الأربعاء، 1 نوفمبر 2023

طوفان الاقصى يوقظ الشعوب من سباتها / بقلم د- فالح حسن شمخي

 طوفان الاقصى يوقظ الشعوب من سباتها

د- فالح حسن شمخي 




ان السبات الطويل الذي عاشته الامم والشعوب بعد هيمنة القطب الواحد نتيجة  انهيار الاتحاد السوفيتي وكتلة حلف وارشو وهرولت الدول في اوربا الشرقية للانظمام الى الاتحاد الاوربي والناتو والترويج الى ماسمي بالعولمة ، والشرق الاوسط الجديد وصفقة القرن والتطبيع … الخ ، تبين ان هذا السبات والنوم العميق هو حلم زائف سخرت الدولة العميقة والماسونية كل امكانياته للدفع باتجاه ، ومن اجل تنفيذ اهدافها بما سمي بالمليار الذهبي ، وارتباط العالم باقتصاد واحد ، وتحويل الدول حكومات وشعوب الى ببادق شطرنج تحركها كما تشاء ، وتحولها الى حقول تجارب بدلا من الفئران ، تجرب عليها انواع جديدة من الفايروسات والتي تعرفنا عليها في العصر الحديث وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي ، ومنها مرض نقص المناعة ،جنون البقر ، فايروس الطيور ، والخنازير ، وكورنا باجياله المتعددة …الخ ، صدم العالم نتيجة اكتشاف المختبرات في اوكرانيا ، لكنها صدمة لم تحرك الشعوب بسبب هيمنة الاعلام الامريكي وتابعيه ، لم تعي الشعوب الصراع الاقتصادي بين الصين وطريق الحرير وبين امريكا وطرقها المتعددة ، لم تصحوا الشعوب عندما شنت امريكا ومن معها الحرب على افغانستان والعراق وليبيا ، ولم تسأل لماذا وماهي الاسباب ، لم تدقق الشعوب فيما حدث لسقوط البرجين في امريكا ، سيطرت وسائل الاتصال على الشعوب وساهمت في سباتها مثلما فعل ( التك تك)، في عالمنا العربي ، انهارت القيم والمثل والاعراف مع مجاهرة بايدن بان امريكا دولة مثلية وتبعته في ذلك بريطانية وفرنسا ، لم تتحرك الجماهير بالضد من العمل الذي تمارسه الدولة العميقة والماسونية في تخريب الجينات الوراثية للبشر والتحكم فيها ، لكنها تحركت واستيقظت من سباتها مع انتصار السابع من اكتوبر في فلسطين المحتلة في ملحمة طوفان الاقصى ومع ماتعرض  له الشعب الفلسطيني من حرب ابادة وتطهير عرقي ، لقد صدم الضمير الانساني العالمي وتحركت شعوب الارض لتعيد دراسة التاريخ ، لتفكر بما يحصل ، استفاقت شعوب الارض من غفوتها وسباتها حتى ان البعض من اليهود قد استفاق من اسطورة دولتك يا اسرائيل من الفرات الى النيل ، استفاق العالم على ان جيش الدفاع ، الجيش الذي لايقهر هو نمر من خزف، استفاقت الشعوب ومعها الشعب العربي لكن لهذه اليقظة والصحوة اوجه متعدد  نستعرضها ادناه :

١- هناك مسيرات وحراك شعبي واعي وتحدي لقرارات حكومية جائرة لم نميز في هذا الحراك بين النخبوي والشعبوي ، بين الجماهير والطليعة ، وهذا ماحدث في اوربا وامريكا ، باستثناء ايطاليا التي حرك جزء من مسيراتها اليمين الحاكم باتجاه طرد اليهود .

٢- مسيرات حاشدة ومليونية تحركت بشكل تلقائي وكان لمنظمات المجتمع المدني والاحزاب الثورية واليسارية دور كبير فيها ، وهنا نذكر الشعب الاردني ، المصري  ، التونسي ، الحزائري ، الهندي ، الماليزي ، امريكا اللاتينية… الخ .

٣- حراك تلقائي انساني جرى في ملاعب كرة القدم وبين الفنانين والادباء والشعراء والنخبة المثقفة في العالم حتى اليهودية منها.

٤- حراك ومسيرات مليونية تلبية لطلب قائد ما ،او زعيم ما ، هذا ماحصل في العراق وتركيا وايران وسوريا والى حد ما في اليمن ولبنان فاليمن يمنين ولبنان ثلاث بفضل ايران وذيولها.

٥- بالتزامن مع حركة الشعوب ويقظتها تحرك وتحرر الاعلام العالمي من هيمنة وسطوة امريكا وحلفاءها ، حتى وان كان بشكل محدود لاسيما في امريكا واوربا، وكما هو معروف فان للاعلام دور كبير فيما حدث ويحدث وسوف يحدث .

ان الحراك والمسيرات الجماهيرية وان اختلفت اسبابها فهي تشترك في هدف واحد وهو مناصرة الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه ، وتشترك في حالة واحدة وهي الصحوة واليقظة لما يدور في هذا العالم الذي حولته امريكا ومن معها الى كابوس جاثم على صدر الشعوب والامم ، واستطاع هذا الحركات ان يؤشر الى مواطن الخلل ومن هذا الخلل هو  الحكام الخانعين الاذلاء الذي تقودهم امريكا ، والذين يسيرون بالركب الامريكي  ، الحراك هو حراك شعبي جماهيري ، لاعلاقة له بالحكام حتى الشرفاء منهم على سبيل المثال الرئيس التونسي قيس سعيد ، الحراك الجماهيري الشعبي في العالم هو دعم لحرب تحرير شعبية في فلسطين المحتلة بدايتها من طوفان الاقصى.

الدم الفلسطيني الطاهر ، واطفال فلسطين هم قربان تحرر العالم وصحوته ويقظته ، شهداء فلسطين هم من كشف المخططات الامبريالية ، واوقف تنفيذها ، نعم كشف واوقف ، كشف الزيف ، كشف ماوراء الكواليس ، مايحدث في فلسطين واوكرانيا وتايوان هو شرارة الحرب العالمية الثالثة ، كما يقول العارفين ، يقظة الشعوب من سبلتها قد تكون بداية لاطفاء الحرائق.

الاثنين، 30 أكتوبر 2023

المقاومة الفلسطينة تبدع باستخدام الحرب النفسية /بقلم د- فالح حسن شمخي

 المقاومة الفلسطينة تبدع باستخدام الحرب النفسية 


د- فالح حسن شمخي 

مثلما فعلت المقاومة العربية الفلسطينية في اليوم السابع من اكتوبر في  انتصارها الذي جاء خارج سياقات الحروب التقليدية وغير التقليدية ، ومثلما تفعل اليوم وعلى مدى ٢٤ يوما من التصدي الى الهجمة الهمجية الهستيرية للعدو  وجها لوجه وبمباغتته باستخدام اسلوب الانزال خلف خطوط العدو لتحقيق الاهداف ، ومثلما ابدعت في استخدام الصواريخ وفي القيادة والسيطرة ، فانها تبدع في استخدام الحرب النفسية التي  تناولتها في منشور سابق .

العدو المتغطرس المستفز والذي يشعر بمرارة الهزيمة يستخدم الحرب النفسية  باسلوب قديم وتقليدي ، بينما المقاومة الفلسطينية تبدع باساليب جديدة ، العدو باقي باسلوب (حسنة ملص) الذي استخدمته مصر ضد العراق ايام حكومة قاسم ، القصة تقول ان معلومة مفبركة وصلت الى مصر تقول ( تم استشهاد المناضلة حسنة ملص )، لن تدقق مصر بالمعلومة وبثتها عبر راديو صوت العرب الموجه للشعب العراقي ، ضحك العراقيون كثيرا لانهم يعرفون من هي حسنة ملص وماهو عملها. واستخدم العراق ومن قبله فيتنام اسلوب تقليدي في الحرب النفسية موجه الى الجنود الامريكان يقولون فيه (زوجتك عند عشيقك تتسكع معه وانت تقاتل هنا )، واستخدمت امريكا الحرب النفسية التقليدية حينما صورت المفاوض الكمبودي وهو يرتدي حذاء غالي الثمن ومصنوع من جلد الغزال لتقول لشعبه ( انتم جياع وهو يرتدي هذا الحذاء )، والامثلة كثيرة بما فيها عمليات غسيل الدماغ التجارب التي مارسها الفيتنامين على المعتقلين من الجنود الامريكان ، حيث يبدأون بالضرب والاهانة والاذلال والتجويع ومن ثم يعطوه السجين سيكارة ويحسنون اكله شيئا فشيئا الى ان يصل الى تقبل افكارهم والدفاع عنها وهكذا .

 اليوم عندما طالعت صفحتي على الفيسبوك دخلت على اعلانات وكلمات الحثالة الذي يتحدث اللغة العربية المدعو  (ادرعي )، وغيره ، وانا لا اعتقد انه اختراق لكني كلما افتح الفيسبوك يظهر ادرعي التافه وغيره ، ليقول ( ان المرأة الفلسطينية في سرير مع جندي صهيوني )، او ان يظهر احدهم ليقول ( نحن البدو نرفع العلم الحبيب علم اسرائيل )، وفلم يصور اسيرين فلسطينين يبدو انهم من الضفة الغربية جالسين منهكين والجنود والمجندات يطوفون حولهم بعلم الكيان ويهتفون ويريدون من الاثنان ان يرددوا  مايقولون ، وافلام مجندات يرقصن باسلوب خليع بمؤخراتهن وكأن جيش الاحتلال سعيد بما يحدث لاطفال ونساء غزة وافلام اخرى يسخرون من رجال المقاومة وانتصاراتهم ، ورمي المنشورات على ابناء غزة بالاطنان ،  انها اساليب بالية وقديمة عفى عليها الزمن ، فهم لايتجاوزون اسلوب الدعاية فقط لم ارى انهم استخدموا او يستخدمون الاشاعة او غسيل الدماغ .

بالمقابل فان المقاومة العربية الفلسطينية ومن خلال البطل ابو عبيدة يمارسون الدعاية بابداع ، ومن خلال الاسيرتين المفرج عنهن ، مارسوا عملية غسيل الدماغ ليس على الطريقة الفيتنامية بل على الطريقة الاسلامية باخلاق العربي المسلم ، والدليل رجوع الاسيرة العجوز لمصافحة بطل من ابطال القسام ، اما خروج الاسيرات الثلاثة في نداء موجه الى الداخل والى السفاح نتن ياهو فكان اسلوب متقدم بالحرب النفسية ، فكانت الاسيرات والاسيرة التي تتحدث بصحة جيدة جدا  وملابس ونظافة جيدة ، وكانت الاسيرة التي تتحدث بتلقائية دليل على  انها لن تلقن ولم يمارس عليها ضغط يذكر ، انه اسلوب مبدع بالحرب النفسية ، اما الملابس التي يرتديها المقاومين والناطق العسكري باسم القسام والكوفية الفلسطينية فهو شكل يفصح عن مضمون البطولة والشجاعة والكبرياء ، كبرياء الفرسان .

سقط الكيان عسكريا ونفسيا واقتصاديا وسياسيا ، وانتصرت المقاومة التي تقود حرب التحرير الشعبية بابداع  وبقدرات مذهلة ، ان انجازاتهم  سوف تدرس في المستقبل ، ستدرس قدراتهم  العسكرية ، وقدراتهم  القيادية ، وقدراتهم في فنون القتال استراتيجية وتكتيك وعقيدة و في استخدامهم الحرب النفسية بابداع.

الأحد، 27 أغسطس 2023

نشرة انتفاضة شباب تشرين / العدد ٢٥

 نشرة انتفاضة شباب تشرين

العدد ٢٥

٢٥ آب ٢٠٢٣












للاطلاع ..الضغط على الرابط الالكتروني للنشرة ادناه

https://online.anyflip.com/rnvg/lkzv/mobile/index.html

السبت، 26 أغسطس 2023

قلق الدول الصغيرة من الدول المجاورة الأكبر منها هل هو مشروع؟ بقلم/ نزار السامرائي

 قلق الدول الصغيرة من الدول المجاورة الأكبر منها هل هو مشروع؟ 

بقلم / نزار السامرائي

يقول بعض السياسيين الإسبان، إن سوء حظ إسبانيا جعلها جارة لفرنسا، وربما انتابت هذه المشاعر أذهان بعض السياسيين المكسيكيين بسبب مجاورة بلدهم للولايات المتحدة، ولأن العراق يجاور بلدين كبيرين في المساحة وعدد السكان هما تركيا وإيران، ولأنهما دولتان ذواتا ماضٍ امبراطوري معروف عبر حقب تاريخية طويلة، فأظن أن من حقي أن أفكر بأن من سوء حظ العراق لأنه جاورهما، بالمقابل ربما هناك من يعتقد أن سوء حظه أكبر لأنه يجاور بلدا كالعراق، وليس من حقي أو من حق أحد أن يحجب عن الآخرين حقهم في تقدير حسن حظوظهم أو سوئها.

وعلى العموم شهدت الدول المتجاورة فيما بينها نزاعات مختلفة الأسباب والدوافع، معظمها على الحدود وبعضها على الثروات، وكانت هذه النزاعات تشتد وتفتر تبعا لنوايا الطرفين في التوصل لحلول عادلة للأزمات المسببة للتوتر والنزاع بينهما، لكن التاريخ سجل لجوء الدول الصغيرة للاستقواء بدول أكبر منها، أو بقوى دولية كبرى ليست ضمن منطقتها الإقليمية، وتترك الطرف الآخر يمزقه الشعور بالضيم، بحيث يسعى للتحرر منه في أول فرصة تتاح له، سواء بالاعتماد على تغير الموازين الدولية والإقليمية، أو بتغير التحالفات نتيجة تبدل المصالح الاستراتيجية، لأن عالم اليوم لا تحكمه القوانين الدولية ولا الأخلاق، بل تحكمه لغة المصالح حتى لو جاءت على حساب الشعوب الأخرى.

شهد العقدان الأخيران من القرن الماضي، حالة من عدم الاستقرار في المعادلات الإقليمية في الشرق الأوسط، عند وصول الخميني إلى حكم إيران بدعم دولي متعدد أو بصمت من أطراف أخرى، بعضها ظن أن وصول رجل دين متطرف مثل الخميني إلى الحكم في إيران، سيعني أن حلقات التطور التي أقامها شاه إيران المعزول محمد رضا بهلوي، ستتهاوى بسرعة، لأن الفكرة الأولية التي كونها الغرب خاصة والعالم المسيحي عموما، وانطلاقا من البناء على تجربة الصراع القديم بين رجال الدين ورجال السياسة في العالم المسيحي، كان يستنتج أن العقلية المتخلفة التي يحملها رجال الدين الإيرانيون، والتي لخصها الشاه بمذكراته، عندما قال (قلت للسفير البريطاني، لقد افتتحت عدد كبير من الجامعات في بلادي، فقال إن السفير قال لي ونحن أنشأنا حوزة علمية، ستهدم كل ما بنيتم)، ستؤدي إلى تراجع إيراني على كل المستويات، وربما كانت هذه الفكرة حاضرة في أذهان مهندسي السياسة الأمريكية والأوربية عندما تخلّوا عن الشاه، وتركوه وحيدا يواجه مصيره الأسود أمام الخميني وأتباعه، لأنهم رأوا فيه حليفا معاندا لخططهم وسياساتهم في المنطقة.

بمجرد وصول الخميني إلى السلطة، بل قبل ذلك ومن منفاه في باريس، أعلن صراحة أنه وبعد أن يعود إلى طهران، سيكرس جهده (لإسقاط النظام العراقي)، وبذلك فقد حدد مسار السياسة الخارجية لإيران كخط عدائي متصاعد في وتيرته للعراق خاصة، ولكل النظم القائمة في الخليج العربي، وبدأت طبول الحرب تقرع بقوة في طهران، فشهدت الحدود الإيرانية العراقية، اشتباكات كانت المدفعية الإيرانية تطلق قذائفها على المدن العراقية، فحصلت موجة هجرة من كثير من المدن العراقية الحدودية نحو مدن آمنة، مما حدا بالحكومة العراقية إلى تثبيت تلك الوقائع بمذكرات رسمية إلى الأمم المتحدة، ولكن الأمم المتحدة اكتفت بتصريحاتها البائسة بِحَثِ طرفي النزاع على ضبط النفس.

ولما تخطت إيران الحدود المقبولة من قبل أية دولة ذات سيادة، وبعد أن أسقط العراق طائرة حربية داخل الأراضي العراقية وأسر قائدها، كان لا خيار أمام العراق، إلا الدفاع عن شعبه وسيادته الوطنية وأمنه القومي، فكانت الضربة الجوية يوم الثاني والعشرين من أيلول/سبتمبر 1980، هذا اليوم الذي تعتبره إيران يوم بدء الحرب.

وبعد حرب ضروس استمرت ثمانية أعوام، سجل فيها العراقيون أشرف الصفحات في الدفاع الوطني أمام أخطر هجمة يتعرض لها قطر عربي، أُرغم الخميني على تجرّع كأسَ السم والموافقة على قرار مجلس الأمن الدولي المرقم 598، على الرغم من أنه كابر كثيرا وأشاح بوجهه عن قرارات مجلس الأمن الدولي التي وافق عليها العراق، بما في ذلك القرار الذي صدر بعد أسبوع من بدء الحرب، تماما كما تجاهل المساعي التي أطلقتها حركة عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الإسلامي.

