السبت، 4 سبتمبر 2021

4 / 9 / 1980 وصمة عار على جبين أمريكا واعوانه بِأشعال نار الحرب بين العراق وايران وراح ضحيتها ملايين مِنْ القتلى والجرحى والمعوقين وملايين مِنْ الارامل والايتام ...بقلم / أَ . د . أَبو لهيب

4 / 9 / 1980 وصمة عار على جبين أمريكا واعوانه بِأشعال نار الحرب بين العراق وايران وراح ضحيتها ملايين مِنْ القتلى والجرحى والمعوقين  وملايين مِنْ الارامل والايتام

أَ . د . أَبو لهيب      

في كل سنة وبكل فخر وإعتزاز يحتفلون العراقيين الشرفاء في الرابع أيلول ذكرى أهم حدث في تاريخ العراق والعرب ، ألا وهي الانتصار العظيم على أكبر جيش ثلاثة أضعاف الجيش العراقي وصاحب أكبر ترسانة مِن الاسلحة وثالث الجيش في العالم مِنْ الناحية الهجومية وخامس الجيش مِنْ الناحية الدفاعية .           

في الرابع من أيلول عام 1980 قامت إيران بعدوان غاشم على العراق هدفها السيطرة وجعله تابعا لها. فهب العراقيون النشامى جيشا وشعبا للتصدي لهذا العدوان بقيادة البطل المجاهد الشهيد القائد صدام حسين وكان تصديهم للعدوان ملحمة كبرى من ملاحم الجهاد في تاريخ العراق والأمة العربية.

وبين هذه الملحمة وملحمة القادسية الأولى وشائج قوية وسمات مشتركة ولهذا استحقت أن تسمى بالقادسية الثانية . تيمنا بالقادسية الأولى التي انتهت بتحرير العراق من نفوذ الفرس بقيادة البطل سعد بن أبي وقاص وفتح أبواب الشرق لنشر الإسلام وإنقاذ البلاد المفتوحة ومنها بلاد فارس من الكفر والضلال .                                               

وعليه لا بد لنا من مسائلة التاريخ الذي حتما سيجيب بأن إيران كانت منذ أقدم العصور مصدرا للعدوان على العراق وتدمير حضاراته المتعاقبة. وكان العراقيون على مر العصور في موقف الدفاع تجاه غزاة  قادمين منها طامعين في أرض دجلة والفرات وخيراتها الوفيرة وحضارتها الزاهرة.                                                                                        

فما من دولة قامت في العراق في التاريخ القديم إلا وتعرضت إلى عدوان الغزاة القادمين من إيران وبخاصة في مراحل ضعفها ونكوصها حدث هذا في العصور السومرية والاكدية والبابلية والأشورية من دون استثناء وانتهت ولم تنته باحتلال مدينة بابل في عهد الملك الفارسي كورش.                  

وحتى حين دخل العراق في طور من الضعف والسبات الحضاري وخلا مسرح العالم القديم للفرس والرومان. كان هؤلاء وهؤلاء على صراع دائم من اجل الاستيلاء عليه والفرس هم الذين دمروا دولة الحضر العربية وقضوا على حضارتها في الشمال وهم الذين تسلطوا على دولة المناذرة في الجنوب وأخضعوها لسلطانهم .                                      

كل ذلك حدث في العصور التي سبقت ظهور الإسلام وكانت خاتمته معركة ذي قار التي دارت رحاها بين العرب والفرس في أرض ذي قار وهي معركة انتصر فيها العرب على الفرس قبيل ظهور الإسلام وكان هذا الانتصار مصدر فرح واستبشار الرسول محمد عليه الصلاة والسلام . ومع ذلك استمر الفرس في احتلال أجزاء من ارض العراق حتى تم تحريره كليا أيام الفتح العربي الإسلامي.                                                        

ولكن انتصار العرب الحاسم وقيام الدولة العربية الإسلامية واعتناق الفرس الإسلام لم ينهي أحلامهم القديمة فقد قاموا بأدوار خبيثة غايتها تحطيم الدولة العربية واستعادة أمجادهم القديمة الزائلة. ومنها زرع الفتن والأحقاد بين العرب والتحريض ضد الدولة العربية والتمرد عليها و التسلل الى مواقعها العليا ونشر الفساد والتحلل فيها وخاصة في عصر الدولة العباسية.

وفي عهد الاحتلال العثماني كان الصراع بين الفرس والترك على أشده من أجل الاستحواذ على العراق وقد حدثت حروب ومعارك طاحنة كان العراق مسرحا لها وكان العراقيون هم ضحاياها .

وحين سقطت الدولة العثمانية وتحرر العراق وقامت أول دولة عراقية في العصر الحديث لم يعترف بها النظام الإيراني سنوات طويلة بسبب إطماعه في هذا القطر المكافح. وظل الشاه رضا وابنه من بعده ينظرون الى العراق بعيني الطمع والرغبة في الاستحواذ حتى سقوط الأخير وزوال نظامه وهكذا فأن العدوان الإيراني على العراق في 4/9/1980 ليس سوى حلقة من حلقات هذا المسلسل العدواني الطويل.                                                 

أردنا بهذه اللمحة التاريخية الوجيزة تأكيد حقيقة أن الإطماع الإيرانية في العراق قديمة قدم العراق وإيران وإنها أطماع مستمرة لم تقتصر على عصر دون آخر أو على نظام إيراني دون غيره . فسهول العراق الخصيبة وثروات العراق الوافرة كانت محط طمع الأقوام التي سكنت إيران منذ أقدم العصور حتى اليوم وهذا مايجب على العراق الحذر واليقظة والاستعداد الدائم لمواجهة الإخطار القادمة من الهضبة الإيرانية لا محالة .                      

ولهذا ركز نظام خميني على العراق تركيزا خاصا فشن عليه حربا دعائياً شعواء وحاول أن يبث الفتنة الطائفية في صفوفه ويستنفر ذوي الأصول الإيرانية المقيمين فيه لخدمة أهدافه . فقاموا بأعمال تخريبية عدة وحاولوا اغتيال بعض المسئولين العراقيين ولم يكتفي نظام خميني بذلك بل حشد قواته العسكرية على الحدود العراقية وأخذ المسئولون الإيرانيون يهددون بالزحف عليه واحتلاله بتصريحات واضحة وموثقة.                                  

وعلى الرغم من أن قيادة الثورة في العراق حاولت الحفاظ على العلاقات الطبيعية مع إيران منذ استحواذ خميني على السلطة فيها وعلى الرغم من أنها حاولت أن (تدفع بالتي هي أحسن) وعملت على نصح نظام خميني وتحذيره من عواقب النهج الذي ينتهجه . كان هذا النظام يصعد سياسته العدوانية وكانت تصريحات المسئولين فيه تزداد صلفا ووقاحة مستخفين بكل الاعتبارات ومتوهمين بأنهم قادرون على ابتلاع العراق وتحويله الى ضيعة فارسية .                             
ثم بلغ الغرور والطيش بنظام خميني حدا لم بعد يكتفي فيه بالحرب الدعائية بل صار يعلن تنصله من اتفاقية عام 1975 المعقودة بين العراق وإيران ويرفض إعادة الأراضي العراقية التي احتلتها إيران في عهد الشاه والتي اتفق على إعادتها إلى العراق في ضوء هذه الاتفاقية وزاد على ذلك فأخذ يشن اعتداءات عسكرية سافرة على المخافر الحدودية العراقية . والمدن العراقية القريبة من الحدود وأخذت الطائرات العسكرية الإيرانية تخترق حرمة الأجواء العراقية بشكل بات يهدد أمن العراق واستقراره تهديدا جديا.
                                

ومع ذلك ظلت قيادة الثورة في العراق تتحلى بالصبر وحاولت أن تثني نظام خميني عن عزمه بالطرق السليمة . فواجهت الاعتداءات بالاحتجاجات والتحذيرات الرسمية عبر الطرق الدبلوماسية ولكن الاحتجاجات والتحذيرات لم تجد نفعا . ولم تثني نظام خميني عن نهجه العدواني وسعيه إلى تحقيق أهدافه الخبيثة . بل بالعكس زادته غرورا وطيشا وتوهما فقد زادت اعتداءاته وتنوعت وبلغت مستوى خطيرا كما ونوعا . وصارت تلحق بالعراق ومواطنيه أضرارا فادحة .                       

لقد كان واضحا من هذه الاعتداءات وما رافقها من حشود عسكرية إيرانية كثيفة على الحدود ومن تهديدات صريحة يطلقها المسئولين الإيرانيين ومن عمليات الاغتيال والتخريب ومن الحرب الدعائية المتصاعدة إن نظام خميني كان يمهد الأجواء لغزو العراق وهذا ما تأكد حينما بدأ العدوان في 4/9/1980 وراح يقصف المدن العراقية الحدودية بالمدفعية الثقيلة من الأراضي العراقية التي كان نظام الشاه قد استحوذ عليها ويكثف طلعاته الجوية المسلحة في سماء العراق ويصعد لهجته العدوانية ويقصف السفن القادمة إلى العراق والخارجة منه بشكل هدد الملاحة العراقية في شط العرب تهديدا مباشرا وكان هذا كله دليلا على أن الغزو الإيراني للعراق بات أمرا وشيكا .                           

لكن ورغم ذلك فقد كان للعراق مساعي سلمية حين بلغ العدوان الإيراني على العراق هذه الدرجة من الخطورة لم يبق أمامه من خيار سوى التصدي له وهو في  مهده وضرب الآلة العسكرية الإيرانية وهي لا تزال داخل أراضي إيران.

وبناء على ذلك وبتاريخ 22/9/1980 أي بعد ثمانية عشر يوما من بدء العدوان قرر العراق الرد عليه والتصدي له بهجوم استباقي مباغت لتدميرالقوات المهيئة للغزو وهي في مواقعها وقد كان الفضل في اتخاذ هذا القرار الحكيم للقائد التاريخي الرفيق الشهيد صدام حسين إذ لولا هذا القرار أي لو انتظرت القيادة العراقية أن تبدأ إيران بغزو العراق والدخول إلى أراضيه قبل التصدي لها لتحولت مدن العراق وقراه إلى مسرح للحرب ولتعرضت إلى الخراب وإلحاق الموت والضياع بسكانها المدنيين  .                              

وقد كشفت الأحداث أن لكل من أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني دورا في تشجيع النظام الإيراني على إطالة أمد الحرب ودعمه سرا من أجل هذا الهدف. فقد تعاون الكيان الصهيوني مع النظام الإيراني على ضرب مفاعل تموز النووي وتدميره وعقد الكيان الصهيوني عدة صفقات تسليحية مع هذا النظام لتمكينه من الصمود والاستمرار في الحرب. وكان سقوط الطائرة الأرجنتينية المحملة بأسلحة صهيونية متنوعة إلى إيران دليلا حاسما على ذلك وكذلك فعلت أمريكا . فقد زودت هي الأخرى إيران بالسلاح وكانت الفضيحة المعروفة بفضيحة (إيران غيت) هي الدليل الحاسم . أما بريطانيا فقد جعلت من أراضيها ساحة لعقد الصفقات . فقد شاركت أمريكا في تزويد إيران بمعلومات استخبارية سهلت لها احتلال مدينة الفاو في شباط  1986                                       .         
وبلغ غرور نظام خميني ذروته وظهرت أطماعه على حقيقتها حين نجح في غزو مدينة الفاو واحتلالها فعلا. إذ راح المسئولين الإيرانيين يلوحون في تصريحاتهم بأن إيران باقية في المدينة وان البر الخليجي أصبح مفتوحا أمامها . بل هم صاروا يطمحون إلى احتلال جنوبي العراق كله وكرسوا مجهودهم العسكري لتحقيق هذا الهدف كمقدمة لأهدافهم الأخرى                                                           .
وهكذا استمر العدوان الإيراني على العراق مدة ثماني سنوات قاتل فيها العراقيون بقيادة القائد الشهيد صدام حسين قتالا ملحميا فريدا . حتى تم تحرير الفاو في 17/04/1988 وفي واحدة من أروع الملاحم وأعظمها وكان تحرير الفاو مقدمة لتحرير كل شبر دنسه المعتدون من ارض العراق . وبداية لهزيمتهم الشاملة في يوم النصر يوم الأيام 8/8/1988 وبذلك اضطر خميني إلى الموافقة على قرار مجلس الأمن رقم 598 الخاص بوقف إطلاق النار بعد عام من صدوره ووصف خميني موافقته على هذا القرار بأنها أشبه بتجرع كأس من السم                       

الرحمة والغفران لشهدائنا الابطال ، النصر المبين محفور في ذاكرة كل عراقي شريف ، يحيى البعث ويحى العراق

الأربعاء، 1 سبتمبر 2021

أَلسياسة ألثورية ومعضلات ألتنظيم/ بقلم ..أَ . د . أَبو لهيب

 أَلسياسة ألثورية ومعضلات ألتنظيم

أَ . د . أَبو لهيب

إِنَّ تطبيق أَهداف أَلحِزب مِنْ ألوحدة والحرية والاشتراكية ، لاتقيد يديها مِنْ تطبيق الديمقراطية ، ولا تقيد نشاطها بِأي مشروع أو اسلوب يوضع سلفاً مِنْ مشاريع أو أساليب النضال السياسي ، فهي تعترف بجميع وسائل النضال على أَنْ تتلائم مع قوى الحزب الواقعية .   

على الرغم مِنْ أَنَّ الاشكال التنظيمية قد يكون لها أحياناً تاثير مستقل على السياسة إِلاَّ أَنها ويجب أن تكون تابعة للسياسة ومشتقة مِنْ طبيعة المهام السياسية للحظة وللمرحلة كما ينبغي ، إِنَّ طابع التنظيم لكل منظمة يحددهُ بصورة محتومة مضمون نشاط هذه المنظمة ، ومِنْ هنا تختلف وتتباين الهياكل الداخلية للاحزاب السياسية المختلفة ، هذه القاعدة هي المرشد الاول للثوريين الذين يسعون مِنْ أجل بناء الحزب الثوري .                                                

فالحزب الثوري يتأسس على فرضيتين  أولهما إِعتمادها على القاعدة مِنْ العمال والفلاحين وصغار الكسبة وكافة الثوريين العسكريين والمثقفين ، الباب الاول – المبادئ الاساسية – المادة الثانية .    

والثانية إِنَّ الافكار السائدة داخل أَي مجتمع هي أفكار الطبقة السائدة . معنى الافتراضين ببساطة أَنْ على مثل هذا الحزب أَنْ يحارب مِنْ أَجل سلطة الشعب مِنْ أَسفل ، مِنْ أَجل تاسيس سلطة المجالس المحلية ( مجالس الشعب ) والاطاحة بالدولة وعليه أيضاً أَنْ يحارب في مواجهة أفكار وايدولوجية الطبقات الحاكمة .                                                     

هذه النقطة الاخيرة بِالذات لها أهمية كبيرة في مسألة التنظيم ، فالعائق الاول أَمام عمل الثوريين في أَوساط الجماهير ونشر الوعي الثوري بينهم ، هو حقيقة التباين وعدم التساوي الذي تعاني منه الجماهير ، ومِنْ هُنا فإِنَّ عليهم مهمة ضرورية وهي تعميم خبرة أُولئك الذين يمتلكون الفهم الافضل لطبيعة المجتمع مسلوب الحرية والارادة والديمقراطية مِنْ ناحية وكيفية مواجهتهِ مِنْ ناحية أُخرى وذلك مِنْ خلال النضال مِنْ أَجل افكارهِ في النظرية والتطبيق والممارسة .   

إِنَّ قضية وعي الجماهير مِنْ الطبقات المضطهدة هي أَلتي توجب أَيضاً أَنْ يكون الحزب الثوري تعبيراً عن أقلية داخل الطبقة وليس تعبيراً عَنْ الطبقة كلها ، لانه لو كان معبراً عن الطبقة كلها لاصبح يعكس البنى والافكار السائدة داخلها التي هي كما ذكرنا أفكار وبنى الطبقة الحاكمة فيصبح بالتالي ذيلاً لها لا يفيدها في أحسن الاحوال ، بينما قد يسبب لها أعظم الضرر على حد التعبير ، مِنْ هنا فإِنَّ النتيجة الاولى تصبح أَنَّ الحزب يجب أن يتكون مِنْ الاقلية النشطة داخل الطبقة والتي ترغب في النضال ضد النظام المستبد ، حجم هذه الاقلية قد يختلف ويتباين مِنْ مئات قليلة إِلى آلالاف أو حتى الملايين ، ونظرة صغيرة إِلى الاحزاب الثورية الاشتراكية الديمقراطية الاصلاحية تبين لنا حجم الفارق ، فهي تدعى تمثيل كل الجماهير على اساس افكارهم القائمة بالفعل .     

هذه الاقلية النشطة المنظمة تقوم بنشر وعيها وسط العناصر المتاخرة مِنْ داخل الجماهير مِنْ أجل رفع وعيها واعتمادها على نفسها للدرجة التي تمكنهم مِنْ الاطاحة بالاشكال التنظيمية لدولة دكتاتورية مستبدة ، وهي تفعل ذلك مِنْ خلال التشهير السياسي الشامل على حد التعبير ، والذي يتم مِنْ خلاله شرح جميع المتطلبات بالروح الرفاقية مِنْ قبل الحزب ويوحد الكل ولا يتجزاء الهجوم على الحكومة بِأسم الشعب كله، وتربية الجماهير تربية ثورية مع الاحتفاظ باستقلالها السياسي وقيادة نضال الجماهير مِنْ إِصطداماتها العفوية مع أعدائها .               

أنَّ تنظيم هذه الاقلية في الحزب مِنْ أجل القيام بهذه المهمة يستوجب تركيبة تنظيمية خاصة ليست محددة مسبقاً لكنها تجد نفسها في معترك حركتها وتفاعلها مع مجريات الصراع أمام ضرورات ومتغيرات متجددة ، أمام فرص وعراقيل ، أمام ضغوط مِن الداخل ومِنْ الخارج تجعلها عرضة لانحرافات مختلفة ، وهنا تصبح البوصلة هي المهمة الثورية ، ويمكن لنا أن نرى ذلك بوضوح في عدد مِنْ المعضلات التنظيمية التي تواجه أي منظمة ثورية .