الثلاثاء، 12 ديسمبر 2023

تفرد بالشكو ماكو / بقلم د- فالح حسن شمخي

 تفرد بالشكو ماكو

د- فالح حسن شمخي 

هل يستطيع الباحث في المجال  الفلسفي والاجتماعي ان يخرج بنتائج يعتد بها ، وهو يتصدى  لدراسة دراسة المجتمع العراقي   وفقا  لثنائية العقل والضمير ، الاخلاق والمنفعة …الخ ؟

وصلتني رسالة من الاستاذ سعدون المشهداني يقول قيها:  (اتمنى عليك ان تستمع الى الباحث عصام القيسي من اليمن الشقيق والذي يناقش  في برنامج فصول موضوع يحمل عنوان - فعل المقاومة بين المذهب الاخلاقي والمذهب النفعي ، وان تجعل من المادة البحثية منطلقا لدراسة الموضوع وتسقطه على الحالة العراقية، ، وإمكانية الاستفادة من الموازنات السياسية لحفظ التنظيم البعثي في العراق، 

معتمدا على القاعدة الفقهية التي تقول اذا تعرضت لمفستدين يمكن  التعامل مع  المفسدة الصغرى ، فهناك مفسدة كبرى وهي ضياع البلد بيد َمجاميع فاسدة تابع للارجنتين الشرقية  ، يجب ازحتها للحفاظ على العراق والمفسدة الأدنى هي  بالاستفادة من بعض القوى لتحقيق ذلك )،

 لا ادري لماذا قفزت الى ذهني نكته يطلقها ابناء العراق على انفسهم وانا اتابع  رسالة الاستاذ المشهداني ، ومحاضرة الباحث عصام القيسي ، والنكتة معروفة ، مفادها ان عراقيا وقف امام  جهاز الكومبيوتر فسأله باللهجة العراقية ( شكو ماكو ؟  ) يقال ان جهاز الكومبيوتر انفجر  لانه  لايملك اجابة لهذا السؤال ،

 الان وانا احاول اسقاط بحث فعل المقاومة بين المذهب الاخلاقي والمذهب النفعي على دراسة الظاهرة العراقية يبدو بأني تعرضت  الى ماتعرض له جهاز الكومبيوتر ، فالظاهرة العراقية اليوم لاتنفع معها اي دراسة والسبب كما يقول ابناء العراق وباللهجة المحلية ايضا ( شابجة).

الباحث اليمني يرد على من يتهم المقاومة الفلسطينية ( حماس )، بالمؤامرة ، او بانها قامت بعمل فوق طاقتها وطاقة العرب  لانها  كسرت صورة الجيش الذي لايقهر والصلف والعنجهية الامريكية والاوربية التي تقف وراء هذا الجيش الذي تبين انه ورقي ( فخل التوث بالبستان  هيبة). 

استجابة مني لما يريده الاستاذ المشهداني اقول هل يتهم او سوف يتهم حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق بما تتهم به المقاوم الفلسطينية اذا ما تفاوض او تعامل مع قوة اجنبية في سبيل انقاذ العراق من الفوضى التي تتحكم بكل شيء ومنها السياسة ؟

وهنا سنحاول  الربط بين هذا السؤال ، وسؤالنا الاول الذي وضعناه في مقدمة مقالنا ، وبمحاكات الباحث عصام القيسي ؟ 

للاجابة عن السؤالين علينا ان نعرف ماهو تعريف الاخلاق ، وماهي الفلسفة النفعية ، وعلاقة ذلك بالعقل وبالضمير ونتبع خطوات الباحث اليمني في هذا الخصوص:

١- (الأخلاق هي دراسة، تقيم السلوك الإنساني على ضوء القواعد الأخلاقية التي تضع معايير للسلوك، يضعها المجتمع او الإنسان لنفسه ويعتبرها التزامات ومبادئ يمشي عليها وأيضا واجبات تتم بداخلها أعماله أو هي محاولة لإزالة البعد المعنوي لعلم الأخلاق، وجعله عنصرا مكيفا، أي أن الأخلاق هي محاولة التطبيق العلمي، والواقعي للمعاني التي يديرها).

وهنا علينا معرفة ان المبادئ الاخلاقية نسبية وليست مطلقة ، فالاخلاق لها علاقة بالزمان والمكان ، فالقيم الاخلاقية  التي يستند اليها الشعب الهندي مثلا تختلف عن معنى الاخلاق لدى الشعب السويدي او الصومالي مثلا ، وكذلك القيم الاخلاقية في العصور الوسطى في اوربا هي غيرها الان ، والاخلاق قد يكون مصدرها الشعب او الدين او السياسة او الكل مجتمعا اما على مستوى السياسة فأن ميكافيلي الايطالي الذي كتب كتاب (الامير ) والذي ذكر فيه مبدأ اخلاقيا حيث  يقول ( الغاية تبرر الوسيلة )، فهناك الكثيرون  ممن اتفق معه من منطلق الهدف هو الاهم  ، وهناك من اختلف معه واعتبر ان تحقيق الهدف النبيل يجب ان نصل اليه عبر الوسيلة الشريفة والنظيفة ، وحزب البعث العربي الاشتراكي هو في طليعة المخالفين لمبدأ ميكافيلي ، وبالتالي لا اعتقد انه سيتعامل مع الامريكان  استنادا الى المفسدة الصغرى  ومهما كان الهدف مهما ، حتى وان برر البعض ذلك القول   ( بالاستفادة من الموازنات السياسية ).

٢- (يعود مصطلح «الفلسفة النفعية» للمصلح الاجتماعي والفيلسوف الإنجليزي جيرمي بنتام (1748 - 1832) وهي فلسفة تقيس صواب العمل بما يحققه من منفعة وسعادة للإنسان، كما تحرص على تخفيف آلامه ما أمكن لها ذلك، أما جذورها فتعود إلى مجموعة من المفكرين والفلاسفة كجون ستيوارت ميل 1806- 1873م صاحب كتاب (مذهب المنفعة) وهربرت سبنسر ). 

اعتقد ان  مفهوم النفعية  بسيط فهمه نظريا ،  لكن تكمن صعوبته  في التعامل بموجبه مع  الشعب العراقي ، فالسؤال  ماهو النفع والصواب مثلا  في حمل محمد الحلبوسي على الاكتاف ، والهتاف لنوري المالكي وحضور مجالس عمار …الخ ، فعل من المعقول ان هدية مسدس او بطانية او وجبة دجاج تجلب المنفعة وبالتالي السعادة  ، وماهي السعادة والنفع الذي يجنيها الشعب العراقي جراء الصراعات الطائفية  والعشائرية  ، والذهاب الى مايسمى بصناديق الاقتراع، وهل سيحقق حزب البعث العربي الاشتراكي السعادة والنفع في وضع يده في يد الامريكي الذي اجتاح العراق وقتل وشرد واوصل البلاد والعباد الى ماهم عليه الان ؟  للاجابة على هذا السؤال علينا ان نتذكر ( شكو ما كو).

اما موضوع العقل واحكام العقل. في الاجابة على فعل المقاومة الذي استخدمه الباحث من اليمن لدحض سؤال المتربصين في المقاومة الحمساوية كما يحلو لهم ان يسمونها ، فسنقول مثل ماقال الرجل ، العقل بحاجة الى ان تغذيته بمعلومات ومعطيات ليتمكن من اصدار القرار ومن الافضل ان نترك امر الحكم العقلي فيما يحدث الى مابعد المعركة ، وهنا نقول بان حكمنا العقلي فيما يحدث في العراق سنتركه الى مابعد الفوضى والطوفان الذي بشر به فائق الشيخ وابو علي الشيباني ولطميات باسم الكربلائي،  لان من  يعتقد انه يستطيع الحكم عقليا على مايحدث في العراق الان وفي ظل هذه الفوضى وغياب المعطيات لاعقل له.

اما موضوع الضمير الذي تحدث عنه الباحث اليمني والذي اعتبره  البوصلة بين الخبر والشر والذي لايحتاج الى معلومات ومعطيات في الحكم على فعل المقاومة ، فاقول ان بوصلة الضمير في العراق هي الاخرى قد تعطلت نتيجة لما يحدث فنجد من الصعب التمييز بين الحق والباطل ، بين الخير والشر ، بين الاسود والابيض، واننا كما يقول الشاعر جليل حيدر في قصيدة له تحمل عنوان ( شكو ماكو) ، يقول فيها (نحن شعب الباميا والباجة والتشريب ، نحن شعب السراديب ، نحن شعب الشكو ماكو).

الشعب الذي يعتبر السحرة والدجالين والخونة والعملاء وسراق المال العام قدوة  للضمير له ، اما الضمير البعثي فقد اتجهت بوصلته الى الحق والخير واللون الابيض ، وسفينته معلومة فمن يريد النجاة،، البعث هو طريق النجاة بعيدا عن القتلة الامريكان وغيرهم ، ومن يريد الغرق فالطريق واضحة بعد اكثر من عشرين سنة عجاف ، العراق للاسف يغرق  لان شعبه لم يتوصل الى الجواب على سؤال شكو ما كو ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق