المقاومة الفلسطينية والحرب النفسية
د- فالح حسن شمخي
البديهية تقول ان الحرب النفسية هي علم يرتكز إلى الدعاية والإشاعة وغسيل الدماغ ، وكانت وسيلتها قديما ايام الحرب الفيتنامية والحرب الهند الصينية وقبلها الحرب العالمية الثانية والحروب الأخرى ، هي المنشورات التي تلقيها الطائرات على العدو كما يسمونه ، وكانت القوى التي تمتلك سلاح الطيران متفوقة في مجال الدعاية والاشاعة ، اما القوى التي لاتمتلك تلك الامكانية فتعمل على عمليات غسيل الدماغ وتبدع فيها وكانت المقاومة الفيتنامية على سبيل المثال ، مبدعة في هذا المجال ، ترتكز كل من الدعاية والإشاعة وغسيل الدماغ إلى مرتكزات لامجال لشرحها، فقط اشير هنا إلى ان الاشاعة ترتكز إلى اهم مرتكز وهي الوسط الشعبي المتخلف.
اليوم وبعد التطور في مجال المعلوماتية ووسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي ، تاخذ الحرب النفسية منحى آخر ومؤثر ، ولم يبقى استخدام الحرب النفسية مقتصرا على القوى الغاشمة التي تمتلك القوة والمال ، بل اصبحت متاحة للقوى المقاومة التي تمتلك الارادة والاقدام والذكاء والتضحية بالنفس.
للمقاومة الفلسطينية حكاية في هذا المجال تختلف عن غيرها من الحكايات ، على المختصين في مجال الحرب النفسية دراستها بتمعن :
اولا - أبدعت في استخدام سلاح الحرب النفسية لاسيما الدعاية لا آخر مدى ، فمنذ ظهور الملثم إلى تسليم الاسرى كان المقاومة تستخدم كل صغيرة وكبيرة بجدارة في الشكل ( الصورة )، والمضمون ( حملها سلاح العدو )، وهي تقول نقاتلكم في سلاحكم ، اختيار المكان والزمان المناسب ، تصوير سلاح عدو المهان ، مخاطبة المستوطنين بعقلية درست وفهمك نفسية العدو ، استخدام المرونة الثورية في التفاوض ، عدم التفريط بالثوابت الاستراتيجية.
ثانيا- لم تعد الاشاعة سلاح بيد القوى الغاشمة بسبب ان الشعب الفلسطيني شعب واعي لقضيته واكاد اجزم ان هذا الشعب قد غادر الجهل والأمية إذا ماقارنت بينه وبين غيرة ، الضغط الذي يعانيه الناس في هذا المجال هو الفضائيات والإعلام الذي ينطق بالعربية والذي يبث الاشاعة بطريقة سمجة منها ان ترامب هو ملك الموت مقرر الحرب والسلام وهو المسيح المخلص ، ينسجون على منوال افلام الكاوبوي ورامبو الامريكية
ثالثا - أبدعت وتقدمت المقاومة الفلسطينية على غيرها في مجال عمليات غسيل الدماغ وظهر ذلك جليا على الأسيرات والاسرى من المستوطنين الذين ارسلوا رسائل متلفزة ، او على الاسرى الذين تم تسليمهم ، فتعلمهم اللغة العربية ودخول واحده منهم الاسلام ، ووجوههم المبتسمة وتبادلهم التحية والنظرات مع رجال المقاومة التي تصل حد العشق في البعض منها ، والهدايا التذكارية دليلنا على نجاح المقاومة في عملية غسيل الدماغ وهي ركن اساسي من اركان الحرب النفسية .
ان استخدام المقاومة للحرب النفسية اربك العدو بمراكز دراساته ، فمثلما اسقطت المقاومة أسطورتها الجيش الذي لايقهر ، فانها تمكنت من اسطوره التقدم العلمي والتقني لدى العدو ، العدو الذي بدأ عاجزا عن المواجهة ، واتجه الى الكذب والتدليس على شعبه ، الشعب الذي ظهر جاهلا من خلال انتشار الاشاعة في صفوفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق