الاثنين، 14 يناير 2019

التأطير...... بقلم محمود الجاف


بسم الله الرحمن الرحيم



التأطير



محمود الجاف

التَّأطير (Framing Theory ) نظرية اكتشفها غوبلز وزير الدعاية الألماني أبان حُكم هتلر واستُخدمت في السيطرة على العقول وأصبحت وسيلة مُهمة في تمرير السياسات فيما بعد ... وللتوضيح إليكم المثال التالي : ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺰﻭﺭ أحدا ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ ﻭﻳﺴﺄﻟﻚ : هل ﺗﺸﺮﺏ ﺷﺎﻱ ﺃم ﻗﻬﻮﺓ ؟ من المُستحيل ﺃﻥ ﺗﻄﻠﺐ ﻋﺼﻴﺮ . ﻓقد حاصر ﻋﻘﻠﻚ ﻓﻲ ﺍﺧﺘﻴﺎﺭﺍﺕ ﻣُﺤﺪﺩﺓ ﻓﺮﺿها ﻋﻠﻴﻚ وخطط لها مُسبقا . ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻳُﻤﺎﺭﺱ ﺫﻟﻚ ﺑﺪﻭﻥ ﺇﺩﺭﺍﻙ وآخر ﺑذكاء ﻭلكن ﺍﻟﻘُﻮﺓ الحقيقية هي ﻋﻨﺪﻣﺎ أنفذها ﺪﻭﻥ ﺃﻥ ﺗﺸﻌﺮ . مثلا . ﺃﻡٌ تقول ﻟﻄﻔﻠﻬﺎ : ﻣتى تُريد أن ﺗخلد إلى النوم ؟ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺍﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﺃﻡ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ ؟ ﺳﻮﻑ ﻳﺨﺘﺎﺭ ﺍﻟﺘﺎﺳﻌﺔ . ويشعر بالزهو والانتصار ولكنهُ لايعلم إن هذا ما كانت ﺗُﺮﻳﺪﻩُ ﻣُﺴﺒﻘﺎً ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺸﻌﺮ ﺃﻧﻪُ ﻣُﺠﺒﺮ ﻟﻔﻌﻞ ﺫﻟﻚ وﻳظُنُ ﺃﻧﻪُ صاحب اﻻﺧﺘﻴﺎﺭ . ﻭﻧﻔﺲ الأسلوب ﻳُﺴﺘﺨﺪﻡ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻭﺍﻹﻋﻼﻡ . ومن الأمور التي تدعو إلى السخرية مثلا ما قام به نابليون بونابارت عندما حاول غزو مصر عام 1798 م . فقد ادَّعى أنه قدم لتحريرهم من الظلم وخلع على نفسه لقب حامي الإسلام . ثم قال أنهُ مُسلم ويُحارب النصرانية في روما . ولم يمض وقت طويل حتى كانت خيولهم تدوس الجوامع وتضرب الثوار بكل قسوة وعنف ولاحظوا نص المنشور الذي وجهه إلى الناس حين وطئت قدماهُ مدينة الإسكندرية وهو يُعطينا صورة واضحة عن أساليب الحرب النفسية ...

) بسم الله الرحمن الرحيم . لا إله إلا الله ولا ولد له ولا شريك له في ملكه ... من طرف الفرنساوية المبني على أساس الحرية والتسوية والسر عسكر الكبير أمير الجيوش الفرنساوية بونابرته . يعرف أهالي مصر جميعهم أن من زمان مديد الصناجق الذين يتسلطون في البلاد المصرية يتعاملون بالذل والاحتقار في حق الملة الفرنساوية ويظلمون تجارها بأنواع الإيذاء والتعدي . فحضر الآن ساعة عقوبتهم وآخرنا من مدة عصور طويلة هذه الزمرة المماليك المجلوبين من بلد الأبازة والجراكسة يفسدون في الإقليم الحسن والأحسن الذي لايوجد في كرة الأرض كلها فأما رب العالمين القادر على كل شيء . فإنه قادر على انقضاء دولتهم يا أيها المصريون ...

قد قيل لكم أنني مانزلت بهذا الطرف إلا بقصد إزالة دينكم . فذلك كذب صريح ...فلا تصدقوه وقولوا للمفترين : إنني ما قدمت إليكم إلا لأخلص حقكم من يد الظالمين وأنني أكثر من المماليك أعبد الله سبحانه وتعالى وأحترم نبيه والقرآن العظيم وقولوا أيضا لهم : أن جميع الناس متساوون عند الله وأن الشيء الذي يميز بعضهم عن بعض هو : العقل , والفضائل , والعلوم فقط , وبين المماليك والعقل والفضائل تضارب ... فماذا يميزهم عن غيرهم حتى يستوجبوا أن يتملكوا مصر وحدهم ويختصوا بكل شيء حسن فيها : من الجواري الحسان والخيل العتاق والمساكن المفرحة فإن كانت الأرض المصرية التزاما للماليك فليرونا الحجة التي كتبها الله لهم . ولكن رب العالمين رؤوف وعادل وحليم . وبعونه تعالى من ألآن فصاعدا لاييأس أحد من أهالي مصر عن الدخول في المناصب السامية وعن اكتساب المراتب العالية . فالعلماء , والفضلاء , والعقلاء بينهم سيدبرون الأمور وبذلك تصلح الأمة كلها وسابقا كان في ألأراضي المصرية : المدن العظيمة والخلجان الواسعة .... ومازال ذلك كله إلا الظلم والطمع من المماليك .
أيها المشايخ والقضاء وأئمة والجربجية وأعيان البلد ... قولوا لأمتكُم أن الفرنساوية هُم أيضا مُسلمون مُخلصون وإثبات ذلك أنهم نزلوا في رومية الكبرى وخربوا فيها كرسي البابا الذي كان دائما يحث النصارى على محاربة الإسلام ثم قصدوا جزيرة مالطا وطردوا منها الكواللرية الذين كانوا يزعمون أن الله تعالى يطلب منهم مقاتلة المسلمين ومع ذلك الفرنساوية في كل وقت من الأوقات صاروا مُحبين مُخلصين لحضرة السلطان العثماني وأعداء أعدائه دام الله ملكه ... ومع ذلك أن المماليك امتنعوا من إطاعة السلطان غير ممتثلين لأمره فما أطاعوا أصلا إلا لطمع أنفسهم ,, طوبى ثم طوبى لأهالي مصر الذين يتفقون معنا بلا تأخير فيصلح حالهم . وتعلى مراتبهم . طوبى أيضا للذين يقعدون في مساكنهم غير مائلين لأحد من الفريقين المتحاربين . فإذا عرفونا بالأكثر تسارعوا إلينا بكل قلب . لكن الويل ثم الويل للذين يعتمدون على المماليك في محاربتنا فلا يجدون بعد ذلك طريقا إلى الخلاص ولا يبقى منهم أثر (
تحريرا بمعسكر إسكندرية 
في 13 شهر سيدور من إقامة الجمهور الفرنساوي
ومما يُؤسف لهُ أن بعض المُرتزقة من العُلماء ساعدوهُ في كتابة هذه الافتراءات بعد أن امتلأت بطونهُم من يد المُستعمر البغيض .

مهما كان غرض المُحتل خبيث شرير . قد يتخذ شكل الحمل الوديع أو حمامة السلام وهو ليس إلا حية تحمل سموم الفتك والدمار . ويسعى دائما قبل المعركة المُسلحة وفي أثنائها إلى أضعاف موقف الطرف الآخر عن طريق شن هجوم عنيف على القوى الروحية والنفسية لديه وفي الوقت نفسه إلى تقوية موقفه والأمريكان وعملائهم خبراء في هذا المجال الذي نفتقر له ولم تجد شعوبنا من يُوجهها الوجهة العلمية الصحيحة حتى الآن فالكثير من القادة يعتقدون أن المُقاومة يجب أن تقتصر على الجانب العسكري فقط . ورغم وجود مواقع إعلامية لكنها لا ترقى للطموح وغفلوا عن الجانب المخابراتي . وهو العمود الفقري الذي يمنحهُم الرؤيا الواضحة لكشف الألاعيب والخطط الآنية والمُستقبلية من أجل اتخاذ القرارات الصائبة لتجنب الوقوع في فخاخ المُحتل وعُملائه .
ﻓﻲ الحرب ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺍﻟﻤﻄﺎﺭ هي الفاصلة . ولهذا ﻘﺎﻣﺖ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﺑﺘﻌﺒﺌﺔ ﺍﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺃنها ﺍﻟﺤﺎﺳﻤﺔ . وبدأ الجميع يترقبها ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ تم احتلال ﺍﻟﻤﻄﺎﺭ ﺷﻌﺮوا ﺃﻥ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ انتهى ﻭﻣﺎﺗﺖ ﺍﻟﺮﻭﺡ ﺍﻟﻤﻌﻨﻮﻳﺔ رغم ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺴﻘﻂ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻤﻄﺎﺭ ﻭﺍﻵﻥ ﺗﻠﻌﺐ ﻭﺳﺎﺋﻞ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻧﻔﺲ ﺍﻟﻠﻌﺒﺔ ﻓﻲ ﻣُﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ ﺍﻟﻤُﻨﻬﻜﺔ ﺑﺎﻟﺠﻬﻞ وانعدام ﺍﻟﻮﻋﻲ . وهذا الأسلوب هو ﻭﺍﺣﺪ ﻣﻦ ﻋﺪﺩ ﻛﺒﻴﺮ ﻣﻦ الأساليب ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻠﻚ ﻻ ﺗﺮﻯ ﺇﻻ ﻣﺎ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻧﺎ ... ﻭﻫﻮ ناجح ﻓﻲ ﻗﻴﺎﺩﺓ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻭﺿﻊ ﺧﻴﺎﺭﺍﺕ ﻭﻫﻤﻴﺔ ﺗُﻘﻴِّﺪ ﺗﻔﻜﻴﺮ ﺍﻟﻄﺮﻑ ﺍﻵﺧﺮ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﺍﻹﻋﻼﻡ . ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻣﺎ ﻳﻀﻊ ﺍﻟﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﺇﻃﺎﺭ ﻳﺪﻋﻢ ﺑﻪ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺮﻳﺪﻫﺎ .

فانتبه ﻟﻜﻞ ﺳﺆﺍﻝ . ﺃﻭ ﺧﺒﺮ . ﺃﻭ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ ﺗﺼﻠك . لأنهم ﻗﺪ ﻳﺴﻠﺒوﻚ ﻋﻘﻠﻚ ﻭﻗﺮﺍﺭﻙ ﻭﻗﻨﺎﻋﺎﺗﻚ . وﻛُﻠﻤﺎ ﺯﺍﺩ ﻭﻋﻲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻪُ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺃﻥ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻃُﺮ ﻭﺍﻟﻘُﻴﻮﺩ وﻫي ﻟُﻌﺒﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳيين لقيادتك ﺇﻟﻰ ﻣﺎﻳُﺮﻳﺪﻭﻥ . ﻻ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﺗُﺮﻳﺪ ﺃﻧﺖ . .

فتوقف . ﻭﺗﺄﻣﻞ ﻭﺍﺻﻨﻊ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﻟﻚ ﻻ ﺍﻟﻘﻴﺪ
لأن من ﻳﻀﻊ ﺍﻹﻃﺎﺭ ﻳﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ
14 . 01 . 2019


السبت، 12 يناير 2019

مباراة ودية أمريكية – إيرانية على ملعب (الشعب) العراقي......بقلم الدكتور نزار السامرائي




مباراة ودية أمريكية – إيرانية على ملعب (الشعب) العراقي



نزار السامرائي

على خطين متوازيين تتحرك إيران والولايات المتحدة في الساحة العراقية بحيث يبدو للمراقب أنهما لن يلتقيا مهما امتدا، مع فارق واضح بين تحرك الطرفين، فالولايات المتحدة تتحرك بضجيج أعلى وحركة بلا قيمة ومن دون نتائج تحاول شدّ الانتباه إلى ما تقوم به من قبيل زيارة الرئيس دونالد ترمب إلى قاعدة القادسية في البغدادي غربي العراق، أو وصول وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو بطائرة نقل عسكرية إلى بغداد في زيارة لم يعلن عنها من ذي قبل، أو تحركات لعدد من قادة الجيش الأمريكي في مدن عراقية مثل ما قام به نائب القوات الأمريكي في العراق عندما زار شارع المتنبي في أحد أيام الجمعة حيث يزدحم الشارع الثقافي بوجود كبير للأدباء والمثقفين والفنانين، أو حديث متواتر عن إنزالات جوية هنا وهناك وإقامة قواعد جوية وبرية للقوات الأمريكية في عدد من المدن العراقية، أو عملية استعراض القوة البحرية في منطقة الخليج العربي لتخويف إيران ثم لترد عليها طهران بقرار إرسال قطع من أسطولها إلى غربي المحيط الأطلسي، أي على مقربة من السواحل الأمريكية، وكأن طهران تريد محاكاة دور الاتحاد السوفيتي في ذروة الحرب الباردة عندما كان يرسل بغواصاته وبوارجه إلى المنطقة نفسها.

أما إيران فإنها لا تعلن شيئا عن حركتها التي تتم بقوة دفع متسارعة ولكنها بصورة مباشرة وحتى ما يصدر عن الحرس الثوري من تهديدات فسرعان ما تحاول الخارجية الإيرانية تخفيف آثاره الدولية، وأحيانا نفي تمثيله للموقف الرسمي الإيراني، وداخل العراق فهناك عملاء إيرانيون يحملون الجنسية العراقية ويتفوقون على الإيرانيين أنفسهم في الحماسة لإيران أو لولاية الفقيه، هؤلاء الذين يتولون مهمات قيادة مليشيا الحشد الشيعي الإدلاء بتصريحات نارية حتى ليخيل للسذج من الناس المصابين بضعف الذاكرة أنهم هم الذين قادوا معركة الشرف التي أخرجت الاحتلال الأمريكي من العراق بعد أن كبدوه الخسائر التي اعترف بها في بيانات وزارة الدفاع الأمريكية على الرغم من أن التحالف الشيعي بكل أدواته وما تسمى بقياداته ما كان لهم أن يحلموا بدور ماسحي أحذية لولا القوات الأمريكية التي أخرجتهم من جحورهم وجاءت بهم من مواخيرهم، وما أكثر هؤلاء وما أعلى ضجيجهم في التصدي لخطط الولايات المتحدة بنقل وجودها العسكري من سوريا إلى العراق، في محاولة للإيحاء بأن تلك الخطوات هي جزء من خطة متكاملة الأبعاد لمواجهة النفوذ الإيراني المتنامي في المنطقة، وخاصة في بلاد الشام والعراق، هذا هو الذي رفع نبرة التفاؤل لدى بعض الأطراف التي ما تزال تراهن على الدور الأمريكي في إخراج إيران من العراق، فعقدوا المؤتمرات وأصدروا المناشدات للشعب والقيادات العسكرية في الجيش الوطني للتهيؤ للاضطلاع بدورهم في قيادة المرحلة الانتقالية أو التجربة السياسية التي ستقام على أسسها.

إيران أشرّت لنفسها هدفا بعيد المدى في العراق وغيره من الدول التي أوجدت لنفسها موطئ قدم فيها، يوّمن لها إحكام السيطرة على المجتمع عن طريق التغلغل في بيئات مؤثرة، كالجامعات ومراكز التعليم بمختلف مستوياته، تاركة لغيرها جعجعة فارغة لا تلمس لها نتائج، أو التحرك على المناطق المختلطة والتي تعيش أزمات سياسية أو عرقية أو مذهبية، ليس بهدف إيجاد حلول حقيقية لها وإنما بهدف إيجاد مرتكز لإيران للتحكم في بعض الأوساط المغفلة والمتخلفة التي تظن أن خلاصها لا يأتي إلا من إيران، نستطيع أن نلمس في الآونة الأخيرة عدة خطوات في هذا الصدد  بدأت...

1- بزيارة مسؤولين إيرانيين إلى ما يسمى بمفتي أهل السنة والجماعة في جامع أم الطبول، وكأنها محاولة لترجيح كفته في معادلة صراع محموم على رئاسة ديوان الوقف السني أو كأنها رسالة للسنة أن إيران لا تعترف بمن يمثلهم إلا هذا الشخص، حتى بدا وكأن إيران ومعها التحالف الشيعي قد غضا النظر عن الماضي المفترض لها الشخص في معاداة التشيع ونعته بأقبح الأوصاف.

2- زيارة ممثل عن علي خامنئي إلى جامعة الرمادي مركز محافظة الأنبار التي كانت بحق رأس النفيضة في مواجهة الاحتلال الأمريكي، وهي مدينة بل ومحافظة خالية من أي وجود شيعي، وبدلا من رفض هذه الزيارة نرى أن رئيس الجامعة يرحب بالزائرين على الرغم من أنهم لا يحملون أي مؤهل أكاديمي يسمح لهم بتفتيش الجامعة أو مراقبة عملها، مما يؤكد أن إيران تريد كسب عدد من المنافقين وعبدة الدولار بالانضمام إلى مشروعها كي تعلن أن مشروعها ليس مشروعا طائفي وإنما هو مشروع عابر للطائفية وإلا لما تمكنت من التمدد على الأنبار وكسب وجوه سنية تحت لافتة الإسلام المحمدي وكأن علماء الأنباء الذين خدموا الإسلام على مدى أربعة عشر قرنا كانوا على غير الدين المحمدي، ومع أن إيران تحتقر كل من يمد لها يدا للتعاون وتنظر إليهم كما نظر نابليون إلى الضابط النمساوي الذي أعطى فرنسا معلومات مكنت نابليون من الانتصار على النمسا، وذلك عندما رمى له بصرة ذهب ورفض مدّ يدّه إليه لمصافحته لأن اليد التي تتعاون مع العدو لا تصافح وإنما هي جديرة بالقطع.

3- زيارة وفد إيراني من ممثلي الولي الفقيه إلى كركوك عندما نشبت خلافات بين الاتحاد الوطني الكردستاني والسلطة في بغداد حول رفع علم كردستان فوق أبنية مدينة كركوك، وإذا ما علمنا بأن الاتحاد الوطني الكردستاني يرتبط بعلاقات تخادم مع إيران فعلينا أن نتوقع أن هذه الزيارة جاءت لصب الزيت على النار، ولا أحد يعرف ما هي الصفات التي أهلّت هذه الوفود للقيام بهذه الزيارات إلا أن تكون استخفافا بكرامة بلد آخر، نحن نعرف أن السلطة الحاكمة في حدود المنطقة المحمية في كرادة مريم والمسماة بالخضراء، لا كرامة لها وأجمل ما تطرحه من مزحة سياسية وراء أخرى حديثها عن السيادة الوطنية عندما يتصل الأمر بكل الأطراف باستثناء إيران فإنها فوق كل اعتبار وطني سيادي أو غير سيادي.

4- افتتاح المدرسة الشيرازية في سامراء على نحو لا وجود لمثله لا بالنجف ولا بكربلاء ولا في الكاظمية، مما يطرح آلاف الأسئلة الحائرة عن طبيعة خطط ما تسمى بالعتبة العسكرية في المدينة المغتصبة بشأن ما تبيته لها من مصير مجهول والتي قامت بتقطيع أوصال المدينة والسيطرة على مركزها ومنع أصحاب العقارات من الانتفاع من ممتلكاتهم وأموالهم لأنها تخطط لتجريد المواطنين مما يمتلكون أو التنازل عنها لصالح الوقف الشيعي أو ما تسمى بالعتبة.

هذه المؤسسات تبدأ بطرح نفسها بقفاز من حرير كما أن مؤسساتها تبدأ بتقديم خدمات التعليم الديني والذي يستدرج الفقراء والمعدمين وخاصة من السنة للقبول في المدرسة بل والإنفاق عليهم، ثم تتحول إلى مؤسسة تقلد ما يحصل في مشهد الإيرانية فتنتهي بعقود زواج المتعة لاستدراج الشباب إلى هذه الهاوية السحيقة التي ما لها من قرار.

5- استيلاء الوقف الشيعي على جزء من أراضي النبي شيت في الموصل وتحويلها إلى دكاكين باسم الوقف المذكور وتحويل إيجاراتها لصالح الوقف المذكور، وهذه الدكاكين فضلا عن أنها اعتداء على مدينة الموصل وتاريخ المدينة فإنها أي الدكاكين تخل بواجهة البناء الأصلي الذي حافظ عليه الموصليون آلاف السنين، وكل هذا يتم وسط ذهول المواطن من صمت السطات الإدارية المحلية كأنه صمت أهل القبور، فإننا إذا سلمنا بأن نظام الحكم الذي أقامه الأمريكيون هو نظام شيعي المرتكزات والقوائم، فهل يعني هذا أن السلطات الإدارية وصلت إلى هذا الحد من التخاذل والجبن؟

وغير هذه الخطوات، كثير مما حصل في مدن أخرى، وخاصة المدن التي استولت عليها المليشيات بعد خروج داعش منها، والتي ما تزال مستعمرات مغلفة للمليشيات ولا يسمح لأهلها بالعودة إليها مثل جرف الصخر وغيرها كثير ولا تقدم المليشيات تبريرا منطقيا لمنع السكان من العودة إلى مدنهم مستظلة بمظلة الصمت الدولي والمنظمات الحقوقية والإنسانية.

وإيران تقتفي بذلك خطوات الحركة الصهيونية عندما قامت بزرع المستوطنات والمستعمرات قبيل قيام إسرائيل، والتي تحولت بعد ذلك إلى قاعدة انطلاق لها في التوسع على حساب المناطق المجاورة حتى استكملت احتلال فلسطين، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن الديانة اليهودية لا تقبل في صفوفها إلا المنحدرين من سلالة بني إسرائيل، أما التشيع فهو دين توسعي يستقطب إليه الخائفين والمنتفعين وعبدة الذهب والفضة وحتى أولئك الذين يعيشون على فتات موائد المحتلين أيا كانت جنسياتهم، وقد سجل تاريخ العراق أكبر قدر من تداعي جدار العفة والحصانة الوطنية أمام ما يقدمه المحتلون من مغريات زائلة.

 أما الولايات المتحدة فلا تقوم إلا بحركات استعراضية أشبه بأفلام الأكشن أو الغرب الأمريكي "رعاة البقر" هدفها من ذلك كله استقطاب أوسع قدر من الانتباه وشدّ الاعصاب، وكي تحافظ على ثقة أصدقائها أو المراهنين على دورها بإلقاء قارب النجاة لهم في ساعة العسرة سواء كانوا عراقيين أو دولا إقليمية، وفي الوقت نفسه تضمن أنها لن تخسر طرفا ما تزال تنظر إليه على أنه صديق قديم لن يفرط بعقد الزواج الذي سبق وأن تم عقده في عهد شاه إيران، وبالتالي يمكن أن تزال حالة النشوز التي تمر بها دولة الفقيه وتعود لبيت الطاعة بعد أن يتم تدجينها على مقاسات دولية حديثة.

والأمثلة على أن السياسة الأمريكية لا تمتلك الإرادة أو الحد الأدنى من الجدية في مواجهة النفوذ الإيراني في العراق ودول المنطقة، أن هناك أكثر من مطلوب بتهمة الإرهاب الدولي يتحرك في مناطق نفوذ القوات الأمريكية وخاصة في العراق ويتحركون بطول قامتهم وبحماية القوات الأمريكية، ولم يتم إلقاء القبض على أي منهم كما تفعل مع أشخاص تشك أو تزعم بأنهم من تنظيمات "إرهابية" لمجرد أنهم معارضون لها من السنّة، ولا نريد أن نخوض في ذكر الأسماء فهي لا تستحق منا مجرد الإشارة إليها، ولكن هناك قادة الحرس الثوري الإيراني الذين تحركوا غير مرة بحماية الطيران الحربي الأمريكي على الرغم من أنهم مطلوبون على لائحة الإرهاب الأمريكية، وتواصل إدارة ترمب استنساخ "العار" الأمريكي كما وصفه بومبيو في كلمة ألقاها أمام الجامعة الأمريكية في القاهرة، والذي ورثته عن إدارة أوباما، ولا أحد يدري كيف سيغسل بومبيو أو سيد البيت الأبيض ذلك العار؟ هل بالدعوة إلى عقد مؤتمر دولي بشأن إيران والشرق الأوسط في بولندا؟

هل وصلت إيران إلى هذا القدر من القوة بحيث تحتاج إلى تحالفات دولية أو عقد مؤتمرات عالمية لمواجهتها، وهنا لا بد من طرح سؤال ظل يدور في عقول معظم العراقيين، لماذا تضافرت أموال عرب الخليج العربي مع تكالب نوايا الشر الأمريكي والأوربي لقتل العراق وشعبه بحيث لم يتطلب الأمر جزء يسيرا من هذا الصبر والأناة المبذولين مع إيران حاليا، فبادروا لإرسال كل أدوات الموت والدمار إليه، العراقيون يريدون أن يعرفوا أين تختفي الحقيقة، هل لدى نظم خليجية كانت ترى في عراق قوي تهديدا جاثما على صدرها أكبر حتى من تهديد إيران المسلحة بالقوة العسكرية والمدعومة بعقيدة توسعية تريد فرض نفسها على سائر المسلمين؟ ولا تخفي أدوات هذه القوة من تلك المشاعر شيئا بما فيها السيطرة على أرض الحرمين الشريفين؟ إذن أين الإرادة العربية في التصدي المزعوم للتوسع الإيراني؟ هل تنحصر حدود ذلك في الشعارات والقنوات الفضائية والمؤتمرات والأموال المهدورة للعدو والصديق من دون تمييز؟

إذا كانت أمريكا جادة في موقف حاسم من إيران فليس أمامها إلا أن تراقب حركة الأموال من العراق إلى إيران، أما الحديث عن دعم إيراني للمليشيات في العراق فذلك أمر انتهى مع الأزمة الاقتصادية في إيران وباتت طهران هي التي تستجدي الدعم من عملائها، وليس هناك أكثر أموالا ضائعة من العراق كي تتسرب إلى مقاصد شتى في إيران.

الخميس، 10 يناير 2019

استلهام التراث.....بقلم فالح حسن شمخي




استلهام التراث


فالح حسن شمخي

الكثير منا سمع أو اطلع على هذا المفهوم عبر وسائل الاتصال الحديثة أو القديمة المهم أن المعنى البسيط لهذا المفهوم هو الوقوف عند الإيجابي من تراث سلف أمتنا العربية والتفاعل معه كدروس وعبر مستنبطة لتسخيره في خدمة الحاضر والدفع بهذا الحاضر إلى  مستقبل أسمى وأفضل ، والاستلهام هو تفاعل إيجابي وهو بعيد عن السلفية في التعامل مع التراث والتي تريد نقله بكل مافيه وبالتالي وقعت في خطأ جسيم .
ان من أهم ماعلينا التعامل معه في تراثنا المجيد هو اللحظة التاريخية التي أستوقف  فيها سلفنا الصالح الزمن في خطبة أو قصيدة أو قرار أو رسالة  ليغيروا مجرى التاريخ والتي نقف اليوم أمامها باجلال وأكبار وهي:

1- خطبة الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضى الله عنه وارضاه، (من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حيا لايموت).

2-خطبة الخليفة الثاني عمر ابن الخطاب رضى الله عنه وارضاه، (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ).

3- خطبة الخليفة الرابع علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه وعليه السلام ، (أعرفكم معرفة والله جرت ندما وأعقبت سدما قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي قيحا وشحنتم صدري غيظا وجرعتموني نغب التهمام أنفاسا).

4-خطبة الحسين عليه السلام (هيهات منا الذلة).

خطبة طارق أبن زياد زياد رضى رحمة الله عليه، (أيها الناس، أين المفرُّ؟! والبحر من ورائكم والعدوُّ أمامكم، فليس لكم والله! إلاَّ الصدق والصبر، واعلموا أنكم فى هذه الجزيرة أضْيَعُ من الأيتام فى مآدب اللئام، وقد استقبلتُم عدوَّكم بجيشه وأسلحته، وأقواتُه موفورة، وأنتم لا وَزَرَ لكم غير سيوفكم).

5-قصيدة شهيد الحج الأكبر رحمة  الله عليه، (أأطلق لها السيف لا خوف ولا وجل أطلق لها السيف وليشهد لها زحل أطلق لها السيف قد جاش العدو لها فليس يثنيه الا العاقل البطل أسرج لها الخيل ولتطلق أعنتها كما تشاء ففي أعرافها الأمل دع الصواعق تدوي في الدجى حمما حتى يبان الهدى والظلم ينخذل وأشرق بوجه الدياجي كلما عتمت مشاعلا حيث يعشى الخائر الخطل ).

استلهام لماتقدم أعلاه جاءت رسالة  الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي قائد الجهاد والتحرير الرفيق عزة إبراهيم حفظه الله ورعاه رسالته الأخير الموجهة لأعضاء القيادة القطرية والكادر لمتقدم للحزب خارج الوطن.

الرسالة لها هدفين  الأول  هو التخلص من الإدران والعوالق التي أصابت جسد الحزب بعد عام 2003 نتيجة تكالب الأقوى التي اسنهدفت الوجود العربي .

والثانية الدعوة إلى بناء حزبي كالبنيان  المرصوص  استعدادا لمرحلة قادمة ستشهد تغيرات سيكون لحزب البعث العربي الاشتراكي بفكره القومي النير وقيادته الشجاعة الصامدة  الدور الفاعل فيها.