الاثنين، 23 يوليو 2018

العَداء الفارسي للعَرب ج 1...... بقلم محمود الجاف



بسم الله الرحمن الرحيم
 
العَداء الفارسي للعَرب ج 1



مَحمود الجاف

لم تكُن أغنية اقتلوا العَرب سوى أحد تَجليات مشاعر العداء الكامنة في نُفوس الفُرس . وفي قراءة سريعة لكلماتها ستكشف حجمًا هائلًا من العُنصرية والحقد ضد الأمة . وفي الحَقيقة أنا كنتُ اعتقد إن جرائمهُم كانت نتيجة للفُتوحات الإسلامية وإسقاط الإمبراطورية الفارسية وان معاركنا معهُم اقتصرت على القادسيتين وذي قار ... لكن اتضح أنهُ قديم قدم التاريخ ولأنهُ موضوع شائك وكبير سأضطرُ إلى طرحه على شكل أجزاء وسنبدأ بتاريخ العُصور القديمة .

إن ما وصل إلينا من معلومات وُجِدَت على الكتابات المسمارية ( السومرية , الأكدية , البابلية , والأشورية ) إذ إن ملوك بلاد وادي الرافدين دونوا في سجلاتهم معلومات في غاية الأهمية عن حُروبهم مع القبائل التي كانت تحد البلاد من جهة الشرق ... وكذلك أخبار الحملات الغادرة التي كانت تشنها عليهم ومدى الدمار الذي تخلفهُ في كل مرة .
لقد أثبتت الأحداث التاريخية أطماعهُم في العراق ولذلك عملوا على احتلاله واستغلال خيراته فهُم قبائل هَمجية تنظُر بعين الحَسد لما حققهُ من تقدم حضاري وماتنعم به من رخاء وأمان على امتداد النهرين العظيمين دجلة والفرات . ولهذا كان أي ضعف أو تخلخل في السلطة يصحبهُ هُجوم من الأراضي الإيرانية .

عملوا على خلق الفتن وتغذية ودعم حركات الإنشقاق بقصد تصدع الجبهة الداخلية وقد اكتشفوا بالتجربة أهمية ومُقدار الخُطورة التي يُشكلها السهل الرسوبي لأمن بلادهُم ولذلك أهتم ملوك العراق ومنذ القدم بالجبهة الشرقية . وقد إستغل العيلاميون المنطقة الرسوبية واتخذوا منها طريقًا سهلًا للهُجوم على المُدن السومرية والبابلية وكانت الحملات العسكرية تبدأ من العاصمة شوش وتعبر إلى الضفة الغربية من نهر الكرخة ثم تسير بمُحاذاة جبال زاكروس وصولًا إلى مدينة دير ( قُرب بدرة ) سلك ملوك العراق القديم الطريق ذاتهُ في حملاتهم للثأر من عيلام حيث شهدت هذه المنطقة معارك طاحنة في تلك العصور من أشهرها المعركة الضارية التي خاضها نبوخذ نصر الأول في شهر تموز ( 1110 ق . م)

إتسمت الحملات العسكرية العيلامية بالوحشية فقد كانوا يمعنون القتل في سُكان المُدن السومرية والبابلية ويحرقون البيوت ويسرقون الآثار النفيسة مثل مسلات الملوك نرام سين ومانشتوسو وحمورابي حتى تمكنوا من الثأر منهُم وأعادوا الآثار ومنها تمثال الإله مردوخ إلى بابل وسط احتفالات جماهيرية كبيرة . ومما يلفت النظر أن التوراة في الوقت الذي أغفلت فيه ذكر الكنعانيين بإعتبارهُم من الأقوام ( السامية ) إلا إنها تعتبر العيلاميين من الساميين رغم أنهُ من الثابت الأكيد أن اللغة العيلامية ليست من السامية ... كما أنه ليس لها علاقة باللغة السومرية أيضًا . إن الحملات العسكرية التي نفذها ملوك بلاد وادي الرافدين ضدهُم في أزمان مُتلاحقة كانت إما للثأر منهُم بسبب هجوم غادر شنوه على البلاد أو تورطهم في مُؤامرات ضد السلطة الحاكمة أو لتحجيم عيلام وإضعاف قوتها بقصد عدم تمكينها من تحقيق أطماعها التَّوسعية وأحيانًا لإجهاض هُجوم مُرتقب كما حدث ذلك زمن الملك آشور بانيبال .

لقد توصلوا إلى قناعة أكيدة أنهُ لا سبيل إلى كبح جماح الأقوام المُجاورة لبلادهم من جهة الشرق إلا بتشكيل جيش قوي يستطيع حماية المُنجزات الحضارية ومُقارعة هذه القبائل الغازية ومنعها من تحقيق أهدافها وأطماعها .

تملكني الحزن الشديد لأني وجدت تشابهًا كثيرًا بين الأمس واليوم ولو أجرينا مُقارنة بين ما قرأناه ووضعنا الحالي لأدركنا حجم الخطر الذي تشكلهُ تلك الدولة على بلدنا والتي نصبت نفسها جُنديًا لكُل من عادانا ولعلنا نفلح في انتشال مُدمني ابتلاع الأكاذيب ممن يثقون في مزاعم الدفاع عن القُدس والمظلومين وغير ذلك من شعارات تخفي ورائها خُطط توسعية يُغذيها حقد قومي وعداء تأريخي يُسيطران على الفكر والسُلوك السياسي ومن لا يُصدق ذلك عليه أن يذكرني بخطة واحدة أعدها الجنرال التلفزيوني قاسم سليماني لتحرير الأقصى أو حتى شبرًا منَ الجولان رغم حرصهُ الشديد على إلتقاط صورهُ وهو يصول ويجول . أليس من يمتلك القوة والنفوذ قادًرا على إحراج الكيان الصهيوني والضغط عليه عسكريًا ؟

ولكن العَتب ليسَ عليهم ... بل على الذي لم يأخُذ من التأريخ العِبَر

2018 . 01 . 25



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق