الثلاثاء، 4 يونيو 2024

نكسة حزيران دافع قوي لإنتصار الأُمة العربية على إِسرائل./ الرفيق أ.د ابو لهيب

 نكسة حزيران دافع قوي لإنتصار الأُمة العربية على إِسرائيل.

الرفيق أ.د  ابو لهيب

 تمر اليوم الذكرى ( ٥٧ ) على نكسة الخامس مِن حزيران عام ١٩٦٧ عندما شنت إسرائيل حرباً على ( ٣ ) مِن دول جوارها العربي ، دامت ( ٦ ) أيام وهزمت فيها الأطراف العربية هزيمة ساحقة           

 عادةً ما تحرص الأُمم والمجتمعات على مراجعة تأريخها ليس مِن أجل البكاء على الأطلال ، إنما مِن أجل التعلم مِن أخطائها والسعي لبناء مستقبل أفضل.    

 لذلك تاتي هذه المناسبة المؤلمة في ظرف بالغ الخطورة قلما عرفت الأُمة العربية مثله في تأريخ نهضتها الحديثة .         

 ويكاد تأريخ هذه الأعوام ( ٥٧ ) يتضاءل امام اهمية الحاضر الذي نعيشه وأمام حراجته . بل ان أهمية الحاضر وحراجته لتمليان الطريقة الوحيدة التي يجوز أن يعالج بها الماضي ، أي أن يثبت جدارته وقيمته وجدواه بأن يعطي الجواب المقنع والنافع على الأسئلة المصيرية التي يطرحها الحاضر العربي .       

 فلمثل هذا اليوم والذكرى المؤلمة توجد الحركات الثورية الأصيلة ، وفيه تجد مبرر وجودها ، فالحزب هو جزء مِن الأُمة ، خرج مِن آلامها وحاجاتها ، وتطلعاتها ، ويبقى مرتبطاً بالأمة وتأريخها ، والأُمة هي الغاية . فماضي الحزب لا ينفصل عن حياة الأُمة ومصيرها ، ويبقى وسيلة ، الثورة العربية وكل ما أصابته مِن نجاح أو فشل في ( ٥٧ ) سنة الأخيرة . كذلك فماضي الحزب لا ينفصل عن حياة مناضليه وماقدموه مِن عطاء ومايحملوه مِن تضحية ومشقة   

 كانت مِن نتائج هذه الحرب خسائر بشرية ومادية كبيرة ، واحتلال أجزاء واسعة مِن الأراضي العربية ، وتدمير أغلبية العتاد العسكري العربي .                 

ولكن بدايةً لابد مِن الإشارة إلى ان تاريخ الأُمة العربية بعد ( ٥ ) حزيران عام ١٩٦٧ هو تاريخ انتصارات متلاحقة ، وتاريخ هزائم متصلة ومتراكمة للعدو الصهيوني ، رغم اتفاقات مايسمى بالسلام الموقعة معه مِن قِبَلْ بعض الدول العربية .             

والحقيقة أن مصر مِن البلدان التي عرفت في بعض فتراتها مراجعة نقدية ، ولكنها ظلت استثناء ولم تتحول إلى انماط تفكير سائد تبنته النظم القائمة والتيارات السياسية على السواء ، فقد شهدت البلاد عقب هزيمة عام ١٩٦٧ مراجعة نقدية أقدم عليها الرئيس جمال عبدالناصر ومثلت حالة فريدة في تاريخنا المعاصر ، فقد امتلك الرجل القدرة والجرأة على الاعتراف بالخطأ أعقبه محاولة غير مكتملة للإصلاح .                                   

وعلى أثر ذلك بعد أيام معدودات، فى الأول من تموز ١٩٦٧، اندلعت حرب «الاستنزاف»؛ بدأت بمعركة «رأس العش»، وقعت أحداثها عندما تقدمت المدرعات الإسرائيلية، يساندها سلاح الجو، صوب «بور فؤاد» لاحتلالها، فتصدت لها قوة من الصاعقة المصرية ببسالة، وحققت نصرا كبيرا، رغم القدرات المحدودة فى ذلك الوقت؛ وخلال يومى١٤ و١٥ تموز، نفذت القوات الجوية المصرية طلعات هجومية جريئة ضد القوات الإسرائيلية فى سيناء، أحدثت فيها خسائر فادحة، وأدت إلى فرار جنود إسرائيليين من مواقعهم؛ وفى ٢٠ أيلول، تمكنت المدفعية المصرية من تدمير عدد غير قليل من الدبابات الإسرائيلية، بالإضافة إلى ٢٥ قتيلا و٣٠٠ جريح منهم ضابطان برتبة كبيرة .    

          

وفی ٢١ تشرين الاول عام ١٩٦٧ تمكنت الزوارق البحرية المصرية مِن اغراق المدمرة الاسرائيلية إيلات بشمال شرق بورسعيد ، وتعد هذه الخسارة فادحة للبحرية الإسرائيلية ، كما كانت خسائرها كبيرة في الارواح ، مما دفعها لاستئذان مصر بواسطة الأمم المتحدة للبحث عن الغرقى في منطقة التدمير .        

تصاعدت العمليات العسكرية التي اظهرت قدرات الجيش المصري الحقيقية ، في أقل مِن ثلاثة أشهر بعد الهزيمة ، واستمرت حرب الاستنزاف ثلاث سنوات ، وفي ٧ آب عام ١٩٧٠ ، بعد أن تكبد الجيش الإسرائيلي خسائر وهزائم متعددة بمشاركة كل الأسلحة المصرية ، الجوية والبحرية والبرية والدفاعية ...، انتهت المواجهات بقبول الطرفين لمبادرة روجرز الأمريكية لوقف إطلاق النار في ٥ حزیران عام ١٩٧٠ لمدة ٩٠ يوماً وأن يدخل الطرفان في مفاوضات لتنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم ٢٤٢ الداعي لعودة الجيش الإسرائيلي إلى حدود ماقبل ٥ حزیران عام ١٩٦٧.                                

 وبهذا بین الجیش العربی الاصیل قوته للعدو الإسرائیلی والغربي بِأنهم لا ينهزمون ويعيدون جميع الأراضي والحقوق التي خسروها في معركة ٥ حزیران عام ١٩٦٧، وأثبتوا للعالم بِأن الجيش العربي جيش الأُمة العربية مِن المحيط إلى الخليج بدون أي استثناء أو تميز كما يعتبر السور المانع لحماية الأُمة العربية أرضاً وشعباً .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق