الاثنين، 23 يوليو 2018

العداء الفارسي للعراق والأمة ج 5 بقلم محمود الجاف





بسم الله الرحمن الرحيم

العداء الفارسي للعراق والأمة ج 5


محمود الجاف


كما رتب ابن العلقمي مع هولاكو بمعاونة نصير الدين الطوسي على قتل الخليفة واحتلال بغداد . تمكنوا من تسخير الجيش الأمريكي لتحقيق أهدافهم باحتلال العراق عام 2003م فقضوا على جيشه وأسقطوا نظامه بعد أن عجزوا عن الإنتصار عليه طوال حرب شاملة بدأت منذُ مجيء الخُميني رغم ادعائهُم العداء للولايات المتحدة واعتبارها الشيطان الأكبر؟ وسخروا الجيش الروسي لصالحهُم بعدما عجزوا عن القضاء على الثورة السورية .

استخدموا أكبر جيشين لتحقيق مآربهم وجعلوا منهُم أدوات بأيديهُم من أجل تحقيق أهدافهم التوسعية في المنطقة . فهل حجة مُحاربة الإرهاب كانت كافية فعلًا لتورطهم في خدمة مشاريعها العدوانية؟

نشر زلماي خليل زاد كتابًا بعنوان (الموفد) سرد فيه الرحلة التي قطعها من أفغانستان إلى الولايات المتحدة رغم انه نشأ في قرية أفغانية عتيقة ( مزار شريف ) ودخل البيت الأبيض في إدارة بوش وعُينَ سفيرًا لأمريكا في الأمم المُتحدة ثم في أفغانستان ثم العراق في الفترة بين 2003م حتى نيسان 2007م . تحدث عن لقاء جمع مسؤولين بالإدارة الأمريكية وجواد ظريف وزير الخارجية الحالي والذي كان سفيرًا في الأمم المتحدة في 2003م . تضمن طلبًا بعدم التعرض للمقاتلات الأمريكية إذا اخترقت الأجواء الإيرانية وقابله ظريف بالموافقة . وعرضًا آخر برغبتهم أن يتبوأ كبار السياسيين الشيعة الموالين لهم مقاعد في الحكومة التي ترغب تنصيبها .

اقتحمت دبابات الديمقراطية الأمريكية قلب العاصمة بغداد لتُسقط تمثال الرئيس وهو المشهد الذي تم ترتيبه بالتنسيق مع جماعة المؤتمر الوطني . يعاونهم ويحميهم جرائهم الصفوية المسعورة التي تُقَطِّر الدماء من أفواهها لأنهم يعتبرون العراق ذا أهمية خاصة على مر التاريخ قبل وبعد الإسلام فالمدن المُقدسة بدينهم والتي هي قبلة الحجاج وطلاب العلم عراقية كالنجف وكربلاء ولهذا فهي تعتبر الجنوب جزءًا من مجال نفوذها التأريخي . حكمت بالموت على شُعوبنا منذ الفتح الإسلامي وخططت لذلك ونفذتهُ والآن باتت تتحكم بالنظام القائم في العراق وسوريا ولديها قوى مُسلحة من الذين تدربوا وتأدلجوا في إيران . قال نائب القائد العام لـ الحرس الثوري : إن الجيش السوري والعراقي يشكلان العُمق الإستراتيجي الدفاعي لإيران . وبالتالي جرى ترتيب الدولة التي تشكلت على أساس المحاصصة الطائفية بالتوافق بين الطرفين وهو ما تحقق بعد أن أحكمت سيطرتها عليها بكل مفاصلها . وخلال ذلك كانت تمارس قتل العلماء والطيارين والضباط العراقيين وتسهم في تصعيد النزعات ودعم المليشيات الطائفية التي مارست المجازر .

يقول بريمر في مذكراته : لقد ابلغنا السيستاني من خلال قنوات خاصة انه لن يقابل أحدًا من التحالف ولذلك لم أطالب بذلك . ولكن قال لي هيوم الذي يفهم العالم العربي جيدًا انه لا يمكن أن يظهر علانية بأنه يتعاون مع الإحتلال لأنه يريد أن يحمي جماعته ولكنه سيساعدنا فنحن نشترك معه في الأهداف ذاتها'. وبينما كانت وسائل الإعلام العربية والأجنبية تتحدث عن الصِلات المقطوعة بيننا وبينهُ لكنني كنت على اتصال مُستمر معهُ حول القضايا الحيوية من خلال الوسطاء . وكان هيوم محقًا في تحليله فقد أرسل لي السيستاني ذات يوم يقول إن عدم لقائه بنا ليس ناتجًا عن عداء للتحالف وإنما لأنه يعتقد انه بذلك الموقف يمكن أن يكون أكثر فائدة لتحقيق أهدافنا المُشتركة وبأنهُ سيفقد مصداقيتهُ لدى أنصاره لو تعاون بشكل علني كما فعل بعض العلمانيين من الشيعة والسنة أو رجال دين ذوي مرتبة مُنخفضة .

لقد ظهر تدخل النظام الإيراني جليًا بعد الغزو والذي شارك نظام الملالي في تنفيذه فقد تدفق آلاف الإرهابيين وبدئوا عجلة اغتيالات واسعة طالت كل من ساهم في تحقيق النصر الكبير في 8/8/ 1988 م ولم تسلم منه حتى تماثيل الرموز الوطنية وكان أولها رفع الطائرة المهانة من تحت أقدام الطيار العراقي الشهيد البطل كريم لعيبي المقام أمام قيادة القوة الجوية وعملوا بكل جهدهم على دعم الأحزاب الموالية لهم وإيصالها إلى السلطة وقد جاء انسجامًا مع أحد أهدافهم في تصدير التَّطرف والسياسة التوسعية والذي بدأ بتطبيقه منذ عام 1979م من خلال اعتماد النشاطات الدينية والمذهبية وضم العديد من مواطني تلك الدول الذين استجابوا وإدخالهم الدورات التدريبية في المعسكرات المعدة لتخريج المُجرمين وتنظيمهم في خلايا ومجاميع داخل بلدانهم ومنها دول الخليج حيث لم يكفِهم ما ارتكبوه في حق الشعب الإيراني ومعارضته الشديدة لهذا النظام المُتخلف الهمجي حيث قدم الآلاف من الشهداء من خيرة أبناءه وتعرض آخرون إلى السجن وذاقوا أنواع العذاب الذي لم تعرف له البشريه مثيلًا وبرغم ذلك كله والأدلة الدامغة إلا إن القوى الكبرى ظلت تُغازلهُ وتعمل على استرضائه بدلًا من العمل على إيقافه وإسقاطه وتحاول تفنيد تلك التهم والدفاع عنهُ واتخذت بعضها إجراءات مُخجلة ضد عناصر المقاومة التي بدأت بمقارعته حتى وصل بهم الأمر إلى وضع مُنظمة مُجاهدي خلق في قائمة الإرهاب الأمريكية والأوربية وبدون أي سند قانوني يُدينها ولشجاعة قادتها وإصرارهُم في نضالهم من أجل تحقيق أهدافهم استطاعوا انتزاع قرار المحكمة الأوربية القاضي بتبرئتها من هذه التهمة وكشفت جرائم النظام ضد الإنسانية وخاصة في الدول الإسلامية والعربية وكان العراق من أشد المُتضررين منها حيث ظهرت في العديد من الوثائق وحشية الجرائم التي ارتكبها وتغلغلهُ في مفاصل الدولة الحكومية من أعلى هرم السلطة حتى أسفلها وتبين إن 32 ألف عراقي من العُملاء يتقاضون رواتب شهرية من فيلق القدس والعشرات منهم من يتربع على مناصب رفيعة في مجلس الوزراء والبرلمان ووزارات الدولة ومجالس المحافظات ونجح في تشكيل حكومة موالية له وهذا ما تم إقراره بأمر صادر من ولاية السفيه قبل أكثر من ستة أشهر من الغزو .
إن ما فعلته إيران أوضح أنها تريد تدمير هذا البلد وإخضاعه لسيطرتها بعد أن كان عائقًا في وقف توسع مشروعها لهذا تفاوض الآن اعتمادًا على سيطرتها الممتدة إلى اليمن بعد سيطرة الحوثيين عليها . وإذا كانت المفاوضات مع الغرب تتعلق بالبرنامج النووي فإن الأمر الآن بات أوسع ويتعلق بالتحديد بموقعها الإقليمي وهل ستبقى مُسيطرة على هذا القوس أو لابد من أن تحجم؟

لقد تمكنت من تطوير رؤية واضحة لمصالحها الإستراتيجية تكمن في بناء قاعدة متينة ومُتعددة الركائز اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وأمنيًا وسياسيًا تتيح لها أن تصبح في وضع يُسهِّل عليها التأثير في الواقع العراقي خدمةً لتلك المصالح . فعلى سبيل المثال زاد حجم التبادل التجاري والسياحة الدينية ارتفعت لثلاثة آلاف سائح إيراني يوميًا . كما سعت لتوحيد الأحزاب الشيعية لتكون قادرة على ترجمة أهميتها الديموغرافية إلى نفوذ سياسي . وشجعت فيلق بدر والمجلس الأعلى وحزب الدعوة والتيار الصدري على المُشاركة في الحياة السياسية والمُساعدة في تشكيل المُؤسسات الناشئة وقد دعمت مجموعة من الأحزاب والحركات الأخرى لتوسيع خياراتها وضمان تقدم مصالحها . لاشك أن حربًا دمرت بلدًا بحجم العراق وشردت شعبه تبعاتها لم ولن تنتهِ بين عشيةٍ وضُحاها وتأثيراتها كما هي جوهرية على الصعيد الداخلي فهي بالطبع جوهرية على الشعب الأمريكي .

لقد كان من الضروري للصهاينة تسويق بعض أفكارهم القديمة المُزورة وربطها بتأريخ المنطقة العربية ليجدوا في الفُرس ضالتهُم وكان لهم موطئ قدم بدءًا من احتلالهم لبابل على يد ( كورش ) ملك الفرس عام 538 ق . م وانتهاءًا بالمزاعم التأريخية حول علاقته باليهود ومُساعدتهم في التخلص من ظُلم البابليين آنذاك . من هنا كان لابد لقادتهم في تلك الحقبة من إيجاد مبررات مادية يعتمد عليها في كتابة التأريخ السياسي والإجتماعي والثقافي الجديد ويستند إليها في آن واحد . وعليه يبدو أنه وفي بداية الأمر كُلّف المُستشرق اليهودي والمُختص بعلم الآثار إرسنت اميل هرتسفلد للعمل في ما سُمِّي بـ ( مجموعة باساركاد وتخت جمشید الأثرية ) الواقعة في محافظة شيراز وسط إيران بين الأعوام 1923 . 1925م . وبقي في طهران حتى عام 1934م. إلا أنه رفض المُساهمة في تزوير المُعطيات التي توصَّل إليها فتمّ استبعادهُ وأوكلت في ما بعد للمُؤرخ والمُختص بعلم الآثار اليهودي ديود أستروناخ (1964-1961)م ليكمل مهمة التزوير المُفترضة .

وقد اعتُمِدت الدراسة التاريخية التي قام بها مكتب المُرشد علي خامنئي للبحث في جدلية الشخصية الأسطورية لـ ( كوروش الكبير) والتي تنظر في الحقائق التاريخية من خلال ما يُسمَّى بـ( مجموعة تخت جمشيد وباساركاد بازغاد الأثرية ) كأساس في بناء الدولة والإنسان الفارسي . جاءته هذه الفكرة عندما ذهب خامنئي إلى مدينة همدان واطَّلع على حجم الكذب والتزوير الذي اعتُمِد في بداية القرن الماضي لإظهار كورش الكبير البطل الذي لا يُقهَر أبدا والذي فتح بابل وحرّر اليهود من الظلم .

ولأني ممن عاصروا هذه الفترة المُظلمة أقول : كنت كلما أقرأ روايات ألف ليلة وليلة أصدق إنها من خيال الكاتب ... لكني منذ الإحتلال حتى الآن وبعد الذي رأيتهُ دخل الشك في قلبي بأن تلك القصص قد تكون حقيقية فما حصل أغرب بكثير منها وعندما يطَّلع عليها الناس بعد مئات السنين سيعتقدون إنها من خيال كُتاب هذا الزمان لأني لم اسمع أو أقرا أبدًا عن عدو قتل حتى الأشجار ودفنها كما حصل مع النخيل .
2018 . 02 . 04



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق