الجمعة، 9 مارس 2018

جان جاك روسو ونظرية العقد الاجتماعي....الدكتور ضرغام الدباغ







جان جاك روسو
ونظرية العقد الاجتماعي


كاتب وأديب ومفكر سويسري / فرنسي، (1712 ــ 1778) هو من شعراء عصر النهضة، كانت لأفكاره السياسية الأثر الهام في الثورة الفرنسية، ولا تزال أفكاره وفلسفته ونظرياته السياسية مهمة وتدرس في الجامعات.
من أهم أعماله : العقد الاجتماعي، وخلاصة رأيه في هذا المبحث الهام، أن الحكم هو عقد يبرم بين الحاكم والمحكومين، ويمكن لهذا العقد أن ينقض كما أبرم. وتعبر نظرية العقد الاجتماعي من أنضج النظريات في الحكم حتى وقتنا الحالي.
ولكن لاحظ أن الإسلام أورد مثل هذا المعنى، بل أكثر نضجاً في الآية 56 ــ 57 من سورة النساء " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل، إن الله نعماً يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً، يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ذلك خير وأحسن تأويلاً " 59-58ـ النساء.
(الأمانات هنا هي ما أؤتمن عليه الحكام من مصائر الشعب، وإذا هنا شرطية ومشروطة بالعدل، وإلا سقطت الولاية، والشرط أيضاً هي إطاعة الله ورسوله، وأعتبارهما مرجعية لحل إي إشكالية قانونية ودستورية. هاتان الآيتان تمثلان العنوان والمصدر الرئيسي لمباحث سياسية متعدد الجوانب، تسندهما وتعززهما أحاديث كثيرة للرسول منها : " إن الله يرضى لكم ثلاثة: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وان تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاة الله أمركم " حديث).
فالحاكم إذن بحسب النظرية الإسلامية مخول بالحكم من الله طالما هو منفذ وماض وفق نظام الشريعة وأحكامها فرض على الرعايا ومخالفته تعني مخالفة أوامر الشريعة، فإذا توصلت السياسة الإسلامية إلى تحقيق الأمانة والنزاهة والعدالة، فتلك هي فحوى السياسة العادلة ومبتغاها وكذلك الحاكم الصالح. وإذ تتوجه هذه السياسة بصفة مبدئية إلى الحكام فتأمرهم الحكم بالعدل ورد الأمانات إلى أهلها، وما الأمانات سوى أعطاء كل ذي حق حقه، سواء كانت تلك حقوق مادية أو حقوق معنوية وغيرها. فالآيتان 59-58 من سورة النساء قد وردتا في سياق تعليمات سياسية ومما له علاقة بالحكم، وجدير بالعلم أيضاً أن سورة النساء قد نزلت في المدينة (بعد الهجرة) وبعد فتح مكة، فهي إذن من آيات الحكم والسياسة، وبالتحديد في أعطاء كل ذي حق حقه، فالأمانة هي أمانة الرعية في عنق الحاكم.
ثم تتوجه الآيتان إلى الأفراد بوجوب طاعة السلطة الشرعية، لأن تلك السلطة لا تهدف إلا إلى خدمة البلاد والأمة تنفيذاً لأوامر الخالق(الله) وحسب أحكام شريعته، إلا إذا أمر الحاكم بما يخالف شريعة الخالق، فهنا لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. والأمانة التي تضعها الرعية في عنق الحاكم هي ما تنص عليه الدساتير، القرآن والسنة(الشريعة) بالإضافة إلى الدساتير التي يضعها المجتمع لتسيير الدولة على هديها وأولى تلك المهمات هي أداء الأمانات، وما نحن بحاجة له هو عصرنة تلك المفاهيم وصياغتها في مواد قابلة للتحقيق. إن في هذا الاستعراض السريع لنظرية العقد الاجتماعي الاسلامي، هي محاولة لتحديث وعصرنة الفكر السياسي الإسلامي، وقد وضعت كتباً في إطار هذه المحاولات.
لا شك أن روسو هو أنضج علما السياسة في عصر النهضة (أوربا) ، وبتقديرنا يقف في الصف الأول من العلماء الذين حولوا السياسة إلى علم في أوربا. ومن فاته قراءة كتاب روسو " العقد الاجتماعي " أنصحه أن يسرع لأقتناءه وقراءته بل دراسته بدقة.
وفيما يلي بعض من أقوال جان جاك روسو :
• " الشعب لا يفسد ولكنه كثيراً ما يخدع ". العقد الاجتماعي ص 58
أرجو من القارئ النبيه أن لا يتعجل بأتهامي بالتناقض هنا، فلم يكن بمقدوري أن أتجنب ذلك في المصطلحات لفقر اللغة ، ولكن ترقبوا قليلاً ". العقد الاجتماعي ص 70

كل إنسان له الحق بالمجازفة بحياته من أجل الحفاظ عليها " العقد الاجتماعي ص75

• "
إن أفكاري جميعها منسقة ولكن ليس في وسعي عرضها جميعاً في آن واحد " العقد الاجتماعي ص76

• "
إني لا أعرف أن أكون واضحاً لمن لا يريد أن يكون منتيهاً " العقد الاجتماعي ص105
• "
قال أحد ملوك إيطاليا : إنني أفضل الحرية مع الخطر على السلم مع العبودية " العقد الاجتماعي ص 120

• "
كل قانون لا يوافق عليه الشعب يكون باطلاً ". العقد الاجتماعي ص 155
وإني لأبسط رأي بصراحة لا أرتجي منه على الناس سلطاناً، بل ليزنوها ويقيموها، ثم ليحكموا لي أو علي ..."




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق