مجلة صوت الطلبة/ العدد ٥٢
٢٧ شباط ٢٠٢٥
للتصفح اضغط على الرابط ادناه
https://online.anyflip.com/rnvg/ocpy/mobile/index.html
مجلة صوت الطلبة/ العدد ٥٢
٢٧ شباط ٢٠٢٥
للتصفح اضغط على الرابط ادناه
https://online.anyflip.com/rnvg/ocpy/mobile/index.html
العراق الذي سينظم قمة الجامعة العربية في أيار/مايو المقبل ، ما الذي تغير ؟
يراقب العراقيون الإستعدادات الحكومية الحثيثة لإستكمال متطلبات استضافة القمة العربية الدورية في العاصمة بغداد مايو 2025، في الوقت الذي لا يكترث العراقيين بالقمة لأسباب عدة، منها التشكيك في انعقادها ببغداد أصلا ومخرجاتها التي يمكن أن تخدم الواقع المتردي في البلاد ، والإعتقاد بأن مستوى التمثيل الرسمي العربي سيكون بأدنى درجاته التي مرت على القمم العربية السابقة،بسبب المتغيرات التي عصفت بالمنطقة من أحداث السابع من إكتوبر 2023 في غزة التي أُطلق عليها طوفان الأقصى ، الذي عصف بالمنطقة بعد تدمير معظم غزة وتهجير أهلها ، وإغتيال معظم قيادات حركة حماس وجناحها العسكري ، ثم انتقل الطوفان الى لبنان بإغتيال حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني ، وإجتياح الجيش اللإسرائيلي لمعظم مناطق جنوب لبنان ، وتعرض مناطق عدة منه الى القصف المدمر ، ثم جاء العصف الأكبر بسقوط نظام بشار الأسد في سوريا خلال أحد عشر يوماً وهروبه المذل الى روسيا ، وسيطرة ثوار إدلب على المشهد السياسي والعسكري في سوريا ، إنتهت بتسمية السيد أحمد الشرع رئيساً إنتقالياً لسوريا ، وتلقي الحوثي ضربات عسكرية أمريكية بريطانية إسرائيلية الحقت بالبنى التحتية التي تسيطر عليها الى دمار كبير منها ميناء الحُديدة ، وتوالت الأحداث العاصفة في المنطقة والعالم بفوز دونالد ترامب بالرئاسة رقم 47 للولايات المتحدة الأمريكية ، وفوز الحزب الجمهوري بالأغلبية في مجلسي الشيوخ والكونغرس ، هذه الأحداث كلها تلقي بظلالها على العالم والمنطقة والعراق ، فضلاً عن أن الشعب العراقي فقد الثقة بالسلطة القائمة التي ستمثل البلاد في هذه القمة ، كما أن هناك شعور سائد لدى أغلبية الشعب بأن هذه القمة ستكون باباً آخر من أبواب الفساد الإداري والمالي ، وستكون ارقام الصرف عليها بترليونات الدنانير ، في وقت الذي تعاني الموازنة من الكساد المالي على وفق تصريحات نُسبت الى طيف سامي وزيرة المالية ، كما أن أسعار النفط هوى بمجرد عقد اللقاء الأمريكي الروسي في العاصمة السعودية الرياض للتمهيد لعقد القمة بين ترامب وبوتين لإنهاء الحرب الدائرة في أُكرانيا التي إندلعت في 24 فبراير 2022 ، وتعهد ترامب بإنهائها عند عودته للسلطة ، وفور إعلان إنتهاء الحرب في أوكرانيا فإن خبراء إقتصاديون يتوقعون أن تهوي أسعار النفط الى(60) دولار للبرميل الواحد أو دون ذلك ، إذا علمنا أن الموازنة الثلاثية العراقية مُنظمة على أساس (80) دولار للبرميل الواحد ، فكيف ستواجه السلطة هذه التطورات الخطيرة الإقتصادية والسياسية ، فضلاً عن طبول الحرب التي تقرع في المنطقة ومئات الأطنان من الأسلحة تنهال على إسرائيل فضلاً عن التواجد العسكري الأمريكي الهائل في المنطقة براً وبحراً وجواً ، وأية حرب ستندلع مع إيران سينال العراق من لهيبها جزءاً كبيراً ، فما الذي سيجنيه العراق من هذه القمة ؟ سياسيا وإقتصادياً وأمنياً ، وكلنا نعلم أن القمم العربية منذ تأسيس جامعة الدول العربية الى يومنا هذا لم تستطع حل أية قضية إلا على وفق الإملاءات الأمريكية ، والأمثلة كثيرة بل أن بعضها ساهمت مع القوات الأجنبية لتدمير دول عربية ، وما الذي يمكن للعراق أن يقدم من حلول للقمة ، إذا كان هو طرفاً في الأزمة بسبب الإنحياز الكامل لإيران ، في الوقت الذي فرضت فيه الولايات المتحدة الأمريكية في 6 فبراير الجاري عقوبات على شبكة دولية تسهل نقل مئات الملايين من النفط الإيراني الى الصين تقدر بمئات الملايين من الدولارات ، إذ أعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية (OFAC) في بيان له أن الحكومة الإيرانية تستخدم عائدات النفط السنوية بمئات مليارات الدولارات لتمويل أنشطتها الإقليمية (المزعزعة للإستقرار) ، فضلاً عن الجماعات المصنفة إرهابية مثل حماس ، حزب الله ، الحوثيين . وأفاد وزير الخزانة الأمريكي سكوت بسنت أن (طهران لا تزال تركز على إستخدام عائدات النفط الإيراني لتمويل برنامجها النووي ، وإنتاج الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة القاتلة) مضيفاً أن (طهران تدعم وكلائها الإرهابيين في المنطقة) مؤكداً (أن الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة بإستهداف أي محاولات من قبل إيران لتمويل هذه الأنشطة العدائية) ، فهل السلطة في بغداد تستطيع أن تُبلًغ من يحضر القمة بأنها ستنأى بنفسها عن الصراع بين إيران والولايات المتحدة ، وهل تستطيع إلزام وكلاء إيران في العراق بذلك ؟ وهل يتوقع القادة العرب الذين سيحضرون القمة في بغداد ، أن بإمكانهم إقناع السلطة في العراق بالإبتعاد عن محور إيران وتفكيك وكلائها في العراق ، لإبعاده عن شبح حرب قادمة تلوح في الأفق؟ لصياغة شرق أوسط جديد برؤية أمريكية إسرائيلية ، كما أصدر الرئيس الأمريكي ترامب مرسوماً تنفيذياً يهدف الى تصفير صادرات النفط الإيرانية بما في ذلك الى الصين بإعادة (الضغط الأقصى) ، أم ان الجميع يلعب على مسألة الوقت في إنتظار إنضاج الوساطة السعودية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران وعلى وفق نتائج هذه الوساطة ترسم ملامح المنطقة ، خبر هذه الوساطة نشرته قناة (CNN) الأمريكية إذ تناولت صحيفة (سازندكي) الإصلاحية الإيرانية بالخط العريض فوق صورة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان !! تحت عنوان(جهود من أجل الوساطة) ، بينما إحتفت صحيفة (أمران أمروز) بالخبر وعنونته في صفحتها الأولى بعنوان (السعودية ... الوسيط الجديد بين إيران وأمريكا) ، فيما وصفت صحيفة (ستارة صبح) زيارة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الى المنطقة بأن (هناك تحركات خطيرة يتم القيام بها ضد إيران ) وتحدثت عن أهداف سرية وأخرى معلنة تكشف كلها عن مدى الخطورة التي باتت تواجهها إيران ، وفي الخامس من فبراير الجاري ألغى الرئيس الأمريكي ترامب (الإعفاء المسموح) للعراق لإستيراد كهرباء وغاز من إيران وتضمنت المذكرة (إتخاذ خطوات فورية ، بالتنسيق مع وزير الخزانة والوكالات الأخرى ذات الصلة ، لضمان عدم إستخدام النظام المالي العراقي من قبل إيران للتهرب من العقوبات أو التحايل عليها ، وعدم إستخدام دول الخليج نقاط شحن للتهرب من العقوبات ) ، فهل تستطيع السلطة في بغداد الطلب من السعودية وقطر والإمارات تعويض ما كان يستورد من إيران ؟ ثم كيف ستبرر إذا ما إستطاعت أن تفعل ذلك (نشك في قدرتها أن تفعل ذلك لانها لا تستطيع الخروج عن ولائها المطلق لإيران) ، فرق السعر بين تلك الدول وما كانت إيران تفرضه ، هذا الفرق كان يكفي لبناء مئات المستشفيات والمدارس وإعادة تأهيل قطاعي الصناعة والزراعة المهملتين ، ليستمر العراق في الإعتماد على ما يستورد من إيران ، في قمة بغداد 2012 بينت دول مجلس التعاون الخليجي هواجسها في أربعة محاور : ، أولها تبديد حالة الاستياء من مواقف أطراف قريبة من الحكومة العراقية تقوم بالتدخل في شؤون مملكة البحرين ودولة الكويت، ثم انفتاح حكومة بغداد على بحث القمة للأساليب التي تمنع تدخل إيران في الشؤون الداخلية لدول الخليج، ثم الموقف من سوريا كحضور للقمة أو كموافقة على تطبيق قرارات الجامعة العربية بحقها، وأخيرا إتمام مشروع المصالحة الوطنية في العراق قبل موعد القمة والتوصل إلى نتائج ملموسة في هذا الشأن ، فماذا تحققت من هذه المحاور خلال الفترة بين القمتين 2012 و2025 إذا ما توفرت ظروف لإنعقادها في بغداد ، على وفق المعطيات الجيوسياسية في المنطقة ، ومدى إستعداد إيران للتخلي أولا عن فكرة تصدير الثورة الذي يعني توقف تدخلها في شؤون الدول الأخرى ، ومن ثم تفكيك شبكات وكلائها في دول العالم ، ثم التخلي عن برنامجها النووي والأسلحة البالستية بعيدة المدى والطائرات المسيرة ، ووقف تدخلها في الشأن الداخلي العربي تحت أية ذريعة أو مسمى ، إذاً يترتب على القادة العرب عدم السماح لإيران بإستغلال العراق لتجيير القمة لصالحها ، وعدم السماح لحضور أي ممثل عنها مهما كانت المبررات ، فإيران اليوم ليست ىإيران 2012 ، وأن يفهم القادة العرب أن التعامل مع النظام الإيراني بثقة خطأ إستراتيجي كبير ، يجب أن يكون الشك دائماً هو المقدم على الثقة في التعامل مع هذا النظام الذي ليس له ذمة ولا مصداقية ويعمل من أجل تحقيق الحلم الفارسي بإعادة إمبراطوريتها التي تهاوت في العراق ، كما أن على الجامعة العربية نيابة عن القادة العرب توجيه رسالة صارمة ،بأن القمة لن تُعقد في بغداد على حساب حرية الالاف من العراقيين بدعوى أمن القمة والمطالبة بمصير من أُعتقل بسبب القمة السابقة في 2012 الذين لا يعرف مصيرهم الى الآن ، وهذا الطلب ليس تدخلا في الشأن الداخلي ، وإنما إلتزاما بالعهود والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وحقه في الحياة والحرية والكرامة ، إذ بدأت الأصوات تتعالى من الآن ، من مسؤولين وحزبيين ونواب وصحافة موالية لإيران ، تدعي أن هناك تحركات بعثية للوصول الى السلطة أو القيام بأعمال تُخلُّ بالأمن ، وأن له مقراً في أربيل إذ سارع مكتب البارزاني الى نفي ذلك ، ومطالبة أربيل تسليمهم الى بغداد ، كلها لتهيئة الجو لشن حملات إعتقالات جديدة لتأمين القمة من أعمال إرهابية مزعومة ، في ظل سلطة عراقية ومليشيات وقوى سياسية وتنظيمات طائفية تتعامل جميعها مع إيران كحليف إستراتيجي ووحيد في المنطقة، وهنا نقع في دائرة الخطر والتوجس من نوايا هذه السلطة ، ونؤكد للقادة العرب عامة والخليج خاصة أن لا يتوهموا للحظة واحدة أنهم يمكن أن يغيروا ولاءات سلطة العراق الحالية والكثير من القوى العاملة في العملية السياسية تجاه إيران، مما يتطلب دقة الموقف الخليجي والعربي حيال شعب العراق بكل طوائفه وقومياته وأديانه من جهة، وبين ولاء النظام القائم المطلق ( لإيران) ، وأن الوقت بات ملائماً جداً للقادة العرب الوقوف في صف الشعب العراقي ، والعمل على تخليصه من الإحتلال الإيراني ووكالائه الذين يشكلون خطراً على الأمن القومي العربي والدول العربية إذ تسعى إيران بسط نفوذها عليها .
الدكتور نهاد عبد الله اللواء الركن أبو الحسن العراقي
19/2/2025
.
نداء إلى حكومة العهد الجديد في لبنان
إحذروا ملائكة أمراء الطوائف التي تُعشِّش في مؤسسات الدولة
حسن خليل غريب
2025/2/12
في الشكل لا يجوز للبنانيين إلاَّ أن يرحبوا بالخطوات الأولى لملء الشغور في المؤسسات الدستورية العليا التي طال انتظارها أولاً، والتي اشتاق اللبنانيون لحصولها بعد طول غياب ثانياً، والتي حصلت بعد سلسلة من زلازل الدمار والدماء والتجويع والإفلاس ثالثاً.
وفي الشكل أيضاً، وإن كان العهد الجديد قد راعى تطبيق (الميثاقية) في منهج المحاصصة الطائفية في توزيع المقاعد الحكومية، لكنه وعد على أن تكون تلك القاعدة -التي كانت السبب في تخلف لبنان عن اللحاق بأسس الدولة المدنية الحديثة- مبنية على أساس تطبيق مبدأ الكفاءة والنزاهة.
وفي الشكل أيضاً، تم انتخاب رئيس الجمهورية على قاعدة توزيع المسؤوليات الرسمية على الطوائف، ولكن الرئيس الجديد جاء من خارج القيد الطائفي التقليدي -القيد التقليدي المتعارف عليه منذ استقلال لبنان في العام 1943 والذي كان يمثِّل طائفته أكثر مما يمثِّل اللبنانيين- وبفارق أساسي يتميز به، هو أنه خضع لتجربة منهجية في إدارة المؤسسة العسكرية وقاد مهماتها بنزاهة وكفاءة حافظ بواسطتهما على وحدة تلك المؤسسة.
وفي الشكل أيضاً، تم تكليف رئيس للحكومة على قاعدة المحاصصة الطائفية في المؤسسات الدستورية الرسمية، ولكنه جاء من خارج المنظومة الحاكمة التي أوصلت لبنان بتسوياتها الرخوة ومساوماتها إلى غياب أي مظهر من مظاهر الدولة المدنية الحديثة؛ رئيس الحكومة الجديد وصل بكفاءته ونزاهته إلى شغل رئاسة أعلى سلطة قضائية دولية، فيكون بنجاحه في ذلك المنصب مؤهلاً لأن يقود لبنان إلى شاطئ الأمان، هذا إذا استطاع أن ينأى بنفسه عن الغرق في متاهات أمراء الطوائف.
وفي الشكل أيضاً، وكما تؤكد التقارير والمعلومات، تم تشكيل الحكومة من وزراء دلَّت السيرة الشخصية لكل منهم، على أنهم يمتلكون مواصفات تؤهلهم لقيادة دولة حديثة. وفوق هذا كله، أنهم لا يخضعون لسلطة أمراء الطوائف، ولو بالحد الأدنى.
وإنما الشكل في كل ما ذكرنا أعلاه لن يكفي لوحده في إيصال لبنان إلى شاطئ الأمان. لأن القيادة الصالحة لن تنجح في مهماتها من دون جهاز إداري صالح كفؤ ونزيه.
صحيح أن المتغيرات، التي حصلت في البنيان الرأسي للتغيير، سليمة ولا يستطيع أحد أن يكتشف الثغرات في ذلك البنيان قبل أن يخضع المسؤولون عنها للتجربة أولاً. ولذلك على اللبنانيين، وبالأخص الشرائح الأكثر وعياً والأكثر ثقافة، أن يحافظوا على متاريسهم في صفوف المعارضة والمراقبة والكشف عن الأخطاء وإلقاء الأضواء عليها قبل أن تتفاقم.
وعلماً أن الدولة الحديثة تُبنى من مؤسسات دستورية رأسية تخطط، ومن مؤسسات تنفيذية تحتية. ولأن الحاكم الآن في المؤسسات الرأسية لا يزال قيد التجربة، وإذا كان الحاكم يتَّصف بالكفاءة والنزاهة، لكنه لن ينجح في بناء الدولة من دون مؤسسات تحتية رسمية تقوم بالتنفيذ المهني السليم.
لذلك، وإذا كان اللبنانيون مطمئين إلى توافر شروط الكفاءة والنزاهة -نظرياً- في البنيان الرأسي، على الحكومة الجديدة -رئاسة الجمهورية، ورئاسة الخكومة، والوزراء- أن يتذكروا أن الفرحة التي أعلنها اللبنانيون والاحتفاء بقدومهم، يعود لسبب وحيد ورئيسي هو الفشل الذي أصاب لبنان بأكثر الأخطاء خطورة في تاريخ لبنان الحديث. والمتهمون هي الطبقة الحاكمة السابقة، التي حوَّلت لبنان إلى دولة فاشلة ينخرها الفساد ابتداءً من رأس الهرم دستورياً -رئيساً وحكومة ومجلس نيابي، ومؤسسات رسمية- وباختصار (كلن يعني كلن) كما عبرت ثورة تشرين 2019، في حينها.
ولأنه أصبح من الواضح أن العهد الجديد لا يمكنه أن ينجح بالتغيير في ظل وجود مؤسسات رسمية، أتقنت أكثرية العاملين فيها -بدءاً من أصغر موظف فيها وصولاً إلى مديرها العام- فنون الفساد والرشوة والتزوير.
فإلى جانب التخطيط السليم من قبل العهد الجديد، ولكي يضمن وجود مؤسسات تنفيذية، عليه أن يعمد إلى تطهير بؤر الفساد والرشوة في المؤسسات السابقة أولاً، وذلك بإعادة بناء ما تهدَّم في جدران السلطة القضائية بتطهيرها من كل (من أكل من مال السلطان، وضرب بسيفه)؛ خاصة أنها السلطة المخوَّلة بملاحقة الفاسدين ومحاكمتهم وإنزال العقوبات بهم، واستبدالهم بأجهزة إدارية ناجحة مهنياً، وسليمة أخلاقياً.
وبمثل هذا الإجراء، على الجهاز القضائي أن يكون عادلاً وصارماً ويشكِّل الطريق السليم والآمن لإعادة تأهيل مؤسسات الدولة. تلك المؤسسات التي سوف تكون أجمل بغياب الفاسدين واللصوص عنها، خاصة من الذين أُتخموا على حساب لقمة الفقير والجائع والمريض.
وأما عن السلطة التشريعية، مجلس النواب، والتي تمثِّل بالإضافة إلى دورها التشريعي ما يضمن مصلحة الشعب، وهي تمثِّل السلطة الرقابية على السلطات الأخرى، نعتبر أن غيابها عن لعب دورها يعني فلتان أجهزة الدولة وغرقها في الفوضى والفساد. وهنا وإذا كان الشعب هو من سيختار ممثليه في البرلمان، وقد يُخطئ الشعب بسلامة الاختيار، فإن الحكومة العادلة عليها أن تُخضع الفاسدين منهم للمثول أمام قوس العدالة، لكل من استفاد سابقاً من مزاريب الرشوة والفساد والتزوير، ولكل من سوف تسوِّل له نفسه في المستقبل بخيانة الشعب الذي محضهم ثقته وأعطاهم أصواته في صناديق الاقتراع.
وأخيراً، وبعد حصر المقال بتسليط الضوء على مسألة تفصيلية -الفساد الإداري- من دون الخوض بمسائل التغيير الأخرى، فلأن خطط التغيير موجودة في أرشيف المئات من المؤسسات البحثية، وليس لدينا شك بأن خزائن رؤوساء المؤسسات الدستورية مليئة بمشاريع الإصلاح والتغيير.
وإذا كان العهد الجديد قد بدأ عملية التغيير من الأعلى، عليه أن يستكملها بخطة التغيير من أدنى. ونختم مقالنا، بالتحذير الموجَّه إلى العهد الجديد: (إحذروا ملائكة أمراء الطوائف التي تُعشِّش في مؤسسات الدولة)، لأنه المدخل الأساسي للإصلاح، وبدون تطهير الفاسدين من بينهم، سوف تتعرقل عجلات التغيير إلى أمد غير منظور.
افواه وارانب
د- فالح حسن شمخي
العنوان تم استعارته من فلم مصري بطولة فاتن حمامة وفريد شوقي ومحمود ياسين ، الثيمة للفلم هي كثرة الإنجاب التي تعاني منها العوائل الفقيرة وتحمل الابن او البنت الكبرى مسؤولية ذلك .
اما المعنى الأساسي الذي تريد ان تقوله هذه المقالة فهو مختلف ، من يريد ان يعرف الثيمة او المعنى الاساسي سيجدها بين السطور .
عندما توفي المرحوم فلاديمير لينين تسلم السلطة في الحزب والدولة جوزيف ستالين ، فكان اول الهاربين من موسكو هو منظر الثورة البلشفية تروتسكي ، هرب إلى المكسيك ، وتم اغتياله هناك على يد مخابرات ستالين (ك ج ب)، ومن منا لايعرف سطوتها وبطشها ، يقال ان ستالين توفي وهو في مكتبه لمدة يومين والسكرتيرة الشخصية تخاف دخول الغرفة لانه لم ينادي عليها ، وهذا الامر حدث مع نبي الله سليمان الذي مات في فراشه ولم يتمكن الإنس والجن من إيقاظه خوفا من بطشه ، هنا يجوز لنا ان نقول بان الإنس والجن تحولوا إلى أرانب في زمن سليمان ، والأمر كذلك في زمن ستالين .
بعد ستالين تسلم السلطة تيودور خروشوف ، الفلاح القاسي الذي ضرب على طاولة الامم المتحدة بحذاءه ليستمعوا إلى خطبته ، لم يجرأ احدا لتوجيه النقد إلى خرشوف ايام حكمه لا في قيادة الحزب ولا من قيادة الدولة في الاتحاد السوفيتي .
بعد وفاة خروشوف وتسلم بريجنيف وبعده آخر إلى وصلت قيادة الحزب والدولة إلى غرباتشوف ، هذا الرجل الطيب الذي كتب ( التروتسيكا)، والذي كان هدفه هو الإصلاح ، تمرد عليه اعضاء الحزب والدولة ووصفوه بشتى الأوصاف ومنها اتهامه بالعمالة لأمريكا ، وهنا تهيأت الظروف لرجل سكير تافه اسمه يلسن ، الذي أطاح بالحزب والدولة وكل شيء ، فتفكك الاتحاد السوفيتي وفقدت روسيا السيادة والكرامة والعنفوان وحكمتها المافيات إلى ان جاء ضابط المخابرات الذي كان يعمل في المانيا والذي يسمى اليوم القيصر بوتين ليقلب الطاولة على المافيات والأرانب الذين تحولوا إلى وحوش كاسرة ايام غرباتشوف ، ليحاول وسيحاول استعادت مجد روسيا وريثة الاتحاد السوفيتي بعد ان تخلى عن انتماءه للحزب الشيوعي وتأسيسه حزبا ليبراليا.
اختم بالمثل العراقي الذي يقول ( الامام الما يشور يسمونه ابو الخرك)، واقول ان دراسة تجربة الاتحاد السوفيتي والحزب الشيوعي السوفيتي فيها الكثير من الدروس المستنبطة لكل حكيم وحليم .
توقيع ترامب على أنغام خوف الحكام العرب
د- فالح حسن شمخي
توقيع ترامب الطويل الذي ينم عن شخصية غير سوية ، ورفع شكل القرارات التي يوقعها امام الكامرات ، بالتزامن مع التعليق عليها ، هي دعاية ( شو)، لايستند إلى قانون ، نقول لترامب ان يفعل كما يقول المثل العراقي ( ينكعه ويشرب ميه ).
تراجع ترامب عن البعض من قراراته وحبرها لم يجف بعد وخاصة. بالنسبة للجنود والموظفين الذين قرر فصلهم من العمل لانه اصطدم بقوانين وعرف اقوى من قراراته ، وفي مجال التعريفة الكمركية مع كندا ، وجمد قراره مع المكسيك ، ورفض الكونكرس قراره بتخصيص اموال لارسال القنابل الثقيلة إلى الكيان الصهيوني ، وكما يقول المثل العربي ( الحبل على الجرار )، اما بخصوص تسمية مضيق باناما وخليج المكسيك ، فالخرائط الدولية لاتغير وكذلك الأسماء لسواد عيون ترامب ، والتسميات هنا تذكرنا بتسمية ( الخليج الفارسي) و( الخليج العربي)، اما موضوع انسحابه من الأونروا وحقوق الانسان ومنع بيع نفط ايران فهذا بالعراقي يسمى ( خرط)، فهناك قوانين وانظمة تحدد العلاقات الدولية ، واذا كل رئيس يستلم السلطة وينسحب منها فالعالم سيصبح غابة ومثل مسرحية دريد لحام ( كلمن أيده الو )، سنرى كيف سيدفع اموالاً للأمم المتحدة والأونروا رغم انفه
العالم في الشمال والجنوب يتحدى ترامب ويسخر منه، ولايعير اهمية لا لا أقواله ولا لتواقيعه ، إلا عالمنا العربي بحكامه ومحلليه ونخبته ومثقفيه ، كلهم يراقب توقيع ترامب وقرارات ترامب بشغف وولع ، انهم يعيشون حالات من حالات الهلع والخوف والرعب لامثيل لها ، لماذا ؟ لانهم ببساطة جبناء ولأعلم لهم بالقوانين الدولية ولديهم اخلاق العبيد الذي حدثنا عنها الفيلسوف الالماني هيغل في مقالته ( السيد والعبد ).
لقد تم العدوان على العراق وافغانستان من غير موافقة مجلس الامن استنادا إلى قرار امريكي فقط ، لم يفكر العراق حينها العراق بتقديم شكوى ، لا اعرف السبب ، هل هم يتبعون السيد المسيح ( من يضربك بخدم الايمن اعطيه خدك الأيسر )، او لانهم يجهلون القانون الدولي ويعتقدون ان كل العالم عبيد لأمريكا.
إذا اراد ترامب ان يجرب حظه العاثر في احتلال غزة عسكريا لانها مشروع تجاري وسياحي ولوجود الغاز في بحرها فانه غبي وواهم ، فالشعب العربي الفلسطيني الذي قاوم جيش الاحتلال الصهيوني الذي صدع رؤسنا بانه الجيش الذي لايقهر بالرغم من الدمار الشامل لبنيته التحتية وقتل وتشريد وتنفيذ أبادة جماعية بحقه ، سيقاوم جيش ترامب ، الذي سوف لن يكون استحصال الموافقة على زجه في غزة بالأمر الهين ، فالكونغرس هو من يقرر ، واذا ماحدث ذلك ، فالاهزوجة العراقية تقول ( شلك بالروح تباريها الموت اولها وتاليها )، سيواجه جيشه نموزج جديد للفلوجة العراقية .
فلسطين اليوم ليست فلسطين العام ١٩٤٨ ، فلسطين تحولت إلى راي عام عالمي ، والمحاكم الدولي تلاحق الغزاة ، ولم تعد امريكا القطب الواحد الذي يدور العالم في فلكه ، والشعب العربي الذي نعتقد انه في سبات نراهم عليه من منطلق ( احذروا الحر إذا غضب).