكيد ألسيد ألقائد متأكد ، إنت شنو خايف من شيئ ؟؟؟

ألجندي ألأسمر ، يا سيدي أريد ألراي و ألأمان من ألسيد ألقائد ، و بعدها ساتكلم !!!
ألسيد ألقائد ، من عندي إلك ألراي و ألأمان بس إتكلم
.
ألجندي ألأسمر يرد ، سيدي أني ألذي خلصتك من شرطي ألمرور في تقاطع قبة ألصخرة في شارع فلسطين
!!!!
قفز ألقائد من كرسيه و هو يقول ، ألآن تذكرتك هو أنت صاحب ألمرسيدس ألزيتوني ، بس شلون فهمني ؟؟؟

ألجندي ألأسمر ، يا سيدي أنا قضيت أغلب سنين ألقادسية هارب من ألخدمة ألعسكرية ، و أنا أساسا ً تاجر ، لهذا إشتريت هذه ألسيارة ألمرسدس الجامبو زيتوني أللون و كنت ألبس على طول بدلة ألسفاري ألقطعتين ذات اللون ألزيتوني ـ و من ألله شكلي يساعد على ألظهور بمظهر أحد رجال ألأجهزة ألأمنية ألكبار !!!! لهذا كنت أتنقل داخل بغداد بحرية كبيرة جدا ً و كثيرا ً ما كانت دوريات ألشرطة و ألمرور يؤدون لي ألتحية و يفتحون لي ألطريق للمرور بسرعة مع إبتساماتي ألعريضة لهم ، و لم تعترضني أية مفرزة إنضباط عسكري إطلاقا ً !!! و أنت يا سيدي قد لاحظت ذلك عندما قام شرطي ألمرور بإداء ألتحية لي و تركك تذهب بسببي .

ألسيد ألقائد ، و الله أنت مصيبة ، طبعا ً لم أستطيع في ذلك أليوم أن أشكرك ، و ألان عرفت لماذا لم تقترب من ألتقاطع وثم غادرت مسرعا قبل أن أتقرب إليك لأتعرف عليك و أشكرك ، و لكن ألان أقول لك شكرا ً جزيلا ً ، ثم أردف ألقائد يقول و ألان كلمني عن وجودك في ألسجن

تكلم صديقي بكل صدق عن ظروف وجوده بإلسجن كجندي هارب من ألخدمة ألعسكرية مشمول بنظام ألسجن ألإصلاحي و إنه على وشك أن يكمل ألسنة ألأولى له في ألسجن.
هنا قفز ألسيد ألقائد من كرسية و أبلغ آمر ألمدرسة أن يرفع توصية بإلجندي ألأسمر و سيرسلها قائد ألفرقه إلى ألفيلق لكي يطلق سراحه بصلاحية قائد ألفيلق عن حسن سيره و سلوكه خلال ألسنة ألأولى من سجنه . طبعا بعد ذلك لم يستطيع راس عرفاء ألوحده ألتنفس أمام صديقي لأن فيه توصية مشددة من ألسيد ألقايد .
رحم ألله صديقي و سيدي ألسيد ألقائد أللواء ألركن مجيد ........... ززز .

و رحم ألله صديقي خالد ألعبيدي أبا فراس .

أما عن سمير ، فهذا قصته قصة مشابهة لصديقي أبا فراس في تقمص و إنتحال شخصية مغايرة تماما ً لشخصيته ، سمير هو من عمري و صديق مرحلة ألصبا ، كلانا تخرجنا من إبتدائية إبن ألمعتز للبنين ألمزدوجة مع بناية إبتدائية ألفضل للبنين ، و لكن إفترقنا في مرحلة ألمتوسطة و هكذا إبتعدنا شيئا ً فشيئا ً عن بعض ، و لكني في إحدى سنوات ألقادسية إلتقيته مرة صدفة في ألباب ألشرقي و لم يستطيع ألهروب مني لأنني قطعت عليه ألطريق و وقفت أمامه وجها ً لوجه !!!

لقد وجدت أمامي شخصا ً يرتدي ألملابس ألكاملة للقس و بيدة نسخة من ألإنجيل !!!! و سمير يتمتع ايضا ً بنحافة جميلة وطولا ً فارعا ً ، مع وجه طويل نسبيا ً ولون شعر راسه أشقر و شواربه و حتى حواجه كذلك

ما هذا يا سمير هل تخبلت و أصبحت مجنون ، لماذا ترتدي ملابس ألقس ؟؟؟؟
يقول سمير إنه لم يجد أمامه من طريقة للهروب من ألخدمة ألعسكرية و ممارسة حياته اليومية غير أن يرتدي ملابس ألقس هذه ألتي جعلته يصول و يجول في بغداد دون أن يعترضه أي عنصر من عناصر ألإنضباط ألعسكري !!!
مع تحياتي للجميع

أخوكم
أللواء ألركن
مؤيد ألجبوري
28
حزيران 2018


الأربعاء، 27 يونيو 2018

العراق عراق ولو كره الإيرانيون.....بقلم نزار السامرائي




العراق عراق ولو كره الإيرانيون



نزار السامرائي

إذا تابعنا جدول أعمال زيارة فالح الفياض مستشار الأمن القومي في العراق لطهران، واجتماعه مع علي أكبر ولايتي والمسؤولين الإيرانيين وكذلك الزيارات السرية المتبادلة بين بغداد وطهران فإننا سنكتشف أن محورها واحد وهو كيف يقف عراق الاحتلال إلى جانب إيران في مواجهة ظروفه المستجدة وخاصة الاقتصادية التي بدأت تنعكس على الشارع الإيراني على شكل احتقان وغضب متجددين، وهناك أكثر من ملف سيسارع العراق لتقديم النجدة الفورية اللازمة لإيران، مثل فتح أسواقه على مصاريعها أمام البضائع الإيرانية بصرف النظر عن سلامتها على صحة أبنائه، وكذلك إغراق العراق بتجارة المخدرات التي تعد أهم الموارد الحيوية للاقتصاد الإيراني ولتدمير الشعوب الأخرى.

هناك قضية أخرى ربما هي الأهم في علاقات التبادل المنفعي في تبعية بغداد لطهران من خلال وجود قاسم سليماني شبه المستمر في بغداد لإحكام السيطرة على توجهات السياسة العراقية وخاصة في جانبها الاقتصادي والمالي.

المطلوب من بغداد إيرانياً على نحو فوري ترتيب الأجواء واستكمال الاجراءات من أجل أن تتولى بغداد تصدير كمية من النفط تزيد عن حصته المقررة في الأوبك ولتسد جانبا من حاجات إيران كما هو حاصل منذ الاحتلال حتى الآن، لأن مردودها المالي وبالدولار سيذهب فورا إلى الخزينة الإيرانية لتصرف على خلايا إيران ومليشياتها الإرهابية في المنطقة والعالم، ولمعالجة جانب من الأزمة المالية والاقتصادية الصعبة التي تواجه إيران في الوقت الراهن، ومن هنا يمكن أن نفسر كلمة ولايتي التي قال فيها إن وحدة العراق وإيران هي الرد على العدوان الأمريكي، فكيف منح ولايتي نفسه الحق واعتبر أن العراق وإيران صارا بلدا واحدا؟ وهل هناك رد واحد ولو على استحياء من أحد أطراف العملية السياسية الكسيحة على هذا التصريح الوقح؟ وهل أن تحول العراق إلى بقرة حلوب تدّر لبنها لإيران هو الوجه الرئيس لهذه الوحدة؟

العراقيون مغلوبون على أمرهم وهم تحت ضغط صراع إرادات وصراعات داخلية ونزاعات إقليمية ودولية، ولا يجدون من يقف إلى جانبهم في هذه المحنة على الرغم من أن العراق هو خط الدفاع الأول عن الأمن القومي العربي، ولكنه وللأسف الشديد هو الأخير أيضا، وربما ما زالت الجهود تتضافر من أجل منع نهوضه من كبوته، ولكن ليدافع العرب عن أمنهم بعد أن وصلت النيران إلى أرجلهم ودخلت إلى غرف نوم حكامهم الذين فرطوا بالعراق تحت لافتة التخلص من خطره وشره اعتمادا على وعود غربية وأمريكية خاصة بأن الولايات المتحدة ستضمن لهم أمنهم من أي خطر خارجي، وإذا بإيران تخرج من مستنقعها وكأنها كانت تعرف أن سيف العراق وهو في ظل ظروف العدوان والحصار العالمي عليه كان مسلولا من غمده ومسلطا على رقبتها؟ وأن العراق كان طودا شامخا بوجه التمدد العدواني الإيراني.

المهم، أضعف الإيمان من عرب الخليج العربي اليوم مراقبة معدلات انتاج النفط العراقي هم ومنظمة أوبك كي تمنع أية زيادة في انتاجه لأنها ستكون لصالح إيران، كما يجب أن تغطي دول الخليج العربي النقص المتوقع الذي ستعاني سوق النفط الدولية بعد بدء تطبيق العقوبات بعد 4 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام الجاري، كما يجب أن تُراقب تحويلات قطر المالية وانتاجها من النفط والغاز، فربما تسعى لزيادة مداخيلها لدفع هبات إلى إيران ويجب إخضاع كل التجار المنحدرين من أصول إيرانية والذين يرتبطون بعلاقة ولاء لولاية الفقيه، كما يجب مراقبة أنشطة الشركات الخليجية في كل الدول الخليجية لمنعها من إقامة أية علاقات تجارية مع إيران.

إيران كيان هش أكثر مما يتوقع كثير من المراقبين ولولا أن الغرب يريد لها البقاء من أجل خلق التوازن مع العرب لما بقيت على هذا النحو أبدا، قوة الكيان الإيراني تتأتى من ضعف العرب في مواجهته ومحاربته بسلاح ضعفه الذي يمكن أن نعبر عنه بأنه التنوع العرقي والطائفي الذي لو أجدنا استخدامه لوجدنا إمبراطورية الولي الفقيه تتهاوى بأسرع مما يتوقع المراقبون.