بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا ينادون بفصل الدين عن الدولة ؟
محمود الجاف
لا دين في السياسة . لماذا قالتها أوربا ؟
مجموعة من المُحتالين الذين دفعت بهم الدوائر الصهيونية التي خططت لدحر الدين وتشويه صورته من خلال مُمارسات قام بها بعض المُنتسبين إليه لاتمت للإنسانية بصلة كما كانت تفعل الكنيسة الأوربية في العُصور الوسطى والتي كانت شديدة القسوة على المُثقفين والعُلماء وقمعت كُل مُحاولات الإبتكار والبحث العلمي وشجعت على انتشار الجهل والتخلُف حتى تتمكن من السيطرة على الناس وجباية أموالهُم والتلاعب بمصيرهُم حتى في اتخاذ قرار الغُفران من عدمه لعبد أخطأ وحدث صراعٌ رهيب وتوقفت حركة المعرفة وساد الظلم ولا يخفى على أحد مُحاكمات كوبرنيكس وجاليليو وغيرهُم . كان الـبابوات يبيعون أراضٍ في الجنة بأسعار غالية جداً وصدق الناس إنهم ضمنوا دخولها مهما فعلوا من معاصي ولهذا أقبلوا على شراء صكوك الغُفران . كانت أرباحهم عالية لهذا حولوها إلى تجارة . كما يفعل الصفويون الذين أدخلوا أتباعهُم الفردوس الأعلى من خلال إقناعهُم إن حُب آل البيت يُنجيهم حتى لو ارتكبوا الجرائم بمُجرد دفع الأموال وأوصلوا الناس إلى الكُفر ظنا منهُم إن هُؤلاء يُمثلون الدين الذي لاعلاقة لهُ بهم مُطلقا .
ثم جاء شخص وعرض شراء
النار . فوافق مسؤولوا الكنيسة ومنحوه صكاً يُثبتُ ذلك ! فخرج على الناس وقال :
أغلقتها ولن أدخِلَ فيها أحد ؟ وعندها توقفوا عن الشراء فاضطروا لإعادتها ولكن
بـأضعاف سعرها الأصلي ! هذا الواقع عاشتهُ أوربا قرونًا طويلة سُمِّيت بالعصور
المُظلمة ونحنُ نعيشه اليوم وقد رُسَّخ بأذهان العُلماء وعموم الناس أنه لا أمل في
طلب العلم إلا بهدم سلطان الكنيسة ومحو الدين ( دين النصرانية ) والإتجاه إلى
الإلحاد فقامت الثورة الفرنسية 1789م وكان شعارها اقتلوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس
. وأعلنت معارضتها للكُتب المُقدسة وأخذوا يدعون إلى إعلاء العقل لأنه يستطيع
التمييز بين الخير والشر . وأصدرت الجمعية الوطنية قرارات عام 1790م تُجبر رجال
الكنيسة على الخضوع للدستور ثم أقرت الحكومة الفرنسية عام 1905م قانونًا بفصل
الدين عن الدولة الذي عم دول أوربا كلها فظهرت على الساحة العالمية فكرة فصل الدين
عن الدولة أو الحياة ...
