الجمعة، 10 يونيو 2022

شهادة عن مواقف الرفيق أبي جعفر ونضاله عن التاريخ نكتب كما وعدناكم.. صرخة قلم يطلقها سعد الرشيد

شهادة عن مواقف الرفيق أبي جعفر ونضاله 

عن التاريخ نكتب كما وعدناكم..

صرخة قلم يطلقها

 سعد الرشيد 



مُقدمة: 

قد يتساءل بعض الرفاق: لماذا يكتب سعد، اليوم، وجوابي يحمل سببين، أولهما ما كنتُ قد أوضحته، سابقًا، أنه واجبٌ أخلاقي وغيرةٌ مني على رفاقي الذين يحاول بعضهم، اليوم، تشويه تاريخهم النضالي والطعن فيه، فكان لابد من كتابة تجربتي معهم إحقاقًا للحق، أما السبب الثاني فإنني إذ أكتب، اليوم، فأكتب وأنا على الحياد من دون الانتماء إلى أية جهة، فلن يكون في كلامي محاباةٌ لأحد ولا مجاملة، فلا انتظرُ ثناءً ولا تكريمًا، خشية أن يُفهم كلامي من بعض ضعاف النفوس أنه تملقٌ أو تزلفٌ لهذا الطرف أو ذاك، بل أنا أقف على المسافة نفسها من جميع رفاقي الذين أكن لهم خالص مشاعر المحبة والاحترام. 

بعد هذه المقدمة البسيطة، أبدأ أولى حلقات سلسلتي القصيرة، والتي، كما أسلفت في صرختي السابقة، أنها ستكون على وفق الترتيب الزمني للأحداث، لذلك ستكون شهادتي الأولى من دون رتوش حول الرفيق أبي جعفر، كما عرفته وناضلت بمعيته، أي أنّها شهادة عيانية وليست سمعية أو نقلًا عن أحد، بل هي تجربتي الشخصية مع الرجل. 

بعيدًا عن تاريخه النضالي ومواقعه القيادية في الحزب والثورة، قبل الاحتلال، إلا أنني عرفت أبا جعفر بصفة شخصية ومباشرة، بعد الاحتلال، ومنذ الأسبوع الأول للاحتلال، عندما وصلت رسالة الشهيد القائد صدام حسين، بالاتصال بالرفاق وإعادة تنظيم صفوف الحزب في بغداد وباقي المحافظات، كان أبو جعفر من أول الرفاق الذين تحركوا على الرفاق لإعادة تنظيمهم، وأوكل إليه الرئيس الشهيد مسؤولية تنظيم بغداد الكرخ، فيما تسلم الرفيق علي السنهوري، من موقع أدنى، مسؤولية تنظيم بغداد الرصافة، وبهذا الصدد أذكر كيف ذهبنا بسيارتي، يومها، أنا ووالدي رحمه الله وأبو جعفر للاتصال بالرفيق علي الريح السنهوري، والذي لم يتردد لحظة بالشروع بإعادة التنظيم والتحرك على الرفاق في جانب الرصافة من بغداد، هذا كان لقائي الوحيد بالرفيق علي السنهوري، الذي بقي يعمل على الساحة العراقية في الداخل حتى أتاه أمر مباشر من القائد الشهيد رحمه الله بمغادرة العراق حفاظًا على سلامته، وليؤدي دوره في خدمة قضية الحزب من الخارج على الصعيد القومي كونه عضو قيادة قومية وليس قطرية. 

خلال هذه المرحلة جمعتني لقاءات عديدة ومباشرة مع أبي جعفر، إذ كان هو شخصيًا من يرفع تقارير عمليات مجموعة الشباب التي كنت أقودها ونشاطاتها إلى القائد الشهيد صدام حسين، بنحو مباشر، وهنا من حقي أن أفخر وأباهي بنفسي، وأظنه حقّاً مشروعاً لأنه وسام عزٍّ وفخر أنني كنت أول رفيق بعثي في بغداد يحمل سلاحه في مقاومة الاحتلال، منذ الأسبوع الأول وطوال الأشهر اللاحقة حتى اعتقالي، وهذا مُسجّلٌ ومُثبت عند قيادة الحزب، حتى أن بعض الرفاق في المكتب العسكري طالب، وقتها، أن أكون ومجموعتي تابعًا لتنظيماتهم، لكن رد أبي جعفر كان صارمًا بما اتفق معه فيه: (إنّ سعد ومجموعة الشباب الذين معه، مهما كان نوع نشاطاتهم ضد قوات الاحتلال، إلّا أنهم مدنيون وليسوا عسكريين ليكونوا ضمن تنظيمات المكتب العسكري، بل مكانهم الصحيح حيث هم، التنظيم المدني للحزب). 

خلال الأشهر الأولى للاحتلال، واصلنا النهار بالليل، من دون كلل أو ملل أو يأس، مع أننا صدمنا بعض الرفاق الذين لم يستجيبوا لنا، ومنهم من أغلق الباب في وجوهنا، ومنهم من تهرب وتحجج بظروف خاصة تعيقه عن العمل التنظيمي، في ذلك الوقت، لكن، في المقابل، كان هنالك الكثير من ذوي البأس الشديد، الذين ما أن سمعوا صوت الحزب يناديهم حتى هبّوا وانتفضوا والتحقوا، إذ كنا، وبكل فخر واعتزاز، اللبنة الأولى في بناء الحزب، بعد الاحتلال، ثم تشاء الأقدار أن يُعتقل القائد الشهيد في بدايات شهر ديسمبر سنة 2003، وأن نُعتقل معه في الأيام نفسها، نعم، اعتُقلتُ مع والدي رحمه الله وشقيقي الأصغر، واعتقل أبو جعفر وأولاده، وتمت مداهمة العديد من بيوت الرفاق الآخرين، منهم من اعتقل ومنهم من لم يكن في منزله فنجا.. استخدم الأمريكان وسائل الحرب النفسية كلّها لتشكيكنا بعضنا ببعض، لنظن أن هنالك خائنٌ بيننا، تعرضنا للضرب وأبشع أنواع التعذيب في معتقل كروبر، أو ما يُعرف عراقيًا بمعتقل المطار، عُذِبنا جميعنا من دون استثناء، يعذبون الوالد أمام أبنائه، والأبناء أمام والدهم، قسوة متناهية النظير، ولم أكتشف حقيقة أمر اعتقالنا وتلك المداهمات التي تزامنت مع الوقت الذي اعتقل فيه القائد الشهيد إلا بعد أعوام من مغادرتي العراق، ذلك عندما كنت أعمل مديرًا لتحرير جريدة الصوت في سوريا، وكان يزورنا، بنحو متقطع بعض المحامين الذين عملوا في هيئة الدفاع عن الرئيس الشهيد في المحكمة، وأثناء حوار جانبي لي مع أحدهم، لا أذكر، الآن، تحديدًا إن كان المحامي خليل الدليمي أم المحامي ودود فوزي شمس الدين، قال لي ما معناه: (إن الأمريكان لم يعلنوا، مباشرة، اعتقال الرئيس في اليوم نفسه، بل اعلنوا الخبر، بعد اعتقاله بأسبوع أو عشرة أيام، ذلك لأنهم عثروا في مخبأ الرئيس، عند اعتقاله، على قوائم أسماء التنظيم الحزبي بالإضافة إلى التقارير والرسائل التي كانت تُرفع إلى الرئيس، فبدأوا بتتبع أسماء قيادات التنظيم واعتقالها، قبل الاعلان عن اعتقال الرئيس).. هنا فقط ربطت خيوط سر تلك المداهمات وحملة الاعتقالات التي طالت التنظيم، قبل أيام معدودة من الاعلان عن اعتقال القائد الشهيد. 

في ضوء التعذيب الجسدي الذي لقيته من الأميركان، بالاضافة إلى التعذيب النفسي وأنا أراهم يكسرون ساق والدي أمام ناظري، وأنا مُكبل اليدين بالأصفاد لا أقوى على منع ذلك أو الدفاع عن أبي أو أخي الأصغر وهما يضربان ويُعذبان أمامي، وأنا بالمقابل أُضرب وأُعذب أمامهما.. هذا الواقع الأليم الذي عشته وعاشه والدي وأخي، عاشه أيضًا وشاركنا إياه في المعتقل أبو جعفر وأولاده.. ضُربوا وعذّبوا وصمدوا كما صمدنا.. 

أبو جعفر، عرفتهُ مناضلًا سبّاقًا في نضاله، بعد الاحتلال، صلبًا ثابتًا في سنوات اعتقاله، شهدتُ أفعاله ومواقفه في إعادة التنظيم ومقارعة الاحتلال شهادة عيان لا سمع.. نعم لم التقه من حينها، وليس هنالك اتصالٌ يجمعنا، اليوم، لكن معادن الرجال واضحة لا تحتاج إلى تأويل، لذلك يؤسفني أن أرى بعض الرفاق قد انغمسوا في حملة الطعن والتسقيط التي تُشنُّ على الرفيق أبي جعفر، اختلفوا معه لا بأس، لكن أن تُخونوه وتطعنوا بمبدئيته ونضاله، فهذا ما لا أرضاه على أي رفيق، سواء أبو جعفر أم غيره من الرفاق. 


قد يقول بعض الرفاق: (نعم، كان له تاريخٌ نضالي مُشرف لكنه تبدل اليوم وارتد عن مبادئ الحزب).. ودليلهم على هذا هي ورقة البراءة التي نُشرت بخط يد الرفيق أبي جعفر وتحمل توقيعه، والتي يعلن فيها الرفيق أبو جعفر براءته من البعث ويتعهد بالتعاون وتقديم المعلومات للجهات الأمنية المختصة.. ثم دليلهم الثاني هي تصريحات العميل محمود المشهداني في برنامج لعبة الكراسي، التي لمح فيها إلى أنه على اتصال برأس قيادة الحزب في العراق وأنه ابن عشيرته، وهناك مشروع تعاون بينهما.. وهنا لابد أن أتوقف لأقول إنني للأمانة، كما أوضحت سابقًا، لم التق الرفيق أبا جعفر، منذ ديسمبر سنة ٢٠٠٣، كانت آخر مرة التقيته فيها قبل اعتقالنا، وبعدها لم أره أو ألتقه، وليس بيننا أي شكل من أشكال التواصل، إلى يومنا هذا، لكن على الرغم من ذلك لا يمكنني أن أصدق ما يُشاع عن تمرده على الحزب وارتداده، فأنا دائمًا أُحسن الظن بالرفاق، وألتمس لهم العذر تطبيقًا لقول المصطفى صلوات الله عليه: (احمل أخاك المؤمن على سبعين محملًا من الخير).!

*هامش الصورة: 

الرفيق القائد صدام حسين في لقطة تذكارية مع الرفيقين مسؤولَيْ تنظيمات بغداد، الكرخ والرصافة، والرفاق أمناء سر فروع بغداد للحزب بعد اجتماعه بهم قُبيل الغزو الأمريكي.

الخميس، 9 يونيو 2022

لماذا التآمر على عقيدة البعث القومية الثورية وبنيته التنظيمية الآن وفى العراق بالذات؟ الجزء الرابع / بقلم محمد عثمان ابو شوك

 لماذا التآمر على عقيدة البعث القومية الثورية وبنيته التنظيمية الآن وفى العراق بالذات؟

الجزء الرابع



محمد عثمان ابو شوك


المادة 40 الفقرة4 من واجبات أمين سر قيادة القطر (القيام بمهام الاتصال بالقيادة القومية بشأن جميع الأمور الحزبية) بإعلانهم فصل أمين سر القطر، وإعلانهم تعيين أمين سر آخر، يكون المرتدون وأمين سرهم الجديد قد خالفوا نص هذه المادة وروحها بعد إعلانهم قطع الصلة بقيادة الحزب القومية.

• المادة 41 (المؤتمر القومي، هو أعلى هيئة في حزب البعث العربي الاشتراكي ويضم جميع تنظيماته في داخل الوطن العربي وخارجه) المرتدون فى رفضهم لقرارات القيادة القومية قد خالفوا النظام الداخلي فى رفضهم لقرار هيئة قيادية منتخبة من مؤتمر قومي هو أعلى هيئة فى حزب البعث العربي الاشتراكي، يضاف إلى ذلك إعلانهم رفض هذه القيادة وفصل أحد أعضائها الذين لا يجوز فصلهم إلا بتوصية من القيادة القومية يبت فيها المؤتمر القومي..

المادة 42 مهام المؤتمر القومي، الفقرات 1-4 (يتولى المؤتمر القومي المهام الآتية: -

1-   سماع ومناقشة تقارير القيادة القومية ولجانها عن كافة شؤون الحزب، واتخاذ القرارات والتوصيات المتعلقة بها.

2-   مناقشة موازنة القيادة القومية واتخاذ التوصيات والقرارات المتعلقة بها.

3-   انتخاب الأمين العام للحزب.

4-   انتخاب القيادة القومية ثم انتخاب ثلاثة إلى خمسة أعضاء مرشحين للقيادة القومية من بين أعضائه الذين تتوافر فيهم الشروط المذكورة في الفقرة (آ) من المادة (43) من هذا النظام ويحضرون اجتماعات القيادة القومية بدعوة منها، وإذا شغر منصب فيها يحل فيه من تختاره القيادة من بينهم أو بالانتخاب من بين أعضاء المؤتمر القومي) مؤامرة المرشدي/ المختار المرتدة تدعي أن القيادة القومية الحالية غير شرعية لأنها غير منتخبة من مؤتمر قومي.. الواقع يقول إن القيادة القومية المنتخبة فى المؤتمر القومي الثاني عشر، استشهد منهم أعضاؤها من قطر العراق وتوفي منها الرفاق عزة إبراهيم وعبد المجيد الرافعي وتم تجميد عمل الدكتور قاسم سلام بقرار من هذه القيادة، قبل وفاة الرفيقين الدوري والرافعي. هذه القيادة بكامل من تبقى من عضويتها وقبل وفاة الرفيقين الدوري والرافعي من حقها على وفق هذه المادة تكملة عضويتها على وفق الأسلوب الذي حدده النظام الداخلي على وفق الفقرة 4 من المادة 42 من النظام الداخلي.. وبذلك تكتسب قيادة الحزب القومية شرعيتها من نصوص النظام الداخلي والتي يتم اللجوء إليها فى حال شغور بعض مواقعها. ولكونها قيادة شرعية على وفق المادة 42 الفقرة الرابعة، فإن واجب البعثيين كلهم والقيادات الأدنى من القيادة القومية الانصياع الكامل لقراراتها وتوجيهاتها إلى حين انعقاد المؤتمر القومي الثالث عشر وهذا المؤتمر لا غيره هو صاحب الحق الوحيد فى مساءلة هذه القيادة ونقض قراراتها وتوجيهاتها..

• المادة 44 (القيادة القومية هي أعلى هيئة قيادية في الحزب في غياب المؤتمر، وتتحدد مهامها في مجال الفكر ورسم إستراتيجية نضال الحزب وسياسته القومية والنضال على الساحة الدولية والإشراف على التنظيم القومي من دون الدخول في التفاصيل إلا فيما يشكل انعكاسا على وحدة الحزب) استطراداً للمادة 42، فمن حق القيادة القومية الإشراف على التنظيم الحزبي قومياً والتدخل فى تفاصيل عمله إذا ما رأت ما يشكل فى هذه التفاصيل انعكاسا على وحدة الحزب. لقد كانت قرارات قيادة الحزب القومية  فيما يتعلق باجتماع 25 مارس 2022 استجابة لسيل من التقارير والمعلومات الواردة من مناضلي الحزب داخل العراق وخارجه والتي تشير إلى عمل تكتلى يقوده خمسة أفراد ويهدد وحدة الحزب فى العراق والوطن العربى، فكان أن رفضت القيادة القومية نتائج هذا الاجتماع وشكلت لجنة تحقيق من أعضاء القيادة القومية وأعضاء قيادة قطر العراق، وقبل أن تباشر لجنة التحقيق عملها، صدقت تقارير الرفاق حين أعلن المتكتلون  تعيينهم لأمين سر جديد وفصلهم لعضو قيادة قومية وعدم اعترافهم بقيادة الحزب القومية ورفضهم لقراراتها..

• المادة 61 العقوبات الحزبية، الفقرة 4 (توقع القيادة القومية أية عقوبات حزبية ترتئيها لحفظ أمن الحزب وسلامته) الطغمة المرتدة بمخالفتها لقرارات القيادة القومية وبتعريضها أمن وسلامة الحزب وأعضائه للخطر، قد وضعت نفسها ومن يؤيدونها فى موضع لا يصح فيه ومعه سوى فصلها من الحزب وفقا لمنطوق ومعنى هذه المادة..

• المادة 73 (كل من يترك الحزب، او يفصل منه، لا يعاد إليه إلا ضمن الشروط المنصوص عليها في أحكام هذا النظام، وإذا رأت القيادة المختصة غير ذلك، فتحيل أمر البت في طلب العودة إلى القيادة القومية).. المرتدون قرروا إعادة خضير المرشدي عضو فى قيادتهم القطرية، والمذكور كان قد استقال من الحزب برسالة خطية موجهة للرفيق عزة الدوري يرحمه الله بتاريخ 27 يوليو (تموز) 2020. وقرار المرتدين بإعادة تعيينه فى قيادتهم القطرية يخالف أولا نص هذه المادة من النظام الداخلي، ويكشف ثانياً عن حقيقة تكتلهم الذي بدأ تآمره على الحزب، منذ سنوات؟ قبل اجتماع 25 مارس (آذار) 2022..

• المادة78 الفقرة 1 (-   القيادة القومية هي المرجع الأخير في تفسير أحكام هذا النظام وعلى مسؤوليتها اللاحقة أمام المؤتمر القومي) المرتدون أطلقوا  غباراً كثيفاً لتسويغ ارتدادهم عن خط الحزب ومبادئه وأسسه التنظيمية مطلقين لأنفسهم العنان فى تفسير مواد النظام الداخلي بما يخدم مواقفهم الخائنة للحزب وعضويته ونضاله، متناسين أن القيادة القومية وحدها هي صاحبة الحق فى تفسير أحكام النظام الداخلي وتنزيلها على واقع العمل الحزبي فى منظمات الحزب فى مختلف الأقطار، وبذلك فأنهم قد وضعوا أنفسهم خارج إطار العمل التنظيمي البعثي  وفي خانة العاملين على تصفية حزب البعث لأغراض ومطامح شخصية أو خدمة لأعداء الحزب والثورة العربية..


إن الهجوم على قيادة الحزب القومية وعدم الانصياع لقراراتها الملزمة لكل بعثي بحكم نظام الحزب الداخلي، وبحكم أنها التكريس العملي لنظرية الحزب الوحدوية الديموقراطية الاشتراكية، كان دائما وسيظل هو المدخل لخيانة قضايا الأمة العربية ونضال البعث فى سبيلها. لقد أثبتت تجارب التكتل والارتداد على فكر الحزب ونضاله، أن أي محاولة للخروج على قيادة الحزب القومية قد انتهت دائماً بالوقوع فى أحضان أعداء الأمة والبعث.

 يرحم الله مؤسس البعث الرفيق أحمد ميشيل عفلق القائل: (إن القيادة القومية هي القيادة الحقيقية للحزب.. لأن البعث حزب وحدوي وقيادته واحدة. فى القيادة القومية تطرح المصلحة العليا للامة العربية، أما فى القيادات الأخرى فقد تطغى المصالح الإقليمية، وبقدر ما تخضع القيادة القطرية للقيادة القومية، بقدر ما يكون وجودها مشروعاً. فى القيادة القومية عيوب، ولكنها تبقى رغم ذلك أجدر قيادة وأبعدها نظراً، ولذلك يجب احترامها وطاعتها، أما التشكيك فيها فهو تخريب للحزب وهو جريمة نكراء).

الأربعاء، 8 يونيو 2022

لماذا التآمر على عقيدة البعث القومية الثورية وبنيته التنظيمية الآن وفى العراق بالذات؟ الجزء الثالث / بقلم محمد عثمان ابو شوك

 لماذا التآمر على عقيدة البعث القومية الثورية وبنيته التنظيمية الآن وفى العراق بالذات؟

الجزء الثالث 

محمد عثمان ابو شوك



ولكي نستبين الصورة، فى تجليها ووضوحها الكامل ولقطع الطريق على المرتدين والمتساقطين قطريين وشعوبيين، نستعرض، هنا هذه المواد بشيء من التفصيل..

المادة 5: (يتحقق الارتباط المركزي والتماسك القيادى في الحزب، عن طريق انتخاب أعضاء المؤتمرات من بين أعضاء القيادات والمؤتمرات التي دونها، وانتخاب أعضاء القيادات من بين أعضاء المؤتمرات وانتخاب أعضاء القيادة الدنيا (قيادة الفرقة) من بين أعضاء الفرقة انتخاباً مباشراً، حيث تنبثق عنهم بالانتخاب المؤتمرات وتتمتع القيادات العليا (قيادات الأقطار والقيادات القومية) بكامل الصلاحيات في غياب المؤتمر، وتكون مسؤولة مسؤولية ثقة أمام مؤتمراتها عند انعقادها) فلا يمكن مساءلة أي قيادة إلا من المؤتمر الذي انتخبها أو من القادة الأعلى منها في السلم التنظيمي، وبهذا المعنى فإن قيادة الحزب القومية مسؤولة فقط أمام المؤتمر القومي ولا يحق لأي قيادة أدنى محاسبتها على قراراتها.. وعليه فأن تخرصات المرتدين عن انتهاء صلاحية القيادة القومية حديث لا معنى له سوى مخالفة نظام الحزب الداخلي، بنحو واضح..

 

المادة 6: (تتحقق الديمقراطية في هذا النظام عن طريق الانتخاب المباشر وممارسة الأعضاء بحرية لكافة حقوقهم، وبوعي واحترام العلاقات الحزبية، وتتحقق المركزية بخضوع الأقلية للأكثرية، والقيادات الدنيا للقيادات العليا) خضوع القيادات الدنيا للقيادات العليا هو ممارسة للديموقراطية بالدرجة الأولى لأن القيادات العليا يتم انتخابها من قاعدة حزبيه تشمل كل القيادات الأدنى منها، وبطبيعة الحال فإن القيادة القومية هي الأوسع تمثيلاً لكونها منتخبة من مؤتمر يمثل كل قيادات الحزب الأدنى منها.. رفض المرتدين لقرارات القيادة القومية بشأن اجتماع 25 مارس 2022 هو رفض لقرار أعلى قيادة حزبية في غياب المؤتمر القومي..


المادة 13 واجبات العضو وحقوقه (يلتزم العضو العامل بما يأتي:

1-  النضال وفق منهاج الحزب وخططه لتحقيق أهدافه وقرارات مؤتمراته وتوصياتها وتنفيذ جميع قرارات وأوامر المنظمات الحزبية المختصة بكل دقة وأمانة.

2-  عدم مناقشة القرارات والتعليمات والأوامر الواردة في الفقرة (1) إلا في جلسات نظامية وضمن التسلسل الحزبي وبعد أداء واجبه في تبنيها وتنفيذها بأمانة.

3-  الالتزام بسياسة الحزب وتنفيذها والتمسك بقواعد النظام الداخلي والعمل على صيانة وحدة الحزب وسلامته والمحافظة على أسراره بدقة تامة.

4-   تبني جميع مواقف الحزب وهيئاته المختصة والدفاع عنها بأمانة وإخلاص) برغم أن القيادة القومية لم ترد هنا نصا، إلا ان التزام البعثي بهذه الواجبات يندرج في إطاره أيضا التزامه بقرارات وسياسات قيادة الحزب القومية بوصفها القيادة الأعلى في التسلسل التنظيمي.. فلا يمكن تصور أن يكون البعثي ملتزماً ومنفذاً لقرارات قيادة قطر أو فرع ومخالفاً لقرارات القيادة القومية..

المادة الرابعة عشر الفقرة 5(-   حرية الخروج من الحزب مع الالتزام بعدم الإضرار به وكشف أسراره) فحتى في حال استقالة الفرد من البعث، يتوجب على من خرج من الحزب أن يحافظ على ما لديه من أسرار الحزب والالتزام بعدم الإضرار بالحزب بنحو مباشر أو غير مباشر. المرتدون كشفوا، بصفة علنية عن وثائق حزبية سرية، وكشفوا، بنحو علني، عن أسماء رفيقات ورفاق معرضين لخطر التصفية داخل العراق وخارجه وتعمد إفشاء أسراره وهو ما يتنافى مع قسم العضوية.

 

المادة 35، القطر (القطر هو منظمة الحزب التي بلغت مستوى قيادة قطر على ألا تقل عن فرعين أو ما يعادلهما من حيث عدد الأعضاء وفقا لهذا النظام، ويكتسب وجوده الشرعي بعد موافقة القيادة القومية)، اعتراض المرتدين على قرار القيادة القومية بعدم قبول نتائج اجتماع 25 مارس 2022 هو تجاوز على صلاحية قاطعة أعطاها النظام الداخلي للقيادة القومية.. فوفقاً لهذه المادة فإن من حق القيادة القومية إلغاء نتائج أي مؤتمر قطري أو قرارات أي قيادة أدنى وذلك انطلاقا من تسويغ قرارها هذا أمام المؤتمر القومي..

 

المادة 39 مهام القيادة القطرية، الفقرة 11 (تلقي توجيهات وقرارات القيادة القومية والعمل على تنفيذها) قرارات القيادة القومية يتوجب تنفيذها من فورها ومن دون أي تلكؤ، ولا سبيل إلى إلغاء هذه القرارات والتوجيهات سوى القيادة القومية نفسها أو المؤتمر القومي الذي يلي إصدار مثل هذه القرارات أو التوجيهات. المرتدون لم يكتفوا برفض قرارات القيادة القومية، بل أوغلوا فيما هو أبعد من ذلك بفصلهم أحد أعضاء القيادة القومية وبإعلانهم الخروج من التنظيم القومي وبعدم اعترافهم بالقيادة القومية.

لماذا التآمر على عقيدة البعث القومية الثورية وبنيته التنظيمية الآن وفى العراق بالذات؟ الجزء الثاني/ بقلم محمد عثمان ابو الشوك

 لماذا التآمر على عقيدة البعث القومية الثورية وبنيته التنظيمية الآن وفى العراق بالذات؟

الجزء الثاني 


محمد عثمان ابو شوك

* لماذا التآمر على وحدة الحزب وعقيدته الفكرية ونظريته التنظيمية الآن؟

السبب الأهم لهذا التآمر هو فشل القرار الصهيوامريكى باجتثاث البعث فى العراق والأمة العربية الذي أصدره بريمر الحاكم الأمريكي للعراق، بعد الغزو الثلاثينى للعراق فى 2003.فلقد انطلق البعث كالعنقاء من رماد الاجتثاث والقتل المنظم والتصفية الجسدية والمعنوية والتضحية بما يزيد على 160 ألف بعثية وبعثي فى العراق وحدها، ليكون البعث رأس الرمح والعمود الفقري لحرب تحرير العراق من الغزاة واستطاع عملياً هزيمة الجيش الأمريكي المحتل وإجباره على الخروج من العراق، في سابقة تاريخية بانطلاق المقاومة المنظمة والواعية مباشرة بعد انتهاء المواجهة العسكرية. لم يحدث ذلك مصادفة، بل لقدرة البعث وحيويته على إعادة تنظيم أطرافه وبناء منظماته الحزبية والجماهيرية بقيادة مباشرة من قيادة الحزب القومية والقطرية لاستيعاب مرحلة نضالية من خارج السلطة ولمواجهة أوسع تحالف استعمارى احتلالى.. وبرغم فقدان الحزب لأمينه العام الشهيد أبو الشهداء صدام حسين، وفقدانه عدداً مقدراً من قيادتيه القطرية والقومية إلا أن البعث فى العراق وعلى امتداد الاقطار العربية بقي وسيبقى عصياً على الاجتثاث بفضل تمسك أعضائه وكادره وقيادته بعقيدة الحزب ونظريته التنظيمية والاستعداد الدائم للنضال ومواجهة المستجدات (ببرود العقل ولهيب الايمان).

ثم أن احتلال العراق ومحاولة اجتثاث البعث فيه وعلى مستوى الوطن العربى، لم توقف نمو الحزب فى العراق والوطن العربى.. فلقد توسع وانتشر البعث فى أقطار كان فيها محدود الأثر والتأثير و ليصبح بعد 2003 قوة مؤثرة وفاعلة سياسياً واجتماعياً تجلت فى تفاعل تنظيماته مع الحراك الشعبى فى الانتفاضة الشعبية التى شهدتها العديد من الاقطار . شمل ذلك اقطاراً فى مغرب الوطن العربى ومشرقه برغم التضييق والعسف والاعتقالات والقتل المنظم لأعضائه وقياداته، وبرغم الوجود والنفوذ القوى لتحالف إيران ومليشياتها  والنظام السوري فى بعض اقطاره..

لقد تغيرت موازين القوى شعبياً فى اقطار الوطن العربى كلها، على وجه التقريب وشهد بعضها نهوضاً جماهيريا واسعا تمثل فى الانتفاضات الشعبية.. وبرغم انتكاس معظم هذه الانتفاضات بتدخل القوى الرجعية العربية والقوى الدولية، إلا أنها أفرزت وعياً متقدماً فى قطاعات واسعة من الجماهير العربية بشيوع شعارات الديموقراطية ودولة الرعاية الاجتماعية، وببروز الوعي بأخطار الأحزاب والتنظيمات الاسلاموية بشقيها وارتباطاتها بأطماع إيران وتركيا وحلفها المعلن والخفي مع العدو الصهيوني والامبريالية العالمية. هذا الوعي المتطابق مع رؤية البعث وتحليله للأوضاع السياسية والاجتماعية فى الوطن العربى، جعل القوى المعادية للبعث والأمة العربية تعود إلى تجريب المجرب فى محاولاتها للقضاء على البعث لاقتلاع هذا الوعي القومي الثوري من جذوره دفاعاً عن مصالحها ومطامعها وحلفائها من قوى الانحطاط..

محاولات اجتثاث البعث بالاستناد على العناصر الرخوة بين منتسبيه والمتساقطين عن مسيرته ليست جديدة، كما اسلفنا، غير أن رد البعثيات والبعثيين عليها كان واحداً فى مراحل تاريخه كلها وهو التمسك بالأسس الفكرية والتنظيمية للبعث وفى مقدمتها وحدة الحزب قومياً وقطرياً تحت قيادة قومية واحدة تمثل البعث الذى يحقق وحدة الامة فى نفسه، قبل أن يحقق وحدة الأمة على صعيد الوطن العربى.. وفي تاريخ البعث نماذج عديدة لهذا التمسك والصلابة فى الموقف النظري والعملي، نستل منها تجربة سردها الرفيق الشهيد أبو الشهداء، عرضاً، فى لقاء له العام 1993 مع قيادة أحد تنظيمات الأقطار، توضح، بنحو لا يقبل اللبس، تمسك البعثيين المناضلين المنقلبين على الواقع الفاسد بالأسس الفكرية والتنظيمية للبعث.. يقول الرفيق الشهيد أبو الشهداء متحدثاً عن الرفيق المرحوم عبد الكريم الشيخلي، فى أعقاب ردة شباط (فبراير) 1963 فى العراق  وعملهما معا بالتنظيم البعثي فى مصر وكيف أن المرحوم الشيخلي كان كسولاً ولا يمتلك روح المبادرة: "ومع ذلك فقد اختارته القيادة القومية أميناً لسر القطر، وكان السبب هو أنا.. فقد كنت أقود الحزب فى العراق من دون تكليف، وأعدت بناءه ثم غادرت العراق إلى سوريا متسللا والتقيت هناك الرفيق ميشيل عفلق رحمه الله وطلبت منه اختيار القيادة بصورة رسمية بسرعة لتمارس دورها على ألا أكون أنا من بين أعضائها، فاستغرب رحمه الله أن استثني نفسي، فأوضحت له أن هناك الجهة المضادة لنا وهي جهة منشقة عن الحزب تنظيمياً و فكرياً وكانت قد أطلقت على نفسها اسم لجنة تنظيم القطر. ولكن من الناحية العملية فقد كلفنا أنفسنا نحن من دون تكليف من القيادة القومية أن نعمل من خارج تنظيم هذه اللجنة وأن نجمع الحزب على خط القيادة القومية بعيداً عن هذه اللجنة"، والشاهد فى هذا الحديث هو نهوض الحزب من كبوته، بعد خمسة أعوام وقيامه بثورة 30-17 تموز (يوليو) 1968، والشاهد الأعمق من ذلك، هو أن البعث فى العراق ما كان له تجاوز الانشقاق والتآمر والنهوض من جديد، إلا بتمسك البعثيين بفكر البعث وأسسه التنظيمية، ممثلة فى وحدة الحزب قوميا وقيادة الحزب القومية المجسدة لهذه الوحدة..

لذلك كله، حرص البعث على وحدته التنظيمية بقيادة قومية واحدة، معبرا عن ذلك فى نظامه الداخلي، بتعديلاته المختلفة التي أقرتها مؤتمراته القومية.. فمن أصل 81 مادة يتكون منها النظام الداخلي للبعث، خالفت زمرة المرتدين الجدد أربعة عشر مادة (نحو 17% من مواد النظام الداخلي للحزب)

كل انشقاق في البعث مصيره التلاشي والغياب/ بقلم الدكتور أموري إسماعيل

كل انشقاق في البعث مصيره التلاشي والغياب

الدكتور أموري إسماعيل


انتميت إلى حزب البعث العربي الاشتراكي، منذ أواسط خمسينيات القرن الماضي، وكلفت بتنفيذ مهمات حزبية كثيرة، ومرت بنا انشقاقات وتمردات، لكننا لم ننزلق إلى أي منها، كنا على وعي تام وكبير أن مصير كل انشقاق في حزبنا هو الفشل الأكيد، لكن الانشقاقات السابقة كانت تنشئ أحزاباً بأسماء أخرى ما لبثت أن انتهى دورها في الحياة السياسية، ألا انشقاق حافظ أسد في سوريا الذي سرق اسم الحزب ولفق قيادة قومية على مقاسه ثم انتهى أمره إلى حل هذه القيادة القومية الملفقة وأصبح كأي حزب قطري، وقد استنسخ الانشقاقيون الجدد تجربة حافظ أسد وسينتهون إلى المصير نفسه الذي انتهت إليه تجربة الانشقاق السورية، بل وإلى أسوأ من مصيرها. 

أنا واثق، بناءً على تجربتي الطويلة في العمل الحزبي، أن هذا الانشقاق الجديد سيكون مصيره أكثر عتمة وخسارة وفشلاً من جميع الانشقاقات السابقة، لذلك أنبه شبابنا البعثي الطالع الذي لم يعش الظروف التي عشناها والتي مر بها الحزب في تاريخه الطويل أن لا ينخدعوا بالطروحات البراقة والكلام المعسول للانشقاقيين الجدد، وأن يحذروا من الوقوع في شباكهم الشريرة، وليتمسكوا بوحدة حزبهم، فالمستقبل للتنظيم الذي يرتبط بالقيادة القومية الشرعية للحزب، وأي تنظيم آخر نهايته التلاشي والغياب.

#القيادة_القومية_رمز_البعث

الأحد، 5 يونيو 2022

لماذا التآمر على عقيدة البعث القومية الثورية وبنيته التنظيمية الآن وفى العراق بالذات؟ الجزء الاول/بقلم ..محمد عثمان ابو الشوك

لماذا التآمر على عقيدة البعث القومية الثورية وبنيته التنظيمية الآن وفى العراق بالذات؟

الجزء الاول

محمد عثمان ابو شوك

منذ البدايات الأولى لتأسيس حزب البعث العربى الاشتراكي، تعرض البعث لهجمات ومؤامرات متعددة  استهدفت جوهر عقيدة البعث وبنيته التنظيمية: النضال من أجل وحدة الأمة العربية على أسس جديدة تقوم على النضال الثوري  للجماهير العربية  فى كامل الوطن العربى، من خلال الانتظام فى اطر سياسية ونقابية وديموقراطية بقيادة حزب طليعي يمتد ويتسع وعاؤه التنظيمي ليشمل الوطن العربى كله.. فالدعوات والمحاولات لوحدة الأمة العربية فى وطن موحد لم تنشأ بتأسيس البعث ولم تنقطع بعد تأسيسه ولم يكن البعث هو الحزب أو الحركة الوحيدة التي تدعو إلى الوحدة العربية، إلا أن دعوة البعث إلى هذه الوحدة تميزت عما سبقها وما عاصرها وما أعقبها، بكونها الدعوة الوحيدة التي قرنت التبشير والنضال من أجل الوحدة العربية بوعاء نضالي موحد، وضع القضية العربية، لأول مرة، ككلٍ موحد، تمتد أفرعه تراب الوطن العربى بكامله وأن تكون مادة نضاله وهدفه هي الجماهير الكادحة. هذا الوعاء النضالى هو ما أشار إليه مؤسس البعث أحمد ميشيل عفلق فى فبراير 1949 قائلا: "الحزب الحقيقي، الحزب الحى، الذى يمكن أن يؤدى رسالة فى العصر الحاضر للامة العربية، هو الذى يجعل هدفه خلق أمة أو بعثها شريطة أن يحقق هذا الوصف فى نفسه أولا ، أي أن يكون هو أمة مصغرة للامة الصافية السليمة الراقية التي يريد بعثها". وغني عن القول إن اول شروط بناء مثل هذا الحزب هو أن يكون حزباً منظماً على نطاق الوطن العربى كله وأن تتحقق فى المنتسبين إليه شروط الانقلاب الكامل على واقع التجزئة والتخلف  التي تسود وطننا العربى حالياً..

لم ولن يهاب البعث محاولات تفتيته أو اجتثاثه فى الماضي والحاضر والمستقبل، لكونه قد تأسس على قواعد فكرية وتنظيمية منسجمة مع ما يناضل من أجله.. فلقد تحطمت محاولات تفتيت البعث أو إقصائه من الحياة السياسية أو اجتثاثه كلها، على أبواب صلابة المنتسبين إليه انطلاقا من وحدة النظرية والممارسة ووحدة العقيدة ووحدة التنظيم، فلم يبق أمام أعداء البعث وتطلعات الجماهير سوى اللجوء إلى محاولة تفتيت الحزب أو إشغاله من داخله بالاعتماد على استقطاب عناصر رخوة انتسبت إليه طمعا او رهبة و لدوافع ذاتية لا علاقة لها بما يناضل من أجله البعث، والاستعانة فى ذلك بأعدائه، كما أوضحت العديد من التجارب. الأمر الذى أوضحه القائد المؤسس، فى حديثه، للبعثيين، فى مدينة حمص، فى 23 فبراير 1950 بالقول: "إن انضمام الأفراد إلى حزب البعث العربى، لا يعنى خروجهم من الواقع الفاسد وتهيأهم لمحاربته والظفر عليه إلا إذا تجسدت الروح الانقلابية في فكرهم وسلوكهم، فإذا لم يتحقق هذا الشرط الأساس بقى انفصالهم عن الوسط الخارجي شكليا وانتماؤهم إلى الحركة الانقلابية سلبيا، إذ لا معنى لمبادئ يعتنقونها و لا يتحملون تبعاتها ومنطقها العملي الدقيق. ليس البعث العربى مدرسة فكرية حتى يكتفى بإعلان حقيقة آمن بها، وإنما هو حركة رسالتها النضال فى سبيل ظفر هذه الحقيقة".

لذلك فإن أول ما يستهدفه أعداء البعث ورسالة الأمة المتجددة وجماهيرها المناضلة وقواها الحية، هو ضرب الأساس الفكري للبعث المتجسد فى نظريته التنظيمية: وعاء تنظيمي واحد فى أجزاء الوطن العربى كلها تقوده قيادة واحدة  ينتخبها مؤتمر قومي يمثل مناضلي البعث فى كامل تراب الوطن العربى وهو ما شدد عليه القائد المؤسس بالقول الفصل: "البعث أما أن يكون قومياً أو لا يكون". لذلك نجد أن محاولات  تصفية البعث كلها سعت إلى استخدام هذا المعول لهدم بنية البعث وأساس بقائه موحداً صلباً فى مواجهة أعداء النضال الجماهيري على مستوى الوطن العربى: بدءا بأكرم الحوراني فى سوريا، مروراً  بالريماوي فى الأردن وعلى صالح السعدى فى العراق ومؤامرة صلاح جديد/ حافظ الأسد في سوريا فى 23 فبراير 1966 وجادين/ الصاوي فى السودان 1997 وانتهاءً بمحاولة المتساقطين فى العراق بواجهة المرشدي/ المختار . تلك المحاولات السابقة والحالية كلها انطلقت من عناصر انتسبت إلى الحزب لأسباب مختلفة وفى حقب متباينة، لكن ما يجمعها هو أنها لم تستطع الانقلاب على أمراض الواقع الفاسد داخلها، فظلت هذه الأمراض تتحين الفرص للتعبير عن نفسها علناً بالخروج عن فكر الحزب وأسسه التنظيمية، كما هو الحال الآن.. واصطدمت تلك المحاولات كلها دائما بتمسك مناضلات البعث ومناضلوه بعقيدتهم الفكرية والتنظيمية فى أصعب الظروف، وتجاوز مسعاهم بالفعالية النضالية فخسر الذين استسلموا لأمراض الواقع الفاسد الذين غلبوا ما هو ذاتى على ما هو موضوعي ومبدئي وبقي البعث صامداً صلباً تغذيه التجارب وتجدده الدروس والعبر.

السبت، 4 يونيو 2022

مجلة صوت الطلبة العدد ٣٠ / أواخر آيار ٢٠٢٢/ بغداد

 مجلة صوت الطلبة

العدد ٣٠ / أواخر آيار ٢٠٢٢/ بغداد




















لتصفح المجلة اضغط على الرابط الالكتروني 

http://online.anyflip.com/rnvg/uaan/mobile/

البعث مدرسة نضالية لا مكان فيها للردة والتآمر والانشقاق / بقلم نزار السامرائي

البعث مدرسة نضالية لا مكان فيها للردة والتآمر والانشقاق

نزار السامرائي 


كان البعث الذي وجدت فيه، ولما أكن قد تجاوزت الخامسة عشرة من العمر، المدرسة السياسية والفكرية التي تُجسد كل ما كنت اتطلع إليه من طموحات تتعلق بمستقبل الأمة العربية في بناء مستقبلها المشرق، بعيداً عن هيمنة أعدائها الذين راعهم بقاء جذوة شعور ابنائها، بأنهم أبناء أمة واحدة لها تاريخ مشترك، مهما تنوعت محاولات فصم عراها كدولة واحدة، إلى كيانات قُطرية او اقليمية، لا تخلو من صراعات أو نزاعات بينية، اسهمت بتعميق النزعة القطُرية على حساب الرابطة القومية الواحدة.

ولأن البعث كان يحمل الهمّ القومي مترافقا مع الهمّ الاجتماعي للشعب العربي المسلوب الإرادة والثروة، فقد استطاع في غضون سنوات عديدة أن يحقق انتشاراً أفقياً واسع النطاق، مع تعميق الوعي بأهمية الشعارات التي تحولت مع الوقت إلى شعارات ترفعها الجماهير العربية، وكذلك بعض أطراف النظام الرسمي العربي، استنساخا لشعارات البعث وتقربا من النظام الرسمي العربي الى تلك الجماهير.

ولأن البعث على هذه الدرجة من الوعي بقدرات الأمة في مواجهة اعدائها، فقد نجح في تحشيدها في كل المواجهات التي خاضها ضد أعداء الخارج واعداء الداخل، من نظم حكمٍ لا تخفي ارتباطاتها مع القوى الدولية الكبرى. 

ورفع البعث شعارين جسدا أهداف الأمة بالتحرر السياسي والاقتصادي من التبعية. فكان شعار (لا للقواعد الأجنبية ولا للاحلاف)، موقع الصدارة في نضاله السياسي،  والذي صار شعاراً هاماً لكل من يسعى للتحرر من الهيمنة الخارجية.

وفي الجانب الاقتصادي كان (شعار نفط العرب للعرب) يلامس ويجسد تطلعات الشعب العربي في العيش الكريم وكرامة موفورة لا تشوبها شائبة، ويكاد يلخص معادلة التطور العربي.

هذه التوجهات جعلت البعث هدفا للمخططات المعادية من ذات القوى التي كان البعث يناضل ضدها. وبسبب الخبرات التي توفرت عليها القوى الدولية، وما تمتلك من أدوات للتاثير في المجتمع العربي الذي خضع حقباً طويلة لهيمنتها، فقد اختارت طريقين لمواجهة القوى الثورية المسلّحة بايدلوجية معبرة عن تطلعات الامة: الأول تمثل في المواجهة المباشرة، والثاني في تشجيع النزعات الانقسامية والانشقاقية  في الحركات الثورية، بهدف خلط الاوراق واضاعة الحقيقة وسط دخان كثيف من الديماغوجية، من أجل أن تنتشر حالة الشك في اوساط القاعدة الجماهيرية لهذه الاحزاب. فراحت تطرح تساؤلات  دُسّت بخبث ودهاء : أين يكمن الخلل؟ في العقيدة ام في التطبيق؟ ومن هو على صواب ومن هو المخطيء؟

لأن مجرد طرح مثل هذا التساؤل، يعني أن العقيدة لم تترسخ بشكل أصيل في اذهان القواعد الحزبية، ومن هذه الزاوية تبدأ التساؤلات تترى حول جوهر المبادئ التي انطلق بها ومنها البعث.

لقد تعرضت كل الحركات التاريخية إلى التشويه، ولم يقتصر الأمر على الحركات السياسية فقط، بل أن نزعة التشكيك التي يمتلكها المتضررون من اي منهاج جديد يسعى لنشر العدل والقيم الانسانية النبيلة، تدفع بهم لإطلاق شعارات كاذبة تخدر البسطاء لوضع العراقيل بوجه التغيير.

وما حروب الردة التي عاشتها جزيرة العرب بعد رحيل الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم،  إلا واحدة من مظاهر تصدي الباطل للحق، بهدف خنقه، والذي لا يمكن أن تقف بوجهه أية قوة مهما امتلكت من أدوات مادية ودعم خارجي.

لقد تعرض البعث منذ السنوات الأولى لنشوئه إلى عمليات ارتداد وحركات انشقاقية كان قادتها على يقين أنهم تمكنوا من السطو على تاريخ الحزب وجماهيره. هكذا يفكر المبطلون واللصوص والمرتدون الذين تبدأ فورتهم وسط هالات من تشجيع الاعداء والشعور بان المعركة حُسمت لصالحهم. ولكنهم يبدأون بالتلاشي مع مرور الوقت، حتى يصبحوا نسيا لا يذكرهم أحد إلا عند الحديث عن تاريخ الخروج على قيم البعث وتراثه الغني بالدروس والعبر، ولكن أنّى لمنتفع أن يأخذ حصته من الحصانة المبدئية. 

أُتابع منذ مدة والألم يعتصر قلبي، ما تشهده ساحة البعث من تحركات ترمي إلى أخذ البعث بعيدا عن مسيرته والسطو على تاريخه، وطبعه بطابع أقل ما يقال فيه، إنه لا يحمل من البعث شيئا لا في تاريخه ولا في سلوك مناضليه ولا في تقاليده التي اعتمدت الاخلاقية وتمسكت بها إلى جانب الفروسية في رجاله الشجعان.

لقد تجسد البعث كحركة قومية تنبذ النزعة القُطرية والاقليمية، ومن أجل أن يربط هذا الفعل الميداني باطار تنظيمي، فقد جعل القيادة القومية في الموقع الذي يستمد منه شرعية التمثيل والتنظيم وشرعية الاستمرار. وعلى هذا فإن اي خروج على القيادة القومية يمثل خروجاً على قيم البعث وتاريخه وتراثه النضالي، ولا يمكن أن يمر مهما أحيط بشعارات براقة هي في واقعها التمهيد لوأد فكر الحزب والتآمر عليه وتصفية منجزاته.

البعث ليس تركة مجهولة لكل من هب ودب، ولكل من يدعي بهتاناً  إنه الوريث الشرعي لها.

لا  أحد من حقه ان يُزايد على القيادة القومية للحزب أو يزاحمها، بانها الجهة الوحيدة التي تمتلك هذا التراث الذي يجسد تاريخاً طويلاً من المآثر النضالية والتضحيات المنقطعة النظير. 

لا مكان للحياد بين الحق والباطل، ولا اجتهاد في معرض النضال.