بعد أن وضعت الحرب أوزارها، تعززت مكانة العراق عربيا وإقليميا ودوليا، فانصرف لإعادة بناء ما دمرته الحرب، أو اختزال الزمن لتخطي الفرص التي ضاعت منه في مشاريع التنمية بسبب الحرب، من هذه النقطة بالذات انطلقت خطط إعاقة برامج العراق للبناء الاقتصادي زراعيا وصناعيا، فتم تسجيل عدة ظواهر خطيرة في تصرف الدول الخليجية، وخاصة ما أقدمت عليه كل من الكويت والإمارات العربية، في زيادة انتاج النفط وطرح كميات أكبر بكثير من قدرة الأسواق العالمية لاستيعاب الفائض، خروجا على قرارات الأوبك بتحديد سقوف الإنتاج لكل دولة من الدول الأعضاء، فبذل العراق جهودا مضنية لإقناع الدولتين بوقف إغراق السوق الدولية بفائض النفط، لأن إعادة البناء كانت تتطلب تخصيصات استثنائية، كما تدعو الأشقاء العرب للتعامل مع الديون السابقة بقليل من المسؤولية القومية والأخلاقية، ولكن الكويت وبدلا من ذلك، تمادت وراحت أبعد من مجرد التلاعب بالإنتاج، فراحت تتجاوز على حقول النفط العراقية وتستخرج النفط عبر الحفر المائل، وكانت تفتعل الأزمات مع العراق افتعالا، لأنها هي ودول مجلس التعاون الخليجي، شعرت بأن خروج العراق منتصرا في حرب الثماني سنوات، ثم نجاحه في توطين التكنولوجيا وانطلاق التنمية الاقتصادية الكبرى، سيعد تهديدا لوجودها وليس لأمنها فقط، ومن هنا بدأت المخططات الأمريكية الأوربية، مع دول مجلس التعاون الخليجي، لتدمير قدرات العراق الاقتصادية، وهذا ما جر المنطقة إلى خيارات صعبة، إذ أُجبرت القوات العراقية لدخول الكويت في الثاني من آب/أغسطس 1990 وما أعقبها من تداعيات ومآسٍ على المنطقة  ما تزال تتجرع ويلاتها.

لقد تآمرت الكويت ودول الخليج العربي، على العراق مع الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوربي وحلف شمالي الأطلسي، وتواطأت مع الاتحاد السوفيتي السابق والصين واليابان ودول آسيوية أخرى، وكانت سخية معها إلى أبعد الحدود عندما دفعت لها المليارات من الدولارات كرشوة لها، إما لشراء صمتها أو للمشاركة الشكلية في قوات العدوان على العراق عام 1991 أو في عام 2003.

واليوم دعونا نراقب المشهد السياسي والدبلوماسي والأمني في منطقة الخليج العربي، والدور الإيراني التخريبي التوسعي، واعتماد سياسة المراحل في إخضاع الدول العربية لهيمنة ولاية الفقيه التكفيرية، والتي وضعت في الدستور الإيراني نصوصا تعتمد مبدأ تصدير الثورة، وكرست مفهوما عدوانيا توسعيا، تحت لافتة مسؤولية إيران في نصرة المسلمين المستضعفين في العالم، وهذا تأكيد أن إيران أجازت لنفسها حق التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، كما حصل في العراق بعد عام 1979، وهو عام وصول خميني للسلطة بطائرة فرنسية وما أعقبه من أحداث متسارعة، في حين أن إيران نفسها تستشيط غضبا إذا تحدّث الإعلام العربي يوما عن اضطهاد السنة فيها، أو عدم السماح لهم بإقامة شعائرهم التوحيدية، أو عما تتعرض له القوميات غير الفارسية من اضطهاد مُرّكب مثل البلوش والأكراد، أو اضطهاد عنصري كما يحصل مع العرب والآذريين، وتعدّه تدخلا مرفوضا بشؤونها الداخلية.

والآن نلاحظ بأسف وخيبة أمل، أن دول مجلس التعاون الخليجي تتذلل لإيران بطرق مبتذلة، فتارة تفتح صفحات جديدة تطبيقا لمفهوم التطبيع، والذي عادة لا يمكن أن يحصل بين طرفين غير متكافئين أبدا في قوتهما المادية أو بتأثيرها في سياسات القوى الدولية الكبرى، كما حصل بين السعودية وإيران وتم توصيفه بأنه استجابة لجهود صينية طويلة، لكن الحقيقة هي أن السعودية تهالكت من أجل الوصول إلى هذه الأمنية الغالية، بعد أن استدرجتها إيران إلى معركة لم تكن السعودية مهيأة لها، إما لأنها لم تعرف جيدا تاريخ اليمن وأن أيا من الدول التي غزته لم تخرج منه إلا بالهزيمة، كما لم تقرأ المشهد الدولي بما ينبغي أن يحصل، عندما أطلق محمد بن سلمان (عاصفة الحزم) والتي تحولت إلى مجرد عاصفة رملية بلا حزم، ولم تكن السعودية مهيأة من ناحية التسليح والتجهيز، لأن ما كدسته من أسلحة كان لمجرد الخزن والمباهاة أو للمشاركة في الاستعراضات العسكرية، ثم إن جيشها لم يخضع لتدريب جدي يجعل منه جيشا عصريا ليحارب حروبا حديثة، فضاع وسط ضجيج عال أحدثته عاصفة الحزم في أجهزة الإعلام ولم ينتقل إلى الأرض كما هو مطلوب.

ولكن هنا عليّ أن استدرك لأقول، إن قوات الشرعية (وهي تنتمي إلى شعب عصي على الاحتلال) والمدعومة من قوات التحالف، أوشكت أن تحرر مدينة الحديدة وتحقق خنقا محكما لعصابات الحوثي المدعومة من إيران وعملائها، مثل حزب الله اللبناني والمليشيات العراقية، ولكن تدّخل القوى الدولية الكبرى، التي تزعم إيران أنها تعاديها، أو تزعم تلك الدول أنها تقف على الضد من توجهات إيران المزعزعة لاستقرار المنطقة الرئيسة المنتجة للنفط في العالم، فأوعزت للأمين العام للأمم المتحدة ليحرك ممثله مارتن كريفيث ليُصدر أمراً دوليا واجب التنفيذ الفوري بوقف عملية الحديدة وإضاعة الفرصة التاريخية، كل هذا من أجل أن يبقى هذا الميناء شريانا لإمداد الحركة الحوثية بأسباب الحياة، ويجعل الحركة تتشدد في مطالبها عبر عمليات عسكرية طالت مدنا سعودية وإماراتية، فظهر العجز الرسمي العربي في أوضح صوره عن حسم معركة صغيرة بحجم معركة مدينة واحدة، لأن العالم يريد دمج الحركة الحوثية في المشهد السياسي اليماني كمعادل لكل المكونات اليمانية الأخرى، بل منحها صفة الطرف المعطل في البلاد.

المراقب يتابع بقلق المشهد الإقليمي ولا سيما في منطقة الخليج العربي، وقد يصاب بالدهشة من سرعة انجاز التطبيع السعودي الإيراني، والذي جعل دول الخليج العربي الأخرى تتداعى كتساقط قطع الدومينو، وكذلك من سلوك بعضها مثل سلطنة عمان وقطر وهما تحاولان لفت الانتباه إليهما، وتقولان نحن هنا، فتقومان بدور الوساطة بين واشنطن وطهران، والتي لا تحتاجها أمريكا ولا إيران، لأنهما متفاهمتان من تحت الطاولة أصلا، ولا يوجد ما يدعوهما لتوسيط دول صغيرة الدور والمكانة، مثل سلطنة عمان أو قطر، إلا من باب جبر الخاطر والشفقة والعطف، كي لا تشعر بالوحدة او بالهلع من أحد طرفي النزاع، وبين هذا وذاك، أضاعت دول الخليج العربي على نفسها وعلى المنطقة تحقيق الأمن الذاتي سواء بالإبقاء على دعم العراق لا محاربته وتسليمه لإيران بصينية من ذهب، أو بتفعيل اتفاقية قوات درع الجزيرة التي ظلت حبرا على ورق، فيما لو قبلت أن تتنازل للشقيق بدلا من التآمر عليه، بدلا من الوصول إلى مستنقع الذل في علاقات غير متكافئة مع العدو الحقيقي والتاريخي، إيران الشر والتوسع والهيمنة، التي إن تمكنت، فإنها تصادر حق العرب في التعبير عن هويتهم أو التحكم بثروتهم، وتنزع عنهم سيادتهم وتتحكم بقرارهم السياسي، وتفرض عقيدتها الدينية التكفيرية عليهم، وتقوم بأكبر ما هو متاح لها من فرض معتقدات وثقافة بقوة السلاح، ومن لا يعي هذه الحقيقة عليه أن يرصد ما حصل في العراق منذ 2003، والذي حولت  أبناءه إلى غرباء في وطنهم أو في المنافي، ثم كيف سقطت ثلاث عواصم أخرى تحت قبضة قاسم سليماني وهي بيروت ودمشق وصنعاء، ومن يريد التعرف على أساليب إيران في السيطرة على المجتمعات المحتلة فليعد إلى التاريخ قليلا ويدرس تجربة إسماعيل الصفوي وكيف تعامل مع المخالفين.

د. ناجي صبري الحديثي /وكالة حمورابي الاخبارية الدولية / بقلم صباح الزهيري

 د. ناجي صبري الحديثي

وكالة حمورابي الاخبارية الدولية

أغسطس 26, 2023

بقلم صباح الزهيري

ناجي صبري الحديثي الأستاذ الدكتور الوزير الدبلوماسي المترجم الإعلامي الصحفي الأكاديمي , التقيته عام 1987 سافرنا سوية لمدة أسبوع  لحضور مؤتمر وزراء أعلام الدول الأسلامية  في  داكار بالسنغال. وفي الطريق أستضافنا وزير الشؤون الأسلامية المغربي , لمدة يومين.

 كان د. ناجي وقتها يشغل أدارة دار المأمون للترجمة والنشر , والتي أتحفتنا بمئات القصص والروايات والمسرحيات المترجمة من مختلف لغات العالم الى العربية.  حدثنا انه استحصل موافقة رئاسة الجمهورية على قيامه بسحب طلاب اللغات الأجنبية الأوائل وتعيينهم في دار المأمون وأستثنائهم من الخدمة العسكرية. والحقيقة تلك كانت خطوة تحسب له في خلق أعداد من المترجمين في شتى اللغات . كان يرتاح لأسئلتي التي كنت أطرحها عليه بخصوص الترجمة الفورية. وكنت أحب أجاباته المفعمه بالشرح والتوضيح مما خلق جوا من المودة بيننا في سهراتنا اليومية في كازا والرباط وداكار. 

 وحين عدنا أعتدت على أستلام شحنة كتب أسبوعية من المطبوعات الجديدة للدار , كان يبعثها لي حيث عرف بأهتماماتي الأدبية وكنت حينها قاريء نهم لكل شيء مطبوع. أذكر ان جليسنا الثالث كان د. محسن الموسوي أستاذ الأدب الأنكليزي ورئيس تحرير مجلة آفاق عربية التي كانت تتبوأ موقعا متقدما في ساحة الفكر القومي العربي , وحين سألني د.محسن عما كنت أقرأ المجلة ورأيي بها أجبته  بدون تردد , أنها تحت أدارته تحولت من كونها منبر قومي الى منبر بعثي , ويبدو انهما تقبلا أجابتي بأبتسامة خفيفة وأعجبا بجرأتي في الجواب.  

وجدتهما يشعان وطنية وحب للعراق والبحث في كيفية بذلهما الجهود كل في مجاله لخدمته وأعلاء شأنه . 

عندما عمل د.ناجي في وزارة الأعلام  كنا نلتقي بوفود أجنبية حسب صدف ومستوجبات ظروف عملنا زمن الحصار. ألا أننا لم نجد ذلك الوقت الفسيح للمراجعه والنقاش كما كانت عليه أماسي 1987. 

بعدها أصبح وزيرا للخارجية وهو منصب أستحقه بجدارة وجمعتني به عضويتي بعدة لجان كان هو رئيسها . حينها ابدى قدرات وكفاءة فذة في ادارة الوزارة، واثناء السجالات المحتدمة التي شهدتها قاعات ومؤتمرات وأروقة  الأمم المتحدة والجامعة العربية والمحافل الأخرى في الفترة التي سبقت الغزو وخلاله .

 وفي 2002 جمعنا وفد العراق الى فيينا الذي كان د. ناجي يرأسه بأعتباره وزيرا للخارجية في آخر لقاء مع الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان . وشاهدت كيف كانت شعبيته لدى الرأي العام النمساوي محط الأنظار بشكل ملفت للأنتباه . شاهدت اللقاء الذي أجرته قناة الجزيرة مؤخّراً معه , وقارنت بين حديثه الرصين والهاديء المبني على المباديء والألتزام الوطني وأحاديث لوزراء القمقم والكونفوشيوسية والطائفية والعنصرية الذين لم يعلو في خطاباتهم يوما الحديث الوطني . ناجي صبري الحديثي , الدمث الأخلاق والمتواضع تأدبا , والمتعالي براية وطنه ابن المجتمع العراقي الذي كان مضرب الأمثال في الإلفة والطيبة وكرم الأخلاق والطباع  يستحق منا كل ألأحترام . 

يقول المثل العربي ( ‬اذا طُعنت من الخلف فاعلم انك في ‬المقدمة ) .‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬ لا تهتم سيادة الوزير لأنهم ليسوا رجال دولة ، ولا يعترفون بمفاهيمها ومؤسساتها ، ويتحسسون من المثقفين والمفكرين ، ويحقدون على أصحاب العقول الراجحة ، والآراء السديدة ، لذلك نراهم يتمسكون بالصغار، ويستهدفون الأخيار، ويطاردون الاحرار . ونقول كما قال  بيرتراند راسل يمكن أن تكون المجتمعات جاهلة ومتخلفة ، الأخطر أن ترى جهلها مقدساً , ما نمر به هو فصل من فصول الغزاة , لابد ان نطويه يوما كما طوينا غيره .

سلاما د. ناجي ، سلاما على البشر الحقيقين الذين يخبرونا ان ثمة ضوءاً خافتاً في عتمة الحياة ويجعلوننا نحلم ان هذا الضوء سيصبح يوماً ساطعاً , وتصبح الأرض مكاناً صالحاً للحياة .

الاثنين، 14 أغسطس 2023

البيان الختامي للقمة الثلاثية المصرية الأردنية الفلسطينية

 *البيان الختامي للقمة الثلاثية المصرية الأردنية الفلسطينية*

*(العلمين... الإثنين 14 أغسطس 2023)*

1. استضاف فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية في قمة ثلاثية، صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية، وفخامة الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين، في العلمين يوم ١٤ أغسطس/ آب ۲۰۲۳، وذلك لبحث تطورات القضية الفلسطينية في ضوء المستجدات الراهنة في أرض دولة فلسطين المحتلة، والأوضاع الإقليمية والدولية المرتبطة بها. 

2. أكد القادة على الأولوية التي توليها الدول الثلاث للمرجعيات القانونية، الدولية والعربية لتسوية القضية الفلسطينية، وعلى رأسها ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، ضمن جدول زمني واضح، واستعادة الشعب الفلسطيني لكامل حقوقه المشروعة، بما في ذلك حقه في تقرير المصير، وفي تجسيد دولته المستقلة وذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو/ حزيران لعام ۱۹٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفق قرارات الشرعية الدولية، وتحقيق حل الدولتين وفق المرجعيات المعتمدة. 

3. أكد فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين على دعمهما الكامل لجهود الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الاستمرار في الدفاع عن مصالح الشعب الفلسطيني على جميع الأصعدة في سبيل استعادة حقوقه، وتأمين الحماية الدولية، وكذلك دعم دولة فلسطين في جهودها لتأمين الخدمات، وحماية الحقوق الأساسية للمواطنين في ظل الظروف والتحديات الصعبة والعدوان المُتكرر والأحداث المؤسفة التي تشهدها الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس، وفي خضم التحديات الإقليمية والدولية المتزايدة. 

4. أكد القادة على أن حل القضية الفلسطينية وتحقيق السلام العادل والشامل هو خيار استراتيجي وضرورة إقليمية ودولية ومسألة أمن وسلم دوليين. وشددوا على أن السبيل الوحيد لتحقيق هذا السلام هو تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، ومجلس الأمن ذات الصلة، وفي تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه غير القابلة للتصرف، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتجسيد دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، بما يحقق حل الدولتين المستند لقواعد القانون الدولي والمرجعيات المتفق عليها والمبادرة العربية للسلام.

5. شدد القادة على وجوب تنفيذ إسرائيل التزاماتها وتعهداتها وفقاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني والاتفاقات والتفاهمات الدولية السابقة، بما فيها تلك المُبرمة مع الجانب الفلسطيني، وكذلك الالتزامات السابقة المتعددة بما في ذلك ما جاء في مخرجات اجتماعي العقبة وشرم الشيخ، وتحمل مسؤولياتها ووقف اعتداءاتها وتهدئة الأوضاع على الأرض تمهيداً لإعادة إحياء مفاوضات السلام. 

6. شدّد القادة في هذا السياق على ضرورة احترام إسرائيل لالتزاماتها بصفتها القوة القائمة بالاحتلال في الأرض الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية، ووقف اقتحاماتها لمدن الضفة الغربية المحتلة والتي تقوض قدرة الحكومة والأمن الفلسطيني على القيام بواجباتهم، ورفع الحصار عن قطاع غزة، وغيرها من الممارسات التي تؤجج التوتر والعنف وتهدد باشتعال الأوضاع. كما أكد القادة على أهمية قيام إسرائيل بالإفراج عن الأموال الفلسطينية المحتجزة لديها دون سند قانوني، وبما يُخالف الاتفاقات المبرمة في هذا الشأن. 

7. أدان القادة استمرار وتصاعد الممارسات الإسرائيلية غير الشرعية التي تقوض حقوق الشعب الفلسطيني كافة، وتنتهك قواعد القانون الدولي، وتقوض حل الدولتين المتوافق عليه دولياً، والتي تُؤدي إلى إشعال العنف وانتشار الفوضى، كما أعربوا عن أهمية وقف إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، جميع الأنشطة الاستيطانية ومصادرة الأراضي الفلسطينية والتهجير القسري لأبناء الشعب الفلسطيني من منازلهم وتغيير طابع وهوية مدينة القدس، والتي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقرارات الشرعية الدولية ومجلس الأمن. كما أكد القادة ضرورة وقف إرهاب المستوطنين والتيارات المتطرفة، ووضعهم موضع المساءلة. 

8. أدان القادة انتهاك الوضع القانوني والتاريخي القائم في مدينة القدس ومقدساتها، وطالبوا بوقف اقتحامات المسجد الأقصى المُبارك/ الحرم القدسي الشريف. وأكد فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وفخامة الرئيس محمود عباس على أهمية الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ودورها في الحفاظ على هويتها العربية الإسلامية والمسيحية. وأكد القادة أن المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف بكامل مساحته البالغة ١٤٤ دونماً هو مكان عبادة خالص للمُسلمين، وأن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية هي الجهة صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤون المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف كافة، وتنظيم الدخول إليه.

 كما أعرب القادة عن رفضهم الكامل لأية محاولات لتقسيم المسجد الأقصى المبارك زمانياً أو مكانياً.

9. أعرب القادة عن عزمهم الاستمرار في جهودهم مع القوى الدولية الرئيسية والأطراف المُهتمة بالسلام لإعادة إحياء عملية سلام جادة، وذات مغزى تستند إلى قواعد القانون الدولي، ومرجعيات عملية السلام، وضمن آلية، وجدول زمني واضح ومحدد، ودعوا في هذا السياق المجتمع الدولي لدعم تلك الجهود لتحقيق السلام العادل والشامل الذي تستحقه المنطقة وجميع شعوبها ولرفع الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني، والذي يتناقض مع القانون الدولي القائم على ترسيخ حقوق الانسان. 

10. شدد القادة على تمسكهم بمبادرة السلام العربية بعناصرها كافة، والتي تستند إلى القانون الدولي والثوابت الدولية، وتمثل الطرح الأكثر شمولية لتحقيق السلام العادل وتلبية تطلعات جميع شعوب المنطقة إلى مستقبل مستقر يسوده التعايش والتنمية والتعاون بين جميع شعوبها ودولها.

11. أكد جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وفخامة الرئيس محمود عباس على أهمية دور فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي وجمهورية مصر العربية في توحيد الصف الفلسطيني وإنهاء الانقسام، الذي يُعد مصلحة وضرورة للشعب الفلسطيني، لما لذلك من تأثير على وحدة موقفه وصلابته في الدفاع عن قضيته، وأكدوا على ضرورة البناء على اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية الذي استضافته مصر مؤخراً، بدعوة من فخامة الرئيس محمود عباس، للم الشمل الفلسطيني، بمدينة العلمين يوم ٣٠ يوليو/ تموز ۲۰۲۳. 

12. أكد القادة على أهمية استمرار المجتمع الدولي في دعم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وضرورة الوقوف إلى جانب الوكالة ومساندتها في أزمتها المالية الراهنة، وذلك من أجل توفير الدعم المالي الذي تحتاجه للاستمرار في تقديم الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين وفق تكليفها الأممي حتى تمكين اللاجئين من حقهم في العودة استناداً للقرار ١٩٤. 

13. اتفق القادة على استمرار التشاور والتنسيق المُكثف في إطار صيغة التنسيق الثلاثية على جميع المستويات من أجل صياغة أطر لتفعيل الجهود الدولية الهادفة لإحقاق الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بما فيها من خلال استئناف المفاوضات، والعمل مع الأشقاء والشركاء لإحياء عملية السلام، وبما يضمن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق السلام العادل والشامل وفق القانون الدولي، والمرجعيات الدولية المعتمدة والمتفق عليها.

الاثنين، 17 يوليو 2023

بمناسبة ثورة النَموذَج القّومِي / بقلم د. نضال عبد المجيد .

 بمناسبة ثورة النَموذَج القّومِي

 د. نضال عبد المجيد .

   تشكل ثورة ١٧ تموز القومية الاشتراكية، علامة مضيئة في  سفر  النضال القومي، مثلما هي صفحة ناصعة في سجل نضال حزب البعث العربي الأشتراكي، مثلما هي صفحة النضال الوطني لشعب العراق، وهنا يسطع سؤال جوهري، هل هذه الثورة هي ثورة عراقية فحسب؟ ام هي ثورة النموذج القومي الذي يمثل حزب البعث العربي الاشتراكي احد اعمدته وهل بالامكان ان تكون ثورة قطرية فحسب همها الاساس حدود قطر العراق  الجغرافية .

    وللاجابة على هذه التساؤلات، التي ما انفك العديد من الباحثين او الكتاب يثيرونها بحسن نية او سوءها، ينبغي الركون الى الحقائق الموضوعية التي كانت تحيط بالأمة في النصف الثاني من ستينات القرن العشرين. 

الأوضاع القومية عند قيام الثورة

 وسنعرض لهذه الاوضاع بمحاور ثلاث:

الاول: حالة الوطن العربي- كان الوطن العربي يئن تحت سياط النكسة القومية في ٥ حزيران ١٩٦٧، فقد احتل الكيان الصهيوني الضفة الغربية لنهر الاردن وسيناء والجولان بحرب خاطفة استمرت ستة أيام، مما تسبب 

بغضب شعبي عارم، ابتدأ بخروج الجماهير العربية الى الشوارع منددة بهزيمة النظام الرسمي العربي، ومؤكدة على التصدي للعدوان الصهيوني بكل الوسائل، واولى هذه التظاهرات كانت في بغداد حيث سار في مقدمة التظاهرة قيادة الحزب القطرية، وهكذا كان الحال في العواصم العربية، حيث فرضت جماهير الخرطوم اللاءات الثلاث على الحكام العرب المجتمعين فيها اب ١٩٦٧. وكذلك كانت جماهير مصر العربية يومي ٩ و١٠ حزيران  ١٩٦٧  

في هذه الاوضاع الكارثية، نشطت المقاومة الفلسطينية التي استقطبت الشباب العربي المتحمس للثأرللكرامة المهدورة واسترجاع الارض العربية المحتلة .  

هذه هي بأختصار شديد اهم ما ميز الحالة العربية قبل ثورة تموز .

الثاني: الاوضاع في قطر العراق

         على الرغم من ان العنوان يتعلق بالحالة القومية الا ان الوضع في قطر العراق كان يكتسب اهمية بالغة، وهي جزء من الحالة العربية الا انها تتميز بوضع خاص، فالقطر كان ساحة مريحة لتغلغل اجهزة المخابرات الغربية، مستفيدة من وجود شركات النفط، كما ان النظام لم يشارك في التصدي للعدوان الصهيوني كما كان مؤملا من جيش العراق، حيث يشكل عمق الجبهة الشرقية مع الكيان الصهيوني، يضاف لذلك الغرق في المشاكل اليومية التي كانت تنذر بأحتمال وصول أي من القوى المعادية الى سدة الحكم، بسبب هشاشة الوضع السياسي، مما يعني ان النضال الوطني سيصاب بنكسة جديدة قد تؤخر تحقيق اهداف الشعب لامد غير معلوم .

الثالث: الحزب- تعرض الحزب في ٢٣ شباط ١٩٦٦ الى ردة شنعاء ادت الى حدوث تصدع كبير، فبعد ان استولت الزمرة الشباطية على السلطة في القطر السوري، تعرض مناضلو الحزب الى حملة شعواء من القتل والتشريد والسجن، ولم يكتف النظام السوري بذلك بل قام بتسليم الجولان للصهاينة، 

واعلن عن سقوطها قبل ١٨ ساعة، مما اضاف الى جرائمه بحق الحزب جريمة جديدة بحق الامة العربية، فقد كان واضحا ان التامر على البعث سيقود حتما الى التأمر على الامة .

في ظل اوضاع الردة والانشقاق هذه انعقد المؤتمر القومي التاسع للحزب في شباط ١٩٦٨، والذي أقر استرتيجية قومية طويلة الامد للكفاح الشعبي .

اما في قطر العراق فقد تصاعد نضال الحزب للتهيؤء والاعداد لتفجير الثورة وأستلام السلطة، وتحقيق اهداف الحزب، بالتغيير الجذري وانهاء حالة التردي والضعف، وبناء القاعدة المحررة للنضال القومي على ارض العراق . 

العراق قاعدة النضال القومي

      فور قيام ثورة  ١٧ _ ٣٠ تموز المجيدة، شرع الحزب باقامة البناء المادي الذي سترتكز علية هذه القاعدة النضالية المحررة، واتخذت لذلك جملة من الاجراءات التي تمثلت بتنظيف ساحة القطر من شبكات التجسس والعمالة، بعد ان كان مرتعا لهذه الشبكات، وقامت بتنقية الاجواء السياسية وارساء قواعد الديموقراطية من خلال اصدار بيان ١١ اذار ١٩٧٠، ولحقه اصدار قانون الحكم الذاتي في المنطقة الشمالية من القطر، واقامة الجبهة الوطنية التي ضمت القوى السياسية في القطر، وشرعت بانجاز القاعدة التنموية العملاقة ابتداءا بتأميم الثروة النفطية اعتبارا من الاول من حزيران ١٩٧٢، مما يعني حصول الاستقلال الأقتصادي العنصر المكمل للاستقلال السياسي، والذي ستنعكس عوائده المادية على القيام بخطط التمية القومية ببناء المدارس والمصانع والطرق والجسور، والسدود وشبكات الري، والأهم بناء الأنسان في العراق بناءا قوميا، لانه الوسيلة والغاية في اي بناء مادي، فتم القضاء على الامية بوقت قياسي. ولأستكمال القدرة القتالية، شرعت ببناء القوات المسلحة العراقية، بناءا يمكنها من الدفاع عن العراق، واداء الواجب القومي في اي ساحة من ساحات الصراع مع اعداء الامة ومغتصبي ارضها، فشارك جيش العراق الباسل في حرب تشرين ١٩٧٣، على الجبهتين المصرية والسورية، فحمى دمشق من السقوط بيد الصهاينة.

اما على الصعيد السياسي، فقد أسست الثورة نظرتها للعلاقات الدولية وفقا للمصلحة القومية العليا وليس على اساس المصلحة القطريةالضيقة، وخاصة الموقف من قضية العرب المركزية قضية فلسطين ، فقد وجهت الثورة كل جهودها المعنوية والمادية لخدمة هذه القضية، ودعم صمود الشعب العربي الفلسطيني، وثورتة المسلحة، التي لم يبخل عليها بكل ما تحتاجة من مقومات الصمود والاستمرار في مواجهة الكيان الصهيوني . فالدعم بالسلاح والاموال والرجال، وفتح ساحات التدريب، اوجد للمقاومة الفلسطينية عمقا 

استراتيجيا استطاعت من خلاله الصمود والبقاء . رغم العدوان الايراني على النموذج القومي في العراقي، فقد استمر الدعم والاسناد الفعال للمقاومة الفلسطينية ودعم صمود شعبنا الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال الصهيوني .

  وهكذا وظفت القيادة في العراق كل الامكانيات السياسية والعسكرية والاقتصادية، بدعم اقطار المواجهة مع الكيان الصيهوني، وفي الدفاع عن عروبة الخليج العربي، سواء ايام الشاه بعد احتلال الجزر العربية الثلاث، او في مواجهة الخمينية ومشروعها بتصدير الثورة للأقطار العربية، وخاضت من اجل ذلك القادسية الثانية التي تكللت بالانتصار في الثامن اب ١٩٨٨. كما دعم وحدة اليمن، ووحدة السودان، والوقوف مع موريتانيا في مواجهة عدوان ساحل العاج. وكان تصديها للحلول الاستسلامية للقضية الفلسطينية وخاصة بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر الساداتية والكيان الصهيوني، وعقد مؤتمر قمة بغداد في تشرين ثاني ١٩٧٨، لوقف التداعي في الموقف العربي، بعد غياب مصر عن ساحة الصراع مع الكيان الصهيوني .. وهكذا وظفت الامكانيات المادية للقطر في خدمة اقطار الامة، والتي تعتبر علامة فارقة في السياسة الخارجية العراقية وقد تعدى هذا الدعم الى دول العالم الثالث ، وشكل انعطافة ملموسة في العمل العربي المشترك الذي تصاعد الى مستويات عالية في العديد من القطاعات، بفضل الرعاية والدعم المباشر، لأي تعاون بيني بين الاقطار العربية. فكانت بغداد مقرا للعديد من المنظمات والاتحادات العربية السياسية منها والمهنية ..

وفي صفحة المواجهة مع العدوان الايراني في ايلول ١٩٨٠ والذي استمر لسنوات ثمان، والذي مثل واحدة من صفحات التأمر المباشر على العراق 

كقاعدة محررة للامة، بهدف تحطيم بناءها المادي، واشغالها بصراع اخر بعيدا عن الصراع الاساسي في مواجهة الكيان الصهيوني .

    فأشعاع ثورة تموز المجيدة وأحباطها لكل المؤامرات الداخلية والخارجية، دفعت القوى المعادية للأمة والمتربصة باي نموذج قومي يخرج عن خطوطها الحمراء، بالبناء الحضاري او بالموقف السياسي المستقل، دفع هذه القوى للبحث عن وسائل اخرى لتدمير هذا النموذج حتى تمكنوا بعد عدوان مباشر وحصار غاشم استمر ١٢ عاما من اجهاض هذا النموذج بغزو العراق وأسقاط دولتة الوطنية .

    لقد كانت السنوات الخمس والثلاثين من عمر الثورة والتي كانت بحق سنوات حافلة، تمكن خلالها حزب البعث العربي الاشتراكي من وضع افكاره ومبادئه موضع التنفيذ، فكانت نظرية العمل البعثية التي أرسى اسسها القائد الخالد صدام حسين رحمة الله، التي تناولت كافة الجوانب السياسية والاقتصادية وللاجتماعية، ورغم هذه الانجازات الا ان اي عمل بشري يشوبه النقص والخطا، فلم يحصل الافتراق بين المباديء وبين السياسة اليومية. ولم تترك الفرصة للثورة لتنجز العديد من أهدافها على صعيد تفعيل الممارسة الديمقرطية، ورغم هذا كانت المشاركة الشعبية واسعة من خلال المجلس الوطني ومجالس المحافظات المنتخبة، ولو قيض للثورة ان تحقق كامل أهدافها لتغيرت طبيعة الحياة السياسية نحو الافضل والارقى  .

نعود الى السؤال هل كان بالامكان ان تكون ثورة ١٧_٣٠ تموز، ثورة قطرية، فحسب؟

نقول أن الموقع الجغرافي للعراق، وعمقه الحضاري والتاريخي، وماجبلت علية الشخصية العراقية من صفات ومزايا، تتطلع دائما نحو الأمة، وقضاياها المصيرية، وتمد اليد القوية والبيضاء لكل مايمت للعروبة بصلة، وتنتخي لتهب دفاعا عن اي شبر من الأرض العربية، رافق هذا كله قيادة البعث للثورة، وماخطته على ارض الواقع ،  لايمكن الا ان تكون الثورة قومية الاهداف، 

تهدف لتحقيق تطلعات الامة العربية في الوحدة والحرية والاشتراكية، من خلال السعي لبناء قاعدة محررة للأمة. تقدم نموذجا قوميا يحتذى به ..









خطاب الرفيق أبو جعفر امين سر قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي في الذكرى ٥٥ لثورة تموز المجيدة.

 خطاب الرفيق أبو جعفر امين سر قيادة قطر العراق لحزب البعث العربي الاشتراكي في الذكرى ٥٥ لثورة تموز المجيدة.



بسم الله الرحمن الرحيم

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)

يا أبناء الشعب العراقي العظيم

يا أبناء الأمة العربية المجيدة

أيها المناضلون البعثيون في كل مكان، يا من صنعتم لأمتكم مجدا مؤثلاً، بإرادتكم الصلبة، ووعيكم المتدفق عزةً وكرامةً واستعدادا جاهزا للتضحية بالدم والعرق والغالي والنفيس، فلم تهن عزيمتُكم، رغم كبر التحديات وحجم التضحيات الكبرى التي قدمتموها من أجل أمتكم العربية.

اليوم تطل علينا ذكرى عظيمة عزيزة علينا، هي ذكرى ثورتكم العظمية في السابع عشر من تموز 1968، التي أرادها البعث انطلاقة حقيقية للقطر العراقي في دروب المجد العربي الجديد، فسطر فيها رفاقكم من الرعيل الأول من فرسان البعث، أعظم سطور التضحية والاستعداد لتقديمها مهما غَلتْ التضحيات وعلا ثمنها.

لقد كانت ثورة تموز، رغم ما رافقها من ملابسات ميدانية يوم التنفيذ، أكبر امتحان ميداني لصلابة رفاقكم، الذين وضعوا أرواحهم ومصائرهم على أكفهم في مواجهة أخطار محدقة بهم وبمشروعهم الثوري، ولم تكن مصائرهم الخاصة هي التي تشغل بالهم، ولكن عيونهم كانت تخشى على الوليد الجديد الذي بدأ تتنفس نسمته الأولى فجر الأربعاء السابع عشر من تموز عام1968، فكانوا مشاريع استشهاد جاهزة لمواجهة كل المخاطر المحدقة بهم، من جهات كانت تسعى لربط العراق إلى الأبد بتحالف القوى المعادية لنهوض الأمة من كبوتها الطويلة، وسباتها الذي امتد لعدة عقود.

يا جماهير وطننا وأمتنا العربية المجيدة

لقد جاءت ثورة تموز نتيجة إحساس جارف توصلت إليه قيادة حزبكم حزب البعث العربي الاشتراكي، بأن العراق هو الطليعة التي يجب أن تتصدى لمسؤولياتها التاريخية في إحياء مجد الأمة الغابر، وأن يقود الجماهير لصياغة تجربة جديدة بمواصفاتها وأساليبها وأهدافها، والتخلي عن الأنماط التجريبية التي تأكد فشلها منذ بداية القرن العشرين وحتى اليوم الذي قامت به الثورة.

أيها المناضلون

عانى العرب منذ مطلع القرن العشرين، من تأثير مخططات خارجية كانت تهدف إلى ابقائهم تحت خيمة التخلف السياسي والاقتصادي، إما نتيجة الارتباط بالدول الاستعمارية الغربية، وتحت لافتة سعيها أن تنقل إليهم ما وصلت إليه من أسباب التطور والتقدم، وهناك قوى تشد إلى الوراء تحاول شدهم إلى زمن ضياع إرادتهم ودورهم التاريخي في بناء الحضارة الإنسانية، وتبعا لذلك حصل انشطار عمودي على مستوى المجتمع العربي، وكل طرف مضى في ما ذهب إليه غير عابئ بدعوات التحديث، تحت لافتة أنها تضيّع الهوية والخصوصية، وتذيبها في ثقافات خارجية لا تريد الخير للعرب.

طرف يسعى لما كان يسميه بالتحديث والعصرنة، ويعتبر أن كل ما ورثناه من تاريخ الأجداد، أصبح بالياً وعبئاً على المجتمع ومحاولة شده إلى الماضي، الذي لم تتطور الأمم والدول والمجتمعات إلا بعد أن نزعته عن نفسها ولفظته كما تلفظ النواة.

ولكن أية محاولة جادة للربط بين التيارين، والخروج بفكرة جديدة تصلح لإحداث ثورة حقيقية، تنتشل المجتمع العربي من الحفرة العميقة التي استقر فيها لعدة قرون، لم تبذل من جانب القوى المتنورة سياسيا وفكريا، وإن بُذلت فإنها كانت على استحياء  وكانت تُواجه بضراوة حتى أكبر من ضراوة مواجهة المحتلين الأجانب، فقد انشغل العرب بإثارة تساؤلات لا طائل تحتها ولا نفع منها من قبيل أي الطرق أولى بالاتباع وصولا للهدف، من دون الاكتراث لسماع أي جواب علمي وعملي عنها، لتوظيفه التوظيف المحلي المعبر عن مصالح المجتمع العربي، والركوب فوقه في محاولة التحديث والتجديد، أو من دون إجهاد النفس في البحث عن الأجوبة الذاتية.

ثم علينا ألا ننسى أن تعدد الحضارات في بلاد ما بين النهرين ، كانت سببا في صراعات فيما بينها، ولكون العراق هو آخر التخوم العربية مع الأعاجم، فقد تناوبت وتعاقبت قوى مختلفة وطامعة فيه وفي ثرواته، على احكام السيطرة عليه، كل ذلك صاغ طبيعة الشخصية العراقية المجبولة على سرعة الغضب والثورة.

ظروف العراق وتقلبات أوضاعه السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ونشوء حالة من التململ وعدم الرضا بل والسخط على القوى الدولية التي تحتله، والتي تركت العراق فريسة للتقلبات وعدم الاستقرار والسيطرة على البلاد منذ انسلاخه عن الدولة العثمانية واحتلاله من قبل بريطانيا في بدايات القرن العشرين.

ومما فاقم من أزمات العراق السياسية، ما عاشه بعد ثورة 14 تموز عام 1958، من صراع بين قوى كانت إلى الأمس القريب قوى مؤتلفة في جبهة الاتحاد الوطني التي تأسست عام 1957، مما أدى إلى ضياع فرص تاريخية من العراق للنهوض من كبوة طويلة عانى منها، فشهد صراعات دموية بين مختلف التيارات والأحزاب التي كانت تعمل في الساحة العراقية.

لقد عاش العراق بعد عقد من الزمان صراعا دمويا، حيث عاش مرحلة انعدام توازن سياسي عارمة، بدأت في الثامن عشر من تشرين الثاني عام 1963، عكس حقيقة حجم القوى الفاعلة في المجتمع العراقي بلا ادعاءات، ومحاولات بعض القوى الطارئة على التاريخ، لتسطو على تاريخ العراق، وتسلب أبناءه حق بناء وطنهم على أسس راسخة ومن منظور حضاري وحداثي، ولأن نظام الحكم الذي كان سائدا في ذلك الوقت، كان من الضعف، حتى بدا وكأنه سفينة بلا ربان، تتقاذفها الريح ولا يدري أحد على أي شاطئ سترسو، فقد عقد رفاقكم في حزب البعث العربي الاشتراكي العزم على الاضطلاع بمسؤولياتهم التاريخية التي نذروا أنفسهم من أجل تحقيقها على أرض الواقع، فكان فجر السابع عشر من تموز عام 1968 يوما مختلفا بتفاصيله وأحداثه عما سبقه، وسيكون مختلفا عن كل ما مر بالعراق من أحداث وتغييرات سياسية، لأن البعث، برنامج سياسي واضح المعالم، وبرنامجه السياسي والفكري يستند على تاريخ طويل من النضال، ويستمد منهاجه العقائدي من تاريخ الأجداد العظام الزاخر بالثراء الفكري والمعرفي، ونجحت الثورة وباشرت فور تنقيتها في الثلاثين من تموز، بعد أطول ثلاثة عشر يوما في تاريخ العراق، من الجيب المشبوه  الذي التصق بها واستمات للالتفاف عليها، باشرت مهمات البناء الجديد، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، حيث ركزت قيادة الحزب لوضع الحلول الناجحة للمتراكم من المشاكل الموروثة من النظم السابقة، فأصدرت الكثير من التشريعات التقدمية على مختلف الصعد، كما حظيت القضية الكردية بأولوية في برنامجها، وكونها قضية تراكمت عليها ملفات كثيرة، فقد عملت القيادة على تفكيك تلك الملفات الواحد تلو الآخر، كي يأتي حلها حلا راسخا لن تؤثر عليه المتغيرات السياسية وهذا ما حصل بالضبط في بيان الحادي عشر من آذار عام 1970.

ثم إن القضية المركزية الكبرى كان ملف النفط العراقي المنهوب، والذي مُنح بامتيازات جائرة لشركات دولية، لأن الدولة العراقية لم تستوفِ في ذلك الوقت شروط اكتمالها على أسس حديثة معاصرة، وكان النفط هو الشغل الشاغل لكل القوى السياسية الوطنية الفاعلة في الساحة العراقية، ولكن أياً منها لم تجرؤ على التقرب من الأسوار الخارجية للكارتل النفطي الدولي، وعلى هذا الأساس وعلى طريق تحرير الثروة النفطية من هيمنة الاحتكارات النفطية الدولية، فقد وضعت قيادة البعث برنامجا تصاعديا لتجريد الشركات العاملة في العراق من عناصر قوتها، فبدأت ببعث الروح في قانون شركة النفط الوطنية العراقية، ثم باشر بوضع اللمسات الأولى لاستثمار النفط وطنيا في حقل الرميلة الشمالي في 7 نيسان عام 1972، والذي كان بمثابة الخطوة الأولى للتقرب من أسوار شركات النفط، تمهيدا للخطوة الثانية، وهي قرار الأول من حزيران عام 1972، قرار التأميم الخالد، الذي أعاد للعراقيين ثروتهم الوطنية بعد ضياع منذ عام 1927، وهكذا تم تخصيص هذه الثروة العائدة إلى خزينة الوطن، لخطط التنمية الكبرى التي سرعان ما انطلقت بكل قوة وجبروت، لتبني تجربة متكاملة الأبعاد في مجالات التعليم والعلوم والخدمات الصحية، والبنى التحتية وبناء عراق جديد بكل أبعاده على أنقاض عراق تعرض لإهمال طويل ومتعمد.

ولأن العراق أضاع في العهود السابقة بوصلة الاهتمامات الوطنية والأمن القومي، فكان قد أصبح مرتعا خصبا لشبكات التجسس، التي تعمل لصالح أعدائه من القوى الدولية والإقليمية، ولهذا فقد أعد مناضلو الحزب ملفا كاملا بنشاطات شبكات التجسس، والتي أحيل أعضاؤها إلى القضاء الثوري فنالوا جزاءهم العادل.

وعلى مستوى العلاقات الخارجية فقد استرد العراق دوره القومي كقوة فاعلة في الساحة العربية وخاصة القضية الفلسطينية، التي لم تغادر مكانها كقضية مركزية للحزب والشعب العراقي، فكان دور العراق الفاعل في المؤتمرات العربية متناسبا مع دور قواته المسلحة على طول خطوط المواجهة مع العدو الصهيوني، وبقدر ما كانت قدم الجيش العراقي تتحرك على خط المواجهة مع العدو على حدود الخامس من حزيران في سوريا والأردن، فإن القدم الأخرى كانت ثابتة على طول خط النار كحارس للبوابة الشرقية للوطن العربي، فأدى أبطال الجيش العراقي دورهم المجيد بكل جدية وأمانة وإخلاص.

يا أحرار العراق والأمة العربية والعالم

لقد شخصت قيادة الحزب منذ الأيام الأولى للثورة، بأنها الثورة غير المسموح لها أن تنجز كل مهامها على المستويين القطري والقومي، فمن غير المسموح لأي قطر عربي أن يخرج من دائرة التبعية الاقتصادية للغرب، وغير مسموح له بأن ينتقل إلى مصاف الدول الصناعية، ولكن لما امتلك العراق ثروته الوطنية، بدأ برنامجا واسع النطاق لبناء صرح الصناعة الوطنية الثقيلة والخفيفة، وتوطين التكنولوجيا بدلا من الاكتفاء باستيرادها جاهزة من الخارج، لهذا باشر بإقامة مراكز البحث العلمي ومعاهد التأهيل المهني الملحقة بالمراكز الإنتاجية، فلم تَرُقْ الثورة في العراق للقوى الدولية الكبرى لأنها رأت فيها تهديدا جديا لمصالحها لن يتوقف عند حدود العراق فقط، بل ستنتشر اشعاعاته على كثير من الدول التي تشابه أوضاعُها أوضاعَ العراق، فبدأت مخططات الانقضاض عليها بشتى الوسائل، فمن إثارة الأزمات الداخلية المتناسلة، إلى محاولات استدراج العراق إلى مواجهات غير مدروسة، وأخيرا جاء غزو عام 2003، والذي استكمل حلقاته باحتلال العراق وتدمير بناه التحتية، من قبل تحالف غربي أطلسي شرير خارج اطار الشرعية الدولية جمعت فيه القوى العدوانية كل ما كان في متناولها من إمكانات فحشدت لتدمير العراق بعد حصار ظالم استمر لثلاثة عشر عاما، وكي تستحكم حلقات التآمر على العراق وتدمير منظومة الدولة فيه، فقد تم تسليم الحكم لتحالف قوى ظلامية في غاية التخلف والجهل، ومن عناصر ساقطة جلبتهم المخابرات المركزية من الأزقة المظلمة في طهران ودمشق، وسلطتهم على مقادير العراق الحضاري، ولأنهم عملاء مأجورون لإيران، فقد تركز كل همهم على تدمير منظومة الدولة العراقية، وإزالة كل ما تم بناؤه خلال ثمانين سنة من عمر الدولة الحديثة في العراق، لا سيما منذ 17 من تموز من عام 1968.

وتحت نير الاحتلال البغيض وممارساته الحاقدة ومن خلال المخبر السري وقانون اجتثاث البعث الذي شرعه وفرضه حاكم الاحتلال بريمر وبناء على توصية ذيول المحتل فقد زج بمئات الآلاف من العراقيين ظلما وعدوانا بالمعتقلات والسجون فيما اغتيل وغيب آلاف مؤلفة من الشرفاء تحت ذات اليافطة البائسة.

 ولازال ذيول المحتل وزبانيته يمارسون ذات الفعل المشين بحق الأبرياء من أبناء شعبنا المناضل وينتزعون منهم الاعترافات انتزاعا تحت أنواع التعذيب ناهيك عن المعاناة والاهانات التي يتلقاها المعتقلين وذويهم من الشرذمة الفاسدة التي سلطت على رقاب شعبنا زورا وبهتانا ونقول لهم اصبروا وصابروا فأن النصر قريب بإذن الله تعالى.

يا ابناء شعبنا العراقي العظيم

حري بنا ونحن نعيش هذه الذكرى الخالدة إن نقف إجلالا واحتراما للمقاومة الشريفة الحقة وابطالها الشجعان الميامين الذين ما ان دنس المحتل أرض الرافدين الطاهرة إلا وانطلقت حممهم كالبركان الثائر لتمطر المحتل وأعوانه بوابل من الويل والثبور حتى أجبرته على الانسحاب ذليلا خانعا تحت ضرباتهم الموجعة. وما كان لهذه المقاومة الوطنية إن تنطلق لولا تلك الثمار الوطنية التي غرستها مبادئ ثورتكم العظيمة ثورة ١٧- ٣٠ من تموز في نفوس أبناء الشعب الكريم.

       لقد كان لجيشكم العظيم جيش القادسية المجيدة بكل صنوفه وقواتنا  الأمنية البطلة شرف المشاركة في هذا العمل البطولي يؤازرهم ويشد على سواعدهم مناضلي حزبكم المناضل حزب البعث العربي الاشتراكي وأبناء شعبنا الغيارى فتحية  لكل المقاومين النبلاء في هذا اليوم الأغر. 

أيها المناضلون

إن قيادة حزبكم الذي اضطلع ببناء تلك التجربة العظمية، لن تُسَلم بما حصل، في غياب القانون الدولي والعدالة الإنسانية، ولن تركن إلى الدعة والاستسلام، بل ستعمل بكل طاقتها على حشد الجماهير في ساحات النضال والجهاد، لمقارعة المحتلين العملاء وذيولهم من الفاسدين واللصوص والمرتشين، الذين رهنوا أنفسهم رخيصة لدى أسيادهم في واشنطن وطهران، ولن نتوقف عن العمل الجاد حتى نُسلم الأمانة للشعب العراقي، بإلحاق الهزيمة بالمشروعين الأمريكي والإيراني في العراق والمنطقة بأكملها، ونطرح المشروع الوطني في حكم العراق.

وفي هذه المناسبة العزيزة على قلب كل عراقي وطني غيور لا يسعنا إلا أن نستذكر وبكل فخر واعتزاز دور القادة العظام وجميع ثوار تموز الذين خططوا ونفذوا هذا النصر العظيم والذي أعاد المجد لعراق الحضارة والتاريخ وعلى رأسهم الاب القائد المناضل أحمد حسن البكر وشهيد الحج الاكبر القائد المناضل صدام حسين والرفيق قائد الجهاد عزت ابراهيم والرفيق صالح مهدي عماش رحمهم الله واسكنهم الفردوس الأعلى وبقية الرفاق المناضلين ممن شاركوهم في رسم الثورة العظيمة المباركة وثبت على المبادئ.

تحية لكل ثوار العراق ومناضلي وجماهير شعبنا العراقي العظيم وأخص بالذكر منهم ثوار تشرين الأبطال الذين لا زالوا يقارعون الظلم والظالمين حتى يتحقق النصر ويحرر وطننا من دنس الاحتلال الصفوي الصهيوني.

عاش العراق حراً أبياً.

عاشت الأمة العربية أمة المجد والحضارة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الرفيق

أبو جعفر

امين سر قيادة قطر العراق

لحزب البعث العربي الاشتراكي

17/ تموز / 2023

الاثنين ٢٩ ذو الحجــة ١٤٤٤ هـ   ۞۞۞  الموافق  ١٧ / تمــوز / ٢٠٢٣ م