كان هذا دينهم الذي
حُرِّف وبُدَّل وزُورَت كُتبهُ كما حصل للإسلام من خلال مُسيلمة الكذاب وسجاح
والأسود العنسي وابن سبأ وامتداده الخميني أو التنظيمات التي أسستها مدارس وأقبية
المُخابرات التي نشرت فكرها العفن من خلال إحراق الناس وهم أحياء أو حجة موالاة آل
البيت حتى بات الشخص الذي لايعرف الإسلام يتجه إلى الإلحاد لينجو مما يراه وكان
هذا أول أهدافهم . وظنوا أنه السبيل للتقدم وغفلوا عن التجربة التاريخية للأمة
التي شهدت صعودًا حضاريًا كبيرًا عندما تمسكت بدينها بالوقت الذي كانت فيه أوربا
تتنكر له وتستعبد النساء ولازالت ... إن الإسلام الذي يرضاه الله هو إخلاص العبادة
له والإيمان برسوله وما أنزل عليه من الكتاب والسنة والإعتراف بمن قبله من
الأنبياء والرسل وصح عن رسول الله ﷺ أنه قال : كان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت
إلى الناس عامة . وقال تعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ
عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا ) المائدة : 3 . فهو
دين الرسل جميعًا . دين الأخلاق والرحمة والعفو والعدل . إن الخليفة عمر بن عبد
العزيز وهو على فراش الموت عرف بأن خادمه وضع له السم في الطعام فقال له : لم فعلت
ذلك ؟ فارتعب وقال : أعطوني ألف دينار ووعدوني بأن أصبح حرًا . فقال له : ضع النقود في بيت المال واذهب فأنت حر لوجه الله ولقد عفوت عنك
واستطاع في عامين ونصف أن يمحو الفقر وفاض الخير فقال : انثروا القمح على رؤوس
الجبال حتى لايقال جاع طير في بلاد المُسلمين .
إن الدافع الحقيقي
للفتوحات الإسلامية لم يكن لنشر الإسلام بالسيف أو اغتصاب الأموال والنساء بل
الدفاع عن الدولة الفتية التي كانت مهدَّدة بالقضاء عليها من الفرس والرومان
فاندفعوا شرقًا وغربًا لإزاحة هذين الخطرين كما يحصل الآن بالضبط . مضحِّين
بأموالهم وأنفسهم لإنقاذ الشعوب من ذل عبوديتهم للحكام إلى عزِّ عبوديتهم لله من
غير إكراهِهم على اعتناقه . فالإسلام رسم منهجًا للتعامل وأمرنا أن نحسن إلى مَن
هم ليسوا على ديننا إذا لم نَلْقَ منهم الأذى لكن علينا أن نُجابِهَ مَن يُظهِر
لنا عدوانَه . وكما نجد بينهم مَن يحاربنا في ديننا وعقيدتنا نرى من يدافع عنا .
يقول سير. ت. و.
آرنولد في كتابه الدعوة إلى الإسلام ص 51 : ومن الأمثلة عن تسامح المسلمون
الظافرون على العرب المسيحيين في القرن الأول من الهجرة واستمر في الأجيال
المتعاقبة نستطيع القول أن القبائل التي اعتنقت الإسلام إنما فعلت ذلك عن اختيار وإرادة
حرة والمسيحيين الذين يعيشون في وقتِنا هذا بين جماعات مُسلمة لشاهدٌ على هذا
فمحمد نفسه عقد حلفًا مع بعض القبائل المسيحية ومنحهم الحرية في إقامة شعائرهم
الدينية كما أتاح لرجال الكنيسة الحركة في أمن وطمأنينة .
وفي كتاب حضارة العرب
للدكتور غوستاف لوبون قال ص127 - 128: سيرى القارئ حين نبحث في الفتوحات وأسباب
انتصاراتهم أن القوة لم تكن عاملاً في انتشار القرآن لأنهم تَركوا المغلوبين
أحرارًا في أديانهم فإذا حدث أن اعتنق بعضهم الإسلامَ واتخذوا العربية لغة لهم
فذلك لِما رأوا من عدلهم . فلما قهر النصارى عرب الأندلس فضَّلوا القتل على ترك
الدين الذي انتشر في الهند عن طريق التجار المُسلمين لا عن طريق السيف .
وقال الكاهن ريموندا
جيل : عندما استولى قومنا على القدس قُطِّعت رؤوس العرب وبُقِرَت بطون آخرين أو
احرقوا بالنار بعد عذاب طويل واضطروا إلى قذف أنفسهم من على الأسوار وكان لا يرى
في الشوارع سوى أكداس من الأيدي والأرجل والجثث وذبح عشرة آلاف رجل في مسجد عمر
وأجمعوا على إبادة الجميع من المسلمين واليهود والخوارج النصارى الذين كان عددهم
نحو ستين ألفًا وأفنوهم عن بكرة أبيهم في ثمانية أيام . وقد نصح كردينال طليطلة
الذي كان رئيسًا لمحاكم التفتيش بقطع رؤوس مَن تنصر أو لم يتنصَّر من العرب .
وحجته أن من المُستحيل معرفة صدق إيمانهم فمن المُستحب قتلهم لكي يحكم الرب بينهُم
في الحياة الآخرة ويُدخِل النار مَن لم يكن صادقًا . وعملت الحكومةُ الإسبانية بما
أشار به وأيَّده الأكليورس وأمر بإجلائهم من إسبانيا وقتل مائة ألف مهاجر في
الطريق من قافلة مؤلَّفة من 140.000 كانت متجهة إلى إفريقيا . سخَّر الله سبحانهُ
هؤلاء ليبيِّنوا الحقائق لأقوامهم لتكون دلائلهم أبلغ وحجتهم أقوى لأنه لم يدعُ
إلى نشر الإسلام بالقوة بل قال تعالى ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ
وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ
هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾
النحل : 125
إن محمدًا صلى الله
عليه وسلم حين أُوحِي إليه وأُمِر بتبليغ الناس لم تكن له وقتئذٍ أية قوة فراح
ينشرُ الإسلام والناس يدخلون فيه طوعًا وعن قناعة فأيَّ سيف أجبَر أبا بكر وعمر
وعثمان وبلالاً على الدخول فيه ؟! وأي مطمع دنيوي حرَّك فيهم دافع الإيمان؟! بل
أسلم الصحابة رغم أن السيف كان مشهورًا من قِبَل المُشركين ضدهم وتعرضوا للخوف
والقتل والهجرة . إن هذا الواقع يشهَدُ بعكس ما ادَّعاه أعداءنا تمامًا . فالنجاشي
ملك الحبشة أسلم ولم يصل إلى بلاده سيف واحد . وإندونيسيا لم تصل إليها الفتوحات
بل أسلموا عند وصول التجَّار المسلمون إليها وكذلك السواحل الشرقية لإفريقيا وشمال
الصين وما كان يسمى جمهوريات الإتحاد السوفيتي وغيرها من البلدان .
إن الإنسان في
الإسلام لا يُحاسَب ولا يُسأَل : لِمَ كان أنثى ولم يكن ذكرًا؟ ولِمَ وُلِد في هذا
البلد وليس في غيره؟ وأولاد الزنا لا يُسأَلون يوم القيامة لِمَ وُلِدوا من أم
زانية؟ لا يُحاسَب لأنه مُكرَه عليها ولكن يُحاسَب على ما هو مخيَّر فيه كالصلاة :
لِمَ لم يُصَلِّ؟ والصيام : لِمَ لم يَصُمْ؟ وأخلاقه : لِم كانت سيئة؟ لأنه غير
مُكرَه على ترك الصلاة والصيام والقيام بالخُلق السيئ . وإذا شرِب الخمر حوسب
وعُدَّ آثمًا وإذا أُكرِه على شربِها لا يحاسب . فكل أمر مكره عليه حكمُه باطل حتى
إذا اعتنق الإسلام وهو مكره عُد منافقًا ولهذا جعل من مبادئه الأساسية في الدعوة
عدمَ إكراه الناس بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة لم يُكرِهوا عَبَدة
الأصنام ولم يقاتلوا إلا دفاعًا عن النفس وعن دين الله فهم لم يقتلوا مُشركًا واحدًا
لأنهُ مُشرك بل قتلوا الذي قاتلهم وأراد قتلهم والأمثلة من السيرة النبوية كثيرة
منها لما ذهب النبيُ صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ليدعوهم وقابلوه بضربه
بالحجارة حتى أدموا قدمَيْه فنزل عليه جبريل عليه السلام ومعهُ ملَك الجبال
وأخبرهُ أن الله يُقرِئه السلام إن شاء يُطبِق عليهم الأخشبينِ إلا أنه صلى الله
عليه وسلم لم يَدْعُ عليهم لإهلاكهم على الرغم أنهم مُشركون بل دعا الله أن يُخرِج
من أصلابهم مَن يقول : لا إله إلا الله .
فتش اليهود بين
المجتمعات على من تغلب عليها العداء والحقد في طباعها ووجدوا المجوس الذين تربط
بينهم علاقات وثيقة ومن خلالهم نفذوا إلى الشعوب العربية قبل الإسلام وبعده
وحاولوا تخريب كل شيء . الدين والأخلاق والحياة . وأخيرًا نجحوا من خلال
أخطرالأفكار وأكثرها دموية وإجرامًا . دين الخميني الدجال . إن ما يحدث لاعلاقة له
بالإسلام وسينصر الله الذين آمنوا وشمس هذا الدين لن تغيب مهما عملوا فقد وعدنا
ربنا بالنصر والله لايخلف الميعاد . قال تعالى (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا
اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي
ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ
يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ
فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55 ) النور
وحتى تميزوا الفرق
بين الأمس واليوم هذا جواب الخليفة على رسالة ملك فرنسا الذي يستنجد فيها به يوم
كان لنا دولة ؟
أنه من سليمان وأنه
باسم الله الرحمن الرحيم
أنا سلطان البحر الأبيض والبحر الأسود والبحر الأحمر والأناضول والروملي وقرمان الروم وولاية ذي القدرية وديار بكر وكردستان واذربيجان والعجم والشام ومصر ومكة والمدينة والقدس وجميع ديار العرب والعجم وبلاد المجر والقيصر وبلاد أخري كثيرة افتتحتها يد جلالتي بسيف الظفر ولله الحمد …. والله أكبر
أنا سلطان البحر الأبيض والبحر الأسود والبحر الأحمر والأناضول والروملي وقرمان الروم وولاية ذي القدرية وديار بكر وكردستان واذربيجان والعجم والشام ومصر ومكة والمدينة والقدس وجميع ديار العرب والعجم وبلاد المجر والقيصر وبلاد أخري كثيرة افتتحتها يد جلالتي بسيف الظفر ولله الحمد …. والله أكبر
أنا السلطان سليمان
ابن السلطان سليم ابن السلطان بايزيد
الى فرنسيس ملك ولاية فرنسا وبعد
الى فرنسيس ملك ولاية فرنسا وبعد
وصل الى أعتاب ملجأ
السلاطين المكتوب الذي أرسلتموه مع تابعكم ( فرانقبان ) وأعلمنا أن عدوكم أستولى
على بلادكم وأنكم الآن محبوسون وتستدعون من هذا الجانب مدد العناية بخصوص خلاصكم
وكل ما قلتموه عرض على أعتاب سريرة سدتنا الملكية وأحاط به علمي الشريف على وجه
التفصيل فصار بتمامه معلومًا . فلا عجب من حبس الملوك وضيقهم فكن منشرح الصدر ولا
تكن مشغول الخاطر فإننا فاتحون البلاد الصعبة والقلاع المحصنّة وهازمون أعدائنا
وإن خيولنا ليلًا ونهارًا مسروجة وسيوفنا مسلولة فالحقّ سبحانه وتعالى ييسر الخير
بإرادته ومشيئته . وأما باقي الأحوال والأخبار تفهمونها من تابعكم المذكور فليكن
معلومكم هذا.
( تحريرا في أوائل شهر آخر الربيعين سنة 932
من الهجرة النبوية الشريفة 1525 من الميلاد
بمقام دار السلطنة العلية ، القسطنطينية المحروسة المحمية(
بمقام دار السلطنة العلية ، القسطنطينية المحروسة المحمية(
التوقيع سليمان
2018 . 08 . 14
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق