الأربعاء، 22 نوفمبر 2017

المقال الافتتاحي الاسبوعي لموقع الجبهة الوطنية العراقية الدولة القطرية بين الصدمة والترويع الى سلطة المليشيات ا.د. عبد الكاظم العبودي رئيس تحرير هيئة الموقع 22-11-2017





المقال الافتتاحي الاسبوعي لموقع الجبهة الوطنية العراقية
الدولة القطرية بين الصدمة والترويع الى سلطة المليشيات



ا.د. عبد الكاظم العبودي
رئيس تحرير هيئة الموقع
22-11-2017

قدم العراقيون منذ عصر فجر الحضارات أنموذجا متقدما ومتطورا  في بناء الدولة التي ظهرت منذ الالف الرابع قبل الميلاد بما عرف باسم دولة المدينة ، التي ظهرت في سومر واوروك والوركاء وميسان وغيرها من مدن العراق والسهل الرسوبي خاصة منه.

ويرى المؤرخ الكبير ارنولد توينبي في مؤلفه تاريخ البشرية:  ان اكبر انجاز قدمه العقل البشري منذ فجر التاريخ هو قدرة وتمكن العراقيين المبكرةفي تجفيف المستنقع ، والقدرة على التحكم بالفيضانات، ومعرفة مناسيبها وتوقيتاتها السنوية  والعمل الجماعي في تجفيف الاهوار والمستنقعات وبناء السدود والتحكم في الري وتوفير الاراضي الصالحة للزراعة،  ومن ثم حصولهم على وفرة وفائض في الانتاج الزراعي والاكتفاء الذاتي  للغذاء وظهور قيم العمل والتخصص والحرف غير الزراعية وظهور مؤسسات دولة المدينة بمؤسساتها الكهنوتية ومعابدها الى ملوك الى جيش يحمي تلك المدن ببناء الاسوار وصنع السلاح  حتى ظهر التعليم باختراع الكتابة
وقد واجهت دولة المدينة المبكرة غزوات الاقوام والقبائل البدائية، غير المدينية،  التي غالبا ما كانت تشن هجماتها من خلف اسوار المدن العراقية،  عابثة بالتخريب ومحاولات النهب والحرق وتخريب السدود،  ولكنها غالبا ما كانت تهزم وتهرب من جديد الى تخوم الصحاري والبوادي البعيدة تعيش حالة بداوتها وتخلفها الحضاري والثقافي الى حين تتوفر لها فرصة اخرى بسبب الاضطرابات المجتمعية داخل دولة المدينة وخاصة بسبب حروب واقتتال الاسر الحاكمة ، في تلك المدن، او التآمر عليها من الخارج،  مما يمهد السبيل الى نجاح الغزو الخارجي فتسقط دول المدينة التي تحولت العديد منها لاحقا الى ممالك كبيرة ضمت عدة مدن واصبحت بعضها امبراطوريات واسعة شهد لها التاريخ الانساني كما في ظهور الدولة السومرية والاكدية والبابلية والاشورية.

ان سقوط الدول في العراق على مدى التاريخ قد تم بفعل عاملين احدهما غزو خارجي او اضطراب داخل تتسلط قوى مجتمعية واشخاص تتوفر لهم قوة السلاح والسلطة والنفوذ فيصبحون دولة داخل الدولة وهكذا هو حال ضعف الدولة العباسية وسقوطها التدريجي بظهور البرامكة وبعدهم البويهيون والسلاجقة والمماليك  حتى اصبح لكل شخصية نافذة اتباعها وعصاباتها ومليشياتها المسلحة لتتسلط على سلطة الدولة المركزية الممثلة بنظام الخلافة ووجود الخليفة القوي الحاكم بسلطة أمير المؤمنين.
اذن ظاهرة تسلط المليشيات المسلحة  واتباع  هذا  المتمرد أو ذاك من داخل الحكم وضمن اجهزة الحكم اجهزت على وجود واستمرار  الدولة الاسلامية في العراق ومهدت الى الانقلابات الداخلية التي انتهت بالانهيار التام للخلفاء وجعلهم العوبة بيد المتمردين على سلطاتهم حتى لقبوا انفسهم بالسلاطين والامراء او الوزراء الحاكمين بشكل مطلق.

ان عودة  ظاهرة حكم المليشيات والتسلط على الدولة من داخلها بقوة السلاح وبدعم من قوى خارجية نافذة عادت للاجهاز على الدولة العربية القطرية ، وهكذا هو الحال والسائد الآن في العراق وسوريا ولبنان واليمن،  وكذلك ماسمي بدولة الخلافة الاسلامية في العراق والشام " داعش" ،حيث حقق الايرانيون الصفويون حلمهم القديم المتجدد باستغلال ، تشكيل المليشيات الطائفية واستغلال الفتن المذهبية والطائفية وضعف الدولة القطرية وتوفر عوامل وقوى الغزو الخارجي وانعدام وجود الدولة العربية القومية القوية  القادرة على حماية من يستنجد بها من بقية الاقطار عند حدوث تلك الاخطار.

ان تشكل دول عربية جديدة بواجهات تدعي الحكم الثيوقراطي الاسلاموي وتحكمها اليوم قوى مليشياوية  تتصاعد في قوتها بامتلاكها المال والسلاح وتجنيد الاتباع وهي منفلتة على سلطة الدولة والحكم القائم في هذا القطر العربي أو ذاك  وهي المحمية بدعم خارجي، كل ذلك بات يشكل اهم تحقيق لمبدأ ومفهوم " الفوضى الخلاقة" الذي وضعته الحكومات والادارات الامريكية المتعاقبة موضع التطبيق الفعلي، وبعد ان اقرته عصابة " المحافظون الجدد" الحاكمة في الولايات المتحدة الامريكية منذ وصول جورج بوش الابن وبعده الابن والتي قادت الغزو والحرب على العراق وجربت  به افضع جرائمها وباسلحة واساليب غاشمة سميت ايضا عملياتها العدوانية باسلحة " الصدمة والترهيب" وهي مبنية على دراسات نفسية واجتماعية واقتصادية يظل النفط ومواقعه هو خارطة الطريق نحو مواقع الاضطراب المستهدفة اليوم في الوطن العربي .

الجدير بالذكر هنا يجب ان لا ننسى آليات قيام دولة للكيان الصهيوني على ارض فلسطين التاريخية غير بعيد عن نفس الاسلوب تم بتمكين من عصابات الهاغانا وشتيرن الصهيونيتين بدعم وتسهيل من حكومة الانتداب البريطاني والقوى الدولية المنتصرة بعد الحرب العالمية الثانية التي تعاونت باقامة ودعم دولة "اسرائيل" ، وكذلك الحال تسعى دول خارجية للدفع بظهور دول مليشياوية اخرى تحت مسميات اثنية واقليمية في شمال العراق وتركيا وسوريا .

ان الصدمة والترهيب في مجتمعاتنا العربية تجرب على نطاق واسع وحصيلتها ما يسمى اليوم دول المليشيات الطائفية والاثنية والتي تسعى الى التقاسم والنفوذ والحكم ولو حتى بالابقاء على بقية من انقاض وعنوان الدولة العربية في العراق وسوريا واليمن ولبنان ولا يستبعد المخطط تقسيم الجزيرة العربية والخليج العربي الى دويلات قادمة يحكمها سلاح مليشياوي ودعم خارجي تتصدره ايران لمد نفوذ امبراطوريتها وفق  الاسلوب والانموذج  القديم البويهي والسلجوقي لتدمير بنية الدولة العربية القائمة .

الموقع الرسمي للجبهة الوطنية العراقية

http://www.jabha-wqs.com/index.php/2013-12-27-06-15-17/2432-2017-11-22-11-19-48

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق