الخميس، 27 يونيو 2019

لماذا أصبحت يسارياً لماذا أحببت أن أكون مسلماً شيعياً لماذا أبهرتني القومية العربية بقلم: د. نزار محمود


لماذا أصبحت يسارياً
لماذا أحببت أن أكون مسلماً شيعياً
لماذا أبهرتني القومية العربية

بقلم: د. نزار محمود

ثلاث تساؤلات عاشت ولا زالت تعيش في أحاديثنا السياسية، لسنا فقط نحن ابناء العراق، تحدد مواقفنا وتفسر لنا وجهات نظرنا ونضالاتنا، لا بل وتسبب لنا مشاكلنا!

قصة ذلك اليساري سلام:
سلام هو ليس اسمه الحقيقي، لكنه الحركي الذي تكنى به بين رفاقه.
تاريخ الولادة: ١٣/تموز ١٩٣٠
مكان الولادة: البصرة - العراق
الديانة: مسيحي
الحالة الاجتماعية: أعزب
الانحدار الاجتماعي: اسرة عمالية
المهنة: معلم
الحالة المعيشية: متوسطة تميل الى الضعيفة.
في منتصف الاربعينات، حيث كنت في أول درجات سلم شبابي في المدرسة الثانوية في فرعها العلمي، قد بدأت أسمع وأقرأ عن الماركسية والاشتراكية والشيوعية العلمية وعن الدياليكتيك وقوانين التطور ودور ملكية وسائل الانتاج وعلاقاته وفائض الانتاج واستغلال الإنسان للإنسان والقيم الاجتماعية وغيرها ودورها في تحقيق العدالة والسعادة  للانسان.
لم تستهوني الحركات والاتجاهات الدينية وغيبياتها ومحرماتها، لا بل كانت قد بدات رغباتي بحرية شخصية وانطلاقات شبابية واشباع لعواطف ورغبات باتت تؤرقني. كلمات مثل التقدمية والطليعية والثورية راحت تطرب اسماعي، في حين بدأت أشمئز من كلمات: مثل الرجعية والامبريالية والشوفينية والعنصرية.
حلمت أني سأكون واحداً من قادة التغيير والسلام والعدالة في أمم الأرض.
سوف لن أخاف بعد اليوم ابن السيد والاقطاعي وامام المسجد، وسوف لن أكون مواطناً من الدرجة الثانية بسبب انحداري الاجتماعي. ومن يعرف،  لعلي أصبح  وزيراً أو سفيراً أو متصرفا
 في ولايتي. أليست هذه أحلام واقعية ومشروعة؟!

قصة الاسلامي جواد:
هو رجل من أبناء الطائفة الشيعية رضع مقتل الحسين ومذبحة كربلاء وتتلمذ على اضطهاد طائفته وأئمتها على يد أصحاب السلطان من الطائفة السنية. كما كان رأسه قد إمتلأ بكل ما لحق بآل البيت وأتباعهم من عسف وإجحاف بحقوقهم.
لم يكن ليجرؤ على الصراخ بما يكتمه قلبه من شعور بالغبن والخوف. فكل رجل أمن يجد فيه رقيباً عليه، وكل صلاة لا تذكر فيها إمامة علي يشعر بها تغافلاً عن مقام أبي الحسن والحسين، وبقي عمره منتظراً للامام الثاني عشر ليملأ الدنيا عدلاً ويرفع راية آل البيت.
وجاءت الاقدار لتبشره بقرب النبوءة على يد الولي الفقيه وثورته الاسلامية وتصديرها الى بلد مقامات الائمة الأطهار في النجف الأشرف وكربلاء والكاظمية وسامراء وغيرها في العراق. كان عليه أن ينتظر ويصبر حتى حملته دبابات الأمريكان الى سدة الحكم وقبة البرلمان، فوجد المال وفيراً والجاه واسعاً تفيض عليها بركات الامام والآيات.

قصة ذلك القومي عدنان:
عدنان شاب أحب الشعر منذ نعومة أظافره. تغنى بمجد أجداده وإعتاد أن يمشي مرفوع الرأس مفتخراً بأمته العربية.
جلست اليه يوماً وبدأ يحدثني في مشاكل وضعف العرب. قال لي أن من حق العرب أن يعيشوا بكرامة ورفاه، وأوضح أن ذلك لن يتم ولن يسمح به أعداؤنا دون ان نكون أقوياء بوحدتنا، متشاركين في بناء وطننا ومنصفين في توزيع ثرواتنا بيننا بعدل، وعندها ستجدنا دولة قوية يهابنا من يفكر في غزونا ونهبنا وزرع الفرقة بيننا. أعجبني كلامه وأطربتني أحلامه لأني كذلك  مثله عربي أعاني الفقر والجهل والتجزئة والتخلف، وبالتالي الضعف والهوان والاستغلال.
سألته: أهذا ما دفعك إلى الانتساب الى حزب البعث العربي الاشتراكي؟ أجاب: نعم، وسأبقى أناضل من أجل أهدافه ومبادئه.
جلست أفكر في ما قاله لي المتحدثون الثلاث وهم في غمرة زهوهم في ما آمنوا به ودفعهم لتبنيه.
دعوتهم لتناول فنجان قهوة في مسكني المتواضع، وقرأت عليهم ما قصه علي كل واحد منهم. رجوتهم عدم النقاش. لكني قرأت في وجه كل واحد منهم علامات استفهام وتأمل!!!

برلين، ٢٥/٦/٢٠١٩

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق