الاشتراكية العربية
(الطريق العربي الى الاشتراكية)
د ـ فالح حسن شمخي
الاشتراكية العربية
(الطريق العربي الى
الاشتراكية)
د ـ فالح حسن شمخي
جاء في خطاب الامين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي قائد الجهاد
والتحرير في يوم 7/4/2019التاكيد على ان اشتراكيتنا اشتراكية عربية وان طريقنا
العربي الى الاشتراكية هو طريق خاص ، وهذا الامر يعيدنا الى الحوار الذي احتدم بين
البعثين في الستينيات والذي ناقش موضوع الاشتراكية ، فهناك من رفع شعار الاشتراكية
العربية وفي مقدمتهم الرفيق المؤسس احمد ميشيل عفلق رحمة الله.
عليه وبالمقابل هناك من
رفع شعار الاشتراكية العلمية من الذين تاثروا بالقوالب الجامدة التي كان مصدرها
الاتحاد السوفيتي ونظامه الشيوعي انذلك والذي ترجم وجهة النظر الماركسية في هذا
الموضوع ترجمة حرفية وكان هذا الامر قد اثار حفيظة البعض من الاحزاب الشيوعية
نفسها لان كارل ماركس كان قد تحدث عن الاشتراكية في ضوء الواقع الذي كان يعيشه
في المانيا والدول الاوربية الذي تخلص من مرحلة الاقطاع لصالح التحول
الراسمالي وكان سريعا في مغادرت مرحلة الاعتماد على الزراعة كمصدر للدخل
والانتاج الى مرحلة الراسمالية التي تعتمد الصناعة ووسائل الانتاج الصناعي وراس
المال
.
حينما
انتصرت الثورة البلشفية عام 1919في روسيا اصطدمت بانها لاتستطيع ان تحول النظرية
الى تطبيق عملي في واقع زراعي متخلف وهنا قررت ان تطبق المفاهيم الاشتراكية
بالقوة وهناك حكايات كثيرة حدثتنا عن الاف الضحايا الذين سحقتهم الثورة الشيوعية
(الاشتراكية ) لاسيما في اوساط الفلاحين البسطاء الطيبين ، الامر الذي جعل ماو تس
يونغ في الصين الى تطويع الاشتراكية بما يتلائم مع واقع مجتمع الصين الزراعي ،
فاذا كانت الطبقة المستفيدة من التحولات الاشتراكية الماركسية في روسيا هي الطبقة
العاملة وهي صاحبت الحق بملكية وسائل الانتاج فان المنهج الصيني كان يعتبر
الفلاحين هم المستفيد الاول وهم من يملكون الحق في ملكية وسائل الانتاج وقد تمتع
شاوشيسكو في رومانيا بحرية الحركة بين المنهجين.
جاء في المادة (6) من دستور حزب البعث العربي الاشتراكي ، ( حزب البعث
العربي الاشتراكي يؤمن بأن الاشتراكية ضرورة منبعثة من صميم القومية العربية
).وجاء في المادة (26) الى ان ( حزب البعث العربي الاشتراكي يؤمن بان الثروة
الاقتصادية في الوطن العربي ملك للامة).
لقد كان رفع شعار الاشتراكية العربية في حينها هو نقطة الانطلاق في
فضح كل مظاهر التخلف والفساد في معظم الاقطار العربية وكان هذا الشعار هو الشرارة
الاولى في نضال كشف زيف الاجهزة السياسية التقليدية وهيأ لتحطيمها ، في وسط كان
غارق في ظلام الرجعية المتخلفة والانتهازية ، وفي مناخ سياسي اساليبه في التفكير
والنضال، بالية وتقليدية ، كان صوت البعث هو الصوت الوحيد القوي الذي انطلق
بروح اشتراكية يفضح الواقع العربي الذي يسوده الاستعمار
والاستغلال والتخلف ، كان البعث اول من حمل روح العصر الحديث الى ميدان النضال
القومي العربي عندما طرح شعار الاشتراكية بصورة متلازمة مع القضية القومية .
وما اشبه اليوم بالامس فالواقع العربي لاسيما في القطر العراقي يجعلنا
كبعثين ان نرفع الصوت عاليا بشعار الاشتراكية لكشف الزيف والخداع الذي يمارسة
العملاء على الشعب وان نفضح المناخ السياسي المسخ الذي يسرق الشعب على عينك ياتاجر
كما يقولون
.
ان اشتراكيتنا تعني اعادة توزيع الثروة بين المواطنيين وتعني تأميم
وسائل الانتاج العقارات المبنية وعلى اشراف التجارتين الداخلية والخارجية ووضع خطط
التنمية الاجتماعية .على وموارد الطبيعة وعلى تحديد الملكية الزراعية والصناعية
وعلى اشراك الكادحين في ادارة الانتاج وكذلك تحديد ملكية ،
والاشتراكية تهدف الى اقامة نظام اجتماعي جديد يخلق ظروفا موضوعية ، اقتصادية
وفكرية وسياسية جديدة تحرر الانسان من جميع اشكال الاستغلال والتسلط والجمود وتتيح
له الفرص لكي يصير انسانا حرا كليا.
إن حزب البعث العربي الاشتراكي يعرف جيدا إن العلمية تعني اكتشاف
القوانين المحركة للواقع والعمل على إيجاد قوانين بديلة تلبي حاجة الجماهير
واستناد هذا لا يمكن أن نستورد نظرية جاهزة تعاملت مع واقع غير واقعنا وتستهدف
جماهير غير جماهيرنا، فالواقع واقع حي ، وفي تغير مستمر .
إن الإيمان بالاشتراكية كهدف استراتيجي لم ينبع من أفكار مجرد ليس لها
علاقة بالواقع ولم يكن شعور بالشفقة على الكادحين في امتنا ، انه هذا الإيمان يأتي
من حاجة امتنا الحيوية نفسها لإنقاذ نفسها من فناء في ظل معركة الوجود التي تخوضها
مع الطامعين في السيطرة على مقدراتها ، وهنا نجيب على سؤال احد الشباب الذي اعتقد
بان حزبنا لم يعد بحاجة إلى الاشتراكية في عالم يتجه إلى الاقتصاد الحر.
وهنا نؤشر اختلاف حزبنا في نظريته الاشتراكية العربية التي اشار اليها
الامين العام للحزب في خطابة مع الاشتراكية التي انتهجها الحزب الشيوعي في النموذج
السوفيتي ، فالحزب يعتقد إن الصراع الطبقي لم يأتي جراء الانقسام الحاد بين طبقة
الرأسمالي وطبقة العمال وإنما جاء بسبب عجز الإقطاع والبرجوازية عن حماية ثروة
البلاد من الغزو الأجنبي الذي عمل ويعمل على مؤسسات الإنتاج الوطني ويأتي أيضا عن
عجز هذه القوى عن البناء الذي يستهدف إنقاذ الفقراء من الجوع وذلك بتوفير فرص
العمل وإلغاء التفاوت بين زيادة السكان في الوطن العربي وزيادة الناتج القومي ، ما
نراه في العراق اليوم يؤكد ما ذكرناه أعلاه فبالرغم من إن العراق يعتبر من الدول
الغنية لكننا نجد إن نسبة الفقر اكبر من التوقع والسبب معروف ، خونة وعملاء ولصوص
وأميين هم الذين يمسكون بالسلطة وهذا يعني إن التفاوت الطبقي ليس بسبب ملكية وسائل
الإنتاج لان الوطن العربي والعراق بالذات ألان لا يملك أصلا وسائل إنتاج كما هو
الحال للدول الراسمالية .
وإذا أردنا أن نلخص هدف الاشتراكية العربية التي يهدف إليها حزب
البعث العربي الاشتراكي نقول :
1 ـ
تمكين الكادحين ( عمال ، فلاحين ، طلبة ، عسكريين ) ، من السيطرة على وسائل
الإنتاج وليس العمال فقط.
2ـ الاشتراكية
تعني رفع الفقراء إلى مستوى الأغنياء وليس الأخذ من الأغنياء والتوزيع على الفقراء
على طريقة روبن هود والطريقة الماركسية .
3 ـ حق
الإنسان بالملكية الفردية ولكن ليس على حساب المجموع ولان حرمان الإنسان من
الملكية الفردية كما تهدف الاشتراكية الشيوعية يعني تحول الإنسان إلى آله.
4ـ حق
البرجوازية الوطنية والقطاع الخاص في الاستثمار ولكن ليس على حساب القطاع العام ،
وهذا محرم في الاشتراكية الشيوعية .
5 ـ
ترتبط الاشتراكية بهدف الوحدة والحرية ارتباطا جدليا متلازما فمشكلاتنا ليست
اقتصادية فقط بل هي قومية وتحررية ، وهنا نقول إن اشتراكيتنا نابعة من العلمية
التي درس فيها حزب البعث العربي الاشتراكي القوانين المحركة للواقع العربي .
يقول الرفيق احمد ميشيل عفلق في كتاب في سبيل البعث صفحة 221 ( فليس
فقط الرأسماليون والإقطاعيون هم أعداء الشعب العربي بل أيضا هم السياسيون الذين
يتمسكون بالتجزئة لأنها تفيدهم شخصيا ، وليس هؤلاء فحسب بل أولئك الذين يسايرون
الاستعمار بشكل من الإشكال وأولئك الذين يعادون الفكر والعلم والتطور والتفتح
والتسامح والذين يقاومون أو يحولون دون تحرر امتنا ).
ويقول معلمنا الأول كبعثين وفي نفس الكتاب ، الصفحة 219 : ( وحزبنا
عندما ربط الوحدة العربية بالاشتراكية لم يتعسف ولم يرتجل بل وجد في ذلك السبيل
الوحيد لكي تصبح الوحدة في حياة الجماهير حقيقة حيه متحركة يطالب بها كل عامل
عندما يطالب بخبزه وبزيادة أجره وبالدواء لأبنائه ، وعندما يطالب كل فلاح فقير
ومظلوم باسترداد حقه في إنتاجه ويرفع الظلم عن كاهله ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق