الأحد، 27 أكتوبر 2019

ثورة أَلْتشرين إِمْتِداد لثورة أَلعشرين...بقلم الاستاذ الدكتور ابو لهيب


ثورة أَلْتشرين إِمْتِداد لثورة أَلعشرين

أُ . د . أبولهيب

عندما نقرأ ألتاريخ نرى بأنه يعيد نفسه فى أوقات مختلفة ، لذلك عندما نحلل و ندقق بثورة تشرين نرى نفس الظروف الموضوعية التي أدت إلى ثورة ألعشرين كالاتي ، شهد العراق فى سنوات ما قبل  الحرب العالمية الاولى اتجاهاً سياسياً رئيسياً وأساسياً في أوساط المثقفين المتعلمين والعاملين في الحقول السياسية والاقتصادية والاجتماعية كان يطمح إلى الخلاص من الهيمنة العثمانية، وأن اختلفت مواقف القوى فيه وتوزعت على مجموعتين: إحداها كانت تسعى إلى الخلاص التام من الدولة العثمانية باعتبارها استعماراً تركيا مفروضاً على العراق وباقي الدول العربية الخاضعة بالقوة للهيمنة العثمانية، تلك الهيمنة التي بذلت أقصى الجهود من أجل تتريك المنطقة بأسرها وبضمنها العراق من جهة، وجماعة أخرى كانت تريد الحفاظ على العراق ضمن الدولة العثمانية "المسلمة"، خوفاً على فقدان الوحدة الإسلامية حتى من حيث الشكل والخشية من الوقوع تحت سيطرة "الكفار!" المسيحيين الإنگليز( حسب وجهة نظرهم )، مع ضرورة تمتع العراق بالحكم المستقل نسبياً أو الإدارة الذاتية من جهة أخرى. وإذا كان الاتجاه الأول قومياً عربياً إلى حدود ملموسة إذ لم يكن الوعي القومي، سواء العربي قد تبلور حينذاك، فإن الاتجاه الثاني كان في الغالب الأعم دينياً إسلامياً متزمتاً، وكان قد تأثر بشكل واضح بالاتجاهات الوطنية والقومية العربية والتأثيرات الدينية والسياسية المباشرة وغير المباشرة لحركات المعارضة السياسية في كل منهما أما فى فترة الحرب العالمية الاولى    فكانت الجماعات السياسية في العراق قد انقسمت إلى اتجاهين ملموسين أحدها يرفض التعاون مع بريطانيا باعتبارها دولة أجنبية غير إسلامية أو استعمارية مسيحية "كافرة!"،( يطلقون عليها) وكانت تمثله في الغالب الأعم المؤسسات والقوى الدينية ومجموعات من شيوخ العشائر التي تأثرت كثيرا بمواقف وفتاوى شيوخ الدين. أما الاتجاه الثاني فكان يرى ضرورة التعاون مع بريطانيا وفرنسا ضد الدولة العثمانية المتحالفة من أجل الخلاص من الهيمنة العثمانية المتخلفة والقاسية على العراق وسكانه . وكانت القوى القومية الحديثة التكوين ومجموعات من المثقفين والمتعلمين والتجار هي المعبرة عن هذا الاتجاه. ومن حيث المبدأ كان التياران لا يتطلعان إلى أي شكل من أشكال الخضوع لهذه السيادة أو تلك بل من أجل حصول العراق على استقلاله الناجز. وقبل انتهاء الحرب العالمية الأولى وفي أعقابها تحول الموقف المتباين في الاتجاهات السياسية لتلك الجماعات في العراق إلى مجموعة أولى كانت ترفض بأي حال الهيمنة البريطانية وتريد الاستقلال التام والناجز، والمجموعة الثانية كانت تجد أن لا مناص من التعاون مع بريطانيا وتأمين استمرار وجودها في العراق لحماية العراق من التفكك ومساعدته على التقدم , وبمعنى آخر: كانت إحدى المجموعتين تقف بحزم وبلا مساومة ضد الانتداب وترى فيه نكثاً للعهد البريطاني  الانتداب فرصة لحصول العراق على الوحدة والاستقلال                                                                                               
كان العراقيون عموماً , سواء أكانوا مِنْ العرب أم مِنْ ألكُرد أم مِنْ إتباع ألقوميات الاخرى ، قد وقفوا ضد الهيمنة العثمانية وإنتفضوا فى 25 حزيران 1920 ، اي قبل 99 سنة من الان ، وسعوا للخلاص مِنْ صيغة  الحكم المركزي المباشر المفروضة على البلاد. مع أن عدداً غفيراً من العراقيين ، لم يكن يرفض بالضرورة استمرار العلاقات الروحية- الدينية مع السلطنة العثمانية. على الرغم من أنه كان يعلم بأنها قد فقدت مضمونها الديني، وتراجعت علاقتها الروحية مع الناس؛ بسبب سياسات الاضطهاد والقهر والحرمان التي مارستها والتي تعرض العراقيون من جرائها إلى أشد المحن، وأقسى ألوان العذاب - سواء أكانوا من أبناء المدن أم من سكان الريف والبادية .    
                                                                 
وقد حصلت الكثير من الحركات والهبّات والتمردات التي قام بها سكان الريف والبدو المستقرين إلى حدّ ما لمواجهة ظلم الولاة الأتراك وقسوة الجندرمة وجباة الضرائب والأتاوات بشكل خاص، - ومعها المدن الأخرى - الكثير من الحركات السياسية المناهضة لإجراءات السلطنة العثمانية التعسفية. كانت الاستفزازات العثمانية، تثير الناس في المدينة وفي الريف، وتدفع بهم لمقاومة الاحتلال العثماني.                                                  
والان بعد أن قدمت هذه النبذة المختصرة على ثورة العشرين نأتي إلى دراسة وقائع ثورة تشرين وإخضاعها لمنهج التحليل الموضوعي، ستساعدنا على اكتشاف مجموعات من العوامل، التي كانت وراء إنتفاضتها ، والتي يمكن توزيعها في مجموعتين منفردتين على حدا، تليهما أربع مجموعات أخرى متتالية. ويمكن تسميتها بالعوامل الداخلية والخارجية حيناً، وبالعوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والنفسية حيناً آخر.               
منذ بداية سقوط العراق عام ٢٠٠٣، وجدت بعض القوى العربية والكُردية وغيرها نفسها أمام أحد أمرين : إما أن تكون مع الدولة العراقية المنتهية ولايتها ، ومما يرتبط بذلك من معاناة وعذاب وشدة، وإما أن تكون مع ألحكومة الجديدة  وبقية الحلفاء؛ لتحصل على الحرية والاستقلال والتقدم والوحدة، في ضوء الوعود التي أعطتها المحتلين لقادة العرب والكُرد في آن واحد. وقد أدى ذلك إلى انقسام الناس في العراق إلى جبهتين:                                   
الجبهة الأولى: أيدت الوقوف إلى جانب ألحكومة العراقية منتهي ولايتها ، ودعم قواتها في العراق ضد القوات ألمحتلة، وأيدت مقاومة لاحتلال الامريكي والفارسي للعراق على اعتبار أنه احتلال أجنبي، مستعمر، كافر في آن واحد؛ تجب محاربته لدواع وطنية ودينية. لذلك خاضت جماعات غفيرة في المعارك جنباً إلى جنب مع الجماهير في البصرة ضد القوات المحتلة. وقد أسفرت الدعوة للجهاد عن تجمع عدد من أهالي المدن والعشائرفى جميع أرجاء العراق-. كما لعبت بغداد دوراً ملموساً، في التعبئة إلى جانب ألحكومة المنتهية ولايتها من منطلق وطني واضح .  
                                                                                   
ألجبهة ألثانية  :                                                                                                   
وهي الأكبر - ساندت القوات المحتلة بعد الوعود التي أعطيت للعراقيين في الحصول على الحرية والاستقلال. وكانت البهجة عظيمة لدى جماهير غفيرة من العراقيين؛ بانتصارالمحتلين ولكن الصورة ستتغير بعد فترة وجيزة من احتلال المحتلين للعراق، ولن يتبقى للجماهير من خيار سوى خيار المواجهة مع المحتلين، التي حلّت محل الحكومة العراقية في استعمار البلاد. وقد أيقظ الموقف المعادي المحتلة ، ووعودها الباطلة وعياً  وإن لم يكن ناضجاً - بطبيعة الاستعمار الحديث وأهدافه، وبالنتائج التي ستترتب من جراء ذلك الاحتلال. كان هذا الوعي مزيجاً متشابكاً يصعب تفكيكه، أو التركيز على جانب منه دون الجوانب الأخرى. كان مزيجاً من الوعي القومي، والوطني، والديني، والسياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والنفسي. وكان يحمل في طياته أصداء تجارب العراق المريرة تحت السيطرة والاحتلال، وذكرى الاجتياحات الكثيرة التي تعرض لها في فترات مختلفة من تاريخه القديم والحديث إن دراسة وقائع تلك الفترة، وإخضاعها لمنهج التحليل الموضوعي، ستساعد على اكتشاف مجموعات من العوامل، التي كانت وراء الانتفاضة التشرينية ، والتي يمكن توزيعها في مجموعتين منفردتين على حدا، تليهما مجموعات أخرى متتالية. ويمكن تسميتها بالعوامل الداخلية والخارجية حيناً، وبالعوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والنفسية حيناً آخر.     
                                                                           
أ – ألعوامل الداخلية:                                                                                     
ألعوامل الداخلية تتظمن ( ألعوامل السياسية و ألعوامل الاقتصادية و ألعوامل الاجتماعية و العوامل الدينة والعومل النفسية :                                                                        
ألعوامل ألسياسي : إِنَّ ألهدف ألمركزي لثورة تشرين تمثل فى تطلع العراقيين إلى الاستقلال والحرية وتطبيق الديمقراطية ، والتخلص مِنْ السيطرة الاجنبية ( الامريكية الصفوية ) أي فى ألنضال مِنْ أجل إقامة الدولة العراقية المستقلة ، فَجَلَّ ما كان يطرحه العاملون فى المجال السياسي ، ومن الملفت للنظر فى هذا النضال مساهمة مختلف الطبقات والفئات الاجتماعية والدينية ، حيث المعانات اليومية مِنْ الضغوط والاستبداد والجهل والمرض والفقر ، وهي معاناة كانت منتشرة بين سكان كثيرة مِنْ المدن العراقية ، وقد برز لِأَول مرة فى تاريخ العراق دور الشباب المتميزة فى النشاط الجهادي ضد المحتل و التعبئة لثورة تشرين وتجلت أهمية الشباب فى قدرتهم على التاثير على الحوزات الدينية ورجال الدولة وأذنابهم ، وفى تمكنهم مِنْ توحيد كلمتهم وجمع شملهم حول مطالب معينة يتوجهون بها الى سلطات الاحتلال الصفوي المجوسي ولو فى حدود نسبية ، إن بعض الشخصيات الاجتماعية والمثقفة مِنْ أبناء الطبقة المسحوقة قد لعبت دوراً متميزاً وقيادياً فيها ، كل منها بحسب طبيعة منطقتها ألتي دارت فيها رَحِي ألثورة ، فإنَّ جموع الشباب الواسعة وأبناء العشائر وكادحي المدن المشاركة فى الثورة شكلت قوتها الاساس ، و وقودها المحرك ، إِنَّ شباب ثورة تشرين وقادتها الميامين إشترطوا على الحكام الفاسدين فى العراق مجموعة مِنْ الشروط ومِنْ أبرزها حل جميع الميلشيات الصفوية المجوسية وإغلاق مقراتهم ، وإبقاء السلاح بيد الدولة فقط وإطلاق سراح جميع السجناء السياسيين قديماً وحديثاً ، ومطالب كثيرة أخرى لصالح الشعب العراقي ، وابلغوا الحكومة العراقية الصفوية الفاسدة بان الثورة لن تتوقف حتى ينتصر الحق على الباطل .                                                                                
أَلْعَوامِلْ أَلْإِقْتِصَادِيَة :                                                                                      
لم تكن العوامل السياسية سوى الوجه الثاني للعملة . أما وجهها الاول فتمثل بالعوامل الاقتصادية ، ألتي كانت تقف وراء تطور النشاط السياسي ، والعمليات المناهضة لقوات الاحتلال الايراني المجوسي التي بادرت إلى استخدام السلاح لاخماد ثورة التحرير ، بداء التحرك السياسي ضد مؤسسات الدولة العراقية والحوزات الدينية المساندة للدولة العراقية فى مدن الجنوب والوسط بما فيه عاصمة العراق بغداد ، فى ١/ تشرين الاول / ٢٠١٩ إشتعلت الانتفاضة وتجلى فى ثورة شباب التحرير التي اتسعت نطاقها لتشمل مناطق واسعة مِنْ العراق ولاسيما وسط وجنوب العراق . كما سيتسع فى كل المدن التي كانت المؤسسة الدينية فيها ذات تاثير كبير على السكان مثل ، بغداد ، الكاظمية ، كربلاء ، النجف . مما يمكننا مِنْ تلمس العلاقة الجدلية بين المصالح الاقتصادية للمؤسسة الدينية وشيوخ الدين مِنْ جهة ، ومصالح الفئات الاجتماعية التي قادت العمليات العسكرية مِنْ شيوخ العشائر والفلاحين الذين انغمسوا فى الثورة فكانوا وقودها المحرك مِنْ جهة أُخرى .                                          
ألعوامل أَلْإِجتماعية والدينية
فى بداية أَلعقد الثاني مِنْ القرن العشرين ، برزت بعض مظاهر التفكك البطيئ جداً فى العلاقات الابوية فى الريف العراقي ، لِأسباب ارتبطت بدور العلاقات السلعية الجديدة التي كانت كانت قد نمت بفعل حركة الرأسمال التجاري الغربي فى العراق ، وسعي جمهرة الاقطاعيين الصغيرة ، وكبار الملاكين فى تشديد الاستغلال على الفلاحين ، ونزوح مزيد من العائلات الفلاحية إلى المدن ، رغم بؤس المدن ذاتها حينذاك ، وانتزاع مزيد من الاراضي الزراعية العائدة للفلاحين ، مِنْ جانب الاقطاعيين و كبار الملاكين بدعم مِنْ سلطات الاحتلال الامريكية الصفوية التي قامت بتوزيع الكثير مِنْ الاراضي الزراعية على مؤيديها مِنْ شيوخ العشائر وكان الفلاحون فى ريف الوسط والجنوب ، رغم تشابك العلاقات العشائرية والابوية بينهم وبين رؤساء عشائرهم يعانون مِنْ مصاعب جمة ، وعلى الرغم مِنْ هذه المصاعب ، ورغم ضعف الوعي السياسي والاجتماعي لدى الجمهرة الواسعة والاساسية مِنْ الفلاحين ، وأبناء العشائر فى ريف المناطق العربية إستطاعت هذه الفئة أن تحافظ على علاقتها العشائرية ، وعلى خصائصها وطبيعتها الاساسية فى العراق لفترة طويلة لاحقة ، استمرت إلى ما بعد تشكيل الحكم العراق الحديث وكانت العلاقات العشائرية مِنْ جانب ، والعلاقات الدينية مِنْ جانب آخر ، تتحكمان بقوة بسلوك الطبقة الكادحة ، بالرغم مِنْ أن نسبة عالية مِنْ هؤلاء لم يلتزموا ، بسبب طبيعة عيشهم .                                  
ألعوامل النفسية
مع أن علاقات واسعة وطويلة نشأت بين مجموعات مِنْ الايرانيين العاملين فى الشركات التجارية ، او فى الحوزات الدينية او فى القنصليات الايرانية ذات النفوذ الواسع والعلاقات المتينة مع العراقيين داخل العراق ، فإن الايرانيين لم يدركوا تماماً طبيعة المجتمع العراقي العشائري ، ولم يفهموا أهمية وضرورة إحترام كرامة الانسان والعشيرة ، والابتعاد عن توجيه الاهانات شتماً أو ضرباً أو تمادياً باللفظ الجارح ، وتجنب الاعتقالات دون مبررات و مسوغات توجيه، إضافة إلى الاساليب المرهقة فى أخذ الاتاوات وما شاكلها ، كما انهم عمدوا إلى تغير اساليب التعامل مع العراقيين ، خلافاً لِأَساليب تعامل الدولة العراقية مع العراقيين ، سواء مِنْ حيث فرض الانضباط والالتزام بالنظام ، ام مِنْ حيث مضمون المساواة فى المجتمع ، وكانت أحد العوامل البارزة فى كراهية الناس للحكم الصفوي ، يمكن فى التعامل غير الانساني ، وفى الاساءات المتكررة مِنْ جانب السلطات الحشد الشعبي الصفوي واجهزة القمعية للعراقيين وهم فى بلادهم ، ومنه حملات الحشد الصفوي المجوسي العسكرية والاهانات والضرب وما إلى ذلك ، والمعلومات المتوفرة عن الاساليب التي استخدمها الحكام السياسيون والعسكريون .                                                            
ب ـ ألعوامل ألخارجية
لم يكن الانقسام فى المجتمع العراقي ، وهو انقسام بدأ مع الحرب الذي قام به أمريكا واعوانه واذياله عام ٢٠٠٣ م ، لاجل إسقاط العراق وقيادته الحكيمة ، واحتلال العراق مِنْ قبل أمريكا ، إن هذا الاحتلال اتخذ ابعاداً جديدة ، واضيفت إليه عوامل وقوى جديدة أيضاً ، واتخذ له وجهة أخرى فأصبح الامر يطرح نفسه فى سؤال على النحو الاتي : مَنْ الذي يقف إلى جانب الوجود الامريكي فى العراق ، ويعتبره ضرورياً لتطور العراق ؟   ومَنْ يقف ضد الوجود الامريكي فى العراق ، ويدعوا الى نيل الاستقلال والسيادة الوطنية ؟ إن الفترة بين عامي ٢٠٠٣ ، ٢٠١٩ كانت فترة تبلورت فيها المواقف بوضوح بين الامريكا التي تريد البقاء ، وخاصة بعد تسلم ( أذياله مِنْ العملاء ) المسؤلية فى العراق خلفاً لـ ( بول برايمر ) ، وهو الذي كان راغباً فى ربط العراق بأمريكا ربطاً محكماً لتبقى مستعمرة دائمة لامريكا ، وبين غالبية العراقيين فى موقفهم الداعي الى الاستقلال ، وإن الاختلاف فى المواقف بين العراقيين تركز بالاساس بين أوساط معينة مِنْ الشعب العراقي ، لم يكن مستوى الوعي آنذاك يسمح حقاً بالتعرف على نوايا الاستعمار الامريكي ، أو أغراضه فى العراق ، ولعب العامل الخارجي العربي والاقليمي والدولي ، دوراً مهماً فى تنشيط الكفاح الداخلي ، وفى تفجير الثورة العراقية ، فثورة تشرين مثلاً التي جاءت استكمالاً لِإنتفاضة البصرة فى نهاية عام ٢٠١٨م ، قد تأثرت بالعوامل الخارجية التالية :                                                                  
إِنَّ إطلاع الاوساط العراقية ، تلك الاكثر احتكاكاً بالمعلومات القادمة مِنْ الخارج عبر الصحافة العربية وغيرها ، على ما تنشره الصحف العراقية والعربية والاجنبية ، وعلى ما يدور مِنْ نقاشات فى مجلس النواب العراقي حول مطالبة العراقيين بالاستقلال ، أو حول التحركات السياسية والنضالات المسلحة أو السلمية ، التي كانت تؤرق الاوساط الايرانية وسلطات الاحتلال ، باعتبار الاستقلال مطلباً عراقياً ملحاً وكان هذا النقاش يشجع العراقيين ، عندما كان يبث فى المضايف والمجالس الد\ينية والشعبية . وكان يحفز الناس ويدفعهم إلى التفكير بالمشاركة فى الثورة ، مِنْ أجل هذا الهدف كما كانت الاوساط العراقية الواعية على اطلاع على المبادئ ، التي طرحها الرئيس الامريكي ( دونالد جون ترامب ) حول حرية واستقلال الشعوب ، والتي روجت لها الدعاية الامريكية فى صراع الولايات المتحدة مع العراق ، لغاية فى نفسها وهي : أن تحتل الولايات المتحدة الامريكية موقعاً لها تحت الشمس ، و موقعاً لها فى المياه الدافئة ، ولاشك فى أن الحركات المناهضة للولايات المتحدة الامريكية ، والصراعات الدولية ، والخوف مِنْ تطور الاوضاع فى غير صالحه ورغم كل مصاعب الارتباط بين العراق وبقية الاقطار العربية والبلدان المجاورة ، فإن نضال العراقيين بمختلف فئاتهم الاجتماعية ، لم يكن معزولاً تماماً أو منفصلاً عن النضالات السياسية القائمة فى تلك الاقطار أو بلدان الجوار كانت لِأحداث تلك البلدان تاثيرات مباشرة أو غير مباشرة على الوضع فى العراق .    
وكان للعلاقات بين العراق وايران ، ومجيئ الزوار الايرانيين إلى مدن الوسط مثل كربلاء و النجف ، والكاظمية وغيرها مِنْ مدن والعتبات المقدسة ، ومدن جنوب العراق ، واحتكاكهم المتواصل بالناس ، تاثير خاص سلك اتجاهين هما ، تبادل وجهات النظر حول تطور الحياة السياسية فى كلا البلدين ، واستفادوا مِنْ دور شيوخ العشيرة والدين وتجربتهم فى النضال مِنْ أجل الدستور فى العراق .                                            
ولَمْ تكن كل اخبار الثورة ، ولا كل المعلومات التي تصل عنها واضحة المعالم بالضرورة أو مفهومة الاهداف ، إذ أن بعض الصحف كانت تشك بأهداف الثورة ومواقفها مِنْ العراق ، ولكن بعضها الآخر كان يشير إلى الدور ، الذي لعبته الثورة التشرينية فى نشر المعلومات والوثائق والمؤامرات التي حاكتها إيران ، والاتفاقات التي عقدتها قبل ذلك الدول الاستعمارية لتقسيم مناطق النفوذ بينهما .                               
لقد كان لهذه العوامل وغيرها ، تاثير مباشر وغير مباشر ، على الشعب العراقي ، والمثقفين ، والموظفين ، وشيوخ العشائر فى بادئ الامر ، ثم تنتقل مِنْ خلالهم إلى جمهرة أُخرى مِنْ الناس ، حتى تصل إلى عموم الشارع العراقي ، أضف إلى ذلك المعانات المباشرة للشعب مِنْ ظلم الميليشيات الايرانية فى العراق تحت مسميات عديدة ، انها ساهمت فى تحفيز همم العراقيين ، ودفعت الكثيرين منهم إلى تغير موقفه تغيراً إيجابياً مِنْ إنتصار شباب الاحرار على الدولة العراقية في بدايته ، إلى المطالبة بتنفيذ التعهد التي التزمت به الدولة العراقية .                                                            
إِذ نقارن ثورة شباب الاحرار بثورة العشرين نرى نفس الظروف الموضوعية التي ادت الى ثورة العشرين ، وفى نهية المطاف ورغم طول الدهر استطاع الشعب العراقي الابي أن ينتصر ويطرد المحتلين واذيالهم الدنيئة فى العراق ، ولكن اعداء العراق لم يترك هذا الشعب الثائر الذي دوما يعطش لماء الحرية ، بل مرة اخرى فى عام ٢٠٠٣م جمعوا جيش العالم بتهم مختلفة لم يقوم به العراق لاجل اسقاطه وانهاء حكمه الوطني ، وبعد ستة عشرة سنة مرة اخرى ناهض الشعب العراقي مرة اخرى بوجه الغدر والخيانة وشبابها الثائر قرروا أما الاستشهاد أو تحرير العراق من رجس الصفوي المجوسي ، والثورة مستمرة الى تحقيق النصر ، الف الف رحمة على شهدائنا الابطال وشفاء العاجل لجرى ثورة الشرف والكرامة .
                        


المنبر الثقافي العربي الدولي - النشرة الاعلامية لدعم ثورة الشعب العربي العدد/5- 27-10-2019

الأحد، 13 أكتوبر 2019

المنبر الثقافي العربي الدولي - الثورة الشبابية في العراق إثبات لصحة منهج المفكر العروبي جلال الأمين بقلم د. فالح حسن شمخي


المنبر الثقافي العربي الدولي
الثورة الشبابية في العراق
إثبات لصحة منهج المفكر العروبي جلال الأمين

د. فالح حسن شمخي

في هذه الايام ونحن نعيش ثورة الشباب في العراق الذين يضربون اروع معاني الاقدام والفداء للوطن  مدافعين عن حقه في الحياة الحرة الكريمة رافعين راية العروبة عالية خفاقة  ليثبتوا اكثر من اي وقت مضى ان منهج الرواد الاوائل ومن تلاهم من المفكرين العروبيين ممن سخروا حياتهم للتنوير بقضايا امتهم  والدفاع عنها وعن هويتها واستقلالها ،  انما هو منهج حي باق ابد الدهر، تحمل رايته الاجيال تلو الاجيال باذلة في سبيل ذلك كل غال ونفيس.
من اولئك المفكرين العروبيين الاستاذ الدكتور جلال امين الذي جرى احياء ذكرى رحيله الاولى قبل ايام .

ولد جلال الدين احمد الامين في مصر عام 1935م ، وكان الطفل السابع للعائلة التي كانت تسكن مصر الجديدة ، تخرج من الدراسة الاعدادية بمعدل 83.5 % ، وكان هو الاول في القسم الادبي على عموم مصر العربية التي كانت تسمى {المملكة المصرية } ، الامر الذي قاده لاخيتار كلية الحقوق – جامعة القاهرة لدراسة القانون والتي تخرج منها عام 1955 ، وحصل على الماجستير والدكتوراه في الاقتصاد من جامعة لندن .
شغل عدة مناصب، من بينها أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بجامعة عين شمس، في الفترة بين عامي 1965 إلى 1974، كما عمل مستشاراً اقتصادياً للصندوق الكويتي للتنمية 1974 إلى 1978، وأستاذاً زائراً للاقتصاد في جامعة كاليفورنيا 1978 إلى 1979، وأستاذاً للاقتصاد بالجامعات المصرية منذ 1979  وحتى ما قبل وفاته بفترة قليلة. وله عدد كبير من الكتب والمؤلفات
من اهمها :
1.    ماذا حدث للمصريين
2.    وصف مصر في نهاية القرن العشرين .
3.    عولمة القهر .
4.    عصر الجماهير الغفيرة .
5.    عصر التشهير بالعرب والمسلمين .
6.    خرافة التقدم والتاخر .
7.    مصر والمصرين في عهد مبارك 1981 ـ2008 .
8.    كشف الاقنعة عن نظريات التنمية الاقتصادية .
9.    فلسفة علم الاقتصاد.
10.  رحيق العمر .
11.  العولمة .

بالاضافة الى ماتقدم من نتاج فكري فان للمفكر الراحل الكثير من الدراسات والبحوث والمحاضرات والمقالات واللقاءات التلفزيونية.

التحق المفكرالراحل جلال امين بصفوف حزب البعث العربي الاشتراكي  في الخمسينيات وكان اول شاب  من مصر العربية ينتمي للحزب  ، فمثلما كان متفوقا  في دراسته  الاعدادية وكان الاول على عموم البلاد ، فهو اول بعثي في جهورية مصر العربية ، كما وثقه في مذكراته التي تحمل عنوان { رحيق العمر} .
رفع الراحل شعار {الاستقلال الوطني } وكان امينا لهذا الشعار ، كما نادى باقامة المشروع الاقتصادي الوطني ، وكان من المناهضين للمؤسسات الدولية التي كانت تركز على {الخصخصة} ، ويعتقد ان الخصخصة تعني استئصال جزء من جسد المريض الذي من الممكن معالجته بلا استئصال.
 لقد وصف عبد الله السناوي في مقاله بعنوان (جلال أمين: ظاهرة فريدة لن تتكرر) بأنه ظاهرة فريدة في الحياة الثقافية والفكرية المصرية، فهو مثقف موسوعي، مُدقق في فلسفة الحياة، يصعب تصنيفه سياسياً، لكن يمكن تصنيفه بأنه عروبي، ويميل إلى تيار اليسار، فبالرغم من أنه درس الاقتصاد، وأحد المفكرين القليلين في هذا المجال آخر 40 سنة على الأقل، إلا أنه كان يهوى علم الاجتماع والظواهر الاجتماعية التي تحدث في مصر، فأحد مؤلفاته كتاب "ماذا حدث للمصريين؟" ترجم الى عدة لغات عالمية. وأكد أنه دائما كان يناقش الظواهر الاجتماعية التي تعبر عن حركة المجتمع، فكتاباته كانت تميل إلى النظريات الاجتماعية وهي التي أكسبته شعبية كبيرة في أوساط القراء. وأوضح السناوي، أن "جلال أمين" كان دائما يناهض الكيان الصهيوني، خاصة اتفاقية كامب ديفيد، كما رفض الهيمنة الاقتصادية والفكرية للولايات المتحدة الأمريكية فهو شخصية فريدة لن تتكرر، من حيث درجة الاهتمام والتفكير ونوعية الكتابات والاهتمام بالظواهر الاجتماعية.

كما وصفه ايضا  الدكتور نصار عبد الله في مقاله بعنوان ( الدكتور جلال أمين: صورة من الذاكرة) فيقول: الكثيرون من أبناء جيلي من خريجي قسم الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية مدينون للدكتور جلال أمين بالكثير، فلقد أسعدنا الحظ فى عام 1966 بأن يُدرس لنا لأول مرة فى تاريخ الكلية مادة: "تاريخ الفكر الاقتصادي"،... ومنذ المحاضرة الأولى شعرنا جميعا بأننا إزاء نموذج نادر يصعب أن يتكرر، ليس للأستاذ الجامعي فحسب، وإنما أيضا للمثقف واسع الثقافة، وكذلك للمفكر الحر النزيه الذى لا يقيم وزنا ولا يحسب حساباً إلا للحقيقة العلمية وحدها، وفوق ذلك وأهم من ذلك بالنسبة لنا أنه كان يقدم مادته العلمية في أسلوب بالغ الجاذبية والتشويق تجعلها أشبه ما تكون بالعمل الفني الممتع دون أن تفقد مع ذلك شيئاً من دقتها الأكاديمية!!.. وكثيراً ما كان يوجه إلينا أسئلة توقظ الذهن وتشحذ التفكير ولا تقل جاذبية عن الإجابات التي كان يقدمها لنا إذا ما عجزنا عن الإجابة".

القومية العربية في سفر الراحل:

في محاضرة للراحل المفكر العربي جلال امين عن القومية العربية يقول :
{للقومية العربية معنيان من المفيد أن نميز بينهما منذ البداية، فتعبير القومية العربية ربما يستخدم للإشارة إلى العناصر والروابط المشتركة التي تجمع بين أفراد أو شعوب الأمة العربية، أو إلى شعور بالولاء الناتج من هذه العناصر المشتركة، لكنه قد يستخدم أيضاً بمعنى الحركة أو النشاط اللذين يُبذلان عمداً وعن وعي، لتحقيق مصلحة هذه الأمة، وخصوصاً فيما يتعلق بتوحيدها أو استقلالها.
أما القومية العربية اليوم، بكلا المعنيين، فهي في محنة، ذلك بأن الرابطة والولاء آخذان في الضعف والتدهور، كما أن الحركة والنشاط بهدف مقاومة هذا التدهور، أو بهدف توحيد أجزاء الأمة الممزقة، هما في خمول شديد، وقد بدآ يتراجعان.
والضعف في الناحيتين يغذي أحدهما الآخر:
فالضعف الذي يصيب الشعور بالولاء يزيد حركة التوحيد ضعفاً على ضعف، وما يصيب حركة التوحيد من ضعف يغري أفراد الأمة بالتمرد عليها يأساً وقنوطاً.
إن إسترجاع تاريخ القومية العربية خلال الخمسين عاماً الماضية لا بد من أن يقوي شعورنا بالقنوط. فبعد فترة من الازدهار بين أواسط الخمسينيات وأواسط الستينيات من القرن العشرين، من حيث ازدياد قوة الشعور بالولاء، أو ارتفاع درجة النشاط من أجل تحقيق الوحدة والاستقلال، أصيبت القومية العربية بضربات في النصف الثاني من الستينيات، ثم توالت عليها الضربات من كل اتجاه طوال الأربعين عاماً التالية، حتى كادت الدعوة إلى الوحدة، بأي صورة من الصور، تختفي من جداول أعمال السياسيين العرب وخطبهم، وأصبحت المقارنة بين مشاعر شبابنا اليوم من الوحدة، ومشاعر جيلي عندما كنا في مثل اعمارهم، تدعو إلى الأسى والدهشة في الوقت نفسه.
غير أنني أريد أن أزعم أن قراءة تاريخ القومية العربية لفترة أطول من خمسين عاماً، أي خلال قرنين كاملين، يمكن أن تخفف من هذا الشعور بالقنوط، وربما يستخلص منها أن القومية العربية، بكلا المعنيين، تمر بدورات من الإزدهار ثم الضعف، وأنها لا تسير بالضرورة، في تقدم مستمر أو انحدار مستمر، وإذا كان الأمر كذلك حقاً، فإن من المهم أن نفهم بالضبط عوامل الازدهار وعوامل الانحسار، لعلنا في هذا الفهم نستطيع وقف التدهور الراهن وإعادة الحيوية من جديد إلى الشعور بالولاء لهذه الأمة، وإلى الحركة الهادفة إلى توحيدها}.

الديمقراطية في سفر الراحل :

يعتقد جلال أمين أن التطور التكنولوجي أعطي سلطة وقدرة علي القهر لمؤسسات جديدة، منها الشركات متعددة الجنسية أو الشركات العملاقة أو الشركات التجارية أو كل من له مصلحة في غسيل المخ فأصبح القهر ألآن يأخذ صورة ليس من خلال البوليس وإنما من خلال وسائل أخري. فالديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات أكذوبة يستخدمها العالم وتروجها تلك الدول العظمى ومؤسساتها لتحقيق أهداف أخرى غير التي تعلنها، وقد يتعجب البعض من هذا الرأي، لكنه حقيقي وأؤمن به 100%. لا توجد ديمقراطية ولا حريات في العالم كله، بل العكس تماما، فالعالم أصبح يسير بكل قوة في عكس اتجاه الديمقراطية.

 يقول جلال أمين :{ كم تغيرت الدنيا منذ كنا فى صبانا ومطلع شبابنا نتعلم ألف باء السياسة. كان هذا فى منتصف القرن الماضي، عندما اعتنقنا أفكارا عن الحرية والديمقراطية تبدو الآن ساذجة للغاية. لم يكن السبب مجرد صغر السن وقلة الدراية والتجربة، بل كان من الأسباب أن العالم كان مختلفاً جداً عنه الآن، فلم تعد الأفكار المقبولة (بل والصحيحة) حينئذ، مقبولة أو صحيحة اليوم

 كنا نعتقد (وهكذا قال لنا الكتّاب والمحلّلون السياسيون) أن العقبات الأساسية أمام تحقيق الديمقراطية تتلخص فى حاكم مستبد، يفرض رأيه بالقوة، ويمنع أي معارضة، ويودع معارضيه السجون، إلى جانب شيوع درجة عالية من الفقر، تجعل الناس يقبلون الاستبداد في سبيل الحصول على لقمة العيش، ودرجة عالية من الجهل، تجعل الناس فريسة سهلة لأكاذيب الحكام. بل وتفقدهم القدرة على التمييز بين ما يحقق مصلحتهم وما لا يحققها. كان نظام الحكم في ظل الخلافة العثمانية حتى نهاية القرن التاسع عشر، أو فى ظل محمد على في مصر، في النصف الأول من ذلك القرن، مثالين واضحين للمعوقات الأساسية للديمقراطية: حاكم مستبد وفقر وجهل شائعان}.

ويؤكد على : { أنه مع حلول القرن العشرين أضيفت إلى عقبات الديمقراطية استخدام وسائل الإعلام فى خداع الناس وتضليل الناخبين. وكانت الأمثلة الصارخة على ذلك حتى منتصف القرن، استخدام جهاز جبار للدعاية من جانب ستالين فى روسيا السوفييتية، ومن جانب هتلر فى ألمانيا النازية، وموسولينى فى إيطاليا الفاشية. هكذا أصبح «غسيل المخ» أحد المعوقات الأساسية للديمقراطية، بالإضافة إلى ميل الحاكم للاستبداد، وإلى الفقر والجهل}.

ويسترسل في القول  : { عندما بدأ وعينا يتفتح على ما يحدث فى العالم. كنا فى مصر ندرك أن هناك عاملاً آخر مهماً لابد أن يضاف إلى هذه العوامل، وهو الاحتلال الأجنبى، إذ كيف يمكن أن نتصور أن يسمح المحتل الأجنبي لشعب مستعمَر بأن يحظى بحكومة ديمقراطية تعبر عن آمال الناس التى لابد أن تتعارض جذرياً مع أهداف الاحتلال؟ }.

الاسلامويين في سفر الراحل :

يرى الراحل الدكتور جلال أمين : {أن ثَمَّ ‘تطور إلى الأسوأ قد لحق النظرة إلى العلاقة بين الدين والدنيا’ في خطاب التيار الديني بعد ثورة 25 يناير 2011، برغم اعترافه بأن هذه الثورة قد أسهمت في ‘كشف الغطاء عمَّا حدث خلال العقود الخمسة أو الستة الماضية من ازدواجية نمت وترعرعت داخل الطبقة الوسطى المصرية، ليس فقط في الزي وأنماط السلوك، بل أيضا في أماكن السكنى التي تداخل فيها الريف والحضر’، وعمُق الشرخ بين أنصار التيار الديني وأنصار التيار العلماني، على نحو ما نلمسه،مثلا، في طغيان قضية هوية الدولة (الدولة الدينية والدولة المدنية) على ما عداها من القضايا السياسية التي علا فيها صوت الداعية على صوت السياسي، وبرز فيها الخطاب الديني المحافظ الذي يُوظف في تجييش الأحقاد نحو القوى الليبرالية واليسارية والقومية بغية إقصائها، وفق ما صرَّح به يوماً أحد قيادات تلك الاحزاب بأنه يرفض " الفكرة الفلسفية للديمقراطية في أن الشعب هو مصدر السلطة التشريعية ".
لكنَّ هناك خطراً آخر يهدد الحياة السياسية المصرية، وينال من تماسكها وعافيتها، يأتي مما يدعوه د.جلال أمين " الإرهاب بالمصطلحات " ؛ حيث يعمد المتطرفون إلى تفسير بعض المصطلحات على هواهم، مستبعدين أي احتمال لتفسير مخالف، مستخدمين في ذلك درجة لا يستهان بها من العنف في فرض آرائهم على الآخرين، من خلال لغة متعالية خاوية من أي محتوى معرفي حقيقي } .

العولمة في سفر الراحل :

يشرح المفكر جلال امين حقيقة العولمة ومخاطرها قائلا : { انها تهديد لسعادة الانسان ورفاهيته وشعوره بالاستقرار والطمأنينة ، وشعوره بارضا عن نفسه المستمد من احترام هويته } . ومخاطر العولمة كما يعتقد تأتي من الثورة المعلوماتية التي تكتسح قيم المجتمع الاستهلاكي والتي تساهم في انتشار مايسمى بحضارة السوق التي تحول كل شيئ الى سلعة.
ويقول ايضا : { انتقادي للعولمة لا يعني بالضرورة أن لديّ بديلًاً، فالعولمة حتمية وفرضت التقارب الشديد في العالم، ومن ثم ضعفت أو محيت الهويات الثقافية.
ان حتمية العولمة لا تعني أن أحبها. كنت أتمنى أن الصلات ما بين أجزاء العالم لا تكون بهذا العنف الذي يجعل هوية تفرض نفسها على هويات أخرى بهذا الشكل. دعوتي مثلًاً للحفاظ على اللغة العربية محاولة لمقاومة ما أكرهه في العولمة}

دفاع الراحل عن الثقافة العربية :

في حوار طويل مع الراحل حول العقلية العربية والثقافة العربية والارهاب اجرته معه " دنيا الوطن" نقتطع اجاباته التي نرى انها مفيدة في هذا الوقت الذي يتعرض فيه العرب الى هجمة عالمية.
يقول الراحل : {لا يمكن الجزم بما يقال من أن العقلية العربية أكثر ميلًا بطبيعتها للفكر الغيبي والخرافي؛ فأوروبا في العصور الوسطى وحتى القرن الثامن عشر كان يسيطر عليها التفكير الغيبي، التفكير غير العلمي كان موجودًا في الغرب إذن وليس صفة في العقل العربي، مع ذلك عرف الغربيون كيف يتخلصون منه. يمكنني التأكيد على أن التخلف الاقتصادي تحديداً يجلب كل الأشياء السيئة ومنها حتى ضعف الإرادة وبالتالي نقطة البداية في رأيي تكون بحدوث إصلاح اقتصادي}.

ويقول ايضا : { أرى أن الأمرين على نفس القدر من الأهمية، لكن إصراري على نفي التخلف هو محاولة أعتقد بأنها مهمة لتجنّب ما أطلقت عليه “الشعور بالعار”، لأنه إن كان هناك خطأ فينا كعرب لن يكون هناك أيّ أمل. وللأسف كثير من مصلحينا عبر ما يقرب من مئتي سنة كان لهم رأي سلبي جدًا في العقلية العربية مثل زكي نجيب محمود الذي كان يحتقر العقلية العربية ويسعى لتمجيد أكثر من اللازم لكل شيء غربي، طه حسين كان أيضًا حريصًا على هذا الفكر لكن بدرجة أقل. والدي أحمد أمين أظن أنه لم يقع في هذا الخطأ وكانت لديه رغبة في الجمع ما بين الحسنيين؛ الأخذ بأساليب التقدم والتكنولوجيا دون أن نفقد الثقة في التراث، وأنا ميال إلى هذا الموقف لأن فقد الثقة بالنفس يفسد كل شيء}.

{في الوقت الراهن يسيطر المستغربون على الثقافة العربية، هؤلاء الذين يقدّرون الثقافة الغربية بشكل زائد عن الحد. هذا لا ينفي أن لدينا الكثير من نقاط الضعف لكن نقاط الضعف تلك موجودة لدى كل أمة، والخطأ يكون بالاعتقاد أن ثقافتك هي الثقافة الوحيدة التي تستحق الحفاظ عليها، أو الاعتقاد بأنه لا بد من تقليد الآخرين.
لا بد من استعادة الثقة بالذات واحترام التراث الذي أعتقد بأنه لا توجد مشاكل فيه لكن المشكلة تكون في التمسك به لدرجة تعوق التقدم، ورغم وجود الانغلاق الهوياتي لدى البعض لكن ذلك لا يعني أنه نتيجة حتمية للتمسك بالتراث أو احترامه. والدي مثلًا وجيله من رواد الثقافة المصرية في القرن الماضي كانت لديهم فكرة الجمع بين التراث والمعاصرة، ودرسوا علوماً غربية وتراثاً واحترموا كليهما.

وفيما يتعلق بالموقف من الدين والهوية الدينية، هناك موقف عقائدي وموقف ثقافي؛ الموقف العقائدي يرى صاحبه أنه وحده يملك الحقيقة وما يطرحه غيره باطلًا، أما من الناحية الثقافية فكل دين يصبح جزءاً من التراث بلغته وقيمه الأخلاقية والاجتماعية إلى آخره. المتشددون والإرهابيون لا ينظرون للدين كمنتج ثقافي وإنما كعقائد ومسلمات، لكن ثقافياً يمكن النظر إلى الدين كجزء من التركيبة النفسية للشخص وهذا ما يجب الحفاظ عليه}..

ويقول : {نعم أنا لازلت على قناعة بأن الإرهاب ليس صناعة محلية، ليس بالضرورة أميركية لكنها ليست عربية. الدول الكبيرة مثل أميركا لا تستطيع أن تعيش دون عدوّ. لقد اخترعوا الشيوعية في وقت سابق كعدوّ، بالطبع كانت الشيوعية موجودة لكنهم صنعوا منها شيئًا مخيفًا، وصوروا الشيوعيين على أنهم فزاعة، ولما انتهى الخطر الشيوعي اخترعوا الإرهاب. هذا يحقق لهم أهدفاً معينة تمكنهم من استمرار إنتاج الأسلحة وهو شيء مربح جدًا لتجار الأسلحة، كما تمكنهم من غزو بلد بحجة القضاء على الإرهاب أو السيطرة على دول مثل الخليج بحجة حمايتهم أيضا. كلمة إرهاب اختراع سخيف جدًا وسيء للغاية ويستخدم عادة لتبرير القهر.
فكرة تهديد الإرهاب للدول الأوروبية وللغرب عمومًا أجدها غير موجودة بشكل كبير، خصوصًا وأن ضحاياهم في الغرب ليسوا بنفس الكثافة العددية في الدول العربية}.

واليوم ونحن نحيي الذكرى الاولى لرحيل المفكر العروبي القومي جلال امين فاننا نستلهم من ثورة الشباب العربي في العراق والسودان والجزائر كل الثقة بأن المبادئ التي دعى اليها هؤلاء الرواد ستبقى حية تحملها الاجيال وهي تدافع عن هويتها العربية واستقلالها و حقها في العيش الكريم والديمقراطية الحقة .



السبت، 12 أكتوبر 2019

يالثارات أحفاد الحسين الشباب بقلم د ـ فالح حسن شمخي


يالثارات أحفاد الحسين الشباب

د ـ فالح حسن شمخي


تناقلت وسائل الاتصال والتلفزة ،استشهاد شبابنا السادة الموسوية احفاد الامام موسى الكاظم وجدهم الحسين بن علي عليهم السلام في ثورة الشعب العراقي التشرينية ومعهم شهداء من مياح والسواعد والدلفية وكنانة والفريجات وعشائر عربية اصيلة كريمة اخرى على يد جند يزيد العصر عادل عبد المهدي ومرتزقة بني عامر المرتبطين بالفرس فالح الفياض وهادي العامري ، الذين مارسوا فعليا دور الشمر بن ذو الجوشن والخزعلي الذي لعب دور عبيد الله بن زياد بشكل متقن ،  في نحر اولادنا {عينك عينك} ،  بدون رادع  او ضمير او شرف او خوف من ثائر العشائر  ، معتقدين انهم سينجون من العقاب ، والملاحقة التي ستاتي كنتيجة منطقية لسفك دما السادة الشباب ، وشباب العشائر العربية التي تعرفونهم جيدا ، ستلاحقكم دماء الشباب وعشائرهم وسيلاحقون عوائلكم وسيكون شعارهم كقبائل وعشائر  ،{يالثارات أحفاد الحسين الشباب }،ستلاحقكم عشائرهم اينما تكونوا مطالبة بالثائركما طالب الصحابي {سليمان بن صرد الخزاعي}و{المسيب بن نجبة الفزاري}  قتلة الامام الحسين ، ونادوا: {يا لثارات الحسين }، فحضوا الناس على الثائر  وقالوا : {من أراد الدنيا فلا يصحبنا، ومن أراد وجه الله والثواب في الآخرة فذلك}، وقام صخر بن حذيفة المزني فقال:{ أيها الناس إنما أخرجتنا التوبة من ذنوبنا، والطلب بدم ابن بنت نبينا ليس معنا دينار ولا درهم، إنما نقدم على حد السيوف}. 
خرج شباب ثورة تشرين وسيخرجون ، ضد الظلم والطغيان، والقهر والإستبداد،
خرجوا لنُصرة الضعفاء والمساكين ، خرجوا للإصلاح ، خرجوا معتقدين بان العراق محتاج لرجال كالحُسين كي يصنعوا زلزالا ، يُرجع به عراقهم إلى مكانته الحقيقية، بعيد عن التبعية  الفارسية والامريكية والصهيونية ، خرجوا وفي وعيهم الجمعي كلمات الامام الحسين عليه السلام الذي قال {  إنّي لم اخرج أشرا ولا بطرا، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر}.

لقد تم بناء مسجد اسمه مسجد {جمكران }،  في مدينة قم استنادا الى اسطورة خرافية ، تقول ان الامام المهدي امرفارسي وهو نائم ببناء مسجد وفي نفس المنام ، التقى هذا الدجال  بالخضر عليه السلام  الذي قال له : {إعلم أيها الحسن بن مثلة، أن هذه الأرض التي نحن فيها، بقعة شريفة، قد اختارها اللّه دون غيرها من الأراضي وشرفها، وأردنا أن يُبنى فيها مسجد، فاذهب إلى السيد أبي الحسن وقل له أن يأتي ويُحضر الحسن بن مسلم الذي بيده الأرض.

فلما حضر، قال له: منذ سنين وأنت تعمر هذه الأرض الموقوفة، غاصباً لها. زرعت فيما مضى خمس سنين، ولازلت حتى هذا العام على حالك في الزراعة والعمارة. وقد عصيت ربك وظلمت حقّ ولي أمرك باضافتك هذه الأرض الشريفة إلى أراضيك، فجازاك اللّه بأخذ شابين من ولدك فلم تنتبه من غفلتك. فلا إمهال بعد الآن وعليك دفعها إلى الناس، ليبنوا فيها المسجد، كما عليك ردّ ما انتفعت به من غلاّت هذه الأرض، لصرفها في بنائه، وإن لم تفعل ذلك، اصابك من نقمة اللّه ما لا تحتسب.

قلت: سمعاً وطاعة سيدي ومولاي.
قال عليها السلام: جعلنا السيد أبا الحسن مشرفاً على بناء المسجد. فقلت له أن يطالب الرجل بما أخذ من منافع تلك السنين ويدفعها إلى الذين يشاركون في بناء المسجد، ويتم ما نقص منه من (رهق) ملكنا بمنطقة (أردهال) حتى يكمل بناء المسجد. فقد وقفنا نصف الرهق لهذا المسجد. فلتجلب غلّته كلّ عام وتصرف في عمارته. وقل للناس أن لايتأخروا ولايتوانوا في زيارة هذا الموضع الشريف فليرغبوا إليه ويعزّوه }.
الدجال الذي ذكر هذه الرواية واغتصب الارض هو  الفارسي {الحسن بن مثلة الجمكراني}
مايهمنا من هذه  الرواية ليس اسلوبه في اغتصاب ارض كما يفعل احفاده الفرس اليوم في العراق  وبناءه مسجد ، الذي يهمنا هو الراية التي ترفع على هذا المسجد التي كتب عليها {يالثارات الحسين} ،

تحت هذا الشعار حرض الفرس على ارتكاب الآلاف من الجرائم الطائفية، فبعد (14) قرنا من مأساة كربلاء لم يشف البعض من داء الضغينة والكراهية! والأنكى ان الذي يريد ان ينتقم للإمام الحسين ليس من نسلة ولا من قومه! والضحايا الأبرياء ليسوا من نسل قتلته ولا علاقة لهم به. وبالطبع فإن الشعوبيين  الفرس هم من ينفخ في رماد الفتنه كلما خمدت. ولا نعرف لماذا يرفع  الفرس راية على هذا المسجد تطالب بثار الامام الحسين  ، هل هم من قريش ليطالبوا بدم الحسين وهل هم مسلمين حقا ويرفعوا شعار ثارات الحسين؟

 بناء على ماتقدم اقترح ان يبنى مسجد في ساحة مظفر، دكتور الفقراء ، بمدينة الثورة لشهداء انتفاضة تشرين الشباب وترفع عليه راية يكتب عليها {يالثارات احفاد الحسين الشباب } ، وان تطالب الحكومة العميلة وايران وتابعيها بدم شبابنا الذي استشهدوا في ثورة تشرين ، فهم شهداء تشرين مثلهم مثل شهداء الطف ، وان نعيش ذكرى استشهادهم كل عام كما نفعل مع ذكرى استشهاد جدهم الحسين عليه السلام ، الذي استشهد مع الامام 77 شهيد ،  والّذين  استشهدوا في ثورة تشرين مئات الشهداء ، لايخرج علينا معمم ومرتزق ودجال ويقول: { شجاب على الجاب ، اين هؤلاء من الحسين واصحابه } ، نقول لهؤلاء ، كفاكم متاجرة بدم الامام الحسين  ، فالدم هو الدم ، والثائر هو الثائر ، والهدف الذي خرج من اجله الامام هو نفس الهدف ونفس الراية ونفس الشعار ، {هيهات منا الذلة } ، وهناك قول يقول : { من يسفك دما يسفك دمه } ، ستسفك دماء العملاء وشتان مابين دم الشباب ودمهم ، سينتصر الدم على السيف في العراق كما انتصر دم االامام على قاتليه.



الجمعة، 11 أكتوبر 2019

تقييم اولي لنتائج ثوره تشرين المباركه.... بقلم الدكتور علي زيدان


تقييم اولي لنتائج ثوره تشرين المباركه


د - علي زيدان

نحاول في هذه السطور ابراز اهم الانجازات التي حققتها ثوره تشرين الباسله وبصوره ملخصه ومختصره.عرفانآ وتقديرآ لرجالها وشبابها وتلك التضحيات السخيه والدم الطهور الذي سيعبد طريق الحريه والكرامه.  ومن اهمها ما يلي.
1أصبح هناك حد فاصل واضح المعالم والاسس بين مرحلتين قبل الثوره وبعدها هذا الحد والذي يؤشر لمرحله تختلف اختلافآ جذريآ عن ما قبلها من حيث الوعي الجمعي الشعبي والمتمثل برفض ومقاومه النظام السياسي القائم برمته وعدم القبول بالحلول الترقيعيه.هذا الواقع الجديد فرضته نتائج هذا الصراع الطويل والذي امتد لسته عشر عامآ بين شعب اصيل ذو تاريخ وطني مجيد وبين زمره حاكمه فاسده ومتخلفه ومجرمه. 
2بات واضحآ توحد كل فئات الشعب العراقي ضد ايران ومطالبتها بالخروج من العراق وصولآ لتحرير العراق من الهيمنه الايرانيه. ومن نتائج هذا التطور النضالي المهم والمفصلي أصبح هناك طرفان في معادله غير متكافئه وهي لصالح الشعب وقواه الوطنيه  فالاغلبيه الساحقه تناضل وتعمل ضد التوغل الايراني بعد ما تفهمت هذه الجماهير طبيعه واهداف المشروع الايراني الفارسي وبين طغمه ومجاميع من السراق والقتله والفاسدين ومجرمي الحرب والتي ارتكبت جرائم الاباده الجماعيه بحق ابناء شعبها. وبذلك اصبحت الرؤيا  اكثر وضوحآ ونضجآ لهذا الصراع ونتائجه.  
3بعد سقوط هذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى(140 شهيد واكثر من 6 آلاف جريح ) على ايدي السلطه الحاكمه ومليشياتها وربما يفوق هذا العدد من المدنيين واغلبهم من فئه الشباب فأن الموضوع سينظر له بمعيار آخر فلكل قطره دم ثأرها وثمنها الغالي.                 وبذلك فقدت هذه السلطه مصداقيتها واصبحت عدوآ لدودآ للشعب ولن تمحى من ذاكره العراقيين تلك الجرائم الوحشيه وهذا القتل المتعمد وبمختلف الاسلحه وتحت انظار العالم  وبدم بارد لشباب خرجو بتظاهرات سلميه مطالبين بحقوقهم.
4ان ما شاهدناه من مواقف بطوليه من شباب الانتفاضه اذهلت العراقيين ورفعت رؤسهم عاليآ وحطمت والى الابد كل سياسات الحكومات المتعاقبه وعلى مدى سته عشر عامآ من اشاعه التخلف والقنوط والاستسلام والتخلف ونشر الطائفيه والمذهبيه واعتماد المفاهيم الباليه لتجهيل الشعب وألهائه بالزيارات وكثره المناسبات الدينيه  وما يتخللها من اساليب وممارسات متخلفه لا تمت للدين بصله.   وبعد كل ما حل في العراق من كوارث فقد انقلبت الطاوله على رؤس اعداء العراق واثبت الشعب العراقي من جديد بانه شعب حي حر  يأبى الضيم والظلم ويعشق الكرامه والحريه والشموخ.
5من يشاهد سوح الانتفاضه وميادينها وازقتها وساحاتها واجوائها البطوليه من كر وفر وصمود وثبات واقدام ومواقف شخصيه وجماعيه وبنفس الروح والهمه والنخوه العراقيه.  أضافه الى التعاطف بل المسانده والاحتضان  الشعبي الفريد. ان ذلك يذكرنا بل يعيد امجاد ايام قتال الفرس على مدى ثماني سنوات في الدفاع عن مدن العراق الحدوديه . كيف لا وهؤلاء الابطال هم اباء واخوه اولائك النشامى من جنود وضباط صف وضباط جيشنا الوطني الباسل.  وتأكيدأ لما ذهبنا اليه  فقد صرح  احد جنود الولي الفقيه المدعو هادي العامري  واصفآ المنتفضين قائلآ ( لقد قاتلنا آبائهم البعثيين في الثمانينيات وسوف نقاتلهم ان  تجرأوا على محاربتنا) بهذه العقليه الفارسيه يفكر هؤلاء.  ولكن سيبقى الشعب العراقي وطلائعه الواعيه بالمرصاد لافشال كل ما يحاك ويخطط له وصولآ لهدف التحرير الكامل وعودته سالمآ شامخآ ابيآ.
6في انجاز كبير ومبهر فقد خرج ابناء شعبنا الصابر الثائر عن عبائه المرجعيات الدينيه ورموزها بل احرقو صورهم وهتفو ضدهم. وبذلك كُسِرَ هذا الحاجز النفسي بتأليه وتقديس هذه الرموز الجامده المتهالكه والمعشعشه في عقول البسطاء من ابناء الشعب وسقطت معهم الاحزاب الدينيه المتخلفه.   وجاء ثوار تشرين وصححو المعادله بالاصرار على الولاء للعراق ذلك الوطن الذي يحتضن ويضم جميع ابناءه.
7لقد تم سحب البساط من تحت اقدام رموز العمليه السياسيه الفاشله برمتها وبمختلف مسمياتها وحولوهم الى هياكل جوفاء مرعوبه وعزلوهم عن الشعب واسقطوهم بلا رجعه في استفتاء شعبي شجاع قل نظيره دفع فيه  ابنائنا ضريبه غاليه من دمائهم الزكيه وارواحهم الطاهره.
8لقد اثبتت هذه الثوره المباركه  صحه التوجهات الوطنيه المستنده على الاعتماد على الجماهير وقواها الوطنيه المناضله في النضال لتحرير العراق وعدم التعويل على القوى الدوليه خصوصآ في هذه المرحله والتي تشهد تغير كبير وغريب  في المفاهيم والستراتيجيات الدوليه اتجاه قضيه العراق وقضايا الامه العربيه. وذلك بانحياز تلك القوى الدوليه لاعداء الامه على اختلاف اشكالهم.
9.  لقد سعى عملاء العمليه السياسيه واسيادهم ووفق استراتيجيه خبيثه واضحه المعالم والاهداف على محو الذاكره الوطنيه لجيل كامل والعمل على شيطنه النظام الوطني قبل 2003 ورموزه وتجربته الوطنيه الفريده وشرعوا  بتدمير مرتكزات المجتمع  و تطبيق نظريات التجهيل والتقزيم ونشر التخلف والفساد واباحه المخدرات وترويجها بين الشباب. ونشر المفاهيم والقيم الباليه والشاذه.فجاءت ثوره تشرين لتعيد الذاكره الوطنيه الى نصابها وتؤججها تلك الذاكره التي توارثها هؤلاء الشباب من آبائهم واخوانهم وامهاتهم.  . ذاكره نقيه وطنيه شريفه تعتمد على رؤى رصينه في بناء الوطن ومرتكزاته الاجتماعيه والعلميه والصناعيه والعسكريه وباقي مناحي الحياه   بما يؤمن الحفاظ على كرامه ابناءه وضمان مستقبلهم.  واستنادآ لهذه التطورات فقد رفض الثوار حتى المسميات الجديده لبعض مدنهم وباتو على سبيل المثال يطلقون تسميه (مدينه الثوره) على مدينتهم وليس الاسم الآخر في دلاله واضحه وصريحه بالتخلي عن المرجعيات العميله والهزيله وان الاسم السابق ما عاد يليق بهم وبثورتهم.
10هذه الثوره المباركه ارهبت السلطه وقياداتها واغلب المؤشرات تدل على التناحر والتصارع فيما بينهم مما ادى الى فرض الاقامه الجبريه على بعض قاده الجيش.  واحتدام الصراع بين رموز العمليه السياسيه والسلطه الحاكمه للخروج من هذا المأزق  فالثوره ساهمت في الفرز بين من هو مع العراق من هؤلاء السياسيين ومن هو تابع ذليل وجندي مطيع للولي الفقيه.    وهؤلاء فقدو شرعيتهم الدستوريه والتي يمنحها لهم الشعب. وقد سحبها عنهم الان. واصبحوا من الذ أعدائه وهذا انجاز كبير يحسب للشعوب الاصيله الرافضه للتبعيه والتي ترنوا للتحرر والكرامه وبناء دولتها على اسس وطنيه رصينه.
11لم يعد مسموح بعد الان الترويج والتهريج وشيطه الاصوات الوطنيه المناديه بازاحه هذه العمليه السياسيه الفاشله ونعتها بتهم مختلفه فالاصوات عراقيه شبابيه اصيله  واعدادها مليونيه شملت اغلب المحافظات فان كان كل هؤلاء مندسون فاين الشعب العراقي اذن. وعليه فأن حكام المنطقه الخضراء ومليشياتها هم المندسون وهم العملاء وهم الطارئون والغرباء عن هذا الوطن وهذا الشعب الاصيل.
12ان المواقف البطوليه لشهداء ثوره تشرين الابطال والذين تصدوا بصدورهم العامره بالايمان وحب العراق لرصاص الحقد الفارسي واتباعهم وآلاف الجرحى البواسل.       والهتافات التي رفعها المتظاهرين وتصريحات هؤلاء الشباب والتي عبرت عن فهم عالي ومتقدم ومتميز لطبيعه الصراع الدائر مع الغزو والاحتلال الفارسي لبلادنا واذنابه العملاء في العمليه السياسيه.          واستنادآ لما ذكرناه اعلاه    علينا ان ننحني اجلالآ واكبارآ لتلك الارواح الزكيه ولهؤلاء الشباب الشجعان   ونبتعد عن التعامل الروتيني والكلاسيكي في مخاطبه الشباب ونعتمد اساليب حديثه للتعبئه مع اعطاءاهميه واسبقيه كبيره لتكنلوجيا المعلومات والاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي لما لها من تأثير واهميه تكاد تفوق لغه السلاح.
13لاول مره نلاحظ  هذا الرعب الكبير الذي اصيب به حكام المنطقه الخضراء  وتخبطهم وتسارعهم وتسابقهم  في اصدار بعض القرارات الهزيله والتي تكاد تلامس بعض هموم الناس في ظاهرها خوفآ من انفلات الامور وبدأوا باطلاق التصريحات المهدئه والمخدره  انصياعآ وخوفآ على كراسيهم ومناصبهم.  
14لقد افرزت هذه الانتفاضه المباركه التلاحم بين شعبنا الصابر المجاهد في ساحات النضال وفي جميع محافظات العراق وبين اخوانهم وابنائهم في خارج الوطن وكانت الوقفات الاحتجاجيه والتظاهرات الكبرى في اغلب دول العالم في ساحاتها وميادينا وامام السفارات العراقيه والتي ارهبت وهزت اركان تلك الممثليات اضافه الى قيام الجاليات العراقيه بتقديم طلبات للمنظمات والهيئات الدوليه لتجريم رموز هذا النظام لما ارتكبه من جرائم موثقه  بحق الشباب المنتفض والرافض لهذه السلطه الفاسده. فاصبح واضحآ ان اغلب الجاليه العراقيه في الخارج بات مؤيدآ وساندآ بل جزءأ من الانتفاضه المباركه ولم يتبقى إلا نفر قليل من المتخلفين وعملاء ايران والذين تواروا  عن الانظار خوفآ وهلعآ من المد الجماهيري الواسع والمؤثر.
واخيرآ نقول ستبقى الثوره مستمره ومتصاعده حتى تحرير العراق. بعون الله تعالى. ونلتمس العذر فهذه الثوره تستحق مجلدات لتوثيقها وانصافها. مع تقديري.