الأحد، 2 ديسمبر 2018

لماذا العراق ؟ بقلم محمود الجاف

بسم الله الرحمن الرحيم                                              



                                                .  لماذا العراق ؟

محمود الجاف

جُمْهُوريَّة العِراق : هو أحدى الدول العربية الإسلامية المُطلة على الخليج العربي . يتكون من ثمان عشرة مُحافظة وعاصمته بغداد . مساحته 438 , 317 كم² . يحدهُ من الجنوب الكويت والمملكة العربية السعودية وتُركيا من الشمال وسوريا والأردن من الغرب وإيران من الشرق . وهو عضو في جامعة الدول العربية ومُنظمة المُؤتمر الإسلامي وأوبك . كان يُسمى بلاد ما بين النهرين ونشأت على أرضه أولى الحضارات . منها سومر وتعاقب على حكمه البابليين والكلدانيين والاشوريين والميديين والسلوقيين والبارثيين والإمبراطورية الرومانية والساسانيون والمناذرة والخلافة الراشدة والأمويين والعباسيين والمغول والصفويين والدولة الافشارية والدولة العثمانية ثم الاحتلال البريطاني والمملكة العراقية ثم الجمهورية وسلطة الإحتلال الأمريكي ... اجتمعوا من أجل إذلاله وسرقة ثرواته وقيل فيه وفي شعبه الكثير من الإشاعات . لا لشيء إلا لأنه دمر جحر الشياطين وهو الذي سيبيدهم في النهاية لهذا استعانوا بجرائهم الصفويين وفعلوا فيه الأفاعيل ولكن ربنا وعدنا بالنصر . والله لا يخلف الميعاد .

 تحدثت الآيات الأولى من سورة الإسراء عن نهاية بني إسرائيل . قال تعالى ( وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي إلارْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولاً (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً (6) ) قدم الله الإفساد على العلو وهذا يوحي بمدى ما سيقبلون عليه من فساد وقد حدث حتى قبل احتلالهم للأراضي الفلسطينية من مؤامرات ورشاوى وسفك الدماء والربا وبروتوكولاتهم تبين إلى أي مدى وصلت عقليتهم في التآمر وتدمير القيم والأخلاق والسيطرة على الحكام والإيقاع بينهم واستخدام الجنس والخداع وغيرها من الأساليب الوضيعة ... قسم القرآن الكريم الصراع إلى ثلاثة مراحل .

كانت الأولى في قوله تعالى ( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ) عندما بنو دولتهم قام العراقيين بقيادة نبوخذ نصر بتدميرها ثم حاول غزو مصر لكنه هُزم فوقَّع معهم معاهدة ولهذا فضلت دولة يهوذا الانضمام إلى الفرعون ثم تمردوا عليه فعاد نبوخذ نصر إليهم ورغم إرسال المصريون حملة عسكرية للدفاع عنهم إلا أنه استطاع هزيمتهم وإسقاط مدنهم الواحدة تلو الأخرى وهدم مسجد سليمان عليه السلام الذي كان فيه التابوت الذي اختفى وأحرق القصر الملكي وسمَّلَ عيني الحاكم وقتل أبناءه أمامهُ كما أسَّر منهُم ما بين 40 - 50 ألف وهو ما عرف بالسبي البابلي . وفي نهاية الآية يقول تعالى ( وكان وعدا مفعولا ) وكان تفيد الماضي . أي وقوع تلك الأحداث قبل نزول القرآن .

أما المرحلة الثانية . قال تعالى (ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) وثم تفيد التراخي في الزمن . وقال سبحانه (رددنا لكم الكرة عليهم )! الآية التي قبلها تحدثت عن غزو البابليين لبني إسرائيل . إذن فهي تعني رد الكرة على العراقيين ! ويُؤكد ذلك قولهُ تعالى (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ) أي دخلوه في المرة الأولى وهم من سيدخله في الثانية وبنفس الطريقة أي مدمرين له . ولكن بعد نشأة إسرائيل عادت إلى العراقيين في 2003 ولم تنسَ ثأرها فدمرت بلدهم ولم يكن غزواً عسكريا عاديا أو من أجل أسلحة الدمار الشامل التي لم يجدوها ثم ادعوا أنها لحرب القاعدة ! بل كانت لتدمير العراق والقضاء على مُستقبله . فقد قُتلت القادة والعلماء أو أخذتهم لبلاد أخرى ليستفيدوا منهم وفككت الجيش وأحرقت الوثائق وسرقت الآثار وضيعت الشعب وجعلته يقتل بعضه بعضا وأوقعت بينهم العداوة ونهبت الثروات وأعادتهم إلى العصور الحجرية . إن أمريكا وبريطانيا دمروه من اجلها وما يؤكد ذلك قوله تعالى (وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا) ولم يقل أكثر أولادا وأموالا ! فإسرائيل استنفرت العالم كله حتى الدول التي تشترك معها في الدين واللغة والتاريخ والهوية وهو ما لم يحدث في حرب 1948 بفلسطين والاستنفار هنا كان أقوى والحصار كان أبشع ذاق خلالها الشعب ويلات نقص الغذاء والدواء .

وبعد اسقاط العراق جاء عصر مجد وانتصار وعلو وفساد بني إسرائيل . قال تعالى (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا) وهذا يعني وجود مرحلة زمنية يمكن لهم فيها مراجعة أنفسهم للإحسان والعودة عن الفساد ولأن الله يعلم أنهم لن يفعلوا فقد انتقل للمرحلة الثالثة والأخيرة التي سيلقوا فيها نهايتهم المقدرة فقال (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الأخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) يبدأ (فإذا) وهى تفيد تأكيد الوقوع في حال المُستقبل! وكلمة الآخرة تعني أنها لن تقوم لهم قائمة بعدها ولاتأتي هذه الكلمة في القرآن إلا للدلالة على اليوم الآخر وهذا يعني أنها مقترنة بقرب قيام الساعة أو من علاماتها؟ ويؤكده ما جاء في الحديث عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يقول الحجر وراءه اليهودي : يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله ) وقوله تعالى (لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِد) بصيغة المضارع يعني أنه فعل مُستقبلي لم يحدث بعد وجاء ليدل على بشاعة الانتقام الذي سيحدثهُ العراقيون في قوله تعالى (لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ) وهى تدل على الإهانة الشديدة في أعز ما يملك الإنسان وهو الوجه وهى من المرات النادرة التي وردت على هذا الشكل في القرآن . ثم يقول سبحانه (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّة) أي أنهم سيدخلوه كما دخلوا في المرة إلاولى . يقول د. محمد بيومي : فنهب الجنود أورشليم وأشعلوا فيها النيران وأحرقوا القصر الملكي وضاع معبد سليمان ومعه التابوت . وهذا المسجد الذي تم تدميره؟ هو الذي سيعيدوا بناءه من جديد على أنقاض المسجد الأقصى ! وفي ظل الضعف العربي والإسلامي الواضح وتعاون البعض معهم فان فكرة الهدم قابلة للتطبيق حاليا وقد تكون بداية جديدة لانهيارات عظيمة آتية في المنطقة والدول التي سيطرت عليها وزرعت فيها الضعف والفقر الاقتصادي وقيدت حريات شعوبها .

ولكي تهدم الأقصى تحتاج إلى شجاعة لدى قادتها وأنظمة تابعة لها في الدول المحيطة ! تستطيع السيطرة على شعوبها في حال القيام بأية مغامرة أو دول منهارة لا يمكنها فعل شيء! ويختم الله الآيات بقوله (وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) أي سيدمرون هذا العلو وينسفونه وهذا يحتاج إلى جهد صادق حتى يؤتي ثماره . وإذا كان لا يوجد بعد القمة إلا القاع فسوف تبدأ إسرائيل في مرحلة الضعف في وقت تبدأ فيه الأمة بالنهوض وبناء قوتها من جديد ولهذا علينا أن نفهم أن طرفي الصراع هما العراق وإسرائيل؟ رغم أننا نعرف دور مصر في إنقاذ العالم الإسلامي من القوى التي حاولت السيطرة عليه على مر التاريخ من المغول والتتار والصليبيين؟ إن مصر القديمة كانت علاقتها مع مملكة يهوذا تكون أحيانا ودية للغاية حتى أن الفرعون سمح لهم بالعيش فيها عندما هوجموا لكنه في مرحلة أخرى هاجمهم وأخذ غنائم هائلة . إن إنشاء هذا الكيان بشكله الحالي والفساد الذي أصاب الأمة الإسلامية وغيرها مثل أمريكا التي جعلتها تحارب وتستعدي الآخرين بسببها كما أن خططهم تكشف عن عقلية جبارة في التخطيط للإفساد وماذكر في بروتوكلات حكماء صهيون يؤيد صدق القران علما بأن الكثير مما نعيشه اليوم مما جاء فيها قد تحقق .

كَثُرَت الفتن وتتابعَت تَموجُ يرقُقُ بَعضها بَعضًا . فلا تَحزَنوا لِتَجمُع أحزاب هذا الزَمان عَلينا واغتنموها فُرصَة لِدفق الأمَل في قُلوبٍ أحبَطَها اليأس وَالحُزن وَالهُموم وَأبشِروا وأملوا ما يَسُرُكُم فَعُمر الإسلام طَويل وَآفاقَهُ أوسَع مِن أوطانَنا وَالله لا يَعجلَ لِعَجَلتنا وَلِنتذَكَر ما أبقى لَنا مِن خَير وَما تَطوَلَ بِه عَلينا مِن فَضل . في الغار وَسَيدَنا رَسولُ الله صَلَى الله عَليهِ وَسَلَم يَنظُر إلى أقدامِ المُشرِكين قالَ ( لا تَحزَن إنَ اللهَ مَعَنا ) وَكانَ مُطارَداً وَيُبشِرُ سُراقَة بِأنَهُ سَيَلبَس سِوارَي كِسرى . وَفي الخَندَق اعترَضَتهم صَخرةٌ لم يَستَطيعوا تَحطيمها فأخبَروه صلى الله عليه وسلم فَضَربَها وهو يقول الله أكبر أعطيتُ مَفاتيحَ الشام والله إني لأبصِرُ قُصورَها الحَمراء الساعَة . ثُمَ ضَربَها الثانية وَقال : الله أكبر أُعطيتُ مَفاتيح فارس والله إني لأبصِر قَصر المَدائِن الأبيض . ثُم الثالثة وَقالَ : الله أكبر أعطيتُ مَفاتيحَ اليَمَن وَالله إني لأبصِرُ أبوابَ صَنعاء مِن مَكاني هذهِ الساعَة فَتَكسَرَت .

فَيا مَن وَقَعتَ في شِدَة ارفَع يَدَيكَ إلى السَماء وَادعو وَالله يَعصِمُكَ مِنَ الناس

أليسَ اللهُ بِكاف عَبدَه ؟

إن العراق رمح الله في الأرض وشعبه البطل قارع المجوس واليهود والصيلبيين في صراع كبير ومؤلم ودموي ولهذا أرادوا طمس هويته ووصم شعبه بالضعف والخوف من خلال وسائل الإعلام التي يملكوها ولكنه ملاقيهم لامحالة في آخر معركة ستنهي وجودهم وإلى الأبد .

يَبكِي رِجَالٌ عَلَى الحَيَاةِ وَقَدْ ...... اشْتَقْتُ يَا قَوْمِي إِلَى قُرْبِ الأَجَلْ
مِن قَبلِ أَنْ تَعْرُضْ لِقَلْبِي فَتْنَةٌ ... فَتَصْرِفُهُ عَنْ طَاعَةِ المَوْلَى الأجَلْ

قال تعالى (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) يوسف

2018 . 12 . 02

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق