الأحد، 22 مايو 2022

سألتُ القائد الرفيق عزة ابراهيم الامين العام للحزب فأجابني.../ بقلم الرفيق ابو عامر

بسم الله الرحمن الرحيم

سألتُ القائد الرفيق عزة ابراهيم الامين العام للحزب فأجابني...


كتبت رسالة للرفيق المناضل عزة ابراهيم الامين العام للحزب رحمة الله عليه ورضوانه تضمنت مجموعة من الاسئلة والاراء والملاحظات والاستفسارات بتاريخ 8 تشرين الثاني عام 2017  حيث صحح لي الكثير من تلك الاستفسارات باجابات مبدئية ,  فقلت له رحمة الله عليه ما نصه ( وجدت من الضروري ان اجد تفسيرا موضوعيا وذاتيا عن كثرة الانشقاقات والتكتلات والارتداءات والمؤامرات والفقاعات الخيانية والتمردات , تلك ليست احداثا بسيطة قام بعض عناصرحزب البعث العربي الاشتراكي للخروج عن الشرعية وبالرغم من ان تلك الحالات اصبحت شيئ من التاريخ  .. واهم من هذا كله اصبحت ظاهرة خا صة بالحزب وبالقطر العراقي , حتى ثورة 8 اذار 1963 في القطر السوري كان للعراقيين من القياديين احد الاسباب الرئيسي في ردة 23 شباط 1966 في سورية.

_ اليس من الواجب تحليل ودراسة اسباب الانشقاقات والانحرافات ؟

_ وهل اقول بان الحوراني والريماوي والركابي والسعدي والبياتي وصلاح جديد والى ما بعد الاحتلال الامريكي البريطاني للعراق من صباح مدني والاحمد ..

 اعتقد انها اوراق خريف سقطت من شجرة البعث الوارفة كما ان البعث لن يتوقف امره على قيادة او قائد او جيل لان الاشخاص تزول والقيادات تتغيير , وخلاصة اقول : كل ما حدث او ما سيحدث من خيانات ومؤامرات لم ولن يزعزع ايماننا بمباديء البعث العظيم , بل لعله يزيدنا قوة ومنعة وعمقا , بان البعث حركة تاريخية ومصيرية واصيلة , حركة صادقة تعبر عن تطلعات وامال الامة العربية المجيدة .

وعلى ضوء ذلك استنتج من تلك الانشقاقات ما يلي :

1 _ اعتقد بان هناك بعض القواعد والقيادات لم تكن بمستوى فكر البعث ومهماته التاريخية مما يفقدون توازنهم وتكبر النقاط السوداء في دواخلهم المريضة ويحدث التناقض " بين عظم المهمة التاريخية التي حملها البعث على عاتقه وبين الاداة التي حمل بها هذه المهمة " او ( ان الافراد لم يرتقوا الى مستوى الفكرة ). وبالرغم من ذلك كله نعتقد ان المؤمنيين بمباديء الامة العربية ورسالتها الخالدة في الوطن العربي والمهجر اكثر بكثير من المنتمين للحزب وحتى البعض منهم منتمي الى احزاب اخرى وحبهم للعراق العظيم ولقائده الشهيد صدام حسين ونائبه الامين عزة ابراهيم الامين العام للحزب رحمة الله عليهما .

2 _ يبدو ان معظم الانشقاقات والانحرافات والفقاعات الخيانية جاءت نتيجة عجز اصحابها عن مواجهة صعوبات الطريق  والميل الى اتخاذ الطريق السهل للوصول الى اهدافهم الانانية البعيدة عن قيم المباديء والمعاني العالية , واقول اني اطمح واطمع باجابات الرفيق المناضل الامين العام للحزب لانه الوحيد من الاعضاء التاريخيين الذي رافقه الشهيد اكثر من 43 سنه ولا احد يزايده على تلك العلاقة اضافة ما يمتلكه من تجربة نضالية وفكرية وتنظيمية وسياسية وامنية ولديه اسرار في تلك المجالات وخاصة الاستراتيجية والعملية على مستوى الافراد والقيادات في الحزب والدولة والمجتمع وهذه الاسرار ملك الحزب والاجيال العربية القادمة .

حيث اجابني باجابات مصيرية كما صحح لي بعض الافكار التي كانت تدور في ذهني على بعض الاسئلة الفكرية والتنظيمية والسياسية .

وساعرض لرفاقي بعض من رسالته الكريمة على اسئلتي :

( الرفيق ابو عامر العامر والراسخ بالايمان في قلبه والواعي لمسؤولياته التاريخية في حزب الرسالة سواء المسؤولية الحزبية الخاصة في اطار التنظيم الفرقي او المسؤولية العامة كمناضل قائد في صفوف البعث المجيد .

حياك الله وزادك ايمانا وعلما وعزما وحزما وهمة ونخوة لكي تحث الخطى في مسيرة المجد والعزة والرفعة مع حزب الرسالة في اخطر مرحلة تواجهها الامة العربية على امتداد تاريخها الطويل , وكان بودي ان ارى واقرا في رسالتك حوارا ونقدا واسئلة واستفسارات اكثر صراحة وجراة وعدلا وعلمية وواقعية ... هكذا كان ظني بك ولازال وسيبقى ويتعزز بمزيد من العطاء والاداء والابداع والحوار وتلاقح الافكار والنقد والنقد الذاتي حتى النصر المؤزر باذن الله .. وانت خضت المعركة والتجربة مع حزبك من البداية الى النهاية ومن مواقع متقدمة في التنظيم ).

وقال ايضا رحمه الله ( ان الكادر الحزبي كل الكادر الحزبي المتقدم احتياط للقيادة ولا يتميز اعضاء القيادة الا بالموقع الرسمي وفي نوع المسؤولية وكل اعضاء الكادر المتقدم وبدون استثناء يصلح من حيث المبدا لتبوء عضوية القيادة) .

واختتم رسالته بعد ان وضح بعض الحقائق التي كنت اجهلها قائلا انني اعتز بك وياليت لنا مثلك ما يغني مسيرتنا النضالية وخاصة خارج الوطن لاننا نفتقر الى من هو في مستواك من الصدق والاخلاص والحرص والكفاءة وادعوك الى مزيد من النقد لمسيرة الحزب بصراحة اكبر ) .

وخلاصة ما تقدم : فكان القائد الامين العام للحزب رحمه الله رسم لنا ممارسات جهادية مستوحاة من عظم رسالتنا الخالدة الحضارية الانبعاثية على طريق الجهاد الفكري والتنظيمي والثقافي والاعلامي والعسكري والامني , لانه كان الدليل الامين لكل الحائرين بعد الهزة الكبيرة .

حيث اجاب على سؤالي عن اسباب الانشقاقات والتكتلات والفقاعات بقوله :

( ايها الرفاق لا يوجد ضامن ولا يوجد رابط محكم للحفاظ على وحدة الحزب وتصليبها وتمتينها اكثر من فهم عقيدة الحزب والتمسك بها والتعشق بها وعشقها والتفاني حد الاستشهاد في الدفاع عنها وبذل كل الجهود لتجديدها واغنائها وساضل ادعوا رفاقي واحبائي الذين وصفت حالهم ومقامهم عندي في هذه الرسالة الى التوجه الجدي والصادق والمخلص الى قراءة فكر الحزب وعقيدته , بل المطلوب قبل ذلك قراءة عقيدة الامة العربية وفكرها وتاريخها وتراثها لان حزبنا حزب قومي عربي اي هو حزب الامة العربية وهو مولود من رحمها الطاهر كما نقول دائما من لم يقرا ويتعمق في عقيدة الامة وفكرها وتاريخها سوف لن يفهم حقيقة البعث وعقيدته وفكره ومبادئه واهدافه وسيبتعد عن البعث كلما ازدادت ثقافته الهجينه فاقول على رفاق البعث جميعا والمثقفيين الثوريين منهم خاصة ان يغرقوا لثقافتهم من معين الامة العربية ومن عطائها ومن ابداعاتها ومن تاريخها ومن تراثها لكي يكون هو الرابط القوي والحبل المتين والحصن الحصين لثقافتهم العامة 

.. اي بمعنى ان نتسلح بثقافتنا الخاصة قبل ان نخوض في الثقافات الاخرى .. .وسبحانه من لا يخطا ولا يزل وكلنا خطائون وخير الخطائين التوابون والتوابون هم الذين يمارسون النقد والنقد الذاتي ويعترفون بخطئهم ويستفيدون منه , احيي كل الرفاق في الخارج وادعوهم الى التعايش الوجداني والقلبي والروحي مع مناضلي الحزب ومجاهدي الداخل ) واضاف رحمه الله قائلا ( ايها الرفاق نحن اصحاب الرسالة ولسنا طلاب سلطة وطلاب مال وجاه .. نحن طلاب الوحدة والحرية والاشتراكية لا يقع بصرنا دونها الا لكي يزداد بريقها في عيون طلابها ومريديها من جماهير العراق والامة )القائد عزة ابراهيم" حديث الدين والايمان ودواعيه في فكر البعث ج2 

واخيرا وليس اخرا  فلا تتوهموا مطلقا ولا يتوهم احد منكم ان تنالوا من الرفاق اعضاء القيادة القومية المتمثلة بالرفيق الشهم علي الريح السنهوري وصاحب النخوة والبطولة عندما ادلهمت الخطب , فكان فارسا عروبيا يتقدم الصفوف باعادة تنظيمات بغداد والاشراف على كل انتخابات الفروع , والشهود على ذلك الرفاق المناضليين الذين لهم السبق بالانتماء واعادة التنظيم  وليس الذين هرولوا للمحتل بتسليم انفسهم والبعض الاخر اختفى لهذه للحظة والبعض يريد ان يزايد على رفاق الداخل وهم المتسكعون في خانات ومقاهي النمسا والسويد لتامين امنهم الشخصي والعائلي . وخير ما اختتم به موضوعي هذا قول الرفيق القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق رحمه الله ( يكفي ان يبقى افراد من هؤلاء فلا يموت الحزب ولا تنطفيء , حقيقته , لان رجلا صادقا يستطيع ان يهزم المئات من المفترين الكاذبين ) .

والحمد لله لازلنا جميعا تحت خيمة العروبة العالية والواسعة , ومن يخرج من تلك الخيمة يذهب الى مزبلة التاريخ.

    

 الرفيق ابو عامر/

 اواخر مايس 2022

السبت، 21 مايو 2022

خطاب اخوي متوازن من بعثي قديم / بقلم الاستاذ محمد دبدب


خطاب أخوي متوازن من بعثي قديم

محمد دبدب


طلعت علينا قبل مدة مجموعة من الحزبيين، ممن يعيشون خارج العراق، بأفكار واتجاهات تفضي إلى التلاعب بتاريخ حزب البعث العربي الاشتراكي وقدرته على مواجهة الحالة الراهنة، وما كنا نرغب بمناقشة طروحاتهم لأننا نعتقد أن فيهم من ما زال الخير فيه، ونحن ينبغي أن نميز بين الإجراء العفوي والآخر المقصود.

بعد متابعتنا للأفكار التي روجت لها هذه المجموعة أيقنّا أن هناك دوافع خارج مصلحة الحزب وجماهيره وقضية التحرر في العراق.

لتسمح لنا هذه المجموعة من الحزبيين أن نناقش بعض طروحاتها وما تروجه، بروح رفاقية:

* لشدما أثار استغرابنا استخدام مصطلح (صقور البعث)، وهو مصطلح لم يذكر مثله في أشدّ حالات الانقسام السياسي الايديولوجي التي شهدها الحزب.

* أصاب اليأس من وضع هذا المصطلح الذي أدين من الكثير ممن تابعوا المنشقين الجدد والذين أيدوا مغالطات من روجه وأكاذيبه، وسفهوا عقلية واضعه.

* كنا نتمنى أن يكون الخلاف أو الاجتهاد ضمن رؤية سياسية أيديولوجية، لكن الغرابة أن يستند متبني الانشقاق الجديد في الدعوة إلى الانقسام على اجتماع واحد ما زال الكثير يفسر نوع المشكلة الناشبة فيه برؤية نظامية أو غير نظامية، وفي الوقت الحاضر هناك شواهد على قرارات تنظيمية خاطئة جرى التعامل معها من دون قصد.

* اتضح، بعد هذا الاجتماع أو اختلاف وجهات النظر، أن هناك دوافع وتحضيرات وأفكار مسبقة وله مقدمات ظهرت من أشخاص في القيادة روجوا لفكرة أن حزب البعث في كل قطر عربي حزبان، واتهموا بعض أعضاء القيادة بالتبعية لإيران، كما اتهموا بعض أعضاء القيادة القطرية بأنهم يعانون من عقد نفسية، واتهامات أخرى ليست بنا حاجة لذكرها هنا، وهذه الاتهامات رددها من انشق قبلهم وهو صاحب مصطلح صقور البعث.

* إن سرعة إعلان الانشقاق الجديد تدل على عدم وعي وتجربة ناقصة لدى المنشقين الجدد من جهة البناء الحزبي مما يجعله فاقداً للموضوعية.

* إن الغريب في الأمر أن الذين تابعوا الانشقاقين الجدد وسايروهم هم خارج العراق ولا علاقة لهم بميدان الرباط في الداخل. 

* مما يستغرب له أيضاً أن الانشقاقيين، بعد إعلانهم انشقاقهم، قطعوا العلاقة بالقيادة القومية مما يعني أنهم لا يمتلكون رصيداً أيديولوجياً، وكان هذا الإجراء مفاجأة غير متوقعة لا يقدم عليه بعثي انتمى إلى الحزب حديثاً.

* تأكدت، باليقين القاطع، الأفكار المسبقة عن مقدمات الانشقاق الجديد عندما اتخذ المنشقون قراراً بإعادة خضير المرشدي إلى قيادتهم وتكليفه أن يكون ممثلاً للحزب الذي تمخض عن الانشقاق، في حين أن المرشدي سبق أن اتهمه الذين يشاركهم الانشقاق، حالياً، بأنه مرتد وخارج عن أخلاقيات الحزب، كما اتهموه بنزاهته وفي موضوع مصادر تمويل معهده، لا بل أن أحدهم الذي كان مع فكرة إعادته هو من حقق معه حول هذا الموضوع، بأمر من الرفيق الأمين العام الرفيق عزة ابراهيم رحمه الله.

* يلاحظ أن الانشقاق الجديد هو استنساخ لتجربة انشقاقية سابقة في القطر العربي السوري، ومعروف ما آلت إليه هذه التجربة من تخريب وابتعاد كلي عن فكر الحزب.

* كنا نراهن على تجربة بعض من انشقوا وعلى وعيهم، لكن تبين أن الدوافع الشخصية والذاتية كانت أكبر لديهم من مصلحة الحزب ومستقبل العراق، وندعو من نتوسم بهم الوعي أن لا يدعوا أفكار التخريب تستمر وأن يتصدوا لها لكي لا تسيء إلى تاريخهم وإلى التاريخ الناصع لحزب البعث العربي الاشتراكي.

ختاماً، أنا لا أرجو من وراء كلامي هذا إلا مصلحة الحزب الذي ناضلت في صفوفه طويلاً، ولا أظن أن بعثياً ينكر عليّ ذلك أو لا يعرفه، وأدعو إلى تقديم مصلحة الحزب على الدوافع الشخصية والذاتية، فالحزب هو الباقي والأشخاص مهما ارتقوا في تراتبيته زائلون.

الجمعة، 20 مايو 2022

التجديد كلمة حق يراد بها باطل / بقلم د- فالح حسن شمخي

التجديد كلمة حق يراد بها باطل 

د- فالح حسن شمخي 

ان الحديث عن التطوير (التجديد) في بنية الفكر العربي يعتبر من المواضيع الخطيرة ، لذا فهو يستدعي المزيد من الحرص والدقة والحذر والمسؤولية ، والابتعاد عن الحماقة.

ان اي تصدي لدراسة الفكر العربي ونقده يمر بالضرورة بمنابعه ومصادره التأريخية والتراثية ، ومن دون معرفة تلك المصادر لايمكن الحكم على صحة وخطأ الفكر العربي .

اننا نسمع بين الفينةوالأخرى  من يطالب بالتجديد وبإعادة كتابة التاريخ العربي ، ومع ان هذه المطالبات مشروعة ، لكنها عملية شاقة ومعقدة ولانها تستدعي مراعاة ضوابط الحياد والعلمية.

لقد تعرضت فكرت التجديد على الصعيد المعرفي الى موجات من الجدل منذ الشيخ محمد عبده في مصر مرورا بالدكتور محمد عابد الجابري الى يومنا ، الامر الذي ادى الى بروز اجيال تؤمن بالتغيير والتجديد من أجل تحديث الوسائل والاستفادة من كل حالة ايجابية في تاريخنا العربي الحضاري .

التجديد هو أحد المفاهيم التي تتردد بكثرة في الفكر العربي المعاصر وتحديداً بعد بروز العديد من المفاهيم كمفهوم الإصلاح والنهضة والثورة والتغيير ..الخ، علما بأن  تلك المفاهيم تظهر وتختفي وفقاً للظروف الاجتماعيّة والتيارات الفكريّة السائدة، إضافةً إلى أنظمة الحكم السياسي في المجتمعات والصراعات الدائرة.

ان القول بان الفكر العربي يعيش ازمة ، تعبير غير صحيح ، فالشيء الذي يعاني ازمة ما يعود الى ما كان عليه من قبل ، بينما لا يمكن حدوث ذلك بالنسبة لحالة الفكر العربي ، مايعانية الفكر العربي هو عدم تكيفه مع امكانات العصر الذي يتغير فيه كل شيء بسرعة خارقة ، البعض من الذين يتحدثون عن الفكر العربي ،  لم يغادروا انشدادهم الى الماضي وبصورة غريبة ، لاسيما مفكري الاسلام السياسي الدين يطلق عليهم ، (العقل الغارق )، الغارق في التراث والمحكوم بكلام من سبق" الذي يرتد تفكيره نحو أحداث ماضويّة بمآسيها ومنجزاتها، فالماضي هو "البوصلة" التي تحدد تصوره وحكمه على الحاضر والمستقبل، فهو عقلٌ راحلٌ في غياهب الماضي مرتهنٌ به ليجد فيه تفسيراتٍ وحلولٍ لحاضره ومستقبله ، والبعض الاخر ومنهم الدكتور الجابري الذي يتعامل مع بنية العقل العربي ، عبر مستوياته الثلاثة التي حددها وهي البيان والعرفان والبرهان ، تناول هذه البنية بالتحليل والنقد وتحديد ماهو ايجابي وماهو سلبي ، والذي يتفق على مايطلق عليه ، (العقل الفائق)،

وهو العقل  "المتعاطي مع التراث بطريقة براغماتية وواقعية، الذي يتناول المواضيع بنوع من عدم القطع أو الغرق في التراث من خلال التمسك بما يُعدُّ مفيدا لنا زمنا ومكانا." فهو قد اتخذ من الماضي مُسْتَأْنَسًا لفهم الحاضر وهندسة المستقبل، وهو يحسن الموازنة المنطقية بين موضوعية التاريخ ونسبيّته وواقعية الحاضر وحتميّاته وآفاق المستقبل ومستجداته ومتطلباته.

وهنا نؤشر الى ان التصدي لاي موضوع شائك لا يجعلنا نهرب الى الطعن والتشكيل وانكار وجوده على سبيل المثال  الفكر العربي واسهاماته الحضارية في المجتمعات الانسانية  ، كما تفعل الفئة الثالثة التي تنتمي الى معهد التجديد العربي ، والذي تنكر للتاريخ والتراث  عبر طروحات اعضاء المعهد والذين يطلق عليهم مصطلح ،(العقل المارق)،

العقل "الرافض للتراث الذي ينفي الارتباط بالماضي والتقاليد إيمانا منه بأن القادم هو الأفضل دوما" وهو العقل المنقطع عن أصوله فلا يَصْدُرُ عن مرجعيته الوطنية، وإنما هو تائه بين مرجعيات متباينة ومتناقضة يقلد دون تبصّر أو دراية، أو مَشْدُوهٌ بما عند الآخر من فكر ومنجز حضاري جعل منه محل اسْتِلْهَامِهِ ومورد اسْتِمْدَادِهِ، وكلاهما يمثلان عقلا استهلاكيا للفكرة والمادة ولا يعبأ بإنتاجها أو بمصدرها..

ماهو التجديد ؟

التجديد  من أصل الفعل “تجدد” أي صار جديدًا، جدده أي صيّره جديدًا وكذلك أجدّه واستجده، وكذلك سُمِّي كل شيء لم تأت عليه الأيام جديدًا، ومن خلال هذه المعاني اللغوية يمكن القول: إن التجديد في الأصل معناه اللغوي يبعث في الذهن تصورًا تجتمع فيه ثلاثة معانٍ متصلة:

أ- أن الشيء المجدد قد كان في أول الأمر موجودًا وقائمًا وللناس به عهد.

ب- أن هذا الشيء أتت عليه الأيام فأصابه البلى وصار قديمًا.

جـ- أن ذلك الشيء قد أعيد إلى مثل الحالة التي كان عليها قبل أن يبلى ويخلق.

التجديد هو الوحدة الأساسيّة لكلِّ نظامٍ معرفي ومنظومةٍ فكريّة، والتي من شأنها التعبير عن نظريّةٍ أو موقف أو أحد جوانب الفكر المستقيم. ينشأ هذا المفهوم نتيجةً للدوافع النفسيّة وآليّات التفكير والتوجّه العقلي، إضافةً لمقتضيات وحاجيّات وظروف البيئةِ الخارجيّة.

التجديد لايعني انكار ماهو موجود والتشكيك به وبدوره الحضاري والانساني ، فلايمكن ان نحاسب ونجلد الفكر العربي الذي قدم الكثير من منظور زماننا وواقعنا الحالي ، لان الفكر والحضارة العربية كانت لها اسهاماتها عندما توفرت لها الظروف الموضوعية والذاتية، اليو وفي ظل الازمة التي يعيشها العرب لايمكن ان تكون معيار لتوجيه النقد والالغاء ، فالازمة تمر كما قلنا وسيعود الحال الى ماهو عليه ، وبما ان الامة العربية من الامم الحية ، فحتمية التاريخ تقول بانها ستنهض من جديد ، والواقع العربي الحالي الذي نراقب حرمته من خلال الحركات الشبابية الواعية على امتداد الارض العربية وفي قلب الامة فلسطين يقول بذلك يقول ان الامة ستنهض من كبوتها ، فلا داعي للتشكيك والانكار .

الحدث هو تأسيس المعهد والزمان هو الان والمكان هو اسبانيا ، من حقنا ان نتسائل ، لماذا الان وفي هذا المكان بالذات ؟ نتسائل لاننا نعتقد ان اختيار  المكان والزمان والحدث جاء  يتماهيا  مع اهداف وتصورات الغرب الامبريالي ، فاالتاريخ والواقائع  التاريخية تشير ان الغربين يختارون اسماء معاركهم وصولاتهم وجولاتهم استنادا الى وقائع تاريخية توراتية ، المثل القريب هو الحرب الاوكرانية ، حرف (z )الذي اختاره الروس يرمز الى (77)  الذكرى السنوية لانتصار الروس على النازية ، وان النازيين الجدد الاوكران يضعون على اجسادهم رموز النازية .

ماهي  الاسباب الموجبة للتأسيس ، وماهي علاقة المؤسس بالفكر والثقافة ، الرجل طبيب ، كان منتميا الى حزب ، لم نعرف ان له باع طويل بالدراسات الفكرية كالدكتور محمد عابد الجابري ، والشعرية كالدكتور ادونيس ، والفلسفية كالدكتور عادل الضاهر ، والتاريخية كالدكتور عبد العزيز الدوري ، والاجتماعية كالدكتور المرحوم علي الوردي ، واللغوية كالدكتور مصطفى جواد …الخ ، لماذا وقع الاختيار ليترأس المعهد ؟

ولماذا اسبانيا التي ظلت الذاكرة فيها والمواقف عدائية تجاه العرب والمسلمين ، وخصوصا من طرف النخبة السياسية ورجال الدين؛ إذ جاء في خطبة يعود تاريخها إلى 1849 ألقيت عن الإسلام في كاتدرائية غرناطة بمناسبة ذكرى طرد المسلمين من الأندلس: “إنها ديانة تكرس الطغيان، وتبيع الملذات وتشجع الخمول الطبيعي وتحضر استعمال العقل”

لقد أجمع الإسبان وكثير من الأدباء على موقفهم الرافض لوجود “المورو” في القرن السادس عشر، وهكذا كتب كانثالو أريندو يصف الموروس بأنهم “أناس همجيون لا يعترفون بقانون ولا بملك ولا بسلم ولا بدين، أناس لا يمكثون في مكان، اليوم تجدهم هنا وغدا هناك، أناس خونة ولصوص… شأنهم شأن كل موروس إفريقيا” (عبد الواحد أكمير، “الهجرة إلى الموت، إسبانيا وأحداث إليخيدو”، منشورات الزمن، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء-1999. ص:103).

وقال عنهم مارمول دي كربخال خلال القرن نفسه: “أناس أدنياء يسعون إلى الحرب، لا يعرفون أي نظام في نمط عيشهم” (المرجع نفسه. ص 103)؛ إذ كانت هذه الشهادات في حق الموريسكيين المتخلفين عن عملية هجرة العودة من الأندلس.

فبعد إجلاء وتهجير جميع من تبقى منهم بالأندلس في مطلع القرن السابع عشر (1609)، ظلت الذاكرة الإسبانية والمواقف عدائية تجاه الموروس، وخصوصا من طرف النخبة السياسية ورجال الدين؛ إذ جاء في خطبة يعود تاريخها إلى 1849 ألقيت عن الإسلام في كاتدرائية غرناطة بمناسبة ذكرى طرد المسلمين من الأندلس: “إنها ديانة تكرس الطغيان، وتبيع الملذات وتشجع الخمول الطبيعي وتحضر استعمال العقل” (نفسه. ص 108-109).

فلماذا تستقبل وترحب اسبانيا بمعهد يرفع شعار التجديد العربي ؟ ان رفع شعار التجديد العربي في الظاهر لكن الباطن يتماهى وينسجم مع طروحات الغرب والاسبان الناقدة للعرب والمسلمين ، اسبانيا التي حولت المساجد الى خمارات واسطبلات للخيول ، تحتضن معهد يريد ان يجدد في بنية الفكر العربي .

لماذ تم تأسيس المعهد الان وفي هذاالوقت  ؟

إن أية نظرة موضوعية للواقع العربي الراهن تؤكد بما لايدع مجالاً للشك أن الأمة العربية الواحدة ذات الثقافة واللغة والهوية والجغرافيا الواحدة وذات المصير المشترك، تتصارع الآن في داخلها قوى وجماعات وكيانات، وتتمزق وحدة هذه الأمة على المستوى القومي وعلى الصعيد الوطني، ويتم تهجير ملايين من المواطنين ومنهم الكثير من الكفاءات والعقول الخبيرة، وتتعمق في المحتمع الواحد الإنقسامات الأثنية والطائفية أو حتى المناطقية في الاقطار العربية .  السؤال في ظل هذا التردي الذي اوصل الامة العربية الى هذا المستوى من التدني والاختلاف والتجزئة، مالذي علينا فعله ؟ هل نعيش الماضي بكل مافيه ، او نؤسس معاهد للتخلص من الماضي وانكاره والدعوة الى التجديد المطلوب امريكيا وصهيونيا ؟ لماذا لم تقم جبهة عربية واحدة إزاء ذلك الكم الهائل من التحديات التي أصبحت تهدد الهوية العربية  بل الوجود العربي من أساسه، الإنسان العربي يتعرض اليوم أكثر من أي وقت مضى للتجريف والتشريد بهدف إنهاء وجوده كإنسان.

أخيراً، إن معرفة الأهداف الكبرى والإيمان بها من غير معرفة منهجية وأدوات تحقيق هذه الأهداف، هو استمرار لدوران الأمة في الحلقة المفرغة، ومعالجة عجز الفكر العربي عن تقديم أجوبة على أسئلة الواقع الراهن .

علينا الدعوة لتاسيس معاهد تحترم التاريخ والتراث العربي والاسهام الحضاري للامة ، معاهد بلادهم او يتم تمويلها لتنفيذ اجندة خارجية ، معاهد تحلل الواقع العربي تحليلا علميا وتجد قوانين بديلة ، كما فعل حزب البعث العربي الاشتراكي الذي خرج على العرب بالاهداف الاستراتيجية ، الوحدة والحرية والاشتراكية.

أن التجديد الفكري ينبغي أن ينبثق من فكرة العروبة نفسها، شرط أن يكون هذا الانبثاق نتيجة لاستعراض واستيعاب الفكر العربي في كل ميادينه الأربعة، فسلامة النظم الفكرية تقاس بمقدار وفائها بالأغراض الجوهرية للحياة الإنسانية، وأخص خصائص هذه الحياة هي معرفة الإنسان لمكانة وجوده، ومركزه من العالم، والهدف الذي وجد لأجله، والرسالة التي ينتظر منه أداؤها.

الثلاثاء، 17 مايو 2022

البعث بين العلمانية والايمان والالحاد / بقلم ..د. فالح حسن شمخي

البعث بين العلمانية والايمان  والالحاد 

د- فالح حسن شمخي 

كثرت في الآونة الأخيرة البعض من المفردات والمفاهيم والمصطلحات التي يستخدمها البعض من أعضاء حزب البعث العربي الاشتراكي والتي تتماها مع المفردات التي يستخدمها الإسلام السياسي الأمر الذي يدعو المتابع إلى الاستغراب والتوقف طويلا أمام السؤال الآتي :

هل أصبح حزب البعث العربي الاشتراكي حزبا دينيا  ، وهل إن هناك تغيرا معينا قد شمل المنهج والنظرية البعثية  المعروف والتي امنا بها ؟

واذا قلنا ان حزب البعث العربي الاشتراكي حزبا مدنيا وعلمانيا ، هل نقصد بذلك انه حزب كافر اوملحد؟

الغريب ان هناك الكثيرون حتى من النخبة لايفرقون   بين العلمانية والالحاد ، العلمانية ايها السادة فصل الدين عن السياسة ، ( الدين لله والوطن للجميع ).

البعث مع الايمان وضد الالحاد ، لكنه حزبا علمانيا وليس حزبا دينيا ، وبالتالي على الحزب ومفكريه ان يبحثوا في مصطلع ومفهوم (الحزب الرسالي )، فالرسالي لايعني ويدل على الدين فقط ، من الممكن ان يكون بعث التراث العربي بكل مايعانية وما كان عليه ايام الدولة الاموية والعباسية ومن قبلها الحضارات القديمة التي انصهرت بالدولة العربية الاسلامية ، على سبيل المثال بعث القيم الاخلاقية والحضارية والمعرفية العربية ، فالتاريخ العربي حافل بما هو مفيد ونافع ومن الممكن ان يقدمه العرب للامم الاخرى ، الدين هو جزء من البناء الحضاري للامة كما هو معروف ، العرب والارض العربية قدمت القوانين والعجلة والجبر ( جابر ابن حيان )، والطب ، والفلسفة ، حتى الرازي والفارابي عرب لانهم فكروا وكتبوا باللغة العربية ، كما هو الحال مع الكاتب المغربي ابن جلون الذي تعتبره فرنسا والعالم كاتب فرنسي لانه فكر وكتب باللغة الفرنسية ، يقال ان الفيلسوف اليوناني فيثاغورس كان يدرس في بابل ، وكان ابن فضلان يجوب العالم وكان لفلسفة ابن رشد وابن عربي تاثير في الحضارة الاوربية ، وكان شارلمان يستجدي الرشيدي ، هارون الرشيد لم يكن شيعيا او سنيا ، كان خليفة عربي ، لذا حجم الفرس في موقعة البرامكة ….الخ .

مالذي يعنيه البعث ( بالرسالة الخالدة)؟ نعتقد ان خلود الرسالة العربية يرتبط بما ذكرناه اعلاه ، فالعرب قدموا ، ومن الممكن ان يقدموا الكثير ويساهموا في البناء الحضاري الانساني ، والدين الاسلامي الحنيف كما قلنا هو جزء من الاسهام الحضاري للامة العربية كما ان الديانات التوحيدية هي من اسهامات الارض العربية ، علينا ان لا نركن للتفسيرات التي  ظهرت في ظرف موضوعي وذاتي ما ، او نتيجة الحملة الايمانية  في العراق التي كان لها اسبابها الموجبة ، ومن الاسباب الموجبة هي لجوء الاحزاب الثورية ومنها حزب البعث العربي الاشتراكي ، الى التكتيك في مرحلة ما ، نتيجة  المد الاسلاموي الدعوي الشيعي والسني وبالتعاون مع الامبريالية العالمية والكيان الصهيوني والدولة العالمية العميقة والتي تحركها الماسونية ، اليوم ومع انحسار المد الاسلاموي وازدياد الوعي الجماهيري على امتداد الساحة العربية وسقوط المقدس والحاكمية باسم الله على الارض والحرب في اوكرانيا ومايبشر به فليسوف بوتين (الاسكندر غورين  )، علينا العودة الى الاستراتيج ، والتفكير بشكل جدي في اغناء الايدلوجي (الفكر )، البعثي المدني العلماني ، وان نغادر اسلام القائد المؤسس لانه موضوع شخصي لاعلاقة له بالفكر البعثي.

نعتقد إذا ما أصبح البعث حزبا دينيا سيكون كغيره من الأحزاب الدينية السياسية ، وبالتالي عليه ان ينحاز إلى اتجاه فقهي معين وبهذا يسقط في ما سقطت فيه الأحزاب السياسية الإسلاموية ( الاحتراب الطائفي) ، فبدل من شعار الوحدة الذي يدعو إلى انصهار الأمة العربية في بوتقة واحده ستكون الفرقة والتناحر والدعوة إلى تقسيم القطر الواحد إلى أقاليم وتقسيم المحافظات إلى شرقية وغربية من ابرز النتائج المترتبة على هذا التحول، أما هدف الحرية فسوف يطلق بالثلاث ، وهذا ما أفرزته تجربة الأحزاب الاسلاموية في العراق المحتل على سبيل المثال. 

إن تحول الحزب إذا ما حدث فانه سيتحول من رقم صعب في المعادلة القومية والقطرية إلى رقم يضاف إلى العديد من الأرقام التي لا تقدم ولا تؤخر ، فحزب البعث العربي الاشتراكي ليس حزبا دينيا لكنه ليس حزبا ملحدا كما يحلو للبعض من الحاقدين والشعوبيين تسميته انه حزب الأيمان ضد الإلحاد .

إن حزب البعث العربي الاشتراكي ومنذ تأسيسه قد استند إلى الفكر الاشتراكي التحرري الديمقراطي فكان حزبا عقائديا، انطلق من الأيمان العميق بالفكرة القومية و القومية العربية ، وقد تعامل الحزب مع الدين الإسلامي الحنيف استنادا إلى الأصول والمصادر الأساسية ، وليس من خلال الاجتهادات والأحكام الفرعية اللاحقة وقد قاده هذا التعامل إلى حالة من حالات التوازن الكاملة في فهم الدين عموما ، وعلاقة الإسلام بالعروبة خصوصا ، فالإسلام والعروبة وجهين لحقيقة واحدة ، إن نظرة الحزب إلى الدين هذه تختلف عن التيارات والحركات السياسية الدينية التي أخذت من الفرعيات والمصادر الاجتهادية اللاحقة ، بصرف النظر عن ادعاءاتها .

وإن نظرة البعث إلى الإسلام السياسي لم تكن ردة فعل لما يجري اليوم في العراق والوطن العربي بل هي ابعد من ذلك ففي 16 تموز 1954 اصدر حزب البعث العربي الاشتراكي بيان موجه إلى الشيخ (مكي الكتاني) ردا على بيان أصدره متجنيا فيه على الحزب في (المعرة السورية) اقتطف منه ما يسلط الضوء على موقف الحزب من الإسلام السياسي ، يقول البيان ( فهل تعرف المعرة أيها الأستاذ وتعلم شيئا عن أحوالها الاجتماعية والمعايشة وعن تسخير فلاحيها من قبل ملوك تلك البلدة الإقطاعيين؟ إذن لعرفت إن العداء المستحكم فيها يتعلق بالظلم الاجتماعي والتحكم السياسي ، ولأن كان هنالك من يدافعون عن الدين ، فثق أنهم ليسوا أولئك المستثمرين ، بل هم المحرومون والمظلومون من أبناء الشعب ، الفلاحين ، فعند بزوغ فجر الإسلام ، منذ اربعة عشر قرنا ، لم يعتمد رسول الله عليه الصلاة والسلام على أبى جهل وأبى سفيان وتجار قريش وأغنيائها وسفهائها ، بل اعتمد على الذين تخلوا عن أموالهم وجاهدوا بأنفسهم وحاربوا الطغيان كأبي بكر الصديق وعلي بن أبى طالب رضي الله عنهما وعلى جماهير الفقراء المتألمين ، بلال ، وسلمان و أمثالهما من المؤمنين . ثم ذكرت في بيانك عن حزبنا انه لم يقصر عمله على السياسة ، و إنما اخذ يحارب الدين ويتبع غير سبيل المؤمنين ، واخذ أنصاره يحاربون الله ورسوله ويعيثون في الأرض فسادا . فكيف تجيز ، وأنت الذي اخترت لنفسك اسم نائب رئيس رابطة العلماء وتحملت بذلك مسؤولية خطيرة أمام الله وعباده ، لان العلماء ورثة الأنبياء ، فكيف تجيز لنفسك أن تقذف هذا الحزب ورجاله بهذه التهم الطائشة الآثمة ، دون أن تتثبت وتتبين؟ وما هو مقصدك من إشاعة التهم بحق الحزب ؟ فأنت تعرف بأنها تلفق في دوائر الاستخبارات الأجنبية وفي معامل الشركات الرأسمالية وعلى موائد الخمر والميسر ، وفي مكاتب دعاية بعض الأحزاب المأجورة مع العلم إن رجال الدين الصادقين قد أبوا على أنفسهم أن يكونوا أداة للدعايات الاستعمارية الأجنبية. ثم هل اتصلت بأحد من قادة الحزب وشبابه وأنصاره ، لتستفهم قبل أن تتهم ، وتتبين قبل أن تجزم كما أمر الله تعالى . ولم لم تتصل بهم ، وأنت تعرف إن أكثرهم ينتمون إلى عائلات مسلمة صادقة الأيمان ؟ وهل انه بلغ سمعك وشايات الكاذبين و أخذت بها ، فهل حاولت الدعوة بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة ، كما تأمر تعاليم الإسلام؟ كلا انك لم تفعل شيئا من هذا بل حملت وزر تكفير المؤمنين ، ومن كفر مؤمن فقد كفر، تعلم إن حزبنا حزب سياسي ، وان له دستورا مكتوبا ومنهاجا سياسيا واضحا . فهل قرأت دستوره وتتبعت منهاجه ، وهل وجدت فيهما إلا ما يسمو بالنفس ، يدعو إلي مكارم الأخلاق ، وينظم الصفوف ضد الطغيان والاستعباد والاستعمار. ولم لم تفعل ذلك و أخذت بالإشاعات المغرضة التي يروجها الاستعمار وحلفاؤه في الداخل؟

أيها الأستاذ ، ليس للاستعمار بعد الآن من حيلة للتفريق بين الشعب وقادته المؤمنين المخلصين ، غير إيهام الشعب بأن المبادئ التقدمية والعمل القومي الصادق والأيمان بمستقبل الوطن ، أمور تخرج عن الدين ، غير إن الدين في جوهره ليس إلا العمل لزيادة التآخي بين الناس ، وشد عرى التضامن بينهم ، ورفع الحيف عن فقيرهم ، والضرب على يد الظالمين والمستثمرين ، وليس الدين هو الدعوة إلي الفتنة والتحريض على القتل والعمل لتفرقة الصفوف . وأننا لنعلم علم اليقين إن كل دعوة حق تقابلها فتنة باطل ، وان للباطل جولة ثم يضمحل.

إن أي محاولة بسيطة لإسقاط ما في هذا البيان على واقعتا الحالي كفيلة لتبين الحق من الباطل لكل إنسان عاقل حباه الله ببصر  و بصيرة ، فكم فرد من الذين سيسو الدين اليوم يشعرون بما يعانيه الشعب الجائع في العراق والوطن العربي وكم فتوى طائفية بهدف القتل والدمار يطلقها معمم في مساجد الله ، وكم هو عدد المعممين وغير المعممين من انساق وراء الدعاية الإمبريالية الأمريكية واتهم حزب البعث العربي الاشتراكي بالكفر وكفره ، وكم من هؤلاء عرف شيء عن دستور البعث ومنهاجه ؟ لا اعتقد إن أحد من هؤلاء يستطيع الإجابة ، فالحقد الأسود يملأ قلوبهم إلى جانب الحقد الشعوبي الذي يكره كل ما هو عربي وبالتالي البعث الذي ينادي بنهوض الأمة العربية من جديد لحمل رسالتها الخالدة إلى الإنسانية.

إن حزب البعث العربي الاشتراكي ، هو الحزب الاشتراكي والثوري الوحيد الذي أعطى المسألة الدينية اهتماما بارزا في عقيدته ، وفي سلوكه السياسي والاجتماعي. فموقف البعث قد عبر عنه القائد الشهيد حينما قال ( أننا لسنا حياديين بين الأيمان والإلحاد ، إننا مؤمنون) ، فالحزب يعتبر الإسلام ثورة عظمى في التاريخ الإنساني ، كان للأمة العربية الفضل التاريخي في نشرها على البشرية ، وقد دعا الحزب إلى استلهام الرسالة الإسلامية في عملية الانبعاث المعاصر للأمة العربية فالمرحوم القائد المؤسس احمد ميشيل عفلق وتحت عنوان ذكرى الرسول العربي عام 1943 قال: ( إذا كان محمد كل العرب فليكن العرب اليوم محمدا) .

حكم حزب البعث العربي الاشتراكي العراق 35 عام دون مشكلة بينه وبين الدين كما هو حاصل اليوم في ظل الاحتلال والأحزاب الاسلاموية التي تتستر بالدين ، لم يدعو الحزب إلي بناء دولة على الطراز الديني و إنما دعا إلى بناء دولة على أساس الرابطة الوطنية في إطار القطر الواحد وعلى أساس الرابطة القومية في إطار الوطن العربي الكبير ...تستلهم الإسلام كرسالة ...وثورة ، واعتبر الإسلام جوهرا أساسيا في القومية العربية ، فحزب البعث العربي الاشتراكي لم يأت بعقيدته عبر خليط هجين وحلول وسط بين الاتجاهات المتناقضة التي تعج بها المنطقة العربية ، و إنما عبر عن موقف قومي عربي أصيل نابع من تراث الأمة القومي والديني ، وتعامل مع إفرازات العصر الحديث في إطار النظرة القومية الشاملة ، فالحزب وعبر مسيرته النضالية التي امتدت سنين وقف موقفا صلبا أصيلا متماسكا من كافة القضايا الجوهرية كالقضية الوطنية والقومية ، والدين ، والاشتراكية.

الاثنين، 9 مايو 2022

السبت، 7 مايو 2022

البعث ....الفكر والجهاد .. بقلم / د.حسن طوالبة

البعث .....الفكر والجهاد

د. حسن طوالبه 

رغم كل محاولات الدس والتأمر على البعث منذ التاسيس  الا انه ما زال الفكرة التي تحتاجها الامة في مثل هذه الظروف القاسية التي تعيشها , وما زال البعثيون هم المؤهلون لادارة دفة الدولة الحديثة القائمة على العدل والمساواة واحترام حقوق الانسان , ولذلك يظل السؤال مطروحا لماذا ظل البعث صامدا قويا في العراق والوطن العربي رغم محاولات التطويق والتشويه والتأمر ومن بعد ذلك  الاجتثاث والمسائلة ؟ . 

يكمن  بقاء البعث  في حيوية فكرته المعبرة عن حيوية الامة ذاتها .ويكمن نجاح البعث في انه وعى وعيا كاملا هويته الجهادية  التاريخية كونه نتاج هذه الامة .

 فالامة هي الاصل والبعث هو التعبير الحي والكبير عن ذات الامة وعن حيويتها وطاقاتها الخلاقة .

البعث منذ ولادته كان فكرة شعبية تعتبر الشعب اساسا واصلا في بناء الامة وفي حمل القضية القومية . فهو بالتالي حزب تاريخي لانه نشأ من الامة ومن تاريخها وتراثها .

وقد حرص البعث على ان تظل فكرته بحاجة ملحة الى تجديد   نضاله وتنظيمه لخدمة الامة وضمان مستقبلها وهو ما يجسده البعث اليوم , فهو المدافع عن عروبته وتاريخه وتراثه بوجه الطائفيين الذين يعملون على طمس عروبة العراق لصالح نظرية ولاية الفقيه . 

ويؤمن البعث بالتجديد في  نضاله وتنظيمه , كما انه يؤمن بالانسانية فلم ينسى هذا السر وهو في اشد الازمات والتحديات فلم يثأر منتقما من العدو المقابل , بل ظلت الانسانية ماثلة في تصرف أعضاءه المنتمين للحزب . 

اضطلع البعث منذ البداية بعمل تاريخي عظيم شبهه القائد المؤسس رحمه الله بالبحر المتحرك القادر على قذف الشوائب الى الشاطئ , فالبحر يختلف عن الساقية التي لا تستطيع ان تتخلص من الشوائب ولا ان تروي الامة في ظمأئها عندما يشتد بها العطش . فمنذ البداية نذر البعث نفسه لعمل تاريخي كبير , فلم يقبل باهداف محدودة او دور محدود , لان الله تعالى اراد للامة دورا تاريخيا مميزا في نشر رسالة الاسلام , وبناء حضارة عريقة امدت البشرية بمعين الرقي والثقافة . 

ولما كانت الحياة في احد اسرارها انها حركة دائمة لا تعرف التوقف باذن الله , فان من واجب الحركة الحية ان تضطلع بدور تاريخي , اكثر حيوية وحركة , فلا ترضى بالجمود والتوقف , لانها حركة ترفض ان تكون خارج الحياة وخارج حركة التاريخ . 

قراءة في فكر البعث واستجلاء محطات نضاله الطويل يكشفان عن اقوى سر بقاء حيويته وديمومته هو امتلاكه منذ نشأته قوة الروح وقوة الايمان وقوة التصميم , فبقاء البعث طيلة سبعة عقود مضت وحفاظه على حيويته هو نتيجة الايمان والروح والمعاناة التي عاناها البعثيون في مسيرتهم الجهادية , فقد سقط الوف الشباب شهداء على درب النضال , اضافة الى معاناتهم من السلطات الرسمية القمعية , سواء بالاعتقال والسجن او الحرمان من الوظائف او المطاردة داخل الوطن . وبالايمان تمكن البعثيون من مواجهة التحديات الانف ذكرها , وظل رائدهم الامل والتفاؤل .وقد جسد البعثيون في العراق بعد عام 2003 اروع مسيرة نضالية عرفها التاريخ الحديث ونضالات الشعوب المناضلة , اذ فقد البعث الوف  الشهداء خلال السنوات الماضية , والوف المعتقلين واضعافهم مهجرون في دول الجوار العربي ودول العالم . ورغم كل اساليب القمع التي مارسها نظام الحكم التابع لملالي ايران والادارة الامريكية , الا ان البعثيين تمسكوا بالمبادئ النضالية وتمكنوا من اجبار القوات الامريكية على الانسحاب من العراق 2011 . وما زال البعثيون يحملون راية الجهاد ضد المحتلين الفرس الصفويين . ويقفون سدا بوجه التيار الطائفي الذي ينفذه اعوان ملالي ايران في العراق .

الايمان ليست مقولة للمذاكرة , بل هو احد اشتراطات ديمومة البعث وبقاء حيويته . ولا يمكن الاستغناء عن الايمان لانه هو الشرط الرئيس للنجاح . فالذي ارتضى ان يكون عضوا في البعث وينال شرف الانتماء اليه لابد ان يعمر قلبه بالايمان العميق بمبادئ البعث واهدافه النبيلة , فالايمان يخلق الثقة والاندفاع ثم تتطور المعرفة بمبادئ البعث خطوة خطوة , حتى ينمو المناضل في صفوف الحزب ويكون مؤهلا لحمل رسالته الخالدة . فالذين عمر الايمان قلوبهم لم ينحرفوا ولم يتنازلوا عن مبادئهم رغم كل الظروف القاسية التي مرت عليهم . اما الذين انتموا الى الحزب ولم يعمر قلبهم بافكار البعث الاصيلة فقد انهاروا او انشقوا وساروا في درب الانحراف وانحازوا الى طوائفهم وقومياتهم واعراقهم .

الخميس، 5 مايو 2022

المبادرة والابداع في العمل الثوري / بقلم .. د- فالح حسن شمخي

المبادرة والابداع في العمل الثوري 

د- فالح حسن شمخي 

ان تكون مناضلا في حزب ثوري ، شيء ، وان تكون موظف حكومي او منتمي  الى حزب موسمي شيء اخر .

كلنا يعرف الروتين التي تعيشها دوائر الدول وحتى المتقدمة منها ، فكتابنا وكتابكم والصادر والوارد والبريد المستعجل والخاص والسري والشخصي … الخ ، وكلنا يعرف الهمة والنشاط التي تعيشها الاحزاب الموسمية والاعضاء المنتسبين ايام الانتخابات وتوزيع الغنائم والمغانم ، والتي يليها الدخول  في سبات عميق طوال الاعوام الاربعة التي تلي الانتخابات والعمل بالمثل الشعبي العراقي ( اكل وصوص )، وصف الاحزاب الموسمية اعلاه يشمل الحركات الاسلاموية التي تضيف اليه  الولاء التام لمرجعيتها الحاكم بامر الله (الحاكمية )، التي تعتقد بانها تستمد شرعيتها من الخالق جلت قدرته ، ومن القدسية المزيفة الحاكم على نفسه وبمباركة وتصفيق الحاشية .

الاحزاب الثورية ومنها حزب البعث العربي الاشتراكي لها دستور ونظام داخلي ولها ايدلوجية واستراتيجية وتكتيك ، وترفع شعارات اختبرتها على ارض الواقع ، ومنها ، الديمقراطية المركزية والمركزية الديمقراطية ، ومنها النقد والنقد الذاتي ، ومنها مبدأ نتحفظ عليه وهو مبدأ (نفذ ثم ناقش )، التحفظ على هذا المبدأ ياتي انسجاما مع حركة العصر والوعي وحرية الانسان وارادته الواعية ، وفشل هذا المبدأ بالتجربة ، فالحزب الثوري ليس وحدة او تشكيل عسكري .

نعتقد بان واجب اعضاء  الاحزاب الثورية ، لاسيما الكادر الحزبي الذي درس وعرف وآمن وتعامل وطبق الدستور والنظام الداخلي والمبادئ والشعارات ، واجب المبادرة والابداع والحركة باتجاه رفد الحزب بكل ماهو مفيد ، فالكادر الثوري الحقيقي محصن ، وحصانته ناتجة عن ايمانه بالمبادئ الثورية التي اعتنقها وضحى من اجلها وفي سبيلها .

ان البعض من اعضاء الاحزاب الثورية يتصرف وكأنة موظف في دائرة حكومية ، جالس على مكتبه يتثاوب ويعد  ساعات العمل ليعود الى البيت ، والاخر ينشط في يوم معين او اسبوع او موسم معين ويعود الى سباته العميق ، والثالث من تبرز لديه ظاهرة مرضية وهي عبادة الاشخاص (الصنمية )، والتي من خلالها يكبل نفسه ورفاقه بقيود تمنعه من التفكير والحركة باتجاه التفاعل مع الواقع المعاش كطليعي يتطلع الى مستقبل افضل ، فيبقى يراوح في مكانه ينتظر القرار الصادر من الشخص المقدس  لديه .

 علينا ان نفرق مابين القرارات الصادرة عن الشرعية المستندة الى الدستور والنظام الداخلي وبين مزاجية واهواء المقدس الذي اكتسب قدسيته من البعض من الوصوليين والانتهازيين ومن الذين يتحركون استنادا للمثل الشعبي (امشي جنب الحيط يحتار عدوك فيك).

الانتماء للحزب الثوري بارادة حرة واعية ، يعني التحرر من الخوف والتبعية وتقديس الاخر ، يعني العمل الطوعي المبدع الذي يتنفسه المناضل كما يتنفس الاوكسجين ، العمل الذي يعني التخلص من ادران الماضي والانقلاب على الذات ، والذي يعني (اول من يضحي واخر من يستفيد )، والذي يعني ( العمل  من موقعك )، المناضل الثوري الذي سلك طريق المبادئ ، يتحرك يبدع ، يقترح ، يجابه،  يواجه،  وكأنه هو الحزب والحزب هو ، واذا ما تعثر بسبب ما ، فسينهض من جديد لانه مؤمن بأن اجتهاده جاء ضمن سياقات العمل والمحددات ، اما اذا نجح في اجتهاده فعليه ان يتقدم  الى امام من غير غرور وشعور بالفوقية وداء العظمة .

ان النماذج والرموز الحزبية التي مرت وتمر على المناضل ، اي مناضل ، كثيرة لاسيما عندما يمر الحزب الثوري في ازمات ومحن ، فعليه ان يختار ماهو اسمى وافضل واصلح ، فالازمات  التي يمر بها الحزب قد ضبابية ، فعلى المناضل التعامل مع الحدث بحذر والانحياز الى جانب النموذج والرمز الذي آمن به عبر المسيرة النضالية لذلك النموذج والرمز  ، بغض النظر ان كان هذا النموذج والرمز مسؤوله المباشر او غير المباشر ، فالعمل النضالي يتطلب الوعي والحنكة والحكمة .

 نسمع كثيرا من الناس من يقول :  ان معيار الاختيار لدي ياتي من خلال ايماني بان اي جانب تقف معه وتدعمه الامبريالية الامريكية والكيان الصهيوني هو الباطل بعينة، وهذا المعيار صحيح الى حد ما بالنسبة للثوري الذي يريد الخلاص لامته وشعبه لاسيما المناضل البعثي ، وبالتالي فعلينا ان نضع معيارا دقيقا نتحرك بموجبه اذا ما وجدنا انفسنا في حيرة ، واما اختيار في ظل الازمات والمحن  ، المعيار الذي علينا التعامل معه على انه الحق ، هو  الانحياز الى جانب النموذج الرمز والقدوة الذي اختبرناه وعرفنا  مسيرته النضالية  ، وليس المقدس الذي توهمنا انه مقدس  ، فلا وجود لشيء مقدس في العمل الثوري الا الاهداف العظيمة التي آمن بهار المناضل  وتمثل تطلعات الشعب والامة .

الابداع والعمل المثابر وفق منهجية صحية تلتزم بالثوابت لاتحتاج الى فرمان او قرار او توجيه ، واذا ما اجتهد المناضل واخطأ الاجتهاد فعليه ان يعتذر لنفسه اولا ، ومن ثم يقرر الصمت او الاعتكاف او الاعتزال عن العمل الحزبي بصمت واحترام لنفسه وحزبه ورفاقه ، ليفسح المجال امام المبدعين المجددين الذين يعرفون كيف يتعاملون الواقع و مع النظرية والتطبيق ومع القول والفعل .

الثبات.. الثبات يا رفاق البعث العظيم / بقلم ابو الليثين

الثبات.. الثبات يا رفاق البعث العظيم


"أحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوٓا أَن يَقُولُوٓا ءَامَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ"

كتب ابو الليثين

على مدار الأزمنة، والناس تُفتن في أموالهما وأحبائها وعقائدها وما تحمل من مبادئ وقيم وهذه هي سنة الحياة.

والمولى تعالى جعل الفتنة اختباراً للناس لكي يمتحنهم سبحانه، ولعل أهم وأكبر امتحان هو الامتحان في صلابة الإيمان والعقيدة لأنه يحمل معه امتحاناً لكل قيم الحق والفضيلة والرجولة والطريق القويم.

وهنا نتساءل: كيف يتعرف الناس على الحق، وأي جانب الصواب ازاء ما يتعرضون له من فتن في مبادئهم وعقيدتهم.

يقول الإمام علي الحق لا يعرف بالرجال. اعرف الحق تعرف أهله.

نعم، علينا أن نعرف أين الحق، أولا، لكي نحكم على الرجال الذين يقفون إلى جانبه.

والحق لدينا أبلج والباطل لجلج. الحق لدينا ساطع كشمس النهار. الحق لدينا هو مسيرة الحزب الظافرة ورسالته الخالدة وقادته التاريخيون وشهداؤه الميامين وتضحياته الجسام عبر الـ٧٥ سنة من عمره المديد. الحق هو قيادة الحزب القومية ومن يخوض غمار النضال اليومي تحت قيادتها من تنظيمات حزبية في مشرق الوطن العربي ومغربه وفي المهجر، جميعها تتمسك بالشرعية القومية.

وإذا عرفنا أين الحق فلنعرف من هم، اليوم، أهله وأصحابه. ومن دون أدنى شك، فأن أهله وأصحابه هم الذين يستكملون، اليوم، مسيرة قادته التاريخيين.. هم رجاله الميامين القابضين على الجمر يذودون عن حياضه ومبادئه وقيمه غير مكترثين بلجلجة الباطل واثقين الثقة كلها بحملهم رسالة الحزب الخالدة، ماضين في دروب النضال. لينظر أي منا إلى الوجوه المناضلة الأصيلة التي تقود تنظيمات الحزب في أقطار الوطن العربي كافة، وهي القيادات التاريخية لهذه التنظيمات في أقطارها، ليتأكد لنا أنهم أهل وأصحاب الحق.

اما الطارئين والشاذين على مسيرة الحزب والراكبين موجة الخيانة والتآمر فهم في خندق الباطل، وسوف يكون مصيرهم هو المصير نفسه الذي وصل إليه من سبقهم، عبر هذه المسيرة الخالدة.

فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ

صدق الله العظيم

والعاقبة للثابتين المؤمنين المخلصين، فالثبات الثبات أيها الرفاق،