الاثنين، 10 ديسمبر 2018

مرض الاحتراف...... الدكتور فالح حسن شمخي




مرض الاحتراف


الدكتور فالح حسن شمخي

كلنا يعرف الفرق لغويا بين الهاوي وبين المحترف ، الاحتراف هو النتيجة التي يجد الهوات في بلوغها ولو عرفوا  مرض الاحتراف لتوقفوا  عن ذلك  ورضوا بالبقاء هواة  .

  ان من أخطر أمراض الاحتراف هو تجرد  الإنسان عن قلبه النابض في الحب  والفضيلة والتطلع إلى السمو النفسي والروحي والعقلي والوقوع  في براثن  الكذب والخداع والمراوغة والغرور .

والأمثلة كثيرة على ذلك وان  من اقربها هو تحول لاعب كرة القدم الهاوي الجميل المثابر الذي يهدف إلى إرضاء جمهوره بممارسة اللعب بحب وشغف إلى (بليادشو) في سيرك يخدع الناس بتقديم عمل ممتع ومتقن  من خلال  حركات جسده لكنه  يخفي تحت قناع وجه البريء شخص آخر ربما يكون مجرم وسفاح ، لاعب الكرة المحترف يباع ويشترى  بملايين الدولارات وبهذا يفقد ادميته ويتحول إلى إنسان مسخ عبدا لمن يدفع أكثر .

هذا الأمر ينطبق على الممثل المحترف الذي يبكي المتفرج من خلال الدور الذي يقدمه وهو سعيد  والعبد المحترف الذي يحول سيده إلى عبد لديه من خلال تلبية أبسط متطلبات السيد بإتقان  والحارس الشخصي المحترف الذي يحيط من يحرسه بدائرة من الخوف والفزع والهلع الأمر الذي يجعل الملك والوزير ينصاع إلى أوامر هذا الحارس   والقاتل المحترف الذي يعطي لضميره  إجازة مفتوحة  والكلب المحترف الذي يوحي للراعي وللاغنام بأنه قوي شرس ويسمح  للذئاب  بممارسة الرذيلة  معه وبذلك ينطبق عليه المثل العراقي (لما الكلب حيز الواوي مايفرخ  بالتبن ) .

  ان أخطر انواع الاحتراف  هو احترف السياسة واحتراف الكلمة .
فمحترف السياسة يتحول إلى شيطان بصورة ملاك  يوهم جمهوره بأنه ملاك على الرغم من معرفته ويقينه بأنه شيطان ومحترف الكلمة يمتاز بأنه  أكثر خطورة فهو يطلق الرصاص  الحارق الخارق على المتلقي مغلقا بالورد ويقدم السم بالعسل كما يقولون .

ينشط المحترفون اذا وجدوا  البيئة المناسبة ليمارسوا خداعهم و (فهلويتهم) كما ينشط السحرة المشعوذين في الوسط المتخلف والواقع المتردي وان من السخرية بمكان هو اعتقاد هؤلاء أن سحرهم ينطلي على كل الناس فالمؤامرات التي يدعونها وحالة الخوف من الاخر التي يزرعونها هي أوهام يعيشونها في عقولهم المريضة نتيجة احترافهم انهم يخلقون ألازمات ويدعون انهم يملكون الحل السحري من  على حلها ، يحاولون إقناع الآخرين بذلك عبر التلاعب بالكلمات ودس الغث من القول بين سطور مقالاتهم الطويلة المملة السمجة.

إن من يمتلك فطرة سليمة يفرق بين المحترف المريض الذي يلعب (بالبيضة والحجر) كما يقال وبين المحترف الذي يحترم نفسه وعقله ويحترم الآخرين .

اللهم خذ بيدنا  وأبقينا هواة  ولا تحشرنا مع المحترفين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق