‏إظهار الرسائل ذات التسميات اسماعيل جباري. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات اسماعيل جباري. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 14 يوليو 2020

ثورة ١٧- ٣٠ تموز ١٩٦٨ في العراق نقطة التحول وجسر يربط الماضي بالحاضر لِأَجل المستقبل // بقلم أَ . د . أَبولهيب


ثورة ١٧- ٣٠ تموز ١٩٦٨ في العراق نقطة التحول
وجسر يربط الماضي بالحاضر لِأَجل المستقبل

أَ . د . أَبولهيب
في ١٧-٣٠ تموز في كل عام يحتفل العراقيون بمناسبة أكبر وأعظم حدث تاريخي في تاريخ العراق ونقطة التحول النوعي وشرارة لاتنطفئ ليضيئ درب الشعب العراقي ليكون نموذجاً حياً للامة العربية .   
                                                                                       
أن ذكرى ٥٢ لثورة ١٧-٣٠ تموز المجيدة في هذه السنة ليس كبقية الذكرى للسنوات السابقة للظروف التي يمر بها العراق والشعب العراقي الابي والامة العربية ، مِنْ المؤامرات الدنيئة مِنْ لدن الدول الغربية واسرائيل والفرس الصفوي المجوسي وبعض الانظمة العربية العميلة بقيادة أمريكا.     
                                                                                            
واليوم ومع حلول الذكرى الثانية والخمسين لثورة الشعب العراقي المجيدة وبرغم كل ما يعانيه أبناء شعبنا الصامد المجاهد في هذه المرحلة الحاسمة يستلهم المناضلون البعثيون وفصائل المقاومة الوطنية وشعب العراق الصابر الوفي الدروس الغنية لثورة السابع عشر من تموز الخالدة في تصديهم لكل هذه الاهوال. فها هم يتغنون بمنجزاتها ويستذكرون معالم النهضة التي حققتها ثورتهم المعطاءة ، مواصلين نضالهم صوب التحرير الشامل من الهيمنة الفارسية واستعادة عافية الوطن وحفظ وحدته وسيادته واستقلاله التام ، مدركين تماما أن ذلك الاستقلال لن يتحقق إلا من خلال استنهاض الجماهير وإعادة الاعتبار للارادة الوطنية وقيام حكومة وحدة وطنية تنتصرلشعبها وتاخذ بيده الى شاطئ الكرامة والامن والامان ، عبر تحقيق مبادئ ثورة "البعث" في العراق .     
                                                          
إِنَّ ثورة البعث في السابع عشر- الثلاثين مِنْ تموز عام ١٩٦٨ المباركة جاءت بِأنها أستنهاض لواقع الامة في مواجهة الاثار الخطيرة ، والانكسار المعنوي المريع الذي لحق بالامة العربية جراء نكسة حزيران ١٩٦٧ ، وكذلك وضع حد لحالة التداعي واليأس التي أصابت المواطن العربي بسبب الهزيمة المرة للامة العربية ومشروعها الحضاري ، وعلى هذا الاساس وضعت ثورة تموز أساسها الفكري وبلورة نظرية العمل طبقاً لمبادئ وأهداف حزب البعث العربي الاشتراكي ، على انها ثورة وطنية والقومية والاشتراكية ، و وضعت برامجها وفلسفتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية على اساس حاجة الامة باكملها وليس حاجة العراق وما يتطلبه مِنْ بناء ونهوض فحسب . ليكون نموذج وقاعدة الانطلاق في الامة العربية ، حيث كانت الامية قبل الثورة تضرب أطنابها بين فئات الشعب العراقي وتفوق نسبتها ٧٠% ، وكانت شبكات التجسس لصالح الغرب والكيان الصهيوني وايران وبعض الدول الاقليمية منتشرة في كل زاوية مِنْ زوايا الدولة والمجتمع العراقي ، وكانت الشركات النفطية الاحتكارية تنهب ثروات العراق والامة في النهار وتحت ضوء الشمس في وقت كانت البلاد تغط في مستنقع مِنْ التخلف وتدني مستوى الحياة على صعيد الريف والمدينة ، حيث الغياب الكامل للخدمات ، لاتوجد مياه صالحة للشرب ولن تتوفر الكهرباء الا لعشرين بالمائة مِنْ ابناء الشعب ، والشوارع غير معبدة ، وازمة سكن خانقة وتردي مستوى الحياة والمعيشة ، بالاضافة الى تردي الخدمات الصحية وتفشي الامراض الفتاكة ، وقلة المستشفيات والمراكز الصحية والتخلف الموجود منها وإفتقارها لِأبسط أنواع التكنولوجيا الطبية ، وفقدان القدرة الشرائية للمواطن ، وضحالة مستوى التعليم بكافة مراحله ، كان هذا هوحال العراق قبل ثورة تموز عام ١٩٦٨ ، كما كان أيضاً هناك تخلف في الزراعة والخدمات مما جعل البلاد في فقر مدقع ، وكانت الحرب الاهلية والاقتتال بين العرب والكرد بسبب تمرد الاحزاب الكردية بتحريض ودعم أمريكي غربي إسرائيلي إيراني ، وهي الاحداث التي راح ضحيتها أكثر مِنْ ٦٠،٠٠٠ ‌، الف عراقي مِنْ أبناء العرب والكرد ، على حد سواء ، كما كانت هناك آفة طائفية وعرقية وعنصرية وأمراض التطرف والخرافة والشعوذة في الممارسات الدينية والمدعومة مِنْ قبل إيران وبعض الدول الاقليمية والغربية كجزء مِنْ عملية الاستهداف للعراق والعراقيين والامعان في استمرار تخلفهم الفكري والاجتماعي وعزلهم عن مواكبة التطور العالمي ، هذا كله كان قد تواكب معه أيضاً تفكك الجيش وضعف تجهيزه ، وعدم إمتلاكه للامكانات المادية والعلمية ، وكانت هناك المحسوبية والمنسوبية وانتشار ظاهرة الفساد الاداري والرشوة والروتين ، بهذه الظروف الداخلية ، ولكل هذه الاسباب ، وفي ذلك الواقع الوطني والقومي والاقليمي وتداعياته قامت الثورة وانبثقت ، وعملت قيادتها التاريخية منذ أيامها الاولى على عزل العناصر المندسة في صفوفها والمعروفين بولائاتهم للغرب وإمريكا ، وعملت القيادة التاريخية للثورة منذ سنواتها الاولى على تحقيق انجازات عظيمة وخالدة لمعالجة هذا الواقع المرير وانتقلت بالعراق إلى مصاف الدول المتقدمة ، ووضعته في طليعة دول المنطقة على صعيد التحديث والتطوير ووضعت الثورة منهاجاً تجسد في تحقيق الاستقلال الوطني والقومي ، ورفعت شعارات كبيرة لتحقيق ذلك منها المطالبة بحق العرب في فلسطين ، وبقية الحقوق العربية ، وتحرير الثروة العربية ، وتوزيع ثروة العرب على العرب ، وبناء مشروع حضاري قومي إسلامي في مواجهة المشروع الصهيوني الامريكي الغربي الرجعي الاستسلامي البغيض ، وتحقيقاً لهذه المبادئ ومِنْ أجل أن تكون أُمَة العرب والاسلام أُمةً واحِدة حرة مستقلة متقدمة ، وان يكون لها دور حضاري وقيادي على مستوى الانسانية ، كما كان لها دورها دائماً عبر التاريخ فقد عملت الثورة وقيادتها على تحقيق المنجزات التالية :-   
                              
*- ألقضاء على شبكات التجسس والعَمَالة والخيانة والمتعاونين معها ضمن حملة وطنية علنية لتصفية هؤلاء .   
                                                                                   
*- القيام بحملة وطنية شاملة لمحو الامية في العراق ضمن برنامج محدد وشكلت لجنة عليا لهذا الغرض وحسب تقريرمنظمة اليونسكو التابعة للامم المتحدة ، تم إعلان العراق بلداً خالٍ مِنْ الامية .          
                                                                                         
*- خوض معركة التاميم الخالدة لجميع الثروات وخاصة النفطية بما فيها حصص الشركات الاحتكارية الامريكية والبريطانية والهولندية ، مما فتح للعراق وللامة العربية مصادر للثروة والتي كانت سبباً في نهضة العراق وتطوره علمياً وتقنياً واجتماعياً ، وتحقق نمو اقتصادياً للفرد والمجتمع قَلَّ نَظِيرَهُ في العالم .     
                                                              
*- تطبيق قانون الحكم الذاتي للاكراد والذي تمتع بموجبه الاكراد بحقوق وامتيازات مادية وثقافية وتاريخية قل نظيرها على مستوى منح الحقوق للاقليات فى العالم .                     
*- القيام بحملة لتحديث الدولة والمجتمع وادخال حلقات التكنولوجيا المتطورة وتطبيق المنهج العلمي في كل حلقات العمل لمؤسسات الدولة وفي جميع المجالات الزراعية والصناعية والخدمية     
                                                                                 
*- تطوير الخدمات الطبية والصحية بحيث أصبح النظام الطبي مِنْ الانظمة المتطورة على مستوى المنطقة والعالم ، وبشهادة منظمة الصحة العالمية .   
                                 
*- القيام بتطوير التربية والتعليم العالي فى العراق ، وذلك تم بناء عدد كبير مِنْ المدارس والمعاهد والجامعات على طول العراق وعرضه وتم تطبيق مجانية والزامية التعليم ولجميع المراحل الدراسية .                                                                                         
*- إِعداد مجاميع مِنْ العلماء والباحثين في مختلف صنوف العلم والمعرفة مِنْ خلال التوسع في البعثات الدراسية للدول المتقدمة ، وبسخاء قل نظيره في العالم .   
                           
هناك العديد وكثير الكثير مِنْ المنجزات والقرارات الوطنية التي تعزز استقلالية العراق وتحقيق رفاهية المواطن ، وتعزز روح المواطنة لديه وتجعله يشعر بالعزة والكرامة والكبرياء ، ويفتخر بأنه عراقي ، عربي ، مسلم ، يشعر بحقوق الاخرين ويدافع عن قيم الحق والعدالة والحرية والانسانية حيثما تطلب الامر ذلك .   
                                       
إن ما يدور على أرض العراق العظيم الان مِنْ ملاحم بطولية خالدة ضد المحتلين والمجرمين وعملائهم مِنْ دول المنطقة وبعض العراقيين الخونة ، والذين إحتلوا العراق واغتصبوه ، بسبب برنامج الثورة ومنجزاتها ومشروعها القومي والاسلامي الكبير ، إنما قد أفرز مقاومة باسلة عراقية وطنية خالصة شريفة ، كانت منبت الثورة وحصاد زرعها الوفير ، ونتاج عطاءها الوفير ، هدفها التحرير والوحدة الوطنية والبناء الحضاري وإقامة دولة المؤسسات والقانون ، وإنها قد حققت الكثير واربكت العدو المحتل وعملاءه وحلفاءه الدوليين ، وبدأت بتدمير قواته المهزومة بِأذن الله وعرقلة مشروعه البغيض وجعلتهم يفتشون عن مخرج مِنْ هنا وهناك متوسلين عملائهم الصغار في المنطقة للتوسط مِنْ أجل الوصول إلى مايحفظ ما تبقى لهم مِنْ ماء الوجه ، ولكن المنطق والتاريخ ومقتضيات الجهاد والمقاومة والتضحيات ، تتطلب أن لا يكون هناك حل إِلا بتحقيق مطالب الشعب والمقاومة الباسلة والمتمثلة بقيادة شيخ المجاهدين والقائد الاعلى للجهاد والتحرير                               
عاشت ثورة ١٧-٣٠ تموز الخالدة في ضمير شعبنا ومستقبله                                     
المجد للعراق العظيم الشامخ                                                                             
النصر للشرفاء المقاتلين والاوفياء على طريق الجهاد                                              
الخلود في عليين لشهداء الامة وشهداء البعث وعلى راسهم الشهيد البطل صدام حسين رحمه الله ورفاقه المناضلين ،
عاش نضال أمتنا العربية لأجل الوحدة والحرية والاشتراكية     

الخميس، 4 يونيو 2020

تأميم النفط في العراق عام ١٩٧٢ ثورة التحدي والمقاومة والاستقلال والسيادة ...أ.د.ابو لهيب


تأميم النفط في العراق عام ١٩٧٢
ثورة التحدي والمقاومة والاستقلال والسيادة

أ . د . أبو لهيب      
                                                                                      
في ١/ حزيران مِنْ كُلِ سنة يحتفل الشعب العراقي باهم حدث تاريخي ونقطة تحول في تاريخ العراق ، وهي تاميم شركات النفط الاجنبي وجعلها شركات وطنية .   
                  
أبدأ مقالتي بنبذة مختصرة حول موضوع النفط في العراق . بعد الحرب العالمية الاولى ، وسقوط الدولة العثمانية ، ودخول الدول الغربية الشرق الاوسط مباشرة وجعلها سوقاً لترويج بضائعهم بالاسعار التي هم يحددونها وأخذ المواد الاولية باسعار زهيدة . وَمِنْ ثم ظهور النفط كطاقة أساسية لتطوير صناعاتهم المتنوعة في جميع مجالات الحياة ، وكبديل أساسي للفحم الحجري الذي كان مكلفاً عليهم ، مِنْ هنا بدأ الصراع الغربي على الدول التي فيها النفط بالدرجة الاولى , ومنها العراق ودول الخليج العربي .     
                                          
وَبِمَا أَنَّ النفط كان محور الصراع السياسي فى المنطقة عمل الحلفاء على تأجيل إبرام معاهدة الصلح ، بعد الحرب العالمية الاولى ، وحتى ينتهوا مِنْ الاتفاق على مصالحهم النفطية ، عقدوا إجتماعاً فى سان ريمو في نيسان عام ١٩٢٠ ، وتم توقيع اتفاقية ، بمقتضاها تقرر وضع البلاد العربية التي كانت ضمن الممتلكات العثمانية تحت وصاية كل من بريطانيا وفرنسا ، حيث أخذت بريطانيا كل مِنْ العراق وشرق أردن وفلسطين ، واخذت فرنسا سورية ولبنان . وفي شهر تشرين الاول عام ١٩٢٧ تفجر البترول في منطقة كركوك في شمال العراق ، فسارعت الاطراف المتنازعة إلى إبرام إتفاق نهائي تأريخي لحسم الموقف وبناءاً على ضغوط الحكومة الاميريكية أبرمت الاطراف المتصارعة ( بريطانيا ، هولندة ، فرنسا ، الولايات المتحدة الامريكية ) إتفاقاً نهائياً ، وتم إبرام الاتفاقية التي تقتضي بموجبها أن تعمل المصالح النفطية ألتابعة للدول الاربعة كفريق واحد متضامن في المنطقة وتشمل ( العراق ، السعودية ، الامارات العربية ، فلسطين ، الاردن ، سورية ولبنان ) وبذلك ارست الاتفاقية الخط الاحمر الاساس لِأضخم إمبراطورية نفطية في الاراضي العربية تتحكم في مصيرها الدول الاربع المذكورة ، والتي كانت السبب في تمزيق الامة العربية إلى دويلات صغيرة .     

وفي ١٧ / تموز / ١٩٦٨ فجر مناضلو حزب البعث ثورة مباركة ، وبذلك استلم الحكم للمرة الثانية فى العراق ، ولكن لا تزال تتواجد في صفوف الحكم شخصيات غير مرغوب فيها ، وبحاجة الى ابعادهم أو تصفيتهم لذلك قام الحزب بتصفية نهائية في ٣٠/تموز/١٩٦٨ ، وبهذا استقرت الثورة وبدأ القادة بوضع الامور المهمة نصب اعينهم وفي مقدمتها الاستقلال الاقتصادي ، وهذا لا يتم الا بتحرير الثروات الوطنية مِنْ ايدي الاستعمار ، لذلك بعد دراسة تفصيلية مِنْ لدن مجلس قيادة الثورة خطى خطوة جريئة وهي اعلان تاميم الشركات النفطية في العراق وجعلها شركات وطنية ، لذلك أعلن مجلس قيادة الثورة في ١/حزيران / ١٩٧٢ ، تاميم النفط في العراق وبهذا وقع على الشركات النفطية الاجنبية ضربة قاضية ، وانهاهم فى وجود الاقتصاد العراقي ، وكانت جميع واردات النفط  تعود لخزينة العراق وبهذا حصلت الثورة الانفجارية في العراق حيث العمال العراقيين لايكفي تلك الثورة الانفجارية ، حيث فتحت العراق ابوابها للعمالة العربية وبهذا قدموا للعراق مايقارب ثلاثة ملايين عامل عربي وكانت حصة الاسد فيها لمصر العربية .                                                               
ودامت تلك الثورة الانفجارية خمسة سنوات ، ولكن الدول الاستعمارية لم تخلى مِنْ مؤامراتها ضد العراق حيث وضعت على طريقها مئات العراقيل كي يفشل التاميم ، لقد كان رد مجموعة شركات النفط سريعاً حيث اعتبرت تاميم منشآت شركات النفط خرقاً لشروط إتفاقية إمتيازها وللقانون الدولي واحتفظت بحقها لاتخاذ كافة الاجراءآت القانونية ضد الحكومة وكل مِنْ يقوم بشراء نفطها المؤمم . ولكن بفضل الحكمة والعقول النيرة لقادة حزب البعث استطاعوا ان يتجاوزوا تلك العراقيل ، وبذلك تم تحرير ثروة العراق النفطية الهائلة بعد فترة الامتيازات التي دامت أكثر مِنْ ٤٢ سنة ليسدل الستار على سيطرة شركات النفط الاجنبية في العراق التي انتهت فيها كافة خبراتها العالمية الملتوية ، واستغلت فيها مساندة حكوماتها الغربية لغرض فرض ارادتها على الحكومات العراقية خلال فترة وقوع العراق تحت الانتداب البريطاني لتتمكن مِنْ انتزاع امتيازاتها بالشروط التي فرضتها ، لقد كانت تلك الفترة عاصفة بالاحداث الجسيمة التي لم تخلوا مِنْ خلافات ونزاعات وصراعات مريرة شبه مستمرة إتسمت بتعنت الشركات وبعدم الاعتراف بحقوق العراق المشروعة كما راينا بتاميمها والتخلص منها نهائياً .                                                                            
بهذا التحدي ممكن أن نطلق عليها ثورة التحدي ، وثورة السيادة الوطنية الكاملة بكل مفاصلها ومشروعها التحرري ، فكان التاميم ثورة التحديات التاريخية العظمى وقيادتها مِنْ الرعيل الاول مِنْ رفاقنا في الحزب والذين أستطاعوا أن يضعوا المرتكزات الاساسية لبناء المجتمع بشكل سليم ومعافي مِنْ كل الامراض المجتمعية التي كانت تفتك بها ولبناء دولة حديثة قوية لتتقدم مع تقدم الدول بعد الخروج مِنْ الحرب العالمية الثانية وتتقدم بسرعة فائقة في بناء المجتمع وبناء دولة قوية تستطيع حماية المجتمع مِنْ كل مايخطط له واستطاعت الثورة تحطيم كل القيود التي كانت تفرض على المجتمع وعلى العراق بصورة قصرية مِنْ خلال استنزاف كل مقومات العراق الاقتصادية والبشرية .     
                                    
لذلك استطاعت الثورة مِنْ بناء منظومة سياسية مرتبطة بالمجتمع وتقوم بتطبيق الخطط والبرامج التي وضعت مِنْ قبل قيادة الثورة وكانت الاولويات هي البدء مِنْ الداخل وتصحيح مسيرة المجتمع العراقي والقضاء على كل المشاكل الداخلية التي كانت تعصف بالمجتمع مِنْ خلال المؤامرات المتكررة على العراق منذ نشأت الدولة العراقية الحديثة وكانت اولى الخطط هي بناء المجتمع بشكل سليم والتحرك نحو تاميم الاقتصاد العراقي وبالاخص الموارد الاساسية وهي النفط ، وكان استكمالاً للثورة ليكون العراق مستقلاً سياسياً واقتصادياً بعد أن كان تحركه الاصابع البريطانية وتسيطر عليه وعلى اقتصاده .     
                        
فكان التحدي الاكبر هو تاميم النفط العراقي والذي كان متوقعاً إنه سيشكل معركة مستمرة طويلة الامد مع الغرب الاستعماري وبالتحديد أمريكا وبريطانيا واتحاد الشركات النفطية الاحتكارية لمجموعة الدول الاحتكارية . ونجحت الثورة بذلك واستطاعت مِنْ تاميم النفط وواجهت التحديات القادمة ومِنْ هنا بدات المعركة الطويلة معركة الغرب مع العراق وَمَنْ يَدعي اليوم مِنْ قصارى الفهم السياسي إن احتلال العراق جاء على اسباب آنية معينة فهو ليس لديه بعد سياسي ، هنالك أسباب أكثر أهمية منها و مِنْ بين تلك الاسباب هي اسباب تاريخية أيضاً ، عدا ذلك كانت الخطط التامرية لا تاخذ هذا الجانب فقط وكذلك عملت  بعض الانظمة العربية على جانب اهدار اقتصاد العراق ، علما ان العراق كان السد المنيع الذي وقف للدفاع عن الامة العربية وكانت هذه المرة مؤامرة شق الصف العربي مِنْ خلال المتآمرين مِنْ بعض دول الخليج والتي اهدرت النفط العربي بشكل لم يسبق له مثيل ، وكانت حرب اقتصادية مِنْ الاشقاء ضد العراق ، وكانت الغاية منها تحجيم العراق مِنْ الاستفادة مِنْ اقتصاده وبيع نفطه بِأسوأ حصار على الشعب العراقي عرفه التاريخ البشري ، لذلك تكون بعض أنظمة الدول العربية مساهمة في ذبح العراق والعراقيين وستلاحقهم لعنة العراقيين الى يوم الدين .                                                                                                



الاثنين، 1 يونيو 2020

إِسْتِقْرَاء لِمَقْوَلَةْ أَلْرَفِيقْ أَلْشَهِيدْ صدام حسين رحمه الله ( نَكْسِبُ اَلْشَبَابْ لِنَضْمِنْ أَلْمُسْتَقْبَلْ ) ... أ.د.ابو لهيب


إِسْتِقْرَاء لِمَقْوَلَةْ أَلْرَفِيقْ أَلْشَهِيدْ صدام حسين رحمه الله

( نَكْسِبُ اَلْشَبَابْ لِنَضْمِنْ أَلْمُسْتَقْبَلْ )


أ . د . أبولهيب

أَولى حزبنا أَلعظيم حزب البعث العربي الاشتراكي منذ بدء تأسيسه إهتماماً خاصاً بشريحة أَلشباب أَلذين شَكَلُو نواة الحزب التنظيمية ومسيرته النضالية ، إِذْ اعتمد ألبعث عليهم فى انتشاره وتطوره بِأعتبارهم قادة ألمستقبل وألشريحة أَلْأَوسع مِنْ شعبنا وألتي كانت ألأكثر تعرضاً للظلم وألقهر وألإِستغلال ، أَولت قيادة الحزب وألثورة عناية خاصة بالشباب ، وأَكد ألرفيق ألشهيد صدام حسين رحمه الله فى أَكثر من حديث على دور الشباب فى بناء ألمجتمع حيث قال : ( نكسب ألشباب لِنضمن ألمستقبل ) .   
                        
نقول هنا يعود إِنتماء ألشباب لحركة ألبعث ليس إِلى قوة ألفكرة ألعربية ألجديدة ، يعني فكرة ألبعث ، ألتي جاءت بحلول ناجحة لمشاكل أَلْاُمة ومنها ألشباب وتحديات مستقبلهم فحسب ، وَإِنَمَا لِاَنَّ ألشباب هُمْ جيل أَلْأُمة ألحيوي ألذي يحمل ألروح ألثورية وألحماسة وألإِندفاع ، والذي يتفاعل مع حاجات وتطلعات أُمَتِه ، وقد تحدث ألرفيق ألمرحوم مؤسس ألحزب أحمد ميشيل عفلق – عن هذه ألروح فى مقالته بعنوان ( خبرة ألشيوخ وإِندفاعات ألشباب ) عام ١٩٥٥م بِقَولهِ : (( إِنَّ صفات ألشباب ومميزات ألشباب هي وحدها ألمتلائمة مع حاجات أُمتنا ألمتحفزة للبعث والنهوض وبين الشباب وبين أُمتنا موعد وتلاق وتوافق وإِنسجام )). ولهذا أعطى ألحزب منذ تاسيسه دوراً تاريخياً للشباب بوصفهم ألطليعة ألمؤهلة لأَن تفهم ضرورات ألثورة قبل غيرها مِنْ فئات ألشعب ، إِذن صنع ألمستقبل لابد ان يعتمد على ألجيل ألعربي ألجديد كَي يؤدوا هذا ألدور ألتاريخي ولهذا لابد ان يكون بناء ألشباب بناء صحيحاً كَي يؤدوا هذا ألدور ألتاريخي حينما يكون تفكيرهم بألأساس منظماً وواعياً وجمعياً وثورياً ، بعد ان يتخلصوا مِنْ أمراض مجتمعهم ويؤمنوا بأنفسهم بوصفهم ألجيل العربي الجديد ألمؤمن بأمته ألخالدة وبقدرتها على أن تغلب انحطاطها ، ولذلك قال ألرفيق ألشهيد صدام حسين رحمه الله (( إِنَّ ألشباب خيرة ألامة فى صنع مشروعها ألنهضوي وحينما يتم بنائهم الجسدي والمعنوي بناءً صحيحاً وسليماً والمقترن بتسليحهم بالثقافة الثورية يكونون مهيئين لعملية ألتغير فى ألمجتمع تغيراً جذرياً بعيداً عن ألأنانية ، لأن ألبعثي ثوري أصيل ليس بينه وبين ألانانية أَية صِلَة لذلك مسؤول بِأخذ بيد ألآخرين وخصوصاً إِنَّ كُلُ مخلص بعثي بطريقته ألخاصة ، هذه هي صفات ألبعثيين ألشباب ألتي صنعها حزب البعث ألعربي ألاشتراكي وبناه بناءً متيناً حتى يقاوم كل التحديات المستقبلية التي تواجهها الامة العربية ومشروعها ألقومي ألحضاري ألنهضوي ، لِأَنَّ ألشباب لايحسبه وفق سِنِهِ وِإِنما وفق ألوعي وأَرادة وألدور ألتاريخي ، لِأَن ألمجتمع ألسليم هو ألقادر على أن يمد فى عمر ألشباب كي يكون ممثلاً حقيقياً للجيل ألعربي ألثوري ألجديد ، ألذي هو جيل ألثورة ألعربية القادر وألمؤهل لتحقيق فكرة ألبعث وتحقيق ألمجتمع ألعربي ألاشتراكي ألديمقراطي ألموحد .           
                                                                              
لذلك من أَلْأَولويات ألتي وضعها حزب البعث ألعربي ألاشتراكي بعد ثورة ألسابع عشر ألثلاثين مِنْ تموز هي مرحلة بناء ألشباب ، فإِنَّ ممارسات ألرفيق ألشهيد رحمه الله ، فى النيل وألامانة وألدقة والسعي لفعل الخير وسرعة إستجابته لحاجات ألمجتمع والفرد كان لها دورها فى توحيد ألاهداف وتفجير ألطاقات ، وبهذا يخاطب ألرفيق ألشهيد طلائع ألعراق بقوله (( إَنكم أيها ألاعزاء ، درع ألعراق ألموصوف وسيفه ألمتحفز فى ألغمد وذخره وذخيرته الحية يوم تشح المنابع وَسَاعِدَهُ أَلمُنْتَظر وأنامله ألدقيقة على ألطريق استمرارية ألنهضة ألشاملة وبما يبقى ألعراقيين ممسكين بناصية ألمجد والحرية وألازدهار مكللين بسلام ملؤه ألعز والافتخار )) .        
                                                                                          
لذلك إنَّ ألشباب دائماً كان موضع إهتمام ألرفيق ألشهيد صدام حسين ، بتوصيتهم كانت فئة ألشباب ، إِذْ أوصاهم بِأن يضطلعوا بدورهم ألقيادي فى معركة ألامة ضد واقع ألتخلف والرجعية والتجزئة من خلال بناء شخصيتهم ألقيادية . حين ينظر ألبعثيين إلى تجربة حزبهم ألنضالية ، لايرون فيها إلا مسيرة نضالية للشباب ألعربي ألمؤمن بقضايا أُمتِهِ ، ولا يرى ألبعثيون فى تاريخهم إلاَّ ماهو حركة شبابية ، مِنْ حيث مضمون ألفكر وَمِنْ حيث قادة ورواد ألفكرية ، مِنْ طلائع ، ألبعثيين ألذين حملوا على عاتقهم مسؤولية إِعادة بناء ألانسان ألعربي ألاضطلاع بحمل رسالة ألامة وأهدافها فى ألوحدة والحرية والاشتراكية . لذلك نرى ألشباب فى رؤية ألرفيق ألشهيد ثورة متجددة ، تتفاعل مع ثورة ألامة العربية      
                       
وَهُمْ ثروة مِنْ ألطاقات وألخيال ، وألفكر ألنقدي ألتقدمي ألحر ، وألعقل ألمنفتح . وكان ألرفيق ألشهيد صدام حسين رحمه الله يدعوا إلى دعم الحزب بألدماء ألشابة ، ألمصحوبة بألأفكار ألمتجددة ، بأن يفتح الحزب للشباب فرص إِبراز طاقاته وإبداعاته ولا يجب فرض سياج وقوالب وآليات نمطية عليهم ، لذلك كان مِنْ ألمهم لحزب ألبعث العربي الاشتراكي أن يتبنى خطة تربوية للشباب تتركز حول كيفية التعامل مع هذا ألقطاع ، وتوظيف طاقاته فى إطار حركة ألنضال ألعربي نحو أهداف ألامة .     
                              
وعلى ضوء ذلك إِنَّ خطة بناء ألشباب ألبعثي ، هو عمل متكامل ضمن خطة بناء ألمجتمع ألاشتراكي من خلال إعداد جيل ينهض بمتطلبات مرحلة ألنهضة ألقومية ألشاملة للقضاء على عوامل التخلف والرجعية فى ألمجتمع ألعربي ، وحين يضع ألحزب مهاماً نضالية للشباب ، يضعها مَنْ واقع فهمه للشباب وحيوية دورهم فى مسيرة ألامة ، وكذلك مِنْ زاوية إدراك ألطاقات ألممكنة والمهارات المتاحة لدى ألشباب ، واستيعاب المشاكل والتحديات التي تكتنف ألشباب ، لذلك إن طموحات هذه الامة ومستقبلها هو كله للشباب والاجيال ألقادمة ، وبالتالى وفى إطار إعداد الاجيال للثورة العربية ، مِنْ هنا يتبنى ألبعث مفهوماً لدور ألشباب ، ينبع مِنْ فكرة ألقومي ألتقدمي ، ويناهض ألمفاهيم ألتقليدية للشباب إِن حزب ألبعث إستوعب دور ألشباب فى المنهاج النضال الثوري ، لِإِستيعاب طاقاتهم وأفكارهم ألمتجددة ، وبجانب ذلك إِستيعاب ألنواحي ألبيولوجية والسيكولوجية والاجتماعية والثقافية والحضارية لمرحلة ألشباب .  
           
نرى إن الشباب فى فكر الرفيق الشهيد صدام حسين رحمه الله هذا ألمفهوم لطبيعة ودور الشباب فى مسيرة وحدة وتحرير الامة ، لذلك ان شعار الرفيق الشهيد صدام جسين ( نكسب الشباب لنضمن المستقبل ) مِنْ الشعارات التي ظلت ترددها الملاكات الحزبية فى محاظراتها وفى خططها الحزبية ، بالقدر الذي أصبح شعاراً تكتبه المؤسسات الحزبية وتزين به جدران المقرات الحزبية ، لذلك إِنَّ كلمة الرفيق الشهيد هذه تلخص أبعاد المهمة المركزية لبناء الانسان ولبناء الاشتراكية فى الثورة العربية فى وطننا العربي ذلك أن كسب الشباب إِنما يعني إِنقاذهِ مِنْ عوامل ألضياع ، ألا وهي عوامل ألإنحطاط فى ألمجتمع العربي ، وجعله مهيئاً للنهوض بمهمات المرحلة الانبعاثية فالوحدة العربية لايبنيها إِلاَّ الوحدويون ، والاشتراكية لاتتحقق إِلا بالإشتراكيين ، والحرية لايحرص عليها وينتزعها إِلا ألاحرار فإِن نكسب الشباب يعني ان ننقذهم من واقع التجزئة والتخلف والاستغلال والاستسلام لاِرادة ألأجنبي وان نزودهم بعقلية الوحدة والاشتراكية والروح الثائرة المتحررة ، وذلك يعني أن نضمن تحقيق الوحدة والحرية والاشتراكية ، وان نضع الحاضر والمستقبل معاً ، من خلال تربية الشباب الاشتراكي فى الوطن العربي تربية انبعاثية شاملة ، لذلك نرى بان كل إهتمامات الرفيق الشهيد صدام حسين رحمه الله يتركز حول تربية الشباب ، نرى هنا الرفيق الشهيد يكتب للشباب مجموعة مِنْ وصايا منها يوصي فيها الشباب البعثي ويهيئه لدوره فى قيادة المجتمع العربي مِنْ خلال وصيته التي جاءت ضمن حزمة مِنْ الوصايا يقول : (( أَيها الشباب إِذا سبقكم مَن ترون أَنَهُ سابق لكم بما هو مادي أو مظهري فلا تعقبوا أثره ، وأختاروا طريقكم الخاص المشرف ، إِذْ كان الطريق مَنْ سبقكم على غير هذا الوصف وأسبقوه إِلى ماهو روحي واعتباري ، وبالثقافة والموقف والتحصيل الدراسي والعمل الشريف المشروع ، إِذْ أَنَّ موقفكم على هذا هو الاعمق أثراً والاكثر رسوخاً ، والاعلى منزلة ، وغيره قد يكون إلى زوال ))                                                                                                                  
ومِنْ هنا نحاول إستصحاب فكر الحزب أن نفكك تلك الوصية ونربطها مع استراتيجية بناء الكادر البعثي بما يحقق وصية الرفيق الشهيد ويدعم نضال الحزب مِنْ خلال التخطيط السليم لبناء الحزب وكذلك نربطه بتربية الشباب ، هنا تهدف تربية الشباب فى منظور البعث الى خلق انسان ذي نزعة حضارية ، يمتلك حساً تأريخياً وَ واعياً بالمرحلة التي تمر بها الامة ، وتتحقق فى ذاته المعادلة الصحيحة بين الاصالة والحداثة ، فيتفاعل مع التراث تفاعلاً حياً ويتفاعل مع التطور المعاصر تفاعلاً أصيلاً .     
                   
وهنا يظهر لنا شيئ جديد عن التربية وهي الشخصية الحضارية التي تحقق الترابط الداخلي بين العقلية الوحدوية والروح الاشتراكية والايمان بالحرية هي ما تطمح التربية الاشتراكية الى انضاجه وتكوينه عند الشباب العربي المناضل ، فيكون حاصل ذلك أن يقترن العلم بالاخلاق والثورة بالتواضع .    
               
هنا نرى لم يبقى جانب من جوانب الحياة المرتبطة بتربية الشباب لم يتطرق اليه الرفيق الشهيد صدام حسين رحمه الله ، كانت احاديثه لَنْ تخلو من الجانب الروحي فى تكوين شخصية الشباب البعثي ، والاسلام مثالاً تاريخياً بارزاً فى التاريخ العربي ، وكان يتميز بطاقة روحية كبيرة ، بحيث نجح نجاحاً كبيراً فى عملية التغير فى أَلْبُنْى الفكرية والحضارية العربية إِلا أَنَّ دور الثقافة الاسلامية كمحرك إضافي فاعل فى تحقيق أهداف الثورة العربية الذي اصابه التكلس من خلال واقع التخلف الفكري الذي حول الثقافة الاسلامية الى ثقافة فكرية متخلفة ، تعزز الفرقة ولا تعزز الوحدة ، تعمد على اضطهاد البشر ولا ترفع مِنْ قدرة الكرامة الانسانية ، وحتى يكون للثقافة الاسلامية دورها الروحي المحفز للشباب العربي ، يجب أن تعزز فى تلك الثقافة جوهرها القِيَمِي الانساني ، وبُعْدِها النضالي التعبوي وفى الحالتين يسهم ذلك فى تعزيز النواحي الروحية المُغَذية للشباب العربي وبالتالي يتحقق التناغم بين الجانب الروحي للشباب ودورهم النضالي ضد التخلف وقوى الاستغلال ، وعليه يكون للجانب الروحي دور فاعل فى حركة النضال القومي العربي.

 وفى الخاتمة وتلخيص ذلك نذكر هنا إن الرفيق الشهيد صدام حسين رحمه الله ومن خلال وصيته للشباب لَمْ يعط أولوية لعنصر عَنِ أَلآخر ، ولما جعل تلك الشروط كلها تتكامل وتترابط ولا يغنى وجود بعضها عن غياب الآخر ، فتكوين شخصية الشباب العربي المناضل ، يجب أن تتحلى بالجانبين الروحي والعلمي وبالتالي لايمكن أن يكون مظهرياً ولا مادياً ، إِذا كان علمياً محضاً وغاب عنه الروحي يكون بذلك الشاب قد أصبح مادياً ، وإذا كان روحياً محضاً وغاب عنه العلمي يكون بذلك الشاب رجعياً متخلفاً يحمل طاقة هدامة .  

وفى النهاية بَشَّرَ الرفيق الشهيد صدام حسين رحمه الله ، الشباب البعثي الملتزم بمنهاج التربية الحزبية الصحيحة للشباب ، التي تزاوج مابين الروحي والعلمي بالنجاح والتقدم إِذ وصف موقفهم وعملهم فى وصيته بأنه الاعمق أثراً والاكثر رسوخاً والاعلى منزلة ، وغيره قد يكون الى الزوال .    
                                                                                          

الجمعة، 1 مايو 2020

أَلْإِلْتِزَامْ فِي ألْنِضَالْ ألْسِرْي أَحَدَ أَرْكَانْ نَجَاحْ أَلْتَنْظِيمْ أَلْسِياسِي بقلم أَ . د . أَبولهيب


أَلْإِلْتِزَامْ فِي ألْنِضَالْ ألْسِرْي أَحَدَ أَرْكَانْ نَجَاحْ أَلْتَنْظِيمْ أَلْسِياسِي
أَ . د . أَبولهيب 

مع تطور الأنظمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمجتمع، بدأ بضرورة تنمية مبدأ الالتزام بين أفراده من أجل إيجاد حل للقضايا العامة المتراكمة، وبخاصةٍ أصبح يتأثر في قرارات السلطة السياسية، ويعي خطورة تفاقم هذه المشاكل من جراء عدم اهتمامهم بالسياسة أو الشؤون العامة، وبعدها جاء دور الأحزاب السياسية لخدمة المجتمع ومعها تطور مفهوم الالتزام، ليدخل صلب الحياة السياسية.
لذلك إِنَّ الالتزام التنظيمي الذي يتمتع به المنظمون السياسيون يزيد مِنْ ولائهم تجاه منظماتهم وصولاً إلى تعزيز إدائهم السياسي ، ليثبت جدارته ، وإِنَّ علاقة وتاثير الالتزام التنظيمي متمثلاً بابعاده ( العاطفي والمعياري والتزام المستمر ) فى أداء المنظمين فى المنظمة السياسية .                   
لذلك يجب على المسؤول الاعلى إختيار أفضل نوع مِنْ الالتزام السائد فى المنظمة السياسية وهو إِلالتزام المعياري ، لِأنَّ له علاقة إيجابية بين الالتزام التنظيمي ببعده العاطفي والمستمر ، مجتمعةً و منفردةً وبين أداء المنظمين .   
    
لذلك إِنَّ إلتزام المستمر كان مِنْ بين أكثر الابعاد تاثيراً فى أداء المنظمين ، وبناءً على ادخال فكرة إِلتزام المنظمين كشيء حديث يعتمد عليه بما يحقق أهداف المنظمة والمنظمين فيها على حد سواء ، ولتحقيق هذا يجب تكثيف عقد الدورات والندوات التثقيفية لتدعيم الالتزام التنظيمي وصولاً لتعزيز الاداء ، وتوجيه المنظمة إلى خلق الالتزام العاطفي بمستويات عالية نسبياً لدى منظميها لَمَا لَهُ مِنْ دور كبير في تعزيز الاداء السياسي ، والمحافظة على المنظمين الكفوئين فى المنظمة الحزبية مِنْ خلال رفع مستوى الالتزام المستمر لديهم . 
      
لذلك نوضح هنا إلى فهم العلاقة بين المنظمين والمنظمات التي يعملون فيها وعلى وجه الخصوص شهدت السنوات الاخيرة موجة مِنْ الاهتمام بمدى الصلة بين كثير مِنْ اتجاهات المنظمين المرتبطة بالتنظيم ومِنْ ضمن ابرز المتغيرات تسلط الاضواء على موضوع سلوك المنظمين ، ويعرف هذا بِالالتزام التنظيمي ، والذي يعد مِنْ المفاهيم التنظيمية الحديثة فى أدبيات إِدارة التنظيم السياسي بشكل عام نظراً لِأَهميته المنظمات الحزبية وتحديداً في فهم سلوكيات المنظمين فى محيط العمل السياسي وتفسيره لِأَنَّ مايميز المنظمات الحديثة هو مدى توفر الموارد البشرية مِنْ المنظمين ذات الالتزام العالي ، ومما لاشك فيه أن أرى تقدم في أي منظمة لايمكن تنفيذه بعيداً عَنْ العنصر البشري الذي أَضحى مِنْ أهم موجودات المنظمة واساس بنيتها ، لذلك أن الموارد البشرية مِنْ المنظمين هي المفاتيح الاساسية في تقدم المنظمات .

مِمَّا لاشك فيه إن نجاح تطور أي منظمة مِنْ المنظمات الحزبية يتطلب الاهتمام بِالمورد البشري مِنْ المنظمين بِأعتباره مِنْ أهم موارد المنظمات الحزبية وهو بنفس الوقت يمثل ميزه تنافسية للمنظمة لما يمتلكه مِنْ خبرة ومعرفة ومهارة سياسية وثقافية قد لاتتوفر في منظمات أُخْرى ، حيث تسعى غالبية المنظمات إلى التنافس والتميز والبقاء مِنْ خلال تعزيز الالتزام التنظيمي لمنظميها ، لقد لعب التنظيم أدواراً مهمة فى تامين الجبهة الداخلية ، والدور الاهم لهذا التنظيم يمكن فى تجسيد إهتمام الثورة بِقطاع الشباب وإفساح اكبر مساحة ممكنة أمامهم واعدادهم وفقاً لِمنهج علمي وسياسي لتولي المواقع المهمة القيادية في المستقبل .

ولاشك أن نظرة عامة على هياكل التنظيم في المستويات المختلفة يمكن أن توضح حجم المساهمة التي قدمها التنظيم في تلبية إحتياجات العمل السياسي والمراكز القيادية حيث مازال النظام السياسي يستعين بِأعضاء التنظيم الذين أثبتوا وجودهم على الصعيد السياسي والثقافي وادارة التنظيم والالتزام التام بقرارات القيادة .   
                                                     
وهنا يبرز الدور المهم للتنظيم بِإعتباره جزءً لايتجزء مِنْ حركة الثورة البعيدة المدى ، فَإنَّ أول مايلفت النظر في مجال الالتزام هو التشدد في المحافظة على سرية التنظيم أو الانتساب إليه ، ولعل الفلسفة السرية هنا تختلف إختلافاً جذرياً عَنْ مفهوم السرية لدى التنظيمات التي تعمل تحت الارض لمعارضة نهج الدولة ، وإنَّ هذه الفلسفة السرية لدى تنظيمات حزب البعث العربي الاشتراكي ، فقد تم استهداف حماية الحزب والتنظيم والعضو المنتمي إليه حتى مِنْ نفسهِ ، لان سرية التنظيم يمكن أن توفر لهم حرية كاملة فى الحركة في البناء السياسي والتنظيمي وتطبيق المنهج بصورة متدرجة وهادئة ، ليتحول بعد ذلك إلى حزب سياسي فعال في صفوف المجتمع على المدى الطويل ، الامر الذي يستوجب تفادي ضغوط العلنية التي قد تعيق خطواته في هذا الاتجاه ، خاصةً في مايتعلق بِأعتماد أساليب الموضوعية في إنتماء الكوادر الصالحة وتربيتها سياسياً وثقافياً لِإِدارة التنظيم .   
                                      
هنا اريد أن أوضح شيئاً مهماً بِشأن التنظيم السياسي وآليات العمل السياسي الداخلي ، لابد أن اشير إلى أن وقوع نكسة عام ٢٠٠٣ م قد دفعت القيادة إلى ضرورة إعادة النظر في تنظيماته السياسية ، حيث شعر وقتها بِأهمية إجراء تغيرات جذرية في أساليب وأدوات العمل السياسي الداخلي ، وبينما كان يصرح لنا مِنْ وقت إلى آخر بِأنَّ تنظيمات حزب البعث العربي الاشتراكي هو حزب الثورة الذي سوف نعتمد عليه عندما يحين الوقت المناسب لتطبيق التعددية الحزبية السياسية .                                                                                
على مدى تاريخ تطور الفكر السياسي، حاول الكثيرين تحديد مفهوم الالتزام السياسي، وعلى الرغم من الصعوبات، منهم من عرّف الالتزام السياسي بالانتماء الإرادي إلى مؤسسات معيّنة يؤيدها الفرد، ومنهم من أوضح مفهوم الالتزام بأنه موقف اللاحياد تجاه تنازع بين الواجبات. ولكن، ما هو الالتزام السياسي؟

في إطار الفلسفة السياسية، توجد عدة مفاهيم وتفسيرات للالتزام السياسي، وتنطوي هذه التفسيرات على عدد من المفاهيم الأساسية كمفهوم المواطن، العقيدة والعمل السياسي. فأتى تعريفه على الشكل التالي:"إن الالتزام السياسي يكون عند المواطن الفاعل الذي ينضوي تحت عقيدة سياسية ولا يمكن فصل الالتزام السياسي عن العمل السياسي، وهذا الملتزم عليه أن يكون مستعدًا لمجابهة الموت ليصبح التزامه التزامًا فعليًا".

نرى أن عنصر العمل يطغى على التحديدات جميعها، على أن الالتزام السياسي من دون عمل سياسي هو كالأقوال من دون أفعال فالالتزام السياسي هو العمل على إحداث تغيير في الحياة المدنية لمجتمعاتنا، وتطوير مزيج من المعرفة والمهارات والقيم والدافع لإحداث هذا الاختلاف. وهذا يعني تعزيز نوعية الحياة في المجتمع، من خلال كل من المسارات السياسية وغير السياسية إذًا، كيف تتجلى مظاهر الالتزام؟

إن الالتزام هو أولًا وقبل كل شيء دليل على مشاركة المواطن في إرساء قواعد لمجتمعٍ أفضل، كي لا يبقى المارد سجين القمقم، ولا تبقى الرؤوس شامخة بلا عنفوان، وبالطبع بهدف عيش الرجاء .

إذًا، الالتزام هو وليد عدة عوامل اجتماعية، اقتصادية وسياسية، أثرت عليه لتدفع الأفراد على الالتزام في مجتمعاتهم. وبما أن الالتزام هو وليد عوامل محددة، إلا أنه أيضًا يظهر عند أفراد معيّنين وليس جميعهم. مفاده أن هؤلاء الأفراد أصبحوا ملتزمين بسبب قوة هذه العوامل المؤثرة وفعاليتها، التي طبعت في تفكيرهم أسس الالتزام السياسي وقيمه.

نصل إلى هنا لطرح الإشكالية الرئيسة الآتية: ما هو الالتزام السياسي؟ وما هو الجديد فيه؟ وإلى أين تصل أهمية الالتزام السياسي خاصة داخل الأحزاب، وانعكاساته على الصعيد الوطني؟ وما هي طبيعة مسارالالتزام السياسي؟ أي ما المبررات التي تدفع المواطن للالتزام السياسي داخل الأحزاب؟ وفي حال الالتزام ما هي معللات استمراريته في ذلك؟ وهل الملتزم هو مواطن عادي أم مجرد منتسب أم من المناضلين؟

وتفترض كل مرحلة من مراحل النشاط الحزبي السياسي أنماطها الملائمة لتعزيز وتيرة الالتزام الحزبي وتفعيلها أو تخفيفها والحد منها. لذلك عرفت الأحزاب السياسية مظاهر متعددة من دوافع الالتزام الحزبي ومبرراته على مدار تاريخها الطويل، لأنه كما ذكرنا، إن الأحزاب السياسية قادرة على اختصار معاناة الشعب والوطن.

إن ظاهرة الالتزام الحزبي أثارت العديد من التساؤلات حول طبيعة الالتزام الحزبي وواقعه ومساره العام، وأيضًا تطرح تساؤلًا أساسيًا حول الدوافع المحركة لاستمرار الالتزام في الحزب السياسي. فلماذا يستمر عضو الحزب في التزامه الحزبي؟ وما هي مبرراته؟ وبالتالي ما هي المغريات التي تشده للبقاء؟ وما هي التصورات التي يختزنها كدفعٍ لهذه الاستمرارية، وعواملها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والنفسية، أم تبدو نوعًا من العادة والروتين المعهودَين؟ وهل يواجه الحزب نوعًا من النزيف التنظيمي كحركة نزوح من صفوفه؟ فكيف يمكن ملاحظة هذه الحالات والأشكال كظاهرةٍ من ظواهر الالتزام الحزبي؟

ويبدو أن هذا الجانب على قدر كبير من الأهمية في البناء التنظيمي للحزب السياسي. إن تراجع الالتزام الحزبي يترك آثاره السلبية على مسار الديمقراطية في البلد، وعلى طبيعة المشاركة في الشأن العام، لأن رفض الالتزام يكرس سياسة معيّنة وفي أغلب الأحيان تكون دكتاتورية كما قد يعزز موقع الانتماءات الأولية وأشكالها التقليدية.

إذا كان الالتزام ضرورة يفرضها الواقع، وإذا كان الحزب ضرورة تؤكدها التجربة، فما هي الآليات التي تدفع الالتزام من الواقع النظري والقول اللامسؤول إلى الواقع العملي الفعلي المسؤول؟ لنفكر في طبيعة الالتزام الذي يتجاوز العقل والعاطفة إلى الإرادة.

لقد شبه الصينيون القدامى إرادة الإنسان بعربةٍ يجرها حصانان يمثّلان العقل والعاطفة، وينبغي أن يسير الحصانان في الاتجاه عينه حتى تسير العربة. فالالتزام هو حصيلة إقناع عقلك وعواطفك بالتحرك إلى الأمام، ثم المضي قدمًا مهما كان الثمن. وعلى القادة أن يكونوا قدوة في هذه المزية .
نشير هنا إلى رغبة الحزب في التركيز على الفكر وتنشئة الحزبيين من خلال عملية تثقيف، هدفها خلق التناسق الفكري فيما بينهم لتثبيت الالتزام، و تنتهي بفعل إلايمان الحزبي بعقيدة تنظيمه بشكلٍ يصبح من المستحيل عليه الرجوع عن هذا الإيمان لئلا يُتّهم بالخيانة أو الردة.

هذا ما يجعل الحزب وعقيدته أشبه بالدين. لدى تصنيف الأحزاب. التثقيف السياسي، من أهم وظائف الحزب المعاصر. التنظيم وتقسيم العمل من جهة، والعقيدة – البرنامج من جهة أخرى يخلقان الكثير من التماسك والقدرة والإرادة، ويعبّران بشكلٍ واضح عن هدف المنظمة بالاستيلاء على السلطة.

إضافة لهذه العوامل هناك عوامل، حسب الظرف الزمني للحزب، تدفع آليات الالتزام الحزبي لحمل البندقية والمشاركة، والالتزام بالمقاومة على الصعيد الوطني (في حالات الاحتلال نرى هذا الطموح)، إن قوة المشاركة في القرارات التي يؤمّنها الحزب، تضمن مستوى التنظيم والالتزام والتضحية المطلوبة في الظروف الصعبة مثلًا في حالة الحرب.

ما هي أهمية الدوافع الداعمة لاستمرارية الالتزام الحزبي؟ لماذا هناك حالة تراجع في الالتزام الحزبي؟ تتعدد أسباب التراجع في عملية الالتزام الحزبي، والسؤال الأساسي هنا: ما هو مدى قدرة الحزب على تجسيد تطلعات الملتزمين؟

هناك حالة يكون فيها الحزب يعاني من حالة نزيف في داخله يخسر فيها الكثير من الملتزمين. يعود سبب النزيف إلى ترهّل البنية الحزبية وعجزها عن الإحاطة بالمحازبين، وإضافة إلى ذلك، إن عدم السماح بالنقاش الداخلي يعكس غياب التفاعل الداخلي في الحزب. وتتجلى مظاهر التراجع في الالتزام إلى انخفاض عدد المحازبين والنشاطات الحزبية. ولكن هناك عوامل أخرى متنوعة تحيط بالالتزام السياسي وتؤثّر عليه إن العوامل النفسية تؤثّر فعليًا على الالتزام، كالإحساس بالإحباط وبأن لا جدوى من النضال، وعدم فهم طبيعة وضعهم، وحقيقة دورهم، وعدم إدراكهم لكامل القوى أو المشاكل التي يواجهونها. فكل فرد يسعى للالتزام داخل حزب يحقق له أهدافه، ولكن إن عدم وجود هدف واضح وطريقة عمل واضحة من أجل الوصول إليه سيخلق حالة اجتماعية محبطة وضعف في القناعة، وخاصة عند فشل محاولات الوصول.

ونقول فى الختام إن الالتزام السياسي مهم جدًا ومن الأفضل على الأفراد جميعها الانخراط في الحياة السياسية على عدمه، لأنه تقع عليهم مسؤولية نقل قيم الالتزام من جيل إلى آخر. فالالتزام السياسي ليس مجرد مشاركة في العملية الانتخابية، إنها أكثر من ذلك بكثيرٍ، وتنطوي على تأدية دور نشيط في ما يحدث من حولنا. كما إن المشاركة السياسية أو منح الأفراد الأدوات اللازمة ليكون لهم صوت مدني وسياسي، تعني أن يصبحوا وكلاء تغيير في المجتمع، ونؤكد هنا أن مجتمع القبيلة لا يبني وطنًا.   

إن الالتزام السياسي له قوة، بخاصةٍ داخل الأحزاب السياسية، وقدرة تغييرية مجتمعية. والمناضلون هم الأكثر التزامًا. كما لا توجد أوقات جيدة للانخراط في السياسة. في الواقع، كل مواطن حر في الانخراط. قد يكون الدخول إلى حزب سياسي أو الذهاب للتصويت، وأفضل وقت للمشاركة هو بالتأكيد عندما تكون شابًا، لأن الشباب عادة ما ينشّطون السياسة، ويجرؤون على تقديم أفكار مبتكرة، تجعلها تتلائم مع عالم القرن الحادي والعشرين نستنتج أنه من دون وجود لعنصر الشباب في المجتمع لن نرى أي التزامات، لأنه عنصر مهم، كونه ميدان خصب لنشوء الالتزامات وتفاعلها وخاصة الالتزامات الحزبية، أيضًا من دونه لن نرى أي التزامات، وبالتالي لن يتقدم المجتمع إلى الأمام ونحو الأفضل، لأن الرجوع إلى الوراء في عالم يتقدم، معناه: الخروج من التاريخ، 
وهذا ما سيدفعنا إلى السؤال التالي: ماذا لو فقد الشباب الأمل بالتغيير أو رفضوا الالتزام من جديد؟، من سيحرك المجتمع نحو الأفضل؟ أو بالأحرى هل سيصمد المجتمع في هذه الحالة ؟ في ظل ما قد تؤول إليه البلاد من فاجعات على الأصعدة كافة، والتي قد تكون نتيجة حتمية للمذهبية المحمومة التي قد تُطيح الشأن العام، وتشوّه الممارسة السياسية في سلوك صعب يوتّره العامل المذهبي في الداخل، والذي قد يجنح من الداخل إلى الخارج، إذ يأتي الالتزام والإلزام للوطن في الداخل إن صح التعبير تفاديًا للصراع الطائفي الذي يحتّم الاستنجاد بالأجنبي والولاء له.