الاثنين، 3 سبتمبر 2018

شريف روما بقلم محمود الجاف










بسم الله الرحمن الرحيم

شريف روما

محمود الجاف

عندما رأيت انعقاد جلسة مجلس النهّاب هذا اليوم وتواجد نفس الدمى والوجوه فيه تذكرت فلمًا مصريًا رأيتهُ في طفولتي لايفارق خيالي أبدًا . موقف أحد شخصيات القصة الذي أدَّاهُ الفنان ( يحيى شاهين ) حيث قال لا للباطل وخسر من جراءه أرضه وأُهينَ ثم قُتل ولدَهُ يوم زفافهِ ومع ذلك ثَبُت . مما أدى إلى إثارة الناس فأحرقوا دار الظالم وكسروا جبروتهُ بعد أن تركتهُ جراءهُ الحقيرة التي كانت تعينهُ على الباطل . تعرضتُ إلى الكثير من المشاكل بسببه لأنني كنت أحبُ أن أؤدي هذا الدور وأثبُتُ فيه حتى انتصر ( لم أنتصِر طبعًا في كل المواقف )

يريد البعض أن يُقنعني أن الإحتلال تحرير والسعادة في ما حصل من تغيير وكثيرون يظنون جهلًا أن الحرية لايحكمها قانون . بل العكس إن قانونها أشد وأكثر صرامة وقوتهُ التي تمنحك السعادة وإن خرجت عن إطاره صارت انفلات . تصوروا أن حالات الفساد واللطم والمُخدرات واللواط حُرية . الحُرية أن أبني وأتطور ثقافيًا وعلميًا واجتماعيًا وسياسيًا وصناعيًا وزراعيًا لا أن استورد الطماطة والباذنجان والجهل والجرذان من إيران . أو أرى موكبًا من الجِمال يقوده العربان وسط بغداد في 2018 م ... علمًا أني لم أره في بلد الخميني الدجال نفسه ...

أعلم أن عتريس ( الظالم في الفلم ) فرض علينا الأتاوات وانتهك الأعراض وقطع الماء والكهرباء والحصة التموينية والرواتب . وتزوج فُؤادة بشهادات وقوانين باطلة من الأمم المُتحدة يساندهُ العالم الأعور البصر والبصيرة ... لكني سأبقى أردد ومعي كُل أهل القرية ( أحتلال بغداد باطل ) وسيأتي اليوم الذي يتوجه الشعب فيه إلى منزل الطغاة ( المنطقة السوداء ) ويحرقها على رؤوسهم . فيلم شيء من الخوف فيه الكثير من الرمزية فعتريس يشبهُ حُكام المنطقة الغبراء وأهل القرية هُم الشعب وفُؤادة هي بغداد التي لن يهنئوا بها .

اليوم عندما شاهدت اجتماعهم تذكرت المثل الشائع ( شريف روما ) وقصته : في ثلاثينيات القرن الماضي قرر الفنان جورج ابيض وفرقته عرض مسرحية ( يوليوس قيصر ) في بغداد . ومن أجل توفير نفقات السفر والإقامة جاء بالممثلين الأساسيين فقط . وبما أنه لم يكن هناك مسارح . اختار أكبر مقهى . ولأنه كان بحاجة إلى كومبارس نصحهُ بعض الأصدقاء بالذهاب إلى منطقة الميدان التي تعج بحُثالة المُجتمع في حينها من السكارى (مدمني الخمور) والنشالة والحرامية والمطيرجية والشاذين . وهؤلاء لايعرفون العيب فمقابل خمسة دراهم مُستعدين لأداء أي دور . وفعلًا جيء بهم ولبسوا الملابس الرومانية البيضاء وعلى رؤوسهم أطواق من شجر الياس وتم تدريبهم على الأدوار . ويوم العرض سارت الأمور على مايرام والمكان مليء بالجمهور .. حتى وصلوا إلى المشهد الذي ينادي به حاجب الملك ويقول :

الآن يتقدم أشراف روما للسلام على جلالة القيصر ( فانقلبت الدنيا ) عندما ظهروا
وبدأ الهرج والمرج والضحك والأستهزاء ...
فقد كانوا عبود النشال ... ورزوقي ابن شكرية الحفافة ... وعلوان الـ ... الذي تعالى الصراخ عليه ( لك انزل صايرلي شريف روما )؟
ومن هذه الحادثة تولد المثل ويامكثر شرفاء روما الآن ... وأخيرًا احتلال بغداد باطل ولو بقي عراقي واحد سيبقى يرددها ...
وهذه رسالة شعب وأفكاره وليس فردًا يكتب كلمات ...

2018 . 09 . 03



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق