الأربعاء، 30 أبريل 2025

المشروع الايراني في المنطقة اهدافه _ ادواته _ مشكلاته _ مصادر قوته وضعفه _ استراتجياته الخارجية _ مستقبله . اعداد / الاستاذ جابر خضر الغزي

 بسم الله الرحمن الرحيم

ورقة للحوار

بعنوان : المشروع الايراني في المنطقة اهدافه _ ادواته _ مشكلاته _ مصادر قوته وضعفه _ استراتجياته الخارجية _ مستقبله .

القسم الاول

المقدمة : 

ساتناول في هذا القسم الخلفية التاريخية للاحتلال البريطاني الفرنسي بعد انتهاء عصر النظام الاقليمي للدولة العثمانية للوصول للهيمنة الامريكية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي والمعسكر الشيوعي , فكانت  القطبية الامريكية " والذي بلغت ذروة أندفاعه في غزو العراق واحتلال بعد حصار ظالم فرض بعد العدوان الثلاثيني . بل هذه الظروف أشتدت وطأتها من خلال أجتياح النظام الايراني للعراق وأندفاعه الى العمق القومي من بوابة العراق فبدأت تشكل تهديدا للامة العربية سواء عبر الاحتلال المباشر كما فعل في العراق .. او عبر الاذرع الامنية والمليشياوية التي ترتبط بمركز التوجيه والتحكم الذي يشرف عليه ما يسمى الحرس الثوري ".

 اما القسم الثاني ما العمل من اجل انقاذ العراق على ضوء الاستراتجية بعيدة المدى الذي توفر الارضية الداخلية الوطنية المناسبة القادرة اطلاق المبادرات والمشاريع لمعالجة هذه الازمات الطاحنة في العراق من خلال مصالحة ومصارحة وطنية تشكل مدخلا امينا لبلورة مشروع وطني للقوى الرافضة للاحتلال والعملية السياسية الجارية حاليا في العراق .

ليس من المبالغة في شيء تشبيه الاوضاع في المنطقة العربية بالايام الاخيرة للدولة العثمانية الذي يختزن في مجالات عدة فعلى الصعيد الدولي " انهيار الاتحاد السوفيتي وصعد نجم الامبراطورية الامريكية الراسمالية,كما حدث على مدى التاريخ على غداة التحولات الدرامية وهكذا انتهى عصر النظام الاقليمي للدولة العثمانية في الشرق الاوسط  , وأقيم مكانه النظام الاقليمي البريطاني _ الفرنسي في إطار اتفاقية سايكس _ بيكو" , والان يجري التمهيد لاقامة النظام الجديد في المنطقة متطابق مع المصالح الامبراطورية الامريكية المهيمنة على العالم ( الشرق الاوسط الجديد او الكبير ) .

والسؤال الذي يطرح نفسه : 

هل تنوي امريكا قتل الرجل المريض ؟ , وهناك تشابه مع النظرة للدولة العثمانية التي اطلق عليها منذ القرن التاسع عشر رجل اوربا المريض , وهل هذه التسمية تطلق عليها حاليا على الانظمة العربية وتحديدا الجامعة العربية ؟.

فهل هناك مخرج من هذه المذبحة التاريخية – الحضارية ؟

وباعتقادنا سيتنامى هناك نهوض قومي عربي إسلامي رسالي إنساني , لان الوضع في المنطقة العربية يشبه ذلك الذي ساد في الفترة بين الحربين العالميتين الاولى والثانية وأسفر عن أنبثاق حركات تحرر عربية ( البعث والقوميين العرب ) وإسلامية ( إخوان المسلمين ) ويسارية ( التيارات الماركسية ). ورفضت كلها راية الاستسلام للامر الواقع , وهذا لايعني ان نتوقع بروز العينة ذاتها فالظروف الدولية والاقليمية تغيرت وثمة إيديولوجيات تلاشت .

فإستراتيجية الفوضى الخلاقة فهذه بعضها .

1 - التمهيد لاعلان الوفاة السريرية لجامعة الدول العربية , فلم يكن احتلال العراق الازمة الاولى التي واجهت الجامعة العربية إن سجلها حافل بالازمات فتذكيرا سريعا منذ تاسيسها عام 1945 وهزيمة نكبة فلسطين عام 1948 والعدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وهزيمة النظام العربي عام 1967 وحرب تشرين 1973 التي كانت حرب تحريك لا تحرير , ثم الحرب الاهلية اللبنانية عام 1975 وزيارة السادات للكيان الصهيوني واتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة (السلام الاسرائيلية العربية 1979 ) والحرب العراقية الايرانية 1980 - 1988 وتداعيات قضية الكويت عام 1990 ودور حسني اللامبارك التخريبي في مؤتمر القاهرة وحصار العراق ثلاثة عشر عاما اقتصاديا وغزو واحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الامريكية والبريطانية .

وعلى ضوء هذه المقدمة ساعرض على رفاقي الاستراتيجية الايرانية في المنطقة / اهدافها - ادواتها - مشكلاتها -مصادر قوتها وضعفها - استراتجياتها الخارجية - مستقبلها , انطلاقا من مقولة الاستراتيجي العسكري الصيني " ان من يعرف عدوه ويعرف نفسه يقود مائة معركة دون خطر ومن لايعرف عدوه ولكن يعرف نفسه فقد يحرز النصر او يلقي الهزيمة , ومن لايعرف نفسه ولايعرف عدوه يكون في دائرة الخطر في كل معركة " . 

اولا : اهداف المشروع الايراني 

1- الامن القومي الايراني.

2- جانب مذهبي ولاية الفقيه وتصدير الثورة .

3 - تكريس الهيمنة على المنطقة باعتبار النظام العربي الحلقة الاضعف بعد غزو واحتلال العراق .

4- تحسين موقفه التفاوضي مع امريكا والغرب والحصول على اقصى قدر من المكاسب .

ثانيا : ادواته : 

كانت ادواته حزب الله في لبنان والمجلس الاعلى والدعوه والتيار الصدري وحزب العمل الاسلامي ( الشيرازي ) في العراق , وقوى وشخصيات ونخب ومنظمات سرية وعلنية تعمل تحت وصايا قم وطهران او بالتنسيق معها وما تتلقاه من معونات إيرانية ودعم لتسويق المشروع الايراني او إزالة العوائق إمامه.

ثالثا: 

مشكلات ومصاعب المشروع الايراني الذي وصفه المفكر العربي محمد حسنين هيكل ( بانه يؤذن من بعيد وعلى استحياء ) .

فواجهه هذا المشروع مشكلات ومصاعب اهمها : 

1- تتمثل بشكل خاص في الوضع الاقتصادي المتراجع الذي يتزايد بسبب العقوبات الدولية .

2- الانقسام الاجتماعي الذي ظهر جليا بعد نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2009 واغتيال الرئيس الايراني ووزير الخارجية الايراني وتصفية اسماعيل هنيئة في ايران عام 2024 واغتيالات قادة حزب الله الحليف الاستراتيجي لايران في المنطقة وهو صلة الوصل بين حماس والنظام السوري بشار الاسد .

3- اصبحت جسرة وتهديد لمرتكز النظام المتمثلة ( بولاية الفقيه ) الذي تعطي هذه السطوة ( الالهية ) رؤوس النظام في ايران سلطات مطلقة .

رابعا : 

ابرز التحالفات الايرانية ( مصادر القوة ) .

1- النمط الاستراتيجي الاقليمي الذي يرتكز على ثلاثة محاور وهي :

أ - محور ايران - حزب الله - نظام بشار - حماس هذا المحور سقط الى الابد.

ب- محور ايران مع المليشيات المسلحة والتنظيمات ( الشيعية ) في العراق ومحور الحوثيين في اليمن آيل للسقوط .

ج- محور إيران - القاعدة .

2- النمط الايديولوجي في محاولة ايران قيام هلال ( شيعي ) في المنطقة فقد فشل هذا المشروع بعد تصفية قادة حزب الله وامينها العام حسن نصر الله واسقاط النظام النصيري في سوريا .

3- النمط الاقتصادي : هناك  عدة تحالفات في دعم المشروع الايراني ومن ابرزها كان :

- العلاقات الروسية والصينية وكوريا الشمالية التي مثلت دعما كافيا لايران في المجال العسكري والتسليحي وخاصة سياسة الاحتواء المزدوج لمواجهة الحصار الاقتصادي التي فرضته امريكا على ايران .

وعلى ضوء ذلك ان المشروعيين الامريكي والصهيوني دور كبير في تقوية المشروع الايراني اثناء حربها على العراق بفضيحة ( ايران كيت ) وكذلك بعد غزو واحتلال العراق ساعدا بشكل غير مباشر على تحقيق الاستراتيجية في المنطقة حيث قام المشروع الامريكي بالقضاء على آلد نظامين لايران هما :

أ- نظام طالبان في إفغانستان 

ب- نظام البعث في العراق الذي جرع  ايران السم الزعاف كما ان النظام العربي المتهاوي كان دوره البارز في تقوية المشروع الايراني في المنطقة وتقوية تحالفاتها.

خامسا: 

اهم الاستراتيجيات التي تستند اليها السياسية الخارجية الايرانية في التفاوض مع الشيطان الاكبر !!.

هناك اربع استراتجيات تستند عليها السياسة الخارجية الايرانية هي : 

أ – تبني قرارات الشرعية الدولية الصادرة من الامم المتحدة وخاصة العقوبات التي فرضت على العراق بعد قضية الكويت .

ب – إستراتيجية التحفيز الذاتي ، تهدف منها في الجانب الاقليمي مع امريكا في المعادلة الاسيوية والخليجية ( المشاركة في الترتيبات الامنية ) ولقاءاتهما في العراق المحتل .!!

ج – "استراتجية المساومة ، تهدف هذه الاستراتيجية الى تحقيق اعلى درجة من المنفعة من خلال المناورات الدبلوماسية ".

د- إستراتجية التصلب ، وبها تظهر إيران استقلالها عن الغرب والولايات المتحدة الامريكية من خلال قوتها الاقليمية وعلى المباديء الرئيسية للثورة " .

خلاصة القول : 

ان ايران طبقت هذه الاستراتيجيات في مواجهة الحرب على افغانستان اولا ثم الاستجابة للحرب على العراق ، ولما بعد الاطاحة بالنظام الوطني في العراق ثانيا .

- التنديد الشديد بالحرب واهدافها وخاصة تنديد ( المرشد الاعلى للثورة الايرانية اعلاميا ) الا إن إيران قدمت الدعم الكامل لتحالف الشمال لاسقاط نظام طالبان ( الهدف المشترك مع واشنطن كما سبق مشاركتها في مؤتمر بون في المانيا حول مستقبل افغانستان ثم قدمت الدعم لحكومة كرزاي التي تحميها الولايات المتحدة ) لكنها في الوقت لاتزال تحافظ على علاقات واسعة مع كثير من امراء الحرب وزعماء القبائل ( المتمردون على الحكومة ) ومن دون إعاقة او إدانة العمليات التي تتعرض لها القوات الامريكية انذاك !!

- اعتراف نائب الرئيس الايراني ابطحي في ندوة الدوحة حيث قال :

" لولا إيران ما سقطت افغانستان والعراق" .

- أن ايران اختارت الحرب الباردة مع واشنطن من خلال العبث عن مواقع النفوذ والتاثير التي ستنشأ بدعم امريكي مباشر التي تختلف معها ايران , كما قبلت امريكا المشاركة في هذه ( اللعبة ) وسمحت بها او رضخت لها فعمدت تارة إلى فتح ( النوافذ ) إمام إيران ( للتفاهم ) معها حول حجم المصالح وتارة اخرى الى ممارسة الضغوط والتقليص مساحة تلك المصالح وحجم النفوذ الايراني الى اقصى الحدود الممكنة , ( الضغوطات والتهديدات بالعقوبات في مجلس الامن بسبب السلاح النووي والصواريخ بعيدة المدى والاتهام بدعم الارهاب ) بوجود عناصر من الحرس الثوري والاحزاب الموالية لايران في العراق التي وصفتها محور الشر .

اما ايران استمرت بالدعوات ( الواقعية السياسية ) لحفظ الامن القومي الايراني والمصالح الوطنية حتى لو ادى ذلك الى التفاهم مع الادارة الامريكية الترامبية , فالايام المقبلات حبلى , فننتظر مع المنتظرين !!

كيف يعمل المشروع الايراني ؟

يعمل المشروع الايراني من خلال مبدأ تشرشل وعرف هذا المبدا بانه (القدرة على امتطاء جوادين في وقت واحد ) .

كما ان ايران ليست لها مصلحة في مواجهة الولايات المتحدة ولم تعرقل عملياتها في لبنان وسوريا واليمن والعراق وفلسطين المحتلة .

- " ايران لم تقاتل الى جانب النظام الوطني في العراق والوقوف الى جانبه انذاك ، لان اساسا من مصلحة ايران التخلص من نظام البعث وعقيدته " ومشروعه القومي العربي النهضوي الذي كان يهدد مشروعها الفارسي الشعوبي التوسعي   وهذا ما اطلقت عليه ( الحياد الايجابي ) وما ذهبت إليه لجنة تشخيص مصلحة الجمهورية الاسلامية الايرانية التي كان يراسها رفسنجاني انذاك .

- اما بعد الاحتلال الامريكي البريطاني للعراق حيث قامت ايران :

أ- الاعتراف بمجلس الحكم الذي اسسه بريمر الحاكم العسكري الامريكي في العراق .

ب- دعم العملية السياسية المخابراتية الجارية في العراق التي صاغتها الادارة الامريكية في المطابخ الصهيونية لتكن مخدة تتكئ عليها امريكا وايران لتنفيذ مشاريعهما الغير شرعية في العراق .

ج- اول من فتحت ايران لها قنصلية في كابول وقنصليات في النجف وكربلاء والبصرة واربيل .

وعلى ضوء ذلك نستنتج : 

ان عدونا الاول في العراق هو المشروع الايراني الصفوي التوسعي وهو اخطر من المشروعين الامريكي والاسرائيلي معا .

ايران لن تخرج من العراق كما يتصورها المتفرجون والحالمون فسيدخل الشعب العراقي العظيم معها حربا طويلة فهي العدو الاول للامة , "انظروا الى حال العراق اليوم وحكموا العقل والضمير من يحكم العراق " ؟ اليس العملاء المزدوجون لايران وامريكا .

ان العلاقة الجارية بين ايران وامريكا والغرب كعلاقة بين مستقيمين متوازيين لايلتقيان ولكنهما يسيران في نفس الاتجاه لمعاداة العراق والامة العربية , فكلاهما من مصلحته الهيمنة على المنطقة عسكريا وسياسيا واقتصاديا ( التخادم السياسي ) بينهما .

- ان ايران حققت تقدما تكنلوجيا وعسكريا ونوويا ولكنه لم ترتقي للجوانب الاقتصادية المدنية فان الاوضاع الداخلية مهيئة للانفجار , لان شعبها يحتاج الغذاء والدواء والسكن والعمل , وكما الاوضاع الاجتماعية في ايران متفاقمة وقابلة للانفجار , , كما انها متخلفة تنمويا وخصوصا في الميدان الزراعي والصناعي وتزايد العاطلين عن العمل , كما ان المعارضة الايرانية غير ساكته وهناك جسرة واضحة على ولاية الفقيه وعلى خامئني وخميني نفسه التي مزقت صوره في التظاهرات الجامعية .!!

اما التحدي الخارجي ، الادارة الامريكية الترامبية , ترى ايران مزاحم لها في المنطقة وخاصة في الخليج العربي بالرغم من هناك تخادم سياسي بين الاثنين , كما ترى ايران في سياساتها بان المعركة القادمة مصيرية لها في العراق لان العراق اصبح ممرا للشر الايراني لضرب الاردن وسوريا واقطار الخليج العربي 

خلاصة ذلك : 

الحديث عن طمس عروبة العراق ومخاطر تقسيمه جدي للغاية يستند الى رغبة الحزبين الكرديين في اقامة الاقليم الكردي بما يحقق لهم الانفصال عبر الممارسات الديمقراطية ( الاستفتاء ) ، والطائفيين من الصفويين الشعوبيين التوسعيين والسنة التكفريين والاخوانيين الذين وضعوا لافتة ( الاسلام السياسي ) مكان لافتة العروبة وهذا تجلى في دستورهم المسخ , والعمل يجري على قدم وساق لاحلال الروابط المذهبية والطائفية مكان الروابط العربية الجامعة .

إذن هناك مؤامرة على الهوية العربية اخطر بكثير من مؤامرة سايكس – بيكو.

يتبع

اعداد / الاستاذ جابر خضر الغزي

اواخر نيسان 2025

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق