السبت، 21 أكتوبر 2017

العرب وتوزيع الأكراد على الدول....الدكتور فالح حسن شمخي



العرب وتوزيع الأكراد على الدول

د ـ فالح حسن شمخي
نادرا ما تتكون الدول المعاصرة من تركيبة سكانية قومية واحدة فمعظمها إن لم نقل كلها يحتضن أقلية قومية واحدة أو أقليات إلي جانب قومية الأغلبية والعراق هو ليس استثناء عن هذه القاعدة، فقد احتضن العديد من الأقليات القومية التي عاشت معا في حالة أخاء وتجانس وكان الدين الإسلامي الحنيف والتاريخ والمصالح المشتركة من أهم القواسم المشتركة بين أبناء الشعب العراقي، عملت القوى الدولية المتمثلة بالامبريالية الأمريكية والصهيونية والدول الإقليمية على زعزعة وحدة العراق والعراقيين لتتمكن من استنزافه ماديا ومعنويا من اجل الهيمنة عليه و إخضاعه وقد تحقق لهم ذلك بعد الاحتلال عام 2003.

ورثت القيادات العراقية المتعاقبة منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة بعد اتفاقية (سايكس بيكو)  ما سمي بالمشكلة الكردية بكل ما فيها من إفرازات وملابسات تاريخية واستخدامات خارجية، لذلك عملت هذه القيادات وهنا استثني النظام الملكي الذي كان لا يعاني من هذه المشكلة بسبب تبعيته إلى ما يسمى (حلف بغداد) على محاولة حل هذه القضية  بشتى الطرق ومنها النزاع المسلح، لكن دون جدوى إلى أن استلم حزب البعث عربي الاشتراكي السلطة في العراق عام 1968  والذي حاول أن يحل هذه القضية بطريقة عجزت الحكومات السابقة عن حلها حيث عمل على حلها حلا  سلميا استنادا إلى الحقوق القومية للأقليات ومنها الأقلية الكردية وهنا عندما نقول أقلية فقولنا يستند إلي حقيقتين، أولها أنهم جزء من ارض العراق الذي يشكل فيه العرب نسبة 85% والحقيقة الثانية هي إن ارض العراق جزء من عمق عربي يمتد  من المحيط إلى الخليج وعندما نقول عمق عربي نعني بذلك القواسم المشتركة التي تشكل القومية العربية ومنها اللغة والتاريخ والمصالح المشتركة هذا إذا أردنا التعامل مع القضية الكردية تعاملا قوميا وللأكراد أيضا عمق يتمثل بأكراد إيران وتركيا .

إن التفكير في حل القضية الكردية قاد إلى بيان الحادي عشر من آذار/مارس عام 1970 الذي أصدره مجلس قيادة الثورة وتم من خلاله تنفيذ الحكم الذاتي في الحادي عشر من آذار/مارس عام 1974 في موعده المحدد الذي حقق للمواطن الكردي حقين : حقه كعراقي و حق الحكم الذاتي، ومن خلال هذا القرار حصل الأكراد في العراق وفق هذا القرار  على حقوق يحلم بها أخوانهم الأكراد في تركيا وإيران وسوريا والذين يقدر عددهم بأكثر من 25 مليونا لم يحصلوا علي ابسط الحقوق ومنها الحق بتعليم أبناءهم اللغة الكردية فكان أن أدخلت اللغة الكردية في المناهج الدراسية في المناطق العراقية العربية في الوسط والجنوب، إلى مرحلة السادس الإعدادي وتم السماح للإذاعات والتلفزيونات والصحف الناطقة باللغة الكردية بممارسة عملها على نطاق واسع وانتشرت النوادي الثقافية الكردية علي ارض العراق من شماله إلي جنوبه
 فعدل الدستور العراقي بعد بيان آذار وذلك بإضافة الفقرة (ج) إلى المادة الثالثة والتي تنص علي: (تمتع المنطقة التي غالبية سكانها من الأكراد بالحكم الذاتي وفقا لما يحدده القانون).
لم تكف القوى الامبريالية والإقليمية عن استخدام وتوظيف الورقة الكردية .
السؤال هل حقا حصل الأكراد في العراق على ما يريدون  بعد أن احتل العراق عام 2003 ؟
الجواب، كلا فهم يسعون إلى تحقيق حلمهم ببناء دولة كردية قومية تجمع الأكراد في الدول الأربعة وتكون البداية استقلالهم عن العراق  .
وهل سيتحقق هذا الحلم؟
هذا ما سيجيب عليه المستقبل المنظور  وما سوف تجيب عليه الدوائر الامبريالية والصهيونية لأنهم هم من وضع الإسفين بين العرب والأكراد ،فلو أعطت معاهدة (سايكس بيكو) سيئة الصيت للأكراد دولة قومية مثلما قسمت الأمة العربية إلى دول قطرية فهل هناك من اعترض ومثلما بادلت القوى الغاشمة ارض المحمرة التي تقطنها عشائر عربية معروفة بمدينة السليمانية التي يقطنها الأكراد والتي كانت تابعة لإيران في معاهدة ارض روم بين الدولة العثمانية والفارسية .
نعتقد إن العراق والمنطقة العربية وما يدور فيها محكوم بما يسمى الفوضى الخلاقة وما يسمى بالشرق الأوسط الجديد ومصالح الكيان الصهيوني .

 هل وعد الغرب الأكراد بدولة ؟ لا نعتقد ذلك ولان الغرب يريد الاستمرار بزرع الفتن واللعب بالأوراق وليس من مصلحته استقرار المنطقة فالصراعات الشيعية السنية والعربية الكردية هدفها واضح والقوى الاستعمارية لا عهد لها إلا وعد بلفور للصهاينة.

 إن الشيعة والسنة العرب توحدهم القومية العربية والعرب والأكراد يوحدهم الإسلام والتاريخ المشترك وان الصلات بين العرب والأكراد هي أفضل حالا من الصلات بين العرب وإيران لان إيران لا تنسى ما فعله العرب بالإمبراطورية الفارسية وان صلات العرب بالأتراك تشوبها شائبة احتلال الدولة العثمانية لبلاد العرب وشائبة الثورة العربية التي قادها الشريف الحسين بن على لطردهم من ارض العرب وعلى الرغم من ذلك فان المستعمر عمق الخلاف خدمة للصهيونية العالمية .

نعتقد إن توزيع الأكراد على الدول لم يكن ذنب العرب مثلما لم يكن ذنب العرب الاضطهاد الذي مارسه هتلر على اليهود في الغرب فهل يريد الأكراد أن يدفع العرب ثمن ما قرره غيرهم مثلما دفع العرب  فلسطين العربية ثمن لهتلر واحتقار اليهود في الغرب ؟ نعتقد إن من الحكمة العودة إلى العقل في التعامل مع الأمور.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق