الخميس، 3 مايو 2018

نقطة البداية ......بقلم الشيخ محمود الجاف





بسم الله الرحمن الرحيم 


نقطة البداية 



محمود الجاف

بعد انكسار المغول في معركة عين جالوت تراجعوا إلى بلاد فارس وقرروا بناء مملكتهم من جديد في إيران (1264- 1336م) فجاءوا بالعملاء وساهموا في نشوء مذهب ( الإثنى عشري ) واتخاذه دينًا للدولة كي لا يعترفوا بالقاهرة التي أصبحت مركزاً لدار الإسلام ولا يخضعوا لها ولو شكلياً . وكان ذلك فى عهد أولجاتيو . وبهذا فإن كل السلطات الإسلامية حتى أيامهم هي غير شرعية لأنها أكلت حق الأئمة أو سكتت عن انتهاكه . وبمقتضى ذلك يكون كل الخلفاء السابقين مغتصبين لها وللسلطان .
وعند مجيء العثمانيين ظهر إسماعيل الصفوى وشرع في مراسلة ملوك الصليبيين عارضاً عليهم اقتسام الشرق ولكن السلطان سليم الأول تنبه إلى ذلك وألحق به هزيمة ساحقة في معركة جالديران 1514م . وبعدها صار الصراع معلناً حول العراق ولأن فارس آنذاك بحاجة إلى العالم الإسلامي أطلقت على يد نادر شاه أول دعوة للتوفيق بين السنة والشيعة باعتماد المذهب الذي وضعه جعفر الصادق ويحرص على ترك المسائل الخلافية . ولكن أخذ يتشكل صراع جديد بين السلفية الوليدة في شبه الجزيرة والشيعية الفارسية . في الوقت الذي انتقلت فيه التركة الإستعمارية من إسبانيا والبرتغال إلى إنجلترا وفرنسا وروسيا كبلدان توسعية . وحينما بسط الفرس سيطرتهم على العراق بقيادة الشاهزاده محمد علي وعباس ميرزا استنجدوا بالسلطان محمد علي باشا في مصر ولكن نظراً لتفشي الأمراض فى الجيش اضطروا إلى الإنسحاب والعودة إلى فارس وفضلوا المفاوضات حيث توصل الجانبان إلى معاهدة أرضروم الأولى 1823م ...

وجاءت الحرب العالمية الأولى وكانت إيران أرض المعركة بشكل واضح وبدا جلياً مدى الهيمنة البريطانية وشقاء الشعب حينما ضربت المجاعات البلاد سنة 1917 تحت رعاية الملكية القاجارية الأمر الذى قاد إلى ظهور رضا خان ( 1921- 1925م ) من خلال إنقلاب عسكري وبعده رضا بهلوي (1925-1941) الذي تميز حكمه بالصِّدام مع رجال الدين والعمل على دمج إيران فى السوق الرأسمالية الآخذة في التشكل . وعندما نشبت الحرب العالمية الثانية انتهت حقبة رضا بهلوي بالغزو الأنگلو سوفيتي وتحولت إيران إلى قاعدة لتزويد الحلفاء بالطائرات والمقاتلين ثم تولى الشاه محمد رضا الحكم ولكن عُقب مُحاولة اغتياله واتهام الشيوعيين بذلك أخذ يعمل على قمع وتصفية رموز المعارضة ومنها مُصَدق ومجموعته وهو الأمر الذي استتبع رد فعل شعبي عنيف مما اضطره إلى تعيينه رئيساً للوزراء وفور تقلده زمام الأمور مد جسور التعاون مع الشيوعيين وقلص مصروفات القصر وعزل عشرات الجنرالات الموالين للغرب وبدت إيران وكأنها في طريقها إلى حكم وطني حقيقي وصار النفط محلاً للتساؤل . كيف يستفيد الشعب من عوائده؟

لم يكن هذا التوجه يُرضي أجهزة الإستخبارات الأمريكية ومن قبلها الإنكليزية فتمت الإطاحة به وأعيدت السلطات إلى محمد رضا الذي أنشأ جهاز السافاك بقيادة تيمور بختيار وعمل على القضاء على أهم تيارين هما فدائي خلق الماركسي . ومجاهدي خلق التابع لعلي شريعتي . والذي وَلّدَ الإنفجار لدى الشعب الذي أنهكه الجوع فكانت الثورة التي تحمل في طياتها التغيير الإيديولوجي فى عقيدة الشيعة وتحويلها إلى الإمامية الاثنى عشرية .

إن مصطلح الإمامية أُطلِق فى القرن الثاني على الشيعة الذين قالوا أن أهل البيت أحق من غيرهم بالإمامة . أما مصطلح الاثنى عشرية فقد أُطلِق فى القرن الرابع الهجري على الذين قالوا بولادة الإمام الثاني عشر (محمد بن الحسن العسكري) واستمرار حياته إلى يوم الظهور والعودة من الغيبة . وهذا يعني وفقاً لهذا المعتقد أن تتوقف الدولة عن ممارسة نشاطها حتى عودة الإمام الغائب . ومن ثم تُعطل الحدود وتْمنع صلاة الجمعة وجمع الزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد . لم تكن الإنتفاضة ضد الشاه التى قادها الخميني موجهة ضد نظام حاكم فاسد موالي للغرب وإنما ثورة فكرية على نظرية “التوقف والإنتظار” حتى عودة الإمام من الغيبة التي رآها تكبلهم وتمنعهم من النشاط السياسي مما دعاه إلى ابتكار نظرية ولاية الفقيه . ومعناها ليس للشعب دور في اختيار الولي الفقيه وأن أهل الخبرة (الصفوة) هم الذين يكتشفونه وأنه أهم من القانون وحكومته بديل للنظام الجمهوري . وأن تصدير الثورة من المهام التي يديرها وقد نصت المادة الخامسة من الدستور على تلك الهيمنة إذ جاء فيها أن : ” في زمن غيبة الإمام المهدي تكون ولاية الأمر وإمامة الأمة فى إيران بيد الفقيه البصير بأمور العصر القادر على الإدارة والتدبير …”

لم يكن النظام ثورياً كما يتم تسويقه . لأن الثورة عام 1979م كانت جماهيرية وشهدت مشاركة جميع فئات الشعب من عمال وفلاحين وشباب وجنود ونساء من أجل إيقاف نهب الثروة القومية والذي قام بالدور المحوري فيها هم عمال النفط حيث قام الملايين منهم بتنظيم لجان المصانع والمعامل وأعلنوا فرض سيطرتهم عليها في الوقت الذي قام فيه الفلاحين بالاستيلاء على أراضي كبار الملاك وسيطر الطلاب على مدارسهم وجامعاتهم وعملوا على تسييرها وأنهوا نظام التعيين الذي كان سائداً فيها والجنود الذين بدأوا في تطهير الجيش من الضباط الموالين للنظام السابق فتمكن الشعب كُله من إسقاط الديكتاتورية .

أن استيلاء رجال الدين على ثورة الشعب وقمعها لم يكن ممكناً إلا بسبب السياسات الخاطئة التي نهجتها المنظمات التي اعتقدت بإمكانية تشكيل جبهة موحدة مع الذين كان يترأسهم الخميني . وقد دفعت ثمن ذلك باهظًا . وهكذا تمكن الملالي خلال سنوات معدودة من قمع الفصائل الوطنية وتدعيم أركانها . ولكي يتمكن النظام المتأسلم من بسط نفوذه قام برفع شعارات معاداة الإمبريالية ومنذ عام 1979م استمر النظام في عملية إقامة المؤسسات على شكل هياكل مستقلة . وحالفهم الحظ في المحافظة عليها . ولكن المشكلة التي تهددهم تأتي من تعدد المؤسسات الموازية فهناك مجلس الخبراء مقابل مجلس الشورى والمرشد الأعلى مقابل رئيس الجمهورية والحرس الثوري مقابل القوات المسلحة النظامية وممثلوا الإمام لدى الوزارات مقابل الوزراء المُعينين . الأمر الذى يعني أن إحتمال التصادم وارد خصوصًا إذا علمنا بأن التاريخ الإيراني لا يتطور إلا من خلال انعطافات حادة .

قبل الإسلام كان الرجل إذا مات وترك زوجة وله أولاد من غيرها ورث نكاحها أكبرهم من ضمن مايرثه فإذا أعرض عنها انتقل حقه إلى الذي يليه من غير مهر ولا عقد . وإذا لم يكن للميت ولد انتقل الحق إلى أقرب أقارب الميت ويمكن للولد الذي آلت إليه زوجة أبيه أن يمنعها من الزواج إلا إذا أرضته بالمال .

وقد أطلق على اسم الوارث “ الضيزن ” وإذا تزوج ابن الميت زوجة أبيه كان أولاده منها إخوته ! وهذا النوع من النكاح كان شائعًا في بلاد فارس وانتقل إلى العرب رغم انه كان مذمومًا عندهم ويسمونه بـ” النكاح المقت ” والمولود منه ممقوت . حيث يرون أن زوجة الأب تعد في مقام الأم وقيام ابن زوجها بنكاحها مكروها لأنه يعد من قبيل الزنا في المحارم .

كلما وجدنا سلوكًا حقيرًا وبحثنا عن جذوره تبين أنه من بلاد الشؤم واللؤم جعل الله بيننا وبينهم جبل من نار ...

2018 . 05 . 02



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق