بسم الله الرحمن الرحيم
اللعبة الكبرى
محمود الجاف
ذكرت في مقالتي ( يهود إيران ودولة الخزر ) أن الطبقة الحاكمة من اليهود غادروا دولة الخزر مع أموالهم وأنشئوا شركات هيمنت على التجارة في البحر المُتوسط ثُمّ انتقلوا إلى إسبانيا ودعموا أمرائها مادّيًا في حُروبهم ضدّ المُسلمين في الأندلس والبُرتغاليين في رحلاتهم البحرية . وأسّسوا بنك إنكلترا بعد أن انتقلوا إليها اثر هيمنتها على التجارة الدولية وجمعوا فيه مُعظم احتياط العالم من الذهب . وبعدها نقلوه إلى الولايات المُتحدة أوائل القرن العشرين وأسّسوا الخزينة الفدرالية تحت إدارتهم . وإذا حاول أيّ رئيس إعادتها إلى يد الدولة يتم تصفيته أو عزله عن الحكم . لقد عمل أحفادهُم على تأسيس الحركة الصهيونية واشترَوا قادة الدول الكبرى من اجل نقل اليهود من أوروبا إلى فلسطين وتعاملت البنوك الدولية التابعة لهم مع الفاشيين في ألمانيا وموّلت حملة هتلر الانتخابية وأوصلتهُ إلى الحكم عام 1933م ودفعوا الأموال ليقوموا بمجازر ضد اليهود (الذين ليسوا يهودًا حقيقيين بمفهومهم إنّما من أم خزرية وأب يهوديّ ) في أوروبا لإجبارهم على الهجرة . ولأن الولايات المُتحدة الآن هي دولة خزاريا المخفيّة التي يحكُموها سرًّا تعددت الأساليب التي يستخدموها لإخضاع الحكومات التي ترفض أن تكون جزءًا من إمبراطوريتهم ودأبوا على إغرائها بمشاريع اقتصادية كبيرة تستوجب أموالًا طائلةً يمكن الحصول عليها من صندوق النقد الدولي وهذا يعني تبعيتها للولايات المُتحدة . وإذا رفضوا شنوا عليهم حملات إعلامية واتهموهم بالدكتاتورية وفرضوا عليهم عقوبات اقتصادية من أجل زعزعة الوضع الداخلي ودعم الثورات التي تُؤدي إلى حُروب أهلية تمزّقها وتطيح بحكامها كما جرى في العالم العربي .
وحين تخطَّت المسيحية النطاق لجئوا إلى تمزيقها بالتظاهر باعتناقها
فقد كتب شامور حاخام اليهود في مدينة أرل . إلى المجمع اليهودي العالي في الأستانة
يَستشيره في مشكلة الفرنسيين في مدن أكس وأرل ومرسيليا الذين يُهدِّدون معابدهم
فكان الجواب : أيها الإخوة الأعزاء بموسى : تلقَّينا كتابَكم الذي تُطلِعونا فيه
على ما تُقاسونه مِن الهموم والبلايا وكان وقع هذا الخبر شديد الوطأة علينا وإليكم
رأي الحكام والربانيِّون : بمُقتضى قولكم : إن ملك فرنسا يُجبركُم على اعتناق
المسيحية فافعلوا ولا يَسعكم أن تُقاوِموا ولكن يجب أن تُبقوا شريعة موسى راسِخة
في قلوبكم . وذكرتُم أنهم يأمروكُم بالتجرُّد عن أملاككم فاجعلوا أولادكُم تجارًا
ليتمكَّنوا رويدًا رويدًا مِن تجريدهم من أملاكهم . وتقولون أنهم يعتدَّون على
حياتكم فاجعلوا أولادكم أطباء وصيادلة ليَحرِموهم من حياتهم وقلتم : إنهم يَهدِمون
معابدكم فاجعلوا أولادكم كهنة واكليريكيين ليهدموا كنائسهم وذكرتم أنهم يَعتدون
عليكم فاجعلوا أولادكم وكلاء دَعاوى وكُتَاب عدل حتى تستولوا على زمام السلطة
وبذلك يتسنى لكم الانتقام . سيروا بموجب أَمرِنا هذا وتعلموا من ذُلِّكم وضعفكُم
حتى تصلون إلى ذروة القوة العُظمى . في 21 نوفمبر 1489م كاسلو . التوقيع : v.s.s.v.F.F. )
هكذا بذروا في المسيحية عوامل ضعفها وعلَّموهم القسوة والوحشية
بأصولها الموجودة في التوراة والتلمود مع أنهم يؤمنون بأن ( مَن ضرَبك على خدِّك
الأيمَن فأدرْ له خدَّك الأيسر ومَن سخَّرك ميلاً فامشِ معه مِيلينِ ) وعلَّموهم
الحقد وحبَّ الانتقام مع أنهم يدعون إلى المحبة والخير وفيها ( أَحبُّوا أعداءكم
وأَحسِنوا إلى مُبغضيكم ) وعلَّموهم الجشَعَ والطمعَ والربا وفنون جَمعِ المال
بالطرُق الغير مَشروعة وفي أعلى هيئة دينية في الكنيسة وهي الصرح البابوي ولم تكن
فكرة صُكوك الغفران إلا فتنة لعبوها ولَبسوا مسوح الرهبان وشرعوا في رسم خطط
تخريبها بعد أن تولّوا أعلى المناصِب الكهنوتية فلم يكن من تعاليمها أن يَبيع
البابا الصكوك كما تُباع أسهم الشركات التجارية فهي ليسَت سوى مُستندات مالية
مُعجَّلة الثمن مؤجَّلة التسليم تُباع في بورصة الأطماع والشهوات ولعبة لإفساد
الناس لأن مَن اشترى الجنَّة بغفران ما تقدَّم مِن ذنبه وما تأخَّر لا يتورَّع عن
ارتكاب أكبر المعاصي والذنوب . واليهود هُم الذين بثُّوا في الأديان أن على المرء
أن يُخطئ حتى يتمكَّن من طلب غفران الله . وانتشرت هذه الفكرة عند التشيع الصفوي
فهم يدَّعون أن مُواليهم تُغفر جميع خطاياهُم مهما ارتكبوا من معاصي .
وتبدو رُوح اليهودية التجارية واضِحة حين تقرأ صيغة الصك الذي كان مِن
أهمِّ عوامل انقسام الكنيسة في القرن الخامس عشر . يقول ( ربنا يَسوع المسيح يرحمك
يا . فلان . ويُحلِّل باستحقاقات آلامه الكلية القداسة وأنا بالسلطان الرسولي
المُعطى لي أُحلِّك من جميع القصاصات والأحكام والطائلات الكنسية التي استوجَبتها
وجميع الإفراط والخطايا والذنوب التي ارتكبتَها مهما كانت عظيمة وفظيعة ومِن كلِّ
عِلة وإن كانت محفوظة لأبينا الأقدس البابا والكرسي الرسولي وأمحو جميع أقذار
الذنب وكل علامات الملامة التي جلبتَها على نفسك وأرفع القصاصات التي كنت تَلتزم
بمُكابدتها وأردُّك حديثًا إلى الشركة في أسرار الكنيسة وأقرنك في شركة القدِّيسين
وأردُّك ثانية إلى الطهارة والبرِّ اللذَين كانا لك عند معموديتك حتى إنهُ في ساعة
الموت يُغلَق أمامك الباب الذي يَدخُل منهُ الخُطاة إلى محل العذاب والعقاب ويُفتح
الباب الذي يُؤدي إلى فردوس الفرح وإن لم تمتْ سنين طويلة فهذه النعمة تَبقى غير
مُتغيِّرة حتى تأتيك ساعتك الأخيرة باسم الآب والابن والروح القدس ) وقد فعل
الخميني نفس الفكرة حيثُ منح مُعتنقي أفكاره ما يسمى مفتاح الجنة .
شرَعوا في محاربة كنيسة روما وإبراز العهد القديم الذي كان حبيس
الأديرة والصوامع ولا يَطَّلع عليه إلا قِلَّة مِن رجال الأكليروس الذين يَعرفون
العبرية واللاتينية . كما تظاهرت جماعة شهود يهوه بالمسيحيَّة فلبسوا مسوح الرهبان
أو كما فعل الدونمة بالإسلام وارتدوا العمامة والجبَّة والقفطان . والدونمة : هي
طائفة من اليهود من أتباع سباتاي زيفي المولود في يوليو 1626م في مدينة أزمير من
أبوين يهوديين مُهاجرين من أسبانيا وادعى أنه المسيح لكنه أسلم بعد أن قبض عليه في
عهد السلطان محمد الرابع فتبعه قسم من الذين عرفوا لاحقاً بالسبتيين أو Dönmeh : تزامن
ذلك مع أوقات حرجة كانت تمر بها الدولة العثمانية واليهود مُضطهدون وكبرت في
أذهانهم دعوى المسيح المُنتظر حتى أنّ كهنتهُم يعتقدون بظُهور المُخلِص . وأخذ
يضفي لنفسه ألقابا مثل : ابن الله البكر . أبوكم إسرائيل! وألغى الدعاء للخليفة
وأمر بالدعاء له كملك لليهود . إن جلَّ المذاهب والفِرَق نشأت في أحضانهم بفعل
يهود متمسِّحين أو مسيحيِّين مُتهوِّدين وكلاهما يُؤمن بالتوراة قبل الإنجيل .
واستشرى الصراع بين الكاثوليك والبروتستانت يُغذِّيه مكر اليهود وعَطفُهم على
البروتستانت الذين آمنوا بنبوءات التوراة المزيَّفة ونشَروها ووقعت الحروب
وابتلعَت أكثر مِن نصفِ مليون مسيحي .
إن اليهودي لا يغيِّر دينَه مهما تظاهَر بعكس ذلك وخير مثال هو اللورد
بيكونسفيلد الذي اعتنق المسيحيَّة ووصل إلى منصب رئيس الوزراء البريطاني زمن
الملكة فكتوريا عام 1875م وخدم اليهود وقال عنهم في مقالٍ نشره بكتاب حياة لورد
جورج بنتنك سنة 1852م ( شعب الله يتعاون مع الكفَرة المُلحِدين وهم أمهر الناس في
جمع المال ويتحالَفون مع الشيوعيِّين . الجنس المُختار يُصافِح يد الجنس الواطي
مِن حثالات البشر وكل ذلك مِن أجل تحطيم المسيحية الناكرة للجميل والتي تَدين
لليهود حتى باسمها ولم يعد بالإمكان تحمُّل طغيانها ) وفي كتاب حقيقة بروتوكولات
صهيون صور الكاتب السلافي غويغوري بوستونيش الأفعى الشيطانية الرمزية وقد أحاطَت
بأوربا ونظرها إلى القسطنطينية جنوبًا .
لهذا رفض مسيحيوا المشرق وقياداتهم الدينية والسياسية إعلان ترامب
القدس عاصمة للكيان الصهيوني والتأكيد على الهوية العربية الإسلامية المسيحية
للقدس وأنها عاصمة دولة فلسطين وحافظوا على تعاليم دينهم بينما حاول اليهود مرارا
شدهم للغرب بذريعة المُشترك الديني ودق إسفين الكراهية بينهُم وبين المُسلمين
ولهذا تجسدت المُؤامرة في مُحاولات إفراغ المشرق منهُم وتذويب مسيحييه في بودقة
الغرب للقضاء على النصرانية نهائيا . لقد ظل اليهود في نظرهم أمة ملعونة لمدة ألف
وخمسمائة عام لأنهم اعتقدوا أنهم قتلوا السيد المسيح . لكن القرن الخامس عشر
الميلادي أظهر تحولات عميقة في النفس المسيحية الغربية مع بزوغ ما عرف بحركة
الإصلاح وما تبعه من انشقاق سياسي وعقائدي داخل الديانة بشكل عام والكاثوليكية
الغربية بشكل خاص وكان من نتائجها أن صار للتوراة أهمية أكبر في نظرهم من الإنجيل
وبدأت صورة اليهود تتغير في أذهانهم . وقد ظهر هذا التحول في كتاب القس مارتن لوثر
عام 1523م المسيح ولد يهوديا . الذي قدم فيه رؤية تأصيلية للعلاقة معهم من منظور
مغاير تماما لما اعتاده المسيحيون من قبل وقال : إن الروح القدس شاءت أن تنزل كل
أسفار الكتاب المُقدس عن طريق اليهود وحدهم . وأنهم أبناء الرب ونحن الضيوف
الغرباء وعلينا أن نرضى بأن نكون كالكلاب التي تأكل من فتات مائدة أسيادها . ثم
عاد وألف كتابا آخر في ذمهم سماه ( ما يتعلق باليهود وأكاذيبهم ) بعدما يئس من
دفعهم لاعتناق المسيحية . وقال جيمي كارتر : إن علاقة أميركا بإسرائيل علاقة فريدة
لا يُمكن تقويضها لأنها مُتأصلة في وجدان وأخلاق وديانة ومُعتقدات الشعب الأميركي .
لقد تحولوا من أمة ملعونة إلى أبناء الرب . ومن أمة مدنسة إلى أمة
مُقدسة يظلم بها المسيحيون شعوبا أخرى لا صلة لها بتاريخ التدنيس والتقديس هذا .
ويلاحظ أن المذاهب تفاوتت في استيعابها لهذا التحول تفاوتًا كبيرًا فالبروتستانت
الأميركيون والبريطانيون أصبحت اليهودية جزءا من لحمهم ودمهم والكاثوليك في فرنسا
وإيطاليا وإسبانيا ظلوا أكثر تحفظا ولذلك لم يبرئهم الفاتيكان من دم المسيح إلا
عام 1966م أما الأورثوذكس الأوروبيون الشرقيون فلا يزالون يحتفظون بتلك النظرة
المُتوجسة تجاههُم . وهذا ما يفسر التفاوت في المواقف السياسية مع إسرائيل في
أميركا وبريطانيا وأخيرا في ألمانيا البروتستانتية والتحفظ في أوروبا الجنوبية
خصوصا في فرنسا وهي أكبر الأمم الكاثوليكية الغربية والريبة في أوروبا الشرقية
وخصوصًا روسيا . لقد أصبح اليهود في هذه الأيام يمثلون جزءاً رئيسياً في تاريخ
وسياسة العرب والمُسلمين بسبب احتلالهم لأرض فلسطين وصدامهُم الدائم معهُم
بالأساليب العسكرية المُباشرة أو عبر مُحاولات الهيمنة الاقتصادية والسياسية .
تغلغلوا بيننا بعد أن درسوا الإسلام والقرآن وفهموا ما تعني كلمة
السنة والشيعة وكما فعلوا مع النصارى سيطروا على المرجعيات الدينية والأحزاب التي
تعود جذورها إليهم فهم ذيولا لهذه القوة الكبرى أو تلك وكلا يعمل وفق مصلحتها
وإستراتيجيتها ونحن نقاتل ونقتل ونكفر بكل شيء من اجل دعم إمبراطوريات السلاح التي
قادتنا إلى أودية الظلمات وأقبية الشياطين . الأحزاب والمُنظمات الدولية والعربية
بدأ تاريخها بعد سيطرتهم . منها حزب الدعوة ومنظمة بدر أو المجلس الأعلى ولهذا
تراهم يهرعون إلى الاختباء تحت العباءة الروسية عندما يشعروا بالخطر لأنهم يعلمون
أن استهدافهم يعني اعتداء الكنيسة الغربية التي يتحكم بها اليهود على الكنيسة
الشرقية وهذه هي اللعبة الكبيرة التي تدور حولها كل البيادق الموجودة على رقعة
الشطرنج
.
المصادر
كتاب القوى الخفية : انيس منصور
كتاب الأفعى اليهودية : عبد الله التل
كتاب دولة خزاريا المخفية للكاتبة تاتيانا غراتشوفا
كتاب مصطلحات سياسية للكاتب الصحفي عادل حمودة
كتاب السلطان عبد الحميد بين الإنصاف والجحود محمد الهلالي
كتاب القوى الخفية : انيس منصور
كتاب الأفعى اليهودية : عبد الله التل
كتاب دولة خزاريا المخفية للكاتبة تاتيانا غراتشوفا
كتاب مصطلحات سياسية للكاتب الصحفي عادل حمودة
كتاب السلطان عبد الحميد بين الإنصاف والجحود محمد الهلالي
2018 . 12 . 20
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق