الاثنين، 21 أبريل 2025

البعث وحركة التاريخ / د. فالح حسن شمخي

 البعث وحركة التاريخ 

د. فالح حسن شمخي 

ان دراسة حركة التاريخ تعتبر من اهم الدراسات لانها تقود إلى  فهم القوة الدافعة للتقدم البشري وتغيير المجتمع ، وهذا الأمر بالغ الأهمية لمن يريد التغيير في المجتمع الذي يعيش فيه .

 لقد اقترن التفكير على مستوى العالم  بالتحليل اﻻقتصادي او الاجتماعي او العلمي او الديني …الخ في تفسير الحوادث التاريخية، حيث رأى ماركس (وهو يحلل المجتمع الاوربي الصناعي بالذات ) أن النظام اﻻقتصادي هو اﻷساس الذي يقوم عليه التاريخ السياسي والفكري. ويرى ماركس أن تاريخ المجتمعات ينحصر في صراع طبقاته والذي كان ينتهي ﻏالبا بثورات.  كما يرى أن تحليل أي ﻇاهرة تاريخية أو اجتماعية أو دينية ﻻ يمكن فهمه دون الرجوع إلى الصراع الطبقي . وحركة التاريخ لدية تبدأ بالمشاغبة الاولى والرعي والرق والإقطاع والرأسمالية والاشتراكية وينهي دورة التاريخ بالشيوعية ( المشاعية)، (من كل حسب قدرته إلى كل حسب حاجته)، يشير المبدأ إلى حرية الوصول وتوزيع السلع ورؤوس الاموال والخدمات.

وقد اثبت التاريخ فشل تطبيق كل ذلك مع انهيار الاتحاد السوفيتي والدول الشيوعية الاخرى، ومع التحول الصيني الهائل عن ذلك بعد تخليها عن النظرية الشيوعية وتوجهها إلى عكسها.

اما التفسير العلمي والتقدم التكنلوجي فهو يسير بنا عبر مراحل التطور التاريخي إلى نهاية غير معلومة ، فإما تكون النهاية تصادم واما توافق وعلى هذه النهاية تعتمد فناء ونهاية العالم بسبب تطور قد يكون منفلتا وخارج عن سيطرة البشر.

اما العبقري ابن خلدون فقد قال بان حركة التاريخ هي حركة مغلقة ، تبدأ بالولادة وتنتهي بالفناء ، وهو هنا يقصد الدول والحضارات فهي تبدأ بالاعتماد على العصبية ( القوة ) وتنتهي بدولة او حضارة ، لها عصبية اقوى.

بالعودة إلى عنوان مقالتنا نقول ان حزب البعث العربي الاشتراكي والمفكر احمد ميشيل عفلق يرون ان التغيير الايجابي لحركة التاريخ في الوطن العربي تعتمد اولا على اعتماد الامة على نفسها، وعلى عدم اتكال ابنائها على قوى خارجية او غيبية لتحقيق التقدم ، وانما بالعلم والعمل الدؤوب والاجتهاد على كل الاصعدة. 

كما واستند في كل ذلك على احياء الإرث الحضاري للامة العربية من إنتاج علمي وانساني عبر الحضارة العربية الاسلامية، والتي أثرت الحضارة الانسانية بالكثير.

كما وقد ركز البعث على العلاقة الديالكتيكية بين الصراع الطبقي والنضال القومي وحلل ابعاده وكيفية التعبير عنه وصولا الى التغيير المنشود.  كما يرى الحزب أن تحليل أي ﻇاهرة تاريخية أو اجتماعية أو دينية ﻻ يمكن فهمها دون الرجوع إلى العلاقة بين النضال القومي والصراع الطبقي . 

وإن اي  فهم للماضي، وتطور المجتمع وكيفية تغييره، هي أجزاء لا تنفصل عن النضال. نضال كافة فئات المجتمع من الكادحين  المضطهدين من عمال وفلاحين وطلبة وعسكريين ومثقفين وكافة الفئات الجديدة  التي تظهر بسبب التطورات الاقتصادية والتقنية الجديدة ومتغيراتها.

اعتمد  الحزب  على اجابة أسئلة من نوعيّة كيف هي الحياة بالنسبة للذين عانوا وما زالوا من المرض والجهل والفقر ؟ وماذا عن التجهيل المنظم الذي تعاني منه بعض مجتمعاتنا ، وشيوع الاتكالية على الاماني والحلول الغيبية بدلا من العلم والعمل الدؤوب.

ماذا عن الناس الذين عانوا ومازالوا بسبب الاستعمار واضطهاده القومي للامة العربية وبسبب الإمبريالية واستغلالها البشع للموارد والحقوق؟  كيف يمكن أن نجسد معاناتهم اليومية ونحقق لهم تطلعاتهم بمستقبل افضل ؟ فكان الجواب وما زال هو تحقيق  شعار ( امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة )، واهداف استراتجية هي ( الوحدة والحرية والاشتراكية )، وسمات هي ( الثورية ، الانقلابية ، الشعبية ، الاخلاقية ).

فبدون وحدة العرب وتكامل التعاون بينهم ولو بالحدود الممكنة، فلا امل للامة في مواجهة ناجحة ازاء ما تواجهه من تحديات وجودية. 

السؤال ماهي النهاية هل هي المشاعية الثانية او التصادم او الاتفاق  او دورة الحياة كما يرى ابن خلدون ؟

الجواب ببساطة ترك حزب البعث العربي الاشتراكي  التاريخ مفتوحا وحركته لا تنتهي .

 فكان السؤال ، ماذا بعد تحقيق الامة العربية للوحدة والحرية والاشتراكية ؟ 

فكان الجواب بان الامة والحزب الذي يرى والذي تثبت الأيام والتحديات صحة عقيدته، بان الاهداف الثلاثة هي الحل لواقع الامة في هذه المرحلة من تاريخها، سيجد او يكتشف اهدافا جديدة ، فالبعث يرى ان خلاص وسعادة الامة بتحقيق اهدافها الوحدة والحرية والاشتراكية ، وهي مرحلة على طريق حركة التاريخ التصاعدية المفتوحة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق