الخميس، 15 فبراير 2018

دور ألضابط في بناء ألجيش و خدمة ألوطن أللواء ألركن مـؤيـد ألجبوري





دور ألضابط في بناء ألجيش و خدمة ألوطن

أللواء ألركن مـؤيـد ألجبوري

سأستشهد هنا بلمحة موجزة عن كيفية بناء ألجيش على قواعد ألضبط و ألإنضباط و ألتي هي عماد كل جيش و من ألمسؤوليات ألمباشرة للضباط تحقيقا ً لخدمة ألوطن ، و إن هذا ألدور ألذي يمارسه ألضباط بين صفوف جنودهم لا يختلف إطلاقا ً بين جيش و آخر ، فهو دور مفصلي في تحقيق ألضبط ألعسكري ألذي هو ألحجر ألأساس لكل جيش عريق و مفتاح النصر
سون زي ، أو ( ألمعلم سون ) ألذي هو يعتبر أبو ألاستراتيجية ألعسكرية ، ألذي خبر ألحياة و ألجيش قبل أكثر من 2500 سنة ليؤسس للإستراتيجية ألعسكرية و يكتشف مبادئ ألحرب ، و بذلك يكون من ألرواد ألأوائل ألذين أبدعوا في مولفاتهم ألخالدة مثل كتابه فن ألحرب ألذي يمثل ألأرث ألعسكري ألصيني !!!
ولا يزال هذا ألكتاب هو ألمرشد ألأساسي حتى يومنا هذا لكل ألقادة ألعسكريين في ألاستراتيجية و ألتكتيك ألحربي .
إلتقى ألمعلم سون في ماضي ألزمان مع ألملك ( هي لو / لا يهمنا اسم ألملك ، بل يهمنا ما حدث بعد هذا أللقاء ) ، فقد إدعى ألملك بأنه قد قرأ 13 فصلا ً من كتاب فن ألحرب ، بيد أنه يريد من ألمعلم سون أن يعطيه توضيح بسيط حول كيفية وجوب إعطاء ألأوامر إلى ألجنود ؟؟؟

(( فرد عليه ألمعلم ، نعم أستطيع ذلك ))
حاول ألملك بخبث أن يفشل قدرة ألمعلم على التنفيذ ، بإلطلب منه إستخدام ألنساء ، و جمع له 180 إمرأة و محضية من بلاط قصر ألملك !!!قام ألمعلم سون بتقسيم ألنساء إلى مجموعتين ،و أشار إلى خليلتي ألملك ألمفضلتين ، أن تتسلم كل منهما موقع ألضابط ألآمر لكل مجموعة من ألنساء . ثم قام بتعليم ألنساء كيفية حمل ألرمح و سألهن بعد ذلك :- (( هل تعرفن أين قلوبكن و أين أليد أليمنى و أليسرى و ظهوركن ؟ ))

ردت ألنسوة : عرفنا بإلتاكيد  !!
و شرح ألمعلم للنسوة :-

عندما يعطي لهن أمر (( أمام )) تصبح وجوهكن بجهة قلوبهن .
و عندما يقول (( يسار / إلى أليسار دُر )) تصبح وجوهكن بإتجاه أليد أليسرى .
و عندما يقول (( يمين / إلى أليمين دُر )) تصبح وجوهكن بإتجاه أليد أليمنى .
و عندما يقول (( حول ألوجه / إلى ألوراء دُر )) يستدرن إلى ألخلف بإتجاه ظهورهن .
قالت ألنسوة : (( فهمنا )) !!
و قام ألمعلم سون بشرح ألتمرين ألتدريبي و ألأنظمة ألإنضباطية بشكل متكرر ، مشيرا ً إلى وجود فؤوس ألجلادين للدلالة على جديته في معاقبة ألمخالفين لتعاليم ألتدريب من ألضباط ألآمرين وألنسوة ألمتدربات ، ثم أمر بقرع ألطبول للنسوة ألمتدربات للدلالة على ألدوران إلى جهة أليمين فأنفجرت ألنسوة في ألضحك !!
قال ألمعلم سون للنسوة ألمتدربات :-
 
إذا كانت ألتدريبات / ألأنظمة غير واضحة لكُنَ ، و كانت ألأوامر ألعسكرية غير مألوفة بإلنسبة لكُنَ ، فذلك هو خطأ ألقادة ((( يقصد بأنه خطأه هو كقائد لهن)))
ثم قام ألمعلم سون بتكرار صيغة ألأوامر 3 مرات و أعاد ألتدريبات 5 مرات على حركات ألدوران إلى ألجهات ألأربعة ، وأمر بقرع ألطبول لهن لكي يستدرن بإتجاه أليسار، ومرة ثانية إنفجرن ضاحكات !!
و هنا تجلت معاني ألرجولة و سمات القيادة عند ألمعلم سون و قال : -

إذا كانت ألتعليمات / ألتدريبات غير واضحة و كذلك ألأوامر غامضة ، فإن ذلك هو خطأ ألقادة ، و لكن بعد شرحها للتو تكراراً و مراراً ، و جعلها واضحة و ما تزال غير منفذة، فإن أللوم يقع على ألضباط آمري ألمجموعات !!!
لذلك أمر ألجلادين بقطع رأس ألضباط أمري ألمجموعتين !!!
كان ألملك يشاهد ألأحداث من شرفة قصره

و هاله صدور أمر ألإعدام بقطع رؤوس خليلتيه ألجميلتين !!
فدفع ألملك معاونه على وجه ألسرعة إلى ألمعلم برسالة مفادها :-
لقد إقتنعت للتو بمقدرة ألجنرال ألعسكرية و لكن رغبتي أن لا تعدم هاتين ألخليلتين ، لأنه بدونهما سوف لن تبقى لدي شهية .
رد ألمعلم على ألرسالة ، و قال لمعاون ألملك : -

لقد تلقى خادمك للتو أمرك ، وكوني قائد ٌ، و عندما يكون ألقائد خارجا ً في أرض ألمعركة يوجه جنوده ، فإنه ليس مجبرا ًعلى إطاعة أوامر ملكه !!!
لهذا أمر ألمعلم سون ألجلادين بإعدام ألضابطتين ، بهدف تلقين ألنسوة درسا ً في ألضبط و ألإنضباط ألعسكري و ثم عين ألأمرأتين ألتين تليهما حضوة عند ألملك ضابطتين لقيادة ألمجموعتين .
ثم كرر إشارات ألطبل للدلالة على ألدوران إلى ألجهات ألأربعة .
و بدأت ألنسوة بتنفيذ ألأوامر يمينا ً و يسارا ً و إلى ألمام و إلى ألخلف ركوعا ً و نهوضا ً بتوافق دقيق مع ألتمرين التوضيحي ألمطلوب وفق دقات ألطبول .
و هن لا يجرؤن على ألتفوه ببنت شفة !!!
بعد ذلك أرسل ألمعلم سون رسولا بتقرير إلى ألملك يفيد فيه :-

أن ألجنود ( لم يقل ألنسوة ) ألآن إنضباطيون بشكل جيد،و إنه يمكن لجلالتكم أن تاتوا لتقوموا بإلتفتيش عليهم ،إنهم تحت تصرف ألوطن و خدمة ألملك إلى حد ذهابهم عبر ألماء و ألنار !!!
فرد ألملك قائلا ً :-

يمكن للقائد أن يذهب إلى منزله و يرتاح ، لأنه ليس لدي ألرغبة للتفتيش عليهم !!!
طبعا ً لقد فقد ألملك شهيته بعد أن أعدم ألمعلم خليلتي ألملك في لمح ألبصر ، و دون أي اعتبار لرغبة ألملك .
كان رد ألمعلم سون : -

أن ألملك يحب فقط ألتحدث عن فن ألحرب ،

و غير مستعد لوضعه قيد ألتطبيق
((عموما ً إنتهت هذه ألحادثة ألبليغة ألمعاني و ألعبر إذ تم تعيين ألمعلم من قبل ألملك على ألفور برتبة جنرال في ألجيش ألصيني ))
من هنا كان ألضباط في ألقديم ولايزالون يتعرضون إلى شتى صنوف ألنكاية بهم عبر مسيرتهم ألعسكرية على ألرغم من أنهم بناة ألجيوش و أهم أدوات ألحرب و وقودها في آن واحد ، لآن حياتهم خلال سنين خدمتهم معلقة على شفى جرف هار ٍ بإلشكل ألذي تكون فيه حياتهم على كف عفريت !! و للذي يفهم ألحياة ألداخلية للمنظومة ألعسكرية و حروب ألجنرالات فيما بينهم ، سيجد أن نتائج هذه ألمشاحنات هي أقسى عند ألبعض من مواجهة ألعدو في ساحة ألمعركة !!
وألأكثر من ذلك فهي تلك ألمشاحنات وألحروب ألداخلية ألتي كان يتسع أوار نيرانها كلما إشتدت شدة ألمعارك ليخال ألمرء / ألضابط بأنه يقاتل على جبهتين وفي كلاهما أن رأسه هو ألمطلوب من قبل ألعدو أو من قبل جلادي ألملك ، كما في هذه ألحادثة ألرائعة من أدب و إرث ألحرب ألصيني .
 
15
شباط 2018


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق