الأحد، 5 يونيو 2022

لماذا التآمر على عقيدة البعث القومية الثورية وبنيته التنظيمية الآن وفى العراق بالذات؟ الجزء الاول/بقلم ..محمد عثمان ابو الشوك

لماذا التآمر على عقيدة البعث القومية الثورية وبنيته التنظيمية الآن وفى العراق بالذات؟

الجزء الاول

محمد عثمان ابو شوك

منذ البدايات الأولى لتأسيس حزب البعث العربى الاشتراكي، تعرض البعث لهجمات ومؤامرات متعددة  استهدفت جوهر عقيدة البعث وبنيته التنظيمية: النضال من أجل وحدة الأمة العربية على أسس جديدة تقوم على النضال الثوري  للجماهير العربية  فى كامل الوطن العربى، من خلال الانتظام فى اطر سياسية ونقابية وديموقراطية بقيادة حزب طليعي يمتد ويتسع وعاؤه التنظيمي ليشمل الوطن العربى كله.. فالدعوات والمحاولات لوحدة الأمة العربية فى وطن موحد لم تنشأ بتأسيس البعث ولم تنقطع بعد تأسيسه ولم يكن البعث هو الحزب أو الحركة الوحيدة التي تدعو إلى الوحدة العربية، إلا أن دعوة البعث إلى هذه الوحدة تميزت عما سبقها وما عاصرها وما أعقبها، بكونها الدعوة الوحيدة التي قرنت التبشير والنضال من أجل الوحدة العربية بوعاء نضالي موحد، وضع القضية العربية، لأول مرة، ككلٍ موحد، تمتد أفرعه تراب الوطن العربى بكامله وأن تكون مادة نضاله وهدفه هي الجماهير الكادحة. هذا الوعاء النضالى هو ما أشار إليه مؤسس البعث أحمد ميشيل عفلق فى فبراير 1949 قائلا: "الحزب الحقيقي، الحزب الحى، الذى يمكن أن يؤدى رسالة فى العصر الحاضر للامة العربية، هو الذى يجعل هدفه خلق أمة أو بعثها شريطة أن يحقق هذا الوصف فى نفسه أولا ، أي أن يكون هو أمة مصغرة للامة الصافية السليمة الراقية التي يريد بعثها". وغني عن القول إن اول شروط بناء مثل هذا الحزب هو أن يكون حزباً منظماً على نطاق الوطن العربى كله وأن تتحقق فى المنتسبين إليه شروط الانقلاب الكامل على واقع التجزئة والتخلف  التي تسود وطننا العربى حالياً..

لم ولن يهاب البعث محاولات تفتيته أو اجتثاثه فى الماضي والحاضر والمستقبل، لكونه قد تأسس على قواعد فكرية وتنظيمية منسجمة مع ما يناضل من أجله.. فلقد تحطمت محاولات تفتيت البعث أو إقصائه من الحياة السياسية أو اجتثاثه كلها، على أبواب صلابة المنتسبين إليه انطلاقا من وحدة النظرية والممارسة ووحدة العقيدة ووحدة التنظيم، فلم يبق أمام أعداء البعث وتطلعات الجماهير سوى اللجوء إلى محاولة تفتيت الحزب أو إشغاله من داخله بالاعتماد على استقطاب عناصر رخوة انتسبت إليه طمعا او رهبة و لدوافع ذاتية لا علاقة لها بما يناضل من أجله البعث، والاستعانة فى ذلك بأعدائه، كما أوضحت العديد من التجارب. الأمر الذى أوضحه القائد المؤسس، فى حديثه، للبعثيين، فى مدينة حمص، فى 23 فبراير 1950 بالقول: "إن انضمام الأفراد إلى حزب البعث العربى، لا يعنى خروجهم من الواقع الفاسد وتهيأهم لمحاربته والظفر عليه إلا إذا تجسدت الروح الانقلابية في فكرهم وسلوكهم، فإذا لم يتحقق هذا الشرط الأساس بقى انفصالهم عن الوسط الخارجي شكليا وانتماؤهم إلى الحركة الانقلابية سلبيا، إذ لا معنى لمبادئ يعتنقونها و لا يتحملون تبعاتها ومنطقها العملي الدقيق. ليس البعث العربى مدرسة فكرية حتى يكتفى بإعلان حقيقة آمن بها، وإنما هو حركة رسالتها النضال فى سبيل ظفر هذه الحقيقة".

لذلك فإن أول ما يستهدفه أعداء البعث ورسالة الأمة المتجددة وجماهيرها المناضلة وقواها الحية، هو ضرب الأساس الفكري للبعث المتجسد فى نظريته التنظيمية: وعاء تنظيمي واحد فى أجزاء الوطن العربى كلها تقوده قيادة واحدة  ينتخبها مؤتمر قومي يمثل مناضلي البعث فى كامل تراب الوطن العربى وهو ما شدد عليه القائد المؤسس بالقول الفصل: "البعث أما أن يكون قومياً أو لا يكون". لذلك نجد أن محاولات  تصفية البعث كلها سعت إلى استخدام هذا المعول لهدم بنية البعث وأساس بقائه موحداً صلباً فى مواجهة أعداء النضال الجماهيري على مستوى الوطن العربى: بدءا بأكرم الحوراني فى سوريا، مروراً  بالريماوي فى الأردن وعلى صالح السعدى فى العراق ومؤامرة صلاح جديد/ حافظ الأسد في سوريا فى 23 فبراير 1966 وجادين/ الصاوي فى السودان 1997 وانتهاءً بمحاولة المتساقطين فى العراق بواجهة المرشدي/ المختار . تلك المحاولات السابقة والحالية كلها انطلقت من عناصر انتسبت إلى الحزب لأسباب مختلفة وفى حقب متباينة، لكن ما يجمعها هو أنها لم تستطع الانقلاب على أمراض الواقع الفاسد داخلها، فظلت هذه الأمراض تتحين الفرص للتعبير عن نفسها علناً بالخروج عن فكر الحزب وأسسه التنظيمية، كما هو الحال الآن.. واصطدمت تلك المحاولات كلها دائما بتمسك مناضلات البعث ومناضلوه بعقيدتهم الفكرية والتنظيمية فى أصعب الظروف، وتجاوز مسعاهم بالفعالية النضالية فخسر الذين استسلموا لأمراض الواقع الفاسد الذين غلبوا ما هو ذاتى على ما هو موضوعي ومبدئي وبقي البعث صامداً صلباً تغذيه التجارب وتجدده الدروس والعبر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق