مؤامرة تقسيم الاقطار العربية
د- فالح حسن شمخي
تحدثت في المقال السابق والذي يحمل عنوان ( حول مايروج ان طوفان الاقصى ، مؤامرة )، عن وجهة نظري بما يحدث في فلسطين ، قلت باني اجزم بأن هناك مؤامرة امريكية اوربية صهيونية فارسية يضاف اليها البعض من الرجعية العربية لتقسيم المنطقة العربية ، وذكرت بانني لا اعطي رأي بما يحدث في فلسطين الان ولا اقول بأن معركة طوفان الاقصى حدثت نتيجة لمؤامرة وتركت الامر الى مابعد انتهاء المعارك ، فالايام كفيلة بالاجابة على السؤال ، ان كانت طوفان الاقصى مؤامرة على العرب والشعب الفلسطيني أم لا ؟
برز معطى جديد في مقابلة أجرتها قناة «الميادين» مساء الأربعاء في 22 تشرين الثاني 2023 مع وزير خارجية إيران، حسين أمير عبد اللهيان، طرح حلاً للقضية الفلسطينية يتمثّل في إجراء استفتاء في فلسطين المحتلة بين اليهود والمسيحيين والمسلمين، لتحديد مصيرهم ومستقبلهم.هذا الاقتراح يثير الريبة في ان القوى التي تهدف الى تقسم الوطن العربي ، خططت للقيام بفعلها هذا بطريقة ناعمة الهدف منها تمرير التقسيم بطريقة قد يتقبلها البعض من الشعب العربي ، فكرة تمرر عبر فلسطين المحتلة ، ومن الممكن تعميمها على الاقطار العربية الاخرى ، على فكرة الخطة ليست جديدة ، فالتجربة حدثت في جنوب السودان ،
الطرح الفارسي الذي تقف وراءه امريكا والصهيونية يبدو انه جاء على مراحل ، مرحلة فلسطين هي المرحلة الاولى ، اسلام ، مسيح ، يهود ، اما المرحلة الثانية في العراق ولبنان واليمن فهي مرحلة الاستفتاء الطائفي ، والعرقي ، وهذا الاستفتاء خدم خطة الفرس باقامة مايسمى بالهلال الشيعي ، ويخدم الصهاينة بانها ستكون الكيان الاقوى في هذه الكيانات الطائفية والعرقية ، وقد روج لهذه الخطة الرئيس الامريكي الحالي بايدن بالتزامن مع احتلال العراق .
هنا انا اتفق بما جاء في مقالة السيدة صفية انطوان سعادة التي تحمل عنوان (إشكالية طرح وزير خارجية ايران استفتاء في فلسطين ) الذي نشرته جريدة الاخبار في ٢٨/١٠/٢٠٢٣، والذي تقول في فقرة منه ، الموضوع الأساسي الثاني، وهو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالنقطة الأولى، يتمحور حول واقع الدولة الوطنية/القومية التي لا يجوز الخلط بينها وبين الدين خاصة وأن الدين، أي دين، لا علاقة له بالأرض، بل بإيمان الفرد مهما كانت جنسيته أو عرقه. فالمسلم يستطيع أن يكون أميركياً، أو فرنسياً، أو ألمانياً، وأن ينتمي إلى أي جنسية في العالم، وقد يحارب المسلم الأميركي المنخرط في جيشه الوطني، مسلماً إيرانياً أو عراقياً أو سورياً أو فلسطينياً ، القضية الفلسطينية ليست قضية أديان، ولا تُحل باستفتاءات دينية، بل هي قضية وطنية، قضية شعب فلسطيني لم يفرّق يوماً بين فلسطيني مسلم وفلسطيني مسيحي، أو حتى فلسطيني يهودي قبل عام 1948)،
ماقالته السيدة هو عين الصواب وهي الحقيقة التي تحاول قوى التآمر تجاوزها مثلما فعلت مع الكثير من الحقائق ومحاولة تمريرها على الشعب العربي الذي تعتقد انه ساذج وبسيط كما هو الحال مع ذيولها وعملائها بالمنطقة العربية ، القوى الامبريالية والاستعمارية ومن يرتبط بها لازالوا يعيشون في الماضي ، ولم يدركوا ان الوعي الشعبي العربي قد تغير ، وانه مدرك لكل الخطط الخبيثة .
فالعراق لاتمثله المليشيات الطائفية والعرقية والتابعين لتركيا التي تطمح بضم كركوك والموصل اليها ، مثلما تطمح ايران بضم جنوب العراق اليها ، ولاتبتهج الانظمة العربية المتخلفة بضم الاقليم السني اليها .
والسودان لايمثلها البرهان وحميدتي ، واللعب على قضية دارفور معروفة ، والشعب السوداني الشقيق هو قادر على تقرير مصيره ، كما هو الحال في اليمن ولبنان ، وشرق السعودية والبحرين عصية على الاطماع الفارسية والخطط التأمرية الخبيثة .
اما التقسيم العرقي فهو من الصعوبة بمكان ، فالاكراد في وطننا العربي الذين لم تفكر فيهم معاهدة سايكسبيكو سوف لن تفكر فيهم امريكا والصهاينة اليوم لانهم موزعين بين تركيا وايران والعراق وسوريا ، وبالتالي فسوف لن تسمح قوى التآمر الاقليمية المرتبطة بالمشروع الامريكي الصهيوني بمنحهم دولة قومية على المدى المنظور .
المخططات الامبريالية والصهيونية الجديدة ستفشل كما فشلت في الماضي نتيجة الثورات والاحزاب والتيارات القومية العربية ، الشعب العربي اقوى وأصلب وأوعى مما تتصوره قوى التآمر ، ومثلما يفكر تابعيها وذيولها في المنطقة ، فالتظاهرات الشعبية العربية التي انطلقت من المحيط الى الخليج دفاعا عن فلسطين ومناصرة لغزة تؤشر الى ان الشعب العربي هو غير الشعب العربي ايام العشرينيات، هو قادر على دحر واجهاض كل المؤامرات ، وهو من سيغير وجه التاريخ عبر تغيير الانظمة العميلة ، وتعليق العملاء على اعمدة الكهرباء كما فعلت المقاومة الفلسطينية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق