بسم الله الرحمن الرحيم
كيف ترتقي سلم النجاح
محمود الجاف
من منا سأل نفسه يومًا من أنا ؟ وما أنا ؟ ماذا سأكون ؟
وهل ينمو أطفالنا في بيئة مناسبة لبناء الشخصية ؟ قد تجد نفسك في مكان غير ملائم . فقر وصراخ وعويل وإهانة وألم ومشاجرات الوالدين وحزن شبه دائم وألفاظ غريبة عجيبة مُنذ الصباح حتى المساء . غبي . حيوان . فاشل . حقير ... الخ . رددوها حتى صار أطفالهم كما وُصفوا بالضبط . وأحيانا الدعاء عليهم بالموت وسوء العاقبة . أو عدم الثقة وإلغاء الآخر والتحول إلى مجرد جهاز آلي ينفذ الأوامر دون مشاعر . ولأنهم لايستطيعون الإنتقام من مُربيهم تراهم يزدادون عنادا وانحرافا بل وينقادوا الى الرذيلة بسهولة . وحينها يُصاب الكبار بالحيرة بعد أن عجزوا عن قيادتهم رغم إنهُم استخدموا كل الوسائل ومنها الضرب المُبرح المُؤلم الذي قد يصل إلى الإعاقة الدائمة أو الموت أحيانا .
كل ما في عقولنا من
أفكار وثقافات وعادات وتقاليد ونجاح أو فشل وتجارب مُكتسبة من الوالدين والأشخاص
المُحيطين بنا . قد تكون نابعة من أحقاد ومُعتقدات غير صحيحة تكونت عبر صراع قديم
بين المُجتمعات وجدنا أنفسنا مُضطرين لقبولها والتعامل معها وتحمل المسئولية مُجبرين
. إن أكبر مُشكلاتنا إننا لم نتعرف على أنفسنا ونجهل ماهي ؟ وما المرأة ؟ ما الرجل
؟ ما الطفل ؟ ولهذا نفشل في نجاح علاقاتنا مع بعضنا وكبرنا وشخصياتنا ضعيفة واهية
فأصبحنا مُقلدين لكل ما يُعجبنا مما نراه أو نسمعهُ من التفاهات للفنانين أو
الفنانات أو رجال دين اعتقدنا إنهُم يعرفون طريق الحق والهداية فضَلوا وأضَلُوا
وحين نصحو يوما من غفلتنا سيتملكنا اليأس والحزن ونهوي الى المزيد من الضياع
والكآبة .
دمرونا باسلوب مُخطط
ومدروس بعناية وبرمجوا العقل الباطن للإنسان في العالمين العربي والإسلامي من أجل
التخريب الديني والنفسي . والبرمجة تتم بثلاث أساليب هي :
1 . الخيال : أن تتخيل البنت أو الولد نفسها أو
هو بدل الممثل أو الممثلة حتى تصل أو يصل إلى أن يبدأ يقلده في كل شيء فالأفكار
يُترجمها السلوك .
2 . التكرار : وصول عدد المُسلسلات إلى المئات
ولأجزاء عديدة والاستمرار بعرض أفلام الاثارة والقتل والرومانسية ولهذا ترى شبابنا
يتنقلون بين الحب والقتل والسرقات وربط كل هذه الافعال بالرجولة والبطولة والوفاء
وما تراه من جرائم والتلذذ بالاشتراك بها هو خير دليل على ما ذكرنا والقادم اسوأ .
3 . حشد الحواس : تجد البعض عند مشاهدته لفلم
أو مُسلسل ينسى الدنيا وما فيها وقد استنفر حواسهُ وانغمس في المادة وكأنهُ جزءًا
منها .
وهكذا تمكنوا بطريقة
علمية من السيطرة على المجتمعات التي نخرها الجهل وحركوها بالطريقة التي تحقق
مصالحهم وتطور بلدانهم وتركوهم يطبقوا عروض الإفساد التي يمكنك رؤية آثاراها في أوطاننا
بسهولة . قد يظن من وصل إلى طريق مسدود أنها النهاية ولا أمل بنجاته . ولكن ليس
عيبًا أن نتعثر بل العيب في البقاء نيام على الأرض فعد إلى الله وتب إليه واستغفره
فهو القائل { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10)
يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ
وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) } سورة
نوح
أولى خطوات النجاح هي
أن تتعرف على نفسك : خذ ورقة وارسم عليها جدول واكتب على احدها سلبياتك والآخر
الإيجابيات . دون كل شيء سيء فيك وكل ما هو جيد وتعرف على قدراتك وهكذا ستكتشف
ذاتك ثم طور الايجابيات والغي السلبيات وستتحول إلى شخص آخر إن شاء الله وعليك أن
تفهم أن الإنسان مُنذ ولادته يتكون من ثلاث لبنات رئيسية .
أ . العقل : الذي
ينمو ويتطور بالعلم والتعلم ولهذا ترى الطفل منذ نعومة أظفاره يسأل عن كل شيء
وإجاباتك وما ستسجله عيناه وأذناه وتجاربه من كل ما يحيط به ستكون القاعدة والخزين
الأساسي لأفكاره في الحياة .
ب . الروح : وهي
تستقر وتطمئن بالعبادة الصحيحة السليمة وليس كما نتخيل أو يعجب النفس أو نتبع
الهوى أو علماء الفساد وجرب كيف تكون قلقًا عندما تصبح بعيدًا عن ربك أو تعبده
بشكل خاطئ .
ج . الجسد : الجسم
ينمو من خلال الحفاظ عليه من المُؤثرات الخارجية والتغذية السليمة وممارسة الرياضة .
إن كان نمو عقلك
وروحك وجسدك بشكل طبيعي ستكون إنسان رائع ولهذا ترى أحيانا أشخاص يملكون ثقافة
جيدة لكن أجسامهُم مُخزية أو جسدًا جميلًا بلا ثقافة أو العكس ويمتلكون روحا تجعلك
تتعلق بهم فورا أو تكرههم . والآن علينا أن نختار أهدافنا الدينية والثقافية
والسياسية والأخلاقية من اجل التغيير الايجابي ولنبدأ بالتخطيط لكيفية الوصول
إليها واطلع على قصص وأخبار الناس وستجد الكثير . فمثلًا العالم ستيف هوبكنز
البريطاني المُصاب بالشلل الرباعي الذي أصبح ثالث أعظم فيزيائي بالكون أو غابل
برانت التي تخرجت من جامعة أنديانا أندرسون الأمريكية وهي بعمر 87 عام . الفرق
بينكم أنهم أحبوا أنفسهم ولهذا وضعوها بالمكان الذي يليق بها .
لو رأيت رجلان ينظران
إلى قمة جبل . واحدهم يتخيل الصعود والآخر تحرك وبدأ بارتقائه فمن الذي سيصل .
أكيد من حاول فلن ينجح إلا إذا حدد أهدافه فافعل ذلك وتصالح مع نفسك وأنقذها واخرج
من القوقعة التي أنت فيها لتكون مؤثرًا في المُجتمع وتكتب اسمك في سجل الخالدين فنحن
عرفنا اديسون من خلال المصباح الذي اخترعه وليس من طوله الفارع أو جمال عينيه
فجهاز الهاتف الذي بين يديك لو تعطل سيكون مصيره سلة المُهملات لكنك الآن تحافظ
عليه وهذا يعني أن قيمة الشيء في وظيفته فما هي وظيفتنا التي خلقنا الله من اجلها
. هي أن نعبد الله كما أمر ونتعلم ونعلم الناس ونصلح ونبدع وتذكر دوما أن قيمة
المرء فيما يُحقق من انجاز وكي لا تندم على أي فعل تقوم به في حياتك تصرف وفق
المُعادلة .
( المثير * التفكير * رد الفعل ) المثير هو
كل شيء يجلب انتباهك كالمال أو الجمال أو المناصب . امنح نفسك الوقت للتفكير ومحاولة
رؤية المُستقبل من خلال بصيرتك واستشر أهل العلم والفضل والاختصاص لتصل إلى القرار
الصحيح . وابدأ بالعمل وستنجح فكثيرون بدأوا متأخرين وصلوا أهدافهم.
وأخيرًا أرجو من
أولياء الأمور أن يصغوا جيدًا لأولادهم وبناتهم ويحاولوا مساعدتهم في السيطرة على
أنفسهم والتغلب على المشاكل فهذا الجيل يفتقد القدوة والتشجيع فأجاثا كريستي كاتبة
الروايات البوليسية المشهورة كتبت في مذكراتها ( أنا صناعة أمي ) وعند سؤالها قالت
عندما كنت طفلة قرأت والدتي قصة كتبتها فشجعتني وعلمتني أن أكون الافضل ...
2018 . 09 . 25

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق