‏إظهار الرسائل ذات التسميات مؤيد الجبوري. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات مؤيد الجبوري. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 28 يونيو 2018

من تجربتي ألعسكرية ( مع شرطي ألمرور ) .......بقلم اللواء الركن مؤيد الجبوري




من تجربتي ألعسكرية ( مع شرطي ألمرور ) 



كثيرة هي ألحوادث ألتي تمر علينا في حياتنا أليومية ألتي نتعامل بها مع تفاصيل مفردات ألحياة تفصيليا ً ، و ألقليل منها ألتي تبقى في ألذاكرة ليطرب بها ألخيال و تناجي ألبال بين ألحين و ألاخر لنتذكرها كدروس و عبر ، و حتى أحيانا ً إن لم تكن غالبا ً نستخدمها للطرفة و ألتندر .

أليوم سأتكلم عن حادثتين بفارق زمني يفصل بينهما بحدود ألـ 10 سنوات ، و لكنهما حدثتا مع بطل ألشارع شرطي ألمرور، ذلك ألفرد ألمطلوب منه تطبيق ألقانون على كل راكبي وسائط ألنقل وعلى ألسائرين من مستخدمي ألطرق و حتى ألأرصفة ، طبعا هنالك حوادث كثيرة ، و لكن هاتين ألحادثتين لا تزالان معشعشتان في ذاكرتي و وددت إطلاقهما إلى ألهواء ألطلق بينكم قرائي ألكرام .

ألحادثة ألأولى حدثت تقريبا ً في ألعام 1987 و سمعتها من بطلها شخصيا ً ، و أنا أثق في كلامه و في صحة روايته ، ألتي لديه من على شاكلتها ألشيئ ألكثير ألكثيرألذي لا مجال لذكره . أما ألحادثة ألثانية ، فكانت معي و حدثت في ألعام 1996 أو فيما بعده و لكنها حدثت تحديدا ً في مدينة ألأعظمية مع أحد طلابي في كلية ألأركان عام 1986 عندما كنت أستاذه في ألكلية في حينه و كانت رتبتي عقيد ركن و هو برتبة رائد ، و سأتناول ألحادثة ألثانية قبل ألحادثة ألأولى للقفز على ألزمن تارة و لتبيان مقصدي على مجريات ألحادثة ألأولى ألتي آثرت ألتطرق إليها في نهاية هذا ألمقال لكي تبقى عالقة في ألأذهان و يستشعر بها ألغالبية ألذين قد يكون من بينهم من مرت به مثل هذه ألحادثة أو ما شابهها بشكل أو بآخر .

في أحد أيام صيف بغداد ألقائض كنت متواجدا ً في مدينة ألأعظمية ، و قضيت فترة لما بعد ألظهيرة في مكتب أحد أصدقائي ألكرام على مائدة غداء عامرة تدلل على إحترامه لي و حسن ضيافته ، فيها كل ما لذ وطاب تجاذبنا فيها أحاديث ألسمر و ذكريات طفولتنا ألتي جمعتنا معا ً حقبة ألسبعينيات كأبناء لمنطقة ألفضل إحدى أقدم و أعرق حواري بغداد ألقديمة ألتي كانت تتصف خلال ألعهد ألملكي و لما بعده بإلمد ألشعبي ألعروبي ألقومي و لتتواصل في ذلك ألمد مع محلة ألباب ألشيخ و مدينة ألأعظمية و منطقة ألكرخ و سوق حماده لتصبح ضفتي نهر دجلة بكرخها و رصافتها مثل ألقلب ألنابض ألذي شطره إلى نصفين نهر دجلة ألخالد ، كما شطر مبضع ألفنان إسماعيل فتاح ألترك مصمم ألقبة ألعباسية لنصب ألشهيد ألعراقي ألتي تمثل قلب ألشهيد ليرتقي من وسطها ألعلم ألعراقي إلى ألأعلى تجسيدا لإرتقاء روح ألشهيد إلى بارئها ألأعلى ، و سأحدثكم عن مضيفي هذا في نهاية ألمقال قصة حقيقية في ذات منوال ألحادثة ألأولى و تذكروا أن إسمه سمير.

خرجت من مكتب صديقي بعد ألعصر بقليل لألتقي مع بعض من أصدقائي و نحن نسير بخطى وئيدة في ألجانب ألثاني من رصيف شارع ألإمام ألأعظم ألممتد من ضريح ألإمام أبا حنيفة ألنعمان بإتجاه محطة ألبنزين وصولا إلى كازينو ألنعمان ( ألتي أعتبرت من ألأماكن ألتراثية لحزب ألبعث ألعربي ألإشتراكي لإرتيادها من قبل مناضلي ألحزب خلال فترة ألعمل ألسري قبيل ثورتي 8 شباط 1963 و 17 / 30 تموز 1968 ، و أعتقد قد تم كذلك إعتبار مقهى ألجرداغ في ألسفينة أيضا ً من ألأماكن ألتراثية للحزب لنفس ألأسباب ) لأن هذا ألجانب من ألرصيف يكون في هذه ألفترة من أليوم يتمتع بإلظل وألبرودة ألنسبية على عكس ألجانب ألمقابل له ألممتد من رأس ألحواش إلى مجمع ألسوق ألعباسي ألذي تضرب به ألشمس من بعد ألظهر حتى لما بعد ألغروب . لقد قيض ألله أن يكون شطري ألشارع هكذا و لكن ألجانب ألمشمس من رصيف شارع ألإمام ألأعظم هو عصب ألحركة ألتجارية في منطقة ألأعظمية و يرتاده غالبية ألمتسوقين و ألمتسكعين في آن واحد.

وتتصف محلاته ألتجارية بإرتفاع اسعار إيجاراتها تبعا لذلك ، و حتى نحن لا نجد باعة متجولون يفترشون ألرصيف إلا في ألجزء ألمشمس من ألرصيف ألذين يشرعون في نصب بضاعتهم و عرضها على ألرصيف بعد أن تنكسر عين ألشمس كما يقولون ، و هذا هو حال كل ألشوارع ألتجارية في بغدادنا ألحبيبة إذ تلعب شمسنا ألحارقة في إرتفاع أسعار ألمحلات ألتجارية في ألجزء ألمضاء لما بعد غروب ألشمس ، هي حكمة الله في ذلك و هو مقدر ألأرزاق .

أه لقد أرجعتني هذه ألمقالة إلى ألزمن ألجميل و أيام ألصبا و ألشباب ، و تذكرت كم كنت من ألمتسكعين في هذا الشارع مع بعض من زملائي ألطلاب عندما كنت أتنقل من بيتنا في ساحة ألشيوخ شارع عمر بن عبد ألعزيز ( كان يسكن في مقابل بيتنا ألفنان ألمخرج ناجي ألراوي أبو خالد ) مرورا ببيت ألسيد محمد عارف ألجميلي والد ألرئيسين عبد ألسلام محمد عارف و عبد ألرحمن محمد عارف ، مرورا ً بحديقة ألرحبي في شارع 20 وعند ركن مكوي ألعروبة و كازينو ألعروبة ( ألتي أعتبرت هي ألإخرى من ألأماكن ألتراثية لحزب ألبعث ألعربي ألإشتراكي ، ولفترة ليست ببعيدة بعد إحتلال ألعراق في ألعام 2003 من قبل ألغزاة ألأمريكان كان يديرها ألرفيق ألمناضل أللواء محمد فهد أطال ألله بعمر حبيبي ورفيقي أبو عفره ) ننعطف بإتجاه شارع ألإمام ألأعظم عند تقاطع ألإشارة ألضوئية قرب ستوديو حنان ألذي يقابله في ألجانب ألاخر معرض أحذية باتا سابقا ًو قصته ألشهيرة مع حذاء ألمصارع فريري في حقبة ظهور ألمصارع ألمعظماوي عدنان ألقيسي و بهلوانيات ألأستاذ مؤيد ألبدري ألمعلق ألرياضي ألعراقي ألشهير أبا زيدون ، ثم ندلف في شارع ألمقبرة ألملكية لكي نصل إلى محطتنا ألأخيرة إعداديتي ألحبيبة إعدادية ألرصافي للفرع ألأدبي ( تخرجت منها في ألعام ألدراسي 70 / 71 ) ألتي كانت مزدوجة في بناية إعدادية ألأعظمية ألمخصصة للفرع ألعلمي ، و إن أنسى فلن أنسى عمو قدوري أبو عربانة ألبيض و ألعمبه و ألصمون ألحار و الببسي كولا ألمجرش و كذلك فلافل وووشطة أبو فضيل ألفلسطيني ألتي كانت تسد ألرمق و تعوض عن أفخر وجبة غداء كانت تعدها لي أمي رحمها الله ، فمثلما في بغداد هنالك ألكرخ و ألرصافة فشارع ألمقبرة ألملكية يهيمن عليه في رصافته من جهة نادي ألأعظمية محل ابو فضيل ، و يهيمن عليه في ذات ألوقت في جهة كرخه عمي قدوري من جهة معهد إعداد ألمعلمين ، و لو تقربنا قليلا بإتجاه بناية مديرية شرطة ألأعظمية ستعترضنا بناية فارهة و كبيرة قد تحولت إلى مدرسة هي بإلأصل كانت بيت ألرئيس ألعراقي عبد ألسلام محمد عارف قبل ألعام 1968
. !!!
سيكون ألفائز ألأكبر من يستطيع أن يزور ألرصافة و ألكرخ في يوم واحد عندما يساعده مصروف ألجيب أليومي الذي كان آبائنا رحمهم الله يتكفلون عناء ذلك ، و إلا فزيارة يومية واحدة للمفاضلة بين رصافة أبو فضيل أو كرخ عمو قدوري . أما عند ألهروب من ألدوام ألدراسي فمحطتنا ألأخيره هي ألتجمع قرب محطة ألبنزين للخيار بين صالة سينما ألأعظمية أو كازينو ألنعمان عندما يكون مصروف الجيب يعني على قدر الحال ( و لسنا أول و آخر ألمتسكعون يا ولدي).

بعد أن وصلت مع أصحابي إلى بناية معرض أحذية باتا ألقديم و ألذي بقى على حاله كمعرض لبيع ألأحذية و لكن تحت مسمى آخر لا أتذكره ، وصفت لهم أن هذا ألشلرع هو ليس فقط شارع تجاري بل هو شارع قد شهد ألعديد من ألأحداث من بينها إنتفاضة ألطلبة في بداية ألعام 1961 عندما أقدمت حكومة ألزعيم عبد ألكريم قاسم على رفع أسعار ألبنزين ، و كيف كنا نحن ألصبية نقف على جانبي ألشوارع ألرئيسية و نقوم برشق سيارات باصات مصلحة نقل ألركاب بإلحجارة و ألحصى لتكسير زجاجها ، وكيف حدث إضراب ألطلاب ألذي سمي بإضراب ألبنزين و قد أستشهد إثنان من طلبة أعداديتي في حينه و هم ألأخوين مؤيد و عبد ألقادر ، و ثم ما حدث خلال زيارة ألرئيس ألليبي معمر ألقذافي للأعظمية في صيف ألعام 1970 حيث تكالبت عليه ألجماهير في ساحة عنتر و رفعوه على أكتافهم حتى ضريح ألإمام أبا حنيفة ، و ثم حادثة إعدام أولاد ألصفره خلال ألعام 1971 بعد تعيين ألرفيق ألمناضل صالح مهدي عماش سفيرا للعراق في ألإتحاد ألسوفياتي ألذين كانت تربطهم صلة قرابة به ، و غيرها من ألحوادث ألتي مرت على منطقة ألأعظمية ، و ذكرت لهم كيف كنا ننتظر يوميا ً عرض ألأزياء ألذي يقدمه شخص عرف بإسم حسون ألأمريكي ( أعتقده كان مستوي ) إذ كان يلبس ألملابس ألغربية ألغريبة عن تقاليدنا ، و يظهر كل يوم بملابس شكل و تسريحة شعر غريبة ألأطوار ( أه يا وطني كم حسون أمريكي يوجد فيك ألآن ؟؟؟) .

إنتبهت إلى جهة ألشارع ألمقابل لأجد شرطي ألمرور كان قد إستوقف في ألجزء لما بعد ستوديو حنان سيارة سوبر موديل 85 لونها قهوائي / جوزي ، و هو يروم محاسبة سائقها بطلب إجازة ألسوق ، إلا إنه زاد إنتباهي أكثر ، أن ترجل من ألسيارة هذه تلميذي ألرائد عثمان ألذي فارقني و فارقته منذ ألعام 1988 بعد تخرجه من كلية ألأركان .

إنها 10 سنوات لم التقي بتلميذي هذا و لست اعرف غير إنه كان بديلي في منصبي ضابط ركن ألتدريب ألأقدم لقيادة ألفيلق ألرابع في ألعمارة عندما كنت برتبة عميد ركن في ألعام 1992 و على ابواب ألترقية إلى رتبة لواء ركن و هو من إستفاد من ألترقية إلى رتبة أللواء ألركن من بعدي في منصبي هذا ألذي كان يعادل منصب قائد فرقة نظريا و ليس عمليا . طبعا ً لم أستطيع ألوقوف و أنا أشاهده في هذا ألموقف و شرطي ألمرور يتشدد معه في محاسبته لأنه حاول إلتقاط أحد ألأشخاص من ألشارع ، لقد كان تلميذي أللواء ألركن يشتغل بسيارته مكرمة ألسيد رئيس ألجمهورية كسائق تكسي في أوقات ألذروة هذه مستفيدا ًمنها كمعياش له و لعائلته ( طبعا لم يكن هو ألوحيد ، فهم كثر) !!! و بدلا من أن يمتثل لطلب شرطي ألمرور بإعطائه إجازة ألسوق قام تلميذي بإعطاء هويته ألعسكرية ألتي تحمل صورته و رتبته لواء ركن لعل ذلك يشكل وقع نفسي كبير على شرطي ألمرور في حضرة سيادة ألجنرال عثمان ألخيلاني .
و عندما وجدت أن شرطي ألمرور لم يكترث لشخصتية و يصر على حجز ألسيارة و ألطلب منه إعطائه إجازة ألسوق وحتما معها سنوية ألسيارة لأخذها إلى ألحجز ، عبرت إليهما و ناديت على شرطي ألمرور من بعيد بنبرة صوت حادة و بما يشبه ألأمر ألواجب ألتنفيذ ( أبو إسماعيل أتركه ، هذا ضابط برتبة لواء ركن ) . لعلم ألقارئ ألكريم نحن في ألعراق نكني ألجندي بأبو خليل نسبة لدفاع ألجيش ألعراقي في ألعام 1948 عن مدينة ألخليل ألفلسطينية ضد ألجيش ألإسرائيلي و تبعا ً لذلك جرى تكنية ألشرطي ألعراقي بـ ابو إسماعيل . عندما شاهدني تلميذي و أنا أظهر له من بين شعاع ألشمس أللهاب ، تقدم نحوي و قام بإداء ألتحية ألعسكرية لي برشاقة منقطعة ألنظير و هو في وسط ألشارع ، و قال بخجل مؤلم أهلا سيدي .

تجمهر من حولي بقية أصحابي ، و إنتبه شرطي ألمرور إلى كوني كنت أحمل مسدسا تحت ملابسي ألمدنية ، و ثم إلى أن سيادة اللواء ألركن ألمعرف لديه ألان بهويته التي بين يديه ، يؤدي لي ألتحية في وسط ألشارع و يناديني بإلسيدي ، فبادرني شرطي ألمرورهو ألآخر بإداء ألتحية ألعسكرية لي و قال سيدي هو مخالف و تجاوز ألإشارة ألضوئية ليسبق أحد سواق ألتكسي لإلتقاط ألراكب .

فقلت لشرطي ألمرور ، ميخالف يا بطل ألذي شافه منك يسوه أبو ألحجز.
و بعدها تمتعت بأحلى تحيتين عسكريتين و أرشقهما من تلميذي و من شرطي ألمرور ألشهم الذي أظهر لي شديد ألإحترام أثناء ألتخاطب معي و في وقفته ألمنتصبة أمامي كما حرف ألألف ألممدود .

أما عن ألحادثة ألأولى فقد حدثت من حيث ألمكان إبتداءا ً في تقاطع قبة ألصخرة في شارع فلسطين في ألعاصمة بغداد أبان سنين ألحرب ألعراقية ألإيرانية و لن تتجاوز من حيث ألزمان ألعام 1987 في كلا موقعي ألحدث في شارع فلسطين و في مدرسة قتال إحدى قيادات ألفرق ألعسكرية للجيش ألعراقي ألباسل . و بطل ألحادثة على أرض ألواقع هو شخص وجد أن شرطي ألمرور قد إستوقف سيارة أحد ألضباط في تقاطع قبة ألصخرة ، وتدخل لتخليص هذا ألضابط من أن يبطش به شرطي ألمرور وفق ألقانون ألذي كان في حينه يجيز حجز ألضابط أثناء مخالفته لقواعد ألمرور ، و هذه ألحالة مشابهة بشكل تقريبي لحادثة تدخلي لتخليص تلميذي أللواء ألركن سائق ألتكسي ، مع ألفارق هو أن بطل ألقصة لديه شخصية أخرى مغايرة تماما ً لشخصيتي و إتجاهاتي ، و اعتقدكم ستتوصلون لماذا أنا قدمت ألحادثة ألثانية على ألحادثة ألأولى هذه ، فقد كان وصف ألحادثة ألثانية هو أشبة بإلمقدمة و ألتمهيد للحادثة ألأولى .

حدثني صديقي خالد ألعبيدي في إحدى ألمرات عندما كان متوجها ً من بيت أهله في شارع فلسطين بسيارته ألمارسيدس ألفارهة زيتونية أللون ، بأنه قد لا حظ على ألجانب ألثاني من ألإشارة ألضوئية قرب مطعم قبة ألصخرة أن شرطي ألمرور قد إستوقف سيارة مدنية لأحد ألضباط و هي نوع سوبر 85 مكرمة ألسيد رئيس ألجمهورية ، و أجبر شرطي ألمرور ألضابط ألذي كان بلباسه ألعسكري برتبة عميد ركن على ألنزول من سيارته لمحاسبته على تجاوزه للإشارة ألضوئية.

توقف صديقي خالد ألعبيدي أبا فراس على ألجانب ألبعيد من تقاطع قبة ألصخرة بإتجاه ساحة بيروت بقصد عدم ألإتصال ألشخصي ألمباشر مع منطقة ألحدث لغاية في نفسه ، و ترجل من سيارته ألمرسيدس ليقف منتصبا ً ومنتشيا ً ذلك ألشاب ألثلاثيني ألأسمر ألحنطاوي بنحافة جسمه ألجميل وطوله ألفارع مرتديا بدلة سفاري زيتونية أللون فقد كان كله زيتوني في زيتوني عدا لون بشرته ألسمراء ، و زاد من وقاره أنه لديه صلعة في مقدمة راسه مشابهة لصلعة ألرئيس ألمصري أنور ألسادات تدلل على ألوجاهة و أحيانا على ألثراء عند تفكير بعض ألعراقيين ، و ذو شارب ليس بكثيف و لكنه يجعل ألناظر إليه كمن تقف على رأسه الطير ( إنه ليس على غرار ألشوارب ألتي تعارف ألعراقيون على تسميتها بـ 8 شباط ، فقد كانت أقرب إليها و يمكن تسميتها بـ 6 شباط ) و فوق ذلك فقد برز من تحت بدلته ألسفاري مسدس ستيل يلمع من خلال أشعة ألشمس . ثم نادى على شرطي المرور من عبر الشارع ( ابو إسماعيل أبو إسماعيل ، أترك الضابط).

إستجاب شرطي ألمرور على ألفور إلى نداء صديقي أبو فراس ، و قام بإداء ألتحية ألعسكرية له و قال نعم إستاد ، ثم توقف شرطي ألمرور عن محاسبة ألضابط و تركه في حال سبيله ولم يكترث له مطلقا ً عندما غادر تقاطع ألإشارة ألضوئية ، و خلال ذلك إلتفت شرطي ألمرور بإتجاه ألأستاذ و قام بإداء ألتحية ألعسكرية مرة ثانية له مع إطالة رقبته و دوران جسمه مع ألتحية بإتجاه مكان وقوف ألأستاذ ( ألذي هم لمغادرة مكان ألحادث على عجل لكي لا يلتقي بإلعميد ألركن ) للتأكيد بان هذه التحية مقصود بها ألأستاذ أبو الزيتوني و ليس ألضابط ألعميد ألركن .

مرت ألأيام ولاتزال ألحرب ألعراقية ألإيرانية تدور رحاها بين ألطرفين ، و يترفع سيادة ألعميد ألركن إلى رتبة لواء ركن و يعين بمنصب قائد لإحدى ألفرق ألعسكرية ليقوم في أحد ألأيام بزيارة سجن مدرسة قتال فرقته ألذي كان يحوي على ألجنود ألهاربين من ألخدمة ألعسكرية و ألذين تم شمولهم بنظام ألسجون ألإصلاحية .

قد يتذكر ألبعض أو قد لا يتذكر ، و أكيد أن هنالك من يتذكر جيدا ً جدا ً أن ألعراق كان يقاتل ألجيش ألإيراني ألذي هو يعد خامس أقوى جيش في ألعالم ، و بنفس ألوقت فإن تعداد نفوس إيران ألذي كان 60 مليون هو يعادل 3 أضعاف تعداد نفوس ألعراق ألمقدر بـ 20 مليون و كذلك مساحة إيران أعتقدها تعادل أكثر من 4 أضعاف مساحة ألعراق ، مما ينسحب ذلك على ألفارق لصالح إيران في كل شيئ من حجم ألجيش و ألتسليح و ألقدرات و ألإمكانيات المالية و ألإقتصادية لهذا كان ألعراق بحاجة ماسة لكل شيء للوقوف بوجه ألعدوان ألإيراني ، لهذا نجد أنه فيما يخص قانون ألخدمة و ألتقاعد ألعسكري قد تم تعطيل ألعمل ببعض مواده و خصوصا فيما يتعلق بإداء ألخدمة ألإلزامية و خدمة ألإحتياط لنجد أن وحيد ألأبوين قد شمل بإلخدمة ألعسكرية و جرى ألتشديد على معاقبة ألهاربين من ألخدمة ألعسكرية الذين يتم إلقاء ألقبض عليهم بعقوبة ألإعدام ، و حتى ألجرحى و ألمعوقين يتم ألإسراع في إعادة تأهيلهم نفسيا ً و جسديا ً وعرضهم على لجنة شرحبيل ( لجنة شر ألحبل ) لتتم إعادتهم إلى ألوحدات ألمقاتلة أو تنسيبهم إلى وحدات ألخدمات ألإدارية ضمن ساحة ألعمليات .

و في هذا ألصدد تقدم ألسيد ألفريق ألأول ألطيار ألركن عدنان خير ألله وزير ألدفاع نائب ألقائد ألعام للقوات ألمسلحة ألعراقية بمقترح إنساني إلى ألسيد رئيس ألجمهورية ألمهيب ألركن صدام حسين ، و هذا ألمقترح تضمن منظور فلسفي لعلاقة ألهروب من ألخدمة ألعسكرية بإلحياة إذ كانت فكرة ألمقترح تفيد ، (( باننا عندما نعاقب ألهارب / ألغائب عن ألخدمة ألعسكرية ألتي هي واحدة من مجالات ألحياة بعقوبة ألإعدام ، فهذا يعني بأننا نعاقب ألغياب عن ألخدمة ألعسكرية بإلغياب عن ألحياة ) !!!! و ألسوآل هو هل يجوز أن نعاقب ألغياب ألوقتي بإلغياب ألنهائي ؟؟؟ ثم بإلنسبة للعسكري ألهارب ألذي تم إلقاء ألقبض عليه ففي لحظة إلقاء ألقبض علية فقد إنتهت نظريا ً و عمليا ًحالة هروبه و غيابه عن وحدته ألتي هي بأمس ألحاجة إليه ، فكيف لنا نحن ألقيادة ألعسكرية أن نقوم بإعدامه و نغيبه بذلك عن وحدته ألتي هي بأمس ألحاجة إليه أولا ً و نغيبه عن ألحياة لكون أخل في مجال واحد من مجالات ألحياة ألا و هو ألخدمة ألعسكرية ؟؟

و من هنا يقول ألسيد ألوزير أي ألجريمتين هي ألأكبر، جريمة ألغياب عن ألوحدة ألعسكرية أم جريمة ألغياب عن ألحياة و من هو ألمذنب في كلتا ألجريمتين ، و قد خلص ألمقترح إلى أن عقوبة ألإعدام هنا تعتبر هي ألجريمة ألأكبر و قد مارستها ألقيادة وفق نصوص قانون ألعقوبات ألعسكرية ، و علينا أن ننظر إلى روح ألقانون و روح ألعصر و ألحاجات ألإنسانية لأبناء ألمجتمع و نوقف ألعمل بمادة ألإعدام ألمتعلقة بإلهاربين و نتوجه بهم إلى ألسجون ألإصلاحية لتأهيلهم على أن تعطى صلاحية إطلاق سراحهم من تلك ألسجون خلال ألسنة ألأولى إلى قادة ألفيالق و خلال ألثلاث ألسنين ألأولى إلى قادة ألفرق عندما يثبت حسن سير و سلوك ألسجين بتقارير رسمية توصي بإطلاق سراحه وفق ألصلاحيات أعلاه .

لقد كان هذا أعظم إنجاز على مستوى ألجيش حققه سيدي ألفريق ألأول ألطيار ألركن عدنان خير ألله وزير ألدفاع نائب ألقائد ألعام للقوات ألمسلحة ألعراقية ، يضاف إلى مئات ألإنجازات ألتي حفل بها ألجيش في ذلك ألزمان . من ألحق أن أشير إلى أن ألذي تابع ترويج هذا ألمقترح و تطبيقه من ألناحية ألقانونية في حينه أللواء ألحقوقي راغب فخري مدير ألدائرة ألقانونية لوزارة الدفاع ، و من هنا أنيطت إلى مدارس قتال ألفرق ألعسكرية مهمة أن تعمل كسجون إصلاحية لمنتسبي ألفرقة من ألعسكريين ألهاربين لغرض إعادة تأهيلهم نفسيا ً و عقائديا ً و حتى جسديا ً ليعودوا للعمل بين أقرانهم في وحدات ألجيش العراقي ألباسل ، مع ألعرض ان مدارس قتال ألفرق ألعسكرية بإلإضافة إلى دورها ألتدريبي خلال ألسلم و ألحرب ، إلا أن من مهامها أيضا ً خلال ألحرب يمكن أن تكون كسجون و أقفاص للأسرى ألمعادين بسيطرة أدارة قيادة ألفرقه و سرية إنضباط ألفرقة .

تم ألتبليغ من قبل راس عرفاء مدرسة ألقتال إلى جميع ألسجناء بأن عليهم تهيئة ألملابس ألعسكرية ألكاملة و تطبيق جدول ألإستحمام و حلاقة ألراس و ألذقن بشكل نظامي ، إذ سيكون هنالك تجمع في ألساحة ألداخلية للمدرسة بإنتظار وصول زائر مهم للمدرسة .

في صباح يوم ألزيارة كان كردوس ألسجناء بإنتظار وصول ألزائر ألمهم ألذي وصل مع حاشية كبيرة من ضباط الركن ، و تم إستقباله من قبل آمر ألمدرسة بشكل مهيب جدا و شرع ألسيد أللواء ألركن قائد ألفرقة بتفتيش كردوس ألسجناء ألذي تشكل من 3 صفوف ، و طبعا بدأ ألسيد ألقائد بإلتفتيش من ألصف ألأمامي و هو ينظر بشكل عادي إلى وجوه ألسجناء ، كل ألأمور عادية جدا ً إلا بعد عبور ألسيد ألقائد لمنتصف ألصف ألأول بقليل ، حيث توقف عن مواصلة ألتفتيش و عاد إلى ألمنتصف ليقف وجها لوجه مع أحد ألجنود ألسجناء ليتمعن في ألنظر إلى هذا ألجندي ألأسمر ألحنطاوي بنحافة جسمه ألجميل وطوله ألفارع مرتديا ً ألبدلة ألعسكرية ألزيتوني ، طبعا ً لا يمكن للجندي أن ينظر في عين ألقائد و لكن ألقائد بقى مسمرا ً ينظر في عين و طول هذا ألأسمر بصمت مطبق كإنه صمت ألقبور.

أكمل ألسيد ألقائد مشواره في تفتيش ألصف ألأمامي و دخل يفتش ألصف ألثاني ، و عندما وصل إلى منتصف ألصف ألثاني توقف و إستدار ينظر إلى ظهر ذات ألجندي ألواقف في منتصف ألصف ألأمامي و هو يقلب فكره ذات أليمين و ذات ألشمال و لسان حاله يقول إن بيننا سابق معرفة و لكن أين و متى ؟؟ 

لم يكترث ألسيد ألقائد بعملية ألتفتيش إطلاقا فقد مر على بقية ألسجناء كمرور ألكرام و عاد إلى منتصف ألصف ألأول و أشار إلى ألجندي ألأسمر و قال لأمر ألكردوس ، أريده في غرفة ألآمر !!!
لقد كانوا فقط إثنين في ألغرفة ألسيد قائد ألفرقة و آمر مدرسة ألقتال عندما وصل ألجندي ألأسمر مع رأس عرفاء ألوحدة ألذي كان يؤنبه طول ألطريق و يتوعده بانه سوف يسلخ جلدة و يجعله خفر واجبات في ألسجن طول عمره لو تبين انه قد عمل عمله سوده مسخمه.

ألرقم 5 ......... ألجندي خالد ...... ألعبيدي سيدي !!! هكذا قدم ألجندي ألأسمر نفسه للسيد ألقائد بعد إداء ألتحية ألعسكرية ( طبعا ً قد سبقه رأس عرفاء ألوحدة في ألدخول إلى غرفة آمر ألمدرسة و إداء التحية ألعسكرية للسيد ألقائد ) . قال آمر ألمدرسه لرأس ألعرفاء ، ليبقى ألجندي و انت عليك ألإنتظار في ألخارج .

ألسيد ألقائد ينظر مرة أخرى بتمعن أكثر إلى ألجندي و يستجمع أفكاره ثم يقول للجندي ، أني أعرفك بس أين لا أتذكر ، و نحن متشاوفين سابقا ً .
ألجندي ألأسمر يرد ، ما أعرف سيدي
!!!
ألسيد ألقائد يقول ، أنا متأكد أنني أعرفك و سبق أن إلتقينا ، ليش تخاف مني و تقول ما أعرف.

ألجندي ألأسمر يقول ، ما أدري سيدي ، بس أني لم أشاهدك من قبل سيدي !!!!
ألسيد ألقائد يقول بعصبية واضحة ، أبد أبد كلامك غير صحيح ، صورتك تدور في رأسي
!!
يتدخل آمر ألمدرسة و يقول للجندي ، إبني ليش ما تتكلم ألصحيح ، يعني أكيد ألسيد ألقائد متأكد ، إنت شنو خايف من شيئ ؟؟؟

ألجندي ألأسمر ، يا سيدي أريد ألراي و ألأمان من ألسيد ألقائد ، و بعدها ساتكلم !!!
ألسيد ألقائد ، من عندي إلك ألراي و ألأمان بس إتكلم
.
ألجندي ألأسمر يرد ، سيدي أني ألذي خلصتك من شرطي ألمرور في تقاطع قبة ألصخرة في شارع فلسطين
!!!!
قفز ألقائد من كرسيه و هو يقول ، ألآن تذكرتك هو أنت صاحب ألمرسيدس ألزيتوني ، بس شلون فهمني ؟؟؟

ألجندي ألأسمر ، يا سيدي أنا قضيت أغلب سنين ألقادسية هارب من ألخدمة ألعسكرية ، و أنا أساسا ً تاجر ، لهذا إشتريت هذه ألسيارة ألمرسدس الجامبو زيتوني أللون و كنت ألبس على طول بدلة ألسفاري ألقطعتين ذات اللون ألزيتوني ـ و من ألله شكلي يساعد على ألظهور بمظهر أحد رجال ألأجهزة ألأمنية ألكبار !!!! لهذا كنت أتنقل داخل بغداد بحرية كبيرة جدا ً و كثيرا ً ما كانت دوريات ألشرطة و ألمرور يؤدون لي ألتحية و يفتحون لي ألطريق للمرور بسرعة مع إبتساماتي ألعريضة لهم ، و لم تعترضني أية مفرزة إنضباط عسكري إطلاقا ً !!! و أنت يا سيدي قد لاحظت ذلك عندما قام شرطي ألمرور بإداء ألتحية لي و تركك تذهب بسببي .

ألسيد ألقائد ، و الله أنت مصيبة ، طبعا ً لم أستطيع في ذلك أليوم أن أشكرك ، و ألان عرفت لماذا لم تقترب من ألتقاطع وثم غادرت مسرعا قبل أن أتقرب إليك لأتعرف عليك و أشكرك ، و لكن ألان أقول لك شكرا ً جزيلا ً ، ثم أردف ألقائد يقول و ألان كلمني عن وجودك في ألسجن

تكلم صديقي بكل صدق عن ظروف وجوده بإلسجن كجندي هارب من ألخدمة ألعسكرية مشمول بنظام ألسجن ألإصلاحي و إنه على وشك أن يكمل ألسنة ألأولى له في ألسجن.
هنا قفز ألسيد ألقائد من كرسية و أبلغ آمر ألمدرسة أن يرفع توصية بإلجندي ألأسمر و سيرسلها قائد ألفرقه إلى ألفيلق لكي يطلق سراحه بصلاحية قائد ألفيلق عن حسن سيره و سلوكه خلال ألسنة ألأولى من سجنه . طبعا بعد ذلك لم يستطيع راس عرفاء ألوحده ألتنفس أمام صديقي لأن فيه توصية مشددة من ألسيد ألقايد .
رحم ألله صديقي و سيدي ألسيد ألقائد أللواء ألركن مجيد ........... ززز .

و رحم ألله صديقي خالد ألعبيدي أبا فراس .

أما عن سمير ، فهذا قصته قصة مشابهة لصديقي أبا فراس في تقمص و إنتحال شخصية مغايرة تماما ً لشخصيته ، سمير هو من عمري و صديق مرحلة ألصبا ، كلانا تخرجنا من إبتدائية إبن ألمعتز للبنين ألمزدوجة مع بناية إبتدائية ألفضل للبنين ، و لكن إفترقنا في مرحلة ألمتوسطة و هكذا إبتعدنا شيئا ً فشيئا ً عن بعض ، و لكني في إحدى سنوات ألقادسية إلتقيته مرة صدفة في ألباب ألشرقي و لم يستطيع ألهروب مني لأنني قطعت عليه ألطريق و وقفت أمامه وجها ً لوجه !!!

لقد وجدت أمامي شخصا ً يرتدي ألملابس ألكاملة للقس و بيدة نسخة من ألإنجيل !!!! و سمير يتمتع ايضا ً بنحافة جميلة وطولا ً فارعا ً ، مع وجه طويل نسبيا ً ولون شعر راسه أشقر و شواربه و حتى حواجه كذلك

ما هذا يا سمير هل تخبلت و أصبحت مجنون ، لماذا ترتدي ملابس ألقس ؟؟؟؟
يقول سمير إنه لم يجد أمامه من طريقة للهروب من ألخدمة ألعسكرية و ممارسة حياته اليومية غير أن يرتدي ملابس ألقس هذه ألتي جعلته يصول و يجول في بغداد دون أن يعترضه أي عنصر من عناصر ألإنضباط ألعسكري !!!
مع تحياتي للجميع

أخوكم
أللواء ألركن
مؤيد ألجبوري
28
حزيران 2018


الأحد، 24 يونيو 2018

من تجربتي ألعسكرية خيانة ألقيادة ألسوفياتية للقيادة ألسياسية ألعراقية......بقلم اللواء الركن مؤيد الجبوري





من تجربتي ألعسكرية
خيانة ألقيادة ألسوفياتية للقيادة ألسياسية ألعراقية


بقلم : اللواء الركن مؤيد الجبوري


سأتكلم عن واقعة حدثت تحديدا ً في 6 / 1 / 1981 أثناء معركة ألخفاجية ضد ألقوات ألإيرانية أبان ألحرب ألعراقية ألإيرانية ، و هذه ألواقعة تكشف خيانة ألقيادة ألسوفيتية للقيادة ألعراقية ، و كما سيرد بإلإضافة فإن شهود هذه ألحادثة لا يزال 3 منهم أحياء يرزقون سأورد أسماؤهم و رتبهم آنذاك خلال سرد ألواقعة ، و أعتذر عن ألإسهاب و ألإطالة فهو زمن ألبطولة ألذي لا يمكن إختزاله ببضع كلمات و جمل مقتضبة ، و تحملوني لطفا منكم .

غالبية رجال ألعراق في ألحقبة ألتي سبقت عام إحتلال العراق عام ألفيل ألأسود عام 2003 هم جزء أساسي من ألجيش ألعراقي و مؤسساته ألإستخبارية و ألأمنية و كذلك نواة لتشكيلات ألجيش ألشعبي وألتي تعرف بمجموعها بإلقوات ألمسلحة ألعراقية .

على وفق هذا ألمنظور ، فإن غالبية ألعراقيين كانوا بين ضابط أو ضابط صف و جندي أو موظف في تشكيلات و قيادات ألقوات ألمسلحة ألعراقية ألمختلفة ، و ألجميع كان على علم تام أن تسليح ألقوات ألمسلحة ألعراقية كان يعتمد بإلدرجة ألأساس على ألإتحاد ألسوفياتي لأنهم كانوا يستخدمون و يتدربون على ألأسلحة و ألمنظومات الروسية ، إلا بعض ألإستثناءآت في ألقوة ألجوية حيث كانت لدينا بإلإضافة للطائرات ألمقاتلة و ألسمتيه ألروسية بعض ألطائرات ألمقاتلة نوع ميراج ألفرنسية ، وفي ألقوات ألبحرية حيث كانت لدينا كذلك بعض ألقطع ألبحرية ألفرنسية و ألإيطالية . و أذكر بإن ألقيادة ألعراقية قد أبرمت مع إيطاليا عقدا لبعض ألقطع ألبحرية ( أعتقد في ألعام 1983 ) و ذهبت ألطواقم ألعراقية للتدريب على هذه ألقطع في إيطاليا ، و في مرحلة ألتسليم شرعت ألقطع ألمتفق عليها بإلحركة من ألمواني ألإيطالية بإتجاه قاعدة أم قصر ألبحرية ألعراقية ، فتم تفجير كل ألقطع و هي في عرض البحر من قبل الموساد ألإسرائيلي بإلتواطئ مع ألجانب ألإيطالي ( ليصحح لي هذه المعلومة زملائي ضباط القوة ألبحرية ) .
نرجع إلى موضوعنا و هو خيانة ألإتحاد ألسوفياتي للقيادة ألعراقية ، و لأنني ضابط مشاة و قد تم تنسيبي للعمل في أفواج ألمشاة ألآلي ( ألتي تسمى أحيانا بإلأفواج ألميكانيكية ) ضمن ألألوية ألمدرعة و ألآلية ، فقد تم تنسيبي بعد تخرجي من ألكلية ألعسكرية في 6 / 1 / 1974 بمنصب آمر فصيل مشاة آلي في فوج ألمشاة ألآلي ألثالث أللواء ألمدرع إبن ألوليد ( أللواء ألمدرع 12 في تكريت ) ، إلتحقت إلى ألفوج أعلاه و قد كان لتوه عائدا ً من سوريا بعد أن شاركت غالبية قوات ألجيش ألعراقي في ألدفاع عن سوريا و عن سقوط دمشق في قبضة ألجيش ألإسرائيلي أبان حرب تشرين عام 1973 . و قد لاحظ ألضباط ألعراقيون خلال مشاركتهم في حرب تشرين أن لدى وحدات ألمشاة ألآلي ألسورية ناقلات أشخاص مدرعة روسية متطورة ( تسمى بـ عجلة ألقتال ألمدرعة بي إم بي ألعلامة 1) ، و هي عجلة قتال مسرفة يمكنها حمل حضيرة مشاة من 10 أشخاص حيث يمكنهم ألقتال من داخل ألعجلة عبر مزاغل ألرمي ألموجودة على جانبي ألمدرعة ، بإلأضافة لوجود برج دوار كبرج ألدبابة يحوي على حاملة قذائف تسع لـ 40 قذيفة مدفع ضد ألدروع و ضد ألأشخاص عيار73 ملمتر مع تجهيزها باربعة صواريخ مسيرة نوع مالوتكا ضد ألدروع و رشاشة متوسطة نوع بكته عيار 62 ، 7 ملم ، فقد كانت ألناقلة ألمثالية آنذاك و لم تزال حتى وقتنا ألحاضر بعد أن تم إنتاج ألعلامة 2 في حينه و ثم ألعلامة 3 بعد ذلك . في حين أن وحدات ألمشاة ألآلية ألعراقية لم تكن مجهزة بغير ناقلات للأشخاص مدرعة تحمل ليس أكثر من رشاشة متوسطة أو في أحسن ألأحوال رشاشة ثقيلة كما في ألمدرعة بي تي آر 60 !!!
ألمهم في ألأمر ، قامت ألقيادة ألعراقية بإلدخول في مفاوضات في بداية العام 1974 ( اعقاب حرب تشرين مباشرة ) مع ألقيادة ألسوفياتية للحصول على هذه ألعجلات ألمدرعة ، و تم ذلك في منتصف ألعام 1977 ( و شمل عقد ألتجهيز فقط ألفرقة ألمدرعة ألعاشرة بالويتها ألمدرعة 17 و 42 و أللواء ألآلي 24 ألذي كنت أشغل فيه آنذاك منصب آمر ألسرية ألأولى ألفوج ألأول ، و أللواء ألمدرع ألعاشر ) . و تم تقسيم جميع ضباط أفواج ألمشاة ألآلي في ألوية ألفرقة ألمدرعة ألعاشرة و أللواء ألمدرع ألعاشر إلى وجبتين لأغراض ألتدريب على هذه ألناقلات ألجديدة في دورة تدريبية أمدها 3 أشهر في معهد ألدروع في تكريت و في مقر ألفوج ألثاني أللواء ألمدرع ألعاشر في معسكر ألرشيد / بغداد ( ألذي أصبحت بعد سنين قليلة آمرا لهذا ألفوج البطل ) ، للتدريب على ألسياقة و ألإدامة و ألرمي ، و قد كان من حسن حظي أنني إشتركت بوجبة ألدورة في اللواء ألمدرع العاشر حيث تمت مفاضلتي عن زميلي ألملازم ألأول عبد ألإله كشكول ( رحمه ألله ) إذ كنا كلانا من سكنة بغداد ولأنني كنت متزوج حديثا ً ذهب رحمه ألله إلى ألتدريب في معهد الدروع بدلا ً مني .

أكملت ألدورة ألتدريبية على هذه ألناقلة ، و تفوقت حتى على ضباط أللواء ألمدرع ألعاشر ألمشاركين معي في نفس ألدورة ، لأجد بعد شهر من عودتي من الدوره أن يصدر أمر نقلي قبل إنتهاء ألعام 1977 من وحدتي في أللواء ألآلي 24 إلى مقر أللواء ألمدرع ألعاشر . و في هذا ألصدد أتذكر أنني كنت بعد ذلك ألتأريخ مشترك في دورة للأسلحة في مدرسة ألمشاة في ألموصل في نهاية ألعام 1977 و قد كانت رتبتي آنذاك ملازم أول ، و قد كانت لدينا محاضرة عن تمييز عجلات ألقتال ألمدرعه ، فقمت بخباثة ألطالب لإحراج معلمه ، و سألت ألنقيب محمد فرج آمر جناح ألأسلحة في مدرسة ألمشاة ، بأننا لدينا ألان عجلة ألقتال ألمدرعة بي إم بي ألعلامة 1 فما هي مواصفات عجلة ألقتال ألمدرعة بي إم بي ألعلامة 2 يا سيدي ؟؟؟ بقي سيدي ألنقيب محمد فرج يلف و يدور و يسهب في شرح مواصفات عجلة ألقتال ألمدرعة بي إم بي ألعلامة 1 ، ثم ختم حديثه بأن قال ، إذا كانت عجلة ألقتال ألمدرعة بي إم بي ألعلامة 1 هذه هي مواصفاتها ، فإن عجلة ألقتال ألمدرعة بي إم بي ألعلامة 2 ( بهه بهه / يعني عندكم ألحساب ) !!! و ألله ألعظيم كنا عايشين في بعض ألمفاصل على ألبركة ههههههههههههه بهه بهه جواب شافي جدا ً و إنتهت ألمحاضرة بإلقهقه و ألضحك على بهه بهه ، لنذهب إلى مطعم ألضباط ألطلاب لتناول طعام ألفطور ألصباحي ألمحبوب في كل يوم خميس معكرونية و بصل أخضر و شيء من ألخضروات مع صمونه واحدة ، ثم نقفز بعدها إلى كراج ألسيارات للذهاب في عطلة ألخميس و ألجمعه إلى بغداد .

عندما شروع ألقوات ألعراقية بإلتحشد على ألحدود العراقية ألإيرانية بعد ألعدوان ألإيراني على ألحدود ألعراقية في 4 / 9 / 1980 ، تم نقلي من مقر أللواء ألمدرع ألعاشر إلى منصب آمر السرية ألآولى للفوج ألثاني ألآلي أللواء ألمدرع ألعاشر ( و قد كانت سريتي آنذاك مسؤولة عن حماية منشأة ألطاقة ألنووية في ألزعفرانية ) ، تلك ألسرية ألتي تشرفت بقيادة رجالها في أغلب معارك أللواء ألمدرع ألعاشر و ثم تشرفت بأن أصبحت بمنصب وكيل آمر ألفوج لأكثر من 6 أشهر قبل إلتحاقي إلى كلية ألأركان في حزيران عام 1982
.
قبل نهاية ألعام 1980 عاد لوائنا ألمدرع ألعاشر ( عدا كتيبة دبابات 14 رمضان ألتي قد بقيت في معسكر أبي غريب لتؤمن حماية بغداد ) من صولة ألإندفاع في ألعمق ألإيراني يوم 22 / 9 / 1980 إلى قاطع ألعمارة ليتحشد بكامل وحداته في جم صريم في منطقة ألطيب ( عدا كتيبة دبابات ألوحدة فقد كانت في مفرق ألشيب و كانت سريتي ألأولى متجحفلة مع ألكتيبة ) ، و قد كانت خطة ألقيادة ألعراقية هي ألإندفاع بإللواء ألمدرع ألعاشر من منطقة جم صريم بإتجاه ألعمق ألإيراني لإحتلال منطقة سد كنجان و ثم فتح ألمياه لإغمار و إغراق ألقطعات ألإيرانية ألمتواجدة جنوب و جنوب غرب ألسد وصولا إلى قاطع شرق ألبصرة . لقد كانت خطة طموحة جدا ً ، و فيها مخاطرة كبيرة ، و لكنا نحن رجال أللواء ألمدرع ألعاشر كمقاتلي ألكاميكاز اليابانيين مستعدين للتضحية بأنفسنا من أجل ألوطن و إعلاء كلمة قيادتنا ألسياسية ألمحترمة ألتي كنا نرتبط بها مباشرة كإحتياط عام للقيادة ألعامة للقوات ألمسلحة عبر ألسيد الفريق ألأول ألطيار ألركن عدنان خيراالله وزير ألدفاع و نائب ألقائد ألعام للقوات المسلحة العراقية

شرعت وحدات أللواء بإلتدريب على عملية ألإندفاع بإتجاه سد كنجان ، إلا إننا نحن آمري سرايا ألفوج ألآلي كانت لدينا مشكلة تتمثل في أن عجلة ألقتال ألمدرعة بي إم بي العلامة 1 ( التي ذكرت مواصفاته آنفا ً ) فيها مرقب ألرامي يحوي فقط مدرج لرمي ألقذائف عيار 73 ضد ألدروع ، اما ألقذائف عيار 73 ملم ضد ألأشخاص ألتي يصل مداها إلى مسافة 1200 مترفيتم رميها بشكل عشوائي بإلإعتماد على رفع ألمدفع إلى ألأعلى كليا لنحصل على زاوية 45 درجة و بذلك نحصل على أقصى مدى للرمي ، ثم نقوم بخفض ألمدفع لزوايا أقل من 45 درجة لنحصل على مديات أقل من 1200 ( إنها طريقة صعبة و مربكة للرامي خلال ألمعركة / إلا أن ذلك كان واحداً من مؤشرات ألنذالة لدى ألقيادة ألسوفياتية )
 
تدخلت مديرية ألدروع في رئاسة أركان ألجيش ألعراقي لحل معضلة ألرمي ألعشوائي لقذائف عيار 73 ملم ضد ألأشخاص ، بأن أرسلت إلى فوجنا في منطقة جم صريم فريق عمل من ألخبراء ألسوفييت مع عناصر من مديرية ألهندسة ألآلية ألكهربائية بإمرة ألرائد ألركن سعد إسماعيل شهد لغرض نصب ما يسمى بمزواة ألميدان ( تشبه ألقبان في عملها ) على بدن مدفع ألناقلة من ألداخل ، و عبر ألتدرجات ألموجودة على مزواة الميدان سيمكننا ألرمي بشكل أدق أكثر إلى أي مدى ضمن ألـ 1200 متر ، و شرع ألخبراء ألسوفييت في نصب مزواة ألميدان على كل ألعجلات ألمدرعة مع إجراء تجارب الرمي لجميع العجلات بإلعتاد ألحقيقي لتدقيق صحة موضع نصب ألمزواة على بدن ألمدفع .
في هذه ألأثناء قامت ألقوات ألإيرانية ألمعادية بإلهجوم ليلة 4 / 5 كانون ألثاني 1981 على قاطع مدينة ألخفاجية ألذي تشغله ألفرقة ألتاسعة ألآلية ( ألتي كانت حديثة ألتشكيل ) و نجحت في إحتلال مدينة ألخفاجية و عبرت نهر ألكرخة ألعمية بإتجاه ألغرب .

بتقديري هو أن ألقيادة ألإيرانية قد وصلتها مؤشرات ( بطريق أو بآخر ، و سيكشفها الزمن لاحقا ً) حول نية ألقيادة ألعراقية ألإندفاع من قاطع العمارة إلى سد كنجان ، لهذا قامت بهذه ألمناورة ألسوقية بإلهجوم على أضعف نقطة في قاطع ألبصرة ، وهي مواضع ألفرقة ألالية ألتاسعه بأقوى قواتها ألمدرعة و هي ألفرقة ألمدرعة 92 ألمسماة بإلفرقة ألذهبية ، بقصد إرباك خطط ألقيادة ألعراقية ألمقبلة و نصب ألمصيدة لإحتياط ألقيادة ألعامة ألعراقية ألمتمثل بإللواء ألمدرع ألعاشر ألذي من ألمؤكد سيندفع لنجدة ألفرقة ألآلية ألتاسعة خلال 72 ساعه أي ليس قبل يوم 7 كانون ألثاني و بذلك لن تستطيع ألدبابات و ألمدرعات و حتى السيارات من ألحركة بسبب كون ألأرض أصبحت طينية و موحلة ، لأن ألأمطار ستنهمر ليلة 6 / 7 كانون الثاني و لمدة ثلاثة أيام ، مما يجبر ذلك عدم شن أي هجوم مقابل من قبل ألقوات ألعراقية ألمدرعة إلا بعد يوم 11 كانون ألثاني

و عنده تكون فيها ألقوات ألإيرانية ألمهاجمة قد تمكنت أساسا ًمن إستثمار ألفوز يوم 5 كانون ألثاني ، و ثم ترصين مواضعها بإلإنتقال إلى صفحة ألدفاع في يوم 6 كانون ألثاني و ألذي ستعلن فيه كسر شوكة ألقوات ألعراقية في قاطع ألبصره في عيد الجيش العراقي في مقتبل ألعام ألأول للحرب عام 1981 مما سيسبب إنتكاسة نفسية لدى كل ألقوات العراقية ألمتواجدة على خط ألجبهة في مواجة ألقوات ألإيرانية و للشعب ألعراقي و للقيادة ألسياسية ألعراقية ( و لكن على نفسها جنت براقش )

لقد كانت خطة مناورة سوقية رائعة من قبل ألقيادة ألإيرانية وفق ألمقاييس ألعسكرية ، و قد شرعت ألقيادة ألإيرانية بمساعدة خبراء ألأرصاد ألجويه بألتخطيط لهذه ألمعركة بإلإستفادة من ظروف ألطقس ألسائد بإلأمطار خلال ألأيام 7 – 10 كانون ألثاني لما بعد أحتلالها لمدينة ألخفاجية في يوم 5 كانون ألثاني لتحييد حركة ألقطعات العراقية ألمدرعة و ألآلية ، و شل حركتها كليا لشن ألهجوم ألمقابل ألمدرع لإستعادة مدينة ألخفاجية ، بإلإضافة إلى تحييد عمل ألمدفعية و ألقوة ألصاروخية و ألقوة ألجوية بسبب غزارة هطول ألأمطار ، لقد كان ذلك هو أول ظهور لما يسمى بحرب ألأرصاد أو ألحرب البيئية خلال ألحرب ألعراقية ألإيرانية .

بإلقدر ألذي كانت فيه خطة مناورة ألقيادة ألإيرانية رائعة ، فقد كانت خطة ألقيادة ألسياسية ألعراقية و حنكتها هي ألأروع في تحليل ألظروف ألمحيطة بإلمعركة و فهم تفكير ألقيادة ألإيرانية و تحديد ألهدف ألسوقي ألخطير ألتي كانت تستهدفه في ألهجوم على قاطع ألخفاجية و ألذي لم يكن هدف تعبوي أو هدف عملياتي ، بل كان هدف نفسي يهدف إلى تدمير نفسية ألمقاتل وألشعب ألعراقي في آن واحد من خلال ألإعلان عن إستعادة ألقوات ألإيرانية لمدينة ألخفاجية في يوم عيد ألجيش العراقي ( 6 كانون ألثاني ) و بنفس ألوقت يعقب ذلك ألإعلان عن تدمير كامل وحدات أللواء ألمدرع ألعاشر في مصيدة الدبابات التي أعدت كأرض قتل لوحدات أللواء ألتي ستندفع يوم 7 كانون ألثاني في ألأراضي ألمفتوحة غرب نهر ألكرخة ألعمية بعد ان تصبح موحلة و لا تساعد على حركة الدروع و ألآليات لتصبح في منطقة قتل لصيد ألسمتيات و الطائرات ألإيرانية مع إشراقة يوم 11 كانون ألثاني و لقمة سائغة للمدفعية ألإيرانية 157 ملم ذاتية ألحركة ألأمريكية ألصنع ألتي ستلتقط ألدبابة تلو ألأخرى بعد أن تغرز و تطمس في ألطين و ألأوحال !!!
لهذا كان قرار ألقيادة ألسياسية ألعراقية صباح يوم 5 كانون ألثاني 1981 هو ان تقوم قطعات ألفيلق الثالث بمعالجة الخرق و مسك خط صد في قاطع ألخفاجية و عدم السماح بتطوير ألخرق من قبل القوات ألإيرانية المهاجمة بإتجاه مخفر ألإسيود . و بعد ظهر نفس أليوم صدرت ألأوامر إلى لوائنا أللواء ألمدرع ألعاشر بإلحركة على وجه ألسرعة من قاطع ألعمارة إلى قاطع ألبصرة و شن ألهجوم ألمدرع ألمقابل على مواضع ألفرقة ألمدرعة 92 في الخفاجية يوم 6 كانون ألثاني حتما ً ، و لأن أللواء تنقصه كتيبة دبابات 14 رمضان ألمتروكة لحماية بغداد ، طالب ألسيد آمر أللواء ألعقيد ألركن محمود شكر شاهين بإستدعاء كتيبة 14 رمضان من بغداد على أن تكون بإحتياط أللواء خلال تشكيل ألهجوم ألمقابل ، و وضعت كتيبة دبابات ألقادسية من أللواء ألمدرع 12 بأمرة اللواء لأغراض ألهجوم .

تشكلت قوة ألهجوم ألمدرع ألمقابل ألتي يقودها مقر أللواء ألمدرع ألعاشر من جحفل معركة درع سائد ( سريتين دبابات زائد سرية مشاة آلي ) من كتيبة دبابات ألوحدة ألتي كان آمرها ألرائد ألركن سعدون رسن شلش و كانت سريتي ألمشاة ألآلية ألأولى متجحفلة معه ، و جحفل معركة مشاة سائد ( سريتين مشاة ألية زائد سرية دبابات يقوده آمر ألفوج ألآلي ألرائد ألركن ثامر سلطان أحمد ، و كتيبة دبابات ألمنصور ألتي كان يقودها ألرائد ألركن محمد ياسين رمضان ، وكتيبة دبابات ألقادسية ( لا أتذكر إسم آمرها في حينه ) و أخيرا كتيبة دبابات 14 رمضان ألتي شرعت في ألحركة من بغداد صباح يوم 6 كانون ألثاني و وصلت إلى مواضعها كإحتياط لقوة ألهجوم بإلساعة ألرابعة عصر نفس أليوم ( ألساعة 1600 ) و إلتحق آمرها ألرائد ألركن صابر عبد ألعزيز حسين بمقر أللواء الجوال بصفته آمر قوة ألإحتياط ليكون جاهزا ً لتسلم ألأوامر ألشفوية مباشرة من قبل آمر اللواء في حالة ألحاجة لزج الكتيبة في أي إتجاه تتطلبه ظروف ألمعركة.


أرجع إلى ألخبراء ألسوفييت ألذين كانوا معنا في منطقة جم صريم أثناء شروعنا بإلحركة من قاطع ألعمارة إلى قاطع ألبصرة لشن ألهجوم ألمقابل ، لقد بقي ألخبراء ألسوفييت معنا و نحن نتنقل بإتجاه قاطع ألبصرة ليلة 5 / 6 كانون ألثاني 1981 حيث كان التنقل تنقصه قابلية ألحمل ألسوقية لناقلات ألدبابات و ألناقلات ، لهذا كانت قسم من ألدبابات و النقلات المدرعة تتنقل من قاطع العمارة إلى قاطع البصرة على السرفة ، و ثم تتبادل على ألطريق مع دبابات و ناقلات آخرى يجري تنزيلها من على ناقلات ألدبابات ليتم تحميل تلك التي كانت تتنقل على السرفة ، و هكذا وصلنا إلى منطقة تحشد أللواء في مخفر ألإسيود ( إنه نفس إسلوب ألحركة ألسوقية ألذي إتبعته القوات العراقية المدرعة و ألآلية عندما إندفعت في حرب تشرين ألعام 1973 لنجدة دمشق من ألسقوط بيد جيش ألإحتلال ألإسرائيلي الصهيوني ) .

و في منطقة مخفر ألإسيود ألتي وصلناها بإلساعة ألواحدة من صباح يوم 6 كانون ألثاني ألتي تلقينا فيها أوامر ألهجوم وألتي كانت هي منطقة تحشد أللواء لغرض ألإنفتاح و ألشروع بمسير ألإقتراب بإتجاه المواضع ألإيرانية في قاطع ألخفاجية و نهر ألكرخة ألعمية في ألمنطقة ألمحصورة بين قرية أحمد عباد و قرية الحويزة ، تم ترك ألخبراء ألسوفييت في مخفر ألإسيود ألذي أصبح بمثابة ألمنطقة ألإدارية لوحدات اللواء بعد أن غادرته قوات ألهجوم ألمدرع بإلساعة ألسادسة من صباح يوم 6 كانون ألثاني في مسير إقتراب لمدة 10 ساعات و بزاوية مقدارها 270 درجة على أجهزة ألجايروسكوب ( لقد أخذ منا مسير ألإقتراب مدة 10 ساعات من ألساعة ألسادسة من صباح يوم 6 كانون الثاني لغاية ألساعة ألرابعة من عصر نفس أليوم ، و هي تلك ألـ 10 ساعات ألتي تمكنت فيها كتيبة دبابات 14 رمضان من تجميع سراياها ألمنتشرة ضمن حدود بغداد ، و ألحركة إلى قاطع ألبصرة ألذي وصلته بإلساعة ألرابعة عصرا ً لتكون في موقع إحتياط قوة ألهجوم ألمدرع ألمقابل ألتي يقودها أللواء ألمدرع ألعاشر ألبطل ضد ألقوات ألإيرانية ) .

لقد كانت صولة فرسان أللواء ألمدرع ألعاشر و كتيبة دبابات ألقادسية أشبه بإنطباق جرف للنهر على الجرف ألمقابل له و إكتساحه ، و ما هي إلا ثواني قليلة بعد أن صدرت أوامر آمر أللواء بإلساعة 1600 يوم 6 كانون ألثاني 1981 لتغير ألناصية بإتجاه اليمين ( أي ألإستدارة نحو أليمين ) بعد مسير ألإقتراب ألمضني لتتواجه دبابات و ناقلات ألرسول ( و هو ألإسم ألذي اطلقه ألإيرانيون على دبابات و مدرعات لوائنا ألمدرع ألعاشر ألبطل ) مع خطوط ألدفاع للفرقة ألمدرعة ألإيرانية 92 أمام و على نهر ألكرخة ألعمية ، و أنا و طاقم دبابتي ألـ تي 55 ألقيادة نهتف و نغني جيشين و صدام حسين .

للعلم و وفق قياسات ألحسابات ألعسكرية و تقدير الموقف التعبوي في ألتخطيط للمعركة تتطلب قوة فيلق مدرع ( 3 فرق مدرعة / آلية ) للهجوم على قاطع دفاعي تشغله فرقة مدرعة ، على أساس ان قوة الهجوم يجب ان تحقق نسبة تفوق ضد المدافع تعادل نسبة 3 ضد 1 ، لهذا نحتاج إلى فيلق مدرع للهجوم على الفرقة ألمدرعة ألإيرانية . و لكننا نحن رجال أللواء ألمدرع ألعاشر ألبطل ألمكنى بدرع ألثورة ألحصين، جند ألقائد ألمنصور صدام حسين ، و أبنا ألشعب ألعراقي صاحب أول حظارة في ألتأريخ فقد كان واحدنا بألف رجل ، و إن ما بين أيدينا من سلاح و ذخيرة و تحت اقدامنا من دبابات و ناقلات مدرعة هي كألبراق في صولتها و قوة شكيمتها لهذا صدرت أوامر آمر اللواء بأن يكون ألهجوم ألمقابل من ألحركة بنسق ألدبابات ضمن أللواء ، أي أن تتراصف ألدبابات و عجلات ألقتال ألمدرعة على خط ألهجوم بدون أي عمق لتشكيل صف من ألدبابات و ألمدرعات يكفي للهجوم على مواضع ألفرقة ألمدرعة ألإيرانية ألقذرة .

نعم لقد إنفتحت دبابات و مدرعات أللواء على شكل ألمسطرة ، وزالت بيننا ألتراتبية في ألقدم بين ألجنود و آمري ألفصائل و آمري السرايا و آمري ألوحدات و حتى مع ألسيد آمر اللواء ، فقد كانت صدورنا جميعا على خط واحد نجابه جميعا ً نفس ألمستوى و المدى من النيران ألإيرانية المعادية من صواريخ ضد الدروع و دبابات و رشاشات ، لينطبق هذا ألخط كما تنطبق ألسماء على ألأرض بكامها و يتم تدمير كامل ألفرقة ألمدرعة ألإيرانية 92 ألمسماة بإلفرقة ألذهبية خلال معركة أمدها نصف ساعة بين ألساعة 1600 و ألساعة 1630 من مساء يوم 6 كانون ألثاني 1981 . و ليعلن تلفزيون ألعراق مساء نفس أليوم بيان ألبشرى بنجاح ألهجوم ألمدرع ألمقابل لأبطال اللواء ألمدرع ألعاشر و ألقطعات الملحقة به ألتي تمكنت من تدمير ألفرقة ألمدرعة ألإيرانية 92 و كسر ظهر ألجيش ألإيراني ، لأن هذه الفرقة ألمسماة بإلفرقة ألذهبية هي مشابهة لقوات البانزر ألألمانية ، بل هي نسخة طبق ألأصل منها و قد تم إخراجها من نظام معركة ألجيش ألإيراني ( أي تم هيكلتها ) من قبل دبابات اللواء ألمدرع العاشر دبابات الرسول في أقل من نصف ساعة من ألإشتباك ألملحمي بمدافع ألدبابات و ألمدرعات و صواريخ مقاومة ألدروع و مختلف نيران ألرشاشات ألثقيلة و ألمتوسطة ، حيث كنت أشاهد مصادر نيران ألقوات ألإيرانية ألكائنة على خطوط ألدفاع ألإيرانية و كإنني أشاهد نشرة ضوئية تشتعل و تنطفيء بتلاحك غير منقطع لتصب علينا حمم نيران حقدهم ألأصفر ألدفين ، و لكن ألله كان معنا ، و هو ناصرنا على ألقوم ألظالمين و سيبقى كذلك إن شاء تعالى و جلت قدرته .

و تكريما لهذه ألمعركة التي هي أحدث معركة للدروع في ظروف ألحرب ألتقليدية تفضل ألسيد ألرئيس ألمهيب ألركن صدام حسين بتكريمنا ضباطا و مراتبا بمنحنا رتبة أعلى و قد كانت رتبتي في حينها نقيب ، و لكننا لم نتمتع بهذا التكريم بسبب ألصراعات ألتي تسبب بها أحد آمري وحدات اللواء ، و فقط تمتع ألسيد آمر أللواء بإلترقية إلى رتبة عميد ركن و تعينه بمنصب قائد ألفرقة ألمدرعة ألسادسة ليستلم قيادة أللواء ألعميد ألركن صبيح عمران ألطرفة من بعده ، ثم إنسحبت تلك الصراعات لغاية العام 1983 ألتي حسمها ألسيد ألرئيس بنفسه ( و لهذا مقالة خاصة لاحقة بإذن ألله ) . و قد حصلت على تكريمي إلى رتبة رائد بعد دخولي في كلية ألأركان منتصف ألعام 1983 على ضوء توجيهات ألسيد ألرئيس ألقائد صدام حسين لمشاركتي في جميع معارك اللواء المدرع ألعاشر من معركة ألخفاجية حتى معركة الطاهري داخل ، و من شارك فقط في معركة ألخفاجية منح قدم ممتاز لمدة سنتين ، ومن شارك لما بعد معركة ألخفاجية و حتى معركة ألطاهري داخل منح أيضا ً قدم ممتاز لمدة سنتين . وبذلك حرم أمرألكتيبة هذا ألمتعالي بسبب حقده على آمر كتيبة دبابات 14 رمضان نسبة كبيرة من ضباط ومراتب اللواء من التمتع في حينه بمكرمة ألسيد رئيس ألجمهورية بإلترقية إلى رتبة أعلى ، و حرمنا نحن ألآخرين من ألتمتع بإلترقية في يوم ألمعركة التي كانت تعني لنا الشيئ الكثير و لطعمها مذاق لا يمكن قياسيه بعد أن جاءت متاخرة بعد سنتين من يوم ألمعركة .
نعود إلى ألشرارة ألتي فجرت نشر هذا ألمنشور وهي ألإشارة ألتي وردت يوم أمس 23 حزيران 2018 في أحد منشورات ألأستاذ عبد ألحميد ألعاني عن خيانة ألقيادة السوفياتية لأصدقائها ، فعقبت أنا على هذا ألمنشور بأنني سوف أنشر مقالة عن خيانة ألقيادة ألسوفياتية للقيادة ألعراقية أبان الحرب ألعراقية ألإيرانية في ألعام 1980 !!! و للتذكير فإن من تابع مقالي هذا ، قد وجد أن وحدات ألمشاة ألآلية ألعراقية لم تكن مجهزة بغير ناقلات للأشخاص مدرعة تحمل ليس أكثر من رشاشة متوسطة أو رشاشة ثقيلة كما في ألمدرعة بي تي آر 60 ، و خلال مشاركتنا في حرب تشرين في ألعام 1973 إكتشفنا لدى ألجيش ألسوري عجلة ألقتال ألمدرعة بي إم بي ألعلامة 1 و دخلنا في مفاوضات مع ألجانب ألسوفياتي لتجهيزنا بهذه ألعجلات المدرعة . و تم ألتجهيز في بداية ألعام 1977 لألوية ألفرقة ألمدرعة ألعاشرة و أللواء ألمدرع ألعاشر ، و كذلك تعرفنا على مواصفات عجلة ألقتال ألمدرعة بي إم بي ألعلامة 1 ، و لم نتعرف على مواصفات عجلة ألقتال ألمدرعة بي إم بي ألعلامة 2 ، ألتي وصفها معلمي ألنقيب محمد فرج بـ ( ألبهه بهه ) و إنني هنا أقول إن هذه ألعجلة ألعلامة 2 لا تختلف في مواصفاتها عن ألعجلة ألعلامة 1 غير في شيء واحد ، وهو أن مرقب ألرامي يحتوي على مدرجين متوزيين أحدهما لرمي ألقذائف عيار 73 ضد ألدروع ، و ألمدرج ألثاني لرمي ألقذائف عيار 73 ملم ضد ألأشخاص ( و بذلك نستغني عن ألرمي ألعشوائي المركب ، أو الرمي وفق تدرجات مزواة الميدان التي تجعل الرامي في عجلة ألقتال ألمدرعة بي إم بي ألعلامة 1 ينظرلى داخل بدن ألبرج بعينه المجردة لتدقيق زاوية ألرمي و بذلك ينشغل و يبتعد عن ألتواصل مع الجبهة من خلال ألمرقب ) . كما و إنني كنت أحد آمري سرايا ألمشاة ألآلية ألتي تستخدم عجلة ألقتال ألمدرعة بي إم بي ألعلامة 1 في ألفوج ألثاني ألآلي أللواء ألمدرع ألعاشر خلال معركة ألخفاجية في 6 كانون ألثاني 1981 ، و إن ألخبراء ألسوفيت ألذين كانوا متواجدين معنا في قاطع ألعمارة لنصب مزواة ألميدان على بدن ألمدفع لأغراض ألرمي لقذائف ألمدفع عيار 73 ملم ضد ألأشخاص ، تم جلبهم معنا إلى قاطع ألبصرة و تم تركهم في مخفر ألإسيود ألذي اصبح بمثابة ألمنطقة ألإدارية للواء

و هنا حدثت ألمفاجاة ألصاعقة خلال يوم ألمعركة ألأول حيث وجدنا أن وحدات ألمشاة أآلية للفرقة ألمدرعة ألإيرانية 92 مجهزة بعجلات ألقتال ألمدرعة بي إم بي ألعلامة 2 ألروسية ألصنع و ألتي لا تزال جديدة و تكاد تكون قد تم نقلها من مصادر مخازن ألتجهيز الروسية إلى أرض ألمعركة قبل فترة ليست ببعيدة ، فبادرت أنا على إستدعاء ألنائب ألضابط براد ألأسلحة ألملحق معي من مفرزة تصليح ألفوج ، و طلبت منه أن يعمل على سحب عجلة مدرعة من كل فصيل على ألتوالي ليقوم بإخراج ألمدفع و تبديل مرقب ألرامي ذو ألعلامة 1 بمرقب ألرامي للعجلات ألمدرعة ألإيرانية ألمدمرة ذات ألعلامة 2 لقد كان جهدا كبيرا ذاك ألذي بذله براد ألأسلحة ( و عذرا لا أتذكر إسمه لكي أوفيه حقه في ألمدح و ألشكر و ألثناء ) في فتح 24 مدفع لتبديل 12 مرقب ألعلامة 1 بإلمرقب ألعلامة 2 خلال ساعات ألمعركة و تحت تهديد ألقصف ألمدفعي ألإيراني !!!
و بإلنتيجة كانت سريتي ألسرية ألأولى ألفوج ألثاني ألآلي أللواء ألمدرع ألعاشر هي أول سرية في أفواج ألمشاة ألآلية في ألجيش ألعراقي قد أصبحت و من خلال جهودي ألذاتية و بطولة طواقم ألمدرعات و براد ألأسلحة تتصف مدرعاتها بمواصفات عجلات ألقتال ألمدرعة بي إم بي ألعلامة 2 لإحتوائها على مرقب ألرامي ذو ألمدرجين ألمتوازيين و قمت بإلإستغناء عن مزواة ألميدان ألتي نصبها ألخبراء ألروس قبل ألمعركة في منطقة جم صريم قاطع ألعمارة . و يشهد على ذلك ضباط سريتي كل من ألنقيب / أللواء ألركن طالب منصور أحمد و ألنقيب / أللواء ألركن عبد ألخالق فيصل شاهر و في مقدمة ألشهود آمر ألفوج ألرائد ألركن / ألفريق ألركن ثامر سلطان أحمد حفظهم ألله جميعا ً .

ألان ما هو حال ألخبراء ألروس و هم متواجدين بين أحضاننا في ألمنطقة ألإدارية للواء في مخفر ألإسيود عندما سمعوا و ثم شاهدوا بأم عينهم عجلات ألقتال ألمدرعة بي إم بي ألعلامة 2 روسية ألصنع ألمدمرة بين صفوف قوات ألفرقة ألمدرعة ألإيرانية 92 ، و لمسوا ألمرارة في نبراة أصواتنا و إحساسنا بخيانة ألقيادة ألسوفياتية للقيادة ألعراقية و لم تمضي على ألحرب ألعراقية ألإيرانية أكثر من 3 أشهر !! ولقد علق أحد ألخبراء ألسوفييت ، بأنه مصدوم من فعل ألخيانة ألشائن هذا ، و إنه يعتبر نفسه هو ألآخر قد تعرض للخيانة من قبل ألقيادة ألسوفياتية و ليس فقط ألقيادة ألسياسية ألعراقية .
و في ختام مقالتي هذه تذكرت مقولة للجنرال ديغول عندما قال : -
**************************************************
ليس هنالك صداقات دائمة ، بل هنالك علاقات قائمة
و أقول أنا ، ما حك جلدك مثل ظفرك ، و أقرب صديق إليك يا وطني هو ذراع أبنائك !!!
مع تحياتي للجميع

24
حزيران 2018