السبت، 9 فبراير 2019

توقف ...stop .... بقلم محمود الجاف




بسم الله الرحمن الرحيم



توقف
(stop )

محمود الجاف
 
توقف الآن
...
واسأل نفسك . من أنا ؟
 
إلى أين امضي في حياتي ؟ وإلى متى سأبقى هكذا ؟
 
ألا يجب أن أتغير وأضع نفسي في المكان الذي يليق بها ؟ أم اخرج من الدنيا وأنا مجرد جثة هامدة لا أحد يهتم لها ... العناوين هي التي تمنح الإنسان الصفة وليست آدميته فقط . فيقال : مات الدكتور أو الوزير أو الأمير . أو الأستاذ أو رجل الدين أو . صفر ... فمن أنت ؟

لو سألوك عن أيٍ من المُحيطين بك . أهلك . أصدقائك . ستكتشف انك تعرف كل شيء عنهم . وقد يكون أكثر مما يعرفوه عن أنفسهم لأنك تهتم بكل من حولك . حتى الحيوانات والنباتات . لكن هل جلست مع نفسك يوماً ؟ وقومتَ وقيمتَ مسيرتك في الحياة . ما الأخطاء التي يجب أن تتجاوزها والإيجابيات التي عليك تطويرها . ماهي الطرق والوسائل التي تعينك على الوصول إلى أهدافك بأسرعً وقت واقل جهد . كيف نُصبح أفضل من الآخرين دينيا وأخلاقيًا وعلميًا واجتماعيًا وسياسيًا . وفي كافة المجالات . مع أنفسنا أولا ثم مع المحيطين بنا . كيف أحب نفسي وأضعها في المكان الذي يليق بها . بدل أن انسب إليها كل هفوة واجهتها في حياتي وأدفع بها إلى مُستنقع الرذيلة .
أولى خطوات النجاح هي مواجهة النفس والتصالح معها . والتعرف على قدراتها ثم اختيار الأهداف وابدأ من الآن بالتحرك والعمل فمازال هنالك المزيد من الوقت ...
قد تجد نفسك في مكان غير ملائم . فقر وصراخ وعويل وإهانة وذُل وألم ومُشاجرات الوالدين وحُزن شبه دائم وألفاظ غريبة عجيبة من الصباح حتى المساء . غبي . حيوان . فاشل . حقير ... الخ . رددوها حتى صار أطفالهم كما وُصفوا بالضبط . وأحيانا الدعاء عليهم بالموت وسوء العاقبة . أو عدم الثقة وإلغاء الآخر والتحول إلى مُجرد جهاز آلي ينفذ الأوامر دون مشاعر . ولأنهم لايستطيعون الإنتقام من مُربيهم تراهم يزدادون عنادًا وانحرافًا بل وينقادون إلى الإجرام بسهولة . وحينها يُصاب الكبار بالحيرة بعد أن عجزوا عن قيادتهم رغم أنهُم استخدموا كل الوسائل ومنها الضرب المُبرح المُؤلم الذي قد يصل إلى الإعاقة الدائمة أو الموت أحيانا .

كل ما في عقولنا من أفكار وثقافات وعادات وتقاليد ونجاح أو فشل مُكتسبة من الأشخاص المُحيطين بنا . قد تكون نابعة من أحقاد ومُعتقدات غير صحيحة تكونت عبر صراع قديم بين المُجتمعات وجدنا أنفسنا مُضطرين لقبولها والتعامل معها مُجبرين . نحن لا نعرف عن المرأة سوى أنها خلقت من أجل الإفراغ الجنسي ؟ لاندري أنها بشر له أحاسيس ومشاعر وهي بحاجة إلى الحب والحنان والإهتمام . ما الرجل ؟ ما الطفل ؟ ولهذا نفشل في علاقاتنا حتى مع بعضنا وشخصياتنا ضعيفة واهية وأصبحنا مُقلدين لكل ما يُعجبنا مما نراه أو نسمعهُ من تفاهات الفنانين أو الفنانات . وحين نتوقف ونحاسب أنفسنا ونصحوا يومًا من غفلتنا سيتملكنا اليأس والحزن ونهوي إلى المزيد من الضياع وتصيبنا الكآبة .

دمرونا بأسلوب مُخطط له ومدروس بعناية وبرمجوا عقل الإنسان في العالمين العربي والإسلامي من خلال شاشات التلفاز وخربوا فيه كل المعتقدات والقيم الإيجابية .

ومن أساليب برمجة العقل الباطن هي :
1 : الخيال : تتخيل البنت أو الولد نفسها أو هو بدل الممثل أو الممثلة حتى تصل أو يصل إلى أن يقلده في كل شيء . فالأفكار يُترجمها السلوك .
2 : التكرار : وصول عدد المُسلسلات إلى المئات ولأجزاء عديدة والإستمرار بعرض أفلام الإثارة والقتل والرومانسية ولهذا ترى شبابنا يتنقلون بين الحب والاغتصاب وسفك الدماء والسرقات وربط هذه الأفعال بالرجولة والبطولة ولهذا يرتكبون الجرائم ويتلذذون بها والقادم أسوأ .

3 : حشد الحواس : تجد البعض عند مشاهدته لفلم أو مُسلسل ينسى الدنيا وما فيها وقد استنفر حواسهُ وانغمس في المادة وكأنهُ جزءًا منها . وهكذا تمكنوا من السيطرة على المجتمعات التي نخرها الجهل وحركوها بالطريقة التي تحقق مصالحهم وتطور بلدانهم وتركوهم يطبقون عروض الوهم التي يمكنك رؤية آثارها بسهولة .

قد يظن البعض أنها النهاية ولا أمل بالنجاة . ولكن ليس عيبًا أن نتعثر بل العيب أن نبقى نيام على الأرض . فإذا أردت وقررت التغيير فابدأ من الآن وافعل الآتي ...

خذ ورقة وارسم عليها جدول واكتب على جانب سلبياتك وفي الآخر الإيجابيات . دوُّن كل شيء سيء فيك وكل ما هو جيد . وما هي قدراتك . وهكذا ستكتشف ذاتك ثم طور الإيجابيات والغي السلبيات وستتحول إلى شخص آخر وعليك أن تفهم أن الإنسان مُنذ ولادته يتكون من ثلاث لبنات أساسية .

أ . العقل : الجهاز الذي ينمو ويتطور بالعلم والمعرفة ولهذا ترى الطفل منذ نعومة أظفاره يسأل عن كل شيء وإجاباتك وما ستسجله عيناه وأذناه وتجاربه من كل ما يحيط به ستكون القاعدة والخزين الأساسي لأفكاره في الحياة .

ب . الروح : التي تستقر وتطمئن بالعبادة الصحيحة السليمة وليس كما نتخيل أو يعجب النفس أو إتباع الهوى أو علماء الفساد وجرب كيف تكون قلقًا عندما تصبح بعيدًا عن ربك .
ج . الجسد : الذي ينمو من خلال الحفاظ عليه من المُؤثرات الخارجية والتغذية السليمة وممارسة الرياضة .

إن كان نموهم وتطورهم بشكل طبيعي ستكون إنسان رائع ولهذا أحيانا ترى أشخاص يملكون ثقافة جيدة لكن أجسامهُم مُخزية أو جسدًا جميلًا بلا ثقافة أو يمتلكون روحا تجعلك تتعلق بهم فورا أو تبغضهم . خطط حتى تصل إلى أهدافك ويمكنك الاطلاع على قصص وأخبار الناس وستجد الكثير . مثال ذلك . العالم ستيف هوبكنز البريطاني المُصاب بالشلل الرباعي الذي أصبح ثالث أعظم فيزيائي بالكون أو غابل برانت التي تخرجت من جامعة أنديانا أندرسون الأمريكية وهي بعمر 87 عام . أحبُوا أنفسهم ولهذا وضعوها بالمكان المناسب .
لو رأيت رجلان ينظران إلى قمة جبل . أحدهم يتخيل نفسه يتسلقه والآخر تحرك وبدأ بالصعود فمن الذي سيصل ؟ أكيد من حاول فلن ينجح إلا إذا حدد أهدافه فافعل ذلك وأنقذ نفسك واخرج من القوقعة التي أنت فيها لتكون مُؤثرًا وتكتب اسمك في سجل الخالدين فنحن عرفنا اديسون من خلال المصباح الذي اخترعه وليس من طوله الفارع أو جمال عينيه فجهاز الهاتف الذي بين يديك لو تعطل سيكون مصيره سلة المُهملات لكنك الآن تحافظ عليه وهذا يعني أن قيمة الشيء في وظيفته فما هي وظيفتنا ؟

وظيفتنا أن نتعلم ونعلم الناس ونصلح ونبدع وكي لا تندم على أي فعل تصرف وفق المُعادلة ( المثير * التفكير * رد الفعل ) والمثير هو كل شيء يجلب انتباهك كالمال أو الجمال أو المناصب . امنح نفسك الوقت للتفكير ومحاولة رؤية المُستقبل من خلال بصيرتك واستشر أهل العلم والفضل والإختصاص لتصل إلى القرار الصحيح وستنجح فكثيرون بدأوا متأخرين ومع ذلك وصلوا أهدافهم . على أولياء الأمور الإصغاء جيدًا إلى أولادهم وبناتهم وحاولوا مُساعدتهم في السيطرة على أنفسهُم والتغلب على المشاكل فهذا الجيل يفتقد القدوة والتشجيع فأجاثا كريستي كاتبة الروايات البوليسية المشهورة قالت في مذكراتها ( أنا صناعة أمي ) وعند سؤالها أجابت : عندما كنت طفلة قرأت والدتي قصة كتبتها فشجعتني وعلمتني أن أكون الأفضل ...
توقفوا الآن ...

وقرروا أن تكون بيوتكُم مصانع لإنتاج القادة والعُلماء والفلاسفة والمُفكرين 
وليس المُجرمين والسُرّاق والقتلة فأنتُم الوسيلة وعليكُم الاختيار
2019 . 02 . 08


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق