الثلاثاء، 10 أبريل 2018

أدوات الاحتلال القذرة بقلم الدكتور عبد الستار الراوي



أدوات الاحتلال القذرة

الدكتور عبد الستار الراوي

1- عبارة أطلقها العراقيون، في وصف جواسيس وعملاء ومريدي الإحتلال الامريكي: الذين تآمروا على العراق، أعضاء المؤتمرات التحضيرية للعدوان التي عقدت مابين عامي 2002-2003 في (واشنطن، لندن ، طهران، صلاح الدين) ممن تآمروا على العراق وتعاونوا مع أجهزة المخابرات البريطانية، والـ(CIA) و(إطلاعات الإيرانية). ومن الذين جاؤوا برفقة قوات الولايات المتحدة، أو الذين إلتحقوا بخدمة إدارة الغزاة.
2- عبر الوجدان الجمعي عن موقفه من هذه الفئات بوصفها نموذجا فريدا من نوعه في تاريخ العمل السياسي ، من حيث الإنحطاط الأخلاقي، الذي يفخر أصحابه ويتباهون بمواقفهم الخيانية للوطن، عندما تطوعوا أحزابا وأفرادا للعمل في حملة العدوان الانجلو- أمريكي، وفي التآمر على الامن الوطني، لخدمة مصالح دول اخرى وإشترك البعض من هذه الاحزاب في حرب الثماني سنوات تحت قيادة الحرس الايراني ضد الجيش العراقي، وجدد هذا النموذج الوضيع التعهد في إعلان لندن الصريح إستعداد تلك الاحزاب للقتال تحت العلم الامريكي بشعارات التحرير والديمقراطية وحقوق الانسان .
ويرى هؤلاء بأن الوقوف في جبهة العدو والقتال كتفا بكتف مع القوات الاجنبية لاعلاقة له بالإنتماء الوطني، إذا كان التعاون مع القوات الاجنبية يصب في (مصلحة الشعب لإنقاذه من الدكتاتورية ولنيل حريته وتقرير مصيره) !! .

3- قدَّم بول بريمر جملة من الوجوه على أساس أنهم : القادة الجدد الذين سيقودون (العراق الجديد) ؟!! والذين سيجعلون من هذا البلد واحة للديمقراطية والتعددية والشفافية والفيدرالية، إلى أخر كلمات القاموس الامريكي، التي شرع الغزاة يجلدون به عقول الناس صباح مساء
4- بذلت الولايات المتحدة جهدا مكثفا لاعداد معارضة نموذجية لتشكيل هويتها وإعادة إنتاجها وفق مقاييس تضليلية مبتكرة تجعل من العدوان تحريرا، ومن خيانة الاوطان بطولة، وقد بدأت الخطوة الاجرائية برعاية تامة ودعم علني لمجاميع وأحزاب معارضة للنظام السياسي الوطني ، وقدعملت الـ(CIA) على فحص سيّر وتدقيق بيانات هؤلاء (القادة) المستقبليين؟!! وأجرّت مراجعة لكثير من الأسماء ، وظلت لسنوات عديدة وهي تحاول فرز الحلفاء المخلصين لإرادتها الذين يدينون بالولاء الأبدي والمصيري لها ، المؤمنين بعقيدتها وبمشروعها الشرق أوسطي .
5- طوال عقد التسعينيات وحتى عشية العدوان ، أخفق الأمريكيون في كسب أو إجتذاب أي معارض وطني حر، ممن أبى التنازل عن ولائه الوطني للعراق وشعبه، ورفض الاساليب الرخيصة بالاغراءات والابتزاز ،

6- عندما أسقط في يد إدارة البيت الابيض في الحصول على تأييد المعارضين العراقيين الاحرار، لجأت الولايات المتحدة إلى القبول بأوطأ العروض وأرخص الوسائل، في البورصة السياسية أحزابا وعناصر مجربة في السوق الدولي ، لتنفيذ الجزء الاول من عملية الغزو وما يليها من صفحات لاحقة ، ممن جرى إختيارهم لأن يكونوا مسمارا صدئا في حذاء الاحتلال.
7- بموجب الاعتبارات الآنفة تم إنتقاء جملة الوجوه وممثلي الاحزاب، بعد أت أخضعوا لإختبارات عديدة، بوصفهم (أدوات إستعمالية) ذات صلاحية محدودة ، يتم استخدامهم مرة واحدة أو لمرحلة بعينها، ليقذف بهم بعيدا، أو يلقي بهم في النفايات، حسب متطلبات إستراتيجية الاحتلال وسياساته، والى حين الانتهاء من تحقيق أهدافه ومراميه وطبقاً لذلك جرى تتويج هؤلاء المعارضة ؟!! حكاماً على العراق تحت واجهة: (العراق الجديد) ، حسب المفهوم الأنجلوأمريكي ، فيما لم يتح المندوب السامي (بول بريمر) أية فرصة لغير (الأدوات الاستعمالية) ليظهروا على الساحة السياسية كقادة ومحررين على الطريقة الدونكيشوتية، وبهذه الوسائل ذات الاستعمال المؤقت تدعي الولايات المتحدة، بأنها عازمة على إجراء عملية جراحية دقيقة للوضع السياسي الداخلي، وأنها ستنقذ هذا البلد من مرض عضال، أو من موت محقق ، وهي تستخدم أصلاً أدوات ملوثة وغير مناسبة، لإجراء تلك العملية المزعومة ؟!.
8- كانت النتيجة المباشرة لذلك كله، إنه لم يكد يمضي وقت طويل على الإحتلال ، حتى تكشفت الأمور جلية أمام الشعب العراقي ، وبدا واضحاً قبح صورة هؤلاء السياسيين الجدد ، الذين جاءوا ملتصقين كالديدان والقاذورات بأحذية جنود الاحتلال ، وتصدروا المشهد السياسي الذي آل إليه الزمن الرديء بعد العدوان ، والذي ترك في عقل المواطن العراقي ذكرى مريرة عن هؤلاء الذين يتفاخرون بولائهم للأجنبي ويتباهون بخيانة الوطن، تحت دعوى الديمقراطية والتحرير وحقوق المرأة .
9- هؤلاء الذين حملتهم الدبابات الأمريكية على مقاعد البرلمان وكراسي السلطة عبر لعبة انتخابات أجريت تحت حراب الإحتلال ، أصبحوا مقيمين دائميين في المنطقة الخضراء لا يجرؤون على الوصول إلى أبوابها إلا للسفر خارج العراق ، أو للفرار بالامتعة والاموال والآثام .
10- لاشك أن العدائية المترسخة في الذاكرة الجمعية لمعظم العراقيين لمفردات مثل (استعمار، احتلال، عمالة، خيانة، تبعية) ، تجعل أيّ عراقي مهيأ نفسياً لأنْ يكون مشروعاً للمقاومة، مهما كانت خلفياته الفكرية والدينية والاجتماعية، حتى يبدو للمراقب وكأن العداء المستحكم على هذا النحو الراسخ، موجود في التركيبة الجينية للإنسان العراقي، الذي من الصعب عليه ان يتصور بأن عراقيا ما، يرتضي لنفسه أن يكون تبعاً أو جاسوساً أو ذيلا، متعاوناً، مساعداً، عاملاً للاحتلال ؟! لإنه ببساطة شديدة سيجلب لنفسه ولأسرته العار الابدي، وسيكون موضع شك في كونه عراقي أصلاً
 
وبدأ العراقيون في البحث والاستقصاء في تاريخ عائلته أو أجداده لعل فيهم من كان أجنبياً أو خائناً، أو البحث عن امرأة ، يمكن أن يكون قد رضع من صدرها (حين كان طفلاً)، ولم تكن عراقية حرة، أو كانت سيئة السمعة، وكأن العراقي خلق (معصوماً) عن الخيانة والتبعية للأجنبي، لأن خيانة الوطن بالنسبة إليه، وفي الوعي الجمعي تعتبر كبيرة الكبائر التي لا يغفر المجتمع لمن أقدم عليها او سقط في قاعها السفلي.

1
1- خلص الباحثون في مركز دراسات الوطن العربي ببيروت عند إختتام أعمال الندوة التي تناولت واقع ومستقبل الوضع السياسي في العراق (8-10-2007 ) إلى النتيجة التالية : ( لن ينسى العراقيون ، الفعل المشين للاحزاب السياسية المتحالفة مع الولايات المتحدة التي تسببت في تدمير الوطن بالقتل والهجرة والتهجير، الذين رافقوا القوات الاجنبية ودافعوا عنها وفتحوا أمام القتلة أبواب العراق، ليحطموا كل شئ ويجعلوا من البلد الجميل محض خرائب واطلال ).
12- أسهت الغالبية من هذه الادوات الإستعمالية في إيذاء العراقيين حتى قبل أن تطأ أقدامهم أرض الرافدين، فغالبيتهم كان فخوراً بلعب دور (أبي رغال) متنطعاً على الفضائيات خلال الحصار الدولي على العراق متبرعا لإرشاد (لجان التفتيش) التابعة للأمم المتحدة، إلى مكان وجود مخابئ أسلحة الدمار الشامل المزعومة، وتبرع العديد منهم إلى القيام بعملية تزوير الأدلة والبيانات لصالح البنتاغون ووكالة المخابرات المخابرات المركزية، إمعاناً في توفير ذرائع للغزو والعدوان .. والمصيبة العظمى هي: أنهم كانوا من الفاسدين سواءً من كان عميلا بالوراثة أو لص بنوك أو مرتزقاً إعلامياً، ومنهم من ظهر بشحمه ولحمه على الفضائيات وهو يصرخ بصوت مسعور: (إضربوا العراق.. اقتلوا واجتثوا البعثيين والقومجية) وهم أنفسهم الذين طالبوا بتشديد الحصار المميت، بإعتباره إحدى وسائل القتل اليومي المتعمد التي تضاعف النقمة السياسية لإنهاك النظام الوطني، لتهيئة الظروف المناسبة للغزوالامريكي المرتقب .
ترى ما الذي سيقوله بدر شاكر السياب على هامش قصيدته الخالدة :
غريب على الخليج ؟!!

أيخون إنسان بلاده .؟!

فكيف يمكن أن يكون؟!

الشمس أجمل في بلادي من سواها والظلام

حتى الظلام هناك أجمل فهو يحتضن العراق .؟!

لاشك أن شاعرنا سيموت الف مرة ومرة ، وهو غير مصدق من ان عراقيا واحدا غيّر جلده أوْ خان بلاده ؟!
13- بدأنا بعد ذلك نقرأ أسماء هؤلاء تظهر في قوائم الذين يقبضون رواتب من وزارة الخارجية وسواها من المؤسسات الأمريكية والرسمية وغير الرسمية وبإعتراف رسمي موثق، عبر عناوين الصحف واعمدة الجرائد، التي جاء بها او أجازها الاحتلال من اليمين الى اليسار وبالعكس !!!! .
وشاء المحتل الذي أجزل العطايا للادوات الاستعمالية، ان يحملهم على تسويق بضاعته الفاسدة بوصفه ديمقراطيا، بأن يضفوا مسحة من النقد الموضوعي، على مستوى الخدمات العامة ويحثهم على تأسيس دكاكين سياسية وجمعيات ومؤسسات مجتمع مدني، ومنتديات أخرى أنشئت في باريس ، ترفع عقيرتها بالصراخ في المرئيات الفضائية، التي كانت تدعو الى قتل البعثيين وذبح قيادات نظام صدام حسين، 

أصبحت الاصوات نفسها ، وعلى نحو مفاجئ ومريب ، أصبحت تدافع هذه المرة كذبا ونفاقا بـ(نصف جملة خبرية) عن حماية العلماء والأكاديميين وحقوق المرأة والدفاع عن الاطفال ؟‍‍‍‍!!
اما النصف الغائب من الجملة الخبرية ، هو السؤال الحقيقي، ترى من الذي إغتال هؤلاء ومن هو المسؤول عن قتل الاطفال والامهات ؟! ..

ومن الذي أحرق العراق وتسبب في تشريد وتهجير ستة ملايين مواطن داخل البلاد وفي المنافي والاصقاع ؟!
ومن هو المستفيد صاحب المصلحة الاولى في تدمير العقل العراقي قتلا وتهجيرا وتغييبا ؟!
14- لم يجرؤ أي واحد من الادوات الاستعمالية لا من قبل ولا من بعد، على مجرد إبداء رد فعل (بشري- غريزي) سواء بالتنويه عن هوية القتلة أو الجهة المسؤولة عن إرتكاب المجازر الجماعية في انحاء البلاد او حتى عبارة واحدة في إدانة جرائم ابي غريب، التي هزت فظائعها العالم كله ، لماذا لم تحرك هذه المشاهد المأساوية قلما او ترفع صوتا ؟!
الادوات الإستعمالية لها في العادة جملة من المصطلحات البائسة ، ذات إيقاع رقيع متكرر وهو ان كل الجرائم والخطايا التي ترتكب هي من مخلفات (العراق القديم وأزلامه) ؟!!
أما فضائح هؤلاء قبل وبعد الاحتلال على الصعيدين الشخصي والسياسي ، فَبوسع أي مراقب منصف ومحايد أن يطلع على تقارير تبادل الفضائح بين حلفاء العملية السياسية أنفسهم التي تمتلئ بها أدبيات أحزاب الاحتلال وهي مادة كافية لإصدار كتاب اسود مليئ بفضائح القتل والنهب والسمسرة والسرقات .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق